07 آيار 2024 الساعة 06:26

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الثلاثاء 19/12/2023 العدد 886

2023-12-20 عدد القراءات : 60
 

 

 

  الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

يديعوت أحرونوت 19/12/2023

 

حــــان الـــوقــــــت للـنزول عــــــن الشــجـــــرة

 

 

بقلم: عيناب شيف

 

كشف مقتل المخطوفين الثلاثة على أيدي قوات الجيش الإسرائيلي ليس فقط إخفاقات عملياتية خطيرة وخسوفاً أخلاقياً، بل وأيضاً الواقع الأليم الذي يقيد المناورة البرية في القطاع. عملياً، لا حاجة للمرء لأن يكون لواء في الاحتياط بالحد الأدنى كي يشخص الفجوة بين الحقائق الجافة على الأرض مقابل التوقعات العالية التي غذي بها الجمهور. لشدة الأسف، فإن أساس الخطاب الإعلامي في التلفزيون، في الشبكة وفي الصحف، باستثناء أصوات قليلة، مكرس للحفاظ على المعنويات من جهة، إلى جانب ذاك العمى الهدام تجاه الجيش الإسرائيلي. نعم، حتى بعد 7 أكتوبر.

عملياً، يصعب على القيادات السياسية والعسكرية أن يخرجوا الحقيقة من حلوقهم: «القضاء على حماس» هو شعار جيد، لكنه ليس هدفاً واقعياً في الظروف الحالية. فبعد نحو شهر ونصف الشهر من القتال بكثافة لن يتجرأ أحد على تخيلها، ليس للجيش سيطرة كاملة في شمال القطاع. وكل يوم يسقط جنود هناك في المعارك التي تخاض في ظروف معقدة وقاسية، رغم المساعدة المكثفة من سلاح الجو والمدفعية. كل التقديرات الزمنية التي نشرت بالنسبة للموعد الذي سيكون ممكناً فيه الإعلان عن سيطرة كاملة على مناطق كجباليا والشجاعية، تبينت كأمنيات في أفضل الأحوال. في الجنوب، حسب التقارير، الوضع معقد حتى أكثر من هذا، وذلك بسبب ظروف البدء وكذا بسبب ملابسات الحرب: حركة اللاجئين، التدهور في المجال الصحي وغيرها. إن مصير المناورة في رفح أمام علامة استفهام، في ضوء التوقع الأميركي لتغيير نمط القتال.

كل هذه الأمور تؤدي إلى استنتاج محتم، ومع ذلك يكاد لا يكون موضع حديث: المرحلة الحالية في المعركة لن تنتهي بـ»إبادة حماس»، الهدف الذي أعلن عنه مرات عدة وزير الدفاع وأقوال بهذه الروح قالها أيضاً رئيس الوزراء ورئيس الأركان. صحيح أن المنظمة تضررت بشدة، وآلاف المخربين صفوا وغزة تجتاز الجحيم الذي استدعاه يحيى السنوار لها، لكن الهدف المركزي غير قابل للتحقق في المدى الزمني المنظور. وهذا حتى قبل مسألة المخطوفين والمخطوفات، التي لا تسير إلى أي اتجاه إيجابي. منذ استؤنف القتال لم يعد أي مخطوف أو مخطوفة على قيد الحياة إلى إسرائيل.

عملياً، ما يحصل في هذه اللحظة يذكر بدقة عظيمة العرض الشهير إياه عن احتلال غزة، الذي حرصت يد خفية على تسريبه إلى أودي سيغال في أوامر «حملة الجرف الصامد». 122 جندياً (صحيح حتى كتابة هذه السطور) سقطوا منذ بداية المناورة البرية في 27 أكتوبر. وهذه وتيرة 70 قتيلاً في شهر من الحرب «القوية». إذاً، التوقع كان أنه سيستغرق سنتين «للقضاء على حماس» وخمس سنوات «لتطهير القطاع». وحتى لو كان هذا تقديراً زائداً، والذي يعقل أكثر بكثير مقارنة بالتبجحات مثل «حماس على شفا الانكسار» وما شابه: لنفترض مثلاً أنه سيستغرق «فقط» سنة «للقضاء على حماس» وحتى هذا شريطة أن تعطى فرصة كهذه، تحت ضغط دولي وفي ظل سنة انتخابات في الولايات المتحدة. المعنى العسكري، السياسي، الاقتصادي والاجتماعي هائل ويستوجب بحثاً عميقاً أكثر بكثير من ذاك الذي يجري في هذه اللحظة.

غير أنه لأجل تحريك نقاش كهذا لا ينبغي الآن النزول عن شجرة الوعود المتفجرة. لكن ما لم يحصل حتى في موضوع تكتيكي مثل إدخال الوقود إلى القطاع («لن يدخل»)، ليس معقولاً أن يحصل في موضوع إستراتيجي كـ «تكييف أهداف الحرب مع الواقع». نتنياهو وغالانت غير قادرَين على عمل هذا من ناحية سياسية، رئيس الأركان حبيس في داخل عذابات مسؤولية الجيش عن قصور 7 أكتوبر، وكذا سوء التقدير لقدرات «حماس» في غزة، غانتس لا يمكنه أن يظهر كمن منع «النصر»، رغم أنه لا يوجد أمر كهذا في الأفق. لكن البشرى دوماً تصل في النهاية إلى أولئك الذين يهربون منها، والزمن الذي ينقضي يجعلها فقط أكثر مرارة بكثير.

--------------------------------------------

إسرائيل اليوم 19/12/2023

 

إعـــادة العمــــال مـــن الضــفــة ضـــرورة إسـتراتيجــيــة

 

 

بقلم: اللواء غيرشون هكوهن

 

في جلسة الكابينت الضيق والموسع التي بحثت مؤخراً عودة العمال الفلسطينيين من الضفة الى العمل في إسرائيل، اعرب معظم الوزراء عن معارضتهم لدخولهم. واضطر رئيس الوزراء نتنياهو لأن يؤجل التصويت في الموضوع. وزير الدفاع، الذي عبر عن موقف جهاز الامن، أوضح بشجاعة موقفه المؤيد لعودة العمال الى عملهم.

بطبيعة حالات الطوارئ – وبخاصة في زمن الحرب – فانها تطرح على القيادة الوطنية معضلات للحسم. في مركز الاختبارات المعقدة للقرار والتي تكون ذات اعتبارات جدية في الاتجاهين المختلفين، تحتاج الدولة حاجة ماسة لقيادة ذات قدرة على القرار.

ان القرار بمواصلة منع دخول العمال بالذات، هو في هذه المسألة القرار الاسهل. فهو الذي يستجيب لمشاعر الجمهور الذي بعد ضربة 7 أكتوبر غير مستعد لأن يأخذ بالمخاطر التي ينطوي عليها اللقاء اليومي في شوارع البلدات والمدن مع عشرات آلاف العمال الفلسطينيين من الضفة. وهنا تنكشف ليس فقط إدارة المخاطر بالنسبة لاحتمالات الإرهاب التي من شأنها ان تتحقق من قبل أولئك العمال بل وأيضا إدارة المخاطر السياسية، في ضوء رد فعل الجمهور المتوقع، اذا ما وقع لا سمح الله حدث إرهابي، من خلال دخول العمال.

لكن من اللحظة التي توضع فيها المسألة على طاولة إدارة المخاطر تظهر أيضا ابعاد أخرى تجعلها اكثر تعقيدا. مقاول اعمال بناء، يمكنه مثلا، دون حاجة الى إذن امني ما، ان يشغل عمالاً فلسطينيين من شرقي القدس، هم مقيمون، ذوو بطاقة هوية زرقاء. هم لا يحتاجون الى فحص جهاز الامن العام الشاباك ولا يتطلبون حراسة في مكان العمل. اما بالنسبة للعمال في الضفة بالمقابل، فيمكن المطالبة بتصنيف أولي على أساس العمر وغيره من الشروط، وكذا فحص الشاباك. كما أنه يمكن اشتراط عملهم بمرافقة حراسة ملازمة في مكان عملهم. اما رفض مثل هذا الاقتراح رفضا باتاً، فيعبر عن اعتبارات أخرى قد تكون شرعية، لكنها بحد ذاتها غير ضرورية في معادلة المخاطر.

في المعادلة العامة لادارة المخاطر، يجب أن تندرج زاوية النظر الاقتصادية الى جانب زاوية النظر الأمنية بالنسبة للمصلحة الإسرائيلية في الحفاظ على الاستقرار المدني الذي لا يزال موجودا في مناطق الضفة. فرع البناء الإسرائيلي وفرع الزراعة تواقان للايدي العاملة. في فرع البناء تقع أزمة منذ الآن، حين يوشك عشرات المقاولين على الإفلاس لعدم قدرتهم على استكمال المشاريع.

ان دولة إسرائيل، التي تتطلع الى الهجرة اليهودية حتى من بلدان الرفاه حيث نشبت لاسامية قاسية، ملزمة بأن تحث مشاريع البناء. كما ان آلاف جنود الاحتياط الذين سيعودون من الحرب من شأنهم ان يجدوا أنفسهم في ضائقة سكن. نظرياً يمكن زعما استبدال العمال الفلسطينيين بعمال أجانب، هذا سيستغرق زمناً طويلاً الى أن يأتي هؤلاء بالاعداد اللازمة. وصولهم سيتطلب بالطبع جوابا لشروط سكن مناسبة لهم، والتي لن تكون متوفرة.

 

الإبقاء على التمييز الاقتصادي

 

في الجانب الأمني، اكثر من 100 الف عامل فلسطيني يجلبون في كل شهر الطعام والرزق لاكثر من مليون فلسطيني. بعد شهرين بدون الخروج الى العمل، تنفد التوفيرات. في مثل هذا الوضع، غني عن البيان الحديث عن التخوف الأمني من نشوب انتفاضة مدنية. بكل سبيل، بغياب العمل، فان تدهور الشارع الفلسطيني الى الجوع سرعان ما سيصبح مشكلة إسرائيلية.

في نظرة إضافية، فانه بالذات من يعارض الانفصال التام لمناطق الضفة ملزم بان يحرص على وجود الفلسطينيين في هذه المنطقة، مع التطلع الى حفظ استمرار التمييز الاقتصادي بين حياة الفلسطينيين في قطاع غزة وحياة الفلسطينيين في الضفة ممن حظوا في العقد الأخير بمستوى ذي مغزى من الازدهار الاقتصادي. في جملة الجوانب هذه، رغم المخاطر، رغم الإعلانات بانه بعد 7 أكتوبر يجب إعادة احتساب المسار، فان العمال الفلسطينيين من الضفة، نحو نصفهم على الأقل، يجب أن يعودوا الى عملهم في إسرائيل. هذا حسم زعامي إستراتيجي محتم.

-------------------------------------------

هآرتس 19/12/2023

 

المســتــوطـــنـــون يـــغــيّرون الـــواقـــع فــي الضــفــة

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

بينما تتطلع العيون إلى قطاع غزة، في الضفة الغربية تقع أمور خطيرة تغيّر الواقع فيها، بعضها بشكل لا مرد له. تعد الحرب في غزة في نظر المستوطنين فرصة لتغيير واقع الحياة في الضفة وفعل كل ما لم يتجرؤوا على فعله في أزمنة أخرى. فهم ينكلون بجيرانهم الفلسطينيين، يهاجمونهم ويمسون بممتلكاتهم بعنف أشد مما في الأيام العادية. أما الجيش الإسرائيلي فليس فقط لا يمنعهم من ذلك بل في حالات كثيرة يسندهم ويعمل بعدوانية وبوسائل فتاكة ضد الفلسطينيين.

الخطوتان ترتبطان الواحدة بالأخرى، والنتيجة مشتركة بينهما: العمل على إخلاء الفلسطينيين من قراهم ومن أراضيهم، لا سيما في نقطتين متطرفتين من الضفة: جنوب جبل الخليل وشمال غور الأردن. هناك، أمام السكان الأضعف – جماعات من الرعاة، ممن ليس لهم أي حماية – يقع عملياً ترحيل يكاد لا أحد في إسرائيل يتحدث عنه.

منذ بداية الحرب اضطر سكان في 16 تجمعاً للرعاة في جنوب جبل الخليل هجر قراهم من رعب المستوطنين. وفي شمال الغور تركت حتى الآن نحو 20 عائلة قراها، للسبب نفسه.

في الوقت نفسه، يقتل المزيد فالمزيد من الفلسطينيين على أساس يومي تقريباً، في كل أرجاء الضفة، بعضهم أبرياء. في منطقة طولكرم وحدها قتل نحو 50 مواطناً منذ نشوب الحرب، وفي منطقة رام الله قتل أكثر من 30 مواطناً. بعض المقتولين أطلق عليهم النار مستوطنون، أيديهم رشيقة على الزناد أكثر من قبل – لعلمهم أنه لن يصيبهم أي ضرر برعاية الحرب وبرعاية حكومة اليمين المتطرفة. جنود أيضاً يطلقون النار بخفة لا تطاق على الفلسطينيين، وتضاف إلى ذلك هجمات مسيّرات فتاكة على تجمعات سكانية مكتظة في مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم.

ومع القتل يأتي الدمار: جدعون ليفي وأليكس ليباك بلغا الأسبوع الماضي من مخيم جنين بأن الدمار في المخيم جعله غزة صغيرة. هكذا وصفت الوضع أيضاً صحيفة «واشنطن بوست» في تقرير خاص من جنين.

في شمال الغور تضاف إلى ذلك أيضاً تنكيلات الجيش بالسكان. مثلاً، بمنع توريد المياه لسكان القرى في شمال الغور على مدى أيام كاملة. ويضاف إلى الوضع الاقتصادي الصعب، في ضوء الحظر التام على العمال الفلسطينيين من الضفة للخروج إلى العمل في إسرائيل، عشرات الحواجز المتشددة جداً، والتي تنغص حياة الفلسطينيين.

رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، فشل منذ الآن فشلاً ذريعاً في 7 أكتوبر. والآن، بالإسناد الذي يعطيه للمستوطنين والجيش، وفي خطابه السام ضد السلطة الفلسطينية، فإنه يدهور جبهة إضافية من شأنها أن تتفجر في وجه مواطني إسرائيل.

--------------------------------------------

هآرتس / ذى ماركر 19/12/2023

 

اسرائيل ستتغير بعد 7 أكتوبر واقتصادها ايضاً

 

 

بقلم: نتنئيل غامس

 

اسرائیل، واقتصادها عرفت الكثير من الحروب والازمات في الـ 75 سنة من عمرها، وعرفت كيفية النهوض ولكنها لم تشاهد احداث مثل احداث 7 اکتوبر بعد مرور شهرين ونصف على الحرب فان خط النهاية لا يلوح في الأفق، وحتى الآن ما زال هناك آلاف المجندين والمهجرين من بيوتهم هل اقتصاد اسرائیل ما زال في صدمة منذ يوم السبت الملعون أم أنه وقف على قدميه، مهما كانت مضروبة.

الدكتور عيدي براندر، رئيس قسم الابحاث في بنك اسرائيل، يكشف بصيص من التفاؤل. "كل شيء يرتبط بالوضع الامني وعدم اندلاع حرب شاملة في منطقة الشمال. ولكن يبدو أن الحرب فى الجنوب تؤثر أقل فأقل على الاقتصاد"، قال. "نحن نرى أن عدد قليل من الاشخاص يتم ارسالهم الى اجازة بدون راتب، أو تتم اقالتهم ونرى عمال يعودون من الاجازة بدون راتب، وبطاقات الاعتماد تنهض واطر التعليم تم فتحها وهناك عدد أقل من الصواريخ في المركز، كل ذلك يؤدي الى أن النشاطات في الاقتصاد تعود". براندر يؤكد على أن هذا في الواقع ليس نفس مستوى النشاطات قبل الحرب. "نحن نرى صحوة كبيرة مما حدث في اكتوبر، يبدو أن تأثير الضربة التي تلقيناها اصبح وراءنا".

البروفيسور منوئيل ترختنبرغ، رئيس معهد بحوث الامن القومي، يرى الامور بشكل مختلف. "نحن في وضع لم نكن فيه في أي يوم. نسبة كبيرة من قوة العمل تم تحييدها بسبب الحرب، الامر الذي يؤثر على دوائر اوسع"، قال. "هذا دراماتيكي لأننا منذ شهرين ونصف نوجد داخل المعركة والحبل على الجرار".

هل تقصد أنه ربما تندلع حرب بقوة كاملة في الشمال؟ ترختنبرغ: "أنا أقول الحبل على الجرار دون صلة بالوضع في الشمال.

الاقتصاد ما زال عالق ونحن لا نتمكن من تحريره في الواقع في اسرائيل يعرفون كيفية الارتجال، والناس ينجحون في العمل بشكل ما، حتى لو بصورة جزئية. ولكن جزء كبير من نشاطات الاقتصاد ما يزال مشلول".

حسب قوله عدم اليقين يثقل على الاقتصاد. "هذا لا يعني أنه بعد شهرين ونصف على الحرب نحن يمكننا القول بأننا قد اجتزنا ازمة حادة، لكننا نعرف كيفية رسم نهاية لها والنهوض، قال هناك علامات استفهام كثيرة حول المستقبل. ولا توجد لدينا أي امكانية لرسم نهاية للعبة.

" الحروب السابقة، مثل حرب يوم الغفران، انتهت بشكل أسرع والنهاية كانت واضحة. حتى لو أنه كان هناك ذيل للتأثير بعد ذلك. كان من الواضح أنه في تلك النقطة نحن نبدأ فى اعادة الاعمار. ولكن الآن نحن لا نعرف متى سينتهي الاحتياط وسيعود المخلين الى بيوتهم واعادة العمال الاجانب والفلسطينيين. ربما هذا سيحدث فقط بعد فترة طويلة. ويصعب ايضا ترميم ثقة المستثمرين باقتصادنا ازاء عدم اليقين، الامر الذي يطرح علامات استفهام حول النمو في الاقتصاد".

الامر الذي يعزينا هو ما يعتبره "القدرة الرائعة للمجتمع والاقتصاد على النهوض. ما يفعله المجتمع الاسرائيلي منذ بداية الحرب هو امر غير مسبوق على المستوى الدولي قوتنا الداخلية تغطي على البيانات والتوقعات البائسة". الحاجة الملحة للعمال الاجانب.

حتى لو اصبح الامر الاسوأ وراءنا من ناحية المس بالاقتصاد، فان من شأنه أن يخرج من الحرب مع عدة اضرار بعيدة المدى. مثلا، براندر وترختنبرغ يقلقان من تأثير الازمة على فرع البناء. الحكومة ترفض السماح للفلسطينيين من الضفة الغربية بالعودة للعمل في اسرائيل والنقص في فرع البناء يقدر بـ 80 ألف عامل.

"هذه قضية يمكن أن ترافقنا لفترة طويلة. ثلث العمال في الفرع ليسوا من الاسرائيليين والفرع سيجد صعوبة في النهوض بدونهم"، قال براندر. "يوجد حل واحد وهو اعادة الفلسطينيين أو معظمهم على الاقل، لكن معظم اعضاء الحكومة يعارضون ذلك.

حل آخر هو استغلال الفرصة لادخال تكنولوجيا متقدمة لهذا الفرع وهكذا دمج فيه المزيد من العمال الاسرائيليين الذين سيستبدلون العمال الاجانب والعمال الفلسطينيين". ولكن الحل الثاني له ثمن. براندر يقول بأنه "اذا تقرر حل المشكلة من جذورها بوسائل تكنولوجية فان هذا سيستغرق سنين وستكون له تداعيات والحكومة عندما يجب عليها أن تقرر تحمل ارتفاع اسعار السكن والمس بوتيرة البناء، لا سيما اذا أردنا بناء من جديد مناطق كاملة بعد الحرب".

يوجد حل ثالث وهو احضار عشرات آلاف العمال الاجانب. ولكن براندر يقول إن هذا الحل غير قابل للتطبيق في المدى الآني. سبب ذلك، حسب قوله، أنه لا يمكن احضار هذا العدد الكبير من العمال الاجانب في مدى زمني قصير. في غضون ذلك وتيرة التجنيد الضئيلة للعمال الاجانب منذ اندلاع الحرب، رغم الحاجة الى ذلك، تؤيد هذا الادعاء.

اضافة الى ذلك ايضا اذا كان بصورة نظرية يمكن تجنيد مثل هذا العدد من العمال الاجانب فان براندر لا يثق بأنهم في اسرائيل سيصممون على الحصول على 100 ألف شخص من دول .اجنبية. خلافا للعمال الفلسطينيين هم لا يعودون الى بيوتهم بعد انتهاء يوم العمل، بل يبقون في المدن واماكن البناء تواجدهم يتم الشعور به في الفضاء العام خلافا للعدد الأقل من عمال الزراعة الذين ينتشرون في منطقة الجنوب مثلا.

السطر الاخير واضح من ناحية براندر - التجنيد الفوري للعاملين الاجانب هو خيال، والفرع لن ينهض في الفترة القريبة طالما أن الفلسطينيين لا يسمح لهم بالعودة للعمل في اسرائيل.

ترختنبرغ يقلق هو ايضا من الجمود في فرع البناء، الذي يسميه فرع "مفتاح" الاقتصاد. يجب ادخال بشكل مراقب وبالتدريج الفلسطينيين من المناطق. "على المدى القصير في السنة القادمة، لا شك أن هذه هي الطريقة الوحيدة. لا يمكن، اجراء أي تغيير سواء في القوة البشرية أو اساليب البناء في فترة زمنية قصيرة، اثناء الحرب على المدى البعيد توجد هنا اسئلة اكبر تتعلق بمستقبل الاقتصاد الفلسطيني وعلاقاتنا الجدلية معهم".

 

التأثير الذي يعمل ضد اتجاه الحركة

 

الدولة تنوي ترميم وتجديد الاستيطان والبنى التحتية في بلدات النقب الغربي. ادارة "تكوماه" المسؤولة عن المشروع تطلب ميزانية بمبلغ 18 مليار شيكل خلال خمس سنوات من اجل تنفيذ المهمة. هذا الهدف يستحق ومبارك من ناحية اجتماعية وانسانية، لكن الاستثمارات الضخمة في الضواحي يمكن أن تعمل ضد منطق الاقتصاد.

"قبل الحرب كنا في سياسة تقدمت باعتبارات اقتصادية. تحدثنا عن التكتل، الظاهرة التي تصف المزايا الاقتصادية للتكتل حول مركز حضري اساسي، لتركيز قوة بشرية نوعية في المدن الكبرى، هناك الخصوبة اكبر وتوجد مزايا للحجم"، قال براندر. المزايا التي تنبع من هذا التكتل من بينها القدرة على الوصول الى الخدمات المختلفة والقوة البشرية المتنوعة والاسواق والمزودين، تعوض النقص الذي يتمثل بأسعار الاراضي المرتفعة وتخلق قوة جذب هامة.

لكن الحرب، يشرح، تخلق تأثير يعمل ضد اتجاه حركة ظاهرة التكتل "حتى الآن على الاقل سياسة الحكومة المعلنة فى اعقاب الحرب تخلق تفضيل للمناطق الحدودية من ناحية المحفزات الاقتصادية"، قال "يبدو أن القصد ليس فقط اعادة اعمار المنطقة واعادة السكان، بل توسيعها وزيادة النشاطات الاقتصادية فيها. هذا تفضيل اجتماعي جدير في الظروف الحالية، لكن يجب الفهم بأنه لا يعمل طبقا للجدوى الاقتصادية".

براندر يوضح أنه سيكون لذلك تداعيات، مثلا على مستوى فرض الضرائب على جميع المواطنين لتمويل اعادة الاعمار والتطوير. "كل ذلك هو موضوع تناسب، اذا كان القصد فقط اعادة اعمار المنطقة فان هذا لا يعتبر امر دراماتيكي. ولكن يبدو أن الحلم يمكن أن يكون واسع اكثر، مثلا زيادة عدد السكان في المناطق الحدودية على حساب المركز، أو تحسين كبير في مستوى حياة من عاشوا هناك قبل ذلك". هذه السياسة كما يشرح ستكون مناقضة لافضليات التكتل التي تجلب للسوق عمل مرن وانتاج مرتفع وفائدة اقتصادية.

 

محظور أن تقفز ميزانية الدفاع

 

الحرب الحالية هى حرب غير مسبوقة لكونها حرب بقوة كبيرة وهي مستمرة منذ شهرين ونصف ونهايتها لا تظهر للعيان. وهي يمكن أن تؤدي الى أن خدمة الاحتياط الطويلة ستكون كما يبدو جزء من روتين الحياة في اسرائيل في السنوات القريبة القادمة. "لقد نسينا أن المشغل يجب أن يأخذ في الحسبان بأن العامل يذهب للاحتياط. ولكن اذا عاد الى المرجع فان مسألة تقسيم العمل بين الذين يخدمون ومن لا يخدمون تصبح حادة اكثر "، قال براندر "هذه قضية اساسية سترافقنا لفترة طويلة اذا كنا في وضع يشاهد زيادة كبيرة في عبء الخدمة. وسيتعين على الدولة تخصيص موارد اكثر لدعم جنود الاحتياط من اجل منع الاضرار المستمر بالذين يخدمون".

"محظور كليا الاقتراب مما حدث هنا بعد حرب يوم الغفران. في حينه ميزانية الدفاع قفزت ووصلت الى ثلث الناتج، قال ترختنبرع. "هذا احد العوامل التي أدت الى العقد الضائع في اقتصادنا، والى الفترة المظلمة بين السبعينيات والثمانينيات محظور حدوث أمر كهذا الامر الضروري الآن هو تغذية الامن بزيادة في الميزانية لأننا فشلنا بشكل كبير في 7 اكتوبر. ولكن لا يوجد شيء أخطرمن ذلك".

براندر قال ايضا إنه يتوقع أن تكون هناك نفقات أمنية ومدنية كبيرة بسبب الحرب الحالية. وكلما لم تعمل الحكومة على تخفيفها مع ملاءمات في الميزانية التي ستقلل طلبات اخرى فان هذا الامر يمكن أن يؤدي الى ضغوط تضخمية. وقد تحدث عن وضع فيه الدولة تشغل عدد كبير من الاشخاص في الاحتياط وفى خدمات مرافقة لجهاز الامن، مثل الصناعات الامنية أو الشركات التي تقدم الخدمات للجيش الامر الذي سيحول جزء من القوة البشرية من الاقسام الاخرى مثلا الحكومة ستمول رواتب رجال الاحتياط عبر مؤسسة التأمين الوطني، لكن عمليا هذا سيحدث وهم في الجيش ولا ينتجون خدمات للسوق. هكذا فان الطلب الاجمالي للعمال يمكن أن يزداد ومعه ايضا الرواتب والضغوط التضخمية.

--------------------------------------------

 

 

 

 

تحليل حول زيارة سوليفان

 

 

بقلم: عيران عتصيون

 

 

‏أبلغ مستشار الأمن القومي سوليفان إسرائيل اليوم، في مقابلة على القناة 12، بما يلي:

‏1. سينتهي القتال العنيف في غزة خلال بضعة أسابيع.

‏2. ستتحول إسرائيل إلى أسلوب حرب مختلف وأكثر قياسا، مع التركيز على ملاحقة قادة حماس، مع السماح لسكان غزة بالعودة تدريجيا إلى الحياة الطبيعية.

‏3. ستصر الولايات المتحدة على أن يدير قطاع غزة نظام فلسطيني، بدعم من الدول العربية. وسيتم ربط هذا النظام في الضفة الغربية .

‏4. في لبنان، ستعارض الولايات المتحدة أي محاولة إسرائيلية لبدء حرب مع حزب الله. وتعتقد الولايات المتحدة أن هناك حلاً دبلوماسياً للصراع الحدودي، وستعمل على تعزيز المفاوضات بين إسرائيل ولبنان من أجل تعزيز هذا الحل. وهذا الحل سيضمن أمن سكان الشمال.

‏5. تقوم الولايات المتحدة بتشكيل قوة عمل بحرية دولية لحماية حرية الملاحة في البحر الأحمر ضد هجمات الحوثيين، وتحذر الولايات المتحدة إيران من الاستمرار في دعم ميليشيا الحوثي.

‏المعنى السياسي لكلمات سوليفان هو أن الحرب انتهت. ولم تتحقق أهداف الحرب. حماس لم تنهار، ولم يتم إطلاق سراح المختطفين. نتنياهو، المسؤول والمذنب عن فشل 7/10، فشل أيضاً في إدارة الحرب خلال السبعين يوماً التي مرت منذ ذلك الحين.

‏75% من الإسرائيليين أرادوا ويريدون أن يخلي نتنياهو مقعده. نصفهم أراد منه أن يفعل ذلك قبل شهرين، ونصفهم كانوا على استعداد للانتظار “حتى نهاية القتال”. حسنًا، لقد جاءت نهاية القتال، ومعها نهاية “فترة السماح” التي كان جزء من الجمهور على استعداد لمنحها له. والآن، بعد الفشلين التراكميين ـ خلق الظروف الملائمة لاندلاع الكارثة الأفظع في تاريخنا، ومن ثم خلق الظروف الملائمة للفشل في التعامل الفوري مع عواقبها ـ أنهى نتنياهو مسيرته كرئيس للوزراء. ويتعين على إسرائيل أن تجري انتخابات سريعة، وتغييراً في القيادة، وصياغة استراتيجية بديلة لاستراتيجية نتنياهو الفاشلة. إنه في روحنا.

‏ومن المهم التأكيد على أن الجيش الإسرائيلي، من رئيس الأركان إلى آخر الجنود وآخر المجندات، قاتلوا مثل الأسود وبذلوا قصارى جهدهم. المشكلة ليست في الجيش الإسرائيلي، بل على المستوى السياسي، وفي مقدمتها نتنياهو، فهو الذي رفض التحديد الواضح لأهداف الحرب، حتى عندما طالب رئيس الأركان بذلك. وهو الذي رفض التخطيط لـ«اليوم التالي»، حتى عندما طالب الرئيس بايدن بذلك مراراً وتكراراً. فهو الذي أدى إلى الأزمة مع الولايات المتحدة، ومع الدول العربية، برفضه تهيئة الظروف السياسية لتحقيق النصر، وهو الذي تعمد وضع إسرائيل في تخبط استراتيجي في غزة، وحكم عليها بالتصعيد المستمر. خلط ونزف وغرق في وحل غزة، كل أم عبرية تعرف، كل أب عبري، أبناؤه وبناته في أيدي القادة الذين يستحقون ذلك، ولكن أيضًا في يد رئيس وزراء لا يستحق ولا يستحق. مؤهل لذلك.

*نائب رئيس مجلس الامن القومي الاسرائيلي السابق

--------------------------------------------

هآرتس 19/12/2023

 

مثل زيلينسكي… هل يأتي وقت يفقد فيه نتنياهو الدعم الأمريكي؟

 

 

بقلم: لي أون هدار

 

لقد أصبح النجم الأعلى للعالم الغربي وزعيم الشعب الذي يقاتل لحريته ضد قوات الشر. النساء أملن بلقاء معه، والآباء سموا أولادهم على اسمه، ألقى خطاباً في الكونغرس الأمريكي وحظي بالتصفيق، وكانت هناك برامج لظهوره في احتفال جائزة الأوسكار. الأمريكيون عبروا عن الأسف لأنه لا يجلس في البيت الأبيض.

“شعر قليل على لحيته، فانيلات باهتة، مظهر متعب من كثرة العمل”، كتبت أوفير حوفيف في “هآرتس” في 19/3/2022. “ظهر رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكي، في وسائل الإعلام بمظهر إنساني يصل إلى الناس. هو عكس البطل الذي يبث لأبناء شعبه بأنه متعب مثلهم”. ولكن عندما زار  واشنطن هذا الشهر ، استقبلوه ببرود.  بصعوبة حصل على مكالمة فيديو لبضع دقائق مع أعضاء الكونغرس الذين أوضحوا له بأن رزمة المساعدات لأوكرانيا التي أرسلها الرئيس جو بايدن للكونغرس لن تتم المصادقة عليها قبل نهاية السنة، هذا إذا تمت. وفي الوقت الذي تتصدر فيه حرب غزة  العناوين، فمن يهتم وبحق بما يحدث في أوكرانيا.

سحر عدم الأناقة لزيلينسكي، الذي انتخب على أنه رجل السنة من قبل مجلة “التايم” في 2022، يبدو أنه أصبح غير ي تأثير على الأمريكيين. بات دعم أوكرانيا يتراجع. ومعظم الأمريكيين يؤيدون تقليص المساعدات للدولة التي تحارب لوجودها.

سبب هذا التغير الدراماتيكي لا ينبع من خرق جيش أوكرانيا لقوانين الحرب، أو صور الأطفال الروس الذي قتلوا بسبب القصف الأوكراني. خلافاً لعدم الكيمياء الشخصية (إذا لم يكن التوتر) بين بايدن ورئيس الحكومة الإسرائيلية  نتنياهو، فإن بايدن وزيلينسكي يظهران بأنهما أصدقاء. الخلاصة  أن الأمريكيين لا يحبون الخاسرين. وبعد فشل ذريع لهجوهمم المضاد الأخير  يظهر زيلينسكي والشعب الأوكراني الآن كخاسرين.

الأوكرانيون، للتذكير، وعدوا منذ فترة غير بعيدة بأنهم سيهزمون الروس في ساحة الحرب، وحتى إنهم خلقوا التوقعات بأنهم سيحررون شبه جزيرة القرم التي احتلتها روسيا في 2014. بقدر التوقعات تكون خيبة الأمل.

وسائل الإعلام الأمريكية مليئة الآن بالتقارير التي تحاول فهم سبب فشل أوكرانيا في تحقيق أهدافها الاستراتيجية. الأوكرانيون يعتبرون سجلات لخسارة كبيرة معروفة مسبقاً عندما يتعلق الأمر بمحاولة دولة عظمى إقليمية متوسطة أن تواجه في ساحة المعركة واحدة من القوى الثلاثة العالمية الآن.

أوكرانيا لم تهزم، والجمود في ساحة الحرب ببساطة يعيد الوضع إلى حالة الثبات التي سادت قبل الهجوم المضاد. الواضح أن أوكرانيا لن تهزم روسيا بدون تدخل عسكري أمريكي مباشر، وهذا لن يحدث.

لذلك، فإن إجماع واشنطن سيتحرك في القريب نحو التوصل إلى تسوية بين موسكو وكييف. ولن يرضي أي طرف، لكنه السيناريو الواقعي إزاء الوضع على الأرض. ربما تنضم أوكرانيا  فيما بعد للناتو والاتحاد الأوروبي، لكنها لن تتمتع بالدعم الأمريكي غير المشروط.

من هذه الناحية، في الوقت الذي تحصل فيه المعركة العسكرية بغزة على دعم أكثر من 50 في المئة من الأمريكيين (حسب استطلاع أجرته “وول ستريت جورنال”) فإن الأمر الذي يجب أن يقلق إسرائيل ليس العداء لها ودعم الفلسطينيين من قبل اليسار التقدمي الأمريكي.

المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية وفي المدن الكبرى، حرفت الأنظار عن الصورة الكبيرة التي لا تزال إسرائيل تتمتع فيها بدعم أمريكي كبير جداً. القمصان السوداء والدرع الواقي لنتنياهو لن تخلق اتجاهاً جديداً، لكن ما دامت إسرائيل تحارب محور الشر، حماس و”حزب الله” وإيران، فستحصل دائماً على دعم من البيت الأبيض ومن الحزبين الرئيسيين في الكونغرس.

المشكلة أن نتنياهو، مثل زيلينسكي، خلق توقعات كبيرة بخصوص الإنجازات المتوقعة لإسرائيل في المعركة العسكرية في غزة، على رأسها تدمير حماس وتصفية قادتها ومعالجة جذرية لتهديد “حزب الله” في الشمال. المواطن الأمريكي العادي يؤمن بأن قتل المدنيين في غزة هو الثمن الذي يجب دفعه من أجل تحقيق هذه الأهداف والوصول إلى الانتصار الواضح كما وعدت إسرائيل.

لكن صواريخ حماس في هذه الأثناء ما زالت تسقط على تل أبيب وعسقلان، وصواريخ “حزب الله” على شمال إسرائيل، ولا علامة ملموسة بأن حماس “انهارت”، باستثناء صور الغزيين بالملابس الداخلية. الثمن الباهظ الذي تدفعه إسرائيل في حرب غزة -ولا نريد الحديث عن فشل الجهود العسكرية للعثور على المخطوفين وإطلاق سراحهم- يطرح علامات استفهام حول قدرة الجيش الإسرائيلي على الانتصار في الحرب. إسرائيل ما زالت بعيدة عن أن تعيد لنفسها قوة الردع التي فقدتها في 7 أكتوبر، واعتمادها العسكري والدبلوماسي على أمريكا يعكس ضعف إسرائيل استراتيجياً، الذي سيصبح أكثر وضوحاً بدون أي تغيير في سير الحرب.

في مثل هذه الحالة، يبدو أن توقعات إسرائيل ستعمل ضدها. ولمنع ذلك، يجب عليها ربما البدء في خفضها، بحيث  إذا لم يتم تحقيق الانتصار الموعود، فعلى الأقل لن تظهر كخاسرة مثل أوكرانيا.

--------------------------------------------

إسرائيل اليوم 19/12/2023

 

بفشلكم أمام حماس وأنفاقها.. لقادة إسرائيل: كيف ستواجهون “حزب الله”؟

 

 

بقلم: يوآف ليمور

 

يؤدي تعميق المعركة في غزة، كما هو متوقع، إلى العثور وإلى تدمير واسع لبنى الإرهاب التحتية: منشآت عسكرية مختلفة، كميات كبيرة من الأسلحة، ودرة التاج – منظومة الأنفاق الهائلة التي بنتها حماس في غزة.

ثمة نفق كهذا كشف للجمهور أول أمس؛ هو فريد من نوعه، لكن هناك أنفاقاً أخرى بأشكال مختلفة انكشفت بل وستنكشف هي الأخرى. مما جمع حتى الآن، يمكن أن نبلور بضعة مفاهيم، هي حرجة للحرب في غزة ولساحات أخرى أيضاً. المركزية منها تعنى بالمعلومات الاستخبارية المسبقة التي جمعت، وبقرار ما العمل بها لأجل تعطيل المخاطر والتهديدات.

إسرائيل لم تتفاجأ من منظومة الأنفاق في القطاع. فوجئت موضعياً بالأعماق، والمسارات، والارتباطات، وكثرة الفوهات وتنوعها، بل وحتى بأساليب الحفر. لكن اعتماد حماس على الأنفاق كطريقة قتال – هجومية ودفاعية ولأغراض التهريب – معروفة منذ أكثر من عقدين. وقدم الجيش لهذا جواباً من خلال الجدار الذي بناه، وصد الأنفاق التي تسللت إلى أراضي إسرائيل، لكنه لم يقتلع الطريقة.

النفق المحدد الذي وصل إلى معبر إيرز، والذي وصفه الجيش بالسحلبي، كان معروفاً منذ 2015 (ليس بكامله). وقد هوجم عدة مرات، وإن لم يكن بشكل منهاجي. كما أن أنفاقاً أخرى كانت معروفة نالت عملياً حصانة شبه كاملة، وعندما هوجمت كانت هناك صعوبة في معالجتها بشكل جذري؛ لأنها أقيمت عن قصد من تحت مناطق مأهولة باكتظاظ (جباليا، الشجاعية).

المرة الأخيرة التي استخدمت فيها إسرائيل قوة مكثفة ضد منظومة أنفاق حماس كانت في حملة “حارس الأسوار” في أيار 2021، ونفذت في حينه خطة “ضربة برق”، التي استهدفت حشر آلاف نشطاء حماس في الأنفاق وقتلهم. عملياً، الخدعة التي كان يفترض بها أن تهرب رجال حماس إلى الأنفاق نفذت بشكل جزئي وفاشل، وهوجمت الأنفاق بينما كان عدد القتلى فيها من منزلتين فقط. وهكذا فقدت إسرائيل خطة استراتيجية دون أن توجه ضربة مؤلمة للعدو وفي ظل إعطائه إمكانية استخلاص الدروس والتحسن.

 

إسرائيل أهملت، والعدو تحسن

 

في فترة السنتين والنصف الأخيرة، امتنعت إسرائيل منذئذ عن مهاجمة حماس بدعوى أنها مردوعة، وتم توجيهها إلى التسوية، وركزت على “الجهاد الإسلامي”. وكانت النتيجة أن حماس عملت بنشاط على تحسين منظومة أنفاقها، إلى أن هاجمت في السبت الأسود. كانت إسرائيل تعرف عن بعض الأمور وتجهل بعضها الآخر، لكن الاستخبارات لم تكن المشكلة الأساس في هذه القصة؛ فالمشكلة كانت في قرار الإبقاء على حماس وعدم المس بها، انطلاقاً من التفكير بأنها ليست المشكلة، بل الحل.

الأنفاق في هذه القصة هي مجرد أعراض، أما المرض فأخطر بكثير: جبال من المعلومات عن خطط ونوايا العدو لم تعالج بذرائع مختلفة ومتنوعة. المركزي منها هو التهديد المحدق من جانب “حزب الله” في الشمال والقرار الإسرائيلي الذي يعود إلى 17 سنة في عدم معالجته. عملياً، تفضل إسرائيل اليوم رداً جزئياً ومؤقتاً انطلاقاً من التفكير بأن تأجيل المشكلة سيحلها أيضاً.

لا حاجة لإسرائيل للخروج إلى حرب في كل يوم وعلى كل شيء، لكن لا يجب أن تحول الامتناع عن الحرب إلى أيديولوجيا. مشكلة الأنفاق، مثلما هي جملة تهديدات حماس الأخيرة ومخططاتها العملياتية وكذا “حزب الله” أيضاً – كانت معروفة للجميع طوال سنين، من رؤساء وزراء ومن دونهم. فما الذي قرروا عمله في هذا؟ لا شيء. الثمن الباهظ الذي دفع في 7 أكتوبر ويدفع كل يوم في غزة ينبع بقدر كبير من هذا الإخفاق.

---------------------------------------------

 

هآرتس 19/12/2023

 

 

هكذا ستضطر الولايات المتحدة للموافقة على سيطرة إسرائيل الكاملة على قطاع غزة

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

“لسنا على مقاس أحد، وشرعية القيادة الفلسطينية تأتي من الشعب، وصوت الجمهور يُسمع في الانتخابات”، هكذا أوضح أمس رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية، في ختام الجلسة الأسبوعية للحكومة في رام الله. غضب اشتية جاء عقب تقارير نشرت للمرة الأولى في موقع “آكسيوس” حول مضمون المحادثات التي أجراها مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان مع الرئيس محمود عباس الجمعة الماضي. وحسب هذه التقارير، بحث سوليفان مع عباس الحاجة إلى “ضخ دماء جديدة” في السلطة الفلسطينية وتعيين شباب لديهم دافعية وموثوقين، في مناصب رفيعة. وحسب تقرير آخر نشرته “رويترز”، اقترح سوليفان على محمود عباس تعيين نائب عنه ونقل جزء من صلاحياته إليه.

لكن الموضوع الرئيس الذي طرح في المحادثات هو استئناف نشاطات قوات الشرطة والأمن التابعة للسلطة في قطاع غزة. الحديث يدور عن بضعة آلاف من رجال الشرطة والأمن المسجلين في سجل القوة البشرية التابع للسلطة والذين يحصلون على رواتبهم وتدربوا على السلاح. ولكن منذ احتلال غزة من قبل حماس في 2007 هرب عدد كبير منهم إلى الضفة الغربية.

غضب اشتية غير مفاجئ؛ فمن يريد تأسيس سلطة فلسطينية “مجددة” تتحمل المسؤولية عن إدارة قطاع غزة بعد الحرب، لا يمكنه في الوقت نفسه القضاء على بقايا شرعيتها الجماهيرية وتحويلها إلى جهاز يتشكل وفق نموذج تقني، أمريكي أو إسرائيلي. “السلطة المجددة كما تريدها إسرائيل وحلفاؤها ليست سلطتنا. إسرائيل تريد سلطة أمنية – إدارية، في حين أننا سلطة وطنية تناضل لتحقيق الدولة الفلسطينية والاستقلال وإنهاء الاحتلال”، أوضح اشتية.

بخصوص اقتراح تعيين نائب لمحمود عباس، قال المستشار محمود الهباش: “لن نوافق على طلب تقليص صلاحيات الرئيس”. سوليفان، وقبله وزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي التقى محمود عباس في تشرين الثاني، تحولا في الأسابيع الأخيرة إلى ضيفين دائمين لدى السلطة الفلسطينية، سواء بلقاءات مباشرة أو بمحادثات هاتفية مطولة. هدف هذه المحادثات واضح؛ فبعد مشاورات بين واشنطن ومصر والأردن وبعض دول الخليج، تبلور اتفاق يقضي بأنه لا يوجد مرشح آخر لإدارة القطاع بعد انتهاء الحرب باستثناء السلطة الفلسطينية.

وزير الخارجية المصري، سامح شكري، قال في مقابلة مع “سي.ان.ان” قبل أسبوع، إنه “يجب إعطاء السلطة الفلسطينية صلاحية إدارة الأمور في القطاع والضفة الغربية”، ثم أضاف على الفور بأن النقاشات حول هذا الأمر ما زالت سابقة لأوانها، وأنه يجب أولاً وقبل أي شيء العمل على وقف إطلاق النار. الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، طرح أفكاراً محددة أكثر. فحسب تقارير في وسائل الإعلام العربية، طلب من الرئيس الأمريكي الضغط على إسرائيل لإطلاق سراح مروان البرغوثي ليتمكن من إقامة سلطة الفلسطينية تحظى بتأييد واسع من الجمهور، في حين يصبح الرئيس محمود عباس رئيساً فخرياً. ولكن السيسي يدرك -وأوضح ذلك للأمريكيين- بأنه لا مناص من دمج حماس في هذه السلطة الفلسطينية. رئيس الحكومة الفلسطيني السابق، سلام فياض، له أفكار خاصة به حول الطريقة التي يجب فيها على السلطة الفلسطينية تحديث نفسها. هذه الأفكار تشمل تشكيل “حكومة خبراء” تعمل مدة ثلاث سنوات، وتعد انتخابات الرئاسة والمجلس التشريعي. يبدو أن الولايات المتحدة غارقة الآن عميقاً في الطاولة على رسم إطار “اليوم التالي”. مع ذلك، يبدو أن الهندسة المعمارية الأمريكية ترسم مساراً تصادمياً بدون شريك إسرائيلي.

ما زالت إسرائيل عالقة في مستنقع المعارضة الحازمة لأي احتمالية أو حتى أي تلميح، بأن تحصل السلطة الفلسطينية على أي مسؤولية في إدارة القطاع. والسلطة الفلسطينية، لا سيما حركة فتح، تشترط عملية سياسية شاملة حتى لاستعدادها لتحمل المسؤولية عن إدارة القطاع. وشرطها الأساسي، على الأقل حسب محمود عباس، هو عقد مؤتمر دولي لمناقشة حل الدولتين. ولكن عقد هذا المؤتمر تحت العنوان الذي يطلبه الفلسطينيون يعني شرخاً سياسياً مكشوفاً وشديداً مع حكومة إسرائيل، حتى قبل أن يكون واضحاً من هو الشريك الفلسطيني في المفاوضات السياسية.

النتيجة أن واشنطن باتت الآن أسيرة في طريق مسدود يحول طلبها نقل إدارة القطاع إلى يد السلطة إلى أمر غير ممكن عملياً، ليس فقط بسبب موقف إسرائيل المتصلب. فواشنطن لم توفر انتقادها الشديد لإسرائيل حول طبيعة العملية العسكرية في القطاع، وحتى إنها تعمل على إملاء جدول زمني لإنهاء العملية وتحديد إطار لها. وشرعية طلبها هي نتيجة المساعدات العسكرية والسياسية غير المسبوقة لإسرائيل. ولكن أمريكا تجد نفسها الآن مقيدة بشكل كبير عندما تريد إملاء طبيعة إدارة القطاع بعد الحرب على إسرائيل، بالأساس لأنها لا تستطيع حتى طرح بديل فلسطيني، أو أي بديل آخر، عن سيطرة إسرائيل المدنية في القطاع.

بدون مشاركة السلطة الفلسطينية، ستجد الولايات المتحدة نفسها في وضع سيكون عليها الموافقة على احتلال إسرائيل المباشر والكامل للقطاع ولفترة طويلة. عندها ستضطر إلى الاكتفاء بدور المسؤول عن سلوك إسرائيل الإنساني، والوسيط لتوفير الغذاء والأدوية بالكمية وبالحجم المطلوب. وثمة احتمالية أخرى، وهي الانتقال إلى العمل الناجع بروحية اقتراحات سوليفان على محمود عباس، مثل البدء في تأهيل قوة شرطة فلسطينية ونقل ميزانيات للسلطة لتمويل الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، وبعد ذلك في القطاع، وإجراء مفاوضات مستعجلة مع مصر ودول الاتحاد الأوروبي حول استئناف اتفاق المعابر الذي وقع في 2005، وترتيب النشاطات في معبر رفح في الطرف الغزي والمصري، والبدء في العمل مع السلطة الحالية ببنيتها الحالية، بدون انتظار إجراء الإصلاحات المطلوبة من أجل تلبية ما عرفه الرئيس الأمريكي بـ “السلطة المجددة”.

عملت الولايات المتحدة وتعمل مع حكومات كثيرة في الشرق الأوسط وخارجه، حتى عندما كانت هذه الحكومات لا تمتثل لطلباتها في إجراء الإصلاحات، باستثناء إظهار الإخلاص للمصالح الأمريكية. مثلاً، تقوم واشنطن بمساعدة لبنان وتمول رواتب الجيش وتوقع على اتفاقات مع الحكومة اللبنانية المؤقتة، والفاسدة والتي لا تحصل على دعم الجمهور، كل ذلك بوقت تضم فيه هذه الحكومة أعضاء يمثلون “حزب الله”. يمكن القول إنه إذا وافقت هذه الحكومة على البدء في المفاوضات حول ترسيم الحدود البرية بينها وبين إسرائيل كخطوة قبل تطبيق القرار 1701، فلن تطلب منها الولايات المتحدة إجراء أي إصلاحات أو تشكيل “حكومة محدثة” في البداية. بنفس الطريقة، تدفع الولايات المتحدة قدما بعملية سلمية بين الحوثيين والسعودية وبين شطري اليمن، وهي لا تضع أي شرط لهذا الدعم، أن يبدأ الحوثيون بارتداء البدلات والتوقف عن هجماتهم على السفن في البحر الأحمر.

هناك طريقة أخرى لتجاوز شرط السلطة الفلسطينية الأساسي، التي تطلب عملية سياسية على أساس حل الدولتين قبل تولي المسؤولية عن قطاع غزة. تتعهد الولايات المتحدة منذ اليوم بإطلاق هذه العملية حسب الطريقة التي تم فيها ترتيب مؤتمر مدريد في 1991. ولكن مهمة واشنطن هذه المرة تكون أسهل. بعض الدول العربية أصبحت موقعة على اتفاق سلام مع إسرائيل، وستكون السعودية الكأس الذهبية التي ستعطي لإسرائيل الثمن السياسي الذي تطمح إليه. كل هذه القنوات تضمن تصادماً مباشراً بين الولايات المتحدة وإسرائيل. ولكن هكذا سيستمر احتلال القطاع.

--------------------------------------------

هآرتس 19/12/2023

 

غزيون اعتقلهم الجيش الإسرائيلي: رقّمونا كالأبقار وأطلقوا علينا كلابهم واتخذونا دروعاً بشرية

 

 

بقلم: أسوشييدت برس وايزابيل ديبري ووفاء الشرفا

 

في الأسابيع الأخيرة اعتقل الجيش الإسرائيلي وجمع مئات الفلسطينيين في شمال قطاع غزة مع فصل العائلات وإجبار الرجال على خلع ملابسهم والبقاء في الملابس الداخلية، وبعد ذلك نقل جزءاً منهم إلى منشأة اعتقال على الشاطئ. بقوا هناك ساعات وأحياناً أياماً بدون طعام وفي الجو البارد. هذا ما قاله نشطاء لحقوق الإنسان وأبناء عائلات ومعتقلون تم إطلاق سراحهم. الفلسطينيون الذين تم اعتقالهم في بيت لاهيا المدمرة وفي مخيم جباليا للاجئين وفي بعض أحياء غزة، قالوا إنه تم تكبيلهم وعصب أعينهم وتحميلهم في شاحنات. قال بعضهم إنهم اقتيدوا إلى معسكر غير معروف وهم بملابسهم الداخلية وقليل من الماء.

“تعاملوا معنا مثل الأبقار، ووسمونا بأرقام”، قال إبراهيم اللبد، وهو مهندس حواسيب (30 سنة)، الذي اعتقل في بيت لاهيا مع 12 شخصاً من أبناء عائلته، وتم احتجازه في المعسكر إلى اليوم التالي. “كان يمكننا الشعور بعداء الجنود”.

بعد عشرة أسابيع على أحداث 7 أكتوبر، بات أسلوب العمل هذا يكشف تكتيكاً جديداً في الهجوم البري الإسرائيلي، كما يقول الخبراء. وحسب قولهم، هذا جزء من محاولة للجيش الإسرائيلي لترسيخ السيطرة على المناطق التي تم إخلاؤها في شمال القطاع، وجمع المعلومات عن نشاطات حماس.

“هذا أمر يساعدنا، وله أهمية حاسمة في مرحلة قتال قادمة”، قال رئيس هيئة الأمن القومي السابق، يعقوب عميدرور. “هذه هي المرحلة التي نطهر فيها المنطقة من بقايا حماس”. وحسب تقدير مصادر في جهاز الأمن، فإن 10 – 15 في المئة من المعتقلين الذين تم توثيقهم في القطاع يؤيدون حماس.

 

إهانة لاذعة

 

الصور والأفلام التي نشرت في الشبكات الاجتماعية، التي ظهر فيها فلسطينيون جاثين على ركبهم وسط الشارع ورؤوسهم محنية، وفي بعض الحالات أيديهم مكبلة، أثارت الغضب الشديد. المتحدث بلسان وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، قال في الأسبوع الماضي إن الولايات المتحدة تجد هذه الأفلام “مقلقة جداً”. وقد طلبت معلومات إضافية حول هذا الأمر.

في مؤتمر صحافي عقد في بداية الأسبوع الماضي، تطرق المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، دانييل هاغاري، إلى الشكاوى حول المعاملة المهينة للمعتقلين، وقال إنه تم التعامل معهم حسب “البروتوكول”، وإنهم حصلوا على ما يكفي من الطعام والماء، وقد طلب منهم خلع ملابسهم للتأكد من خلوهم من أحزمة ناسفة.

وقال هاغاري أيضاً إنه بعد التحقيق معهم، طلب من الرجال ارتداء ملابسهم. وإذا لم يتم هذا الأمر، فسيحرص الجيش على عدم تكرار هذه الحالات. وأضاف بأن المعتقلين الذين كان لهم اشتباه بعلاقة مع حماس، أُخذوا لمواصلة التحقيق معهم، وتم إطلاق سراح الآخرين وطلب منهم التوجه نحو الجنوب، إلى المنطقة التي أمرت إسرائيل الغزيين بالبحث عن ملجأ فيها. وأشار إلى أن عشرات من أعضاء حماس اعتُقلوا حتى الآن.

الأمر إهانة لاذعة للفلسطينيين. وحسب تقدير رامي عبده، مؤسس منظمة “ايرو هيومن رايتس مونيتر” في جنيف الذي يعمل على توثيق الاعتقالات، فقد اعتقل الجيش 900 فلسطيني تقريباً في شمال القطاع. وتبين من المقابلات مع أبناء عائلات 15 من المعتقلين، أن بينهم قاصرين ومسنين ومدنيين، كانوا قبل الحرب يعيشون حياة عادية بالكامل.

“جريمتي الوحيدة أنني لا أملك نقوداً للهرب نحو الجنوب”، قال أبو عدنان الكحلوت، وهو عاطل عن العمل (45 سنة) من بيت لاهيا ومريض بالسكري وضغط الدم. وكان اعتقل في 8 كانون الأول، وحسب قوله فقد تم إطلاق سراحه بعد بضع ساعات عندما شاهد الجنود بأنه يعاني من غثيان وضعف لا يسمح بالتحقيق معه. “يظهر لكم أن أعضاء حماس ينتظرونكم الآن في بيوتهم، حتى يأتي الإسرائيليون لاعتقالهم؟ بقينا هنا لأنه لا صلة لنا بحماس”، قال.

 

عالقون في خط النار

 

حسب التقديرات، بقي عشرات آلاف الفلسطينيين في شمال القطاع رغم الخطر – الذين لا يملكون تكلفة السفر ولا يريدون ترك أقارب مرضى أو معاقين وراءهم، أو أنهم يفترضون أن الوضع في جنوب القطاع، الذي تضرر بسبب القصف كل يوم، غير آمن أيضاً.

اختبأوا مع عائلاتهم تحت نار الرشاشات الثقيلة والقصف المدفعي على بيت لاهيا وجباليا، وتبادل إطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي ومسلحي حماس الذين اقتحموا بيوتهم ومكثوا هناك بدون كهرباء أو مياه أو وقود أو وسائل اتصال. تم تدمير مئات المباني بالجرافات الإسرائيلية لشق طرق للدبابات وحاملات الجنود المدرعة.

“تتناثر على الشوارع جثث من ثلاثة أو أربعة أسابيع؛ لأنه لا أحد يمكنه الوصول إليها ودفنها قبل أن تنهشها الكلاب”، قال راجي الصوراني، وهو محام في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في غزة. وقال إنه شاهد عشرات الجثث عندما خرج من مدينة نحو الحدود المصرية في الأسبوع الماضي. وحسب قوله، فإن الجيش الإسرائيلي يحتجز أحد زملائه، وهو باحث في حقوق الإنسان أيمن اللبد.

الفلسطينيون وصفوا مشاهد مخيفة أيضاً للجيش الإسرائيلي وهو يقوم بتمشيط البلدات في شمال القطاع. وحسب أقوالهم، فإن الجنود يدخلون من بيت إلى بيت مع الكلاب ويطلبون من العائلات الخروج، أو يفجرون الأبواب بالعبوات ويصرخون على الرجال ويطلبون منهم خلع ملابسهم، أو يصادرون الأموال وبطاقات الهوية والهواتف المحمولة. على الأغلب، كما قالوا، الجنود يأمرون النساء والأطفال بالابتعاد والبحث عن ملجأ.

عدد من المعتقلين الذين تم إطلاق سراحهم تحدثوا عن الجنود الذين اقتحموا البيوت وشتموا النساء والأطفال وضربوا الرجال باللكمات وأعقاب البنادق. معتقلون آخرون تحدثوا عن إهانة متواصلة مروا بها عندما كانوا شبه عراة، وأن الجنود قاموا بتصوير الصور التي انتشرت بعد ذلك بسرعة البرق. بعض المعتقلين قدروا أنهم سافروا بضع كيلومترات قبل رميهم على الرمال. أما الجيش الإسرائيلي فرفض التطرق إلى المكان الذي نقلوا المعتقلين إليه.

عائلة أبو عدنان الكحلوت تؤمن بأن سبب التنكيل بأبناء عائلات المعتقلين هو الاسم الذي يشبه اسم المتحدث العسكري بلسان حماس، المعروف أكثر بلقب أبو عبيدة. ولكن أبناء عائلة الكحلوت – من بينهم كهربائي وخياط ومدير مكتب في موقع الأخبار “العربي الجديد” في لندن وموظفون في السلطة الفلسطينية- قالوا بشكل قاطع إنهم لا صلة لهم بالقوات المسلحة التي تحكم في القطاع.

حتى نهاية الأسبوع الماضي، ما زال ثلاثة من أبناء العائلة معتقلين، ولم يُسمع عنهم شيء منذ بضعة أيام. حمزة (15 سنة) وخليل (65 سنة) عادا إلى البيت في اليوم نفسه، واكتشفوا أنه لم يبق من المبنى المكون من خمسة طوابق إلا هيكل محروق. وقد هربوا إلى ملجأ للأمم المتحدة في مدرسة قريبة، لكن قوات الجيش الإسرائيلي اقتحمت المدرسة واعتقلتهم مرة أخرى.

بعض المعتقلين الذين أطلق سراحهم قالوا إن معاصم أيديهم تورمت وكانت مجروحة بسبب الأصفاد. وحسب أقوالهم، كانوا مكشوفين ليلاً في طقس بارد وسئلوا مرة تلو الأخرى عن نشاطات حماس. وهي أسئلة لا يملكون الإجابة عنها. نثر الجنود الرمال على وجوه المعتقلين وضربوا كل من تحدث بدون أن يأتي دوره.

الفلسطينيون المعتقلون مدة 24 ساعة أو أقل، قالوا إنهم لم يحصلوا على الطعام فاضطروا إلى تقاسم ثلاث علب مياه فيها لتر ونصف مع 300 معتقل آخر. وحسب أقوال نذير زندا، وهو عامل بناء، إنه لم يحصل إلا على فتات خبز ناشف خلال الأربعة أيام من الاعتقال.

درويش الغرباوي (58 سنة)، وهو مدير مدرسة تابعة للأمم المتحدة، أصيب بالإغماء نتيجة الجفاف. محمود المدهون، وهو صاحب دكان، قال إن اللحظة الوحيدة التي ولدت في نفسه أملاً عندما أطلق الجنود سراح ابنه لصغر سنه.

العودة إلى البيت جلبت معها أموراً فظيعة أخرى. حسب أقوال المعتقلين، فإنه بعد منتصف الليل قام الجنود بإنزالهم بدون ملابس وهواتف وبطاقات هوية قرب ما ظهر كأنه حدود القطاع الشمالية مع إسرائيل، وأمروهم بالسير بين الأنقاض والدبابات التي كانت على جوانب الشوارع والقناصة فوق الأسطح.

“بدا هذا كحكم بالإعدام”، قال حسن أبو شرخ، الذي مشى وأخويه رمضان (43 سنة) وبشار (18 سنة) وابن عمهم نسيم (38 سنة) وهو مزارع في بيت لاهيا، حفاة فوق الحجارة وقطع الباطون إلى أن سالت الدماء من أقدامهم. وطلبوا من أول شخص التقاهم قطع قماش لتغطية أجسادهم بها. وقال أبو شرخ، إن قناصاً إسرائيلياً أطلق النار على ابن عمه نسيم وقتله عندما كانوا في الطريق إلى مدرسة الوكالة في بيت لاهيا. اضطر الأخوان إلى ترك جثته في منتصف الطريق.

 

عائلات تتوسل للحصول على معلومات

 

حسب مصادر إسرائيلية، ثمة سبب للاشتباه بالفلسطينيين الذين بقوا في شمال القطاع، على اعتبار أن أماكن مثل جباليا والشجاعية في شرق القطاع، معروفة كمعقل لحماس. “سندمر كل معاقل حماس إلى أن ننتهي من جباليا والشجاعية، وسنمضي إلى الأمام”، قال المتحدث بلسان حكومة الطوارئ أيالون ليفي، الذي أوضح بأن الجيش سيوسع المعركة ما دامت القوات البرية تتقدم نحو الجنوب، إلى المنطقة التي فيها مليون فلسطيني تقريباً تم تهجيرهم ووجدوا فيه الملجأ. وأضاف ليفي بأن الدور الآن يتركز على خانيونس، مركز منطقة القتال. “بالطبع، سنفحص من هو الإرهابي من حماس الذي يجب اعتقاله وتقديمه للمحاكمة، ومن هو ليس كذلك”، قال.

قالت منظمات حقوق الإنسان، إنه يجب التحقيق في الاعتقالات الجماعية. “ليس واضحاً الأساس الذي تحتجز فيه إسرائيل هؤلاء الأشخاص، الأمر الذي يطرح أسئلة جدية”، قال عمر شاكر، المدير الإقليمي في “هيومن رايتس ووتش”. “مسموح اعتقال المدنيين فقط لأسباب حيوية للأمن. هذه نسبة عالية جداً”.

تتوسل العائلات في هذه الأثناء للحصول على معلومات عن أحبائهم الذين اختفوا. وجاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأنه منذ بداية الحرب وحتى 29 تشرين الثاني وصل إلى الخط الساخن للمنظمة 3 آلاف مكالمة من أشخاص حاولوا الاتصال مع أقاربهم الذين اختفوا.

وقال زندا، عامل البناء (40 سنة)، الذي ذهب الأسبوع الماضي إلى مستشفى في دير البلح مع ابنه محمود (14 سنة) بعد أربعة أيام من الاعتقال: “لا أعرف أين زوجتي وأولادي السبعة. أهم على قيد الحياة؟ أموات؟ في السجن؟”.

---------------------------------------------

اسرائيل هيوم 19/12/2023

 

73 يوما وحماس لم تهزم

 

 

بقلم: أرئيل كهانا

 

انتقاد في الكابينت على نية رئيس الوزراء إقرار إعادة سكان الى شمال القطاع وعلى إمكانية ان يتمكن موظفو السلطة الفلسطينية من المشاركة في الحكم في غزة في اليوم التالي للحرب.

يفكر رئيس الوزراء نتنياهو بالاستناد الى موظفي السلطة الفلسطينية الذين يسكنون في غزة كجسم يدير الحياة في القطاع، وذلك بعد انهاء المرحلة الأولى من الحرب – هذا ما علمت به "إسرائيل اليوم". وقد فحصت الفكرة كجزء من جملة إمكانيات ولم يتخذ فيها بعد قرار نهائي.

تحدث نتنياهو مرات عديدة ضد تسليم إدارة الحياة في القطاع الى السلطة الفلسطينية. في محيطه يقولون معقبين على ذلك انه في كل حال سيصر على ان يكون الجسم الذي يسير الإدارة المستقبلية نقيا من العنف ومن التحريض عليه. ومع ذلك، في محيط نتنياهو لم يستبعدوا فكرة الاستناد الى موظفي السلطة كمن يشاركون في الحكم المستقبلي.

وجاء من مكتب رئيس الوزراء التعقيب التالي: "التقرير ليس صحيحا. رئيس الوزراء نتنياهو هو الذي يتصدر السياسة التي تقول إنه لن يسيطر في قطاع غزة بعد تصفية حماس أي محفل يعلم القتال، يمول العنف ويدفع لعائلات المهاجمين".

ومن جهتنا انتقد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش هذا الميل قائلا ان "الترتيبات التي ستكون في غزة في اليوم التالي للحرب ستصمم بقدر كبير أمن إسرائيل ومكانتها السياسية والاقتصادية لسنوات طويلة. وإعادة سكان شمال غزة في هذه المرحلة هي سخافة وهي ليست من صلاحيات وزير الدفاع. وهكذا هو أيضا حديث نتنياهو عن استخدام موظفي السلطة الفلسطينية لليوم التالي".

أما ايتمار بن غفير وزير الامن القومي فقال: "بعد 73 يوما من القتال حماس لم تهزم. عندما يراد ان تهزم لا ينقل مال لاي موظف حتى لو كان من الوكالة. عندما يراد أن تهزم لا تكون هدن ولا يسمح للعدو بطرح شروط صادمة على تحرير المخطوفين. من مناطق الاخلاء الإنساني يطلقون الصواريخ ونحن نواصل خطوات إنسانية وبادرات إنسانية. حان وقت الحسم".

هذا وعقد أمس لقاء ثان في غضون ثلاثة أيام لرئيس الموساد دادي برنياع مع رئيس الحكومة القطرية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. وحسب تقارير في وسائل اعلام اجنبية، فقد عقد اللقاء في وارسو وشارك فيه رئيس السي.اي.ايه ومسؤولون اميركيون آخرون. وعلمت "إسرائيل اليوم" بانه توجد قنوات أخرى تحاول إسرائيل فيها العمل على صفقة مخطوفين وإن كان مسار رئيس الموساد هو المركزي.

التقدير هو أن مجرد استئناف الحوار مع القطريين يدل على أنه يوجد احتمال للوصول في نهاية المطاف الى صفقة أخرى. ومع ذلك، توجد المحادثات في مراحلها الأولية وما يزال يبدو أنه سيكون صعبا جدا الوصول الى مخطط متفق عليه.

---------------------------------------------

 

النصر معناه إخراج حماس من القطاع

 

 

إسرائيل هيوم 19/12/2023

 

 

بقلم: تسفي هاوزر

 

في مطار بن غوريون المقفر يسمع بشكل عام الإعلان "هذه دعوة أخيرة لمسافري رحلة الطيران" هذه او تلك. المعلن العاطل عن العمل من بن غوريون يجب تجنيده اليوم لمهمة اعلان لغرفة كابينت الحرب: "هذه دعوة أخيرة لاعضاء كابينت الحرب لتنسيق التوقعات مع الجمهور الإسرائيلي والرأي العام العالمي بالنسبة لمعنى الإنجاز اللازم بشأن "القضاء على حماس"".

ان تكتيك القيادة الإسرائيلية لابقاء الجمهور الإسرائيلي والرأي العام الدولي في ضباب قتالي، لا يتضمن تحديدا ملموسا من مصر، استنفد ذاته. فالقول الغامض "جئنا للقضاء على حماس" ليس كافيا. وانعدام الوضوح بالنسبة لهذا الهدف يصبح هداما ويسمح بخلق اثر تبريد قوي سيثقل على القتال.

نشهد هذه الأيام "تقطير" مفهوم، في انه "لا يوجد جدوى من مواصلة المعارك في غزة – اعداد الشهداء تزداد، جدوى المعارك تصبح هامشية، حماس تلقت ضربة قاضية والمصلحة الإسرائيلية الحقيقية الوحيدة المتبقية هي تحرير المخطوفين". ان هذا التنقيط الفكري سيصبح وابلا اذا ما واصلت القيادة الإسرائيلية التشويه لاهداف الحمل، ولم تقرر هدفا ملموسا يفصل ما هو النصر، ما هو معنى "القضاء على حماس". يوجد خطر واضح بالنسبة لاستمرار كوننا مجتمعا متراص الصفوف ومفعما بالروح القتالية، كلما استمرت المعارك في غزة واهداف النصر ليست واضحة. على القيادت الإسرائيلية أن تتخذ قرارا علنيا في أن فكرة "القضاء على حماس"، تقف أولا وقبل كل شيء عند اخراج رجال الذراع العسكري لحماس ممن يتبقون على قيد الحياة، الى الخارج، خروج بصيغة اخراج قوات م.ت.ف في 1982.

هذا هدف قابل للقياس، يشكل إنجازا موضوعيا يعكس نصرا إسرائيليا واضحا. اليه ينبغي أن يضاف هدفان آخران: تجريد غزة من السلاح الثقيل ومن الصواريخ – هدف بدأ رئيس الوزراء يكرره فقط في الأسبوعين الأخيرين، وإقامة حزام امني في داخل غزة. ان انهاء المعارك دون دحر رجال الذراع العسكري لحماس من غزة سيسمح بتفسير متضارب حول وجود نصر إسرائيلي. النصر الإسرائيلي هو واجب الواقع، بسبب الهزيمة التي تكبدناها في معارك 7 أكتوبر. هو ضروري لاجل خلق ردع إقليمي ولاجل أن يتطلع السعوديون، وبعدهم دول أخرى في المنطقة الى حلف استراتيجي إقليمي مع إسرائيل.

ان نصرا إسرائيليا واضحا هو الشرط الضروري لاعادة سكان غلاف غزة الى بيوتهم. كل نتيجة أخرى في المعارك لا تتضمن اخراج القوة العسكرية لحماس من غزة ستفسر كنصر بالنسبة لهم. حتى بثمن خسائر كثيرة للمنظمة. من هناك الطريق لاعادة بناء حماس في غزة قصير. فإبقاء قوة عسكرية منظمة ومدربة في القطاع سيمنع كل إمكانية حقيقية لبلورة قوة بديلة تحكم في غزة. آجلا ام عاجلا ستعود حماس لتحكم في القطاع، رغم أنفنا، وأنف الأميركيين وأنف السلطة. ان سيطرة حماس المتجددة على غزة ستكون اسرع واسرع من سيطرة طالبان من جديد في أفغانستان. اسألوا واشنطن.

ليس لإسرائيل بديل آخر غير اخراج حماس من القطاع بصيغة اخراج م.ت.ف من لبنان. بديل كهذا هو إبادة هذه القوة، ومعناها قتل غير مشاركين بحجوم هائلة. في 1982 حاصرت قوات الجيش الإسرائيلي بيروت حصارا أدى الى خروج نحو 12 الف فلسطيني من لبنان. الجيش الإسرائيلي في 2023 هو جيش اقوى بكثير منه في 1982. اخراج رجال م.ت.ف في حينه منع مصيبة إنسانية متدحرجة في لبنان، وإخراج الذراع العسكري للمنظمة لحماس من غزة اليوم، سيمنع مصيبة إنسانية متدحرجة في القطاع. على هذه ان تكون السياسة الإسرائيلية المعلنة. وعلى هذا ان يكون هو التطلع الأميركي. يجب أن يكون أساس الحجة لممارسة ضغط اميركي على قطر، مصر وتركيا لاخراج حماس من غزة.

في هوامش هذا البحث الجوهري من المهم التشديد – درء الخطأ والتشوش، على أن قتل يحيى السنوار لن يكون الدليل على النصر لإسرائيل. لكل زعيم يوجد بديل. قتل السنوار بدون اخراج باقي الذراع العسكري من غزة يمكن أن يشكل أداة لكي الوعي الإسرائيلي وكأننا انتصرنا. الكي يتبدد بسرعة اكثر من المتوقع. نأمل من قيادتنا الا يغريها الاكتفاء بـ "صورة نصر" بل ان تصر على تحقيق النصر ذاته.

---------------------------------------------

طوفان الأقصى.. الموقف اليوم الثلاثاء: 19/12/2023 الساعة: 07:00

 

 

عبدالله أمين

خبير عسكري وأمني

 

أولاً: الموقف 

في اليوم 73 لبدء الحرب على غزة؛ لم يغادر الموقف القتالي في مسرح عمليات غزة روتينه اليومي؛ حيث ما زال العدو مستمراً في هجومه البري والجوي والبحري على مختلف مناطق العمليات في مسرح القتال. كما بقيت المقاومة الفلسطينية تتعرض للعدو على كافة محاور؛ خاصة في منطقة عمليات مدينة غزة، كما وتتصدى لمحاولات تقدمه في مناطق جنوب الوادي، خاصة منطقة خان يونس التي تحولت إلى منطقة جهد رئيسي للعدو. أما في تفصيل موقف في الـ 24 ساعة الماضية: 

 

ففي صفحة العدو القتالية؛ أدام العدو عملياته القتالية عبر الإجراءات التالية: 

  • تحليق مكثف للطائرات المقاتلة والمسيرة في جميع أجواء مسرح العمليات، يصحبه قصف مدفعي وجوي لمعظم مدن ومخيمات قطاع غزة، من الشمال فالوسط حتى الجنوب. 
  • قصف عنيف بري وبحري على المنطقة الوسطى من قطاع غزة / دير البلح، النصيرات، البريج، في جهد ثانوي لتثبيت تشكيلات المقاومة العاملة في منطقة المسؤولية.
  • استهداف مقرات النزوح والمرافق الصحية ومنشآت الخدمات الاجتماعية لأهنا المحاصرين في مختلف مناطق قطاع
  • الضغط على قلب مدينة خان يونسمنطقة الجهد الرئيسي، عبر محاور القتال من الشمال / القرارة، والشرق / عبسان والغرب، وقصف الأحياء والمخيمات المحيطة بها. هذا وقد تركز قصف العدو بالأمس على قلب المدينة وشرقها / عبسان وبني سهيلة، ومنطقة "معن" وغيرها من ضواحي المدينة ومخيماتها. كما لم تسلم مناطقها الساحلية من القصف المعادي.
  • قصف الأحياء والحارات الداخلية في مدينة غزة: الزيتون، جباليا ومخيمها، الشاطئ، الصبرة، الدرج، الرضوان، التفاح، الشجاعية، مشروع بيت لاهيا، النصيرات، و مخيمي البريج المغازي. 
  • زيادة زخم وتركيز ناره على مدينة رفح ومحيطها، حيث استهدفت بالأمس برشقات مدفعية متفرقة. 
  • بقاء خروج مظاهرات لعوائل أسرى العدو لدى المقاومة، للمطالبة بعقد صفقة تبادل مع المقاومة تضمن عودة أبنائهم قبل أن يلحقهم ضرر من جراء قصف العدو لمدن ومخيمات القطاع. وفي سياق متصل؛ فقد أعلن أهالي الأسرى عن بدء اعتصام مفتوح أمام مقر الحكومة بدء من يوم الأثنين 18 12 2023 للمطالبة بإتمام صفقة لتبادل الأسرى. 
  • قصف العدو قواعدنار استهدفت قواته في شمال فلسطين المحتلة في: حولا، يارون، عيتا الشعب، اللبونة، محيط طير حرفا، جبل الباط، ميس الجبل. كما أفيد عن قصف العدو لمحيط العاصمة السورية دمشق. 

 

وعلى صلة؛ فقد اعترف العدو بإصابة 48 جندي ومقتل 5 من جنوده في الـ 24 ساعة الماضية، كما أفادت بيانات مستشفى سوروكا بأنها استقبلت 28 إصابة قادمة من جبهات القتال في غزة. 

 

وفي صفحة المقاومة القتالية؛ فما زالت المقاومة مشتبكة مع العدو على مختلف محاور القتال في مسرح عمليات قطاع غزة، وفي التفصيل: 

  • اشتباكات عنيفة مع العدو على محاور بيت لاهيا، وحي الزيتون والرضوان؛ جباليا ومخيمها، الشجاعية، تل الزعتر، وشمال و شمال شرق خان يونس، المغراقة وشمال النصيرات، وغيرها من محاور القتال في مدينة غزة. 
  • قصف تجمعات العدو في منطقة جحر الديك بقذائف الهاون. 
  • اشتباكات عنيفة على كامل محاور عمل العدو في محافظة خان يونس. 
  • تدمير جيب همر بالقرب من أبراج الندى شمال القطاع، استهداف شاحنة جنود وتدمير دبابة في بيت لاهيا، تفجير عبوة "رعد" في قوة مشاة متحصنة في منزل، قنص جنديين في الشجاعية، تفجير عبوات أفراد في مجموعة جنود وتدمير دبابة في خان يونس.
  • هذا وقد بثت كتائب الشهيد عز الدين القسام بالأمس شريطاً مصوراً لثلاثة من أسرى العدو يناشدون حكومتهم الإسراع في إطلاق سراحهم عبر صفقة تبادل أسرى، بغض النظر عن الثمن المطلوب مقابلها. 

 

هذا وقد استهدفت المقاومة الإسلامية في لبنان "حزب الله" في الـ 24 ساعة الماضية مواقع العدو الإسرائيلي في: شلومي، يفتاح، منصات إطلاق للقبة الحديدية شمال مغتصبة " كابري" كريات شمونا. هذا وقد أفادت بيانات القوات المسلحة اليمنية أن دفاعاتها الساحلية استهدفت سفينتين / "يوان أتلانتك" و أم. أس. سي كلارا " ـ في البحر الأحمر بالأسلحة المناسبة لعدم امتثالهما لقرار عدم الإبحار نحو الكان الموقت عبر مضيف باب المندب. كما أفيد عن اطلاق رشقة صواريخ نحو الجولان المحتل انطلاقاً من الأرضي السورية. 

 

وفي الضفة الغربية؛ اقتحمت قوات العدو كل من: زعترة / بيت لحم، بير زيت / رام الله، قرية تل وعقربا / نابلس، بني نعيم، صوريف، مخيم الفوار / الخليل، حي المصايف / رام الله، حي الكتف / أريحا.هذا وقد أفيد عن ارتقاء 4 شهداء جراء اقتحام العدو لمخيم الفارعة في طوباس. 

 

وفي الدعم الشعبي للمقاومة وأهلنا في غزة؛ لا زالت تجوب المدن والعواصم على شكل: 

  • مظاهرات ومسيرات. 
  • اعتصامات ووقفات أمام بعض المقار والممثليات. 
  • ندوات وخطب ولقاءات. 

 

وفي الجهود السياسية؛ لم تفض الجهود السياسية إلى أي نتيجة تنعكس إيجاباً على أهلنا المحاصرين في غزة، حيث ما زال العدوين الأمريكي والصهيوني على موقفيهما الرافض لأي وقف إطلاق نار دائم أو مؤقت، أو عقد هدنة إنسانية. كما أعلن وزير الدفاع الأمريكي "لويد أوستن" أن دعم إدارته للعدو الصهيوني "لا جدال فيه"، معلناً أثناء لقائه رئيس وزراء الكيان المؤقت عن تشكيل قوة حماية (دولية) بحرية لحماية ممرات الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، مكونة من: بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، هولندا، النروج، سيشيل، إسبانيا، بالإضافة إلى بلده. 

 

ثانياً: التحليل والتقدير 

ما زال العدو عالقاً في جبهة شمال قطاع غزة، حيث لم يستطيع حتى كتابة هذه الموقف إنهاء أو وقف تعرض تشكيلات المقاومة على قواته، أو استهدافها له؛ فقد بقي إطلاق الصواريخ على غلاف غزة، والاشتباكات اليومية، وبمختلف تكتيكات القتال مع قواته العاملة في بقع العمليات، بقيت مستمرة وبشكل مؤثر ويومي، الأمر الذي منع العدو من تحرير بعضاً من قواته، والدفع بها للعمل على محور مدينة خان يونس محور الجهد الرئيسي لقتال العدو، والتي يناور على محاورها من الشمال والشرق والغرب، كما بدأ بتركيز النار على قلب المدينة ووسطها. 

هذا وقد أبدت، وتبدي المقاومة شراسة ظاهرة في التصدي للعدو على كافة المحاور، وفي كامل مناطق المسؤولية في مسرح عمليات قطاع غزة. كما أنها بقيت قادرة على تشغيل قدرات نارية، مستهدفة غلاف غزة وعمق فلسطين المحتلة، موقعة خسائر فادحة بقوات العدو ومعداته، الأمر الذي يشي بأن تشكيلاتها ما زالت تمتلك من قدرات القتال، ووسائط السيطرة، ما يشكل تهديداً ذا مصداقية على قوات مناورة العدو في مختلف بقع القتال في مسرح العمليات، كما يمنعه من تقديم صورة نصر حقيقي، تشكل له مخرجاً من مأزق غزة الذي وجد نفسه فيه. 

 

وعليه وأمام هذه المعطيات، فإننا نعتقد أن الموقف في الـ 24 ساعة القادمة سوف يكون على النحو الآتي: 

1.    زيادة تركيز نار العدو ومناورته على محافظة خان يونس، في محاولة لاختراق أحيائها الداخلية بحيث يُضيّق هامش المناورة على تشكلات المقاومة، وما يعتقد أنه مركز ثقلها السياسي والقيادي.

2.    بقاء العدو عاملاً في منطقة شمال غزة بهدف إخماد بؤر التهديد أو تقليص خطرها، وتحييد ما يمكن من أصول بشرية ومادية للمقاومة فيها. 

3.    تخصيص قدرات نار ومناورة معادية للتعامل مع تشكيلات المقاومة العاملة في المنطقة الوسطى من قطاع غزة، وفي مدينة رفح جنوباً.

4.    بقاء المقاومة على زخمها، وحرية مناورتها في مختلف مناطق مسؤولية مسرح عمليات غزة، بحيث تجبي من العدو أثماناً في الأرواح والمعدات، وتهدد تجمعات جنوده في غلاف غزة، وفي العمق الفلسطيني المحتل. 

5.    قد يعمد العدو إلى القيام بعمليات إنزال جوي في المناطق الغربية أو الشرقية لمدينة خان يونس، الأمر الذي يجب التنبه له، وتخصيص جهود نارية وهندسية مسبقة، لمنع العدو من تحقيق هدفه هذا، حال قرر السير بمثل هذا الخيار. 

6.    بقاء المقاومة الإسلامية في شمال فلسطين المحتلة ـ حزب الله ـ مشتبكة مع العدو بمختلف صنوف النار، وفي كامل المنطقة الحدودية، من رأس الناقورة غرباً، وحتى العرقوب شمالاً. 

7.    استئناف المقاومة العراقية في ساحة العراق وسوريا، استهدافها لقواعد ومقرات العدو الأمريكي بصنوف النار المناسبة. 

8.    استئناف "أنصار الله" في اليمن اشتباكهم مع العدو الصهيوني بنيران الصواريخ أو المسيرات المتوجهة نحو أهداف في العمق الفلسطيني، والتعرض لقطعه البحرية في البحر الأحمر

9.    لا نعتقد أن الجهود السياسية ستفضي إلى توقف الأعمال القتالية، أو هدنة، أو وقف دائم لإطلاق النار. 

 ------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق