09 آيار 2024 الساعة 02:59

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الجمعة 15/12/2023 العدد 883

2023-12-17 عدد القراءات : 172

  الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

 

 

هآرتس 15/12/2023

 

 

 

 

"اليوم التالي" حصّة ميليشيات بن غفير!

 

 

 

 

 

بقلم: يوسي كلاين

 

نحن نهرب من واقع صعب الى واقع متخيل. نتخيل أن التغيير الكبير سيبدأ في اليوم التالي، هذا لن يحدث. الحياة التي ستأتي بعد الهزة الارضية ستكون مشابهة لما كان قبلها، ناقص آلاف القتلى وزائد ازمة اقتصادية. في اليوم التالي سنعود الى الأكاذيب التي كذبناها على أنفسنا، وسنعود الى ابعاد ما هددنا. سنقوم بالتفافة 360 درجة كي نعود الى المكان الذي كنا فيه. مسيرة الغباء ستستمر في السير من المكان الذي توقفت فيه وبشكل اقوى.

من الخطأ الاعتقاد بأن أي حدث، مهما كان فظيع، سيغيرنا. البحر هو نفس البحر والشعب هو نفس الشعب. نحن شعب نتكيف. التكيف هو عدو التغيير. اذا كنا تكيفنا مع الاحتلال وبيبي والمستوطنين وزيادة قوة الحريديين والصواريخ فلماذا لا نتكيف مرة اخرى مع 7 اكتوبر.

شهران هما فترة زمنية يمكن فيها تقدير كيف ستشاهد فيها العودة الى اليوم السابق. لن يتغير أي شيء. الغطرسة هي نفس الغطرسة، التي ستعتبر 7 اكتوبر كارثة، تسونامي أو زلزال لم يكن بالامكان منعهما. كان يوجد لدينا مبرر للقتل الجماعي: هم يستحقون ذلك. لماذا لم يتخلصوا من حماس؟ (لماذا لم نتخلص نحن من بيبي؟).

بيبي سيبقى نفس بيبي حتى في اليوم التالي. القوميون المتطرفون المتدينون ايضا الذين يسيطرون على بيبي لن ينحرفوا عن طريقهم، بالعكس. فحسب رأيهم نحن لم نضح بما فيه الكفاية. اكثر من 500 جندي واكثر من 1000 مدني قتلى، لم تكن كافية بالنسبة لهم. نحن هزمنا حسب رأيهم لأنه ينقصنا الاستعداد لدفع الثمن الحقيقي الذي يجب دفعه من اجل العيش في حياة سيادية يهودية في ارض اسرائيل، كما كتب اسرائيل هرئيل («هآرتس»، 8/12). من الخطأ الاعتقاد بأنه في الطريق الى السيادة اليهودية سيتغير مفهوم القوة كحل للمشكلات. لقد تعلمنا من الحروب التي لم تؤد الى أي شيء بأنه بدلاً من القوة يجب استخدام المزيد من القوة. عندما يواجه جيش قوامه نصف مليون عصابة قوامها 30 ألف فانه ينقل روحية الـ «القلائل ضد الكثر» للعدو. يوجد لدينا ما نعرضه عليهم من سلة مليئة باساطير الشعب الضعيف الذي يقاتل من اجل حريته.

نحن الآن لا نحارب من اجل حريتنا. ولكننا سنواصل المبالغة في تقدير قوتنا وسنقلل من درجة اعتمادنا. نحن نعيش في واقع متخيل ولا نعتقد بأنهم سيقومون بمقاطعتنا مثلما قاطعوا جنوب افريقيا. نحن نتخيل أن الكارثة ما زالت تحمينا. هم لن يتجرؤوا، كما نقول، هم لن يرغبوا في الوقوف مرة اخرى امام اردان وهو يضع على صدره الرقعة الصفراء. لقد نجحنا في أن نعلق ليهود العالم رقعة صفراء، الذين يدفعون ثمن اخفاقاتنا. ما الذي فكرتم فيه؟ سنقول لهم. هل فكرتم أنكم ستندمجون، ويتم استيعابكم وستثرون، في حين أننا نفترس بعضنا البعض؟. في نهاية المطاف ستأتون على أربع وستقولون: لقد كنتم على حق، لا يوجد لنا أي مكان في العالم غير اسرائيل (منذ الحرب العالمية الثانية قتل في اسرائيل يهود اكثر مما قتل في أي مكان آخر). «نحن يجب علينا الدفاع عن اليهود في العالم»، قالت مذيعة في التلفزيون، مع عرض مدهش للجهل تجاوز خط الغباء.

لن يذهب الغباء والغطرسة الى أي مكان. المحللون، الذين يتكلم المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي بحناجرهم، يقولون نحن نحتاج الى المزيد من الوقت من اجل تحقيق اهداف الحرب. لحظة، وماذا عنا؟ ماذا عن المخلين والجمهور في البيوت؟ ألا تسألونه؟ هل هو مستعد «لوقت كثير» في هذه الحرب في ظل هذه الحكومة؟ الوقت هو السلم الذي سننزل عليه من شجرة الانهيار. لو حصلنا على المزيد من الوقت لكنا قد دمرناهم، هكذا سيقول الجنرالات الذين عولوا على التدمير كذريعة للتقليل من العقاب. صور الدمار والمدنيون بالملابس الداخلية التي يتم نشرها لم تستهدف حماس، بل تستهدفنا، نريد منا أن نفرح.

الوقت يعمل في صالحنا، يقول المحللون وهم يعرفون ذلك، لكنهم لا يقولون بأنه يعمل في غير صالح المخطوفين. المحللون قرروا أن تدمير حماس يسبق تحرير المخطوفين. هم يعرفون أن المخطوفين، سواء كانوا احياء أو اموات، سيغطون على أي انتصار. هم يخفضون المعنويات الوطنية ويؤخرون الانتصار. من يطالب بـ «اعادتهم الآن» هو يطالب ايضا بوقف الحرب. ومن يطالب بـ «انهاء المهمة» فهو يتنازل عن حياتهم.

في حيّنا حياة الانسان غير مهمة. عندما جعلوا الفلسطينيين يسيرون بالملابس الداخلية في طابور فقد تأثر تسفي يحزقيلي بسرور لأننا بدأنا الحديث «بلغة الحي». لغة الحي ومليشيات بن غفير ستسيطر هنا في اليوم التالي، واذا كانت حماس تبحث عن الانتصار فهذا سيكون انتصارها.

--------------------------------------------

 

 

 

 

هآرتس 25/12/2023

 

 

 

 

"حمـاس" نـازيـة؟ إسرائيــل ترتكــب إبــادة جماعـيـة؟ انقـسـام المــؤرخــين

 

 

 

 

 

بقلم: عوفر اديرت

 

المؤرخون الإسرائيليون يجرون مؤخرا نقاش حاد حول مسائل تتعلق بالحرب في غزة. على الأجندة، ضمن امور أخرى، مستوى مسؤولية إسرائيل عن الحرب، أو اذا كانت ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة أو اذا كان يمكن مقارنة حماس بالنازيين أو مذبحة 7 اكتوبر بالكارثة. من بين من يشاركون في النقاش الذي يجري في المواقع الالكترونية في المجلات والصحف باللغة الانجليزية، يوجد عدد من المؤرخين والباحثين في الكارثة وإبادة الشعب المعروفين، على رأسهم البروفيسور يهودا باور من «يد واسم»، والبروفيسور حافي درايفوس من «يد واسم» وجامعة تل ابيب، والبروفيسورة دينا بورات من جامعة تل ابيب، والبروفيسور عومر بارطوف من الولايات المتحدة.

في الشهر الماضي كان بارطوف من بين الـ 16 شخصا الذين وقعوا على مقال نشر في مجلة «نيويورك ريفيو أوف بوكس» بعنوان «رسالة مفتوحة حول اساءة استخدام ذكرى الكارثة»، وعلى مقال رد على الانتقاد الذي وجه للمقال. «نحن نكتب من اجل التعبير عن الاستياء وخيبة الأمل من زعماء بارزين وشخصيات عامة بارزة، يثيرون ذكرى الكارثة لشرح الأزمة الحالية في غزة وفي إسرائيل»، هكذا بدأ المؤرخون وعرضوا عدة امثلة عن اساءة استخدام ذكرى الكارثة، حسب رأيهم، في تصريحات تناولت الحرب الحالية. في القائمة سفير إسرائيل في الامم المتحدة، جلعاد اردان، وضع رقعة صفراء كتب عليها «هذا لن يتكرر الى الأبد» في الجمعية العمومية؛ الرئيس الأميركي الذي قال إن «حماس ارتكبت اعمالاً فظيعة غير مسبوقة منذ الكارثة»؛ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قال إن «حماس هم نازيون جدد».

المؤرخون يدعون الى الامتناع عن التطرق لجرائم حماس ككارثة ولحماس كنازية. «تأثير مثل هذه التصريحات هو تصعيد للخطاب السياسي ونزع الانسانية عن الفلسطينيين واخراج الوضع التاريخي عن سياقه»، كتبوا. وقد اضافوا ايضا بأنه «في المواجهة غير المتناظرة الحالية في غزة فإن هذه التصريحات يتم استخدامها لتبرير ارتكاب جرائم حرب. فاذا تم اعتبار الحرب الحالية معركة بين «أبناء النور» و»ابناء الظلام»، بين «المتنورين» و»البربريين»، بين «اليهود» و»النازيين»، فعندها أي عمل عنيف يتم تبريره على اعتبار أنه جاء لمنع كارثة اخرى». وحسب قولهم فإن هذا الخطاب يشجع إسرائيل على «قتل آلاف الأبرياء وتدمير بشكل منهجي مدن ومخيمات للاجئين وتحويل معظم السكان في غزة الى لاجئين». كُتاب المقال حذروا من أن استخدام لغة معينة ضد حماس والفلسطينيين يمكن أن يثير العنصرية والخوف من الاسلام. وقالوا إن إلصاق شعار «النازيون الجدد» برجال حماس «ينسب دوافع لاسامية قاسية لمن يدافع عن حقوق الفلسطينيين».

بارطوف واصدقاؤه قالوا ايضا إن المقارنة بين النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين وبين إبادة الشعب اليهودي على يد المانيا النازية هو «فشل فكري وأخلاقي»، يوجد له تأثير خطير. وضمن امور اخرى هو يطمس، حسب قولهم، العلاقة التاريخية للنزاع الذي يعرضونه من خلال استخدام الكلمات الصحيحة مثل الاحتلال والمستوطنات والحصار. واضافوا: «75 سنة من التهجير و56 سنة من الاحتلال و16 سنة من الحصار على غزة».

وقد أكد الكُتاب على الفرق حسب رأيهم بين حماس والنازية. «الرايخ الثالث كان دولة بنيت على منظومة ارهابية متطرفة، ولفترة طويلة كانت الدولة العظمى العسكرية الاقوى في اوروبا، التي سيطرت على امبراطورية برية وتبنت سياسة التدمير المطلق لليهود. اليهود في اوروبا وفي شمال افريقيا لم يشكلوا أي تهديد عسكري على ألمانيا بأي شكل من الأشكال، بل هم كانوا أقلية هشة لا توجد لها أي امكانية ناجعة للدفاع عن نفسها»، كتبوا. حماس في المقابل وصفوها بأنها «ظاهرة مختلفة كلياً». وشرحوا «قطاع غزة هو أحد الأماكن الأكثر اكتظاظاً وفقراً في العالم، الذي حسب معظم المؤسسات الدولية بقي تحت الاحتلال. وهو يخضع للحصار ويعتمد بشكل كامل على إسرائيل. مع السكان في القطاع هم من اللاجئين أو احفادهم. على هذه الخلفية. ولا توجد أي مقارنة بين حماس وألمانيا النازية التي كانت دولة ارتكبت إبادة شعب ضد اقلية مضطهدة»، كتبوا. ويقولون ضمناً بأن مقارنة أكثر صحة يمكن أن تضع إسرائيل امام المانيا النازية. «إسرائيل هي الدولة الأقوى في المنطقة»، كتبوا واضافوا. «الهجوم في 7 اكتوبر رغم وحشيته لم يشكل أي تهديد وجودي لدولة إسرائيل».

بارطوف (69 سنة) ولد في كيبوتس عين هحورش وحصل على شهادة الدكتوراة من اكسفورد. ومنذ العام 2000 هو يعلم التاريخ في جامعة براون في لونغ آيلاند. وقد وقع على المقال ايضا كل من البروفيسور عاموس غولدبرغ، رئيس معهد بحوث اليهودية المعاصرة في الجامعة العبرية؛ البروفيسور الون كونفينو، مدير معهد دراسات الكارثة وإبادة الشعب في جامعة ماساشوسيتس امهرست (حفيد عيدا سيرني، التي هي من رؤساء الموساد للهجرة، وانتسو سيرني احد مظليي الاستيطان اليهودي)؛ المؤرخ الأميركي كريستوفر براونينغ، مؤلف كتاب «أناس عاديون».

33 مؤرخاً آخر، على رأسهم جيفري هيرف ونورمان غودا، نشروا مقال رد في مجلة بعنوان «هل تاريخ النازية والكارثة هو نقطة مقارنة مفيدة لجرائم «حماس» أم هو تشبيه كاذب؟». وقد بدؤوا المقال كما يلي: «في 7 اكتوبر «حماس» ارتكبت ضد إسرائيل حملة متعمدة من القتل الجماعي والاغتصاب والتعذيب والاختطاف. هذه لم تكن الكارثة، لكن هذا كان القتل الاكثر جماعية وأهمية بالنسبة لليهود منذ الكارثة. العثور على خصائص مشتركة وفروقات بين احداث تاريخية كان دائماً امر حيوي لفهم الماضي والحاضر». الاستنتاج هو استنتاج قاطع: «الادعاء بأن حماس هي تعبير حالي عن افكار تقف من وراء ارث طويل من كراهية اليهود والعنصرية والإرهاب، غير مبالغ فيه ولا توجد فيه إساءة استخدام، سواء للتاريخ أو ذكرى الكارثة». خلافاً لأصدقائهم الذين يرفضون كلياً المقارنة بين حماس والنازية، فقد كتب في هذا المقال بشكل صريح أنه «من ناحية فكرية توجد صلة نازية بحماس».

الباحثون تحدثوا ايضا عن تسرب النازية اللاسامية الى الشرق الاوسط قبل واثناء الكارثة، وعن التعاون الذي حصل عليه النازيون من ضباط مسلمين. وتحدثوا عن «الخلط بين كراهية يهودية – اسلامية واوروبية» وقالوا «هذا بدأ مع الاخوان المسلمين والمفتي الحاج امين الحسيني وهو مستمر مع حماس التي هي نفسها امتداد لحركة الاخوان المسلمين». الباحثون اقتبسوا من ميثاق حماس عن «القضاء على الدولة اليهودية». ووصفوه بأنه «مليء بالكراهية الشريرة لليهود من قبل الاخوان المسلمين من جهة، ومن جهة اخرى مليء بنظريات المؤامرة للنازية».

كُتاب مقال الرد انتقدوا ايضا الرواية التاريخية التي تقف من وراء المقال الذي كتبه اصدقاؤهم، والذي يعرض النكبة والاحتلال كخلفية لمذبحة 7 اكتوبر. «لا أحد من بيننا يقول بأنه لا توجد لحكومات إسرائيل أي دور في اتخاذ قرارات سيئة في السنوات الاخيرة»، كتبوا. لكن حسب قولهم فان البحث في الارشيف عن تاريخ إسرائيل والنزاع العربي – الإسرائيلي لا يمكن من الادعاء بأن إسرائيل فقط هي المذنبة بهذا الوضع. كُتاب مقال الرد أيدوا مفهوم «برابرة» الذي التصق بحماس بعد 7 اكتوبر. وأوضحوا بأنه يصف بشكل صحيح جرائم حماس في ذلك اليوم.

مقابل الادعاء بأن إسرائيل تنفذ عملية نزع الانسانية عن الفلسطينيين، هم قالوا بأن حماس هي التي تنفذ عملية نزع الانسانية عن اليهود، ضمن امور اخرى، بواسطة توثيق القتل وعرضه كـ «تحرر تاريخي من عدو عالمي ووجودي».

كُتاب المقال هاجموا ايضا ادعاء بارطوف واصدقاءه، وكأنه لا يمكن المقارنة بين حماس والنازيين، لأن النازيين خلافاً لحماس كانت لهم دولة. «توجد لحماس دولة في غزة منذ 17 سنة، اكثر بخمس سنوات مما حكم النازيون في المانيا. ومثل أي ديكتاتورية فان حماس لديها الاحتكار على التشريع والاعلام واستخدام القوة. غزة هي مجتمع مدني ايضا مهدد من قبل حماس. ولكن يوجد فيها ايضا مؤيدون لحماس. حسب الوثائق الاساسية لحماس فان إسرائيل هي اقلية لا تحتمل في العالم الاسلامي»، كتبوا. وبذلك هم يحاولون مناقضة أحد ادعاءات بارطوف. «فحص العلاقة بين الماضي والحاضر في ديكتاتورية حماس ونشاطاتها هو أمر حيوي»، لخصوا اقوالهم.

باحثون إسرائيليون في الكارثة، من بينهم البروفيسور يهودا باور، البروفيسور حافي درايفوس، البروفيسور دافيد زلبركلينغ من «يد واسم»، نشروا مقالهم في صحيفة «جويش كرونيكال» وساهموا بنصيبهم فيه في النقاش. «التاريخ لا يكرر نفسه. واحداث 7 اكتوبر مهما كانت فظيعة إلا أنها مختلفة عن الكارثة. لا يجب اعتبار حماس، مهما كانت ايديولوجيتها القاتلة والفظائع غير المعقولة التي ارتكبتها، استنساخ ارواح حديث للنازيين»، كتبوا. «خلافا للميل السائد في رؤية الكارثة والسبت الاسود تقريبا أمور متساوية في القيمة، فان تحليلا مقارنا للتاريخ يقتضي الاعتراف سواء بالتشابه أو بالاختلاف. في حين أن الحدثين الفظيعين فيهما تشابه معين، مثل الوحشية المثيرة للقشعريرة من اعمال القتل والكراهية الايديولوجية المتجذرة، وحتى الاصوات التي تنفي هذه الجرائم، فإن الفروق الجوهرية بين الحدثين هي فروق كبيرة»، اضافوا.

هم ايضا يختلفون في نقاط اخرى مع بارطوف واصدقائه، وكتبوا أنه ليس كل الباحثين في التاريخ هم خبراء في «التاريخ المعقد» وخبراء في النزاع المعقد بين إسرائيل والفلسطينيين. ضمن امور اخرى هم يتهمونهم بـ «التجاهل» و»التشويه المتعمد» للفروقات الجوهرية بين حماس وإسرائيل. «جانب واحد موجه بشكل متعمد للمدنيين في حين أن الجانب الآخر يريد تقليص عدد المصابين المدنيين، حتى لو كانت جهوده، للأسف، لم تنجح دائماً. نحن نأسف جداً على القتلى المدنيين في غزة. ولكن المراقبين النزيهين يجب عليهم ايضا اتهام حماس بإساءة استخدام الغزيين العاديين كدروع بشرية»، كتبوا. «الأزمة الحالية تؤكد على التناقض المطلق بين الدولة التي تطمح، حتى ولو بشكل جزئي، في الحفاظ على قيم الديمقراطية والانسانية، وبين المنظمة الارهابية التي تتبنى ايديولوجيا تسعى بدون خجل الى الغاء هذه القيم؛ وترفض التسامح الديني والمساواة في النوع الاجتماعي والحوار المنفتح».

بارطوف نشر مقالا في «نيويورك تايمز» دعا فيه المؤسسات التي تبحث في الكارثة مثل «يد واسم» ومتحف الكارثة في واشنطن الى التحذير من «خطاب مليء بالغضب والانتقام»، الذي يؤدي الى شيطنة الفلسطينيين، والتحذير من تورط إسرائيل في «جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتطهير عرقي وإبادة شعب». واختتم المقال بـ «حتى الآن يوجد لدينا الوقت لوقف إسرائيل عن تحويل هذه الأعمال الى إبادة شعب». البروفيسورة دينا بورات، وبعض أصدقائها منهم البروفيسورة طوفيا بريلنغ، ردت على ذلك وكتبت: المؤرخون يجب أن توجههم الأدلة التي يعرفونها وليس الأفكار التي يختارون الإيمان بها».

--------------------------------------------

هآرتس 15/12/2023

 

 

 

 

محمود عباس أمام حقل ألغام متفجر.. وإسرائيل ترى في خطاب هنية “توسلاً”

 

 

 

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

إزاء الاضطرابات في حركة فتح تصعب رؤية محمود عباس يتولى المسؤولية عن قطاع غزة. لدى موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، بشرى. “نريد أن نكون جزءاً من م.ت.ف. وقد قلنا إننا سنحترم التزامات م.ت.ف. للإسرائيليين حقوق، لكن ليس على حساب الآخرين… يجب التمسك بالموقف الرسمي وهو أن م.ت.ف تعترف بحق إسرائيل في الوجود”، قال في مقابلة مع موقع “مونيتور”. في أوقات أخرى، كان تصريح كهذا سيعتبر انعطافة، وانقلاباً في رؤية حماس التي لا تعترف بإسرائيل. ولكن الذاكرة تدل على أن “الأوقات الأخرى” كانت في السابق، وأنها ليست المرة الأولى التي يلقي فيها أبو مرزوق “قنبلة”، يتبدد صداها في فترة قصيرة. ففي أيلول 2014 قال: “من ناحية دينية، لا عيب في إجراء مفاوضات مع الاحتلال، فكما نجري المفاوضات بالسلاح نجريها بالحديث”. وفي مقابلة مع شبكة “القدس” قال في حينه إنه “إذا بقي الوضع على حاله فستضطر حركة حماس إلى سلوك هذا الطريق، التفاوض مع إسرائيل، لأنه طلب شعبي في كل قطاع غزة”.

خلال فترة قصيرة، نشر نفي قاطع من قبل حماس، التي قالت إن موقفها القاطع هو أنه لا يجب إجراء المفاوضات مع العدو الصهيوني. جهات رفيعة في حركة فتح، العدو اللدود لحماس، أوضحت بأن أقوال أبو مرزوق هدفت إلى المس بالسلطة الفلسطينية وم.ت.ف وطرح حماس كمحاور محتمل، وبهذا تقويض مكانة م.ت.ف بصفتها الممثل الحصري للشعب الفلسطيني.

بعد ثلاث سنوات، في 2017، نشرت حماس ميثاقها المعدل الذي جاء فيه أن “إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران 1967 هي صيغة وطنية متفق عليها ومشتركة”، مرة أخرى بشرى غير مسبوقة. ولكن قيل في السطر التالي “لن نتنازل عن أي شبر من أرض فلسطين مهما كانت الظروف والشروط والأسباب والضغوط، ومهما طال الاحتلال”. يمكن فعلياً سماع التفسير الذي يعتبر أقوال أبو مرزوق دليلاً قاطعاً على أن حماس تعترف بالخسارة، ولا ترى أي مخرج عدا الاعتراف بدولة إسرائيل، أو على الأقل تقديم نفسها كجهة مستعدة لأن تكون شريكة في أي عملية سياسية ستبدأ في اليوم التالي للحرب في غزة.

هذا التفسير سمع هذا الأسبوع بعد أن حذر إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، بأن “أي اتفاق في غزة بدون حماس هو وهم وسراب”. وقد كرر ذلك ثلاث مرات. ووجدت إسرائيل في ذلك دليلاً واضحاً على الاعتراف بهزيمة حماس، الهزيمة التي تجبر هنية على “التوسل” من أجل إنقاذ حماس قبل أن يسرق أحد القطاع من السنوار. حتى الآن، لم يسمع رد هنية أو رد قادة كبار في حماس على أقوال أبو مرزوق، ومن غير المعروف إذا كانت تعكس موقف هنية أو السنوار، الذي بينه وبين هنية خلاف عميق بدأ قبل الحرب، أو إذا كانت قيادة فتح مستعدة أصلاً لاستئناف المحادثات مع حماس لتشكيل جسم سلطوي موحد.

تصريحات قادة حماس لا تستهدف الأذان الإسرائيلية، وحماس ليست ولا يجب أن تكون شريكة في المفاوضات مع إسرائيل على حل قضية غزة. أقوال هنية وأبو مرزوق موجهة إلى ساحة الحوار السياسي الفلسطيني الذي يتراوح بين قطبين: الأول يمثله محمود عباس الذي قال في مقابلة مع وكالة “رويترز”: “أنا مع المقاومة غير العنيفة. أؤيد المفاوضات التي تستند إلى مؤتمر دولي ورعاية دولية، التي تؤدي إلى حل يحصل على الحماية من دول العالم لإقامة الدولة الفلسطينية في غزة والضفة الغربية وشرقي القدس”. وفي الوقت نفسه، أكد أن “م.ت.ف هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني”. أي أنه إلى حين يتم الاتفاق على غير ذلك، فحماس و”الجهاد الإسلامي” ليستا أعضاء في م.ت.ف. وإذا رغبتا في الانضمام، عليهما تلبية شرطين أساسيين: المقاومة غير العنيفة، وتبني الاتفاقات التي وقعت عليها م.ت.ف مع إسرائيل. القطب الثاني يمثله كبار قادة فتح، مثل جبريل الرجوب ومروان البرغوثي وناصر القدوة وحمادة فراعنة، هذا إذا أردنا الإشارة فقط إلى بعض أعضاء هذه الكتلة التي تطالب منذ فترة طويلة بإجراء الإصلاحات في بنية م.ت.ف وضم حماس، وبالأساس إنهاء ولاية محمود عباس، التي تجاوزت إطارها القانوني.

قبل سنتين كان يبدو أنها عملية تنضج عندما أعلن محمود عباس عن إجراء الانتخابات للرئاسة والمجلس التشريعي. ولكن في حينه، أدرك أن جيلاً جديداً يقف أمامه، ليس بالضرورة جيلاً شاباً. معظم الأعضاء في هذه الكتلة تتراوح أعمارهم بين الستين فما فوق، لكنهم يستندون إلى الجيل الشاب، المحبط واليائس، من الفلسطينيين الذين لا يرون أي أفق سياسي تحت ظل حكم السلطة الفلسطينية. أحد المرشحين البارزين، وهو ناصر القدوة، ابن شقيقة ياسر عرفات والذي شغل منصب وزير الخارجية، قام محمود عباس بطرده من صفوف اللجنة المركزية بعد الإعلان عن نيته تشكيل قائمة مستقلة ستتنافس في الانتخابات أمام قائمة فتح “التقليدية”.

القدوة يستمر في زيارة محمود عباس والقاعدة المخضرمة في الحركة. مؤخراً، في مقابلة مع شبكة “ام.بي.سي مصر”، أوضح بأن “الإصلاحات في القيادة الفلسطينية ليست طلباً أمريكياً أو إسرائيلياً، بل طلب لأغلبية ساحقة من الفلسطينيين. الإصلاحات، حسب قوله، يجب أن تعتبر حماس شريكة في القيادة الفلسطينية. “على الحكومة الفلسطينية الحالية الحفاظ على وجود حماس واحترامها، وأن تكون منفتحة تجاهها، لأن أغلبية الفلسطينيين تريد حكومة فلسطينية تحافظ على كرامة المواطن الفلسطيني”.

أقوال مشابهة قالها جبريل الرجوب في مقابلة مع الصحيفة التركية “ديلي صباح”: “موقفنا بخصوص مستقبلنا يتركز في المقام الأول على وحدة أراضي فلسطين التي احتلت في 1967. وفي المقام الثاني على اتفاق بين جميع الفصائل الوطنية، من بينها حماس، لتشكيل حكومة وحدة وطنية تعالج مهمات محددة لفترة زمنية محددة وتكون مسؤولة عن توفير الغذاء وإعادة الإعمار وتقديم الخدمات. وستكون المسؤولة عن كل الأراضي الفلسطينية، وتعدّ الشعب الفلسطيني للانتخابات. هذه هي الخطوة الأولى في بناء الشراكة (بين الفصائل)”.

 

 

 

 

حقل ألغام

 

هذه المواقف بعيدة عن موقف إسرائيل الذي يطرحه نتنياهو، والذي يرفض نقل السلطة في غزة للسلطة الفلسطينية ببنيتها الحالية، وبالأحرى إذا انضمت إليها حماس و”الجهاد الإسلامي” وفصائل أخرى. هذا الموقف يستبعد أيضاً خطة الرئيس الأمريكي الذي يعتقد أن “سلطة مجددة”، بدون تفسير قصده، هي التي يجب أن تحكم في غزة. ولكن الرئيس الأمريكي أيضاً، الذي يستبعد مشاركة حماس في أي بنية سلطوية في غزة أو في “المناطق” [الضفة الغربية] بشكل عام، يعتقد أنه لن يكون هناك أي مانع لإجراء الانتخابات في “المناطق”؛ الانتخابات تعني أن حماس يمكنها المشاركة فيها وربما الفوز أيضاً.

لكن حتى إقامة سلطة فلسطينية جديدة بدون انتخابات كما يقترح الرجوب، كمرحلة أولية قبل تولي المسؤولية عن إدارة القطاع، تحتاج إلى مفاوضات وتفاهمات مع حماس ومع فصائل أخرى. من يعتقد أن الحل يكمن في إطلاق سراح مروان البرغوثي – حسب استطلاع أجراه معهد خليل الشقاقي والذي نشرته عميرة هاس حصل على دعم بنسبة 51 في المئة (مقابل الـ 34 في المئة التي حصل عليها قبل الحرب) كخطوة لتشكيل قيادة فلسطينية جديدة – عليه الانتباه إلى أقوال قالها في بيان أرسله لوسائل الإعلام في 8 كانون الأول الحالي من السجن، الذي دعا فيه كل فلسطيني للمشاركة في “معركة التحرر” الجارية الآن. يجب تحويل كل بيت فلسطيني إلى معقل للثورة، وكل شخص إلى جندي في ساحة المعركة. علينا التوحد والإثبات لكل العالم بأننا قوة لا يمكن كسرها في معركة البطولة المتواصلة التي خلقتها المقاومة (القصد حماس)، التي تدشن فيها مرحلة جديدة من تاريخ أمتنا، كتب في البيان.

الانتقال إلى التوصيات المطلوبة في البيان، التي تحيي الذكرى السنوية لبداية الانتفاضة الأولى، يتحدث البرغوثي هنا أيضاً عن الدمج الضروري بين كل الفصائل والتيارات الفلسطينية. البرغوثي، الذي هو أحد من صاغوا “وثيقة الأسرى” في 2006، التي وافق فيها ممثلو الفصائل الفلسطينية الذين كانوا في حينه في السجون الإسرائيلية على انضمام حماس لـ م.ت.ف وعلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، لم يتنازل في أي وقت عن الوحدة الوطنية، حتى عندما عرض في 2016 خطته لإجراء حوار وطني حول إقامة قيادة جديدة لـ م.ت.ف وإجراء انتخابات، التي حسب نتائجها سيتقرر نصيب كل فصيل وكل حركة في جهاز السلطة.

منذ ذلك الحين، كانت عشرات اللقاءات والحوارات بين فتح وحماس، بشكل مباشر أو بوساطة مصر وقطر وتركيا وجهات أخرى، ولكن بدون أي نتائج عملية. المحاولة الأخيرة لتشكيل وحدة بين الفصائل كانت في تشرين الثاني الماضي في مصر في لقاء استثنائي بين إسماعيل هنية وناصر القدوة، إضافة إلى ممثلين آخرين. الأمر المهم هو أنه في حين أن هنية هو الممثل الأعلى الذي يمكن لحماس أن ترسله لهذا اللقاء، فالقدوة لا يمكنه الادعاء بأنه يمثل فتح. يبدو أن مصر، التي دعت الأعضاء والتي بذلت الجهود الكبيرة لإجراء مصالحة فلسطينية داخلية، بدأت تستعد لليوم التالي و”هندسة” تشكيلة القيادة الفلسطينية الجديدة، ربما من خلال الاعتراف بأن زمن عباس قد انقضى، وهي تفحص قوة الجيل القادم في حركة فتح.

إزاء الهزة التي تمر بها قيادة فتح الآن تصعب رؤية كيف يمكن لمحمود عباس والسلطة الفلسطينية، حتى لو غيرت إسرائيل موقفها، تحمل المسؤولية عن إدارة قطاع غزة، لو بشكل مؤقت. العملية الحاسمة التي يمكنها اختراق الطريق المسدود قد تكون الإعلان عن عقد مؤتمر دولي لمناقشة مستقبل فلسطين وحل الدولتين. هذا الإعلان قد يلبي الشرط الأساسي الذي وضعه محمود عباس، ويلبي طلبه الذي يقول إن تحمل المسؤولية عن غزة سيتم فقط في إطار النقاشات حول حل سياسي شامل. يصعب اليوم وصف تحقق هذه الخطوة، لكن حتى لو حدثت معجزة، فإن السؤال الذي سيطرح هو: هل سيتمكن عباس من التغلب على حقل الألغام المتفجر الذي ينتظره في م.ت.ف، وبشكل خاص في فتح، حيث يرون في الحرب فرصة لإحياء الحركة بدونه؟

--------------------------------------------

معاريف 15/12/2023

 

 

 

 

نتنياهو وبايدن والسنوار في فخ غزة: أيهم سيقرر مصير الحرب؟

 

 

 

 

 

بقلم: ران أدليست

 

الأبطال التاريخيين والمأساويين الثلاثة في ملتقى أحداث غزة هم: بايدن، ونتنياهو والسنوار. يقول المؤرخون إن الواقع الذي يصمم التاريخ هو من عمل الزعيم. وعمل الزعيم مبنى شخصيته. في الشهر القريب القادم سيقع بين بايدن والسنوار ونتنياهو صدام محدد. شخصياتهم، بمستوياتها العلنية والخفية، ستلعب دوراً حاسماً في سياقات إنهاء القتال واليوم التالي. نتنياهو يعمل من موقع ضعف لورقة تتطاير في الريح وفي كل صوب. بايدن يعمل من موقع سيطرة، يستوجب إدارة متعددة الوجوه بمصالح متضاربة. الشخصية الأصلب بين الثلاثة هي شخصية السنوار، الذي يقرر وحده، بمعنى بينه وبين الله. تقارير الاستخبارات عندنا عن شخصية السنوار تصفه كمتزمت وحشي وكمريض نفسي يسير حتى النهاية. ليس قبل أن يقتل بسببه مئات الآلاف، وليس قبل أن يستنفد كل حيلة كي ينجو شخصياً وحركياً. ليست لديه مشكلة في قتل مخطوف بالتوازي مع تقدم الجيش الإسرائيلي.

السؤال الذي يرافق تقدم القوات على الأرض والاتصالات الدولية هو كيف سيرد السنوار إذا ما وصلنا إليه. هل ستكون هذه عليّ وعلى أعدائي مع كل من في المحيط، أم سيرد على عروض النفي بالموافقة على نمط عرفات – على افتراض أن تكون عروض من هذا النوع. في حرب لبنان الأولى، بعد ضغط دولي، تخلى الجيش الإسرائيلي عن نية قتل ياسر عرفات الذي صعد إلى سفينة (فوهة بندقية قناص رافقته)، غادر بيروت إلى الجزائر ومن هناك واصل النضال الفلسطيني نحو الاستقلال، بما في ذلك الإرهاب.

درسنا كإسرائيليين: من لم يرغب في خوض المفاوضات مع عرفات، ولاحقاً رفض المفاوضات مع أبو مازن، والآن عالق مع السنوار، سيحصل غداً على “الجهاد الإسلامي”. متزمتونا سيحتفلون أمام العدو الجديد – القديم، وإذا كانت لهم الرافعة السياسية المناسبة، فسيجروننا جميعاً إلى هذا الاحتفال.

في هذه الأثناء، السنوار وحده سيقرر إلى متى سيستخدم قواته ضد الجيش الإسرائيلي. هل سيقاتل حتى النهاية (خيار شمشون علي وعلى أعدائي يا رب)، هل سيخرج إلى المنفى أم سيبقى في الخندق على نمط نصر الله. في كل حال، هذا سيكون قراره، وسيكون له تأثير مباشر وحاسم على سياقات إنهاء المعارك.

نتنياهو بالمقابل، هو الملاكم الذي يتحرك في الحلبة، وهو يضرب من جهة (اليمين المجنون) إلى جهة (إدارة بايدن) ومن هناك إلى المقررين في الميدان (الجيش الإسرائيلي). في كل مكان يغير رواية، وبعدها يعود إلى البيت مع لكمة في العين وردمة في الكلية كي يتلقى الضربة القاضية اليومية. الهدف الوحيد الذي يدافع عنه بتزمت هو إحباط محاكمته. باقي قراراته هي ثمرة مواجهة صدفية لضغط مصادف في الغموض الذي يعيش فيه.

الرجل الذي هو متعلق به حتى أكثر من بن غفير هو جو بايدن، الذي يعزز آلة الحرب العسكرية الإسرائيلية. بعد خمسين سنة من الخدمة العامة، يبث بايدن الرجل ارتياح آلة متطورة تعرف كيف تتحرك في اتجاهات السياسة المحلية القطرية والسياسة الخارجية والأمنية العالمية. لا أعرف كم من الصدق يوظف بايدن في البادرات الطيبة الإنسانية والعاطفية. في الحقيقة، معظم اليهود يؤمنون بأنه هو وهرتسل شاهدا دولة إسرائيل من على الشرفة.

 

 

 

 

ستار دخان

 

بايدن نفسه يفترض أن يكون زعيم العالم الحر بحكم كونه زعيم القوة العظمى الأكبر في العالم، وهو بالفعل يعمل هكذا. وبصفته هذه علق في عالم من الخيارات الوحشية. حتى متى وكم جندياً أمريكياً سيقتلون في أفغانستان، أو كم جندياً أوكرانياً سيضحى بهم أمام روسيا على مذبح المصلحة الإمبريالية الأمريكية. وهل تترك إيران للوصول إلى القنبلة وغيرها وغيرها.

من ناحية إسرائيل، يلتزم بايدن أمريكياً أولاً ثم إسرائيلياً. يقف اليوم أمام خيار شخصي وحشي كمن يفترض أن يتنافس في انتخابات 2024 ضد ترامب الذي يتصدر الاستطلاعات. يبحث حزب بايدن عن سبيل لاستبداله بحصان منتعش أكثر، لكنه يصر على التنافس.

من زاوية بايدن، تعدّ إسرائيل وحماس زبونين رافضين. دور إسرائيل هو تصفية حماس التي تمنع الولايات المتحدة من تثبيت مدماك استراتيجي شرق أوسطي. قبيل انتخابات 2024 يفترض بنا أن نقدم لبايدن نوعاً من النصر على الأشرار في الساحة المحلية والدولية. دور حماس هو أن تصفى وتدع بايدن يبعث بالسلطة الفلسطينية إلى القطاع، التي هي، مثل إسرائيل، جزء من ذاك المدماك.

الوضع اليوم هو أن الزبون الحمساوي يرفض أن يصفى (بعد)، والزبون الإسرائيلي لم ينهِ مهمته (بعد). التنسيق المنشود لا يعمل حسب جدول بايدن الزمني، واستمرار القتال هو ضرر لمصالح أمريكية في العلاقات مع الدول العربية وإحساس بالمرارة في بيته هو. استطلاع جديد لمعهد البحوث “بيو” يقضي بأن أغلبية الأمريكيين يعارضون سياسة بايدن في الحرب في غزة. 45 في المئة من الديمقراطيين، حزب بايدن، يعتقدون أن إسرائيل تبالغ في نطاق الحملة العسكرية، مقابل 12 في المئة من الجمهوريين.

لكسب وقت للإقناع، يتحدث بايدن أيضاً بصوتين. وزير الخارجية أنتوني بلينكن مر بإسرائيل في طريقه من مكتبه إلى بيته (للمرة التي لا ندري كم عددها)، وأوضح بأن الحديث يدور عن زمن محدود، أي نهاية كانون الأول. إسرائيل عارضت. بلينكن حسب “بوليتيكو”، رد بـ “ليس لديكم الكثير من الائتمان”. لجونتان فاينر، نائب جاك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي، جدول زمني مختلف. “إذا ما انتهت الحرب اليوم، ستبقى حماس تهديداً على إسرائيل، ولهذا السبب لن تطلب الولايات المتحدة من إسرائيل التوقف”.

روى نير دبوري لداني كوشميرو بأنه “في غضون ستة أسابيع، سيقضي الجيش الإسرائيلي على حماس وينهي المهمة”، وهذه أكثر بأسبوعين من جدول بايدن الزمني. نتنياهو استسلم. على مراحل. قال لبايدن: “العملية في خانيونس ستستمر بقوى عالية حتى نهاية كانون الأول. بعد ذلك ستحتاج إسرائيل لبضعة أسابيع أخرى كي تطهر المنطقة من المخربين”. الجيش الإسرائيلي لا يفهم ماذا يعني تطهير المنطقة بقوى متدنية.

بينما تقول إدارة بايدن صراحة إن إسرائيل لن تحكم في غزة، يروي نتنياهو بأن إسرائيل هي التي ستدير الأمن في غزة، أي ستواصل القتال. الجيش الإسرائيلي لا يفهم علام يتحدث، أما بيني غانتس، في تناوله لليوم التالي فلا يتحدث عن سيطرة عسكرية في غزة، بل عن “تغيير الحكم”، وأفترض بأنه يقصد هذا في إسرائيل أيضاً.

من خلف ستار الدخان الذي يبدده نتنياهو، تتداخل ساعة ثلاثة ملائكة التخريب (نتنياهو، بن غفير وسموتريتش) مع الانتخابات التمهيدية في الولايات المتحدة في بداية 2024. وهم يراهنون على انتصار ترامب وسيطرة الإفنجيليين. فرضية العمل عندهم أنه لن يكون لأحد الأشخاص الأكثر نزقاً في الساحة الدولية أي مشكلة في الاستجابة للإفنجيليين. هذا هو المنطق المجنون من خلف الأقوال بأن الحملة ستطول (أتذكرون؟) “أشهر كثيرة ربما سنة”.

ما هو كفيل بكبح خطط ملائكة التخريب الثلاثة هو تعاظم احتجاج عائلات المخطوفين الذين يقتلون للوصول إلى السنوار. تجري أمامهم حملة بث عمل عابث (حالياً): “نحن في بيت السنوار” (نتنياهو) وكأنه ليس واضحاً أن السنوار الميت لا يساوي أظفر مخطوف حي.

--------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هآرتس 15/12/2023

 

 

 

 

إسرائيل في حرب غزة.. إنجازات محدودة وثمن باهظ

 

 

 

 

 

بقلم: عاموس هرئيل

 

جرت الحرب هذا الأسبوع في قطاع غزة في ظل حادثة صعبة – الكمين الذي قتل فيه 9 ضباط وجنود من لواء غولاني ووحدة الإنقاذ 669 في الشجاعية الثلاثاء الماضي. قبل نهاية الأسبوع العاشر على القتال، يتضح بالتدريج أيضاً ثمن العملية البرية. حماس لا تنجح في وقف تقدم القوات في شمال القطاع، لكنها تلحق إصابات في الأماكن التي تعمل فيها بشكل من منظم، وتستطيع القيام بمبادرات هجومية معينة.

السيطرة العملية للجيش الإسرائيلي على مناطق لا تعني تطهيرها من المقاومة؛ ففي شمال القطاع حيث يجري قتال منذ نهاية تشرين الأول، لم يتم استكمال السيطرة، وبالتأكيد لا يوجد تطهير كامل.

في شمال القطاع وفي العملية المركزة في خانيونس على مستوى الفرقة، استمرت الجهود لتمشيط الأحياء بحثاً عن مزيد من فتحات الأنفاق، والسلاح ومنصات الإطلاق. لا يملك الجيش الإسرائيلي أي اختراع كي يدمر شبكة الأنفاق على رؤوس المخربين التي يختبئون فيها أو أن يستسلموا بسرعة، بمن فيهم كبار قادة حماس. في الشجاعية وجباليا، بؤرتا المقاومة في الشمال، يأمل الجي تعزيز سيطرته هناك في الأيام القريبة القادمة، حتى بعد ذلك ستبقى تشكل خطراً.

نجاح حماس العملياتي في الشجاعية سيؤدي إلى تصميم إسرائيل على هزيمة كتيبة حماس هناك. النتيجة المرافقة ستكون تدميراً كبيراً للبيوت بعد أن تسبب أحد المباني الذي لم يتم تفجيره قبل التمشيط إلى سقوط قوة فرعية في غولاني في كمين. على الأغلب، يقوم الجيش الإسرائيلي بعملية قصف من الجو وبالمدفعية بشكل خاص لكل هدف جديد للعملية البرية، تسمى معامل الانكسار. هذا يحتاج إلى غلاف قوي من سلاح الجو الذي يرافق القوات عن قرب ويقصف أي خطر محتمل حولها.

الحرب الحالية تجبي من “غولاني” ثمناً باهظاً، حتى أمس تم إحصاء 83 قتيلاً من اللواء، 70 منهم في الهجوم الإرهابي في 7 تشرين الأول، الذي فيه تمت مفاجأة قوات كتيبتين من “غولاني” على خط المواجهة. هذا العدد من الجنود يساوي فصيلاً كاملاً. وللمقارنة، يشكل هذا ثلثي خسائر “غولاني” في حرب يوم الغفران، التي حارب فيه اللواء في جبل الشيخ وهضبة الجولان. خسائر الجيش الإسرائيلي في القطاع، بالطبع، أقل بكثير نسبياً من خسائره في يوم الغفران.

من بين قتلى الحادثة في الشجاعية العقيد إسحق بن بيشد، وهو من مركز قيادة قائد اللواء، والمقدم تومر غرينبرغ قائد الكتيبة 13. أمس، أصيب قائد الكتيبة 12 في اللواء إصابة طفيفة في حادثة أخرى. هذه ليست المرة الأولى في القتال في الشجاعية التي يصاب فيها ضباط كبار من “غولاني”. في عملية “الجرف الصامد” أصيب في المعارك ثلاثة من قادة الكتائب في اللواء، قائد كتيبة الدورية روعي ليفي، وقائد اغوز يونتان روم، وقائد كتيبة 12 شاي سيمان طوف، الذي بقي على كرسي متحرك حتى الآن. بن بيشد تم استدعاؤه في حينه لاستبدال ليفي المصاب كقائد للكتيبة. في الحرب الحالية سقط الاثنان. العقيد ليفي، قائد الوحدة متعددة الأبعاد، قتل في اليوم الأول من القتال في المعركة في “كيبوتس ريعيم”.

المنطقة المأهولة تتسبب بثلاثة أمور ثابتة للقوات المهاجمة. أي عملية برية في منطقة مكتظة تحتاج إلى قوة بشرية أكثر مما يتم الاعتقاد في البداية وإلى فترة أطول وتستهلك سلاحاً أكثر. حتى بعد احتلال المنطقة، يبقى هناك خطر المهاجمة من الخلف من قبل قوات العصابات التي تكون مختبئة أثناء الهجوم. هذا ينطبق بشكل خاص على القطاع حيث تحتفظ حماس بسيطرة نسبية في المدينة تحت الأرض، في الوقت الذي تعمل فيه قوات الجيش الإسرائيلي فوق الأرض.

من يتحدث بمفاهيم التطهير الشامل لمنطقة، فإنه ببساطة يضلل الجمهور، ومثله أيضاً بعض المحللين في الأستوديوهات الذين يعلنون من أسبوع عن انهيار مؤكد لحماس. بشكل عام، من الأفضل أن تعرض وسائل الإعلام على الجمهور تحليلات متزنة عما يحدث، بدلاً من العمل كضباط من أجل رفع معنويات الشعب والجنود. حتى الآن، لا يمكن استبعاد السيناريو الذي سيستمر فيه الجيش الإسرائيلي في ضرب حماس، في الوقت الذي تركز فيه حماس على بقائها – وتحقق ذلك. تعول حماس على سحب إسرائيل لقواتها بشكل وشيك بناء على ضغط من أمريكا، الذي ستحاول حماس بعده عرض صورة انتصار رغم الدمار الكبير في القطاع وقتل آلاف من رجالها.

المعركة الرئيسية القادمة للحرب ستتركز على خان يونس، حيث تعمل الفرقة 98 منذ أسبوع. ويفترض الجيش الإسرائيلي أن كبار قادة حماس وعدد من المخطوفين موجودون هناك، إلى جانب كتائب حماس الخمس. الفرقة عملت بسرعة نسبية وسيطرت على شمال المدينة ومحيطها، معظم رجال حماس انسحبوا مع السكان إلى جنوب المدينة، وهرب بعضهم نحو الجنوب، إلى منطقة رفح. لحماس أماكن تقل بالتدريج من أجل الانسحاب إليها، لذلك، يتوقع أن يكون هناك قتال أكثر شدة مع استغلال شبكة متشعبة وعميقة للأنفاق.

يزداد الخوف على حياة المخطوفين. فحماس تحتجز 135 مدنياً وجندياً، والجيش الإسرائيلي أعلن عن موت 20 منهم سابقاً، استناداً إلى معلومات استخبارية وأحياناً إلى دلائل للطب الشرعي. يمكن الافتراض، بحزن، أن المزيد من المخطوفين لم يعودوا أحياء أو يمكن أن يموتوا في الأسر قريباً.

تولد انطباع بأن القيادة في إسرائيل تأخذ الزمن الذي ليس لها فيما يتعلق بالدفع قدماً بصفقة أخرى لتبادل المخطوفين. في الأيام الأخيرة، جاء أن الكابينت لم يصادق على سفر رئيس الموساد دادي برنياع، إلى قطر لاستئناف المحادثات، فيما ظهرت مبادرة وساطة جديدة من قبل مصر. يبدو أن رئيس الحكومة نتنياهو يخشى من الدفع قدماً بعملية، ستوضع على الطاولة في نهايتها احتمالية لإطلاق سراح الجميع مقابل الجميع، أي إطلاق سراح حوالي 6 آلاف سجين فلسطيني من السجون الإسرائيلية. والجيش يخشى من إيقافه ثانية في منتصف العملية البرية.

التركيز على خان يونس يطرح تقديرات حول مصير رئيس حماس يحيى السنوار، الذي ولد في مخيم اللاجئين في هذه المدينة. إسرائيل لا تخفي أن جزءاً من أهداف العملية هو إيجاد السنوار وقادة كبار آخرين، وقتلهم. في مقال مطول نشر هذا الأسبوع في “وول ستريت جورنال” عن شخصية، تم وصف السنوار الذي تحرر من السجن الإسرائيلي في صفقة شاليط في 2011 بأنه شخص يستحوذ عليه أمران: الأول، اكتشاف وقتل المشبوهين بالتعاون مع إسرائيل، والثاني إطلاق سراح أصدقائه من السجن. وقد استمر في العمل عليهما بشكل حثيث في السنوات التي أعقبت إطلاق سراحه.

إضافة إلى انشغال إسرائيل بالخطوات العملياتية، من احتلال الشجاعية وحتى تصفية الحساب مع السنوار، يستمر رفض نتنياهو لمناقشة سيناريو النهاية السياسية المرغوبة في القطاع، ناهيك عن إشراك السلطة الفلسطينية في الحل، كما تطلب الولايات المتحدة والمجتمع الدولي. طاقم “اليوم التالي” الذي عينه نتنياهو لا يستهدف تقديم الحلول، بل كسب الوقت. عملياً، حتى لو نجحت العملية العسكرية فإن سلوك نتنياهو السياسي قد يفشل استخدام إنجازاته لخلق واقع استراتيجي أفضل.

في المكان الذي يخلو منه سياسيون، على رئيس الأركان هرتسي هليفي أن يكون سياسياً. الآن لا يملك الكثير مما يخسره. الفشل العسكري سجل على اسمه في 7 تشرين الأول. منذ ذلك الحين، قاد الجيش بصورة مثيرة للانطباع إلى الاستيقاظ والهجوم، لكن لا يجب أن تكون لديه أوهام حول مستقبله. وبخصوص نية نتنياهو إلقاء كل المسؤولية عن الكارثة على الجيش و”الشباك” بعد انتهاء هذه المرحلة من الحرب.

هرتسي هليفي يخلع القفازات بالتدريج. فقد نشر أنه انتقد الوزيرة ميري ريغف: “أعرف أنك أنهيت التحقيقات التي لم نبدأ بها بعد”، قال لها بعد أن حاولت مهاجمته في إحدى الجلسات. لكن يبدو أن الوقت حان لأن يطلب رئيس الأركان، علناً، بلورة استراتيجية للقطاع والتوضيح للجمهور بأن المستوى السياسي هو الذي يعيق أي نقاش حول هذا الشأن. وبذلك، هو يصعب على تحقيق أهداف الحرب. قال مصدر رفيع في جهاز الأمن للصحيفة: “في إسرائيل يريدون قول لا لأي طلب خارجي، ويعتقدون أن كل العالم يعمل لدينا ويؤمنون بأنه يمكننا الحفاظ على الشرعية الدولية لاستمرار القتال في غزة. هذه الأمور لا تعمل معاً”.

نظرياً، من المفاجأة الفظيعة في بداية الحرب يمكن أن تتطور (شريطة أن ينجح الجيش الإسرائيلي في العمليات على الأرض) فرصة سياسية نادرة؛ ربما نكون أمام وضع جديد يتم فيه تحقيق التزام إقليمي جديد وأكبر لمعالجة مشكلة غزة والتعامل مع النزاع مع الفلسطينيين وربط ذلك بالتطبيع مع السعودية وتحسين العلاقات مع دول عربية معتدلة أخرى التي تخاف من إيران ومن الإخوان المسلمين، ومعنية بتقوية التحالف مع الولايات المتحدة. وفي هذا الشأن، يريد نتنياهو التسهيلات (السلام السعودي) بدون دفع الثمن (التقدم نحو الدولة الفلسطينية). ولكن ربما التهم 7 تشرين الأول كل أوراقه السياسية.

معامل العدوى

وكالة الأنباء “رويترز” نشرت أمس عن الارتفاع في الأمراض المعدية جنوبي القطاع، بالأساس في أوساط السكان الذين اضطروا للهرب من الشمال حسب الطلب الإسرائيلي. هناك تخوف من تفشي مرض التهاب الكبد الفيروسي (التهاب الكبد أ). ليز هايستنغز، المنسقة الأمريكية في المنطقة قالت إنه “يتطور هنا نموذج لكارثة صحية إنسانية”. في مكتب منسق أعمال الحكومة في “المناطق” [الضفة الغربية] يتشاورون دائماً مع الخبراء في وزارة الصحة لمتابعة الوضع. في هذه الأثناء، يتحدثون عن أمراض معوية وأخرى تنتشر من خلال لمس الحيوانات، ويخشون من انتقالها إلى قوات الجيش الإسرائيلي في المنطقة.

سلطة حماس المدنية في شمال القطاع انهارت إزاء الضغط العسكري الإسرائيلي هناك. أما جنوب القطاع فبقي لها أداء جزئي. لا يبدو أن هناك جهوداً إسرائيلية منظمة لتحقيق ضربة دراماتيكية لقدرة حماس المدنية على السيطرة رغم أن تدمير كل قدراتها جزء من الأهداف المعلنة للحرب.

إلى جانب العملية العسكرية في خانيونس، سيطرح سؤال: هل يجب علينا توسيع العملية في الجنوب إلى مخيمات اللاجئين في وسط القطاع أو الذهاب نحو الجنوب إلى منطقة رفح؟ في رفح مشكلتان: اكتظاظ شديد للاجئين من غزة، ومؤخراً من خان يونس، إضافة إلى القرب الكبير من مصر. من جهة أخرى، معبر رفح ومحور فيلادلفيا والأنفاق التي استخدمت في الـ 15 سنة الأخيرة من قبل حماس كممر للتهريب، التي حدث جزء منها من خلال غض نظر مصر. على إسرائيل السير بحذر إزاء الرغبة في الحفاظ على العلاقات مع مصر. في القاهرة يخشون من أمرين: المعارك في رفح التي قد تنزلق إلى الأراضي المصرية، ومحاولة إسرائيل زج مئات آلاف اللاجئين من القطاع إلى سيناء.

إسرائيل ومصر تناقشان الآن ترتيبات اليوم التالي في القطاع. يدور الحديث عن طبيعة الترتيبات الجديدة في محور فيلادلفيا وفي معبر رفح، ويتم فحص إقامة عائق ضد الأنفاق عميقاً تحت الأرض مثلما على الحدود بين إسرائيل والقطاع (هذا مفهوم آخر انهار في 7 تشرين الأول عندما اقتحمت حماس الجدار ببساطة الموجود فوق الأرض وتجاهلت العائق الموجود تحته).

تجري التحسسات الإسرائيلية باتجاه القطاع من خلال البحث عن حلول مؤقتة لا تصطدم مع الشرط الذي وضعه نتنياهو، بدون السلطة الفلسطينية. الآن هناك خطوات تنسيق أولية على الأرض لحل مشكلات محلية تواجه رجال أعمال وعشائر محلية ومؤسسات دولية وأحياناً أعضاء لجان مدنية مرتبطة بشكل غير مباشر بالسلطة.

على المدى البعيد، يخاف جهاز الأمن من السير نحو شركين – انهيار المنظومات المدنية الذي سيؤدي إلى إعادة إقامة حكم عسكري إسرائيلي (الفكرة الكارثية التي ورطتنا في السابق) أو الفوضى على صيغة الصومال التي لن يكون فيها أبداً أي عنوان للتنسيق معه في القطاع. وللمفارقة، خلافاً للأهداف المعلنة للعملية فإن إبقاء قدرة مدنية معينة لحماس ستسهل على أداء القطاع في المستقبل.

--------------------------------------------

يديعوت أحرونوت 15/12/2023

 

 

 

 

كيف ساهمت حرب غزة بتفعيل الشرط السعودي نحو “حل الدولتين”؟

 

 

 

 

 

بقلم: ناحوم برنياع

 

“أمامنا فرصة نادرة”، هكذا وعد إعلان في الشبكة قبل بضعة أيام. “مع عودة جنودنا بفخار إلى مواقعنا في الجنوب، سنعمد إلى إضافة ألف علم إسرائيل على مواقع في قطاع غزة. كل علم يكلف 18 شيكلاً. للتبرع اضغطوا هنا”. تقف من خلف الإعلان حركة “ريبونوت” (سيادة) التي لم أسمع عن وجودها حتى هذا الأسبوع. قيادة الحركة هما ناديا مطر ويهوديت كتسوفار، شخصيتان ملونتان من مظاهرات المستوطنين قبل 30 سنة. وتدعو الحركة إلى “عودتنا الكاملة، السيادية والأخلاقية، إلى غزة”. اقترح ألا يسارع أحد إلى الهزء منهما. ذات يوم، سنكتشف أنهما تتحدثان من حلق رئيس الوزراء.

70 يوماً والحرب تتواصل في غزة. وهي أطول وأصعب وأعند مما تصور أي من الحكومة أو الجيش. تجلب معها وفرة من مظاهر البطولة، والتجند الوطني إلى جانب سياسة تهكمية وعبث. يدرك الجيش بأن الزمن ينفد. الأمريكيون يضغطون للإنهاء، لكنهم ليسوا الضاغطين الوحيدين، فالأحاديث عن تصفية حماس استبدلت بها أحاديث أكثر واقعية، عن سحق أساس قوتها المقاتلة، بما في ذلك معظم سلسلة القيادة، وتفكيك جزء من البنى التحتية للإرهاب. ربما هي توقعات محافل في الجيش منذ البداية، لكنها غرقت في خطاب التصفية لدى المستوى السياسي والمناجيات الحماسية للجنرالات داخل الأستوديوهات.

النصر، قال لي هذا الأسبوع ضابط كبير، سيكون في عودة السكان إلى بيوتهم في الغلاف. لشدة الأسف، حتى هذا بات بعيداً. سأحاول ترتيب الوصف لبضعة أحداث في الجبهة هذا الأسبوع. فالمعركة على البيت في قصبة الشجاعية، في شمال القطاع، كانت بطولية. تسع ضباط ومقاتلين قتلوا فيها وأصيب سبعة، معظمهم من لواء “جولاني”. أحد كبار الضباط الذين كانوا هناك روى لي ما رآه: بيت شبه مدمر، تمترست فيه خلية لحماس، فوق الطابق الأرضي. عندما اقتحمت القوة وجدت نفسها في منطقة إبادة.

إن التخوف الذي أثار قادة “جولاني” كان من اختطاف مقاتلين. لديهم صدمة من الاختطاف، قال الضابط. قائد كتيبة 13 تومر غرينبرغ وقائد كتيبة السييرت اقتحما؛ الأول في المدى والثاني خلفه. العقيد إسحق بن بست، الذي انضم إلى غرفة عمليات “جولاني”، قتل بصاروخ آر.بي.جي. وعندما سكتت النار، كانت القوة حبيسة في بيت مخلى. وعندها، يتبين أن قائدي الكتيبتين قتلا. وروى الضابط: “فور المعركة، استعدت سرية من جولاني لمواصلة القتال. كل الاحترام لهم”.

لماذا لم تدخلوا دبابات، سألت. لأن الأزقة ضيقة، قال. لا تستطيع الدبابة الدخول. وفي حكمة متأخرة، قال، كان يمكن عمل هذا بشكل مختلف. لكن لا توجد حكمة متأخرة في المعركة.

في الطريق إلى بيبيستان

الجيش الإسرائيلي لم يحتل خان يونس. سيطر على بني سهيلة المجاورة وعلى الأحياء الشرقية من المدينة. أما مركز المدينة فبقي كما كان.

نأمل إنهاء المعركة ضد حماس في شمال القطاع في غضون بضعة أيام، وتتفكك الكتائب المنظمة. هذا لا يعني أنه يمكن أخذ الأولاد إلى نزهة هناك؛ ولا إلى خانيونس أيضاً، ولا يعني أن المخطوفين سيتحررون، فالنظرية القائلة إن حدة موقف حماس في المفاوضات ستخف كلما ازداد الضغط عليها، غائبة حالياً. فحماس قد تسمح لنفسها بالعناد، بينما وضع المخطوفين يزداد سوءاً.

إن دولة تسعى لهزيمة دولة مجاورة، يجب أن تخطط مسبقاً ما سيحصل في اليوم التالي، من سيحكم، من سيقدم الخدمات. نتنياهو منع نقاشاً في الكابينت على مدى أسابيع طويلة. أما الآن فيتحدث عن الموضوع كل يوم.

على افتراض أن حماس لن تحكم في غزة، فالخطر الأول هو أن تحكم القطاع الفوضى، شيئاً ما يذكر بالصومال. مليون نسمة سيعيشون في الشوارع، سيسرقون وينهبون كل ما يلوح لهم، سيطلقون النار في كل صوب، سيقتحمون الحدود إلى إسرائيل ومصر.

وحدها مرجعية سلطوية يمكنها أن تمنع الفوضى. الإدارة الأمريكية تعمل بكد، وبدون نجاح، على إقامة تجمع دولي مؤقت. كل الشركاء المحتملين يتمنون اللحظة التي يحكم فيها فلسطينيون غزة. فهم الوحيدون المستعدون لتقديم العطاء. كل فلسطيني يتبرع للمهمة سيكون مرتبطاً إما بالسلطة أو بحماس أو بكليهما. لا فراغ.

الخطر الثاني هو أن تولد الحرب حكومة مشتركة، للسلطة وحماس، مثل الحكومة التي قامت وسقطت في 2014. الغرب سيحب الفكرة: مصالحة وطنية، حكومة وحدة، عناقات، قبلات. وعملياً، سيتم نسخ النموذج اللبناني: منظمة إرهابية ستحكم غزة والضفة على حد سواء.

“لن تقوم حماستان في غزة”، يقول نتنياهو. “ولا فتحستان أيضاً”. وقد أجرى هذا الأسبوع عرضاً أمام الجمهور، سار حاملاً الميكروفون، مثل الفكاهي، سأل أسئلة وأجاب بنفسه. لم يقل ما سيكون فعلاً.

هذا هو الخطر الثالث: لا الفوضى، ولا حماستان، ولا فتحستان بل بيبيستان: خليط من كل هذا مع جنود الجيش في الوسط، حاضرين غائبين. العودة إلى غزة: ليس طواعية، بل اضطرار.

إدارة بايدن ملت. الصور التي تبث من غزة تلحق بها ضرراً انتخابياً في الانتخابات؛ والمواجهة العملية مع نتنياهو تضعفها في المنطقة. لزيارة كبار رجالات الإدارة إلى هنا معنى واحد: إنذار. أجرى البيت الأبيض في نهاية الأسبوع نقاشاً ثاقباً عن استمرار القطار الجوي الذي ينقل السلاح إلى إسرائيل. لا توجد وجبات بالمجان، تقول إدارة بايدن لنتنياهو.

الجدال الحقيقي مع بايدن ليس على مدة الحرب، فالسعودية في مركزه: هي تشترط تقربها من أمريكا، بما في ذلك التطبيع مع إسرائيل، واستئناف حل الدولتين، والإمارات تسير في أعقابها. بالنسبة لبايدن هذه استراتيجية؛ بالنسبة لنتنياهو هي سياسة؛ ولهذا يطالبه بايدن بتغيير تركيبة حكومته. أحداث السبت الأسود قربت دول النفط بايدن من رؤية دولة فلسطينية. الأحداث إياها أبعدت عن الرؤية إياها معظم الإسرائيليين.

--------------------------------------------

 

 

 

 

معاريف 15/12/2023

 

 

 

 

 

حياة الإسرائيليين تعجّ بعلامات الاستفهام.. وكل جولاتنا في غزة وصمة عار

 

 

 

 

 

بقلم: بن كسبيت

 

قال الكاتب السياسي الإسرائيلي، بن كسبيت، إن "لا أحد يعرف متى ستنتهي هذه الحرب، إذ من الصعب رؤية الصورة النهائية الآن، في وقتٍ لا يزال من المستحيل معرفة ما إذا كانت الجبهة الشمالية ستشتعل أم لا، وكيف ستنتهي الأمور مع اليمنيين، وما إذا كان برميل البارود في الضفة سينفجر".

وتابع بن كسبيت، في مقال في صحيفة "معاريف" الإسرائيلة، أنّ "حياة الإسرائيليين تعجّ بعلامات الاستفهام، بينما تبدّد الوهم بأنّه من الممكن الحفاظ على حياة طبيعية نسبياً هنا والمناورة من جولة قتال إلى أخرى من دون الوقوع في مشاكل".

وأجرى الكاتب مقارنةً بين الحرب الحالية وبين الحروب في السابق، مذكّراً بما حصل في "حرب لبنان الثانية" (حرب تموز 2006)، حين "شُلّت إسرائيل وتجمّدت وتحجّرت أمام 8 قتلى في مارون الرأس".

وأضاف أنّ الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أصبح وقتها "مهدّد إسرائيل الرسمي"، مشيراً إلى أنّه في "إسرائيل" كانوا ينتظرون خطاباته "كما ينتظر المدّعى عليه الحكم".

وبالمثل، فإنّه "في كل الجولات في غزة، كان صنّاع القرار - تقريباً كان بنيامين نتنياهو دائماً  في السلطة - ممتلئين بالرعب من تنبّؤات مئات الجنود الذين سيقتلون إذا تجرّأنا على التفكير في القضاء على حماس".

ولكن في الشهرين الماضيين "الفقاعة تفجّرت"، إذ "لا يوجد جيش آخر في العالم لديه نسبة مرتفعة من الضباط الذين سقطوا إلى هذه الدرجة"، الأمر الذي يدلّ على ضبابية المشهد من ناحية قرارات حكومة الاحتلال وأدائها.

في هذا الإطار، رأى بن كسبيت أنّ "كل الاستكانة لنصر الله كانت مهانة"، وأنّ "كل الجولات في غزة كانت وصمة عار".

يأتي ذلك في وقتٍ تتواصل حالة الإحباط والقلق لدى المستوطنين نتيجة غياب الحماية الأمنية لمستوطنات الشمال، وخشيةً من ضربات المقاومة في لبنان وعملياتها، التي أسفرت عن خسائر كبيرة في صفوف الاحتلال، وتسبّبت بحركة نزوحٍ كبيرة من المستوطنات الشمالية.

وفاق عدد الجنود الاحتلال القتلى 445 منذ الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، و120 منذ بدء الهجوم البري ضدّ قطاع غزة، إضافةً إلى الخسائر العسكرية التي مُني بها، بحسب اعترافات الاحتلال.

وعلى الرغم من هذه الخسائر، فإنّ الاحتلال لم يتمكّن إلى حد الآن من تحقيق أي هدف من أهدافه المعلنة في حربه على غزة، بحيث لا تزال المقاومة تتصدّى لتوغّلاته في القطاع، وتستهدف المستوطنات الإسرائيلية والمدن المحتلة بالصواريخ، ولا يزال الأسرى بحوزتها، إذ لم يتمكّن الاحتلال إلى حد الآن من الوصول إليهم.

------------------------------------------

 

 

 

 

"معاريف 15/12/2023

 

 

 

 

 

"الجيش" يخفي خسائره.. هناك ما لا يقل عن 3500 معوّق في صفوفه

 

 

 

 

 

بقلم: رون كوفمان

 

لن يتمكن موظفو شعبة التأهيل في وزارة الأمن من التعامل مع آلاف المصابين الذين يزدادون في الحرب، وهم أنفسهم سيجدون صعوبة في تجاوز البيروقراطية، التي ستجنّد كل قوتها لمكافحتهم.

"الجيش" الإسرائيلي خسر خمسة قادة ألوية، أكثر مما خسرت حماس، فلماذا تنفعلون؟ لكن بالإضافة إلى القتال في غزة – وربما في الأساس – تدور هنا معركة على وعي جمهورنا. معركة على الأحاسيس، والتي بحسبها رغم العار، نحن "جيش" قوي يضرب على الرأس.

صحيح أننا جمهور غبي، لكن هناك حدوداً للغباء الجماهيري، عندما يسمع قادته، يناورون بين قوات "الجيش" الإسرائيلي، من أجل الحصول على صورة ممنتجة مع خوذة ودرع.

غزة والشجاعية كان يجب أن يكونا "بلاطة باطون". ألوية في الاحتياط لديهم خبرة في إدارة معارك يقولون هذا بصوت مرتفع. لكننا نراكم خسائر قاسية في تطهير كل مبنى وفتحة نفق. قادة في الاحتياط لا يوافقون على الطريق، مع مسار وقت القتال، ويزعمون أن هذا يمكن أن يستغرق وقتاً طويلاً جداً، والتوقف في الميدان يحصد خسائر. تبين أن حماس استغلت الهدنة من أجل تفخيخ مبانٍ، والنتائج نراها في كل يوم.

السعي لتحقيق صورة الانتصار من أجل رئيس الحكومة لا ينجح. لم يعودوا يتحدثون عن الأسرى، بل يتحدثون عن تقويض، انهيار – ولا يتحدثون عن متى يعودون إلى البيت.

رئيس الأركان، بالتعاون مع السياسة، يتعهد لمستوطني الشمال بأنهم سيعودون إلى البيت. إلى أين؟ أي بيت؟ في المطلة، مستوطنة صغيرة، تضرّر أكثر من 100 منزل من بين نحو 650 في المستوطنة. وقعت أيضاً إصابات مباشرة من صواريخ ضد الدروع، وكذلك نتيجة نيران "الجيش" الإسرائيلي والحركة على الأرض. كل الطرقات دُمّرت. جنود احتياط اللواء والمدرعات في المستوطنة يقيمون في منازل السكان وفي مبانٍ عامة. فكيف بالضبط سيعود السكان إلى البيت؟ إلى أين؟ هل هناك أحد في حكومة بيبي توصل إلى تسوية تسوية سياسية مع حزب الله كي يسحب قواته إلى شمالي نهر الليطاني؟

سكان خط المواجهة مبعثرون في البلد، لاجئون يعلنون أنهم لن يعودوا ويمنحون "الجيش" الإسرائيلي كل الوقت المطلوب من أجل ضمان أمنهم الشخصي. الصدمة هي بالفعل لديهم. إنهم يختبرونها في كل يوم، ويسألون أنفسهم ماذا كان سيحدث في "إسرائيل" لو أن حزب الله يسيطر على مستوطنات خط الحدود، مثلما سيطرت حماس النقب الغربي.

الزراعة في الشمال تلفظ أنفاسها الأخيرة، بسبب البيروقراطية في الأساس. ضريبة الممتلكات (المسؤولة عن التعويضات) لم تأت بعد إلى المنطقة بسبب تهديد ضد الدروع. القطاف ليس كل شيء، يجب البدء بإعداد الأرض للموسم التالي.

لكن من المهم جداً أن مدير عام ديوان رئيس الحكومة، يوسي شيلي، أقام استديو لنفسه، بكلفة ملايين الشواكل، كي يبشّر الأمة بإنجازاته، التي هي في الواقع إخفاقاته، لأنه من الصعب السجال مع الواقع.

الأميركيون يخصصون لنا وقتاً للقتال. حتى لو نكرت طغمة الأصفار الواقع، لا نصدّقها. في الولايات المتحدة بدأ عام انتخابات، في تشرين الثاني/نوفمبر 2024 سيُنتخب رئيس جديد. لا أحد في الإدارة الأميركية سيسمح لبيبي وشركائه بجرجرة القتال إلى نيسان/أبريل أو مايو/أيار – وقادة الميدان في "الجيش" الإسرائيلي يقولون إنه لا يمكن تحديد الوقت بـ"ساعة توقف" (تايمر).

ومرة أخرى أكرر السؤال: ماذا يحدث مع الأسرى؟ الأخبار عن موت أسرى يومياً، سواء في 7 تشرين أول/أكتوبر أو بعده، ليست جيدة للعائلات خصوصاً، وللجمهور عموماً. ربما بدل المناورة بين القوات لالتقاط صور حملة، فليعلن رئيس الحكومة للجمهور ما الذي يحدث هنا، وكيف يتقدمون مع إعادة الأسرى، قبل تحقيق صورة انتصار عاطفية وقول إن رئيس الحكومة غير مذنب، وإنه أراد ... بشدة، لكن خرّبوا له خططه.

لم يسبق أبداً أن كان وضعنا أسوأ، لكن من الممكن أنه سيكون أسوأ بكثير.

الحرب لم تنته بعد، والناطق باسم "الجيش" الإسرائيلي يعترف بأن هناك أكثر من 2000 جريح. لكن في منظمة معاقي "الجيش" الإسرائيلي، التي تحصل بنفسها على المعطيات وفق نوع الإصابة، يقولون إن هناك ما لا يقل عن 3500 معوّق جديد في "الجيش" سيحتاجون إلى معالجة شعبة التأهيل في وزارة الأمن.

رئيس منظمة معوّقي "الجيش"، عيدان كلايمان، الذي أُصيب إصابة بالغة في غزة قبل 31 سنة، يقدّر أنه في العدد النهائي لمصابي الحرب سيكون هناك نحو 10 آلاف معوّق. هذا الرقم يتضمن المصابين بصدمة معركة، الذين وصلوا إلى غلاف غزة في 7 تشرين أول/أكتوبر، والذين تعرضوا لمشاهد رهيبة وأُصيبوا بصدمة، حتى لو كانوا يؤدون عملهم الآن في خدمة نظامية أو دائمة أو احتياط. لكن كل صدمة لها ما بعد الصدمة.

شعبة التأهيل في وزارة الأمن تضم 200 موظف اعتنوا لغاية الحرب بـ60 ألف معوّق للمؤسسة الأمنية والعسكرية. البيروقراطية سببت خراباً بالنسبة للمعوقين، أيضاً بعد إصابتهم، واللجان الطبية فاقمت الصدمة. كل سياسي ثرثر بعد أن أضرم إيتسيك سعيديان النار في نفسه، قبل عامين ونصف، وتعهد بتحسين الوضع، بمن فيهم بيني غانتس. إذن توجد وعود، لكن الواقع هو أنه لا تزال هناك معارك معوقين مع المؤسسة.

الفوضى البيروقراطية هي كارثة أكبر بكثير من الكارثة الأمنية التي ضربت "إسرائيل" في 7 تشرين أول/أكتوبر. أنا أشعر بانقباض في صدري، لأنه في الواقع الجاف، العديم الحساسية بالخسارة الهائلة، لم نعد نستطيع أن ننتصر. بعد الهزيمة التي تلقيناها في 7 تشرين أول/أكتوبر ليس لنا أي فرصة للانتصار، يمكننا الانتقام على مقتل الإسرائيليين في غلاف غزة والمقاتلين الذين سقطوا وجُرحوا في إعادة احتلال مستوطنات الغلاف كحد أقصى.

أنا أتابع تصريحات السياسيين وأراهم منهمكين بكل شيء سوى رفاه عناصر المؤسسة الأمنية والعسكرية ومئات آلاف المستوطنين الذي نُقلوا من مساكنهم في الغلاف و"سديروت" ومستوطنات خط المواجهة في الشمال. بالنسبة لهم، المقتلعون هم عبء، في الأساس مالي، لأن ضائقتهم النفسية لا تعنيهم. يجب الاهتمام بطلبة العلوم الدينية، طهارة العائلة، نوى الاستيطان وكل الهراءات التي لا تتقاطع مع احتياجات الجمهور خلال حرب شاملة.

--------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

طوفان الأقصى... الموقف اليوم الجمعة: 15/12/2023 الساعة: 08:00

 

عبدالله أمين

خبير عسكري وأمني

 

لم يطرأ على الموقف القتالي في الـ 24 ساعة الماضية ما يؤثر تأثيراً جذريا على الموقف الكلي للعمليات في عموم مسرح عمليات غزة أو باقي ساحات العمل الخارجية، مع وجود تغيرات طفيفة يمكن ملاحظتها في ثنايا التقرير

 

أولاً: الموقف

في اليوم 69 لبدء الحرب على غزة؛ ما زال العدو يشن هجومه البري والجوي والبحري على مختلف مناطق العمليات في مسرح القتال. كما بقيت المقاومة الفلسطينية تتعرض للعدو على كافة محاور القتال، خاصة في منطقة عمليات مدينة غزة، كما وتتصدى لمحاولات تقدمه في مناطق جنوب الوادي، خاصة منطقة خان يونس التي تحولت إلى منطقة جهد رئيسي للعدو. أما في تفصيل موقف في الـ 24 ساعة الماضية: 

 

ففي صفحة العدو القتالية؛ عاد العدو للعمل في معظم مناطق مدينة غزة، شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً ، باستخدام التشكيلات القتالية التي تم ذكرها في موقف 8/12/2023، بالإضافة إلى كتيبة " كركال 33 " التي انضمت إلى الجهد القتالي في الأيام الماضية. 

 

كما أدام العدو عملياته القتالية عبر الإجراءات التالية: 

  • تحليق مكثف للطائرات المقاتلة والمسيرة في جميع أجواء مسرح العمليات، يصحبه قصف مدفعي وجوي لمعظم مدن ومخيمات قطاع غزة، من الشمال فالوسط حتى الجنوب. 
  • قصف عنيف على المنطقة الوسطى من قطاع غزة / دير البلح، النصيرات، البريج، في جهد ثانوي لتثبيت تشكيلات المقاومة العاملة في منطقة العمليات هذه، تحقيقاً لأهداف جئنا على ذكرها في موقف 13/12/2023. 
  • الضغط على قلب مدينة خان يونس / منطقة الجهد الرئيسي، عبر محاور القتال من الشمال والشرق والغرب، وقصف الأحياء والمخيمات المحيطة بها. 
  • قصف الأحياء والحارات الداخلية في مدينة غزة: الزيتون، مخيم جباليا، الشاطئ، الصبرة،، الدرج، الرضوان، التفاح، الشجاعية، مشروع بيت لاهيا، النصيرات، المغازي، وباقي مناطق القطاع. 
  • قطع العدو الطريق الواصل بين محافظتي، دير البلح وخان يونس، والطريق الموصل بين خان يونس ورفح. 
  • بدء العدو مناوشة تشكيلات المقاومة والاشتباك معها بمختلف صنوف الأسلحة على محور رفح جنوب القطاع. 
  • هذا وقد قصف العدو قواعد نار استهدفت قواته في شمال فلسطين المحتلة في: تلة العريضة، محيط الناقورة، يارون، حولا، محيط الخيام، مركبا، الجبين، طير حرفا، مروحين، راميا، عيتا الشعب، بليدا، ميس الجبل. 

 

وعلى صلة؛ فقد اعترف العدو بمقتل وإصابة عدد من جنوده، من بينهم ضباط وضباط صف في العمليات لدائرة في شمال وجنوب قطاع غزة. 

 

وفي صفحة المقاومة القتالية؛ فما زالت المقاومة مشتبكة مع العدو على مختلف محاور القتال في مسرح عمليات قطاع غزة، إلّا أن أعنف المعارك في الـ 24 ساعة الماضية شهدها محور الشجاعية وجباليا وبيت لاهيا شمالاً، وخان يونس جنوباً، وفي التفصيل: 

  • اشتباكات عنيفة مع العدو على محاور بيت لاهيا الذي أفادت تقارير المقاومة أنها أعطبت فيه 4 دبابات، وحي الزيتون، ومنطقة جباليا، وحي الشيخ رضوان الذي ذكرت بيانات المقاومة أنها استهدف فيه 4 دبابات و4 ناقلات جنود معادية. كما استهدفت تشكيلات المقاومة 10 جنود بعبوات شديدة الانفجار في منطقة الشجاعية، ودمرت دبابتين بقذائف الياسين 105 على محور تل الزعتر. وفي سياق متصل؛ فقد أفادت بيانات المقاومة أنها قنصت 4 جنود للعدو في مشال غرب مدينة غزة. 
  • اشتباكات عنيفة على محاور عمل العدو شمال خان يونس / القرارة، كما أفيد عن قصف قوات العدو في محيط مسجد الظلال ومحور المحطة، ومفترق المطاحن والمركز الثقافي بقذائف الهاون، كما سُجلت اشتباكات عنيفة مع العدو في منطقة "بني سهيلة" و "معن". كما تصدت تشكيلات المقاومة للعدو العامل على هذه المحور، ومناطق حشده فيها بمختلف صنوف الأسلحة الفردية والمتوسطة، وأسلحة الإسناد والجهود الهندسية. وقد أفادت بيانات المقاومة أنها استهدفت 4 نقالات جنود ودبابتين معاديتين على هذا المحور. 
  • قصفت المغتصبات على غلاف غزة / نير عوز، كيسوفيم، سدروت، نير إسحاق، صوفا، العين الثالثة، وأفوكيم.
  • كما أفادت بيانات المقاومة أنها أعطبت في الـ 72 ساعة الماضية قرابة 72 آلية للعدو، بين تدمير كامل، وإعطاب جزئي. 

 

هذا وقد استهدفت المقاومة الإسلامية في لبنان "حزب الله" في الـ 24 ساعة الماضية مواقع العدو الإسرائيلي في: ثكنة شوميرا حيث مقر قيادة اللواء 300، زرعيت، كريات شمونا، يفتاح، هونين، الراهب، راميا. كما أفادت المعلومات القادمة من اليمن أن سلاح البحرية اليمني استهدف بطائرة مسيرة سفينة الحاويات الدنماركية "مايرسك غبرلاتر". وعلى صلة؛ فقد استهدف المقاومة العراقية قاعدة العدو الأمريكي في منطقة الشدادي السورية بصلية صواريخ أرض - أرض. 

 

وفي الضفة الغربية؛ فقد انسحب العدو بالأمس من مدينة جنين ومخيمها، مخلفاً دماراً هائلا في البنى التحتية والمساكن المدنية، كما ارتقى 12 شهيداً من جراء عمليه العدو التي استمرت 3 أيام في المدنية وضواحيا. هذا وقد اقتحمت قوات العدو جامعة البوليتكنك، ويطا، ودورا في الخليل، كما اقتحم العدو قرى: عزون / قلقيلية، وعوريف، وبلاطا / نابلس، حيث أفيد عن استخدام العدو للطيران المسير في استهداف المقاومين في شارع عمان وشارع السوق في هذه المدنية. وعلى صلة فقد أفادت معلومات المقاومة أنها استهدفت بعمليات القنص 12 جندياً في جنين، أما العدو فقد اعترف بإصابة 7 جنود في عمليته في جنين، والتي استمرت 3 أيام. 

 

وفي الدعم الشعبي للمقاومة وأهلنا في غزة؛ لا زالت تجوب المدن والعواصم على شكل: 

  • مظاهرات ومسيرات. 
  • اعتصامات ووقفات أمام بعض المقار والممثليات. 
  • ندوات وخطب ولقاءات. 

 

وفي الجهود السياسية؛  لم تفض الجهود السياسية إلى أي نتيجة تنعكس إيجاباً على أهلنا المحاصرين في غزة، حيث ما زال العدوين الأمريكي والصهيوني على موقفيهما الرافض لأي وقف إطلاق نار دائم أو مؤقت، أو عقد هدنة إنسانية، كما ذَكَر هذين العدوين ـ الناطق باسم الجيش، ومنسق الشؤون الاستراتيجية في البيت الأبيض "جون كيربي" بالأمس أن شرط وقف إطلاق النار هو استسلام حركة "حماس" وتسليم كل الضالعين في التخطيط لعميلة السابع من أكتوبر!! هذا وقد بقيت الجهود منصبة أيضاً على تشكيل قوة حماية دولية تساعد في تأمين حركة السفن التجارية المتجه نحو الكيان المؤقت عبر البحر الأحمر؛ الأمر الذي ما زال حتى كتابة هذا الموقف لم تتبلور فيه أمور واضحة؛ إن من حيث التشكيل أو المشاركين أو المهام المطلوب تنفيذها عبر هذه القوة حال تشكلها. 

 

ثانياً: التحليل والتقدير: 

ما زال العدو عالقاً في جبهة شمال قطاع غزة، حيث لم يستطيع حتى كتابة هذه الموقف إنهاء أو وقف تعرض تشكيلات المقاومة على قواته، أو استهدافها له؛ فقد بقي إطلاق الصواريخ على غلاف غزة، والاشتباكات اليومية، وبمختلف تكتيكات القتال مع قواته العاملة في بقع العمليات، بقيت مستمرة وبشكل مؤثر ويومي، الأمر الذي منع العدو من تحرير بعضاً من قواته، والدفع بها للعمل على محور مدينة خان يونس محور الجهد الرئيسي لقتال العدو، والتي يناور على محاورها من الشمال والشرق والغرب. كما بدأ العدو بتشغيل مزيد من قدراته القتالية في التعرض على مدينة رفح أقصى جنوب القطاع. 

هذا وقد أبدت، وتبدي المقاومة شراسة ظاهرة في التصدي للعدو على كافة المحاور، وفي كامل مناطق المسؤولية في مسرح عمليات قطاع غزة. كما أنها بقيت قادرة على تشغيل قدرات نارية، مستهدفة غلاف غزة وعمق فلسطين المحتلة، موقعة خسائر فادحة بقوات العدو ومعداته، الأمر الذي يشي بأن تشكيلاتها ما زالت تمتلك من قدرات القتال، ووسائط السيطرة، ما يشكل تهديداً ذا مصداقية على قوات مناورة العدو في مختلف بقع القتال في مسرح العمليات، كما يمنعه من تقديم صورة نصر حقيقي - تحرير أسرى، تحييد قيادات وازنة، منع تشغيل قدرات نارية ضد العمق الفلسطيني المحتل -  يبحث عنه منذ بدء حربه على غزة في 7/10/2023. 

 

وعليه وأمام هذه المعطيات، فإننا نعتقد أن الموقف في الـ 24 ساعة القادمة سوف يكون على النحو الآتي: 

1.    زيادة تركيز نار العدو ومناورته على محافظة خان يونس، في محاولة لاختراق أحيائها الداخلية بحيث يُضيّق هامش المناورة على تشكلات المقاومة، وما يعتقد أنه مركز ثقلها السياسي، الأمر الذي يتطلب من تشكيلات المقاومة العاملة في منطقة المسؤولية هذه من إجراءات الأمن للمحافظة على الأصول البشرية والمادية لها. 

2.    بقاء العدو عاملاً في منطقة شمال غزة بهدف إخماد بؤر التهديد أو تقليص خطرها، وتحييد ما يمكن من أصول بشرية ومادية للمقاومة فيها. 

3.    قد يعمد العدو إلى القيام بعمليات إنزال جوي في المناطق الغربية أو الشرقية لمدينة خان يونس، الأمر الذي يجب التنبه له، وتخصيص جهود نارية وهندسية مسبقة، لمنع العدو من تحقيق هدفه هذا، حال قرر السير بمثل هذا الخيار. 

4.    نعتقد أنه وبعد وقوع عدد كبير من القتلى في صفوف العدو، ومن مختلف الرتب والتشكيلات، أنه - العدو - سوف يعيد تقيم مناورته البرية، وطرق تشغيل سلاح المشاة فيها، بحيث يزيد من استخدام نار التمهيد والاخماد، ومن مختلف الصنوف، قبل دفع جنود المشاة إلى المناطق السكنية للتعامل مع أهداف فيها، الأمر الذي يتطلب من تشكيلات المقاومة نقاط التأمين التي جئنا على ذكرها في موقف 14/12/2023.

5.    بقاء العدو مشتبكاً مع قوات المقاومة المنتشرة في مدينة غزة، وبدء تضيق هامش المناورة على قوات المقاومة العاملة في منطقة العمليات هذه، ومنعها من تشغيل قدرات نارية تهدد غلاف غزة، أو عمق فلسطين المحتلة. 

6.    بقاء تشكيلات المقاومة في مدينة غزة خصوصاً، والقطاع عموماً، مشتبكة مع العدو، بمختلف صنوف النار، وتكتيكات القتال في المناطق السكنية. 

7.    بقاء المقاومة الإسلامية في شمال فلسطين المحتلة - حزب الله - مشتبكة مع العدو بمختلف صنوف النار، وفي كامل المنطقة الحدودية، من رأس الناقورة غرباً، وحتى العرقوب شمالاً. 

8.    استئناف المقاومة العراقية في ساحة العراق وسوريا، استهدافها لقواعد ومقرات العدو الأمريكي بصنوف النار المناسبة. 

9.    استئناف "أنصار الله" في اليمن اشتباكهم مع العدو الصهيوني بنيران الصواريخ أو المسيرات المتوجهة نحو أهداف في العمق الفلسطيني، والتعرض لقطعه البحرية في البحر الأحمر

10.                       لا نعتقد أن الجهود السياسية ستفضي إلى توقف الأعمال القتالية، أو هدنة، أو وقف دائم لإطلاق النار 

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق