19 نيسان 2024 الساعة 10:30

قصة تعايش في ملتقى حضارات.. ثالث أقدم كنائس العالم تفتقد كثافة الزوار في قطاع غزة

2023-03-25 عدد القراءات : 280
غزة (الاتجاه الديمقراطي)
تجذب كنيسة القديس برفيريوس للروم الأرثوذكس، التي تعدّ ثالث أقدم كنيسة في العالم، أنظار المارة في غزة بلوحات رخامية فنية تعبر عن تاريخ يعود لمئات الأعوام.
غير أن الكنيسة التاريخية الواقعة في حي الزيتون بمدينة غزة تفتقد حركة زوار كثيفة بالنظر إلى تراجع أعداد المسيحيين في القطاع لنحو ألف شخص فقط بفعل الهجرة المتزايدة لهم في الأعوام الأخيرة.
وحسب مصادر فلسطينية، فإن حصار إسرائيل على غزة وتداعيات الانقسام الفلسطيني الداخلي دفعا إلى انخفاض أعداد مسيحيي قطاع غزة بعد أن كانت تبلغ أكثر من 3500 قبل سنوات قليلة.
يضاف إلى ذلك ندرة وصول الأجانب إلى القطاع الساحلي جراء الحصار الإسرائيلي المشدد المفروض منذ منتصف عام 2007 والذي حوله إلى منطقة شبه معزولة عن العالم الخارجي.
طراز بيزنطي
وبالنظر إلى أن كنيسة برفيريوس تعد واحدة من أقدم كنائس الروم الأرثوذكس، وقد بنيت على الطراز البيزنطي، فإن الأصل أن تجذب آلاف الزوار، حسب كمال عياد مدير العلاقات العامة في الكنيسة.
ويقول عياد -لوكالة الأنباء الألمانية- إن الكنيسة مهد بناؤها في بداية القرن الخامس الميلادي على يد القديس برفيريوس إلى نشر المسيحية بأوامر من الإمبراطورية البيزنطية.
ويشير عياد إلى احتواء الكنيسة على صور تزين جدرانها وسقفها، وهي عبارة عن رسومات لشخصيات مسيحية يشكل وجودها حدثا مهما في التاريخ، كصورة القديسة هيلانة وابنها قسطنطين.
ويوضح أن النقوش التي تزين جدران الكنيسة الداخلية والتراتيل تروي قصة القديس برفيريوس الذي حارب المعتقدات غير السماوية في غزة، وعمل على نشر المسيحية، إلى أن توفي فيها، وما زال قبره قائما فيها حتى اليوم.
ويضيف عياد أن مهندسي بناء الكنيسة اختاروا لها أن تكون في هيئة سفينة، حيث كانت السفن تمثل طوق نجاة من مخاطر البر ومن عليه، لافتا إلى أن الكنيسة التي لم تستطع عوامل النحت والتعرية إزالتها أو التأثير عليها بنيت بعد القرن الخامس بين عامي 402 و407 الميلاديين.
والكنيسة التي تبلغ مساحتها 216 مترا من الداخل وبنيت بحجارة يصل سمكها إلى 1.8 متر سميت بهذا الاسم نسبة إلى القديس برفيريوس الذي حظي تاريخيا بمكانة خاصة عند المسيحيين لا سيما في فلسطين، كونه محارب الديانات الوثنية التي كان أتباعها ينتشرون بين غزة وبلاد الشام.
قصة تعايش
وتقف كنيسة القديس برفيريوس شاهدا موثوقا على تعايش قام بين أتباع المسيحية والإسلام على مر العصور، إذ إن أجراسها تعانق مئذنة مسجد "كاتب ولاية" العتيق الذي يعتقد أن بناءه يعود إلى عام 1432.
وجاء استلهام تصميم الكنيسة من فن العمارة البيزنطية، ويقوم على أعمدة الرخام المزينة بالنقوش الكورنثية وزهرة اللوتس إلى جانب نقوش ورسومات تجسد بعضا من سيرة النبي موسى والعهدين القديم والجديد، وحكاية السيد المسيح.
تقول غادة أبو داود، وهي مسيحية من غزة تعد من رواد الكنيسة الدائمين، إن "كنيسة القديس برفيريوس تعني الرأي المستقيم، هذه الكنيسة التاريخية شهدت أحداثا جساما وحروبا طاحنة، مرت عليها على مدى القرون، ورغم أنها ما زالت حاملة لبعض الندوب فإنها ظلت حتى الآن صامدة تتحدى عوادي الزمن".
ملتقى حضارات
وعلى الرغم من صِغر مساحة قطاع غزة، التي لا تتجاوز 360 كيلومترا مربعا، فإنه يعدّ ملتقى للحضارات، وممرا للحقب الزمنية، والمعارك، والحملات، وقد جعله ذلك غنيا بالآثار الإسلامية والمسيحية.
ومن أبرز ما يميز كنيسة برفيريوس سقفها الذي يرتكز على أعمدة رخامية ضخمة، وكذلك الأيقونات التي تزين الجدران بالرموز المسيحية.
ويُعتقد أن القديس برفيريوس جاء إلى فلسطين من مدينة سالونيك في اليونان عام 395، وسكن مدة في مدينة القدس، وأصبح بعد ذلك كاهنا للرعايا المسيحيين، وقد كان عددهم لا يتجاوز 50 شخصا.
وتقسم الكنيسة إلى قسمين من الداخل: الأول هو الرواق الذي يتسع لنحو 500 من المصلين، بينما القسم الثاني يتمثل بهيكل "قدس الأقداس" وهو مكان وجود المذبح أو الإنجيل المقدس، ويخصص للكاهن من أجل أداء الطقوس الدينية.
ويروي المؤرخ الفلسطيني سليم المبيض أن كنيسة برفيريوس تعرضت لأضرار جزئية أهما في حرب البيزنطيين والفرس بين عامي 619 و622، وفي زلزال ضرب جنوب فلسطين وسيناء عام 1033.
ويضيف أن الكنيسة تعرضت لأضرار أخرى في الهجوم المغولي على فلسطين عام 1260، وكان الزلزال الذي ضرب المنطقة في نهاية القرن الـ13.
ووفقا للمبيض، كان الترميم الأول الواسع للكنيسة في أواخر العهد العثماني عام 1895، وأحضرت أحجار من إسطنبول، ولكن تعذرت إعادتها إلى تصميمها الأول فأصبحت على شكل السفينة.
ولا تزال الكنيسة العتيقة تشهد في العاشر من مارس/آذار من كل عام فعاليات خاصة يحيي فيها المسيحيون الفلسطينيون في الكنيسة ذكرى رحيل القديس برفيريوس بوصفه "محطم الأوثان".■

المصدر: الألمانية

أضف تعليق