30 نيسان 2024 الساعة 11:02

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الثلاثاء 16/4/2024 العدد 985

2024-04-17 عدد القراءات : 25

  الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

هآرتس 16/4/2024

 

كيف واجه أهالي دوما والمغيّر إرهاب المستوطنين؟

 

 

بقلم: هاجر شيزاف

 

الشارع الذي يمر قرب مزرعة “ملائكة السلام”، التي عثر قربها على جثة الفتى بنيامين أحيمئير، ظهر السبت الماضي مثل صور في فيلم حربي. غرفة العمليات الارتجالية التي أقامتها قوات الأمن، التي كانت تبحث عن الفتى ابن الـ 14 ما زالت موجودة على جانب الشارع. في الخلفية تصاعد دخان أسود كثيف من قريتي دوما والمغير المجاورتين في أعقاب أعمال شغب المستوطنين الذين اقتحموا القرى بعد تلقي نبأ العثور على جثة الفتى. وحسب تقدير جهاز الأمن، فإن أحيمئير، الذي وجدت على جثته علامات عنف شديدة وعثر قربها على سكين وحجر، قتل على خلفية قومية.

صباح أمس، شوهدت في المنطقة علامات على أعمال شغب حدثت السبت لساعات كثيرة. تم وضع حاجز من الحجارة في قرية دوما من قبل المشاغبين [المستوطنين المتطرفين] أثناء اقتحامهم للقرية في محاولة لمنع الفلسطينيين من الوصول إلى هناك ومساعدة من تمت مهاجمتهم. على مدخل القرية حجارة كثيرة أخرى وضعها السكان في محاولة لمنع دخول الجيش أو المستوطنين مرة أخرى.

إبراهيم دوابشة، أحد سكان المكان، قال إنه شاهد عشرات المستوطنين وهم يدخلون السبت إلى القرية، وكان بعضهم يرتدون الزي العسكري. وقدر مجلس القرية أن المستوطنين المتطرفين تم أحرقوا خمسة بيوت بشكل كامل، وسبعة بشكل جزئي. إضافة إلى ذلك، تم إحراق 15 سيارة، وحظيرة طيور، وأدوات، ومبان زراعية. حسب المجلس أيضاً تسببوا في نفوق 40 رأساً من الأغنام وعدد كبير من الدواجن، أثناء أعمال الشغب. وقدر رئيس المجلس إبراهيم دوابشة الأضرار بمبلغ 3.5 مليون شيكل.

وقال إبراهيم أيضاً إنه خلال ساعتين كان هو وعائلته محاصرين في البيت أثناء قيام المستوطنين زرع الرعب في شوارع القرية. بعد مغادرة “المشاغبين” [المستوطنين] للمكان، أخذ الوالدان أولادهما الأربعة وهربوا إلى عمق القرية. نامت النساء والأولاد هناك، في حين تولى الرجال حراسة البيوت. “لقد حاولوا فعل ما فعلوه بسعد ورهام دوابشة، لكن مع عائلات كثيرة هذه المرة”، قال إبراهيم مشيراً إلى عملية قتل عائلة دوابشة على يد المستوطن عمرام بن اليئيل.

أحد الجيران، مراد دوابشة، عبر عن أسفه الشديد على كتبه التي احترقت عند احتراق البيت، “كانت هنا كتب دين وشعر وتاريخ، كل شيء ضاع”، قال. وقال أيضاً إن “المشاغبين” وضعوا ملابس وأشياء أخرى على مدخل بيته، وأحرقوها. “بدأ الدخان يتسرب داخل البيت. عندها انتظرت إلى أن غادروا، فخرجت وقمت بإطفاء الحريق”، وأضاف “أحرقوا بيتاً آخر كانت فيه خزانات ملابس، كل شيء ضاع، حتى الأحذية”.

عبير دوابشة (39 سنة) قالت إنها هربت في سيارتها مع أولادها عندما شاهدت المستوطنين يقتربون. “زوجي اتصل مع شقيقه وقال له: تعال خذهم. شاهدناهم في كل الجهات، كانوا يحملون السلاح، أطلق أحدهم النار على السيارة. انحنيت، أنا وبناتي، عندما كنا فيها. نعيش في الطابق الثاني طلباً للأمان، ولدينا زجاج مزدوج على النوافذ، لكن لا أمان. شاهدت البيوت في المنطقة تشتعل، مخيف جداً”، قالت.

زوجها محمد رشيد دوابشة، قال إنه بقي في البيت لحراسة البوابة بمساعدة قطعة كبيرة من الخشب. بعد ذلك، حسب قوله، صعد إلى الطابق الثاني واختبأ هناك، يتنقل بين الغرف لمدة ساعة كي لا يروه. وحسب قوله، في هذا الوقت كان هناك عدد من السيارات العسكرية [الجيش الإسرائيلي] على مدخل بيته، لكنها لم تمنع المشاغبين من مواصلة نشاطاتهم، بل شكلت حاجزاً أمام السكان الذين حاولوا الخروج من بيوتهم والدفاع عن أنفسهم.

“معظم الناس في هذه المنطقة لا ينوون النوم هنا في الفترة القريبة القادمة”، قال رئيس المجلس، وأكد مثل كثيرين من سكان القرية، على أنه يعتبر الحكومة الإسرائيلية هي المسؤولة عن هذه الأعمال. أحد جيران عبير ومحمد، قرر ترك بيته الموجود عند مدخل القرية، والانتقال إلى داخل القرية.

خلافاً لقرية دوما، فإن أعمال الشغب في قرية المغيّر المجاورة بدأت يوم الجمعة، حتى قبل العثور على جثة الفتى. وحتى إن أحد سكان القرية قتل جراء إطلاق النار عليه من قبل مستوطن، حسب أقوال رئيس المجلس أمين أبو عليا. في البداية، تحمل الجيش المسؤولية عن إطلاق النار، لكن فيما بعد، قال مصدر في الجيش للصحيفة بأنهم يفحصون إذا كان مطلق النار جندياً أو مستوطناً. السبت، حدثت أعمال شغب بعد اقتحام مستوطنين للقرية قادمين من تلة تفصل بينها وبين البؤر الاستيطانية الواقعة في منطقة “شيلو” [مستوطنة]. وقدر مجلس المغير أن المستوطنين أحرقوا نحو 15 بيتاً في القرية والكثير من السيارات، في نهاية الأسبوع.

---------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هآرتس 16/4/2024

 

“العليا” الإسرائيلية تقرر إخلاء 35 فلسطينياً من بيوتهم في سلوان والشيخ جراح.. ومقدسيون: استغلال لإرهاب المستوطنين في الضفة

 

 

بقلم: نير حسون

 

القاضي في المحكمة العليا نوعم سولبرغ، أمر بإخلاء 15 فلسطينياً من بيوتهم في سلوان شرقي القدس لصالح المستوطنين. المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، كان يمكن أن تقدم رأياً فيما يتعلق بهذا الملف، لكنها تأخرت، وفي النهاية قرر سولبرغ عدم الانتظار وأصدر حكماً لصالح المستوطنين. أمر سولبرغ أبناء عائلة شحادة بإخلاء المبنى الذي تعيش فيه ثلاث عائلات حتى الأول من حزيران، ودفع مبلغ 5 آلاف شيكل كأتعاب لمحامي المستوطنين. إضافة إلى ذلك، أمرت محكمة الصلح في القدس بإخلاء عائلة فلسطينية من حي الشيخ جراح. في الحالتين تم الإخلاء بناء على طلب من نشطاء يمينيين استناداً إلى أن هذه العقارات كانت بملكية اليهود في شرقي القدس قبل العام 1948. القانون يسمح لليهود فقط بالمطالبة باستعادة ممتلكات كانت بملكيتهم قبل 1948. وحسب التقديرات، فإن حوالي ثلث العقارات في غربي القدس كانت بملكية الفلسطينيين قبل حرب التحرير. ولكن هذه العقارات تم نقلها إلى يد الدولة وأيد خاصة استناداً إلى قانون “أملاك الغائبين”. ولا يسمح للفلسطينيين المطالبة باستعادتها.

عائلة شحادة اشترت البيت في حي بطن الهوى في سلوان في العام 1967 وتعيش فيه منذ ذلك الحين. في العام 2001 نجح أعضاء جمعية “عطيرت كوهنيم” في أن يصبحوا أمناء على الوقف التاريخي الذي شكله نشطاء الاستيطان اليهودي في القدس في ذلك الوقت. في 1899 سجل الوقف قسيمة أرض في سلوان باسمه لتوطين مهاجرين يهود من اليمن، الذين تم إخلاؤهم من الحي في العام 1938 بمبادرة من البريطانيين بسبب الوضع الأمني. ومنذ أن سيطرت الجمعية على هذا الوقف وهي تعمل على إخلاء العائلات الفلسطينية التي تعيش هناك. حتى الآن، تم تقديم عشرات دعاوى الإخلاء ضد مئات الفلسطينيين الذين يعيشون في الحي، وتم إخلاء بعض العائلات، ودخل مكانها مستوطنون يهود.

في العام 2018 رفضت القاضية في المحكمة العليا، دفنة براك إيرز، التماساً قدمه 104 فلسطينيين من سكان الحي ضد إخلائهم. ورغم الرفض، وافقت براك ايرز على ادعائهم بأن دعاوى الإخلاء تطرح مسائل قانونية صعبة تتعلق بالمكانة القانونية للأرض حسب القانون العثماني، وبشأن انتقال الأرض إلى جمعية “عطيرت كوهنيم”. في كانون الأول 2022 طلب قاضي المحكمة العليا عوزي فوغلمان، من المستشارة القانونية للحكومة أن تقدم رأياً قانونياً في مسألة “تصنيف الأراضي وتأثيره على حقوق الوقف”. واستمراراً لقرار فوغلمان، فقد قرر سولبرغ قبل عشرة أشهر بأنه يجب انتظار رأي المستشارة القانونية.

وفي كانون الثاني، حكم سولبرغ بوجوب الانتظار، لكنه حذر من أنه لن ينتظر وقتاً طويلاً. “في حالة حدوث أي تأخير آخر في تقديم رأي المستشارة القانونية، عندها، مع وقت طويل انقضى أخذناه في الحسبان، وعندما تكون المصالح المتضاربة على المحك، قد يشترط القانون اتخاذ قرار الحكم دون انتظار تقديم الرأي”. ونشر سولبرغ أيضاً في الخميس الماضي قرار الحكم الذي جاء فيه بأنه لا حاجة إلى انتظار أكثر لرأي المستشارة القانونية. ثم وافق سولبرغ على رواية المستوطنين وصادق على نشاطات القيم العام الذي قام بنقل الأرض لجمعية “عطيرت كوهنيم” ورفض عدداً من الادعاءات التي قدمها المحامي يزيد قعوار، ممثل عائلة شحادة.

قال المحامي قعوار إن قوانين الأراضي العثمانية لم تمكن من وقف عقارات على الإطلاق، بل وقف الأرض فقط. ولأن العقارات تم هدمها، فقد ألغي الوقف عليها أيضاً. “إزاء النتيجة التي توصلت إليها، التي تستند إلى التحديدات الواقعية للمحكمة الابتدائية، مثلما هو مفصل أدناه، لا أعتقد أنه من الضروري الاستمرار في الانتظار إلى حين تسلم رأي المستشارة القانونية للحكومة”، كتب سولبرغ، وأضاف: “أشير أيضاً إلى أنه بعد فحص الأمر، يبدو أنه لا حاجة لمثل هذا الإجراء، توسيع الإطار القانوني والخوض في أمور قانونية غير مطلوبة من أجل اتخاذ القرار”.

وجاء من المتحدث بلسان وزارة العدل: “المستشارة القانونية لم تكن طرفاً في الإجراء الذي اتخذ فيه القرار، ولم يطلب منها في الأصل تقديم أي موقف في هذه المحاكمة. في إطار إجراء آخر، طلب من المستشارة القانونية للحكومة في قرار في 27/12/2022 أن تفحص حضورها. في شباط، أعطي في الإجراء الآخر أمر لتأجيل تنفيذ إخلاء من يضعون اليد على العقار. واستمراراً لذلك، تم تقديم عدد من طلبات حول إمكانية حضور المستشارة القانوني للحكومة لهذه المحاكمة، وذلك بموافقة ممثل من يضعون يدهم على العقار. ووفقاً لقرار المحكمة العليا في 3/4/2024 يجب على المستشارة القانونية للحكومة أن تقدم رأيها في الإجراء الآخر حتى 30/5/2024، بعد أن تقدم لها توصية مناسبة حول الأمر من قبل جميع الجهات ذات الصلة في الدولة كما هو سائد”.

في قرار حكم آخر اتخذ أمس، قرر قاضي محكمة الصلح في القدس دانييل مردخاي دامبتس، أنه على 20 شخصاً من أبناء عائلة صالح، الذين يعيشون في الشيخ جراح منذ عشرات السنين، إخلاء بيتهم حتى 17 تموز لصالح المستوطنين، ودفع مبلغ 80 ألف شيكل لشركة “نحلات شمعون”، وهي شركة مسجلة في الخارج ويسيطر عليها نشطاء اليمين.

تسلسل الأحداث في الشيخ جراح يشبه ما يحدث في سلوان. وفي هذه الحالة، يدور الحديث عن قطعة أرض كانت بملكية اليهود قبل 1948. نشطاء من اليمين قاموا بشرائها من لجان الطائفة الأشكنازية والسفاردية التي كانت مسجلة كصاحبة لها، وتعمل على إخلاء العائلات. حتى اليوم، تم عقد عشرات الجلسات حول هذا الأمر، وأصبح رمزاً وطنياً فلسطينياً وأثار أيضاً اهتماماً عالمياً. حتى اندلاع الحرب الحالية، جرت هناك في كل أسبوع مظاهرات ضد إخلاء العائلات.

قبل سنتين، حكم ثلاثة قضاة في المحكمة العليا بأن أربع عائلات في الحي يمكنها البقاء في بيوتها إلى حين استيضاح كامل حول مسألة الملكية على الأرض لدى المسؤول عن تسوية الأراضي في وزارة العدل. ومنذ فترة غير بعيدة، تمت مناقشة قضية ثلاث عائلات أخرى في المحكمة العليا، ولكن لم يتم حتى الآن اتخاذ أي قرار. في هذه الأثناء، تستمر شركة “نحلات شمعون” في الإجراءات القانونية ضد عائلات أخرى. في حالة عائلة ذياب التي تمت مناقشتها أمس، وافق القاضي دامبتس على جميع ادعاءات المستوطنين بخصوص الملكية، واستند في ذلك إلى تصريحات مشفوعة بالقسم، قدمها أبناء الحاخامات الأوائل في القدس للمحكمة الشرعية في العام 1886. وقرر القاضي أيضاً أن “نحلات شمعون” مخولة بالمطالبة بمبالغ أخرى من أبناء العائلة مقابل استخدام العقار.

والد العائلة، صالح ذياب، وهو ناشط معروف في الحي ومن قادة المظاهرات ضد المستوطنين، ربط بين هجمات المستوطنين في الضفة في الفترة الأخيرة وبين قرار الحكم. “هذا وقتهم، يفعلون ما يريدون، يقتلون ويحرقون، سنعيد المظاهرات وسنحارب ضد ذلك”، قال. المحامي سامي ارشيد، ممثل عائلة ذياب، والمحامي صالح أبو حسين، قال: “قرار الحكم خاطئ ولا أساس واقعياً وقانونياً له. وهو يناقض قرار الحكم الذي يلزم المحكمة العليا الصادر بشأن أربع عائلات أخرى في المنشأة نفسها في 2022. والأخطر أن قرار الحكم صدر عن محكمة رفضت سماع الشهود والتأثر من الأدلة بنفسها، وقررت إخلاء عائلة ممتدة من بيتها في الشيخ جراح. هذا قرار حكم شاذ وسنستأنف ضده في المحكمة المركزية وسنحارب من أجل إلغائه”.

---------------------------------------------

 

هآرتس 16/4/2024

 

 

“مجلس حرب” في حالة انعقاد دائم وإحاطة أمنية للمعارضة.. قيادة إسرائيل: “رغم ذلك”.. ردنا حتمي

 

 

بقلم: عاموس هرئيل

 

بعد إحباط هجوم الصواريخ والمسيرات الإيراني، يبدو أن إسرائيل تخطط للرد. رئيس الحكومة، نتنياهو، عقد أمس عدة لقاءات مستعجلة وكثيفة حول مسألة رد إسرائيل على العملية الإيرانية الاستثنائية. ورغم أنه تم إرسال أكثر من 350 صاروخاً ومسيرة نحو أراضي إسرائيل، فقد انتهى هذا الهجوم بفشل ذريع – أربع إصابات سطحية لصواريخ، وإصابة طفلة في النقب. تؤكد القيادة الإسرائيلية على هذه السابقة الخطيرة وتشعر بوجوب أن توضح لنظام طهران الثمن الذي ينطوي على ذلك.

سيعقد نتنياهو مجلس الحرب للمرة الثانية خلال 24 ساعة لمناقشة الرد المطلوب. وأعلن مكتبه بأن رئيس الحكومة استدعى عدداً من رؤساء المعارضة لتقديم إحاطة أمنية استثنائية لهم. يجب ألا نتجاهل الاعتبارات السياسية المقرونة باتخاذ القرارات. نتنياهو يواجه تحدياً من اليمين، من قبل رؤساء القوائم المتطرفة في الحكومة، بن غفير وسموتريتش، اللذين يطلبان علناً انتقاماً مدوياً من إيران.

الولايات المتحدة، التي كانت لمساعدتها لإسرائيل دور أساسي في إحباط الهجوم، تريد منها الآن الامتناع عن الرد. قال الرئيس الأمريكي ذلك في محادثة هاتفية مع نتنياهو صباح أول أمس، وتكررت الرسائل منذ ذلك الحين في عدة قنوات مع جهات رفيعة في الإدارة الأمريكية. والدول الأوروبية التي ساعدت في حماية إسرائيل، من بينها بريطانيا وفرنسا، أرسلت أيضاً رسائل مشابهة. أوضحت الولايات المتحدة لإسرائيل بأنها لن تشاركها في أي عملية هجومية ضد إيران.

مع ذلك، حسب وسائل الإعلام الأمريكية، لا يحاول بايدن منع عملية إسرائيلية. جزء من التحفظ الأمريكي الذي تم التعبير عنه في المحادثة مع الرئيس ونتنياهو، نبع من تخوف الولايات المتحدة من أن يتم تشخيصها مع الهجوم الإسرائيلي، بعد بضع ساعات على قيام طيارين من الدولتين بإسقاط مسيرات وصواريخ مجنحة إيرانية معاً.

رغم تسرب الخلافات بشأن آراء المجلسين الوزاريين، المرتبطة أيضاً بعدم ثقة بين نتنياهو وشركائه في حكومة الطوارئ، الوزير غانتس والوزير آيزنكوت، فإن إجماع القيادة العليا يتجاوز المعسكرات السياسية، بل ويشمل رؤساء جهاز الأمن. قال رئيس الأركان هرتسي هليفي أمس أثناء زيارته في قاعدة “نيفاتيم” إن إسرائيل سترد على إطلاق النار على أراضيها. الاعتقاد أن الرد بات مطلوباً، حتى لو بدا بذل محاولة لاختيار عملية محسوبة، ترسل لإيران رسالة بدون أن تدهور منطقة الشرق الأوسط إلى حرب إقليمية.

مع ذلك، يجب التذكر بأن الاستخبارات الإسرائيلية أخطأت عندما قللت من تقدير الخطر قبل اغتيال الجنرال حسن مهداوي في 1 نيسان، وهو الحادث الذي بدأ جولة التوتر الحالية. الخطر الأكبر بهذا الشأن يكمن في حزب الله. إيران بنت حزب الله، التنظيم وترسانة السلاح كردع ورد على إمكانية هجوم إسرائيلي ضد منشآتها النووية. الآن يمكن أن تستخدمه أيضاً في الرد على أي هجوم محتمل، وتزيد خطر اندلاع الحرب.

حزب الله غير متحمس حتى الآن للانضمام لجهود إيران. فعلى الفور، بعد اغتيال مهداوي أوضح رئيس الحزب، حسن نصر الله، بأن الثأر شأن إيراني؛ لأن كرامة طهران هي التي مسّت. شارك حزب الله في إطلاق النار بشكل رمزي. ورغم ذلك، في حالة حدوث أي تدهور آخر ستضغط إيران على حسن نصر الله للانضمام للحرب.

 

من وراء الكواليس

 

قدر بعض المراقبين الغربيين مؤخراً أنه كان هناك تدخل غير مباشر لدولة أخرى، روسيا، من وراء كواليس هجوم إيران الواسع. وحسب قولهم، عبّر الهجوم عن محاولة نظام طهران وقف هجمات “المعركة بين حربين” الإسرائيلية ضد رجاله في سوريا. أراد الإيرانيون وضع حد بهذا لمنحى زيادة عمليات الاغتيال والتفجيرات من قبل إسرائيل، وهو المنحى الذي كان رداً على المساعدة الإيرانية الواسعة لحزب الله والتنظيمات الفلسطينية.

لكن حسب هذا التحليل، كانت لروسيا مصلحة خفية، في إطار حلف استراتيجي يتعزز مع إيران. هجوم إيران الواسع استهدف في نظر موسكو أيضاً توجيه الاهتمام الدولي إلى منطقة الشرق الأوسط، إبقاءه لفترة طويلة، لتمكين روسيا من مواصلة حربها في أوكرانيا، حيث حققت نجاحاً في المعارك شرقي أوكرانيا. ارتفاع التوتر في الشرق الأوسط يحتاج أيضاً إلى توجيه موارد ووسائل قتالية على حساب إنتاج السلاح والمساعدات الأمنية التي يوفرها الغرب لأوكرانيا، التي تساعدها في تعزيز مكانتها أمام غزو روسيا منذ سنتين تقريباً. أي أزمة طويلة في الشرق الأوسط سترفع أسعار النفط وستخدم تصدير النفط الروسي.

النتيجة الأهم للأزمة إذا ما استمرت، قد تكون خسارة بايدن في الانتخابات في تشرين الثاني القادم، وهو أحد الأهداف الاستراتيجية الحاسمة لنظام لبوتين. نظام روسيا يأمل عودة ترامب، الذي لم يخف إعجابه بالرئيس بوتين، وأمامه الكثير ليفعله. لكن فشل إيران قد يصبح فشلاً لروسيا. وهناك إشارات أولية على أن الحزب الجمهوري الأمريكي يرفع المعارضة على شرعنة المساعدات الحيوية التي قد تضمن بأن ترسل الإدارة الأمريكية عشرات مليارات الدولارات كمساعدات أمنية لثلاث دول يتم تهديدها، أوكرانيا وإسرائيل وتايوان.

منذ المذبحة في الغلاف في 7 أكتوبر، أدار الحزب الجمهوري بتشجيع من ترامب، حرب تمديد استهدفت تأخير المصادقة القانونية. لكن الآن قد تساعد خطورة التهديد على إسرائيل بايدن في إثبات الحاجة الملحة لإرسال السلاح. تمكنت إسرائيل منذ فترة طويلة من أن تثبت نفسها في المعسكر الديمقراطي إلى جانب الدول الأخرى التي تمت مهاجمتها، وأن تحصل على فرصة أخرى للحصول على بطاقة العضوية في النادي. لذا لم يكن سيضرها لو أوقفت التملص وعرضت دعماً علنياً لأوكرانيا في الوقت الذي تعقد فيه روسيا علناً تحالفاً مع إيران.

 

نافذة ضيقة جداً

 

تعتبر الإدارة الأمريكية أحداث الفترة الأخيرة فتح نافذة وقت ضيقة كي تحاول تنفيذ خطط واسعة مرة أخرى. إحباط هجوم إيران لا يعتبر إنجازاً تاريخياً بالمنظار العملياتي والتكنولوجي، بل يعكس تنسيقاً وثيقاً غير مسبوق بين إسرائيل وبعض الدول العربية المعتدلة في المنطقة، كما نشر، تحت المظلة الأمريكية. يبدو أن ثمة نقطة انطلاق لحلم متفائل أكثر: خلق تحالف حقيقي بين هذه الدول كوزن مضاد لعدوان إيران.

تلاحظ هيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي وجود فرصة أيضاً، ولكن تصعب رؤية كيف ستتحقق عندما تضطر السعودية لإدخال مكون فلسطيني في الواقع الإقليمي الجديد على شكل موطئ قدم لحركة فتح والسلطة الفلسطينية المستقبلية في الحكومة المستقبلية في قطاع غزة إذا تم إخراج حماس من هناك. نتنياهو غير مستعد لتوفير ذلك في الوقت الحالي تحت أي ظرف. المبرر أيديولوجي، لكنه سياسي أيضاً وينبع من تخوفه من بن غفير وسموتريتش.

للمرة الأولى منذ نصف سنة تقريباً، يزاح الوضع في القطاع من العناوين العالمية إزاء تبادل اللكمات بين إسرائيل وإيران. هذا وقت إيران، على الأقل حتى تتضح مسألة كيف ومتى سترد إسرائيل على الهجوم الذي تعرضت له. الانشغال برد إسرائيل دفع همّش النقاش حول العملية المحتملة للجيش الإسرائيلي في رفح.

في الوقت نفسه، أبعد النقاش حول وضع الـ 133 المحتجزين لدى حماس. وأمس، تم نشر رد حماس على اقتراح الوسطاء، الذي طرحت فيه حماس طلبات جديدة أكثر تشدداً. الجمود في المحادثات سيحتاج إلى انشغال إسرائيلي جديد في محاولة للبحث عن مسارات بديلة.

في الواقع، ربما يكون ذلك فرصة. الصفقة العالقة شملت إطلاق سراح المخطوفين على دفعتين، مع وقف إطلاق نار يستمر حسب الظروف. ربما حان وقت مناقشة صفقة شاملة على دفعة واحدة، مقرونة بتقديم تنازلات، مؤقتة على الأقل، عن الأحلام العبثية بالنصر المطلق. ولكن إذا أصبحت إيران وحزب الله بؤرة الحرب، فمن الجدير تجريب الجهد الأخير لإنقاذ المخطوفين قبل اختفائهم إلى الأبد في أنفاق غزة.

---------------------------------------------

هآرتس 16/4/2024

 

آيزنكوت: العدو الأضعف في الشرق الأوسط ألحق بنا الضرر الأشد

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

في اليوم التالي للهجوم الإيراني وصد الجيش والحلفاء الإقليميين الناجح له، لا يزال 133 مخطوفاً يذوون في أسر حماس. ليس صدفة أن اعترف الوزير غادي آيزنكوت أمس في مؤتمر المعهد الديمقراطي بأن “العدو الأضعف في الشرق الأوسط ألحق بها الضرر الأشد”. وقد أثنى على قدرات الجيش في وجه الهجوم الإيراني، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يكاد لا ينجح في الوصول إلى الأماكن التي يحتجز فيها الـ 133 مخطوفاً “الذين هم على مسافة ساعة وعشر دقائق من هنا”.

وبالفعل، حيال “العدو الأضعف”، إسرائيل نتنياهو ترفض الاستماع لأصدقائها في العالم وتجد نفسها منعزلة أكثر، بينما تبتعد عن صفقة تضمن عودة المخطوفين. هذا الرفض لا يمكن فهمه من خارج سياق رفض إسرائيل البحث في “اليوم التالي”، وأساساً السياق الشامل لحل المشكلة الفلسطينية.

ترسخ تحت سنوات حكم نتنياهو الطويلة فكره السياسي الذي قلب الهرم رأساً على عقب، وعلى رأسه الافتراض بأن الطريق إلى السلام في الشرق الأوسط يمر قبل كل شيء بحل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. لقد دحر نتنياهو حل النزاع مع الفلسطينيين إلى نهاية الطابور، وحرص على ذلك من خلال تخريب مقصود لأي إمكانية في إقامة دولة فلسطينية، وذلك من خلال تنمية حماس وإضعاف السلطة الفلسطينية. كما أن هرم التهديدات توافق بما يتناسب مع ذلك: بقدر ما كان التهديد بعيداً كان أكثر تهديداً واهتماماً. إسرائيل نتنياهو استخفت بتهديد حماس، وهو المفهوم الذي تحطم إلى شظايا قبل نصف سنة.

محظور السماح للمتطرفين الذين في الحكم أن يترجموا الإنجاز حيال إيران إلى وهم كاذب، لإسرائيل بموجبه قدرة وإسناد دولي لتعميق الحرب في غزة. الدرس الذي يجب على إسرائيل أن تستخلصه من ليل الهجوم الإيراني يتلخص بالحاجة للعمل بتنسيق مع حلفائها، وعلى رأسهم الرئيس بايدن. وحذار على إسرائيل أن تهاجم إيران بخلاف الموقف الأمريكي، وحذار أيضاً أن تهاجم رفح وتفقد الزخم الذي نشأ عقب الهجوم الإيراني. عليها استخدام النصر الموضعي على إيران والدفع قدماً الآن وبكل التصميم، بصفقة لتحرير المخطوفين وإنهاء الحرب في غزة. لذا، عليها أن ترحب بالبحث في “اليوم التالي” مع حلفائها في الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط، وتحت رعايتهم.

بإجرامها وعدوانها غير المسبوقين، نجحت هجمة حماس في 7 أكتوبر في إعادة المشكلة الفلسطينية إلى رأس جدول الأعمال القومي والعالمي. محظور أن ينزاح الاهتمام القومي مرة أخرى عن النزاع المحلي، ومحظور ترك المخطوفين يندحرون إلى نهاية الطابور إلى جانب الفلسطينيين.

---------------------------------------------

يديعوت أحرونوت 16/4/2024

 

“أخبر أصدقاءك.. سنبيدكم”: لماذا أصبح لزاماً على إسرائيل “العد إلى المئة” قبل ضرب إيران؟

 

 

بقلم: رون بن يشاي

 

حين نقدر رداً إسرائيلياً على إيران نأمل من “كابنيت الحرب” أو من الحكومة أن يكون للرد إنجاز يبرر الأثمان التي سندفعها على المستوى الدولي حيال الولايات المتحدة والتحالف الغربي والإقليمي الذي دشن لتوه بناره الأولى وبالمقدرات الأمنية والنفسية التي سيطالبوننا بها.

ضربة النار الإيرانية التي استهدفت إلحاق ضرر استراتيجي بقدرة الجيش الإسرائيلي الجوية والاستخبارية، تشهد على أن نظام آية الله مقتنع بأن إسرائيل ضعفت عسكرياً ومدنياً، وإيران تعززت عسكرياً بقدر يجعلها قادرة على دخول مواجهة مباشرة من أراضيها مع إسرائيل. هذا هو معنى خرق ميزان الردع بين إيران وإسرائيل في الوقت الحالي، وجدير بالذكر في هذا الشأن أن نظام آية الله وإن كان متزمتاً – إسلاموياً في جوهره، لكنه عقلاني جداً ومتفكر في اعتباراته. وعليه، فإن إسرائيل ملزمة بترميم الردع الذي فقدته لتثبت لخامنئي ورجاله بأنهم مخطئون.

إن الفشل المدوي للهجوم الإيراني ساهم في هذا الاتجاه، لكنه ليس كافياً؛ فإسرائيل ملزمة أن تثبت في وعي قادة النظام الإيراني بأن المس بها سواء منها أومن وكلائها سيكلف ثمناً باهظاً من طهران. وعليه، يجدر بنا ألا نتسرع. كي يكون ممكناً مفاجأة آية الله. كما أنه لن يضر أن يتعرقوا ويكونوا في حالة قلق ويقف المواطنون بطوابير طويلة أمام محطات الوقود ويسألوا أنفسهم إذا كانت المساعدة للفلسطينيين تبرر معاناتهم.

وثمة سبب آخر لعدم التسرع، وهو اختيار الهدف. فإسرائيل لا تريد أن تتسبب بحرب إقليمية. إدارة بايدن، وزعماء دول أوروبا والدول التي لنا علاقات معها في المنطقة يطالبوننا بعدم الرد. وإذا رددنا، فعلى نحو لا يجرهم إلى حرب مع إيران ووكلائها. إن التحالف الذي نشأ وتكون بسبب الضربة الإيرانية يعد ذخراً، ولإسرائيل مصلحة استراتيجية أولى في سموها، لذا علينا أن نراعي ما يقوله بايدن ورجاله، بل وما هو مطلوب كي يتعزز التحالف الذي وقف إلى جانبنا في تلك الليلة.

الهدف الذي تختاره إسرائيل للرد وطريقة العمل يجب أن يحافظ فيهما على دعم التحالف الإقليمي والغربي بقيادة الولايات المتحدة، ويسمحا لإسرائيل بمواصلة إدارة المعارك في غزة والشمال وأساساً إعادة المخطوفين، بدون تأخيرات زائدة.

هناك أربع إمكانيات: الأولى “ضربة موضعية”، بمعنى قصف منشآت إيرانية استراتيجية. في إيران عشرات المشاريع ومراكز بحوث كهذه في المدن الكبرى، أي ضربة قوية قد يكون لها أثر مرغوب فيه، لكن قد يلحق ضرراً جانبياً وقتلاً للمدنيين يحول العطف والدعم السياسي الذي تتمتع به إسرائيل الآن من واشنطن وحلفائها إلى عداء؛ لأن ذلك قد يشعل حرباً إقليمية.

وثمة قناة عمل أخرى، وهي من خلال السايبر، بإلحاق شلل واسع لبنى تحتية للمواصلات والطيران والكهرباء وضربة جزئية لإمكانية إنتاج الطاقة، كل هذه هي في متناول يد السايبر الإسرائيلي الهجومي.

القناتان الثالثة والرابعة سريتان، وإذا ما نفذت عملية من خلالهما فسيكون الموساد المسؤول عنهما، مع أو بدون أخذ المسؤولية وأساساً تصفية مسؤولين كبار في إيران، كانوا مشاركين في إصدار الأوامر وتنفيذ الهجوم على إسرائيل.

على أي حال، أسرة الاستخبارات وأساساً الموساد، يعرفون جيداً نقاط ضعف إيران، وهي كثيرة، لكن ينبغي الحذر من إصابة نقاط الضعف تلك التي قد تدفع إيران لإشعال حرب إقليمية. بمعنى أن الضربة يجب أن تؤلم وتنزع قدرات من إيران، دون أن تشعل حرباً واسعة. وهناك إنجاز آخر ينبغي أن يكون، وهو تهديد بأن ضربة الرد الإسرائيلية تشكل تهديداً على بقاء النظام ومكانته.

عندما انتهيت من كتابة هذا المقال، تلقيت مكالمة من رقم مجهول. عندما استجبت، سمعت صوتاً بدا مشوهاً وبلكنة عربية، قال: “اسمعني جيداً، إذا قمتم بعمل غبي، سنبيدكم. اسمعني جيداً سنبيدكم”. وأضاف: “قل لأصدقائك لا ترتكبوا حماقة”. وهذا دليل على سبب آخر: لماذا نحن غير ملزمين بالتسرع في الهجوم. فلنترك الإيرانيين يتعرقون.

---------------------------------------------

 

 

معاريف 16/4/2024

 

قبل الرد.. يجب ألا ننسى الحلفاء

 

 

بقلم: ميشكا بن - دافيد

 

الهجوم الإيراني هو جزء من الرؤية لإبادة دولة إسرائيل، وفي إطارها تطور إيران قدرات إطلاق الصواريخ وقدرة نووية، وتستخدم منظمات وكيلة – بما في ذلك في الحرب الحالية التي كان يفترض أن تكون بداية تحقيق الرؤية. غير أن المعركة العسكرية لا تتقدم حسب المخططات الإيرانية وكان هجوم الصواريخ والمسيرات محاولة لتغيير وجه الأمور، قبل لحظة من انهيار حماس وتوجه الجيش الإسرائيلي ضد حزب الله.

في نصف السنة التي انقضت منذ هجوم حماس، صفي معظم مقاتليها، دمرت غزة، ومن شأن الدخول إلى رفح أن يقضي على قدرتها العسكرية. حزب الله لا يخرج عن حرب الاستنزاف على طول الحدود، والتي نتائجها غير حاسمة. مراحل انهاء الحرب في غزة من شأنها أن تكون مراحل بدء الهجوم الإسرائيلي في الشمال، المشاهد من غزة تصدح جيدا في لبنان – واللبنانيون معنيون بالامتناع عن ذلك. هجمات الوكلاء من حدود سورية، العراق واليمن الحقت بإسرائيل ضررا ثانويا فقط وايقظت إقامة تحالف دولي ضدهم. إيران فتشت عن طريق للخروج من الوضع فشكلت تصفية ضباط الحرس الثوري في المبنى التابع للقنصلية في دمشق ذريعة مناسبة. ينصب همهم الآن على تغيير وجه المعركة الجارية، والظروف الدولية أيضا تبدو لهم مناسبة: الازمة في علاقات إسرائيل والولايات المتحدة، والأصوات التي تسمع في أميركا وفي أوروبا وتدعو إلى وقف التسليح والدعم لإسرائيل، تبدو لهم كالزمن المناسب لترجيح الكفة في الحرب من خلال توجيه ضربة شديدة لإسرائيل.

إسرائيل لا يمكنها أن تستجيب للطلب الأميركي بعدم الرد، إذا كانت لا تريد أن توقظ بذلك كل اعدائها للارتباط ضدها فانها لا يمكنها أن تخطط الرد وفقا للنتائج الطفيفة للهجوم، بل وفقا للنتائج التي كان يمكن ان تكون له: تدمير مركز لمنشأة إستراتيجية، في كل محاولة للقضاء معنويا على دولة إسرائيل، وتأثير حاسم على المعركة الجارية هنا. وبناء على ذلك وعلى مدى الهجوم ينبغي أن تكون شدة الرد.

حتى لو كانت هجمة سايبر أو أمثالها ناجعة، فلا ينبغي الاكتفاء بها.

رغم أن نجاعة الهجوم الإيراني تبينت محدودة، لا ينبغي ان ننسى بان النتيجة نبعت أيضا من الاعتراضات التي قام بها الأميركيون وباقي دول التحالف، وعلى إسرائيل أن تتأكد من أنه حتى بدون دعمهم للهجوم على إيران، فانهم سيقفون إلى جانبها ضد الرد الإيراني المحتمل. أجر الأميركيين سيكون شل عضو كفاحي في "محور الشر" واضعافه.

موعد هجوم الرد الإسرائيلي يجب أن يأخذ بالحسبان إمكانية تدخل مكثف من حزب الله – وعليه فيجب الوصول قبل ذلك إلى حسم في غزة. فتدخل متزايد من حزب الله سيشكل فرصة لضربة وابعاده عن حدودنا. مع إيران، حماس وحزب الله ضعفاء، ستنشأ إمكانية لتغيير وجه الشرق الأوسط وفقا للرؤيا الأميركية. لكن لهذا الغرض على دولة إسرائيل أن تنخرط في الرؤيا الأميركية وتبدي استعدادا مبدئيا ومشروعا لدولة فلسطينية مستقبلية مجردة من السلاح ومحبة للسلام، مقابل سلام مع السعودية ودول أخرى.

هذه هي الصورة التي ينبغي أن تكون أمام الكابينت عندما يقرر الرد الإسرائيلي، والأمر يتطلب تغييرا في تركيبة الحكومة.

---------------------------------------------

 

 

هآرتس 16/4/2024

 

مصالح إيران تستوجب تخفيض التوتر

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، التقى أمس مع الرئيس الأميركي جو بايدن. ولكن إذا كان يعتقد أن أساس اللقاء سيتناول ترتيب الانسحاب الأميركي من العراق فإن هجوم إيران على إسرائيل وفر لهما مادة جديدة للنقاش. حسب تقارير في وسائل الأعلام العربية فإن العراق، الذي أبلغته إيران مسبقا عن نية الهجوم، أوضح لها بأنه يعارض اختراق مجاله الجوي وسيعتبره خرقا لسيادته. وكما هو متوقع فإن إيران، التي تعتبر العراق (مثلما في سورية) جزء من ساحة اللعب الخاصة لها في الشرق الاوسط، لم تتأثر حقا.

لا يوجد أي شك بأن قضية العراق شغلت متخذي القرارات في إيران، الذين انتظروا أسبوعين تقريبا قبل بدء الهجوم. أيضا الردود المتوقعة من بعض الدول العربية، لا سيما دول الخليج التي علاقاتها حظيت بالتحسن مع إيران، كانت جزءا من منظومة اعتبارات إيران، بدرجة لا تقل عن الخوف من الرد الإسرائيلي والأميركي المحتمل.

 قائد قوة القدس إسماعيل قاآني مثلا جاء إلى بغداد في شهر شباط كي يعطي الأوامر للمليشيات الشيعية الموالية لإيران من أجل تجميد هجماتها على الأهداف الأميركية بعد أن ضربت في نهاية كانون الثاني قاعدة أميركية. الولايات المتحدة ردت على ذلك بقصف قواعد لمليشيا حزب الله العراق، وفي نفس الوقت أرسلت رسالة شديدة لإيران، وصلت إلى درجة التهديد بالمس بأهداف في داخل إيران. في طهران أدركوا أن قواعد المواجهة مع الولايات المتحدة يمكن أن تتغير، والرد كان وفقا ذلك. بعد مهاجمة لأشهر كثيرة قواعد أميركية في الشرق الأوسط بالصواريخ والمسيرات أكثر من 180 مرة، فإنه منذ 4 شباط الماضي لم تتم هناك مهاجمة أي هدف أميركي.

إيران والمليشيات في العراق أوضحت ضبط النفس بأنها لا تريد المس بالمفاوضات التي تجري بين بغداد وواشنطن بصورة يمكن أن تؤخر انسحاب الـ 2000 جندي أميركي من العراق. وسواء كانت قضية الانسحاب الأميركي هي السبب الأساسي لوقف إطلاق النار، أو أن السبب هو التهديد الأميركي هو الذي أقنع إيران، فإن هجوم إيران حطم الادعاء الرسمي والعلني الذي يقول إن إيران لا تملي على مبعوثيها كيفية العمل، وأن كل ذراع من أذرعها في الخارج، في اليمن والعراق ولبنان، يعمل بشكل مستقل حسب الظروف والفرص التي تسنح له في كل دولة من هذه الدول.

 حتى الآن من غير الواضح كيف سيؤثر هجوم إيران على قرارات الولايات المتحدة والعراق حول قضية الانسحاب الأميركي، حيث إن الأمر يتعلق أيضا بقرار سياسي عراقي داخلي. ولكن عندما تطمح الولايات المتحدة إلى إقامة تحالف عسكري كنوع من حلف الناتو في الشرق الأوسط، فربما أن العراق سيخرج عن موقفه المحايد وسينضم إلى هذا التحالف إذا تم تشكيله.

إذا نجح الرئيس الأميركي في إقناع السوداني بالانضمام إلى دول الخليج الأخرى الموالية لأميركا فإن هذا يمكن أن يكون ضربة إستراتيجية شديدة للنظام في إيران. من هنا تأتي حاجة إيران إلى العودة في الوقت القريب إلى إستراتيجية "التشغيل عن بعد" لوكلائها، التي وفرت لها حتى الهجوم الأخير الحصانة من المس المباشر، ومن هنا تأتي رغبتها في أن تزيل عنها صورة التهديد الإقليمي.

 من أجل ذلك فإن إيران تعمل على إقناع بالأساس الدول الجارة العربية بأن الأمر يتعلق ليس فقط بحدث لمرة واحدة، والذي استمراره يرتبط الآن بإسرائيل، بل بالأساس بعملية شرعية تستند إلى حقها في الدفاع عن نفسها بعد أن قامت إسرائيل بضرب القنصلية الإيرانية في دمشق، التي تعتبر أرض سيادية إيرانية.

 إضافة إلى ذلك وزير الخارجية الإيراني قال إن دولته أبلغت مسبقا، وأوضحت بأنها ستعمل بشكل محسوب بحيث لا تجر المنطقة إلى حرب شاملة. أيضا جهات في النظام وفي الجيش وفي حرس الثورة أكدت في هذا الأسبوع في الإحاطات بأن إيران استخدمت فقط جزء صغير من منظومة الصواريخ والمسيرات لديها، وأنه تم توجيهها بشكل دقيق إلى أهداف عسكرية. وأضافت الجهات بأنه إذا عملت إسرائيل ضد إيران مرة أخرى فمن المحتمل أن تتعرض لرد أقوى بكثير.

 إيران أبلغت السعودية والإمارات وعددا من الدول الجارة الأخرى بنيتها وعن حجم العملية المتوقعة. وحسب "وول ستريت جورنال" فإن هذه الدول وافقت على إرسال معلومات حيوية عن استعداد إيران حتى قبل أن تبلغ هي نفسها. وبذلك فقد ساعدت على إعداد تنسيق للعمليات العسكرية التي أفشلت جزءا كبيرا من الهجوم. ولكن من الجدير الانتباه إلى أنه، حسب الصحيفة، كانت حاجة إلى ضغط أميركي على هؤلاء الحلفاء قبل موافقتهم على إعطاء المعلومات والانضمام للجهود الحربية، التي شملت ضمن أمور أخرى فتح مجالاتها الجوية أمام الطائرات الأميركية وربما الإسرائيلية أيضا.

 معضلة السعودية والإمارات غير سهلة. توجد للدولتين علاقات وثيقة مع إيران، وقد تبنت في السنوات الأخيرة إستراتيجية جديدة تفضل من خلالها وجود علاقات اقتصادية ودبلوماسية مع إيران بدلا من المواجهة. إضافة إلى ذلك هذه الدول، رغم علاقاتها الجديدة الرسمية وغير الرسمية مع إسرائيل.

يوجد لهاتين الدولتين تاريخ قريب من المواجهة القاسية مع إيران، وهي تقلق من أن "إستراتيجية الاحتضان" مع طهران يمكن ألا تكون كافية لمنع هجوم مشابه عليهما. في نفس الوقت إيران التي تعمل على الدفع قدما بعلاقاتها مع جيرانها وأنها وضعت تحسين علاقات الجيرة مع الدول العربية على رأس سلم أولوياتها السياسي، إلا أنها كما تبدو لم تقدر بشكل كامل تأثير الهجوم على علاقاتها الخارجية. ربما هي توقعت أن التضامن العربي المتمثل في وحدة الصف إلى جانب الفلسطينيين سيقف إلى جانبها كدولة وحيدة تجرأت على استخدام السلاح ضد إسرائيل.

 يبدو أن إيران أنشأت سورا بين دعمها لـ "محور المقاومة"، الذي هدف إلى توفير مظلة لحماس، وبين الحساب "الخاص" لها مع إسرائيل، أيضا الدول العربية رسمت حدود تضامنها. هذا لا يعني أن هذه الدول ستنضم على الفور إلى التحالف العسكري الأميركي (والإسرائيلي) المناهض لإيران، وأيضا من غير المتوقع أن تقطع علاقاتها مع إيران أو أن الأخيرة ستبادر إلى هذا القطع رغم المساعدة الكبيرة التي قدمتها هذه الدول من أجل نجاح إحباط الهجوم. الدليل على ذلك توفر الجهود الدبلوماسية لوزير الخارجية الإيراني في محادثاته في هذا الأسبوع مع نظرائه في دول الخليج، بما في ذلك وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، التي تهدف إلى التهدئة والتوضيح بأن الأمر يتعلق بعملية لا ترتبط بـ "محور المقاومة"، بل الدفاع عن سيادة إيران. وزير الخارجية الإيراني عبد اللهيان بالتأكيد ذكر لابن فرحان بأن هجوم الجمهور الإيراني على السفارة السعودية في طهران في 2016 هو الذي أدى إلى قطع العلاقات بين الدولتين والذي استمر لسبع سنوات؛ ومثلما أن السعودية لم تتمكن من المرور مر الكرام على ذلك الهجوم، فإن إيران هي أيضا كانت مضطرة للرد على هجوم إسرائيل على قنصليتها في دمشق.

هذه الجهود تدل على أن هدف إيران سيواصل كونه الحفاظ على وتطوير العلاقات مع دول المنطقة كرؤية إستراتيجية. والسؤال هو هل من أجل تطبيق ذلك الذي سيقتضي تهدئة الدول الجارة من أجل منع إقامة تحالف عسكري مناهض لإيران؟. ستقرر إخضاع سلوك مبعوثيها لمصالح إيران، وأن توقف هجمات الحوثيين وأن تدفع قدما بحل سياسي في لبنان.

---------------------------------------------

 

يديعوت أحرونوت 16/4/2024

 

 

الوهم مقابل الواقع

 

 

بقلم: ميخائيل ميلشتاين

 

إحباط الهجوم الإيراني كان إنجازا عسكريا لامعا بلا أدنى شك. لكن البحث الإسرائيلي في تداعيات الحدث يعكس خروجا دائما عن التوازن إلى جانب انعدام إستراتيجية مبلورة وقصور في التحليل العميق لمنطق اللاعبين في المنطقة – مشكلة أساسية مركزية كامنة في إخفاق 7 أكتوبر.

يتراوح الخطاب الإسرائيلي بين القطبين من عمق الانكسار في 7 أكتوبر، والذي يترافق ومأزق مضن في سياقات الحرب في غزة، صفقة المخطوفين، والاستنزاف في الشمال، بينما في الخلفية تراجع في مكانة إسرائيل الدولية – انتقل مؤخرا إلى النشوى التي في أخطارها يوجد من يتوجون إحباط الهجوم كهزيمة قاضية لطهران بل وبداية نظام إقليمي جديد.

قبل أن تتحول هذه المشاعر إلى مفاهيم ثابتة، مطلوب تحليل متوازن ونقدي. أولا، إلى جانب الإنجاز المبهر على مستوى عال وتاريخي، من المهم فحص الظلال التي ينطوي عليها الهجوم الإيراني. لقد حققت طهران هجوما غير مسبوق، أبدت جرأة متزايدة (رغم تحذير بايدن)، وشعرت بأنها غيرت المعادلة في المواجهة بين الدولتين. كما أن الحدث جسّد تعلقا إسرائيلا بالمساعدة الخارجية، وبقدر ما التآكل الذي طرأ على ردعها بعد 7 أكتوبر.

توازن ثان يتعلق بالقول إنه نشأ في أعقاب الهجوم "تحالف إقليمي جديد" يركز على عدو مشترك – إيران. حتى الآن كانت إسرائيل هي الوحيدة التي تستخدم تعبير"تحالف" لوصف التعاون الذي شاركت فيه دول غربية. يوجد في إسرائيل من يسيرون بعيدا لحد التحول الإستراتيجي الناشئ: من عزلة عميقة في ضوء الحرب في غزة إلى تأييد وشرعية دوليين واسعين في أعقاب الهجوم الإيراني، في ظل وصف ذلك انعطافة تاريخية لا بد أن ستتثبت.

رغم أن معظم دول المنطقة ترى في إيران عدوا أخطر من إسرائيل، ولا يوجد من يخاطر بالإعلان عن ذلك. معظم من في المنطقة يواصلون سياسة المصالحة مع طهران. بالنسبة لإسرائيل فهذه مطالبة بأن تفهم بأنه سيكون من الصعب عليها تكوين تحالف طالما وجدت العثرة الفلسطينية وعلى رأسها الحرب في غزة وجمود العلاقات مع السلطة.

من الضروري الفهم بأن المواجهة نشأت بعد أن فشلت إسرائيل في قراءة نوايا "الآخر"، وأن المشكلة واضحة الآن أيضا: في الإيمان الإسرائيلي بأن طهران تعيش إحساسا بالفشل، وأن الدول العربية تنجرف بحماسة وراء إقامة التحالف ضد طهران، كل هذا في الوقت الذي تتواصل فيه المواجهة في غزة.

---------------------------------------------

 

"إسرائيل" مهزومة تماماً ومرعوبة من إيران

 

مصدر مقرب من مناقشات الحكومة الإسرائيلية، حول رد إيران العسكري على العدوان على قنصليتها في دمشق يقول، إن "الملايين سيفرون من إسرائيل إذا علموا بما يحاك لجرهم إلى حرب جديدة".

 

تحت عنوان "إسرائيل مهزومة تماماً ومرعوبة من إيران"، يكتب موقع " The skwawkbox" البريطاني مقالاً يتناول فيه الوضع الإسرائيلي بعد الرد الإيراني على العداون الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق، ويعتبر أن "إسرائيل" مهزومة تماماً بعد الصفعة الإيرانية.

 

مصدر مقرب من مناقشات الحكومة الإسرائيلية، حول رد إيران العسكري على العدوان على قنصليتها في دمشق يقول، إن "الملايين سيفرون من إسرائيل إذا علموا بما يحاك لجرهم إلى حرب جديدة".

وسائل الإعلام الإسرائيلية غالباً ما تكون أكثر صدقاً بكشف ما تقوم به حكومة تل أبيب، من وسائل الإعلام الغربية "المهيمنة" حول القضايا والمواضيع عينها. في حين أن "الشاذين" في المملكة المتحدة لا يزالون يتمسكون بالكذبة القائلة بأن حركة حماس "قطعت رؤوس الأطفال" واغتصبت النساء في عملية "طوفان الأقصى"، فإن وسائل الإعلام الإسرائيلية تناقش بحرية في بعض الأحيان وتفضح بشكل متكرر الأعداد "الهائلة" للمستوطنين الذين قتلوا في ذلك اليوم على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي.

والآن، تناقش وسائل الإعلام الإسرائيلية حقائق أخرى لن تبثها المحطات التلفزيونية البريطانية ولن تشير لها الصحف بالطبع.

ونشرت صحيفة "هآرتس" اليومية الرئيسية في تل أبيب، عنواناً رئيسياً خلص إلى أن "إسرائيل" خسرت تماماً "الحرب" بسبب الإبادة الجماعية التي مارستها في غزة بحق الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء. وكتبت: "لقد خسرت إسرائيل بشدة لدرجة أنها لا يمكن أن تكون آمنة، وعاجزة عن استعادة الأسرى بالقوة أو أن تخفف من وضعها المنبوذ في العالم".

ويقول الصحفيون المقربون من مناقشات حكومة تل أبيب عن الهجوم الإيراني الواسع والمحسوب بدقة، والقدر المرعب بالشكل والمعنى للضربة الإيرانية لدرجة أنه إذا انتشر الخبر بين الإسرائيليين، فإن الملايين منهم سيتدفقون على المطار للفرار.

إن حكومة بريطانيا والمعارضة ووسائل الإعلام غير صادقة بشكل لا يمكن إصلاحه، خاصة بما يتعلق بالإبادة الجماعية الإسرائيلية وعواقبها الرهيبة على ملايين الأبرياء في غزة والضفة الغربية، ثم تتظاهر "إسرائيل" والمنظومة الغربية سوياً، بالديمقراطية والتزام بالقانون. لكن الحقيقة عكس ذلك وسوف تتسرب من إلى العلن من حيث لا يعلمون.

---------------------------------------------

 

"فورين بوليسي": الولايات المتحدة هي التي أشعلت النار في الشرق الأوسط

 

 

بقلم: ستيفن والت

 

"فورين بوليسي" تتحدّث عن المسؤولية الأميركية في إشعال الشرق الأوسط، ومشروعية الدعم الإيراني للمقاومة الفلسطينية.

أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "هارفرد"، ستيفن والت، وأحد مؤلفَي كتاب "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية" (الثاني هو عالم السياسة الأميركي جون ميرشايمر)، يحمّل في مقال في مجلة "فورين بوليسي" الولايات المتحدة الأميركية المسؤولية عن إشعال الشرق الأوسط،ووصوله إلى حاله اليوم، موضحاً أنّ الدعم الإيراني للمقاومة الفلسطينية، سواء في غزة أو الضفة الغربية، هو دعم مشروع.

 

يكشف قرار إيران الرد على العدوان الإسرائيلي على قنصليتها في دمشق، من خلال شنّ هجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ، مدى سوء إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، في التعامل مع الشرق الأوسط.

كان لرد إدارة بايدن على هجوم حماس في الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر 3 أهداف رئيسة. أولاً، سعت لإبداء دعمها الثابت لـ"إسرائيل" عبر: دعمها خطابياً، التشاور مع كبار المسؤولين الإسرائيليين بانتظام، الدفاع عنها ضدّ اتهامات الإبادة الجماعية، استخدام حق النقض ضدّ قرارات وقف إطلاق النار في مجلس الأمن الدولي، إلى جانب تزويدها بإمدادات ثابتة من الأسلحة الفتّاكة.

ثانياً، حاولت واشنطن منع تصعيد الصراع في غزة. وأخيراً، حاولت إقناع "تل أبيب" بالتصرف بضبط النفس، سواء للحد من الضرر الذي يلحق بالمدنيين الفلسطينيين، أو لتقليل الضرر الذي يلحق بصورة الولايات المتحدة وسمعتها.

لقد فشلت هذه السياسة لأنّ أهدافها كانت متناقضةً بطبيعتها. إنّ منح "إسرائيل" الدعم غير المشروط لم يمنح قادتها سوى القليل من الحافز للاستجابة لنداءات الولايات المتحدة الداعية إلى ضبط النفس، وليس من المستغرب إذاً أن تتجاهل هذه النداءات.

ولأنّ الأميركيين معتادون على سماع أنّ إيران هي "تجسيد للشر"، فقد يميل بعض القرّاء إلى إلقاء اللوم على طهران في كل هذه المشكلات. في الأسبوع الماضي فقط، على سبيل المثال، تحدّثت المادة الرئيسة في "نيويورك تايمز" عن أنّ إيران "تغمر الضفة الغربية بالأسلحة".

من هذا المنظور، فإنّ إيران تصبّ البنزين على منطقة مشتعلة بالفعل. لكن هناك الكثير في هذه القصة، ومعظمها ينعكس بشكل سيئ على الولايات المتحدة.

اسمحوا لي أن أوضح: أنّ إيران يحكمها نظام ثيوقراطي... ولكن، هل جهودها لتهريب الأسلحة الصغيرة وغيرها من الأسلحة إلى الضفة الغربية (أو غزة في هذا الصدد) سيئة بصورة خاصة؟ وهل قرارها بالرد على الهجوم الإسرائيلي الأخير على قنصليتها مفاجئ، ولو من بعيد؟

وفقاً لاتفاقيات جنيف، يحقّ للسكان الذين يعيشون تحت "الاحتلال الحربي" أن يقاوموا القوة التي تحتلّهم. ولأنّ "إسرائيل" تسيطر على الضفة الغربية والقدس منذ عام 1967، واستعمرت هذه الأراضي بأكثر من 700 ألف مستوطن غير شرعي، وقتلت الآلاف من الفلسطينيين في هذه العملية، فليس هناك شكّ في أنّ هذا "احتلال حربي".

ولا تزال أعمال المقاومة تخضع لقوانين الحرب بطبيعة الحال. ومقاومة الاحتلال أمر مشروع، ومساعدة السكان المحاصرين على القيام بذلك ليس خطأً بالضرورة.

وعلى نحو مماثل، فإنّ قرار إيران بالرد بعد أن قصفت "إسرائيل" قنصليتها، واغتالت جنرالين إيرانيين، لا يشكّل دليلاً على "العدوانية"، خاصةً وأنّ طهران أشارت مراراً وتكراراً إلى أنّها لا ترغب في توسيع نطاق الحرب. وكما يقول المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون عادةً عندما يستخدمون القوة، فإنّ إيران تحاول ببساطة "استعادة الردع".

دعونا لا ننسى أنّ الولايات المتحدة هي التي تغرق الشرق الأوسط بالأسلحة منذ عقود، فهي تزوّد "إسرائيل" بمعدّات عسكرية متطوّرة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات كل عام، وتقدّم إلى جانب ذلك التأكيدات المتكرّرة بأنّ الدعم الأميركي غير مشروط.

ولم يتزعزع هذا الدعم مع قيام "إسرائيل" بقصف المدنيين في غزة وتجويعهم، ولم يتأثّر عندما استقبلت "إسرائيل" وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في المرة الأخيرة، بإعلانها أكبر مصادرة للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، منذ عام 1993. ولم تبدِ واشنطن استغرابها عندما قصفت "إسرائيل" القنصلية الإيرانية، حيث كانت تدين هجوم الإكوادور الأخير على السفارة المكسيكية في كيتو.

وبدلاً من ذلك، توجّه كبار مسؤولي البنتاغون إلى القدس لإظهار الدعم، كما حرص بايدن على التأكيد أنّ التزامه تجاه "إسرائيل" لا يزال صارماً. فهل من المستغرب أن يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أنّ بإمكانهم تجاهل نصيحة الولايات المتحدة؟

تميل الدول التي تتمتّع بسلطة غير مقيّدة إلى إساءة استخدام هذه السلطة، و"إسرائيل" ليست استثناءً. ولأنّ "إسرائيل" أقوى بكثير من الفلسطينيين، وأكثر قدرةً من إيران أيضاً في هذا الصدد، فإنّها تستطيع أن تتصرّف ضدّهم من دون عقاب، وهو ما تفعله عادةً. لقد مكّنت عقود من الدعم الأميركي السخي وغير المشروط "إسرائيل" من القيام بكل ما تريد، الأمر الذي ساهم في جعل سياساتها وسلوكها تجاه الفلسطينيين أكثر تطرّفاً مع مرور الوقت.

إذا كنت لا تزال منزعجاً من قيام إيران بتهريب الأسلحة إلى الضفة الغربية، فاسأل نفسك كيف ستشعر إذا تم عكس الوضع. تخيّل أنّ مصر والأردن وسوريا فازت في حرب عام 1967، بما دفع الملايين من الإسرائيليين إلى الفرار. تخيّل أنّ الدول العربية المنتصرة قرّرت في وقت لاحق السماح للفلسطينيين بممارسة حق العودة وإقامة دولتهم في بعض أو كل الأراضي الفلسطينية.

لنفترض أيضاً أنّ مليوناً أو ما يقرب من ذلك من اليهود الإسرائيليين انتهى بهم الأمر كلاجئين محصورين في جيب ضيّق، مثل قطاع غزة. ثم تخيّل أنّ مجموعةً من مقاتلي "الإرغون" السابقين وغيرهم من المتّشددين اليهود نظّموا حركةً، وسيطروا على الجيب، ورفضوا الاعتراف بالدولة الفلسطينية الجديدة.

علاوةً على ذلك، فلنفترض أنّ هؤلاء شرعوا في الحصول على دعم من المؤيدين المتعاطفين في جميع أنحاء العالم، وبدأوا تهريب الأسلحة إلى القطاع، واستخدموها في مهاجمة المستوطنات والبلدات القريبة في الدولة الفلسطينية التي تأسست حديثاً. ثم لنفترض أنّ الدولة الفلسطينية ردّت بحصار وقصف القطاع، ما تسبّب في مقتل الآلاف من المدنيين.

في ظلّ هذه الظروف، أي جانب تعتقد أنّ حكومة الولايات المتحدة ستدعمه؟ في الواقع، هل كانت الولايات المتحدة ستسمح بنشوء وضع كهذا؟ الإجابات واضحة، وهي تتحدث كثيراً عن الطريقة الأحادية الجانب التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع هذا الصراع.

المفارقة هنا هي أنّ الأفراد والمنظمات في الولايات المتحدة الذين كانوا الأكثر حماساً بشأن حماية "إسرائيل" من الانتقادات ودفع الإدارات المتعاقبة، الواحدة تلو الأخرى، إلى دعم "إسرائيل"، بغضّ النظر عما تفعله، قد ألحقوا في الواقع أضراراً جسيمةً بها أثناء محاولتهم مساعدتها.

أولئك منّا الذين انتقدوا بعض تصرفات "إسرائيل" - ليتمّ تشويه سمعتهم زوراً على أنّهم معادون للسامية، أو كارهون لليهود، أو ما هو أسوأ - كانوا في الواقع يوصون بسياسات كان من الممكن أن تكون أفضل للولايات المتحدة و"إسرائيل"، على حد سواء.

لو تمّ اتباع نصيحتنا، لكانت "إسرائيل" أكثر أماناً اليوم، ولكان عشرات الآلاف من الفلسطينيين ما زالوا على قيد الحياة، ولكانت إيران أبعد عن امتلاك القنبلة النووية، ولكان من المؤكد تقريباً، أنّ الشرق الأوسط سيكون أكثر هدوءاً.

وأخيراً، لن يكون هناك من الأسباب ما قد يدفع إيران إلى تهريب الأسلحة إلى الضفة الغربية إذا كانت هذه الأراضي جزءاً من دولة فلسطينية قابلة للحياة، ولن يكون هناك من الأسباب ما قد يدفع قادة إيران إلى التفكير في ما إذا كانت بلادهم قد تصبح أكثر أماناً إذا امتلكت رادعها النووي.

ولكن، إلى أن يحدث تحوّل أكثر جوهريةً في سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط، فإنّ تلك الاحتمالات المفعمة بالأمل ستظلّ بعيدة المنال، ومن المرجح أن تتكرّر الأخطاء التي أوصلتنا إلى هنا.

---------------------------------------------

 

الهجوم التاريخي الإيراني متجذر في النضال من أجل الحرية في فلسطين

 

 

بقلم: إقبال جاسات

 

إن أهم درس يمكن استخلاصه من مهمة إيران البطولية هو أن النضال من أجل التحرير والدفاع عن السيادة ومقاومة الاحتلال والقمع هو قضية عادلة ومشروعة.

يكتب الصحافي من جنوب أفريقيا، إقبال جاسات، في موقع "middleeastmonitor" مقالاً بعنوان "الهجوم التاريخي الإيراني متجذر في النضال من أجل الحرية في فلسطين"، يعتبر فيه أن مكانة إيران باعتبارها الداعم الأول للنضال الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال تعززت بشكل كبير. وهو موقف لا تتهرب منه طهران ولا تخفيه.

 

يوم 14 نيسان/أبريل 2024، والزمن بعده سوف يسجله التاريخ على أنه بالغ الأهمية، لأن جمهورية إيران الإسلامية شنت هجوماً جوياً مباشراً من أراضيها ضد نظام الفصل العنصري الاستعماري الصهيوني، وقد شهدت دولة الاحتلال الساعات المتوترة التي حلقت فيها الطائرات دون طيار والصواريخ الباليستية الإيرانية فوق رؤوس مستوطنيها وهم في حيرة وصدمة وقلق، حيث أمضى معظمهم الليل في الملاجئ بلا نوم.

لقد كان تعرضهم لهجوم جوي حقيقة جديدة بمواجهتهم. وكان الأمر مختلفاً تماماً عن كونهم يناصرون مذبحة الآلاف من الأبرياء في غزة والجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.

ووصف أحد الصحفيين الواقع الكئيب لآثار الهجمات الإيرانية بالكلمات التالية: "يوم الأحد هو بداية أسبوع العمل الإسرائيلي، لكن المدارس والعديد من المكاتب الحكومية كانت مغلقة لهذا اليوم. كانت خطوط السكك الحديدية الخفيفة المزدحمة عادة في تل أبيب متفرقة وصامتة بشكل ملحوظ، وكان عدد قليل من الركاب ملتصقين بهواتفهم الذكية يبحثون عن إجابات لا يبدو أن أحداً منهم قد يجدها".

ورغم أن حالة عدم اليقين بشأن نتيجة الهجوم التاريخي الذي شنته إيران شغلت المحللين العسكريين الحريصين على العثور على إجابات، فمن المؤكد أنهم لا يستطيعون تجاهل حقيقة مفادها أن قدرة الردع الإسرائيلية قد تعرضت لخطر شديد. وقد أشار رئيس البعثة العسكرية الفرنسية السابق لدى الأمم المتحدة، الجنرال دومينيك ترينكواند، إلى نقطة مهمة، "التطور المهم في هذا الصراع هو أن إيران ضربت إسرائيل بشكل مباشر".

وأضاف، "على الرغم من تدخل تكنولوجيا الدفاع الأميركية المتقدمة نيابة عن "إسرائيل" لاعتراض العديد من الطائرات بدون طيار والصواريخ، إلا أن الهجوم الإيراني له وزن كبير، ولا يمكن التقليل من عدد أنواع المقذوفات التي تم إطلاقها على "إسرائيل" من إيران والعراق واليمن ولبنان، مع ضربات على الجولان".

الباحث في الأكاديمية العسكرية الملكية في بلجيكا ديدييه ليروي، أدلى بملاحظة لا تقل أهمية: "لقد تجاوزنا عتبة نوعية تغير الديناميكيات وتعيد وضع إيران على الخريطة الدولية كلاعب عسكري كبير ونشط".

ومن وجهة نظره كمدير سابق للاستخبارات العسكرية الصهيونية، يتوقع عاموس يادلين أن الهجوم الإيراني قد يؤدي إلى تغيير استراتيجي في "الحرب في غزة، وقد يوقفها".

أدى المرسوم العسكري الذي أصدره مجلس تل أبيب الحربي بحجب المعلومات عن الأضرار الناجمة عن الهجمات الإيرانية إلى تكميم أفواه منصات وسائل الإعلام المحلية والدولية ومنع الوصول إليها للتحقق بشكل مستقل من الادعاءات بحدوث "أضرار ضئيلة". مع أن مثل هذا السلوك القمعي يفرض رقابة غير عادلة على المحتوى الإخباري.

يوضح المحلل الإيراني سيد محمد مرندي، أن الأهداف الرئيسية للهجوم الإيراني تركز على قاعدتين جويتين صهيونيتين، وأن 20 صاروخاً أو أكثر ضربت أهدافها، و "الطائرات بدون طيار الأخرى وصواريخ الجيل الأقدم كانت عبارة عن أفخاخ غير مكلفة استنزفت أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية وصواريخها الباهظة الثمن".

ويزعم البعض من المشككين أن الهجوم الإيراني كان فاشلاً، لكنهم إما يتجاهلون أو يتعمدون التعتيم على واقع الردع الجديد الذي تفرضه الجمهورية الإسلامية. ومن وجهة نظر طهران، كان الهجوم على قنصليتها في دمشق بمثابة خط أحمر يتطلب الانتقام، وإلا فإنه سيمحو أي مفهوم للردع، ويفتح الباب أمام عمل عسكري إسرائيلي أكثر وقاحة.

وليس من المستغرب أن يصف ضابط الاستخبارات السابق في مشاة البحرية الأميركية سكوت ريتر الهجوم الانتقامي الإيراني بأنه واحد من "أعظم الانتصارات في هذا القرن". وأضاف: "إن عملية الوعد الحقيقي ستسجل في التاريخ باعتبارها واحدة من أهم الانتصارات العسكرية في تاريخ إيران الحديث، مع الأخذ في الاعتبار أن الحرب ما هي إلا امتداد للسياسة بوسائل أخرى، وإن حقيقة أن إيران قد أنشأت وضعية ردع ذات مصداقية دون تعطيل أهداف وغايات السياسة الرئيسية هي تعريف النصر ذاته".

وهذه النقطة أكد عليها الأكاديمي الفلسطيني سامي العريان، "نظرية الردع الإسرائيلية قد تم تقويضها إلى حد كبير، وإن الوضع الاستراتيجي للكيان الصهيوني بعد عملية طوفان الأقصى لن يكون كما كان من قبلها. وبالمثل، فإن الوضع الاستراتيجي الإقليمي بعد 14 نيسان/أبريل للدولة الصهيونية ليس كما كان أيضاً".

بائت محاولات الحكومة الصهيونية العنصرية في تل أبيب بالفشل في تغطية المتغيرات بـ "الانتصارات" الوهمية التي تدحرها الحقائق. علاوة على ذلك، فقد تعززت مكانة إيران باعتبارها الداعم الأول للنضال الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال بشكل كبير. وهو موقف لا تتهرب منه ولا تخفيه طهران. والحقيقة أن جزءاً من الرد الإيراني الاستراتيجي الذي اتبع ضمن عدم التغاضي عن محنة الفلسطينيين في غزة أو تجاهلها.

وليس من المستغرب أن تدعم حركة "حماس" الهجوم الإيراني وتؤكد "الحق الطبيعي" لدول وشعوب المنطقة في الدفاع عن النفس في مواجهة العدوان الصهيوني. وقالت الحركة، "إن العملية العسكرية التي نفذتها إيران ضد الكيان الصهيوني هي حق طبيعي ورد واجب على جريمة استهداف القنصلية في دمشق".

إن أهم درس يمكن استخلاصه من مهمة إيران البطولية هو أن النضال من أجل التحرير والدفاع عن السيادة ومقاومة الاحتلال والقمع هو قضية عادلة ومشروعة.

---------------------------------------------

 

هآرتس 16/4/2024

 

فرصة لإنهاء الحرب في كل الساحات

 

بقلم: يوسى ميلمان

 

 (المضمون: نحن نأمل أن يتعلم وزراء اليمين المتطرف الدرس وهو أنه لا يوجد لاسرائيل من تعتمد عليه سوى الأخ الأكبر سام - المصدر).

الوصف الافضل والمختصر اكثر لما حدث ليلة أول أمس هو البيت فى قصيدة مثير اريئيل «ليلة هادئة مرت على قواتنا». هدوء في ذروة الحرب معظم طائرات سلاح الجو والصواريخ ومنظومات الدفاع الجوية كانت . في أو في مرابض تحت الارض. ولكن مشكوك فيه اذا كان المواطنون الاسرائيليون قد اغمضوا عيونهم. هذه كانت ليلة تاريخية من عدة جوانب، أولا، لأن ايران هاجمت اسرائيل مباشرة من داخل حدودها واعترفت بذلك من اجل الانتقام على تصفية الجنرال محمد رضا زاهدي، نائب قائد قوة القدس» في مبنى في دمشق، الذي قالت بأنه كان جزءا من مبنى القنصلية الايرانية.

في السابق اطلقت ايران عدة مسيرات نحو اسرائيل، الامر الذي اعتبر فيما بعد تجربة لاختبار السلاح والتدريب العام. وقد تم اعتراضها في حينه من قبل طائرات سلاح الجو الاسرائيلي والامريكي أول أمس اطلقت ايران تقريبا 350 مسيرة، ثلثها كان صواريخ تحمل رؤوس متفجرة بوزن مئات الكيلوغرامات وبضع عشرات الصواريخ المجنحة، التي الامكانية الكامنة لضررها كان يمكن أن يكون مدمرا، الباقية كانت مسيرات خطرها أدنى نسبيا، وهي معروفة للاستخبارات الاسرائيلية من أدائها في اوكرانيا من قبل روسيا. المسيرات الايرانية تطير ببطء وتحمل عشرات الكيلوغرامات من المتفجرات، كمية غير كبيرة. ولكن ايران يوجد لديها الآلاف منها، الامر الذي يطرح سؤالا حول الفائدة من عمليات التخريب التي نسبت لاسرائيل ضد مخازنها. على الاقل مرة واحدة نشر أن مبعوثي الموساد اطلقوا مسيرات من داخل حدود ایران واصابوا مخزنا كبيرا تم تخزين المسيرات فيه.

رغم الجهود الكبيرة لحرس الثورة الايراني من اجل اخراج الى حيز التنفيذ عملية واسعة النطاق تلحق ضررا كبيرا، الاسم الرسمي في ايران لها كان «وعد الحق»، إلا أنها فشلت وبشكل كبير. معظم الاجسام الطائرة الايرانية تم اعتراضها في الطريق الى اسرائيل ايضا عدد قليل من الصواريخ البالستية اخترق حدودنا واصاب اصابة طفيفة قاعدة سلاح الجو في نفاتيم. وحسب المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي فان اهلية القاعدة لم تتضرر. توجد لاسرائيل بالفعل خمس طبقات من الدفاعات الجوية ليس ثلاث طبقات كما يعتقد). الأولى هي القبة الحديدية للمدى القصير نسبيا، الثانية مقلاع داود لمدى 250 كم، الثالثة هي «حيتس» الذي يمكنه اعتراض الصواريخ خارج الغلاف الجوي على بعد مئات الكيلومترات من هنا الرابعة هي منظومة تشويش الـ جي.بي.اس، التي عملت بكامل القوة أول أمس الخامسة هي طائرات سلاح الجو التي تحلق في السماء وتعترض الصواريخ.

إن نجاح كل هذه المنظومات يستحق كل الاشادة حيث اظهرت نجاعتها. وبصورة كبيرة اعادت الحُمرة الى وجه الجيش الاسرائيلي الذي فشل فشلا ذريعا في 7 اكتوبر. معظم اعتراضات سلاح الجو كانت خارج المجال الجوي لإسرائيل، ويجب عدم نسيان المساعدة الكبيرة للولايات المتحدة، حتى في اعطاء التحذيرات المسبقة بمساعدة الاقمار الصناعية وطائرات التجسس والرادارات، المرتبطة مباشرة بمركز القيادة والسيطرة والرقابة في اسرائيل. وايضا العمل الحثيث الذي ساعد بشكل كبير في اعتراض الاجسام الايرانية. اضافة الى الامريكيين ايضا طائرات سلاح الجو البريطاني ومنظومات الانذار في قبرص ساعدت في صد هجوم ايران وافشاله. ربما هذا هو الدليل الاكثر اهمية لوزراء اليمين المتطرف الذين قالوا بغضب إن اسرائيل يمكن أن تتدبر أمرها لوحدها، بدون الولايات المتحدة وبالتأكيد بدون الدول الاوروبية.

يجب علينا أن نأمل في أن يتعلموا الدرس: لا يوجد لاسرائيل من تعتمد عليه عدا عن الأخ سام الكبير الموجود في المنطقة.

ایران اوضحت فجر أمس بأنه اذا لم ترد اسرائيل فان الجولة بالنسبة لها انتهت. اسرائيل تقف الآن امام معضلة. الدماء تغلي والفطرة تقتضي الرد وبقوة على العدوان من طهران، لكن من الافضل الأمل بأنهم في هذه المرة، خلافا لعملية الاغتيال الغبية لزاهدي في دمشق التي اصبحوا يعترفون في اسرائيل بأنها كانت خاطئة، وبالتأكيد بالنسبة للتوقيت، سيعرفون هنا كيفية ضبط النفس. هناك اشارة مشجعة على أننا نسير في هذه الطريق. سماء اسرائيل اعيد فتحها في السابعة صباحا ومطار بن غوريون عاد الى نشاطه (رغم أن معظم شركات الطيران الاجنبية علقت مرة اخرى رحلاتها الى البلاد)، هذه اشارة مباركة.

يمكن الأمل في أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ورئيس الدفاع يوآف غالنت، ورئيس الاركان هرتسي هليفي، سيتصرفون في هذه المرة بحكمة، وأن لا ينجروا مرة اخرى الى مغامرة خطيرة. لقد فشلوا في 7 اكتوبر ولم يهزموا أو يقضوا على حماس، ولم يضبطوا أنفسهم وقاموا باغتيال زاهدي وجروا علينا تلك الليلة، وبالطبع لم ينجحوا في اعادة المفقودين. احيانا تكون القوة هي ضبط النفس، وضبط النفس هو القوة. نحن نأمل أن لا يتصرفوا في هذه المرة مثلما تصرفت عائلة بوربون، حيث لم تنس أي شيء ولم تتعلم أي شيء. حان الآن الوقت لتعلم الدرس واستغلال هذه الفرصة التي سنحت لنا وأن ننهي الحرب في كل الساحات، وأن نرمم الاقتصاد ونعيد المخلين الى بيوتهم، وذلك عن طريق الدبلوماسية الابداعية والسعي الى اتفاق اقليمي وتوثيق العلاقات مع الادارة الامريكية ودول الاتحاد الاوروبي والدول العربية التي تدرك بأن ايران تهددها هي ايضا.

------------------انتهت النشرة---------------

أضف تعليق