16 آيار 2024 الساعة 00:32

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاحد 28/4/2024 العدد 994

2024-04-29 عدد القراءات : 48
 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

معاريف 18/4/2024

 

 

المهانة المطلقة

 

بقلم: آفي بنيهو

200 يوم على الحرب الأطول، الأصعب والمتعددة الجبهات، التي انطلقنا اليها بعد مذبحة 7 أكتوبر كحرب اللا مفر. لا توجد اكثر حقا وعدالة منها، لكن شيء ما فيها لا يدار على نحو صائب، وانجازاتها لا تتراكم الى انجاز استراتيجي، أو انها تتراكم وسرعان ما تتطاير كورق الشجر بالريح الشديدة.

كل واحدة وواحد منا يمكن ان يقدر بشكل مستقل، اذا كان بعد مرور نحو نصف سنة عمل فيها الجيش الإسرائيلي في بضع جبهات في الشرق الأوسط، وضعنا الاستراتيجي افضل أم أسوأ. هذا سؤال صعب، والجواب عليه مركب، ولن نتمكن من الاخذ به في ذروة العيد.

ليس كل شيء متعلقا بنا ومن يقف لافنائنا كثيرون، قريبون وبعيدون. لكن هذه الحرب العادلة والمحقة التي يتوتر فيها كل الجيش بمنظومة احتیاطه متوترا حتى آخر حد وكل المجتمع المدنى متجند تستحق ان يكون لها مدراء جديرون وإدارة نوعية تركز فقط وحصريا على إدارة الحرب القومية وليس على حروب البقاء الشخصية. إدارة تقدم قدوة شخصية لما هو دونها او على الأقل تأخذ من هناك قدوة شخصية لها - وهذا لا يحصل.

الإحساس هو ان إدارة الحرب عديمة الاستراتيجية وعديمة التخطيط واننا نغرق بالامور الجارية ونرد على الاحداث. إضافة الى ذلك، يوجد إحساس بان اعتبارات حزبية خفية وعلنية تؤثر على اتخاذ القرارات القومية في المجال الحساس لامن الدولة. هذا يصبح أسوأ واخطر عندما يكون المستوى السياسي الأعلى لدينا والمستوى الأمني والعسكري الأعلى فقدا الصلاحية أكتوبر، كل واحد في مجاله وفي مسؤوليته وكلهم يديرون الحرب بصفتهم "اوز أعرج".

هذه الحرب يمكنها أن تستمر لزمن طويل آخر. هذا الوضع - لا يطاق ابدا. اجمالا كنت أكتب هنا فى أيام العيد أمورا أخرى، ليس عن الأوضاع الراهنة. ومع ذلك، في أيام العطلة والعيد والنزهات كتبت عن ابي رحمه الله وعن حارة الصبا في يد الياهو وعن كيبوتسي وما شابه.

اما هذه السنة فهذا متعذر. هذا العيد مفسد. افسده الواقع، افسدته المذبحة الحرب، المخطوفات والمخطوفون، عشرات الاف النازحين، الضحايا الكثيرون الجرحى وكذا الزعامة غير المسؤولة وغير المناسبة عندنا، التي مشكوك فيه أن يكون ممكننا تسميتها "زعامة" واساسا من يقف على رأسها.

حطمت هذا الأسبوع رأسي في مسألة كيف يحتمل ان ليس هناك في محيط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو شخص شخص مثل ايتان هابر، شمعون شيبس، اوري شني، ليتحدث معه ثنائيا ويقول له: "سيدي، انت لا تعقد ليل الفصح في فندق وولدوف استوريا. أصدرت أمرا بإلغاء الحجز، وانت مدعو لان تقيلني. نحن دولة في حرب مقاتلون يقتلون، يوجد مخطوفون في الانفاق، عائلات تجلس فى الحداد نازحون من الجنوب ومن الشمال ليسوا في بيوتهم - وانت لن تذهب الى وولدوف استوريا لتقضى عشاء العيد. فإما ان تنام على فرشة في المقر في الكريا او انك تذهب الى ليل عشاء الفصح مع الجنود في قاعدة رعيم أو مع الطيارين في حتساريم أو مع جنود افراد في بيت الجندي في القدس، او تبقى في البيت بهدوء".

لا يوجد الى جانبه واحد كهذا. كل من كان ، اقيل أو هرب. كما لا يوجد أيضا وزير او وزيرة أو آخر ليقول له ان الملك عار. كلهم تموضعوا على شكله وصورته جبناء، طائعين يشتمون ويسبون من خلف الظهر، ويتزلفون للزعيم وللعقيلة في الوجه.

حصل لي ان خدمت في الماضي الى جانب رؤساء وزراء وزرا دفاع ورؤساء ارکان. معظمهم أرادوا ان يكونوا مع الجنود في عشاء الفصح. وبالفعل كانوا. صونيا وشمعون بيرس كرئيس وزراء مثلا استضافا في بيتهم في عشاء الفصح ثلاثة جنود، افراد، بدون طباخات وبدون خدم. وعندما انهيا العشاء غسل شمعون الصحون، وصونيا تحدثت مع الجنود في نهاية المساء جاءوا ليأخذوا الجنود الى بيت الجندي. وصونيا ناشدتهم لان يبقوا اكثر وان يأخذوا سيارتها الصغيرة ليتنزهوا في البلاد ويعيدوها في نهاية العيد. حتى اهود باراك، الذي اشتهر بانه محب للاستمتاع، قضى مع عقيلته عشاء الفصح مع جنود افراد في منشأة الجمعية من اجل الجندي في جفعات اولغا. ومثله أيضا رؤساء دولة سابقون، رؤساء الأركان يذهبون في الغالب الى الوحدات القتالية اكثر على طول الحدود.

اما هنا رئيس الوزراء ورئيس كابنت الحرب وعقيلته فيذهبان الى الفندق الفاخر وولدوف استوريا ويجلبان بضعة جنود افراد الى عشاء الفصح (للصورة بالطبع وفي نهاية المساء يعودون للمبيت في الوحدة او في بيت الجندي وان احطم الرأس وأتساءل كم يمكن التبويل على هذا الشعب المعذب من فوق؟

وما الذي بحق الجحيم طلب منهم قائد الفرقة 98؟ ليس كثيرا. فقط ان يكونوا جديرين أما هم فليسوا كذلك.

 --------------------------------------------

 

 

 

 

                                                             

 

هآرتس 28/4/2024

 

 

ماذا لو كانت ابنتك في غزة؟

 

بقلم: ميكا الموغ

في لقاء مع صديقة لي في هذا الاسبوع، تنهدت وقالت: "لو أن ابنتي كانت موجودة في غزة لكنت منذ فترة طويلة في السجن أو في مصحة نفسية". معظمنا سمعنا واطلقنا تصريحات كهذه في نصف السنة الأخير. المشاعر التي تم التعبير عنها واضحة: أي أب ، وأم ، جدير بأن يكون والد، مستعد للتضحية بنفسه من اجل اولاده. ولكن اذا فسرنا هذه المشاعر فإنها تعني الاستعداد لفعل كل شيء من أجل انقاذ أعزائنا من هنا نستنتج بأنه لو كانت ابنتك في غزة فلا يجب أن تكون في السجن أو في المصحة النفسية، لأنك من القسم المغلق والزنزانة المغلقة لم تكوني لتستطيعي فعل أي شيء من اجل انقاذها.

واذا كنت مقيدة بسلاسل بصخرة كعقاب على جرائم أخرى فيجب عليك اتخاذ قرارات معقدة ومنطقية من اجل انقاذها. لذلك، لا يجب عليك اطلاق النار على رئيس الحكومة أو احراق الكنيست.

ما الذي كان يجب فعله اذا؟.

ربما، مثل افيحاي برودتس، كنت ستجلسين على كرسي أمام وزارة الدفاع وتحملين لافتة مكتوب عليها "عائلتى فى غزة". أو ربما مثل ایلاه ميتسغر كنت ستحبسين نفسك في قفص على شارع رقم واحد وتقومي بوقف حركة السير. أو ربما مثل عيناف تسنغواكر ، كنت ستتوجهين لرئيس الحكومة وتقولين: "أنا صوت لك لأنني اعتقدت أنك ستكون رئيس حكومتي، حكومتنا جميعنا، ما زال 133 مخطوف محتجزين في أسر حماس، لأنك لم تنجح في الدفاع عنهم". وربما مثل رايتشل غولدبرغ بولين كنت ستتجولين في ارجاء العالم لتجنيد الدعم. وربما مثل افرات متسكاوا، كنت ستستخدمين منظومة جيمس بوند هستيرية في محاولة لارسال الى ابنتك الدواء الذي تحتاجه. وربما مثل نوعم دان، كنت ستصرخين في لجان الكنيست.

أنت كنت ستفعلين أي شيء ممكن، رغم أنك متعبة، رغم أنك أنت وكل من حولك في صدمة. رغم أنك في 7 اكتوبر وبعد مرور سبعة اشهر كنت ستواصلين مبادرة اخرى ومظاهرة اخرى وخطاب آخر ولجنة اخرى في الكنيست ومكبر صوت آخر وغير ذلك، بجرأة واخلاص وشجاعة وابداع، ولكن حسب القانون.

لكن لا شيء يحدث

ليس بالضبط لا شيء، بالفعل، يحدث اسوأ من لا شيء. يعملون ضدك. أنت التي كل ذنبك أنك تطالبين بحياة اعزاءك، يستخدمون ضدك الفرسان والمياه العادمة ، ورجال الشرطة يقومون بجرك على الارض وأنت تصرخين "صفقة، صفقة، صفقة".

لماذا بربك تحارب حكومتك ضدك

لأن المزيد من العائلات تدرك بأن العائق الحقيقي امام الصفقة هو بنيامين نتنياهو، ومعظم الشعب ما زال متعاطف ومتماهي وخائف ويتابع عائلات المخطوفين. واذا ادركت العائلات فانه يوجد خطر أن مزيد من الاشخاص سيدركون ذلك في اعقابها. لذلك فان المهمة المستعجلة هي التأشير على العائلات ووضعها كهدف واعتبارها عدو للشعب.

اذا كانت ابنتك في غزة فيجب أن لا تكوني في السجن أو في مصحة نفسية للعلاج، لأنك لست مجرمة أو مجنونة. مع ذلك، الكنيست في اجازة والبنت بالنسبة لهم لتتعفن. اذا ماذا يجب عليك فعله الآن؟ ماذا يجب أن تكون الخطوة القادمة لعائلات المخطوفين؟ هل يوجد لدى أي أحد افکار؟ ماذا مثلا ستقترح

عليها يا ارنون بار دافيد؟ كلنا آذان صاغية.

 --------------------------------------------

هآرتس 28/4/2024

 

رئيس المعارضة: حكومة نتنياهو تعيش حالة اضطراب

 

 

بقلم: يئير لبيد

 

حكومة إسرائيل في حالة اضطراب، لا سياسة لها يمكن لأحد أن يفهمها، وليس لها أي رؤية. وإذا لم تصدقوا لأنني رئيس المعارضة، فاسألوا الآخرين، اسألوا سكان الشمال، اسألوا سكان غلاف غزة، اسألوا عائلات المخطوفين، اسألوا رؤساء جهاز الأمن، اسألوا الأمريكيين واسألوا رجال الاحتياط. هناك ثمانية أمور يجب علينا فعلها بشكل مختلف، وهي:

 صفقة لتحرير المخطوفين. هذه هي المهمة الأكثر إلحاحاً. هذا قرار صعب، لكن حان الوقت للقيام به. يجب على الحكومة عقد صفقة لإعادة المخطوفين حتى لو كانت تعني وقف الحرب في غزة. إسرائيل في الأصل لا تدير حرباً الآن. والمراوحة في المكان لا تعمل في صالحنا. يمكننا العودة إلى رفح فيما بعد. أما الآن فعلينا فعل أي شيء لإعادة المخطوفين إلى البيت.

زيادة المساعدات الإنسانية في غزة. وقفت أمام حكومة إسرائيل إمكانيتان في موضوع المساعدات: الأولى إغراق غزة بالمساعدات، سواء لإزالة الضغط الدولي عنا، أم لأنها قيمنا بصفتنا دولة ديمقراطية، أو منع المساعدات عن غزة كأداة ضغط على حماس في قضية المخطوفين، غير أن هذا لن يساعد، لكنه سيكون قراراً سياسياً على الأقل.

بدلاً من ذلك، أوجدت الحكومة خياراً ثالثاً، أسوأ من الخيارات السابقة؛ فقد أدخلت إلى غزة القليل من المساعدات، وبذلت كل الجهود لإخفاء ذلك أيضاً كي لا تغضب بن غفير وسموتريتش. لم يثر هذا غضب العالم فقط، بل عزز حماس أيضاً. عندما دخل القليل جداً من المساعدات، فقد شكل لها أداة سيطرة على سكان غزة. لدولة إسرائيل مصلحة واضحة في التأكد من ألا يكون في غزة جوع ونقص في المواد الأساسية.

 التوصل إلى اتفاق مع مصر على محور فيلادلفيا ومعبر رفح. كي تتمكن إسرائيل من العمل في رفح في المستقبل، عليها أولاً أن تعقد مع المصريين خطة لمحور فيلادلفيا وتشغيل معبر رفح. وإذا لم تكن لنا سيطرة على جميع مداخل غزة، فوق وتحتها، فستتمكن حماس من بناء قوتها مجدداً، أو ببساطة الهرب في كل مرة يقترب فيها الجيش الإسرائيلي. المصريون مستعدون للتعاون، لكنهم معنيون بأن تكون السلطة الفلسطينية جزءاً من تشغيل معبر رفح، كما كان الأمر حتى العام 2017.

تحديد موعد لعودة المخلين إلى المنطقة الشمالية. لا يمكن لحكومة إسرائيل التنازل عن قطعة أرض من البلاد، مزدهرة وجميلة، بسبب غياب سياسة لها. عليها الإعلان عن افتتاح السنة الدراسية في 1 أيلول في الشمال كالمعتاد. يفضل أن يحدث هذا باتفاق سياسي يسحب حزب الله إلى الخلف، إلى خارج ما يسمى “مدى الكورنت” (10 كم). ولكن إذا لم يحدث ذلك بالحسنى، فسيحدث بالقوة. لن يكون مواطنو دولة إسرائيل منفيين في بلادهم.

طرح خطة مرتبة لـ “اليوم التالي”. ما يجب على الحكومة فعله هو البدء في نقاش حول “اليوم التالي” في قطاع غزة مع السعودية والإمارات والولايات المتحدة ومع السلطة الفلسطينية أيضاً، التي لن تكون جزءاً من ترتيبات الأمن في غزة، بل جزء من الجهاز المدني فقط لإدارة القطاع. هذا النموذج قائم ويعمل الآن. لدى “الحكومة اليمينية المطلقة” علاقات أمنية واقتصادية ومدنية وثيقة مع الفلسطينيين في كل مناطق “يهودا والسامرة”. ولا سبب لعدم العمل بنفس الطريقة في قطاع غزة أيضاً.

القول للسعودية وأمريكا بأننا لا نستبعد إمكانية الانفصال عن الفلسطينيين. لا أحد طلب منا إقامة دولة فلسطينية في الغد، أو حتى التضحية بذرة تراب. كل ما يريده العالم منا هو القول بأنه إذا أثبت الفلسطينيون لنا بأنهم هادئون مثل السويديين والأستراليين ويحبون السلام مثل الهولنديين، فسنكون على استعداد لفحص الانفصال عنهم. يدور الحديث عن عملية ستستغرق سنوات وتحتاج إلى إثبات، والدليل على ذلك ملقى على عاتقهم.

سيكون ثمن هذا الاستعداد الرمزي اتفاقاً تاريخياً مع السعودية وتشكيل تحالف إقليمي مناهض لإيران وتحسين اتفاقات إبراهيم ومنتدى النقب، التي ستعيد الاقتصاد إلى مساره وتنهي العزلة السياسية التي تلحق بنا. وحقيقة أننا نرفض قول ذلك بسبب الخوف من غضب بن غفير، ما هي إلا هستيريا.

تغيير السياسة الخارجية ونظرية الإعلام. يجب التوقف عن تمثيل مواجهة لا حاجة لها مع الإدارة الأمريكية. ويجب تعزيز العلاقات مع يهود أمريكا الليبراليين، وتأييد أوكرانيا بدون تحفظ، وعدم مقاطعة الدول التي تنتقدنا، وتركيز منظومة الدعاية في وزارة الخارجية (هي الآن منقسمة بين خمس وزارات)، وتشكيل قوة مهمات خاصة للجامعات في أمريكا، وتشكيل طاقم للرد الفوري كما كان الأمر في السابق، وترسيخ التعاون مع جهات في المجتمع المدني مثل “هيئة الإعلام المدني”، ومشروع “إسرائيلي” ومشروع “إي.سي.تي – آي ال”.

تشكيل حكومة مختلفة. يجب تشكيل حكومة بدون متطرفين، عقلانية وجيدة وناجعة، وبدون رئيس حكومة فاشل ومدمر ومتهم بالكارثة الأكثر فظاعة التي حلت بنا ولا يتوقف عن التحريض ضد مواطنيه، وأيضاً بدون البنية الضارة لمجلسين يتشاجران. حكومة تعيد الردع وتقيم حلفاً عسكرياً أمام التهديد النووي الإيراني، الذي كان وما زال التحدي الرئيسي لنا.

حكومة تعيد ترميم بلدات الغلاف وتشكل لجنة تحقيق رسمية في أحداث 7 أكتوبر، وتقوم بتطوير علاقات خارجية لإسرائيل، وتزيد التحالف مع الأمريكيين؛ حكومة لا تخشى من تجنيد الحريديم، وتجلب الأمن الشخصي للمواطنين، وتعزز التعليم الرسمي والتعليم العالي، وتعمل على خفض غلاء المعيشة، وتساعد الطبقة الوسطى. هناك كلمة بالعبرية تصف مثل هذه الحكومة، وهي كلمة “الأمل”.

---------------------------------------------

إسرائيل اليوم 28/4/2024

 

بانتظار الرد: سموتريتش ينفرد بـ”منصة اليمين” وبن غفير قد “يلتف عليه”.. ونتنياهو: ماذا لو وافقت حماس؟

 

 

بقلم: شيريت أفيتان كوهن

 

في إطار صفقة تلوح في الأفق أرسلت تفاصيلها في نهاية الأسبوع لإقرار منظمة الإرهاب الإجرامية حماس، التي تحتجز منذ 7 أكتوبر 133 مواطناً إسرائيلياً، ثمة إمكانية تندرج لإنهاء الحرب، كما يدعي مسؤولون كبار. لن يحصل هذا فوراً بالطبع؛ فبداية وقف نار وتحرير مخطوفين، ولاحقاً ستذوي العودة إلى الحرب وعملية رفح بغمزة عين سياسية، بضغوط من البيت الأبيض.

مثلما نشرنا في نهاية الأسبوع، ومثلما أكد الصحافي توماس فريدمان على لسان محافل رفيعة المستوى في البيت الأبيض، فإن المعضلة التي ستوضع أمام المستوى السياسي في النهاية ستكون السعودية، والتسوية في غزة، وإنهاء الحرب، وإلا عقوبات ترافق استمرارها.

حيال التفاصيل التي تتضح، تصبح المعضلة السياسية أوضح كلما مرت الساعات: بينما في كابنت الحرب يبدو أن الأغلبية تتجه لصفقة وإنهاء الحرب، و”الكابنت الموسع” يؤشر إلى تفكيك الحكومة. “الصفقة المصرية” تشكل استسلاماً إسرائيلياً خطراً وانتصاراً رهيباً لحماس”، كتب في نهاية الأسبوع وزير المالية سموتريتش. “الجناح اليساري في الحكومة الذي يدفع باتجاهها يسعى لوقف الحرب بواسطتها وقبل أن يتحقق هدف الحرب بإبادة حماس والعودة إلى أيام التسويات السياسية المحملة بالكارثة، التي في نهايتها إقامة دولة إرهاب فلسطينية في “يهودا السامرة” وغزة، تعرض وجود إسرائيل للخطر. سيدي رئيس الوزراء، فليكن الأكثر وضوحاً في العالم. ليس لديك تفويض لهذا. كتاب استسلام للنازيين لا يظهر في الخطوط الأساس لحكومتنا”.

رئيس “عظمة يهودية” بن غفير، الذي استلقى على سرير المرض عقب حادثة طرق، لم يتفرغ للانشغال بالموضوع، لكنه على الأرجح لن يتنازل عن المنصة لسموتريتش وسيلتف عليه من اليمين مع مرور الوقت. سموتريتش يقول بوضوح ما يصدر عن الميدان من مصوتي اليمين. وبينما ملأ وزراء الليكود أفواههم بالماء، أعلن نواب في الحزب الحاكم مثل دان ايلوز وأرئيل كلنر، عن أن الصفقة موضع البحث هي استسلام لحماس.

 

من يؤيد تسوية الإرهاب؟

 

الاستعدادات لعملية رفح التي وصلت ذروتها في الأيام الأخيرة، هي التي أدت بحماس لإطلاق رسالة جديدة من أشرطة المخطوفين لتشديد الضغط على إسرائيل، ما يؤشر إلى أن الحق مع سياسيي اليمين. حتى الآن، رفضت حماس أي صفقة لم تتضمن إنهاء الحرب. وإذا ما غير قادة المخربين في الساعات القادمة جلدتهم وقالوا نعم – فإن الصفقة التي على الأبواب ستشكل كتاب استسلام إسرائيلي لمن ذبح وقتل وحرق مئات الإسرائيليين في يوم واحد. لقد بات هذا أسود على أبيض: أي صفقة ستكون إشارة لسقوط حكومة نتنياهو. الجنود الذين كانوا مطالبين للاستعداد لرفح، أعلنوا عن نزعهم البزات وصعودهم إلى دار الحكومة، واليمين سيتفرغ لانتخاب الزعيم التالي الذي قد يقود النصر على الإرهاب.

ولكن قد تكون منظمة الإرهاب حماس هي التي تعفي إسرائيل من معضلتها السياسة فيثبت رفضها الصفقة للولايات المتحدة وباقي الدول بأن لا بديل عن الضغط العسكري على الإرهاب. من غير المستبعد أن يكون في الحكومة من لم يعربوا بعد عن موقف في مسألة الاقتراح لهذا السبب. “السؤال الكبير: هل ستوافق حماس على الصفقة وليس ما سيقوله الكابنت”، قال مصدر رفيع المستوى مجرب في جولات سابقة، وأعاد الجدال السياسي إلى أرض النزاع.

---------------------------------------------

هآرتس 28/4/2024

 

إسرائيل تنفذ مشروع “الصهيونية الدينية” في الضفة الغربية: طرد الفلسطينيين

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

الجمعة 12 نيسان، قبل نحو يوم من العثور على جثة الفتى بنيامين احيمئير من بؤرة “ملاخيه هشالوم” الاستيطانية، وثقت تسع اعتداءات لمواطنين إسرائيليين ضد فلسطينيين، وأساساً في المنطقة التي بين رام الله ونابلس. وفي الغداة، وثق أكثر من 55 اعتداء لمواطنين إسرائيليين ضد فلسطينيين. شابان فلسطينيان قتلا بنار المواطنين الإسرائيليين وأصيب العشرات بالرصاص الحي بينما كانوا يسعون لحماية قراهم وأبناء عائلاتهم وأصدقائهم. أحرق المعتدون أكثر من عشرين بيتاً وعشرات السيارات، كما أفسدوا أشجار زيتون ومعدات زراعية. الاعتداءات “الأخف” تضمنت إغلاق مخارج القرى، وضرب عائلة في أرضها، ورشق حجارة على سيارات مسافرة.

للوهلة الأولى يبدو القول إنها جراء أسى وحزن وعفوية تملكت سكان المستوطنات والبؤر الاستيطانية في المنطقة جراء موت الفتى، لكن تنسيق الاعتداءات يدل على أنها بعيدة عن العفوية. سكان من قرية المغير، الذين تم الاعتداء عليهم الجمعة والسبت أيضاً، لاحظوا أن عشرات الغزاة الملثمين الذين مروا بسهولة على ثلاث سيارات جيب عسكرية، انفصلوا إلى عدة وحدات عملت في وقت واحد في عدة أحياء داخل القرية.

في الحي الشمالي لاحظوا أن الوحدة انقسمت إلى عدة خلايا: إحداها مسؤولة عن رشق الحجارة وتحطيم نوافذ السيارات والبيوت، والثانية انشغلت بالإحراق، والثالثة حرصت على توريد الحجارة للرشق. أما الخلية الأكبر، التي كان فيها مسلحان ببندقيتين وبضعة مسلحين بمسدسات وعصي، فقد انتشرت في الميدان، على ما يبدو لأهداف الإشراف والحراسة. كان إحراق كل سيارة، كما يشهد سكان الحي، بواسطة إلقاء غرض واحد اشتعل على الفور. وقال مصدر أمني إنها وسيلة لا يعرفها للجيش. مهما يكن من أمر، كان الحديث يدور عن اشتعال سريع للهيب تعاظم حين حاولوا إطفاءه بالماء.

قيل لـ “هآرتس” إن ثلاثة مشبوهين في الاعتداء اعتقلوا في 12 نيسان، وأربعة أوقفوا وسرحوا، ومنذئذ اعتقل ثمانية آخرون. تدل التجربة على أن الاعتقالات والتوقيفات ليست رادعة. فمنذ سنين وعنف المستوطنين يمنع وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم ومراعيهم، بل وأجبر عشرات التجمعات السكانية من الرعاة إلى النزوح من أماكنهم.

لا يحتاج المستوطنون إلى ذريعة أو مبرر. لعنفهم المنظم -بما في ذلك إقامة للبؤر الاستيطانية بالجملة التي تشرعن لاحقاً- نية واتجاه. فهدفهم ينسجم مع أحد الأهداف المعلنة للحزب الأقوى في الحكومة، وهو “الصهيونية الدينية”، أي: طرد الفلسطينيين من أرضهم ووطنهم. على الأغلبية في إسرائيل – مواطنين ومؤسسات- ألا يسمحوا بهذا العنف المنظم والخطير، والموافقة عليه وكأنه ليس من مسؤولية إسرائيل ولا يتم باسم إسرائيل.

---------------------------------------------

هآرتس 28/4/2024

 

كيف تحولت رفح إلى “سيناريو مرعب” لمصر؟

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

النقاشات التي جرت الأربعاء في مصر، وفي إسرائيل نهاية الأسبوع، بمشاركة رئيس المخابرات المصري عباس كامل ونظيره الإسرائيلي، وصفت بأنها “جولة الفرصة الأخيرة”. جولة هدفت إلى منع اقتحام الجيش الإسرائيلي لرفح مقابل تحريك صفقة تبادل للمخطوفين وإطلاق سراح سجناء فلسطينيين. الإشارات التي خرجت من غرفة المفاوضات أشارت إلى “محادثات جيدة” و”أجواء إيجابية” و”مرونة إسرائيلية” و”فرص جيدة” – لكنها أوصاف سمعناها في جولات سابقة ولم تثمر. النبأ الوحيد المؤكد هو أن “حماس تفحص الصفقة وسترد عليها”. خلافاً للجولات السابقة، مصر هي التي بادرت هذه المرة وتقوم بتحريك المحادثات، وليس قطر.

لم تختف إمارة الخليج من الصورة، لكن يبدو أن الانتقاد الذي وجه إليها في الفترة الأخيرة وعددا من التطورات الأخرى أبعدتها عن مركز المنصة. وشملت التطورات مطالبة عضو مجلس النواب الأمريكي ستني بويار من الرئيس الأمريكي بـ “إعادة النظر” في العلاقات مع قطر؛ والرد الشديد لرئيس الحكومة محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي بحسبه “قطر ستعيد النظر في تدخلها في الوساطة”؛ وأيضاً التقارير بأن الدوحة قد تطلب من قيادة حماس مغادرة قطر؛ وأن إيران توجهت للرئيس السوري بشار الأسد وطلبت منه فحص إمكانية استيعاب قادة حماس في بلاده (الطلب الذي رفض بشكل مطلق). هكذا تم إلقاء مهمة الوساطة بكل ثقلها على مصر.

لكن القاهرة، خلافاً للدوحة، لا تقدم فقط خدمات الوساطة لصالح إسرائيل وحماس والولايات المتحدة؛ ذلك أن الاستعدادات في إسرائيل والقطاع قبل عملية رفح جعلت مصر الطرف الأكثر اهتماماً، لأن أمنها الوطني معرض للتهديد. مصر الآن شريكة في الدفاع، وتحشد كل الموارد السياسية من أجل التوصل إلى الصفقة التي ستنقذها من سيناريو التهديدات المتوقعة ما وراء الحدود في رفح. في بداية الحرب، كانت مصر تواجه تهديداً يتمثل باقتحام مئات آلاف سكان غزة لأراضيها، لكن التهديدات أصبحت في هذه المرة واقعية وفورية.

في المرحلة الأولى من إخلاء شمال القطاع، كان يمكن لنحو مليون مواطن غزي أن يتحركوا نحو الجنوب ويجدوا ملجأ محمياً لهم، ولكن العودة إلى شمال القطاع الآن غير ممكنة، أو على الأقل محدودة جداً، وتخشى مصر (وبحق) من أن يتحرك النازحون نحو الغرب الآن، إلى شبه جزيرة سيناء وما بعدها. نشر الجيش المصري في الواقع قواته على طول الحدود، وأعلنت القاهرة بأنها لن تسمح “لأي لاجئ فلسطيني” بالوصول إلى أراضيها، لكنها سارعت أيضاً إلى إقامة معسكرات خيام كبيرة في خان يونس وأعدت مساحات “محايدة” تحيطها الأسوار، التي سيتم استيعاب النازحين فيها، الذين رغم ذلك سينجحون في اجتياز الحدود. الأمر الأخير الذي تحتاجه مصر هو صور وأفلام لجنودها وهم يطلقون النار على اللاجئين الفلسطينيين الذين يهربون من هنا، لذا أداة الضغط لها قد تكون أكثر نجاحاً.

دعامة القاهرة القوية موجودة في واشنطن. حسب مقال نشره المحلل في “نيويورك تايمز”، توماس فريدمان، في نهاية الأسبوع، فإن الولايات المتحدة حذرت إسرائيل بأنه إذا اقتحمت رفح “رغم معارضة واشنطن”، فقد يقيد الرئيس الأمريكي صفقات السلاح معها. فريدمان، الذي ينقل رسائل رئاسية بشكل مباشر، اقتبس مصدراً أمريكياً رفيعاً، الذي بحسبه “لا نقول بأن على إسرائيل ترك حماس لحالها. نقول إننا نؤمن بوجود طريقة أكثر تركيزاً لملاحقة قيادتها بدون تدمير رفح وكل مبانيها”. هذا الاقتباس يدل على الفرق الأساسي في الرؤية العسكرية الإسرائيلية والأمريكية. ففي حين أن إسرائيل ترى في تدمير كتائب حماس الأربع المتبقية في رفح هدفاً حيوياً في الطريق إلى النصر المطلق، فإن واشنطن تركز على فرصة لتدمير قيادة حماس، وبالأساس منع عملية عسكرية تحدث كارثة إنسانية كبيرة وتؤدي إلى دمار مطلق سيترك غزة بدون بنى تحتية من أجل إعمارها.

في هذا الشأن تدرك واشنطن تخوفات مصر بشكل جيد. مواقفها أمام القاهرة منسقة أكثر مما هي أمام إسرائيل. ليس القضية الإنسانية وحدها هي التي ستكون على المحك عند احتلال رفح، بل إن شبكة العلاقات بين إسرائيل ومصر قد تصبح مواجهة مباشرة بينهما إذا أدركت مصر بأن رفح أصبحت تهديداً استراتيجياً. احتلال المدينة يعني السيطرة على محور فيلادلفيا القريب من الحدود، ما يلزم بدخول قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي إلى المنطقة، التي حسب اتفاق كامب ديفيد واتفاق المعابر من العام 2005، يجب أن تكون منزوعة السلاح ولا شيء فيها إلا قوة مصرية محدودة من حيث الحجم والسلاح. إذا أصبحت منطقة الحدود ساحة معارك بين حماس والجيش الإسرائيلي، التي قد تنزلق إلى أراضي مصر، فهذا أمر سيضع القاهرة أمام معضلة سياسية وعسكرية صعبة.

مؤخراً، تم اقتباس مصادر رسمية مصرية في وسائل إعلام محلية: “مصر مستعدة لكل الاحتمالات، وتعرف كيفية الدفاع عن أراضيها وسيادتها”. مصر لا تريد الوصول إلى مفترق الطرق الحاسم هذا الذي سيلزمها بفحص علاقاتها مع إسرائيل ويضعها على مسار تصادم مع الولايات المتحدة. إنهاء الحرب حيوي بالنسبة لها بدرجة لا تقل عن حماس. الأضرار الاقتصادية التي لحقت بها منذ بداية الحرب ضخمة: تقلص حوالي نصف مداخيلها من التجارة في قناة السويس بسبب هجمات الحوثيين على مسارات الملاحة الدولية في البحر الأحمر؛ وفرع السياحة الذي يشكل 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الخام للدولة، تقلصت مداخيله أيضاً بـ 30 في المئة؛ وإنتاج الغاز الطبيعي انخفض، والحكومة تواجه ديناً خارجياً كبيراً (167 مليار دولار في السنة)؛ وسعر الجنيه المصري انخفض دراماتيكياً مقابل سعر الدولار (بسبب خفض الأسعار الذي طلبه صندوق النقد الدولي كشرط لإعطاء القروض التي طلبتها القاهرة). كل ذلك يلزم مصر بالتحول من “وسيط محايد” إلى دافع قوي يحتاج إلى عقد الصفقة بين إسرائيل وحماس، حتى أكثر منهما.

 

نقطة الانعطاف

 

في الحقيقة، تستعد مصر لاحتلال رفح، لكنها تقدر أن مكانة المدينة تتراوح بين هدف الجيش الإسرائيلي العسكري الذي بدونه -كما تدعي إسرائيل- لا يوجد ما يمكن التحدث عنه حول تدمير حماس، وبين ورقة مساومة سياسية وإنسانية، يتعلق بها مصير المخطوفين الإسرائيليين؛ ولا يقل عن ذلك مصير العلاقات بين إسرائيل ومصر، واحتمالية التطبيع بين إسرائيل والسعودية. استُخدمت رفح في السابق كورقة مساومة، لكن في الاتجاه المعاكس.

قبل ثلاثة أسابيع، عندما كانت إسرائيل متخبطة في كيفية الرد على هجوم إيران بالصواريخ والمسيرات، نشر أن الولايات المتحدة عرضت صفقة، تقول بحصول إسرائيل على “إذن” لاحتلال رفح مقابل رد محدود ضد طهران يمنع التدهور إلى حرب شاملة. وإذا كان ذلك حقيقياً، فإنها كانت جيدة في حينه، واستهدفت منع سيناريو دولي عبثي. رد إسرائيل على إيران كان محدوداً حقاً، لكن رفح ليست ساحة لعب حرة للجيش الإسرائيلي. المدينة قد تحمي مصالح إقليمية وأمريكية، تتجاوز بكثير الهدف التكتيكي لتصفية حماس، الذي هو في الأصل لا يحظى بثقة كبيرة من واشنطن.

---------------------------------------------

 

معاريف 28/4/2024

 

 

أوامر اعتقال دولية ضد نتنياهو

 

 

آنا برسكي وآخرين

 

حسب تقديرات في إسرائيل، يتعاظم الاحتمال في أن تصدر محكمة الجنايات الدولية في لاهاي أوامر اعتقالات دولية ضد مسؤولين إسرائيليين كبار بسبب دورهم في الحرب في قطاع غزة. وفي الأيام الأخيرة أجرى رئيس الوزراء جولة محادثات مع نظرائه في العالم في ظل ممارسة ضغط شديد على الإدارة الأميركية وبمشاركة السفير في واشنطن مايك هرتسوغ.

يقدر مسؤولون إسرائيليون كبار بأن الأوامر، اذا ما صدرت، فستركز على نتنياهو، وزير الدفاع يوآف غالنت ورئيس الأركان هرتسي هليفي وليس ضد ضباط صغار. وتعقيبا على ذلك قال نتنياهو يوم الجمعة: "تحت قيادتي، إسرائيل لن تقبل ابدا محاولة من محكمة الجنايات في لاهاي التشكيك بالحق الأساسي في الدفاع عن نفسها. التهديد ضد جنود الجيش الإسرائيلي وشخصيات عامة في إسرائيل، الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط والدولة اليهودية الوحيدة في العالم – هو تهديد فضائحي، ولن نستسلم له".

ومع ذلك، أضاف نتنياهو: "بينما لن تؤثر قرارات المحكمة في لاهاي على اعمال إسرائيل، فانها ستشكل سابقة خطيرة تهدد الجنود والشخصيات العامة لكل ديمقراطية تقاتل ضد عدوان خطير".

ويذكر أن اصدار أوامر اعتقال دولية هو حدث غير مسبوق، سيؤثر على قدرة إسرائيل على إدارة الحرب في قطاع غزة ومن شأنه أن يمس بمكانة إسرائيل الدولية. اذا ما خرجت أوامر الاعتقال الى حيز التنفيذ، سيضطر المسؤولون الى النظر في خروجهم من حدود الدولة بسبب التخوف من الاعتقال والتقديم الى المحاكمة بتهمة جرائم حرب.

والى ذلك يبدو أن إدارة بايدن أرجأت نيتها فرض عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا" على خلفية انتهاك مزعوم لحقوق الانسان للفلسطينيين في الضفة الغربية وتعيد النظر في هذه النية في ضوء المعلومات التي نقلتها إسرائيل في الأيام الأخيرة.

في بداية الأسبوع الماضي تحدث رئيس المعسكر الرسمي الوزير بيني غانتس مع وزير الخارجية الأميركي انطوني بلينكن وطلب منه إعادة النظر في القرار إذ ان من شأنه أن يمس بشرعية إسرائيل في زمن الحرب، وليس له مبرر كونه يوجد لإسرائيل جهاز قضاء قوي ومستقل، وعموم وحدات الجيش الإسرائيلي خاضعة لاوامر الجيش الإسرائيلي – التي تتطابق والقانون الدولي.

يشار الى أنه اذا ما فرضت العقوبات فانها كانت ستحظر نقل مساعدات عسكرية أميركية الى الكتيبة وتمنع جنودها وضباطها من المشاركة في المناورات مع الجيش الأميركي وفي الاعمال التي تحظى بتمويل اميركي.

---------------------------------------------

 

هآرتس 28/4/2024

 

 

في لاهاي من شأنهم أن يصدروا هذا الأسبوع أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين

 

 

بقلم: عاموس هرئيل

 

 (المضمون في الفترة الاخيرة ازدادت الجهود للدفع قدما بالمفاوضات حول عقد صفقة تبادل للمفقودين. ومصر تطلق تنبؤات متفائلة حول عقد صفقة قريبة. ولكن وزراء اليمين المتطرف في اسرائيل وحماس يمكن أن يضعوا العقبات التي لا يمكن تجاوزها ومن المرجح أنه اذا تم في هذه المرة تفويت هذه الفرصة فان ايزنكوت وغانتس سينسحبان من الحكومة. وفي هذه الاثناء نتنياهو يخشى من اجراءات المدعي العام في لاهاي- المصدر).

في الفترة الاخيرة تظهر موجة تفاؤل من التطورات حول صفقة مفقودين قادمة بين اسرائيل وحماس، ازدياد الجهود للدفع قدما بالمفاوضات كما يبدو يرتبط ايضا بسيناريوهات اخرى – التهديد الجديد للجيش الاسرائيلي باحتلال رفح واختلاف الآراء في الحكومة وامكانية أن يتم اصدار اوامر اعتقال دولية ضد مسؤولين كبار في اسرائيل - لكن للأسف، ما زال لا يمكن التبشير بأنه توجد اختراقة في المفاوضات هناك خطر واضح من أن الاحداث الاخيرة ستنتهي مثل جولات المفاوضات السابقة وأن التنبؤات المتفائلة ستتحطم امام الفجوة في مواقف الطرفين.

مجلس الحرب والكابنت السياسي - الامني في اسرائيل اجتمع مؤخرا لمناقشة افكار جديدة حول صفقة المفقودين. حماس اعلنت أمس بأنها تسلمت اقتراح اسرائيلي محدث لتحرير المفقودين ووقف اطلاق النار وأنها تفحص تفاصيله وزير الخارجية الامريكي، انطوني بلينكن، سيصل في القريب الى اسرائيل لمناقشة المفاوضات حول الصفقة وخطة الجيش الاسرائيلي للعمل في رفح. النقاشات حول مصير المفقودين مرة اخرى تستهل نشرات الاخبار في التلفزيون، في حين أن مصر التي تقود جهود الوساطة، تطلق توقعات متفائلة حول عقد صفقة في القريب. حماس نشرت أمس فيلم فيديو ظهر فيه مفقودين هما كيت سيغال وعومري ميران، الى جانب اطلاق اشارة ثمينة على حياتهم لعائلتيهما. الاثنان طلبا من الحكومة انهاء بسرعة الصفقة لاطلاق سراحهما. مصادر اسرائيلية قالت إن الكابنت مستعد الآن لاظهار مرونة اكثر مما في السابق.

لكننا شاهدنا هذا الفيلم، ومن الجدير التذكير بأنه كانت هناك عدة مرات منذ انهارت صفقة المفقودين الاولى في بداية كانون الاول الماضي. ايضا عندما تم طرح اقتراحات وساطة ظهرت كمعقولة فان الامور لم تنجح. . أولا، يبدو أن حماس لم تشعر في حينه بالضغط بهذه القوة، التي تجبرها على التنازل الآن الضغط حتى اضعف مقارنة مع ذلك). ثانيا، اسرائيل وجدت صعوبة في الموافقة على صفقة تشمل الوقف الشامل لاطلاق النار وانسحاب قوات الجيش الاسرائيلي من القطاع مقابل اعادة جميع المفقودين، لأن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بهذا كان سيضطر الى الاعتراف بأن الحرب انتهت بدون تحقيق أي هدف من اهدافها الرئيسية - تفكيك مطلق لسلطة حماس وقدراتها العسكرية ليس فقط رئيس حماس في القطاع، يحيى السنوار، بل ايضا نتنياهو وضع صعوبات امام المفاوضين من قبله بصورة جعلت الطرفين يعلقان في جولات محادثات متواصلة في القاهرة والدوحة وباريس بدون تحقيق اتفاق.

في موقع واي «نت» تم اقتباس أول أمس مصادر سياسية اسرائيلية، التي قالت بأن نتنياهو مستعد الآن لصفقة «انسانية» – نبضة اولى تشمل اطلاق سراح النساء وكبار السن والمرضى والجرحى المحتجزين لدى حماس مقابل اطلاق سراح سجناء فلسطينيين، لكن بدون تعهد بانهاء الحرب يبدو أن اسرائيل مستعدة ايضا لتقليص عدد المحررين في هذه النبضة الى 33 بدلا من 40 كما طلبت في السابق.

لكن حتى هذا الموقف ما زال يتعلق بما ستطلبه حماس في المقابل - الذي ووجه في السابق بمعارضة شديدة من قبل وزراء اليمين المتطرف ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وعدد من وزراء الليكود فهؤلاء يصممون على منع أي تنازل والاستمرار في الحرب من يؤيدون الصفقة على راسهم وزراء المعسكر الرسمي بني غانتس وغادي ايزنكوت يبدو أنهم يأملون بأن يؤدي ضغط الجمهور الكبير الى التنازل والمصادقة على النبضة الاولى. واذا لم يحدث أي تقدم في الفترة القريبة القادمة فمن المرجح أننا سنصل إلى نقطة فيها ايزنكوت، وفي اعقابه ربما غانتس، سيعلنان عن انسحابهما من الحكومة.

 

تداعيات دراماتيكية

 

في هذه الاثاء تتطور لدى القيادة السياسية والامنية في اسرائيل مشكلة اخرى اكثر شخصية. ففي هذا الاسبوع من شأن المدعي العام في المحكمة الدولية كريم خان أن يصدر أوامر اعتقال ضد شخصيات اسرائيلية رفيعة على خلفية الحرب في غزة. ويتم بذل جهود امريكية كبيرة، بمساعدة دول غربية اخرى من اجل اقناع كريم خان بتأخير قراره (الولايات المتحدة نفسها لم توقع على الميثاق الذي بحسبه اقيمت محكمة الجنايات الدولية، لذلك هي نفسها لا تعتبر جزء من قراراتها نتنياهو كما يبدو، على قناعة بأن هذه الخطوة ستحدث وستوجه ضده بشكل محدد، إلى جانب شخصيات رفيعة اخرى في المستوى السياسي وربما في جهاز الامن في نهاية الاسبوع الماضي نشر رئيس الحكومة بيان جاء فيه أنه ينوي النضال ضد ذلك.

إن اصدار أوامر الاعتقال كما يبدو ستلزم الدول الاعضاء في المحكمة، 120 دولة، باعتقال الشخصيات الاسرائيلية الرفيعة اذا وصلت الى اراضيها وتسليمها للمحكمة اجراء مشابه تم اتخاذه ضد الرئيس الروسي فلادمير بوتين على خلفية الحرب في اوكرانيا. الادعاءات تجاه اسرائيل التي بحسبها يتم فحص الامر تتعلق بالاشتباه بارتكاب جرائم حرب، لكن ليس الادعاء بشأن ابادة شعب. هذا اجراء منفصل وموجه للدولة وليس للافراد، وهو يمكن أن يستغرق سنوات. القضية الجديدة في لاهاي يمكن أن يكون لها تداعيات دراماتيكية لسنوات طويلة، وجهات ، سياسية وأمنية في اسرائيل تصفها كهزة ارضية محتملة.

في الوقت الحالي من غير الواضح اذا كان المدعي العام خان، المواطن البريطاني، سيقرر اتخاذ هذا الاجراء، واذا كان ذلك سيحدث بالتأكيد في هذا الاسبوع. ولكن المشكلات من ناحية اسرائيل في الساحة الدولية بعيدة عن أن تقتصر على ذلك. الصحفي توماس فريدمان نشر أول أمس في نيويورك تايمز» بأن الادارة الامريكية تفحص فرض قيود على التصدير الامني الاسرائيلي اذا شنت عملية واسعة في رفح، التي ستنطوي على قتل عدد كبير من المدنيين الفلسطينيين رغم معارضة الادارة الامريكية في المقابل، في الوقت الحالي يبدو أن الادارة الامريكية تراجعت عن نية فرض عقوبات على كتيبة «نيتسح يهودا» التابعة للناحل الحريدي، التي نشر عنها في منتصف الشهر.

فقط الضغط الجماهيري

استقالة رئيس «أمان»، الجنرال اهارون حليفه، التي تم النشر عنها في الاسبوع الماضي شملت الدعوة الى تشكيل لجنة تحقيق رسمية البروفيسور رعنان سولتسيانو كينان الخبير في السياسة العامة في الجامعة العبرية، كتب رسالة الدكتوراة حول لجان التحقيق في الوثيقة التي كتبها في الاسبوع الماضي لصالح معهد «زولات»، كتب أن «هجوم 7 اكتوبر تنطبق عليه المعايير التي تبرر تشكيل لجنة تحقيق بسبب ازمة الثقة التي وجدت بخصوص الدور الرئيسي للدولة - الدفاع عن حياة مواطنيها. ولأن المسؤولين المحتملين عن الفشل الذي مكن من حدوث الهجوم، يشملون كل القيادة السياسية والامنية فان المطلوب هو تحقيق مستقل من ناحية مؤسساتية»، وهذا حسب قوله هو طلب فقط لجنة تحقيق رسمية ستلبيه.

سولتسيانو كينان اضاف بأنه من الواضح أنه توجد احتمالية ضعيفة لأن توافق الحكومة الحالية على ذلك، ازاء ، رفض نتنياهو للاعتراف بالمسؤولية عن الاخفاقات. وهو يعتقد أنه توجد ضرورة لطلب من قبل الجمهور لتشكيل لجنة تحقيق رسمية والحفاظ على مستوى بروز مرتفع لهذا الموضوع على جدول الاعمال»، لأنه ثبت في السابق أن هذه عوامل تساهم في التوصل الى قرار حول تشكيل هذه اللجنة.

"طريقة رئيسية من اجل تطبيق استقلالية التحقيق هي فعل ذلك من قبل جسم تحقيق يحظى باستقلالية مؤسساتية وشخصية عالية»، قال واضاف وليس من خلال مؤسسات سياسية أو مؤسسات تخضع لها. الافتراض هو أنه في ظروف ازمة الثقة بمؤسسات الحكم فانه فقط جهة مستقلة وغير مرتبطة بالمؤسسات

السياسية هي التي ستحصل على ثقة الجمهور، ويمكنها ترميم شرعية مؤسسات الدولة على المدى البعيد».

وقد قدر أن «مستوى اهتمام الجمهور بالاخفاقات التي أدت الى هجوم 7 اكتوبر هو مستوى مرتفع جدا. مع الانتقال الى مواجهة بقوة ادنى في شهر شباط - آذار، وبالاساس في ظل غياب صفقة لتحرير المخطوفين، فان ضغط الجمهور يزداد، وايضا احتمالية تشكيل لجنة تحقيق.

---------------------------------------------

 

غزة وربيع الغضب العالمي: ساسة أمريكا وجامعاتها أساءوا تقدير عزيمة الطلاب فخلقوا حركة احتجاج عالمي

 

القدس العربي - إبراهيم درويش

لم تكن نعمت (مينوش) شفيق، رئيسة جامعة كولومبيا تعرف عندما ذهبت إلى الكونغرس للظهور أمام لجنة التعليم والقوى العاملة في 17 نيسان/أبريل أن شهادتها ستؤدي إلى انتفاضة طلابية على مستوى الولايات المتحدة بل وحول العالم. فمخيمات الاحتجاج توسعت من كولومبيا إلى جامعة نيويورك وييل وجامعة جنوب كاليفورنيا وجامعة كاليفورنيا بيركلي وجامعة تكساس في أوستن. بل وانتقلت إلى كلية لندن الجامعية «يو سي أل» في بريطانيا وجامعة بو في باريس وجامعة سيدني في استراليا.

وتطالب كل الاحتجاجات بسحب الاستثمارات الجامعية مع إسرائيل ووقف التعاون الأكاديمي مع الجامعات الإسرائيلية وتغيير السياسة من الحرب في غزة.

 

التضحية بالحرية الأكاديمية

 

ولعل النقطة التي فجرت الغضب الطلابي الأمريكي والعالمي أن مينوش شفيق كانت عازمة منذ البداية على إنقاذ جلدها والإجابة على الأسئلة الموجهة لها من قبل النواب الجمهوريين، الذين استخدموا المخاوف من تفشي معاداة السامية في حرم الجامعات كوسيلة لتحقيق غاية مختلفة وهي السيطرة على نطاق أوسع من التعليم العالي في الولايات المتحدة. وهذا ليس مفاجئا في ظل الحركة المناهضة للصحوة «ووك» حيث يحاول اليمين المؤدلج توسيع الأفكار اليمينية المتطرفة. لكن ما أثار الدهشة في شهادة شفيق أنها كانت مستعدة للتخلي عن «حرية أعضاء هيئة التدريس والحرية الأكاديمية» على حد تعبير إيرين مولفي، رئيسة الرابطة الأمريكية لأساتذة الجامعات.

وزاد الطين بلة استدعاء شرطة نيويورك للتدخل في حرم الجامعة وإخلاء معسكر اعتصام أقامه الطلاب. وبهذا عبدت الطريق أمام سابقة غابت منذ وقت طويل عن الحرم الجامعي وهي دخول الشرطة لفض الاعتصامات وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استدعاء شرطة نيويورك إلى حرم جامعة كولومبيا، آخرها عام 1968.

وحسب صحيفة «واشنطن بوست» (23/4/2024) فقد بدت رئيسة كولومبيا عازمة على عدم تكرار أداء رئيستي جامعة هارفارد وجامعة بنسلفانيا آنذاك، اللتان أعلنتا بحزم، أثناء الإدلاء بشهادتهما أمام نفس اللجنة في كانون الأول/ديسمبر، عن التزام جامعتيهما بحرية التعبير.

وعلى خلاف كلودين غاي من جامعة هارفارد وليز ماغيل من جامعة بنسلفانيا، أعلنت شفيق في بيانها الافتتاحي التزام جامعة كولومبيا بـ «دعم الاستكشاف الأكاديمي الصارم والحرية» لكن إجاباتها على أعضاء اللجنة كشفت أن هذه الكلمات مجرد كلام. واعترفت بأن معنى عبارات مثل «من النهر إلى البحر، فلسطين حرة» محل خلاف، لكنها قالت: «لدينا بعض القضايا التأديبية الجارية حول تلك اللغة. لقد حددنا أن هذه الأنواع من الهتافات يجب أن تكون مقيدة من حيث مكان حدوثها». بل وقامت بتسمية أشخاص محل تحقيق داخلي، و«قد تم التحدث إلى» أستاذ دراسات الشرق الأوسط جوزيف مسعد ـ الذي نشر مقالا عن هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر بعنوان «مجرد معركة أخرى أم حرب التحرير الفلسطينية؟». وقالت إنه لو كان الأمر متروكا لها، لما وصل مسعد إلى منصبه أبدا. وفيما يتعلق بالأستاذ الزائر محمد عبده، الذي نشر «أنا مع حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي» على وسائل التواصل الاجتماعي، قالت شفيق إنه «يقوم بتصحيح أوراق طلابه ولن يقوم بالتدريس في جامعة كولومبيا مرة أخرى».

 

الكونغرس في رأس الحربة

 

وتقوم لجنة مجلس النواب بالتحقيق في أكثر من 12 جامعة تزعم أن خطابا معاديا للسامية صدر فيها إما من الطلاب أو هيئة التدريس. ومنها جامعة رتغرز، وخاصة أستاذة القانون سحر عزيز، التي تدعي رئيسة اللجنة الجمهورية عن ولاية نورث كارولاينا فيرجينيا فوكس أنها «أدلت بالعديد من التصريحات المعادية للسامية والمؤيدة للإرهاب، بما في ذلك القول إن اليهود الأمريكيين يتمتعون بميزات أكثر من المسلمين والعرب والفلسطينيين الأمريكيين».

وزاد النواب والساسة من حدة القمع السياسي وحرية التعبير في الجامعات حيث تحولت جامعة كولومبيا إلى محجة النواب الأمريكيين بمن فيهم رئيس مجلس النواب مايك جونسون والذي لم يلق ترحابا من الطلاب، عبر الزيارات والتصريحات والدعوات لاستخدام القوة ضد المتظاهرين. واستخدم اليمين الأمريكي لغة «المتعاطفين مع حماس» و«نشاطات حماس» و«الإرهابيين» لوصف الطلاب المطالبين بوقف الحرب في غزة وقطع العلاقات الأكاديمية والمالية مع إسرائيل والشركات التي تتعامل معها.

ورأت مجلة «بوليتيكو» (25/4/2024) أن اندلاع الاحتجاجات في الجامعات منحت الجمهوريين مطرقة لضرب الحرية الأكاديمية وإدخال الشرطة بل والحرس الوطني إلى حرم الجامعات لتحقيق هدفين أثيرين لديهم: ضرب الليبراليين الأمريكيين والمؤيدين لفلسطين. ودفعت التظاهرات التي انتشرت في كل أنحاء أمريكا جامعة جنوب كاليفورنيا إلى إلغاء حفلة تخرج مخطط لها في 10 أيار/مايو، وكانت الجامعة قد ألغت مشاركة طالبة موهوبة مسلمة في الحفلة على خلفية «تلقي تهديدات». واعتقلت شرطة الشغب في لوس أنجلس 100 طالب في الجامعة يوم الأربعاء، حيث وصلت الشرطة مجهزة بعتادها لتفكيك مخيم اعتصام. ودعا المرشح الجمهوري ستيف غريفي الشرطة لاستخدام الحسم ضد المحتجين الذين وصفهم بـ«الإرهابيين». وظهر في مؤتمر صحافي مع حاخام ومحارب سابق في القوات الخاصة، واتهم الطلاب بأنهم لا يفهمون الديناميات السياسية في الشرق الأوسط ولهذا فهم «يدعمون الإرهاب». وزادت احتجاجات المؤيدين لفلسطين في العاصمة واشنطن حيث طلبت رئيسة جامعة جورج واشنطن، إلين ام غرانبيرغ، مساعدة من الشرطة في يوم الخميس لنقل مخيم لم تتم الموافقة عليه في داخل الحرم الجامعي. وفي الوقت نفسه تعيش جامعة كاليفورنيا بيركلي اضطرابات منذ عدة أشهر، حيث اعتصم الطلاب مطالبين الجامعة بقطع علاقاتها مع المؤسسات الإسرائيلية وسحب الاستثمارلت من الشركات التي تدعم إسرائيل.

 

حتى الجامعات الخاصة

 

وتعتبر جامعة جنوب كاليفورنيا، وهي جامعة خاصة منذ 144 عاما واحدة من الجامعات التي لم تكن جاهزة لمواجهة الاحتجاجات، وجاء إلغاء حفلة التخرج بعد منع المسلمة الموهوبة أسنا تبسم من إلقاء كلمة في الحفل، صورة عن الطريقة التي تصرفت فيها جامعة ليس معروفا عنها تاريخ احتجاجات. وتقول صحيفة «نيويورك تايمز» (25/4/2024) إن بعض رجال الأعمال والأكاديميين أثنوا على قرار الجامعة منع خطاب تبسم، المتخرجة من قسم الهندسة الطبية، قائلين إن منعها من إلقاء الخطاب سيحرم الناشطين من منصة حرة كانت ستؤدي إلى ما وصفوه «مواجهة سياسية بشعة». لكن البعض تساءل عن قرار الجامعة التي استطاعت تأمين حفلة التخرج العام الماضي، حيث تخرجت بنت الرئيس السابق باراك أوباما، وفي هذا العام لم تكن قادرة على تأمين حفل تخرج بسبب خطاب لخريجة، اختيرت من بين 200 مرشح للخطاب، ولم تكن هناك أية إشارات عن نيتها استخدام المناسبة لتقديم بيان سياسي. وكتبت صحيفة «لوس أنجلس تايمز»: «الرسالة التي ترسلها للخريجين الكبار هي أنه عندما يحضر التهديد لحرية التعبير فما عليك إلا الإذعان». واتهمت تبسم في بيان الجامعة بمنح المزعجين حق الفيتو على كلمتها. ورغم انتقاد الطلاب والمراقبين إدارة الجامعة على معاملتها لتبسم إلا أن الفدرالية اليهودية في لوس أنجلس رحبت بقرار منع الطالبة قائلة إن الاحتجاجات وصلت إلى وضع خلق جوا خطيرا للطلاب اليهود.

 

سلسلة أخطاء

 

وتظهر طريقة تعامل الجامعات وتدخل الساسة من أصحاب المصالح الذين يريدون ركوب الموجة سلسلة من الأخطاء التي بدأت أولا بقرار مينوش التضحية بطلابها على مذبح المحاكمة الجمهورية لها في الكونغرس. وقالت مجلة «إيكونوميست» (23/4/2024) إن رؤساء الجامعات الأخرى تعلموا من موقف شفيق وأهمية الظهور بمظهر المتشدد أمام موجة التظاهرات و«لكن هناك مخاوف من الإفراط في نهج إعادة تصحيح المسار». والمشكلة ان محاولة رئيسة الجامعة الوقوف أمام عاصفة احتجاج بالقوة أدت إلى إطلاق إعصار.

 

تردد بايدن

 

ومنذ انطلاق التظاهرات احتجاجا على الحرب في غزة، حاول بايدن التعامل معها باعتبارها ضرورية وأن ما يقوله المتظاهرون صحيح، حيث حاول الموازنة بين دعمه المستميت لإسرائيل وترضية قواعده الانتخابية. ولكنه فشل، وخاصة مع حركة عدم الملتزمين بانتخابه في الانتحابات التمهيدية الذين هددوا بعدم انتخابه لو لم يغير سياسته من غزة. ولكنه بدا في الأيام الأخيرة شاجبا للمحتجين والمخيمات الاحتجاجية باعتبارها عداء للسامية. ورغم الحملة الدعائية والتشهير بالمتظاهرين ووضع أسماء وتفاصيل قادة الاحتجاج على الشاحنات فيما يعرف برطانة وسائل التواصل الاجتماعي «دوكسينغ» إلا أن الاحتجاجات زادت حدة. ووعد قادة شبكة الاحتجاج بأساليب جديدة، فلم يقتصر الأمر على المسيرات والتنكيد على بايدن في تجمعاته الانتخابية بل والقيام بمظاهر عصيان مدني وإغلاق الشوارع والجسور المهمة.

 

حركة سرية ومنظمة

 

وترى صحيفة «واشنطن بوست» (26/4/2024) أن حركة الاحتجاج المؤيدة لفلسطين تطورت إلى حركة وطنية، فعندما داهمت شرطة نيويورك المخيم الاحتجاجي في كولومبيا الأسبوع الماضي، كان طلاب جامعة ييل جاهزين وتابعوا ما حدث عبر هواتفهم الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي. فإذا كان طلاب جامعة نخبة «أيفي ليغ» جاهزين للمخاطرة ومواجهة الاعتقال، فلماذا لا نتحرك نحن. وقاموا في اليوم التالي بنصب مخيم احتجاج. وفي مكالمة عبر «زووم» شارك فيها 200 طالب من جامعات عدة حول الولايات المتحدة تناقشوا فيها حول كيفية التضامن ونسخ أسلوب كولومبيا. ما تبع هي انتفاضات يطلق عليها المؤرخون اليوم بأنها الأكبر وبتداعيات مهمة ولم ير مثلها في التاريخ الأمريكي الحديث. ونقلت الصحيفة عن ستيفن مينتز، أستاذ التاريخ بجامعة تكساس في أوستن: «أعتقد أن البرج العاجي بات يقف على أرض مهتزة». وتضيف الصحيفة أن التظاهرات التي احتلت عناوين الصحف في الأيام الماضية هي تتويج لنشاط وتوترات بدأت منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر. وزاد من وتيرة التظاهرات الأخيرة استخدام الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي حيث قلد طلاب جامعة ما قام به طلاب آخرون في جامعة أخرى. ويرى ديفيد كورترايت، من جامعة نورتردام أن التظاهرات الأخيرة تشبه الاحتجاجات الكبرى التي شهدتها الولايات المتحدة على خلال الستين عاما الماضية، بما فيها الحملة لإنهاء نظام التمييز العنصري في جنوب أفريقيا وحملة احتلوا وول ستريت عام 2011. وعلى خلاف التظاهرات السابقة، فمطالب المحتجين الحالية قد لا تثمر، وخاصة دعوة سحب الاستثمارات من إسرائيل وعدم التعاون مع الشركات الداعمة لها. إلى جانب أن التظاهرات لم تبن اجماعا حول رؤية معينة، ذلك أن بعض الهتافات ردعت بعض المتعاطفين المحتملين.

ويرى بعض المراقبين أن طلاب الجامعات الأمريكية حاليا هم نتاج توترات داخل المجتمع الأمريكي، ودخلوا الجامعات بعد حركة وول ستريت وسنوات دونالد ترامب المضطربة ومنع مواطني دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة إلى جانب حركة حياة السود مهمة. ومن هنا فعندما اندلعت حرب غزة أصبحت الجامعات جبهة جديدة، واندلعت تظاهرة مباشرة في جامعة براون، وبدأ الطلاب بالتواصل مع التنظيمات الطلابية الأخرى في الجامعات مثل «طلاب من أجل العدالة في فلسطين». ومع زيادة التوتر، قامت جامعات مثل كولومبيا بتعليق عمل «طلاب من أجل العدالة في فلسطين» و«أصوات يهودية للسلام» في تشرين الثاني/نوفمبر. وكلما زاد تشدد الجامعات، كلما زاد تصميم الطلاب، فبعد تعليق عمل منظمة «طلاب من أجل العدالة في فلسطين» قام الطلاب بتشكيل «سحب جامعة كولومبيا الاستثمارات من الفصل العنصري» ولقيت المبادرة دعما من 90 جماعة طلابية في الحرم الجامعي. وحاولت المجموعة هذه تقليد الحملة الناجحة في الثمانينات لإجبار الجامعة على وقف تعاونها مع جنوب أفريقيا. وقامت استراتيجية الطلاب على مقابلة التصعيد من الجامعات بالتصعيد. وفي بيان جمعية كولومبيا قال الطلاب إن مسؤولي الجامعة «أساءوا تقدير تصميمنا» و«لن نرتاح حتى تسحب كولومبيا استثماراتها من إسرائيل الفصل العنصري ويتحرر الفلسطينيون وتتحقق الحرية لكل الشعوب المستضعفة حول العالم». وتظل حركة الطلاب فضفاضة بدون قيادة مركزية متعددة الأساليب، لكن الهدف المركزي هو سحب الاستثمارات الجامعية ووقف التعاون الأكاديمي مع إسرائيل. ففي جامعة براون جهز الطلاب دليلا من 50 صفحة حول كيفية تحقيق الهدف، حيث صمموا الدليل على مثال حملة سحب الاستثمارات من شركات السجائر في 2003 والوقود الإحفوري في 2020 كما وسحبت براون في عام 2006 استثماراتها من الشركات التي تتعامل مع السودان أثناء أزمة دارفور.

 

أطياف فيتنام

 

وتذكر حركة الاحتجاج بأيام الغضب على حرب فيتنام، حيث ارتبط اسم الحزب الديمقراطي بالفوضى عندما اشتبك المتظاهرون والمناهضون لحرب فيتنام مع الشرطة عام 1968 خلال انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في شيكاغو – حيث وصفت لجنة فيدرالية دور الشرطة الوحشي في المواجهة لاحقا بأنه «أعمال شغب بوليسية»- واختطفت تلك الأحداث الأضواء عن المؤتمر. ويرى تشارلز بلو في صحيفة «نيويورك تايمز» (24/4/2024) أن أؤلئك المتظاهرين الشباب بلغوا سن الرشد وهم يشهدون احتجاجات مستمرة ـ وفعالة ـ خلال حركة الحقوق المدنية والحداد الوطني بعد اغتيال الرئيس جون كينيدي، والسيناتور روبرت كينيدي، والقس الدكتور مارتن لوثر كينغ جونيور، الذي كان قد أعلن قبل عام معارضته للحرب. لقد كان جيلا مستعدا للاحتجاج، مع اقتناع أخلاقي كأساس لغضبه بشأن حرب فيتنام ــ الحرب التلفزيونية الأولى، الحرب التي تمكن الأمريكيون من رؤية أهوال الحرب، في الوقت الحقيقي تقريبا ــ والتجنيد الذي شهد نحو مليوني أمريكي خلال تلك الحقبة. بدأت الحركة ضدها في الغالب في حرم الجامعات ونمت. وفي الأشهر التي سبقت انعقاد المؤتمر الوطني الديمقراطي عام 1968، في آب/أغسطس، خطط المنظمون لاحتجاج كبير، كان من المقرر تنظيمه بغض النظر عما إذا كان قد تمت الموافقة عليه أم لا، وهو ما اجتذب الطلاب من جميع أنحاء البلاد.

وكل هذا يتكرر مرة أخرى. ويتابع الشباب، على وجه الخصوص، حرب إسرائيل على غزة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ويشعر الكثيرون بالرعب مما يرونه. لقد نشأوا أيضا مع الحركات الاحتجاجية التي شهدتها أمريكا خلال العقود الماضية. ونحن نشهد انتشار الاحتجاجات المناهضة للحرب عبر حرم الجامعات. وكما حدث في عام 1968 سينتهي الفصل الدراسي قريبا وسيغادر هؤلاء الطلاب للصيف، ما يتيح المزيد من الوقت والطاقة لتركيز جهودهم على المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في شيكاغو في أب/أغسطس.

 

وتخطط الجماعات المناهضة للحرب بالفعل لتنظيم احتجاجات كبيرة في المؤتمر. وقال حاتم أبودية، من شبكة الجالية الفلسطينية الأمريكية، لصحيفة «شيكاغو تريبيون» مؤخرا: «سننظم مسيرة بتصاريح أو بدونها. المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي هذا هو الأهم منذ عام 1968 أيضا في شيكاغو، عندما نظم المعارضون لحرب فيتنام وحركة تحرير السود مظاهرات حاشدة تم قمعها بعنف». ويمكنك أن ترى دعما كبيرا لقضيتهم. على الرغم من أن استطلاع هارفارد للشباب في ربيع عام 2024 وجد أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 29 عاما يميلون إلى تصنيف معظم القضايا الرئيسية الأخرى، بما في ذلك التضخم والهجرة، باعتبارها أكثر أهمية من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إلا أن الاستطلاع وجد أن «الشباب الأمريكيين يدعمون وقف دائم لإطلاق النار في غزة بفارق خمسة إلى واحد». وحسب استطلاع للرأي أجرته جامعة كوينيبياك يوم الأربعاء، فإن 53 في المئة من الديمقراطيين يعارضون إرسال المزيد من المساعدات العسكرية لإسرائيل لدعم جهودها في الحرب مع حماس. ويبدو أن هناك شعورا في حملة بايدن بأنها يمكنها ببساطة انتظار ان يتعب المتظاهرون، وأن المشاعر ستتلاشى في النهاية وأن الناخبين الديمقراطيين سوف يصطفون عندما نقترب من يوم الانتخابات ويصبح الاختيار بين بايدن ودونالد ترامب أكثر وضوحا. ويعلق الكاتب أن «هذه مقامرة متهورة» يشعر المتظاهرون والعديد من الناخبين بالاستياء من شيء أكثر من كونه مسألة عادية تتعلق بالسياسة الخارجية. ويعتقدون أنهم يشهدون إبادة جماعية بمساعدة وتحريض من رئيس أمريكي دعموه. إنهم يشعرون بأنهم متورطون شخصيا في صراع يستمر فيه عدد القتلى في الارتفاع، بدون نهاية في الأفق. وهذه مسألة أخلاقية بالنسبة لهم، ولن يتغير موقفهم بسهولة. ليس من السهل أن لا ترى جثة طفل ميت بين ذراعي أمه. ليس من السهل عدم رؤية الجياع وهم يتدافعون للاحتماء عندما يتعرضون لإطلاق النار. ليس من السهل إزالة الحطام بعد تعرض قافلة من شاحنات المساعدات الغذائية لإطلاق النار ومقتل العديد من عمال الإغاثة. لقد شاهد الناس كل هذه الأشياء على أجهزة التلفاز والهواتف الخاصة بهم. وأرقام القتلى مذهلة وسيتأكد الشباب من توضيح هذه النقطة هذا الصيف في شيكاغو.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق