
ممثل «الديمقراطية» بالجزائر: قدمنا مبادرة متكاملة ونطالب حماس وفتح بترجمة «إعلان الجزائر»
الجزائر (الاتجاه الديمقراطي)
قال ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في الجزائر محمد الحمامي، إن الجزائر قدمت ورقة مكونة من تسعة بنود إيجابية تؤكد على إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الداخلية، حيث كانت فيها تعديلات بسيطة لا تمس بجوهر الورقة.
وأشار إلى أنه كان هناك نقطة شائكة حول موضوع حكومة الوحدة الوطنية، حيث إعترضت حركة حماس على عبارة الشرعية الدولية، فوجدنا صيغة وافقت عليها، تحدثت عن حكومة وحدة وطنية «تلتزم بالمواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي«، فيما تحفظت حركة فتح التي أرادت صيغة تنص على الإلتزام بالشرعية الدولية.
وأكد الحمامي أحد المشاركين في حوار الجزائر الأخير الذي جرى يومي 12 و13 أكتوبر، أن الجبهة الديمقراطية قدمت مبادرة متكاملة تقوم على أساس التزامن بين تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسسات السلطة الفلسطينية عبر خيار الانتخابات.
جاء ذلك خلال مقابلة مطولة عبر « راديو أم ».. وهنا التفاصيل:
- ما هي الظروف التي جرى فيها لقاء الفصائل الفلسطينية في الجزائر؟
إن الدعوة لحوار فلسطيني شامل بدأت في نهاية عام 2021م، حيث أن الدولة الجزائرية إستضافت الفصائل الفلسطينية في حوارات ثنائية وإستمعت للجميع، كما استقبلت العديد من الاقتراحات، وبعد الانتهاء من هذه الحوارات الثنائية مع كل الفصائل بما فيها طرفي الانقسام، فتح وحماس، خرجت الجزائر بورقة سميت بالورقة الجزائرية وتمت دعوة كل الفصائل للحضور إلى الجزائر يومي 12 و13 أكتوبر.
جميع الفصائل حضرت بوفود تمثل الصف الأول من قيادتها أو من ينوب عن الأمناء العامين في جلسات الحوار، وقدمت الجزائر ورقة مكونة من تسعة بنود وكانت إيجابية، كانت فيها تعديلات بسيطة لا تمس بجوهر الورقة، في المقابل كانت هناك نقطة شائكة حول موضوع حكومة الوحدة الوطنية، حيث إعترضت حركة حماس على عبارة الشرعية الدولية، فوجدنا صيغة وافقت عليها، تحدثت عن حكومة وحدة وطنية « تلتزم بالمواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي«، وهنا أيضا تحفظت فتح التي أرادت صيغة تنص على الالتزام بالشرعية الدولية.
بكل وضوح الأخوة في حركتي فتح وحماس مسؤولون على عدم إدراج بند حكومة الوحدة الوطنية، وهما غير جاهزين أصلا لإنهاء الانقسام، كما أن الجزائر أحرجت الطرفين لأنها وقفت على نفس المسافة مع كل فلسطيني وتركتنا نحل الموضوع دون أن تملي علينا خياراتها السياسية لمعالجة الانسداد الحاصل. حماس تريد الانضمام إلى منظمة التحرير أولا وتأخذ الحصة التي تناسبها، ثم نذهب إلى مؤسسات الداخل الفلسطيني، أي الضفة الفلسطينية وقطاع غزة والقدس، وهنا رأي فتح مغاير بالطبع، ونحن في الجبهة الديمقراطية قدمنا مبادرة متكاملة تقوم على أساس التزامن بين تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسسات السلطة الفلسطينية عبر الانتخابات.
- هل الاقتراع النسبي كفيل بحل الانقسام، حيث يعطي التمثيل لكل الفصائل حسب عدد الأصوات المتحصل عليها؟
سبب الانقسام طبعا هو نظام الانتخابات الأعرج الذي يعطي الفوز لمن يتحصل على الأغلبية، هذه النقطة إتفقنا عليها في لقاءات سابقة، وفي بالقاهرة بالأخص، حيث إتفقنا على أدق التفاصيل، كما إتفقنا على تكوين لجنة سميت لجنة تطوير منظمة التحرير الفلسطينية وشكلنا لجنة لمعالجة قضية المصالحة المجتمعية بالنظر إلى المآسي التي خلفها الاقتتال بين فتح وحماس، وكان ينقص الإرادة السياسية للتنفيذ، والآن الجميع حضر إلى الجزائر.
فما هي الضمانات لنجاح هذا الاتفاق؟ بكل وضوح لم يكن الشعب الفلسطيني متفائلا بعد 15 سنة من الانقسام.
- لم يكن متفائلا بنجاح اللقاء أم بماذا؟
لم يكن متفائلا بإمكانية إنهاء الانقسام، حيث أن الشعب الفلسطيني يحترم الجزائر ويقدر الشعب الجزائري، وهو يعرف أن أرض الجزائر إنعقدت فيها أربعة مجالس وطنية ويعرف أيضا أن الجزائر عندما تقع خلافات منظمة التحرير الفلسطينية بين فتح والجبهة الديمقراطية أو الجبهة الشعبية كانت تحلها في جلسة واحدة، نتيجة حب الفلسطينيين للجزائر التي لم تكن تتدخل أبدا لصالح طرف أو على حساب طرف.
لكن بعد 15 سنة من الانقسام الذي أضر كثيرا بالقضية الفلسطينية، إسرائيل إستغلت ذلك لنهب الأراضي الفلسطينية، وتبقى حماس واهمة إن كانت تعتقد أنها هي من تحكم في قطاع غزة، وحركة فتح أيضا واهمة إن كانت تعتقد أنها تحكم في الضفة الفلسطينية، فالحقيقة أن إسرائيل هي التي تحكم وأن جندي إسرائيلي واحد يستطيع أن يتجول في كل المدن والقرى الفلسطينية. في حين نرى شباب منتفض في جنين ونابلس وفي مدن الضفة الفلسطينية وعمليات بطولية نشهدها يوميا، لكن عناصر القوة هذه مغيبة بسبب الانقسام بين حماس وفتح.
قدمنا في عديد من اللقاءات مع حركتي فتح وحماس مبادرات لإنهاء الانقسام، لكن كنا نفتقد للإرادة والنية الصادقة والثقة بين الطرفين، والآن المصلحة الفئوية لفتح وحماس والصراع على السلطة أدى إلى إدامة الانقسام وإفتقادنا الاستراتيجية الفلسطينية الموحدة لمواجهة المشروع الصهيوني.
الشعب الفلسطيني غير منقسم في المعارك التي يخضوها في قطاع غزة أو بالانتفاضة في مدن الضفة الفلسطينية، ولا يوجد أي خلاف بين من ينتمي لفتح ومن ينتمي لحماس أوالجبهة الشعبية أوالجبهة الديمقراطية. الخلاف هو على الزعامة وعلى السلطة، ولدينا الآن حكم إداري ذاتي في الضفة الفلسطينية وسلطة وهمية في قطاع غزة، بينما نحن بحاجة لوحدة جغرافية وسياسية.
الضفة وقطاع غزة وطن واحد وعاصمته القدس، في حين المشروع الصهيوني يريد أن يمسح كل هذا في ظل الانحياز الأمريكي.
- ما هو المطلوب الآن لتجاوز الانقسام؟
مطلوب الآن من الجزائر متابعة تنفيذ الاتفاق، ومطلوب منها أن تدعو خلال شهرين أو ثلاثة للقاء آخر بين الفصائل الفلسطينية من أجل أن تتابع إن تم البدأ في تنفيذ بنود هذا الاعلان. ونحن مقبلون على قمة عربية والجزائر ستتجه إليها محملة بهذه الورقة التي رحب بها المجتمع الدولي، وبشكل خاص الأمين العام الأممي والاتحاد الأوربي، فهي فرصة ثمينة للعرب من أجل وقف قطار التطبيع الذي إستغلته إسرائيل لمزيد من نهب الأراضي وقتل الشعب الفلسطيني والاعتداء عليه.
الفرصة مناسبة لإعادة بعث المبادرة العربية التي وضعتها إسرائيل في الدرج وأغلقت عليها منذ سنة 2002 بفعل الانقسام العربي. قمة الجزائر إذن فرصة لوضع إستراتيجية عربية موحدة داعمة للشعب الفلسطيني وصموده ماديا ومعنويا وتشكيل صندوق لدعم القدس، والقدس الآن تُهدد ولم يبق فيها شيئا.
- ما قدرة الجزائر على تحقيق هذه الأهداف علما أنها ليست بالدولة المؤثرة في الملف الفلسطيني مقارنة بمصر وقطر وكل القوى الأخرى؟
أعتقد أن الجزائر لديها ورقة ضاغطة على العرب، بفضل لقاء الفصائل الفلسطينية التي حضرت بكل أريحية وإتفقت، فعلى العرب أن يكفوا عن التدخل في الشأن الفلسطيني، ولا يمكن الاستغناء عن الدور المصري وأنا متأكد أن الجزائر نسقت مع المصريين من أجل صياغة هذه الورقة والمصريون أطلعوا الجزائر على كافة الاتفاقيات ومواطن الخلل، فالتنسيق واضح بين الجزائر ومصر، ثم الموضوع ليس موضوع مزاحمة في الأدوار، بل هو موضوع تكامل عربي، خاصة البند التاسع من إعلان الجزائر الذي يتحدث عن تشكيل لجنة جزائرية عربية تتعاون مع الجانب الفلسطيني من أجل تنفيذ بنود الاتفاق.
سنتحدث حتى مع إيران وتركيا لأنهما على علاقة كذلك بالقضية، وإذا أرادت تركيا أن تدعم حماس بالمال فهي حرة، لكن لا تقسمونا سياسيا. لم يبق شيئا ننقسم حوله، إسرائيل سيطرت على حوالي 50 بالمائة من أراضي الضفة الفلسطينية، وأصبحت فلسطين عبارة عن معازل، حيث الانتقال من مدينة إلى مدينة يفرض عليك المرور على عدة حواجز، دون الحديث عن الاذلال والاهانة والتمييز العنصري.
- لديكم أمل أن تحدث القمة العربية المقبلة تحولا في مسار التطبيع؟
أعتقد أنها ستحرج المطبعين وسيتضح من هي الأنظمة المتخاذلة والمتواطئة وتنكشف أمام شعوبها التي ستقول لهم: «كنتم تتحججون بانقسام الفلسطينيين، وهاهم الآن إتفقوا وخرجوا بإعلان إدعموهم وأرسلوا لجنة عربية إلى غزة والضفة»، فكل من يعرقل إنهاء الانقسام من الآن فصاعدا سينكشف أمره.
- هل تتوقع تنظيم الانتخابات في الآجال المتفق عليها؟
سجل الناخبين جاهز، وهو بحاجة لمراجعات بسيطة فقط، والمطلوب الآن دعوة لجنة الانتخابات المركزية للتحقيق في سجل الناخبين، وهذه العملية لا تحتاج إلى وقت طويل، كما حددنا عام كسقف لتنظيم الانتخابات، لكن حتى يتحقق ذلك علينا أن نتابع الخطوات المطلوبة.
الأولى هي تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإذا لم تتشكل يجب أن يجتمع الأمناء العامون للفصائل لوضع آلية لعقد إنتخابات تشريعية ورئاسية والمجلس الوطني بالتزامن. وعلينا أن ننظم الانتخابات حيث نستطيع ذلك، لأن هناك أنظمة لا تسمح لنا بتنظيم إنتخابات، ضف إليها القدس التي تمنعنا إسرائيل من تنظيم إنتخابات فيها، وهي الحجة التي إستعملتها حركة فتح لتعطيل الانتخابات. ننظم إذن الانتخابات على قاعدة التمثيل النسبي، حيث لا نستطيع تنظيم الانتخابات نختار الممثلين بالاتفاق بين الفصائل داخل فلسطين وبالخارج.
علينا أن نبدأ فورا في هذه العملية والجزائر تكون متابعة مع لجنة عربية تنبثق عن القمة العربية، وأعتقد أن مدة عام كافية لإنهاء الانقسام، وإذا لم تمتلك فتح وحماس الإرادة لتحقيق ذلك فسيكون وضعنا صعب جدا جدا والشعب الفلسطيني لن يسمح هذه المرة ببقاء الأمور على ما هي عليه الآن. وهناك قتل وإعتقالات يومية وهناك ملفات كثيرة بحاجة أن نتكفل بها كالمساجين والمآسي التي يعيشها الشعب في المدن الفلسطينية وقضية القدس… كل هذه العناوين ذات أولوية ولم يعد ممكنا الحديث في غرف مغلقة كأننا في وادي والشعب الفلسطيني في وادي آخر. الشعب فلسطيني جاهز للانتفاضة في وجه الاحتلال وعلينا أن نكون بقدر المسؤولية إتجاه تضحيات شعبنا.
فكيف يستمر التنسيق الأمني مع الاحتلال ونحن نتحدث عن وقف التنسيق الأمني منذ 2015م، لذلك هناك خلل في الموضوع إذن. وعندما نتحدث عن قطع العلاقة وفق بروتوكول باريس الاقتصادي مع دولة الاحتلال ووضع إقتصاد يعزز صمود شعبنا، ثم تجد الفلسطينيين مضطرين للعمل عند الاحتلال وجيش من الموظفين في السلطة الفلسطينية يتسولون لأن الأنظمة العربية لا تدفع إلتزاماتها إلا الجزائر، كل هذا يجب مناقشته في القمة العربية القادمة.
- فرضا أن الانقسام بين فتح وحماس يستمر، هل هناك إمكانية لبروز قوة سياسية من داخل فلسطين تتجاوز الانقسام الحاصل؟
الجبهة الديمقراطية حزب مقاوم له جناح عسكري وشارك في الدفاع عن شعبنا الفلسطيني وقدم العديد من الشهداء، ولنا تواجد قوي في الداخل والخارج. لكن من يحدد حجم الجبهة الديمقراطية أو فتح أو حماس أو أي فصيل آخر؟ الانتخابات طبعا.
حماس وفتح إذن تحرمان الشعب الفلسطيني من التعبير عن حقه، وأعتقد لو تنظم الانتخابات سنشكل قوة داخل قبة البرلمان وفي المجلس الوطني الفلسطيني، أما إذا إستمر الانقسام فبكل تأكيد الشعب الفلسطيني لن يبقى مكتوف الأيدي، ومطلوب من الجبهة الديمقراطية والجبهة الشعبية وقوى اليسار بكل وضوح أن تشكل قطب ثالث ضاغط على طرفي الانقسام.
أنا لا أتحدث هنا عن الاندماج لأن التعددية السياسية والحرية الفكرية حالة صحية، لكن بإمكاننا أن نتفق على جسر سياسي ورؤية سياسية ضاغطة على أطراف الانقسام، وبإستطاعة الجبهة الديمقراطية والجبهة الشعبية وحزب الشعب والاتحاد الديمقراطي الفلسطيني أن يشكلوا قطبا ثالثا ضاغطا، لكن علينا أن نكون واقعيين، حنفية الأموال التي تضخ على فتح وحنفية الأموال التي تضخ على حماس والمال السياسي الفاسد… كلها أسباب تغذي الانقسام وتشكل عائق أمامنا.
- ما هو أكبر تقدم حققه لقاء الجزائر؟
بعد القطيعة الطويلة بين فتح وحماس، إستطاعت الجزائر أن تجمعنا كلنا، وإستطاعت ثانيا أن تقرب وجهات النظر، لأن الخلاف السياسي غير موجود في الحقيقة.
حماس أضحت موافقة على حدود 1967 ولا يوجد فصيل فلسطسيني غير موافق على حدود 1967 بإستثناء حركة الجهاد الاسلامي، لكنها دائمًا تعبر عن موقف مشرف في دعم عجلة الوحدة الوطنية، وهذا موقف محترم للجهاد الاسلامي.
- تتوقع أن تفوز حماس في الانتخابات؟
لا يوجد فصيل يستطيع أن يفوز بالانتخابات لوحده، فالشعب الفلسطيني يعرف دور حماس ويعرف دور فتح، ولو تنظم الانتخابات سنضطر كلنا للائتلاف من أجل تشكيل حكومة.
أضف تعليق