29 آذار 2024 الساعة 12:41

عن النهب باسم الشعب!

2022-10-27 عدد القراءات : 467
في حالة الشعب الفلسطيني إجمالًا داخل وطنه المحتل، وفي ضوء التجارب التي يمليها الواقع، فإن تحقيق التنمية الشعبية الحقيقية، يكون من خلال التنمية بالحماية الشعبية، ولعل تجربة بقرات بيت ساحور الملتصقة بتجربة الانتفاضة الشعبية الكبرى كما 1987، والتي تحولت لفيلم بعنوان «المطلوبون ال 18» للمخرجين الفلسطيني عامر الشوملي والكندي بول كوان، لدليل على صدق وتأثير هذه التنمية، التي لاحق الاحتلال بقراتها 18 وإنتاجها وأصحابها، وبعد مستجد 1993، طالب بعض الاقتصاديون كما السياسيون بانتهاج أسلوب الاقتصاد التشاركي، وكأن المسألة بيد أصحابها، وليست بشروط منتجي هذا المُستجد الذي أرادوه أن يكون أكثر نهبًا من النيوليبرالية ذاتها، في سياق سرقة وطن/أرض الناس قبل سرقة جيوبهم.
وإذا ما أردت تخصيص الحديث عن قطاع غزة، المحكوم من «سلطة المقاومة»، فإن النتيجة النهائية لا تختلف البتة عن سابقتها، بل هي امتداد لها، لكن أكثر سوءًا منها، فهي تنهب جيوب الناس المثقلة بالفقر والعوز والبطالة والديون والقروض والضرائب... لحساب الفئات التي تعتلى سدة السلطة وتغتني باطراد وتتضخم أرصدتها في الحياة كما كروشها، وتقف ذاتها على منبر صلاتها، لِتعد الذين يزدادون فقرًا وجوعًا وقهرًا واغترابًا أن لهم في الجنة؛ حياة رغيدة وجداول من أنهار الخمر وثمرات لا تعد ولا تحصى واغتناء بالآخرة بعد فقر الدنيا! دون أن يتوقف أصحاب الأرصدة والخطاب؛ أمام سياساتهم النهبوية باسم الشعب، والمعدلات المتسارعة والمرتفعة للفقر نتاج السياسات «النيوليبرالية» المجرمة التي يتبوعها، ويُخرّجها البعض باسم «الاقتصاد الإسلامي» والتي لا تعني في حقيقة الأمر سوى ترك السوق الحر «الحر شكلًا، والغير حر فعلًا»، في عملية نهب الشعب، ليتم نزح الثروات إلى الأعلى، ويتم إرسال مزيد من الإفقار إلى الأسفل!
لا خروج من هذه الدائرة الناهبة والسياسات المجرمة والإفقارية حد القتل العَمَد؛ لمجتمع المقاومة عليه «فرض عين»، إلا بكسر وتجاوز سياسات نهب الشعب باسم «سلطة المقاومة» والتي هي ليست حجة عليها، وهذا لن يكون إلا بأن نخلق تنمية حقيقية بالحماية والمشاركة الشعبية؛ بتجاوز السياسات النيوليبرالية ووصفات التنمية المستدامة وعلاجات الصدمة الاقتصادية والضرائب غير القانونية؛ بدواعي دعم المنتجات الوطنية!
فمن المعيب، بل من الجريمة التي تجري عن عمد وإصرار مسبق، أن الشباب الذين طلبتم منهم ذات يوم أن يرفعوا سبابتهم لعنان السماء، ويهتفوا خلفكم، أن أسمى أمانيّهم الشهادة في سبيل، يصبح أسمى أمانيّهم: الهجرة إلى بلاد الكفر، أو الحصول على تصريح عمل لدى العدو، أو أن يتوزع الظلم بينهم بعدالة!

أضف تعليق