29 نيسان 2024 الساعة 10:55

وحدة الساحات تتطلب أولاً وحدة في الموقف والقرار السياسي والإستراتيجية الكفاحية

2023-04-10 عدد القراءات : 429
كلما تصاعدت مقاومة الشعب الفلسطيني لسياسات الاحتلال وإجراءاته الوحشية وجرائمه بحق شعبنا الفلسطيني وخاصة في القدس المحتلة والاعتداء على المصلين والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، كما جرى خلال شهر رمضان الحالي، كلما كثر الحديث من مختلف السياسيين والمحللين عن وحدة الساحات التي هي بالفعل قائمة وإن بأشكال مختلفة وأقل من مستوى الوحدة التي جسّدها شعبنا في أيار 2021، عندما اشتعلت كل الجبهات والساحات في الداخل المحتل عام 1948 والضفة بما فيها القدس وقطاع غزة ومخيمات اللجوء والشتات دفاعا عن القدس و«الأقصى» وضد اقتلاع المقدسيين من الشيخ جرّاح، واستجلبت دعمًا من أحرار العالم ومن كل المناصرين للقضية الفلسطينية في أغلب الدول عزّ نظيره.
لكن مراجعة موضوعية لنتائج المعركة الشاملة التي خاضها شعبنا في أيار من  العام 2021 في مختلف الساحات، سوف تؤدي قطعًا إلى خلاصة مفادها أن «هذه المعركة التي خاضها شعبنا الفلسطيني في كل تجمعاته، لم يتم استثمارها سياسياً بسبب الانقسام السياسي الداخلي والأجندات المختلفة خاصة عند طرفي الانقسام، ولم يتم البناء عليها – من خلال إتباع إستراتيجية وطنية كفاحية موحّدة - لصالح تطوير ومواصلة مقارعة الاحتلال والاستيطان الذي تواصل في سرقة الأرض الفلسطينية وتهويد القدس والاقتحامات المتكررة والإعدامات في المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية» .
إن استمرار الانقسام المدمّر وغياب الإستراتيجية الكفاحية الموحدة، يشكّل أحد الأسباب التي تتذرّع بها القوى المعادية بدءًا من حكومة الاحتلال وبعض القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، وبعض الدول العربية التي هرولت نحو التطبيع المذل، وإن غياب الإستراتيجية الكفاحية الموحّدة – والتي أصبحت عناصرها الرئيسية واضحة ومعتمدة واتخذتها المجالس الوطنية والمركزية الفلسطينية المتعاقبة سواء بشأن العلاقة مع دولة الاحتلال أو تعزيز صمود الشعب على أرضه  وتأطير مقاومته وتشكيل القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية، أو طبيعة التحركات السياسية والدبلوماسية على الساحة الدولية المستندة إلى هذه القرارات – يحول دون تحوّل المقاومة الشعبية  المتصاعدة ضد الاحتلال ومستوطنيه إلى انتفاضة شاملة وعصيان وطني ضد الاحتلال.
إن وحدة الساحات والتي هي في جوهرها تعبير عن وحدة ونضال الشعب الفلسطيني في كل تجمعاته، لتصب في خدمة تحقيق الهدف المركزي في هذه المرحلة التاريخية من نضال شعبنا الفلسطيني المتمثّل بالعودة وتقرير المصير والدولة المستقلة، والتي عبّر عنها البرنامج الوطني المرحلي لمنظمة التحرير الفلسطينية، لا يمكن لها أن تتجسّد إلا إذا تحققت الوحدة والتناغم فيما بينها على أرضية الالتزام بقرارات الإجماع الوطني والقواسم المشتركة.
إن ذلك يتطلب أولًا من قيادة السلطة العودة إلى قرارات الإجماع الوطني والشعبي وعدم اللهاث وراء السراب الأميركي والغربي والتفاهمات مع حكومة الاحتلال التي يجسّدها مسار العقبة – شرم الشيخ الأمني، الذي يتم استغلاله من قبل دولة الاحتلال لمواصلة جرائمها بحق الشعب الفلسطيني على غرار ما يجرى في القدس هذه الأيام.
بهذا فقط يستطيع شعبنا استنهاض التضامن والدعم الواسع من القوى الحية وأحرار العالم لصالح فرض مزيد من المقاطعة لدولة الاحتلال وعزلها وإلحاق مزيد من الخسائر المادية والسياسية والدبلوماسية، وليصبح احتلالها للأرض الفلسطينية أكثر كلفة مما سيجبرها على الرحيل عن أرضنا الفلسطينية ■

أضف تعليق