26 نيسان 2024 الساعة 11:27

الانقسام الفلسطيني يبدد آمال إعادة اعمار غزة

2021-12-24 عدد القراءات : 364
غزة (الاتجاه الديمقراطي)
تعمل آليات مصرية منذ أيام على تمهيد العمل لبدء تنفيذ مشاريع سكنية ضخمة في قطاع غزة، ما أدى إلى إنعاش آمال دفع إعادة الإعمار المتعثرة التي تهدد بعودة التوتر بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، إلا أن الانقسام الفلسطيني يشكل تحديًا رئيسيًا يتمثل في هوية الجهة الفلسطينية التي ستشرف على إعادة الإعمار وإشكاليات التنسيق في ما بينها والتضارب بين أهدافها.
ويشير المسؤولون إلى تعقيدات تتعلق بحجم ما يمكن جمعه من تعهدات دولية في ظل تداعيات جائحة كورونا والاعتبارات السياسية المرتبطة بالانقسام الفلسطيني والخلافات بين حماس والسلطة الفلسطينية.
وترفض الأطراف الدولية أي تعامل مباشر مع حركة حماس التي تم تصنيفها «منظمة إرهابية» من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، فيما هددت الفصائل الفلسطينية مرارًا بتفجير الأوضاع الميدانية في قطاع غزة في حال استمرار «المماطلة» في ملف إعادة الإعمار.
وتم الشروع في أعمال التسوية في غرب مدينة غزة بمساحة حوالي 40 دونمًا، والتي من المقرر أن يقام عليها واحد من ثلاثة مشاريع مدن سكنية بإشراف مصري وتتضمن أكثر من ثلاثة آلاف وحدة سكنية.
ويقول وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة ناجي سرحان إن «بدء تنفيذ المشاريع المصرية جاء تدشينًا لبدء المرحلة الثانية من إعادة الإعمار بعد انتهاء المرحلة الأولى بإزالة الركام».
ويوضح سرحان أن المشاريع المصرية تتضمن إقامة ثلاث مدن سكنية تم تخصيص قطع الأراضي المقررة لها، إلى جانب مشاريع للبنية التحتية منها إقامة جسرين في شرق ووسط مدينة غزة.
وكانت مصر رعت اتفاقًا لوقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل لإنهاء جولة قتال هي الأعنف منذ سنوات، وبدأت في العاشر من مايو الماضي وتواصلت إلى الحادي والعشرين من الشهر ذاته.
ويؤكد المسؤول الحكومي أنه بالإمكان الانتهاء من عملية إعادة إعمار قطاع غزة خلال مدة لا تزيد عن عام واحد حال تم توفير الأموال اللازمة لإتمام هذه العملية.
ويحتاج قطاع غزة في الأصل إلى توفير 100 ألف وحدة سكنية لحل مشكلة التكدس السكاني الحاصل بسبب الزيادة المتسارعة في عدد السكان الذين تجاوزت أعدادهم مليونَيْ نسمة ويعيشون ضمن مساحة إجمالية لا تزيد عن 365 كيلومترًا.
ويؤمل في غزة أن تساهم مشاريع الإعمار المصرية في التخفيف من حدة أزمة البطالة وانعدام فرص العمل، وذلك بإنعاش الاقتصاد المحلي المتدهور لاسيما في ظل الاتفاق مع شركات فلسطينية على أن يكون العمال المنفذون من سكان القطاع.
ويقول سهيل السقا -وهو مدير شركة مقاولات محلية في غزة- إن «الشروع في تنفيذ مشاريع الإعمار المصرية مهم جدًا للتخفيف من حدّة البطالة التي تجاوزت نسبة الـ60 في المئة من سكان القطاع».
ويبرز السقا الأهمية الإضافية التي تنطوي عليها المشاريع المصرية، كونها تستهدف مناطق تعد مهمشة في قطاع غزة، مثل البلدات الشمالية، بعد أن كانت مشاريع الإعمار السابقة التي مولتها دولة قطر قد ركزت على مدينة غزة ومناطق الجنوب.
وكانت مصر بدأت بعد أيام من انتهاء الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة بعمليات إزالة الركام، تمهيدًا لتنفيذ المشاريع المساعدة على إعادة الإعمار التي خصصت لها القاهرة منحة مالية بقيمة نصف مليار دولار.
وأعقب ذلك بدء طواقم هندسية مصرية بإنشاء «شارع الكورنيش» بطول 1.8 كيلومتر شمال قطاع غزة، إضافة إلى إعداد مخططات لإنشاء جسرين في شوارع مدينة غزة.
وبالتزامن مع ذلك بدأت قطر تمويل إعمار وحدات سكنية متفرقة، بدعم مالي يصل إلى 50 مليون دولار في المرحلة الأولى، فيما بلغت خسائر الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة نحو 420 مليون دولار.
وخلال جولة القتال الأخيرة حولت هجمات إسرائيل مناطق بأكملها في قطاع غزة إلى أكوام من الدمار، ووصف الكثير من السكان ما جرى في مناطق سكناهم بأنه أقرب إلى زلزال مدمر.
ولدى سكان قطاع غزة تجارب مريرة مع عمليات إعادة الإعمار بالنظر إلى تكرار جولات العنف مع إسرائيل وما يرافقها من تدمير.
وشنّت إسرائيل ثلاث حروب على قطاع غزة في الفترة من 2008 إلى 2014 ، فضلا عن العشرات من جولات التوتر التي رافقها دائمًا تدمير واسع طال المرافق السكنية والعامة.
وبعد رابعة أعنف جولات التوتر بين المقاومة وإسرائيل، منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة عام 2007، يواجه القطاع الآن مهمة معقدة بشأن إعادة الإعمار.
وقال مسؤولون فلسطينيون إن «إسرائيل لم تلتزم بأي ضمانات بخصوص تسهيل عمليات إعادة الإعمار نظراً إلى حصارها المشدد المفروض على القطاع؛ بما في ذلك التحكم الكامل في توريد البضائع».
ولا تقتصر الخسائر في قطاع غزة على الأضرار المباشرة التي لحقت بالأبراج السكنية التي طالها الاستهداف الإسرائيلي إلى جانب الطرق والشوارع، بل تشمل أيضًا المنازل والأبراج الملاصقة التي تضررت نظرًا إلى كثافة الهجمات الإسرائيلية.
وطالت تلك الهجمات قطاعات اقتصادية مثل المصانع والمنشآت التجارية والمحال، إضافة إلى تضرر قطاعات أخرى مثل الزراعة والدواجن.
ولم تسلم شبكات الصرف الصحي والمياه وعدة مرافق تحتية من الاستهداف الإسرائيلي، ما يضاعف فاتورة إعادة الإعمار التي يتوقع أن تتجاوز مبلغ ثمانية مليارات دولار.
ويؤكد علي الحايك، رئيس جمعية رجال الأعمال في غزة، على ضرورة منح مصانع وشركات وعمال ومقاولي غزة الأولوية في إنجاز مشاريع الإعمار، وأن تحرص الجهات المانحة على تشغيل العدد الأكبر من سكانها «لاسيما أنهم عانوا على مدار 15 عاماً من ويلات الحصار والحروب المتكررة».
ويؤكد الحايك على أهمية بدء المرحلة الثانية من عمليات إعادة الإعمار، مع ضرورة أن يساهم ذلك بدرجة أولى في التأسيس لتنمية شاملة وتعزيز صمود سكان واقتصاد غزة وحل مشاكل القطاع الخاص والتخفيف من حدة الأزمات الإنسانية مثل البطالة والفقر.
ويشير إلى أن القطاع الخاص في غزة يمتلك من الخبرات والأيدي العاملة ما يكفي لقيادة عمليات الإعمار -إلى جانب جهود الدول المانحة- وتذليل العقبات التي قد تواجه هذا الملف، لاسيما أن مصانع هذا القطاع وشركاته لها باع طويل وخبرة مميزة في عمليات الإعمار. ■
المصدر : جريدة العرب

أضف تعليق