14 آيار 2024 الساعة 22:39

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاثنين 29/1/2024 العدد 921

2024-01-31 عدد القراءات : 78
 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

 

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

معاريف 29/1/2024

 

حصاد لاهاي: تعادل تكتيكي، انتصار إستراتيجي

 

 

بقلم: المحامي آفي كالو

 

القرار المرحلي لمحكمة العدل الدولية الذي يمتنع عن الاستجابة لطلب الملتمسة، جنوب إفريقيا لاستصدار أمر احترازي يأمر بوقف القتال في قطاع غزة وإعادة السكان إلى شماله يشكل إنجازا سياسيا، عسكريا وقانونيا أول في سموه لدولة إسرائيل وبخاصة للجيش الإسرائيلي. عمليا – للديمقراطيات الغربية أيضا، في حربها الحالية والمستقبلية، ضد الإرهاب العالمي. وان كانت المحكمة تتبنى بتوسع على مدى القرار المرحلي الرواية الفلسطينية والجنوب إفريقية، بشأن نتائج الحرب على الأرض والمصاعب التي يعانيها سكان القطاع وتقضي بأنه لا يمكن أن تستبعد في هذه المرحلة المبكرة إمكانية أن تكون ترتكب، ظاهرا، إبادة جماعية في القطاع. مع ذلك، في المحكمة يجلس قضاة من كتلة دول عدم الانحياز ولهذا السبب فإن هذا القول الأولي كان متوقعا. بالمقابل، القرار لا يقيد حرية عمل الجيش الإسرائيلي، رغم الضرر الشديد الذي ألحق بالبنى التحتية في المنطقة وحقيقة أن اكثر من مليون نسمة نزحوا من بيوتهم. وهكذا، بقيت ضمنا حرية العمل الميداني في مواجهات شديدة ضد منظمات الإرهاب، بشكل يشكل عمليا تحذيرا عن تفسير واسع لحق الدفاع عن النفس. كما يدور الحديث عن إشارة مرحلية إلى أن الممارسات التي يتخذها الجيش الإسرائيلي والتي صممها في الـ 15 سنة الأخيرة (وبخاصة منذ حملة الرصاص المصبوب) مقبولة وان كان يخيل أحيانا أن رئيسة المحكمة تتبنى روح الجيش الإسرائيلي في أقوالها، مع دعوتها للامتناع عن المس بغير المشاركين واتخاذ الأعمال العسكرية وفقا لقوانين الحرب.

 

الأوامر الاحترازية التي أصدرتها المحكمة تفترض الانتباه (بخاصة مطلب ضمان الواقع الإنساني في القطاع، بشكل يلغي أفكارا تطلق في إسرائيل تدعو إلى منع المساعدات الإنسانية عن القطاع) لكنها لا تغير بشكل جوهري صورة الوضع بالنسبة للحرب.

 

فضلا عن ذلك، سارت المحكمة شوطا أبعد يتجاوز طلب الملتمسة، بإشارتها إلى الحاجة العاجلة لتحرير المخطوفين المحتجزين في اسر "حماس". هذا إنجاز إسرائيلي آخر يمكن أن يعزى لعائلات المخطوفين وقيادة العائلات.

 

إلى ذلك، تبرز على نحو خاص حقيقة أن الإدارة الأميركية ليست مطالبة بأن تدفع ثمنا بعملة سياسية ثقيلة الوزن، مثل استخدام حق النقد الفيتو في مجلس الأمن، لو كانت قررت المحكمة وقف القتال ورفعت القرار إلى مجلس الأمن.

 

بالمقابل، فإن حقيقة أن رئيس الدولة اسحق هرتسوغ ووزير الدفاع يوآف غالانت ذكرا بالاسم من قبل رئيسة المحكمة، في أعقاب تصريحاتهما الإشكالية حول القتال، تعود لتشكل ضوء تحذير أمام المسؤولين الكبار في إسرائيل بأن عليهم أن يحذروا في أقوالهم وان يظهروا رباطة جأش على المزاج الحار حتى في أسوأ الأوقات. مع كل الاحترام، وزير الدفاع لا يمكنه أن يتحدث على موجات الأثير كقائد سرية في الميدان مثلما لا يحق للرئيس أن يتحدث كنائب من المقاعد الخلفية في الهيئة العامة للكنيست؛ فضلا عن ذلك فإن حقيقة أن الرئيس، المواطن رقم 1 يقتبس في قرار المحكمة، تشكل خللا يحتاج إلى إصلاح من جانبه، وعلنا (مثل قول الرئيس جو بايدن في بداية المعركة، إن الجيش الإسرائيلي يعمل في موجب قوانين الحرب)، ينبغي الأمل في أن الاثنين (إلى جانب الوزير كاتس الذي ذكر هو أيضا)، مثل باقي أعضاء الحكومة الذين يتحدثون، صبح مساء، بشكل غير مسؤول يلحق ضررا حقيقيا في الساحة الدولية – أن يمتنعوا عن تكرار الأقوال أو، عند الحاجة، أن يستشيروا المستشار القانوني قبل كل تصريح يوجد فيه احتمال ضرر قانوني، عسكري وسياسي.

 

وختاما، قرار المحكمة هو دليل دامغ، بقوة اكبر وفي ظل محاولة الانقلاب النظامي الذي وقعت في مطارحنا في السنة الأخيرة - على الحاجة الماسة لجهاز قضاء مستقل، مهني ومقدر في العالم، لأمن إسرائيل القومي. إن حقيقة أن جهاز القضاء، برئاسة المستشارة القانونية للحكومة، اتخذ وبشجاعة القرار للمشاركة في الإجراء التاريخي اثبت قوة وحقق إنجازا مهما – تداعياته ستتضح لاحقا في سياق الطريق.

 

فضلا عن ذلك، فإن قرار مشاركة رئيس المحكمة العليا المتقاعد اهرون باراك كقاضٍ استثنائي في الإجراء، تبين كما كان متوقعا قرارا دراماتيكيا. فضلا عن معارضته لمعظم الأوامر الاحترازية (إلى جانب القاضية من أوغندا)، موقفه في رأي الأقلية بالنسبة للنية لفحص احتمال الإبادة الجماعية يضع أساسا قانونيا مهما لتآكل الحجج في الموضوع في سياق الطريق واستبعاد قول ذلك وان كان الطريق إلى هذا لا تزال طويلة ومعقدة.

 

من خلف الكواليس، يمكن الافتراض بأن باراك، القانوني الإسرائيلي المقدر للغاية في العالم، اثر، وازن وخلق وزنا مضادا، حتى في المحفل المتحيز تقليديا ضد إسرائيل. الأمور واضحة بين السطور في القرار المرحلي للمحكمة، الذي انتهى بالتعادل، لكنه ينطوي على انتصار استراتيجي لإسرائيل.

 

---------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

إسرائيل اليوم 29/1/2024

 

على إسرائيل أن تكون البديل للأمم المتحدة بغزة

 

 

بقلم: ايال زيسر

 

المحللون في الاستديوهات عديمو الصبر ويبثون عدم راحة بل وحتى شكوكا بالنسبة لخطوات الحرب التي تخضوها إسرائيل ضد حماس منذ 7 أكتوبر. لكن مع كل الاحترام للمحللين - فعلى الأرض نفسها تتحدث إنجازات الجيش وتدل على أن الجيش يفي بالمهام التي كلف بها.

 

لئن كانت توجد فجوة بين الواقع على الأرض وبين الشتم الذي ينظر به الى ذلك في وسائل الاعلام، وربما لدى الجمهور أيضا، فهذه الفجوة تكمن في التوقع غير الواقعي لحسم سريع ولصور نصر من الصعب بل ومن المتعذر " انتاجها" في القتال ضد منظمة مثل حماس. خسارة ان أحدا في القيادة الإسرائيلية لا يحاول شرح هذا للجمهور، بدلا من اطلاق الشعارات والتصريحات التي تبعث بالذات على مثل هذا التوقع غير الواقعي. وفضلا عن ذلك ينبغي الاعتراف بانه لا يمكن لاي انجاز او نصر ان ينسي ٧ أكتوبر ، ونصر بدون إعادة المخطوفين الى بيوتهم وعائلاتهم لن يكون كاملا.

 

ومع ذلك محظور الاستخفاف بما قام به الجيش في اثناء الأشهر الثلاثة الأخيرة. معظم قطاع غزة دمر - ابتداء من شمال القطاع ومدينة غزة عبر مركز القطاع وانتهاء بمدينة خانيونس ومحيطها - يوجد تحت السيطرة العملية للجيش الإسرائيلي. في هذه المناطق لا تزال تعمل خلايا وتنفذ عمليات ضد قواتنا بل وتطلق صواريخ نحو إسرائيل، لكن حماس كقوة عسكرية وكسلطة حكم موجوده فيها.

 

لقد تحولت هذه المناطق عمليا الى مثابة "الضفة ٢" ففي الضفة أيضا تعمل خلايا، وهناك أيضا يخوض الجيش صراعا يوميا ويستهدف المطلوبين. ومع ذلك منطقة الضفة توجد تحت سيطرة امنية لإسرائيل، ولا يوجد تخوف ولا توجد إمكانية ان يطل فيها جيش مسلح ، مدرب ومجهز للعدو يخيل أيضا ان كل من له عينان في رأسه في العالم العربي استوعب الرسالة التي تنشأ عن اعمال الجيش الإسرائيلي في القطاع - الويل لمن يتجرأ على رفع يده على إسرائيل وعلى مواطنيها. لكن بعد كل هذا مطلوب كلمة تحذير: الجيش الاسرائيلي ضرب حماس، لكن إسرائيل تمتنع عن احتلال القطاع وإقامة تواجد دائم فيه. والنتيجة هي فراغ، بل وفراغ يخدم حماس. اذا ابقينا على هذا الفراغ فان حماس ستعود الى المناطق التي عملنا فيها وخرجنا منها، ستعود لتدير شؤون السكان الذين تبقوا فيها ، وفي نهاية الامر ستعمل على ان تعيد أيضا بناء قوتها العسكرية.

 

لا يدور الحديث عن أيام أو أسابيع، لكن بغياب بديل آخر – فان عودة حماس، التي بقيت القوة الاجتماعية والسياسية الوحيدة في المنطقة، محتمة. ومقابل هذا لا تجدي حملات واجتياحات لقواتنا. هذه ناجعة في الضفة ويمكن لها ان تكون هذا هكذا في القطاع ا أيضا، فقط اذا ما جعلنا الواقع فيه واقع الضفة. إسرائيل ملزمة بل ويمكنها أيضا أن توقف مسيرة عودة حماس هذه عليها أن تستوي على منطقة وتحكمها.

 

عليها أن تقيم فيها حكما عسكريا وتجري إحصاء للسكان وتبدأ بتقديم الخدمات لهم بنفسها. وليس عبر وكالات الأمم المتحدة، التي ليست سوى متعاونة مع حماس وتعمل يدا بيد معها. وهكذا سيكون ما يعزز القبضة الأمنية والعسكرية للجيش الإسرائيلي في هذه المناطق ويخلق الظروف لليوم التالي لانهاء الحرب بشكل يضمن مصالح إسرائيل.

 

وبذلك أيضا سيكون ما يخدم الاعلام الرسمي الإسرائيلي الذي يتصدى للاتهامات بان إسرائيل لا تفعل شيئا كي تخفف من معاناة السكان المدنيين في القطاع الذين يعتبرهم العالم بالخطأ سكانا غير مشاركين بل ورهائن لدى حماس .

 

محظور بالتالي الانتظار ومحظور الامتناع عن قرار بشأن مستقبل القطاع التشاور مع الولايات المتحدة ومع الدول الأوروبية والعربية حول مستقبل القطاع يمكنه ان يتواصل لاشهر طويلة بل ولسنين. وهذه المشاورات كفيلة بان تنتهي أيضا بدون حسم.

 

لكن الواقع على الأرض لن ينتظرنا. واذا ما فقدنا السيطرة عليه، فاننا سنفقد إنجازات الجيش الإسرائيلي في القطاع.

 

--------------------------------------------

 

 

هآرتس 29/1/2024

 

 

مــا بــعــــد لاهـــــاي

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

ردت محكمة العدل الدولية في لاهاي، أول من أمس، طلب جنوب إفريقيا إصدار أمر بوقف القتال في القطاع بدعوى الإبادة الجماعية، واكتفت بإصدار بضعة أوامر احترازية تلزم إسرائيل بمنع الإبادة الجماعية. ورغم ذلك محظور التقليل من خطورة الوضع وتجاهل موافقة المحكمة على فحص الادعاء بالإبادة الجماعية.

 

الحكومة، الكنيست، رئيس الدولة، الجيش والجمهور في إسرائيل يجب أن يروا بقرار المحكمة تحذيرا خطيرا وان ينفذوا القرار.

 

الأوامر الاحترازية تلزم إسرائيل باتخاذ كل الوسائل التي لديها كي تمنع الإبادة الجماعية، قتل المدنيين، إلحاق ضرر ومنع الولادة. كما تفرض الأوامر على إسرائيل السماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع. كما أمرت المحكمة إسرائيل بمعاقبة المحرضين على الإبادة الجماعية. لم تشكك المحكمة في حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها لكن في الوقت نفسه وصفت مسا خطيرا بالمدنيين في أن على إسرائيل أن تمتنع عنه بكل الوسائل التي تحت تصرفها. هذا يعني أن على إسرائيل أن تتشدد في الالتزام بأحكام القتال، أن تبذل جهدا مضاعفا لتقليص المس بالمدنيين وتحرص على أن تصل المساعدات الإنسانية إلى المدنيين.

 

إن الوهن الذي أبدته المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهرب ميارا والنائب العام للدولة عميت ايسمان في معالجتهما للتصريحات التحريضية والخطيرة الكثيرة على لسان رئيس الدولة، رئيس الوزراء، وزراء، نواب وشخصيات عامة، جبى ثمنا باهظا. الدعوى ضد إسرائيل استندت إلى جملة تصريحاتهم كي تستخلص منها ومن حقيقة أن جهاز القضاء لم يعاقب المحرضين، النية للإبادة الجماعية.

 

لقد ذكرت المحكمة في قرارها بيان بهرب ميارا، قبل بضعة أيام من المداولات في الالتماس بأنها بدأت العمل ضد أقوال تحريضية لمسؤولين كبار. على بهرب ميارا أن تواظب في هذا الخط وان تعاقب المحرضين. إن اختيار المحكمة اقتباس رئيس الدولة اسحق هرتسوغ، وزير الدفاع يوآف غالانت ووزير الخارجية إسرائيل كاتس يدل على أن المحكمة تنظر بعين الخطورة الشديدة إلى أقوال قيادة الدولة، وغير مستعدة لأن تتصرف مثلما يتصرفون في إسرائيل: إسقاط الوصمة الأخلاقية فقط على نسيم فتوري، على تالي غوتليف وعلى أمثالهما، وصرف النظر عن انهما ظاهرا لا يمثلان سياسة إسرائيل. إن على قيادة إسرائيل كلها أن تغير الشكل الذي تتحدث فيه، وإذا لم تفعل هذا – فإن على المستشارة القانونية أن تتعامل معهم بيد من حديد. لكن فضلا عن الإقوال من المهم أكثر عمل كل ما هو ممكن لأجل تقليص المس بالمدنيين والسماح بظروف معيشة معقولة في القطاع. ليس فقط بسبب الخوف من لاهاي بل أساسا لأجل الحفاظ على الطابع الإنساني.

 

--------------------------------------------

 

 

هآرتس 29/1/2024

 

 

إسرائيل: مصر والأردن وقطر أذرع جديدة في محور الشر

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

“العلاقات مع مصر تجري بصورة طبيعية وسليمة بين الحكومتين طوال الوقت. لكل منا مصالحه؛ لمصر حاجة لقول أشياء معينة. هم يقلقون على مصالحهم ونحن نقلق على مصالحنا”، قال رئيس الحكومة في المؤتمر الصحافي الذي عقده السبت.

 

 حسب أقوال نتنياهو، يبدو أن “العلاقات السليمة” تنطوي على وضع غير مسبوق يرفض فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الرد على مكالمة هاتفية من رئيس الحكومة، وأن مصر حسب ما نشر في “وول ستريت جورنال” فحصت إعادة السفير من إسرائيل، وأن الرئيس المصري في خط ساخن مع الرئيس الأمريكي حذر بصوت غاضب من طرد إسرائيل لسكان غزة إلى شبه جزيرة سيناء.

 

 لم يبدأ التوتر في فترة الحرب؛ ففي شباط الماضي نشرت صحيفة “القدس العربي” الصادرة في لندن، عن قطيعة بين رئيس الحكومة ومكتب الرئيس المصري، وعن عدم ثقة النظام في مصر برئيس الحكومة نتنياهو. في 9 شباط، التقى رئيس الأركان هرتسي هليفي مع نظيره المصري أسامة عسكر، في البحرين، في إطار لقاء رؤساء الأركان الذي استهدف فحص التغيرات الاستراتيجية في المنطقة. وحسب التقارير، حذر رئيس الأركان المصري، هليفي من اندلاع حرب في عدة جبهات إذا لم يقم (هليفي) بالسيطرة على الوضع ولم يضغط على الحكومة للتوقف عن التصعيد.

 

 حسب مصادر إسرائيلية، فإن محادثات مشابهة جرت وتجري بين كبار ضباط المخابرات والجيش في مصر ونظرائهم الإسرائيليين. الصلة بين رجال الاستخبارات الإسرائيلية ورجال المخابرات المصرية في الحقيقة سليمة وحتى أكثر من ذلك، لكنها لا تنجح في تبديد التخوفات المصرية. اختيار نتنياهو اعتبار وضع مصالح الدولتين متناقضة لم تساعد لتحسين العلاقات، لا سيما عندما تقف على الأجندة إمكانية سيطرة إسرائيل على محور فيلادلفيا، الخطوة التي ستشمل أيضاً السيطرة على معبر رفح في الطرف الغزي. عمليات عسكرية إسرائيلية في محور فيلادلفيا يتوقع أن تخرق الاتفاق الذي وقعت عليه إسرائيل مع مصر كجزء من عملية الانفصال عن غزة، وستقتضي صياغة اتفاقات جديدة مع القاهرة، التي أعلنت من قبل بأن أي عملية أحادية الجانب قد تضر العلاقات بين الدولتين. المهم هو كيف سيساعد التطاول على مصر في الترتيبات الجديدة التي تخطط لها إسرائيل في قطاع غزة؟

 

 ليست مصر وحدها التي تبذل جهودا كبيرة لتحرير المخطوفين، التي وضعتها إسرائيل على لوحة أهدافها. إسرائيل أقامت في أشهر الحرب “محور شر” خاصاً بها، يشمل مصر الأردن وقطر، وهم من حلفاء قريبن جداً من الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. بعد اتهامات نتنياهو الفظة لقطر، التي أسمعها في لقائه مع عائلات المخطوفين (“قطر لا تختلف في جوهرها عن الأمم المتحدة. فهي لا تختلف عن الصليب الأحمر، وبمعنى ما هي أكثر إشكالية. لا أوهام بخصوصها”) وبعد ذلك، أكد على الأقوال التي تم تسريبها، وبعد الاتهامات سارع المتحدث بلسان وزارة الخارجية الأمريكية إلى الدفاع عن قطر، وأوضح بأن “قطر لاعبة رئيسة لا بديل عنها، وشريكة في المنطقة، ليس فقط عندما يتعلق الأمر بالصراع الحالي، بل أيضاً تفضيلات أخرى للولايات المتحدة في المنطقة. نتوقع مواصلة تعميق الشراكة مع قطر والعمل على مواضيع رئيسية”. وكما أن لإسرائيل ومصر مصالح خاصة بها، فللولايات المتحدة مصالح خاصة بها، تشمل العلاقات الاستراتيجية مع الدول التي تشملها إسرائيل في “محور الشر” الخاص بها.

 

 قطر دولة رئيسية، وأهميتها تتجاوز إسهامها الجوهري في عقد صفقة المخطوفين السابقة والصفقة التي تمت مناقشتها أمس في باريس. في هذه السنة، حصلت مرتين على ثناء من الرئيس الأمريكي، مرة في بداية تشرين الأول بعد المفاوضات الناجحة التي أجرتها لإطلاق سراح خمسة سجناء أمريكيين من الأسر الإيراني مقابل خمسة مواطنين إيرانيين كانوا محتجزين في الولايات المتحدة، والإفراج عن 6 مليارات دولار من أموال إيران لاستخدامها في الاحتياجات الإنسانية، والمرة الثانية على إسهامها في إطلاق سراح المخطوفين الإسرائيليين.

 

 في العام 2021 توسطت قطر بين واشنطن وطالبان وتوصلت إلى اتفاق مكن من انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان. واستوعبت قطر مئات الأفغان الذين تعاونوا مع القوات الأمريكية وحصلت مقابل ذلك على مكانة استراتيجية كحليفة كبيرة ليست عضو في الناتو. وقطر تستضيف على أراضيها القاعدة الأمريكية الأكبر في الشرق الأوسط، وهي قاعدة “العديد”.

 

 الدولتان وقعتا على عدة اتفاقات للتعاون العسكري والاستخباري، وصفقات مشتريات عسكرية لقطر من الولايات المتحدة من الصفقات الكبيرة في العالم (قطر هي الدولة الثانية في العالم من حيث حجم المشتريات العسكرية من الولايات المتحدة). في بداية كانون الثاني الماضي، وقعت واشنطن مع الدوحة على اتفاق لمواصلة استخدام القاعدة العسكرية لعشر سنوات أخرى.

 

 العلاقات الاقتصادية الوثيقة لقطر مع إيران ليست سرية؛ فالدولتان شريكتان في حقل الغاز الأكبر في الخليج الفارسي، لكن هذه العلاقة تستخدم كرافعة وساطة في أجزاء أخرى في الشرق الأوسط، الأمر الذي ساعد الولايات المتحدة أكثر من مرة. مثلاً، قطر عضوة في مجموعة الدول الخمس التي تنشغل الآن في حل الأزمة السياسية في لبنان، والتي يرتبط فيها الاتفاق الذي قد يعمل على التهدئة على الحدود بين إسرائيل ولبنان. وقطر تستضيف قيادة حماس وتمنحه مليارات الدولارات، جزء منها بمصادقة وتشجيع من إسرائيل. في الوقت نفسه، منحت عشرات ملايين الدولارات للجيش اللبناني لدفع رواتب الجنود. وتستثمر المليارات في مصر وتساعد الأردن بشكل دائم.

 

 ما زال الرئيس المصري يتذكر المقاطعة التي فرضها عليه الرئيس باراك أوباما بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، رجل الإخوان المسلمين، مثلما تتذكر ليبيا هجمات الناتو بقيادة الولايات المتحدة على جيش معمر القذافي.

 

 الأردن، الذي تراه إسرائيل مكملاً لمثلث محور الشر، بسبب تصريحات شديدة للملك عبد الله ضدها؛ بالأساس وزير الخارجية أيمن الصفدي؛ وقرار إعادة السفير من تل أبيب (للمرة السادسة)؛ وتحويل اسم مطعم إلى “7 أكتوبر” (أزيلت اللافتة بتعليمات من النظام الأردني)، ليس فقط حليفاً عسكرياً مهماً لإسرائيل، الذي رغم توتر كبير في العلاقات بين الملك عبد الله ونتنياهو، يواصل إجراء تنسيق النشاطات العسكرية والاستخبارية.

 

 الأردن حليف استراتيجي للولايات المتحدة، التي تعتبره قاعدة حيوية لمواصلة الحرب ضد “داعش”، وعاملاً أساسياً في التحالف السياسي المؤيد لأمريكا في المنطقة. الأهم هو الإسهام السياسي لمصر والأردن، الذي مجرد توقيعها على اتفاقات سلام مع إسرائيل، وضع الأسس ومنح الشرعية لاتفاقات السلام مع بعض الدول مثل الإمارات والمغرب والبحرين، التي بدونها لم تكن السعودية لتصل إلى مرحلة النقاشات حول التطبيع مع إسرائيل.

 

 احدى ذرائع حماس العلنية للقيام بعملية “طوفان الأقصى” هي وقف عملية التطبيع بين إسرائيل والسعودية، التي كانت على شفا النضوج. هذا التطبيع تم تجميده وبحق، وتبنت السعودية بدلاً من ذلك سياسة قديمة – جديدة، التي لم تعد تكتفي بتحسين ظروف حياة الفلسطينيين، بل تطالب بوقف كامل لإطلاق النار والدفع قدماً بحل الدولتين. ولكن عندما تتطاول إسرائيل على مصر وتهدد بمعاقبة الأردن وإلغاء اتفاق المياه وتطالب بمحاسبة قطر، هي بذلك لا تعرض اتفاقات السلام القائمة والممكن تحقيقها للخطر فحسب، بل تطور مساراً آخر للتصادم مع الولايات المتحدة وحلفائها.

 

---------------------------------------------

 

 

هآرتس 29/1/2024

 

 

وزراء وأعضاء كنيست في “مؤتمر الاستيطان”: سنعود إلى أرض أبينا إبراهيم بأسلوب يهوشع بن نون و”أنا أريد”

 

 

بقلم: نير حسون

 

انتشرت الطاولات في القاعة الرئيسية بمباني الأمة في القدس، وعليها لافتات تدعو آلاف المشاركين في لقاء “عائدون إلى غزة” إلى التسجيل في البؤر الاستيطانية. المهتمون يختارون بين “حيسد لالفيم”، وهي بؤرة استيطانية حريدية تخطط لإقامة مستوطنة قرب رفح، وبين “كيلات عزة هحداشه” التي تخطط لإقامة مدينة خضراء ومتنوعة في القطاع. “أمامك فرصة مرة واحدة في الحياة للمشاركة في إعادة المدينة العبرية-غزة، كمدينة تكنولوجيا خضراء مفتوحة أمام الجميع وتوحد كل أجزاء المجتمع الإسرائيلي”، كتب في الإعلان.

 

 حسب قول أحد المنظمين، عشرات العائلات سجلت في البؤر الاستيطانية الست. وعلقت على الحائط خارطة كبيرة لقطاع غزة، وعليها أسماء مستوطنات “غوش قطيف” التي تم إخلاؤها في عملية الانفصال، إضافة إلى المستوطنات المستقبلية المتخيلة.

 

 رئيس المجلس الإقليمي “شومرون” يوسي دغان، أراد إثارة انفعال الجمهور عندما قال: “كرروا ورائي: اتفاق أوسلو مات وشعب إسرائيل حي”، صرخ من فوق المنصة. كرر الجمهور هذا الشعار المثير للانفعال ثلاث مرات. وقد كان بين المشاركين وزراء كبار وأعضاء كنيست من الائتلاف، من بينهم سموتريتش وأوريت ستروك (الصهيونية الدينية)، وبن غفير، وعميحاي إلياهو، وإسحق فاسرلاوف (قوة يهودية)، وحاييم كاتس وعميحاي شكلي وشلومو قرعي (الليكود) والكثيرون غيرهم.

 

 “هناك شيء ما في الصحة الطبيعية هنا، في هذه القوة، في هذه الفرحة، وفي التمسك بأرض إسرائيل، ذات الإمكانية الكامنة كي تعطي قوة عظيمة”، قال سموتريتش. الحديث يدور عن لقاء استثنائي، الجمهور الذي ضم الآلاف غنى ورقص بسرور وانفعال لا يُرى مثله في إسرائيل هذه الأيام. الأكثر حماسة أثارتها أفلام لجنود من غزة يدعون للعودة إليها، ويصرخون بأنه لا أبرياء، أو يلتقطون صوراً مع لافتات لـ “غوش قطيف”. ورد عليهم الجمهور بصرخات وتصفير يصم الآذان.

 

المشاركون استقبلوا بن غفير كنجم روك. بعد أن رقص بحماسة مع الجمهور، صعد للمنصة على صوت صراخ وتصفير وشعارات مثل “الموت للمخربين”. وقال في هذا اللقاء: “باتوا يدركون أن الهرب يجلب الحرب. وإذا أردنا ألا يتكرر 7 أكتوبر، فيجب العودة والسيطرة على المنطقة، وكذلك طرح منطق أخلاقي توراتي – تشجيع الهجرة ووضع قانون لإعدام المخربين، وإعدام نخبة تلو نخبة، ومخرب تلو مخرب”. بعد ذلك، توجه لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وقال: “من المؤسف انتظار 19 سنة أخرى لنفهم بأن علينا إعادة “غوش قطيف” وشمال “السامرة”. لقد حان الوقت للعودة إلى البيت، العودة إلى أرض إسرائيل، وتشجيع الهجرة وفرض قانون الموت للمخربين”.

 

 

 “أنا أريد”

 

 كان يمكن إيجاد إجابات في الكراسة التي وزعها منظمو اللقاء، وهي تجيب عن أسئلة مستقبلية لـ 2 مليون فلسطيني يعيشون في القطاع. كتب المحامي افيعاد فيسيلو في الكراسة بأن “نكبة 2، أي الطرد الجماعي للعرب من غزة، فيها مبرر كامل في قوانين الحرب”. الحاخام عوزي شارباف، الأب الروحي لحركة الاستيطان في غزة، شرح في الكراسة بأن وصية وراثة أرض إسرائيل تعني “احتلال أرض إسرائيل حسب الحدود التي قيلت لأبينا إبراهيم، وأيضاً تدمير وطرد كل من يعارض حكم شعب إسرائيل في أرض إسرائيل، بالضبط كما فعل يهوشع بن نون”. الياهو ليبمان، الذي ابنه اليكيم مخطوف في غزة، شرح استناداً لمصادر يهودية بأن “الذين لا يمكن قتلهم يجب طردهم ووراثتهم، لا أبرياء”.

 

 أما الوزير قرعي فأوضح أن الترانسفير “هو الطريقة الوحيدة الحقيقية لجباية ثمن باهظ من نازيي حماس وضمان الأمن، والهجرة الطوعية”. وحسب قوله، فقد عرف مفهوم الهجرة الطوعية كما يلي: “حتى لو حولت الحرب وضع الهجرة الطوعية إلى وضع يتم فرضه إلى درجة القول: أنا أريد”.

 

 الشعار الذي رفع في اللقاء هو “الاستيطان”، لكن ما كان يقف في أساسه هو الترانسفير، الأمر الذي قيل بصراحة من فوق المنصة، بعدة أشكال. مثلاً، دانييلا فايس، وهي من منظمي اللقاء، لم تترك مجالاً للشك فيما يتعلق بحلمها في هذا الأمر. “هناك احتمالان يقفان على الأجندة، إما أن تصبح غزة يهودية ومزدهرة، أو تعود لتكون عربية وقاتلة”، قالت. “الملايين من لاجئي الحرب يتنقلون من دولة إلى أخرى في العالم كله. هل يجب أن يكون هؤلاء الوحوش مرتبطين بأرضهم؟ هل يجب أن يبقوا هم بالذات في نفس المنطقة التي جعلوها جهنم؟ 7 أكتوبر غير التاريخ، وغزة، وستفتح البوابة الجنوبية على مصراعيها، وسينتقل الغزيون إلى كل أرجاء العالم، وسيستوطن شعب إسرائيل في غزة”.

 

 ربما تُذكر هذه الأمسية كنقطة فارقة أخرى: انجرار يهودي حريدي في إسرائيل نحو اليمين. إضافة إلى الوزراء وأعضاء الكنيست الكهانيين من “الصهيونية الدينية” و”قوة يهودية” و”الليكود”، وقف وزير الإسكان إسحق غولدكنوفف من “يهدوت هتوراة”، وقال من فوق المنصة على أصوات الهتافات والتصفيق: “سـأؤيد إصلاح الظلم والعودة إلى غوش قطيف والقطاع”. “استيطان غوش قطيف سيكوي وعي العدو ويزيد أمن شعب إسرائيل… إذا اتخذت حكومة إسرائيل هذا القرار، فسأعمل بصفتي وزير البناء والإسكان، على تطبيق قرار الحكومة وإعادة بحرنا كما كان في السابق”، وعد.

 

 من بين المشاركين في اللقاء كان آفي فرحان، وهو من رموز الاستيطان السابق في القطاع. أُخلي فرحان (77 سنة) من مدينة “يميت” في شبه جزيرة سيناء، وانتقل إلى العيش في “ايلي شيناي” في شمال قطاع غزة. قبل اللقاء أمس، أعاد من جديد طباعة الصفحة التي وزعها في 2005 قبل الانفصال، والتي طلب فيها من الحكومة عدم الانسحاب من المستوطنات الثلاث التي كانت في شمال القطاع. “يجب حفر أساسات البيوت وطحن الباطون من لإعادة استخدامه في البناء. هذا أسرع وأفضل للبيئة”، أوضح.

 

 أدان الحاخام شارباف من فوق المنصة تساهل فرحان وغيره، الذين يدعون إلى البدء في جزء من القطاع. “عندما يتحدثون عن القطاع، فإنهم لا يتحدثون عن شماله أو وسطه أو الجنوب، نتحدث عن الكل، ماذا يعني منطقة “أ” و”ب” و”ج”؟ ماذا يعني شمال القطاع الذي ربما سنبدأ به؟ كل أرض هذه البلاد هي منطقة جغرافية واحدة”، قال.

 

 قبل انتهاء الأمسية، صعد ممثلو البؤر الاستيطانية المستقبلية في غزة، “معوز” و”حيسد لالفيم” و”شعاري حيف عزة” وغيرها، ورقص عشرات الأطفال والبالغين حاملين الأعلام واللافتات فوق المنصة. المغني اهارون رزئيل، أثار انفعال الجمهور: “عائدون إلى غوش قطيف. بعون الله سنغني بعد قليل في غزة”. وانضم للرقص عشرات الشباب في القاعة. “منذ نزول التوراة لم تكن لي لحظة أكثر سعادة من هذه اللحظة”، قال رزئيل.

 

---------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هآرتس 29/1/2024

 

 

دلال أبو آمنة.. أن تكون مواطناً عربياً في إسرائيل

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

المغنية والباحثة في علوم الدماغ وفسيولوجيا الأعصاب، دلال أبو آمنة، باتت ضحية ملاحقة سياسية. ففي ملحق “هآرتس” نشرت وثيقة تقشعر لها الأبدان تكشف النقاب عن ملاحقتها: الواشية الأولى، الجمهور المحرض، جيران، شرطة إسرائيل، جهاز القضاء، وبلدية العفولة.

 

 كل شيء بدأ في منشور لها بعد 7 أكتوبر: “لا ناصر إلا الله”، وعلم فلسطين. كان هذا كافياً لإطلاق الملاحظة المحفوظة للعرب المستهدفين كمؤيدين للإرهاب – رغم أنه يمكن فهم المنشور بأنه مؤيد لحماس بسبب رأي مسبق ضد العرب. انتشرت المشاركات، وعقب ذلك فتك جماهيري وتهديدات. عندما توجهت بشكوى للشرطة، تبين أن الشرطة تلاحقها.

 

 لا حرية تعبير في إسرائيل وقت الطوارئ، خصوصاً للعربي. في بداية الحرب، أعطى النائب العام للدولة، عميت ايسمان، للشرطة إذناً جارفاً لفتح تحقيقات ضد من أعربوا زعماً عن تأييد للمذبحة. وكانت النتيجة موجة اعتقالات، كثير منها عابثة، ضد عرب تجرأوا على انتقاد الحرب أو التعبير عن تضامنهم مع ألم سكان غزة.

 

 نالت أبو آمنة الشتائم من الشرطة، اقتيدت لفحص جسدي، قيدوا أيديها وقدميها، اعتقلت لثلاثة أيام، ثم أرسلت إلى إقامة جبرية لخمسة أيام، وحُول الملف إلى النيابة العامة؛ هناك يعتقدون بأنه ضعيف جداً وقدروا أنه من المتوقع إغلاقه. والضرر تم.

 

 لكن منذ أكثر من شهرين ونصف، وأبو آمنة تعاني من مظاهرات يومية بجانب بيتها في العفولة. عشرات المتظاهرين بقيادة رئيس البلدية، آفي الكباتس، يصلون كل مساء ويطالبون بطردها هي وعائلتها، يغلقون صنبور الماء الرئيس وينصبون حاوية ضخمة أمام البيت. وعلى حد قولها، حين تتوجه للشرطة يتجاهلون شكواها ويقفون إلى جانب المتظاهرين.

 

 “اختاروني كبش فداء، لأني شخصية عادية – مثقفة، أكاديمية… يريدون كسر روحي كي يخيفوا الجميع، كل العرب”، تقول.

 

 هكذا هو الحال حين تكونين عربية مواطنة دولة إسرائيل. يكفي منشور واحد على “فيسبوك” يفسر بشكل غير مناسب كي تنقلب حياتك وحياة عائلتك رأساً على عقب دفعة واحدة. كل ما كنته قبل المنشور، كل ما فعلته، إنجازاتك، مكانتك، علاقاتك مع جيرانك، الحياة التي آمنت أنها كانت لكِ… كل شيء اختفى. ومن يفترض بهم أن يحموك – الشرطة، جهاز القضاء، البلدية – يقفون ضدك.

 

 حالة أبو آمنة تشير إلى عفن الشرطة والنيابة العامة والبلدية. كل من التقاها خان وظيفته وكان شريكاً بتنكيل سياسي.

 

---------------------------------------------

 

يديعوت أحرونوت 29/1/2024

 

 

“ليكودية” تثأر من “زوجة رئيس الشاباك” بأسلوب “اجتياح العراق” وبن غفير يخطب والجمهور مصفقاً “ترحيل”: دولة أم عصابة؟

 

 

بقلم: ناحوم برنياع

 

ايرب “سكوتر” ليبي، كان رئيس طاقم ديك تشيني نائب رئيس الولايات المتحدة في عهد بوش الابن. كان تشيني نائب رئيس عظيم النفوذ، وليبي يده اليمنى. كما أنه كان صديقاً مهماً لإسرائيل، مقدراً وناجعاً، لكن ليس لهذا السبب أجر اسمه لهذا المقال.

 

في أثناء الاجتياح الأمريكي للعراق، دار جدال مرير عن قدرات صدام حسين العسكرية. ادعى ليبي وزملاؤه بأن لدى صدام سلاح دمار شامل. كان الذريعة التي استخدموها لتبرير الاجتياح. جوزيف ولسون، سفير سابق نشر مقالاً دحض فيه ادعاءهم، فقرر مسؤولو البيت الأبيض الثأر منه عبر زوجته. فسربوا اسمها، فيلري فلايم، للصحافيين. كانت فلايم عميلة سرية لـ سي.اي.ايه تعمل تحت غطاء. وكشفها عرّض حياتها للخطر، وقطع حياتها المهنية قبل الأوان. في أمريكا، مثلما في إسرائيل، يعد كشف هوية العملاء مخالفة جنائية.

 

 اضطر ليبي للاستقالة من مناصبه في البيت الأبيض، وقُدم إلى المحاكمة، وأُدين وسُجن ثلاثين شهراً. كما أن رخصته للمحاماة ألغيت. في نهاية مسيرة طويلة، نال عفواً بفضل علاقاته السياسية، لكن انتهت حياته المهنية في خدمة الدولة إلى الأبد.

 

 نشرت النائبة في حزب الليكود، تفاصيل شخصية لعميل “الشاباك”، بهدف الثأر من زوجته البروفيسورة وامرأة الاحتجاج شيكما براسلر. نشرت غوتليف قصة عن لقاء زعمت أنه جرى بين رجل “الشاباك” والسنوار، عشية 7 أكتوبر. وأوضح رئيس “الشاباك” أنها كذبة؛ وأوضح رئيس الموساد كذلك بأن ثمة ادعاء آخر لها أيضاً وهو أنه التقى براسلر، كذب هو الآخر. وانضم نتنياهو، الوزير المسؤول عن الجهازين، إلى النفيين بصوت واهن، مع تدويرة عين. المصدر الذي اعتمدت عليه غوتليف كشف النقاب عنه موقع “بيك ريبورتر” (مخبر زائف) كرجل متخفّ في الإنترنت بشخصية امرأة تحمل اسماً ملوناً “عدنا كرنفال” معجبة متحمسة لغوتليف.

 

 سخيف؟ بالتأكيد. من السهل أن نصف السيدة كنكتة تسير على قدمين، كشذوذ للمقاييس، كمادة هزلية. لشدة الأسف، هذا خطأ. تبدو غوتليف مقياساً في الواقع السائد هنا في السنة الأخيرة، فهي الكنيست، هي الحكومة، هي المعيار السائد. أما الآخرون فشذوذ.

 

 لا فرق حقيقياً بين الحريات التي تأخذها لنفسها والحريات التي يأخذها لأنفسهم كل من وزير الاتصالات شلومو كرعي، ووزيرة المواصلات ميري ريغف، ووزير العدل يريف لفين، ووزير الأمن القومي بن غفير، ووزيرة المستوطنين أوريت ستروك، ووزير الذرة دافيد أمسالم، وزملائهم. كل منهم يسيء استخدام الصلاحيات التي ليست له، ويفعل هذا علناً، من خشبة القفز. الحرب في غزة لم تغير شيئاً؛ فلا معنى لا للحقائق ولا للمصلحة العامة ولا للقانون.

 

أمس، انعقد في مباني الأمة بالقدس مؤتمر يدعو للعودة إلى الاستيطان في قطاع غزة. كان الجواب جاهزاً للجمهور لسؤال ما سيحصل لمليوني نسمة فأكثر يعيشون هناك اليوم، معظمهم في الخيام؟ بن غفير خطب والجمهور ردد وراءه “ترحيل”.

 

  كان يمكن أن نتوقع بأن الليكود سيجري لغوتليف استماعاً عقب المخالفة الأمنية التي ارتكبتها ظاهراً بنية إخراجها من لجنة الخارجية والأمن. لكن هذا لم يحصل ولن يحصل، لا عندما يدور الحديث عن نمط سلوك، ولا عندما يدور الحديث عن شيكما براسلر، عدوة القاعدة.

 

 فكروا في الهوة التي تفغر فاها بين نوعين من الشخصيات العامة يمثلان دولة إسرائيل في هذه اللحظة.

 

 أمس، في باريس، مثّل الدولة في الموضوع الأهم كل من رئيس الموساد دادي برنياع، ورئيس “الشاباك” رونين بار، واللواء المسؤول عن مسألة المخطوفين نيسان ألون: عصبة نوعية، أفضل الموجود. نتنياهو بعثهم. ولكن في نظر العصبة التي تعطي النبرة في الليكود فإن برنياع يرتبط بالخونة، وبار عميل حماس، وألون يساري متطرف… كلهم أعداء الشعب. يشهر بهم ليس في تغريدات سامة للوزراء فقط، بل أيضاً في نبرة سائدة لدى رئيس الوزراء في البيت، الأقرب إلى أذنه.

 

من يمثل الحكم في إسرائيل، هؤلاء أم أولئك؟ دولة أم عصابة، هذا هو السؤال.

 

---------------------------------------------

 

 

هآرتس 29/1/2024

 

 

تحقيق: الجمعية التي تولت جمع الجثث في 7 أكتوبر كان همها خلق القصص ونشرها إعلامياً

 

 

بقلم: أهارون رابينوفيتش

 

عدد من الأشخاص يجلسون حول طاولة بلاستيك دائرية تحت أغصان شجرة في يوم شديد الحرارة. الأجواء لطيفة والحديث يتدفق. بعضهم يدخن وبعضهم يشرب المشروبات الخفيفة ويأكل الفطائر. تجلس على الكرسي المجاور فتاة تنشغل بهاتفها. أجواء لطيفة في هذا المكان الصغير. حتى الجثة المرمية قربهم على الأرض والتي تم لفها بكيس بلاستيك أبيض، لا تشوش عليهم أجواءهم؛ فهي ليست خارج القصة، بل جزء منها.

 

المكان: كفار عزة. الوقت: بداية الأسبوع الثاني للحرب. الأشخاص الموجودون هناك بين البيوت المحروقة والدمار الكبير، هم متطوعون عشرة من “زاكا” القدس. الكيس الموجود قربهم يزينه شعار هذه الجمعية. أحد المتطوعين في جمعية أخرى قال: “من الغريب أن الجثة قربهم بينما يجلسون ويدخنون ويأكلون. أمر لا يصدق”. سألوا أعضاء زاكا: لماذا لا ينقلون الجثة إلى سيارة الإسعاف أو إلى ثلاجة الشاحنة الواقفة على الجانب الآخر للشارع؟ فأجابوا بلا مبالاة: سنعالجها لاحقاً. وعادوا إلى العمل.

 

الذي اقترب من المجموعة سمع المتطوعين الثلاثة وهم ينشغلون بمحادثة فيديو وتوثيق أفلام لجني الأموال. وحسب الوصف الذي قدمه المتطوع، فإن الجثة كانت جزءاً من ذلك. جزء من العرض المقدم للمتبرعين، في الوقت الذي وصل فيه سباق ضد الزمن لجمع جثث ضحايا المذبحة وإخلائها إلى ذروته. “فتحوا هناك غرفة عمليات للتبرع”، وصف شخص آخر كان شاهداً على الحدث، الذي عمل خلال الحرب في بلدات الغلاف. “بعد أسبوعين شاهدتهم يعملون بشكل مشابه في “بئيري”، يجلسون ويصورون أفلاماً ويجرون محادثات لجمع التبرعات داخل الكيبوتس”. وقالت “زاكا” إن الجمعية “لم تُجر أي محادثات لجمع التبرعات في الميدان. وفي حالة وصلتهم أنباء عن حدث ما، سيتم فحصه ومعالجته”.

 

تحقيق “هآرتس”، الذي يستند إلى شهادات جهات في الجيش كانت في الميدان وفي معسكر “شورا”، الذي تم تجميع الجثث فيه، وشهادات متطوعين عملوا في بلدات الغلاف، من زاكا ومن طواقم إنقاذ أخرى، يثير التساؤلات حول السلوك أثناء إخلاء الجثث. مئات المتطوعين في زاكا القدس قاموا بأعمال مهمة، جمعوا الجثث في ظروف قاسية. ولكن في الوقت نفسه، خصصت بعض نشاطات الجمعية، التي تورطت عشية الحرب في ديون بالملايين، لتجنيد التبرعات والعلاقات العامة وإجراء المقابلات في وسائل الإعلام وجولات للمتبرعين.

 

عملياً، قرر الجيش التنازل في الأيام الأولى والحاسمة عن مئات الجنود الذين تم تدريبهم على التشخيص وجمع القتلى في أحداث معقدة كبيرة؛ وبدلاً من ذلك فضلت قيادة الجبهة الداخلية استخدام جسم خاص، “زاكا”، إلى جانب جنود وحدة التمشيط في الحاخامية العسكرية في المنطقة الجنوبية، “ييسر”. الحاجة للقوة البشرية كانت كبيرة، لكن عند تجنيد الاحتياط في 7 أكتوبر تم إبلاغ جنود “ييسر” في الشمال و”ييسر” التابعة لقيادة الأركان وجنود “أنوح” (جمع البيانات وعدد القتلى التابعة لقيادة الجبهة الداخلية) بأن عليهم الانتظار.

 

“لا أملك تفسير لماذا لم يستخدموا “أنوح” ورجالنا في الشمال؟”، قال للصحيفة ضابط في “ييسر” التي تعمل في الجنوب. كما أن ضباطاً في “شورا” لم يستطيعوا الإجابة عن سؤال لماذا لم يتم استخدام رجال الوحدة التي تم تجنيدها وجميعهم جنود يعرفون كيفية العمل تحت النار؟ وقال ضابط في “انوح” إن قادته “توسلوا” لتشغيلهم، حسب قوله. القيادة العليا في الجبهة الداخلية رفضت. عملياً، من الأسبوع الثاني للحرب بدأ رجال “أنوح” يعملون في الميدان. وهذا أيضاً لم يكن بشكل كامل.

 

في هذه الأثناء، كان متطوعو زاكا هناك. عمل معظمهم في ساحات صعبة من الصباح حتى المساء. ولكن يتبين من الشهادات أنه إلى جانب ذلك، كان هناك من عملوا، ضمن أمور أخرى، بأشياء أخرى مختلفة. كجزء من الجهد للحصول على وقت في الشاشة، ونشرت “زاكا” قصصاً فظيعة لم تحدث حقاً، ونشرت صوراً حساسة ورسومات وعملت على الأرض بشكل غير مهني. “لقد كان لاختيار زاكا ثمن”، قالت مصادر في معسكر “شورا”. “لقد تسلمنا الأكياس منهم بدون توثيق. أحياناً مع أشلاء جثث لم تكن مرتبطة ببعضها”. قال ضابط في المعسكر. “الأمر الذي صعّب عملية التشخيص”. وحسب قوله، يدور الحديث أيضاً عن أكياس وصلت بعد بضعة أيام على اندلاع الحرب. وكما وصف متطوع في معسكر “شورا”: “كانت هناك أكياس فيها اثنتان من الجماجم وأكياس فيها أيدٍ دون معرفة أصحابها”.

 

بعد ذلك بأسابيع، بقي في المعسكر مئات الأكياس التي تم تجميع جثث فيها بشكل متأخر، وكان يجب معرفة أصحابها. عملياً، بقي بعضها مجهول الهوية حتى الآن. متطوع في “زاكا القدس”، يخدم في الحاخامية العسكرية، قال في محادثة مع الصحيفة إن هناك فجوة كبيرة بين مهنية جنود الحاخامية العسكرية وقيادة الجبهة الداخلية ومهنية المتطوعين في “زاكا”. “وصلنا إلى الميدان عند بداية الحرب، ولم تكن هناك أي جثث أو أشلاء على الأرض، لم يتم توثيقها كما هو مطلوب”، قال المتطوع. “في زاكا بصعوبة سجلوا شيئاً ما على الأكياس. أما بالنسبة للتوثيق فليس هناك ما نتحدث عنه”. هذا الجندي المتطوع نفسه وجه أصبع الاتهام للجيش الذي ألقى هذه المهمة على “زاكا”.

 

مع ذلك، ليس متطوعو “زاكا” وحدهم من أخطأوا. فضابط في “ييسر الجنوب” اعترف أنه لم يوثق هو رجاله أيضاً مكان كل جثة في الأيام الأولى، الأمر الذي أخر عملية التشخيص. “في البداية، لم يكن بالإمكان التوثيق لأن العبء والضغط كانا كبيرين”، أوضح. “لكننا عملنا بشكل أساسي، وبعد ذلك طلب منا إعادة النظر فيما فعلناه. وعندما تم إحضار أكياس الجيش، كان الفرق واضحاً”، قال متطوع عمل في المعسكر.

 

جنود في وحدة “أنوح” ومتطوعون من جمعيات أخرى قدموا شهادات حول الاشتباه بإهمال “زاكا”، حتى من جوانب أخرى. وحسب قولهم، تقدموا عدة مرات من سيارات وبيوت كان عليها ملصق “زاكا”، وإشارة بأن المكان تم تنظيفه من الجثث والأشلاء، لكن الحقيقة كانت مختلفة. “أخذت زاكا جزءاً من جثة وتركت الجزء الآخر في البيت”، قال متطوع من “شورا”. أحد الأشخاص الذي تجول مع زاكا في كيبوتسات الغلاف، قال إنه دخل مع رجال الجمعية إلى البيوت التي عليها إشارة بأنها نظيفة. ولكننا فعلياً شاهدنا فيها بقايا إنسان.

 

ثمة أمثلة كثيرة؛ ففي الموقف الذي أقيم في “تكوما” والذي أحضرت إليه السيارات التي تضررت في شوارع الجنوب وفي منطقة الحفلة في “ريعيم”، تم العثور على أشلاء لم يتم جمعها. “لقد وجدنا هناك أجزاء من العظام وأشلاء أخرى”، قال للصحيفة جندي في “أنوح”. “الكثير من الأشخاص عندنا غاضبون: لماذا دربونا على فعل ذلك وفي يوم العمل منعونا من العمل”.

 

 

 

وعندما بدأ رجال “أنوح” في العمل في الأسبوع الثاني للحرب، أرسلوا لتجميع جثث المخربين ونقلها إلى معسكر “سديه تيمان” أو لمعالجة قواعد الجيش. “سألنا القادة: لماذا لا يسمحون لنا بالدخول؟ وفي كل مرة نحصل على جواب مختلف”، قال جندي في الوحدة. “مرة قالوا لنا إنه تم تدريبنا على الزلازل، ومرة قالوا لنا بأنهم لا يريدون تعريض حياة الجنود للخطر. ومرة أوضحوا لنا بأن قائد المنطقة أعطى المهمة لوحدة الإنقاذ القطرية، التي أحد أعضائها شخص رفيع في زاكا”.

 

وأضاف المصدر: “لو عملنا كما علمونا لوفرنا معاناة الكثير من الأشخاص ودفناهم قبل وقت كبير. بعض المتطوعين في “زاكا” اعترف في محادثة مع الصحيفة بأنه لو عمل جنود “أنوح” معهم لكان أفضل وأسرع وأدق.

 

 

السترة هي الرسالة

 

في الأيام الأولى للحرب وبعدها أيضاً شوهد في وسائل الإعلام جنود يرتدون الزي العسكري ورجال من قيادة الجبهة الداخلية. ولكن فوق الزي العسكري الذي كانوا يرتدونه سترات لا تعود للجيش، وكان مكتوباً عليها اسم “زاكا”. ضباط في الجيش شاهدوا ذلك لم يعرفوا كيفية الرد.

 

حاييم اوتمزغين، قائد “الوحدة الخاصة” في زاكا والذي يخدم في الاحتياط في وحدة الإنقاذ القطرية في الجبهة الداخلية، “يحتسا”، هو أحد الضباط الكبار الذين أكثروا من الظهور بهذا الزي، ليس على شاشات التلفاز فحسب. قبل نهاية تشرين الأول، في الوقت الذي كان فيه أعضاء الجمعية يعملون في الكيبوتسات، كان يقوم بدور البطولة في فيلم فيديو قصير أنتج بشكل متقن وسجل في الميدان. في هذا الفيلم، هو وابنه كانا يغنيان أغنية كتبها هو نفسه. وكان الفيلم مرفقاً بكتابات هدفت إلى فتح القلوب والجيوب أيضاً. “مئات المتطوعون في “زاكا” تركوا خلفهم عائلات داعمة وذهبوا بإخلاص وشاهدوا الأعمال الفظيعة التي جرت في الجنوب، ثم عادوا لبيوتهم بكيس مليء بالمشاعر. أنتم مدعوون لتأدية التحية لهم”، كتب في وصف الفيلم مع رابط للتبرع.

 

في محادثة مع “هآرتس” قال اوتمزغين إنه صور الفيديو القصير، وبعد ذلك قررت الجمعية استخدامه في حملة جمع التبرعات. حسب قوله، لم يأخذ منه التصوير والإخراج الكثير من الوقت. “الجمعة، كتبت وفي منتهى السبت سجلت في الأستوديو، وبعد يوم أو يومين تم تصوير الفيديو”. لم يكن اوتمزغين جزءاً من الحملة الدعائية لـ “زاكا” القدس فحسب، لكن ثمة أقوال من عدة مصادر لعب هو دوراً رئيسياً في المحور الذي ربط بين الجمعية والجيش الإسرائيلي وقيادة مناطق أخرى منذ مساء ذاك السبت، بالأساس في موقع الحفلة في “ريعيم” وفي “كفار عزة” وفي “بئيري”. بعد شهر على اندلاع الحرب، منع اوتمزغين دخول متطوع من جمعية منافسة إلى “كيبوتس بئيري”، رغم أنه حصل على مهمة أخرى من ضابط. وأكد اوتمزغين أنه قام بمنعه. وقال إنه فعل ذلك لاعتقاده أنه ينتحل شخصية شخص آخر. ومصدر في زاكا تل أبيب (منافسة أخرى) شهد أن أعضاء جمعيته منعهم ضباط في “يحتسا” من الوصول إلى منطقة في الجنوب. “قالوا لنا بصراحة إن حاييم اوتمزغين قال إنهم لا يريدوننا هناك”، قال هذا المصدر.

 

هنا يطرح سؤال: ما العلاقة بين “يحتسا” وزاكا القدس؟ الجواب أن اوتمزغين لا يخدم فقط في الاحتياط في “يحتسا”، بل هو مقرب جداً من قادة الوحدة. متطوع من زاكا يعرف اوتمزغين عن كثب، قال في محادثة مع الصحيفة إنه هو الذي وقف وراء موقف قيادة “يحتسا” من الساحات ووراء استخدام زاكا. “هو الذي لديه القوة ليقول للقادة: هذا الحدث لنا”، وأضاف المتطوع بابتسامة صفراء: “المتطوعون الآخرون لا يمكنهم الدخول لأنها منطقة عسكرية مغلقة”.

 

“أدركت أننا في سباق مع الزمن”، قال اوتمزغين في محادثة مع القناة 7. “اتصلت بقائدي العقيد غولان فاخ، وقلت له إنها مهمتنا”. هكذا فإن قيادة الجبهة تولت بشكل رسمي السيطرة على المنطقة، والذراع التنفيذي، لا سيما في الأسبوع الأول. وفي محادثة مع الصحيفة، أوضح اوتمزغين بأنه بين الجيش وزاكا اتفاقاً على تشغيل هذه الجمعية، الأمر الذي يمكن من عمل الجمعية على الأرض”.

 

وجاء من الجيش الإسرائيلي بأنه “في أعقاب أحداث 7 أكتوبر أقيم تجمع لعدة فرق برئاسة ضابط برتبة عقيد من أجل تولي مهمة العثور على الجثث وجمع الأشلاء في بلدات غلاف غزة. وإزاء تعقيد المهمة وعدد المصابين، فإن وزارة الدفاع تعاقدت مع “زاكا” للحصول على المساعدة وتعزيز قوات هذه المهمة. كان بين الوحدات التي شاركت في الجهود العسكرية، وحدة التمشيط التابعة للحاخامية العسكرية. أقسام جمع البيانات والقتلى “أنوح” تم تجنيدها بالكامل في الأسبوعين الأولين للحرب. سيجري الجيش الإسرائيلي تحقيقاً مفصلاً ومعمقاً حول تشغيل القوة من لفحص التفاصيل حتى النهاية حين تسمح الظروف العملياتية بذلك، وستنشر النتائج على الجمهور”.

 

---------------------------------------------

 

 

معاريف 29/1/2024

 

 

يرقصون على الدم

 

 

بقلم: بن كسبيت

 

في كل يوم معين، كانت تكفي غمزة غاضبة من مكتب رئيس الوزراء لأجل تفريق العصبة الهاذية والراقصة، أول من أمس، في مباني الأمة في القدس. دبكة الراقصين الهاذية، التي ضمت 30 نائبا ووزيرا من الائتلاف، بمن فيهم أعضاء الحزب الحاكم، ألحقت بإسرائيل ضررا استراتيجيا لا مرد له في الساحة الدولية المهمة جدا لمواصلة شرعية الحرب. لكننا لسنا في "يوم ما". نحن في عصر لا يوجد فيه ملك في إسرائيل. رئيس الوزراء هو دمية قطنية يُفعلها ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. من المرة السابقة التي طرح فيها موضوع استئناف الاستيطان اليهودي في قطاع غزة على جدول الأعمال، سارع نتنياهو لنشر تصريح بالانجليزية أعلن فيه بأن هذا لن يحصل وإسرائيل لا تنوي تجديد حكمها في غزة. افترض أنه تلقى في حينه بلاغا صريحا بأن هذا يجب أن يكون البيان الصريح الأخير له في هذا الموضوع. أما الآن فهو يصمت.

 

كل الناطقين بلسان الحكومة، الائتلاف ونتنياهو، يروجون لنا بأنه محظور ممارسة السياسة الحزبية الآن. محظور الحديث عن "اليوم التالي"، محظور الحديث عن انتخابات، عن لجنة تحقيق رسمية، عمن هو المسؤول ومن الذي قادنا الى الحفرة التي وقعنا فيها. وها هم، أول من أمس، اجتمعوا في ميدان المدينة كالعرسان والعرائس (لكن بانفصال!) في يوم عرسهم، ورقصوا. على ماذا؟ على "اليوم التالي". على السياسة الحزبية الصرفة. فتجديد الحاضرة اليهودية في غزة هو السياسة الحزبية الأكبر في العالم والأكثر إثارة للخلاف في البلاد. هم يأخذون الإجماع النادر حول هذه الحرب، ويفككونه الى عناصر. في ظل الرقص. فعلى ماذا يحتفلون هناك، أولئك الأشخاص الهاذون، المنقطعون والمتعرقون؟ لقد بدا هذا كخليط بين فرحة بيت هشوأفا ورقصات المظليين في المبكى فور تحرير القدس. لكن هذا لم يكن هكذا. هم يرقصون في ذروة الحرب، في ذروة إحدى المصائب الأكبر التي وقعت للشعب اليهودي. هم لم ينجحوا بعد في البدء في إعادة مئات آلاف اللاجئين الى بيوتهم في إسرائيل. إقليمان مزدهران، لا يوجد حولهما أي خلاف، تحولا الى منطقتين جبهويتين، الى حزامي أمن خاضعين لرحمة نصرالله والسنوار. وهم ليسوا حتى قريبين من إعادة هؤلاء الأشخاص الى بيوتهم، لكنهم يحتفلون منذ الآن بتجديد الاستيطان اليهودي في غزة.

 

بينما هم يرقصون، فإن 25 عائلة تجلس أيام الحداد السبعة. بينما هم يرقصون، تصلي مئات العائلات لمصير أعزائها، بعضهم كبار في السن، مرضى ونساء، محتجزين في أنفاق الإرهاب في غزة. بينما هم يحتفلون، تحاول إسرائيل الدفاع عن نفسها في وجه هجمة دولية منسقة في محكمة العدل الدولية، في محاكم عديدة أخرى، في ميادين المدن، في الشبكات الاجتماعية. منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) ونحن نحاول الإثبات بأنهم ذبحونا وقتلونا، بأننا لم نبادر الى العنف وليست لدينا نوايا احتلال وضم جديدة وأننا ضحية الحدث. أما هذه العصبة فقد جاءت لتزج إصبعا وسطى في عين كل هذا. من خشبة القفز.

 

عندما سُئل عن هذا نتنياهو، أول من أمس، في مؤتمر صحفي له، تملص كعادته. السياسة في قطاع غزة قال (ليس بهذه الكلمات) يقررها الكابينت الموسع. "الموسع"، لأن فيه يجلس أيضا قائدا المؤامرة، بن غفير وسموتريتش. لم يعد قادرا على أن يقول بصوته ما يفترض بكل زعيم إسرائيلي سوي العقل أن يقوله في هذا الوقت، بينما نحن معلقون تماما في استمرار إرساليات الذخيرة من الولايات المتحدة، استمرار الإسناد العسكري، استمرار المظلة السياسية: لا، ليس لنا نية لإعادة إقامة غوش قطيف من جديد. توجد لنا نية واحدة فقط، وهي تفكيك وتقويض وإبادة حكم حماس. هذه الجملة هي لب قلعة الشرعية التي نقاتل في سبيلها الآن. ما حصل، أول من أمس، في مباني الأمة في القدس، يقوض هذه القلعة ويجعلها نكتة.

 

خذوا نتنياهو، أغلقوا عليه في غرفة، اربطوه في جهاز كشف الكذب واستجوبوه إذا كان في العالم أي احتمال بإعادة إقامة المستوطنات في غزة. هو سيقول الحقيقة. هو يعرف الحقيقة. عندما يخرج من الغرفة، سيخاف، سيسكت أو سيكذب، كعادته. لا يوجد ثمن هو ليس مستعدا لأن يدفعه كي يواصل الحيازة بحكومة الـ64 المهزوزة التي أقامها هنا. كما قيل هنا مرات عديدة: هو ليس مؤهلا لشيء. فبالتأكيد ليس لإدارة دولة في أزمة عميقة بهذا القدر. أحد وزرائه شوهد، أول من أمس، يتجول مع قبعة كاسكيت وعليها شعار نتنياهو الجديد "النصر التام". الرجل الذي اتهم، أول من أمس، عائلات المخطوفين بتعزيز حماس، الرجل الذي تهجم على قطر بدعوى تمويل حماس، نسي أنه هو من أحدث كل هذا: هو الذي جلب المبعوث القطري الى غزة. هو وليس أي أحد آخر. هو المسؤول عن القوة التي ترعرعت هنا، هو المسؤول عن المذبحة والقتل والاختطاف، والآن هو يتهم الرسول، بالمسوؤلية عن الضحايا.

 

---------------------------------------------

 

 

أكسيوس 29/1/2024

 

 

اجتماع سري في الرياض لمسؤولي أمن قومي عرب لتنسيق خطط ما بعد الحرب بغزة

 

اجتمع كبار مسؤولي الأمن القومي من السعودية والأردن ومصر وفلسطين سرا في الرياض قبل 10 أيام لتنسيق الخطط لليوم التالي للحرب في غزة ومناقشة سبل إشراك السلطة الفلسطينية في الحكم.

 

وقالت مصادر لموقع "أكسيوس" الأمريكي إن الاجتماع في الرياض استضافه مستشار الأمن القومي السعودي مساعد بن محمد العيبان، مبينة أن المشاركين الآخرين هم مدير المخابرات العامة الفلسطينية ماجد فرج ونظيريه المصري عباس كامل والأردني محمد رسول الكيلاني.

 

وذكرت المصادر أن المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين اطلعوا على الاجتماع ومحتوياته من قبل بعض المشاركين، مبينة أن رؤساء الأجهزة الأمنية السعودية والمصرية والأردنية أبلغوا فرج بأن السلطة الفلسطينية بحاجة إلى إجراء إصلاحات جدية تمكنها من تنشيط قيادتها السياسية.

 

وكان أحد الطلبات التي قدموها هو أنه إذا تم تشكيل حكومة فلسطينية جديدة، فإن رئيس الوزراء الجديد سيحصل على بعض الصلاحيات التي كانت مركزية في السنوات الأخيرة في عهد الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

 

وقال أحد المصادر إن السعوديين والمصريين والأردنيين أكدوا أن هذه الإصلاحات ضرورية حتى تعود السلطة الفلسطينية إلى حكم غزة بعد فترة انتقالية بعد الحرب.

 

وقال مستشار الأمن القومي السعودي خلال اللقاء إن المملكة لا تزال مهتمة بالمضي قدما في التطبيع مع إسرائيل مقابل خطوات عملية وغير قابلة للنقض من جانب إسرائيل من شأنها أن تمهد الطريق نحو إقامة دولة فلسطينية، حتى لو لم يتم إنشاء هذه الدولة على الفور.

 

---------------------------------------------

 

 

يديعوت احرونوت 29/1/2024

 

 

3 شروط إسرائيلية للسماح بزيارة وفد أممي لشمال غزة

 

 

 

كشف إعلام عبري، الإثنين، أن إسرائيل حددت 3 شروط للسماح بزيارة وفد أممي إلى شمالي قطاع غزة، لرصد الاحتياجات المدنية فيه.

 

وقالت صحيفة “يديعوت احرونوت” العبرية: “وافق مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي على زيارة وفد من الأمم المتحدة يرغب في تحديد الاحتياجات المدنية في شمال غزة”.

 

وأضافت: “جاء القرار بعد أن حثّت الولايات المتحدة إسرائيل على السماح للوفد بتقييم الوضع في القطاع”.

 

واستدركت الصحيفة: “ومع ذلك، تم وضع 3 شروط من قبل المجلس الوزاري الحربي في اجتماعهم يوم الخميس”.

 

وبحسب المصدر نفسه، “اشترط وزير الدفاع يوآف غالانت على أنه قبل دخول غزة، يجب على الوفد زيارة المجتمعات الإسرائيلية القريبة من الحدود التي تعرّضت لهجوم يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي”.

 

أما الشرط الثاني، وفق الصحيفة، فقد “أوضحت إسرائيل أن الزيارة لن تعني ضمنًا نية السماح لسكان (شمال) غزة بالعودة إلى منازلهم بعد إجلائهم إلى الجنوب الآمن”، وفق التعبيرات الإسرائيلية، علما أنه خلال الحرب المستمرة من نحو 4 أشهر ثبت أنه لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة من شماله إلى جنوبه، وفق تقارير أممية.

 

وبالنسبة للشرط الثالث، فهو وفق ما نقلت الصحيفة: “إدراج أمريكيين في بعثة الأمم المتحدة”.

 

وأفادت “يديعوت احرونوت” بأنه “سيجري تنسيق الزيارة من قبل منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينيسلاند”.

 

وقالت: “مع ذلك، فإن القضية التي لا تزال دون حل هي: من سيوفر الأمن للوفد، هل الجيش الإسرائيلي، أو أفراد الأمن التابعين للأمم المتحدة”.

 

ولم تحدد الصحيفة الموعد المحتمل لزيارة الوفد الأممي.

 

وأشارت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قد أبلغ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بموافقته على الزيارة خلال جولته في المنطقة في 9 يناير/كانون ثاني الجاري.

 

وفي حينه، قال بلينكن في مؤتمر صحافي: “اتفقنا اليوم على خطة للأمم المتحدة للقيام بمهمة تقييم لتحديد الاحتياجات، وينبغي القيام بذلك للسماح للفلسطينيين بالعودة بأمان إلى منازلهم في الشمال، ستبدأ المهمة بعملية لتقييم هذه العقبات وكيف يمكن التغلب عليها”.

 

لكن الصحيفة أوردت أن “نتنياهو قال لبلينكن خلال لقائهما إنه من غير الممكن السماح لسكان غزة بالعودة إلى شمال غزة في هذه المرحلة”.

 

وأضافت: “مع ذلك، اتفق الجانبان على المضيّ قدمًا بزيارة وفد من الأمم المتحدة إلى المنطقة لتقييم الأضرار واستكشاف إمكانية إنشاء هياكل مؤقتة يمكن للسكان العودة إليها في المستقبل”.

 

وفي حال تمّت، فإنها ستكون أول زيارة أممية إلى شمالي قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023.

 

---------------------------------------------

 

 

آفي شلايم يرى سابقة خبيثة وراء تصرفات إسرائيل في غزة

 

 

أجرى المقابلة ستيوارت ميلر في لوس أنجلس تايمز، في 27 نوفمبر 2023.

 

ولِد آفي شلايم -مؤلِّف "تواطؤ عبر ضفَّتي الأردن"؛ و"الحرب والسلام في الشرق الأوسط"؛ والجدار الحديديّ"- في بغداد، لكنَّه فرَّ منها إلى إسرائيل بصحبة عائلته جرَّاء الاضطهاد الذي تصاعد في أعقاب عام 1948. انتقل فيما بعد إلى إنكلترا، حيث يعيش ويدرِّس منذ أكثر من نصف قرن. حاورنا شلايم، البالغ من العمر 78 عاماً، عبر تقنيَّة الفيديو من منزله في إنكلترا، عن الحرب الدائرة حاليَّاً وكذلك آرائه بصدد أنَّها تحدثُ كنتيجةٍ للماضي. وقد نقَّحنا هذه المقابلة لأجل الطول والإيضاح.

 

 

 

تاريخُ هذه الأرض ممزَّقٌ ما بين روايتين متناقضتين، إسرائيليَّة وفلسطينيَّة. ماذا يمكن أن نقول، على نحوٍ قاطع، بصدد ما حدث في عام 1948؟

 

في أعقاب حرب عام 1948، كان الفريقان المنتصران هُما إسرائيل، التي وسَّعَت أراضيها إلى ما بعد الحدود التي نصَّت عليها خطَّة الأمم المتَّحدة لتقسيم فلسطين، والملك الأردنيّ عبد الله الذي استولى جيشُه على الضفَّة الغربيَّة (ستحتلُّها إسرائيل في عام 1967) التي كان من المفترض أن تشكِّل قلب الدولة الفلسطينيَّة بناءً على خطَّة الأمم المتَّحدة آنفة الذكر. وأمَّا الفريق الخاسر، فكان 750 ألف فلسطينيّ -أي أكثر من نصف عدد السكَّان- الذين أصبحوا لاجئين خلال النكبة. هذه هي الجذور الحقيقيَّة للصراع الحاليّ.

 

قال نعوم تشومسكي ذات مرَّةٍ إنَّ الاستعمار الاستيطانيّ هو أكثر أشكال الإمبرياليَّة تطرُّفاً وشرَّاً. وقد كان من سوء حظِّ الفلسطينيِّين أن يكونوا في موقع المتلقِّي لكلٍّ من الاستعمار الاستيطانيّ الصهيونيّ والإمبرياليَّة الغربيَّة؛ البريطانيَّة أوَّلاً ثمَّ الأميركيَّة. منذ تأسيسها، كان هدف الحركة الصهيونيَّة إقامة دولةٍ يهوديَّة على أكبر مساحةٍ ممكنةٍ من الأرض، مع أقلّ عددٍ ممكن من العرب داخل حدودها.

 

 

 

هل يرى الإسرائيليّون والفلسطينيّون الحرب الحاليَّة استناداً إلى هذا السياق؟

 

قال نتنياهو إنَّنا نخوض "حرب الاستقلال الثانية". لا أحد يُهدِّد استقلال إسرائيل أو وجودها اليوم، فما سبب تسميتها حرب الاستقلال الثانية؟ أعتقد أنَّ هناك سبباً خبيثاً وراء ذلك -لقد اقترنَت حرب الاستقلال الأولى بالنكبة، واليوم هناك مؤشِّرات في الوثائق المسرَّبة تدلُّ على أنَّ الحكومة الإسرائيليَّة تُخطِّط لطردٍ جماعيٍّ ثان (من غزَّة). ما نستخلصُه من التاريخ هو أنَّه عندما تشنُّ إسرائيل حملة تطهيرٍ عرقيٍّ مثلما فعلَت في عام 1948، فإنِّها لن تسمحَ للعرب بالعودة إلى ديارهم. أعتقدُ أنَّ أميركا تتحمَّل إلى حدٍّ كبير المسؤوليَّة عمَّا وصلنا إليه اليوم بسبب دعمها الأعمى لإسرائيل، وذلك ما زال مستمرَّاً على الرغم ممَّا ترتكبه الأخيرة من فظائع في غزَّة.

 

 

 

لكن حماس تحدَّثت عن نيَّتها بإبقاء حالة حربٍ دائمة. ألا يُشكِّل هذا تحدِّياً لاستقلال إسرائيل أو وجودها؟

 

ينسى الناس فوز حماس في عام 2006 بانتخابات نزيهةٍ وحرَّة، ليس فقط في غزَّة، بل وفي الضفَّة الغربيَّة أيضاً. وأنَّها شكَّلت حكومةً لكن رفضَت إسرائيلُ الاعتراف بها، وكذلك فعلَت الولايات المتَّحدة والمملكة المتَّحدة والاتِّحاد الأوروبيّ؛ شنَّت إسرائيل حرباً اقتصاديَّة بهدف تقويض حكومة حماس، وانضمَّ إليها حلفاؤها من الأوروبيّين والأميركيّين، إمعاناً في الغرق بعارهم الأبديّ. هذا واحد من ضمن أمثلةٍ عديدة على النفاق المطلق للقوى الغربيَّة. يقولون إنَّهم يؤمنون بالديموقراطيَّة، وها أمامك مثالٌ ساطع لديموقراطيَّة عربيَّة على أرض الواقع، لكنّ الحلفاء الغربيِّين رفضوا الاعتراف بنتيجتها لأنَّ الشعب الفلسطينيّ قد اختار المجموعة الخاطئة من الأشخاص.

 

 

 

سعت حركة "المؤرِّخين الجدد" إلى التحرُّر من الأفكار القديمة بصدد أحداث عام 1948. ما هي الاعتقادات الخاطئة التي لا تزال قائمةً إلى اليوم؟

 

الاعتقاد الخاطئ الرئيسيّ هو أنَّ حماس هي العقبة في طريق السلام. لدى الحركة ميثاق مروِّع، وكان لديها برنامج متطرِّف لكنَّها، بعد وصولها إلى السلطة، خفَّفت من حدَّة برنامجها وعرضَت على إسرائيل وقف إطلاق نار طويل الأمد (كجزءٍ من مفاوضات أشمل على الأرض وقضايا أخرى في عام 2006، ومرَّة أخرى في عام 2015). بيد أنَّ إسرائيل رفضت ذلك. لذا يُمثِّل هذا أحد الاعتقادات الخاطئة؛ أنَّ إسرائيل ترغب بالسلام بينما تحول حماس دون تحقيقه. إسرائيل هي العقبة في طريق السلام.

 

هناك اعتقادٌ خاطئ آخر مفاده أنَّ إسرائيل أرادَت حلَّ الدولتين. هذا هراء محض! من المألوف الآن القول إنَّ حلَّ الدولتين قد مات بسبب أشياء على غرار المستوطنات الإسرائيليَّة في الضفَّة الغربيَّة، لكنَّني أقول إنَّ حل الدولتين لم يولد قط؛ إذ لم تطرح أيُّ حكومة إسرائيليَّة، منذ عام 1967، حلَّ دولتين بصيغةٍ يَقبلُها حتَّى أكثر الزعماء الفلسطينيِّين اعتدالاً، وكذلك لم يسبق أن ضغطت أيّ حكومة أميركيَّة حقَّاً على إسرائيل من أجل حلّ الدولتين.

 

 

 

من الواضح أنَّ لديك قناعتك الراسخة. في ظلِّ هذا التاريخ العنيف والمتشابك، والحرب الحاليَّة، هل بمقدور أيِّ صحافيّ أو مؤرِّخ أن يكون قريباً من الموضوعيَّة؟

 

من الصعب جدَّاً أن يكون المرء موضوعيَّاً لأنَّها قضيَّةٌ على قدرٍ عالٍ من العاطفيَّة، والعواطف متصاعدةٌ بشدَّة الآن لدى الطرفين كليهما. لكن في وسع الباحثين النظر إلى هذا الصراع نظرةً موضوعيَّة إلى حدٍّ ما. رشيد خالدي هو أستاذٌ في جامعة كولومبيا، وكذلك أبرز المؤرِّخين الفلسطينيِّين للصراع، ولا أرى أنَّنا مختلفان كثيراً في المبدأ؛ فكلانا يعتبر أنَّ جوهر الصراع هو الحركة الاستعماريَّة الاستيطانيَّة الصهيونيّة.

 

 

 

في كتابك "الجدار الحديديّ"، ركَّزت على إصرار إسرائيل على مَنَعتها. كيف تؤثِّر هجمات حماس على هذا التصوُّر داخل إسرائيل؟

 

لقد ظنَّت إسرائيل نفسها أنَّها لا تُقهَر، واعتقدَ نتنياهو "أنَّ بمقدورنا فعل ما نشاء في الضفَّة الغربيَّة، وإدارة الوضع في غزَّة، وتحقيق السلام مع الدول العربيَّة من دون الاضطرار إلى تقديم أيِّ تنازلاتٍ إلى الفلسطينيّين". لكن في السابع من أكتوبر، انهارت هذه السياسة عن بكرة أبيها بين ليلةٍ وضحاها. ولا يزال المجتمع الإسرائيليّ برمَّته مشدوهاً بفعل هذه التجربة. كانت تجربةً صادمةً بحقّ. واليوم لم يعد بمقدور الإسرائيليِّين التفكير باتِّزان، يريدون من الحكومة إزالة حماس نهائيّاً. لكنَّ القضاء على حماس غير ممكن. حماس ليسَت تنظيماً عسكريَّاً. إنَّها حركةٌ اجتماعيَّة، وجزءٌ من نسيج المجتمع الفلسطينيّ.

 

 

 

هل ترى أيَّ إمكانيَّةٍ لحلٍّ مناسب؟

 

أتمنَّى لو أنَّني قادرٌ على رؤية ضوءٍ في نهاية هذا النفق، لكنَّني متشائم إلى أبعد حدّ.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق