28 نيسان 2024 الساعة 01:34

هل تدشن الحرب الأوكرانية موجة جديدة من هجرة اليهود لفلسطين؟

2022-03-20 عدد القراءات : 408
القاهرة (الاتجاه الديمقراطي)
تتحرك إسرائيل للاستفادة من موجات النزوح واللجوء لعدد كبير من المواطنين الأوكرانيين الفارين من الحرب الدائرة هناك، وإقناع عدد منهم للهجرة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة وتحديدًا مدينة القدس المحتلة تمهيداً لدمجهم مع سكان المستوطنات الإسرائيلية التي تعمل تل أبيب على تدشينها خلال هذه الفترة.
تتابع إسرائيل التطورات الراهنة في أوكرانيا لعدة أسباب لعل أبرزها وجود أكثر من 200 ألف يهودي أوكرانى، وهو ما يثير شهية الاحتلال الإسرائيلي لنقلهم إلى المستوطنات التي تعمل تل أبيب على بنائها سواء في القدس أو الضفة الغربية، وأعلن متحدث باسم الخارجية الإسرائيلية منذ أيام عن ترحيب تل أبيب بأي يهودي أوكراني، مشيرا إلى إمكانية استيعاب ما يتراوح بين 120 و 200 ألف يهودي، وأعلنت الوكالة اليهودية فتح خط اتصال للطوارئ وللإجابة عن تساؤلات اليهود المقيمين بأوكرانيا بخصوص كل ما يتعلق بهجرتهم للأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويسمح القانون الإسرائيلي في المادة الخامسة لليهود فقط بالهجرة للأراضى الفلسطينية المحتلة، والحصول على الجنسية الإسرائيلية وتسكينهم في مستوطنات وتوفير الموارد لهم، وهو ما يعيد للأذهان التحركات التي قامت بها الوكالات اليهودية خلال القرن الماضي لتهجير مئات آلاف اليهود لفلسطين المحتلة قبل قيام إسرائيل.
وتحركت الحكومة الإسرائيلية منذ اندلاع أزمة أوكرانيا لاستقدام مجموعات من يهود أوكرانيا، بموجب خطة الطوارئ التي أعلن عنها مع تفاقم الأزمة الأوكرانية، وتقضي خطة التحضير والجهوزية باستقدام نحو 5 آلاف يهودي أسبوعيا، في حال اتسعت العمليات العسكرية الروسية واحتدمت المعارك في أوكرانيا.
وقررت الحكومة الإسرائيلية الاعتراف بالمهاجرين من أوكرانيا على أنهم هاربون من مناطق المعارك والطوارئ، ما يعني أن كل مهاجر سيحصل على منحة لمرة واحدة بقيمة 6000 شيكل يرتفع المبلغ إلى 11000 شيكل، ولأسرة لديها أكثر من طفل واحد 15000 شيكل.
وتعمل الوكالات اليهودية خلال الوقت الراهن على التواصل مع عدد من اليهود الروس وإقناعهم بالهجرة للأراضي الفلسطينية المحتلة خلال الفترة المقبلة، وذلك في ظل العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبى على موسكو، وهو ما يمكن أن يدفع عدد كبير من يهود موسكو للهجرة إلى الأراضى المحتلة، خاصة في ظل وجود حوالى 155 ألف يهودي في الأراضي الروسية بحسب تقديرات غير رسمية إسرائيلية.
بدوره، أكد عزيز حمدي المصري الباحث الفلسطيني في الشأن السياسي الإسرائيلي أن ملف اللجوء الأوكراني لإسرائيل ملف شائك، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية الإسرائيلية تتعامل مع الملف بحزم، خاصة مع الأوكرانيين غير اليهود، مشيرا إلى تصريحات السفير الأوكراني في تل أبيب لرفع دعاوي في المحكمة العليا الإسرائيلية ضد سياسات الداخلية الإسرائيلية بوضع شروط على قدوم الاوكرانيين. حيث حكمت المحكمة مساء الثلاثاء بدخول اللاجئين الأوكرانيين بدون شروط مسبقة.
وأكد المصري في تصريحات لـ«اليوم السابع» أن تل أبيب تسمح لليهود الأوكرانيين بالقدوم إلى إسرائيل والحصول على الجنسية الإسرائيلية بموجب «قانون العودة»، الذي يسمح لكل يهودي في العالم بالحصول على الجنسية الإسرائيلية، مرجحا وصول 100 ألف يهودي أوكراني إلى إسرائيل في حال استمرت الحرب الروسية الأوكرانية لفترة طويلة، موضحا أن الأمر لا يقتصر فقط على اليهود الاوكرانيين بل قدمت طلبات من يهود روسيا للوكالة اليهودية للقدوم إلى إسرائيل خوفا من تبعات الحرب.
في ذات السياق، طرحت الحكومة الإسرائيلية توسيع بعض المستوطنات وإنشاء مستوطنات جديدة لاستيعاب اللاجئين اليهود الأوكرانيين في النقب، وأوضح الباحث الفلسطيني أن هذه الخطة التي تدرسها الحكومة الإسرائيلية تعييد للأذهان أزمة السكن التي عصفت بإسرائيل مع موجات الهجرة من الاتحاد السوفيتي السابق التي بدأت عام 1990 حيث أجبرت وزير البناء والإسكان آنذاك أرييل شارون على إيجاد حلول سريعة لاحتياجات المهاجرين، لافتا إلى أن هذه الموجة من الهجرة أعادت إلى الواجهة رؤية رئيس الوزراء الأول لإسرائيل ديفيد بن غوريون للاستيطان في النقب.
وأوضح عزيز المصري إلى أنه من المرجح إنشاء مستوطنة نيتسانا وهي مستوطنة مجتمعية جديدة لاستيعاب المهاجرين الجدد من يهود أوكرانيا، موضحا أن الأولوية ستكون لإسكان اليهود الاوكرانيين المتخصصين في الزراعة والاستصلاح الزراعي واستغلال الموارد الطبيعية في صحراء النقب وفق رؤية بن غوريون، مشيرا لسياسة الديمغرافية وهي السياسة التي ستحكم هذا الصراع في بعض أجزائه مع الفلسطينيين، فقدوم العديد من اليهود الأوكرانيين إلى إسرائيل يخدم هذه السياسة في الانتشار على الأرض.
وتطرق الباحث الفلسطيني إلى الأصوات الدينية العديدة داخل إسرائيل والكنائس الانجيلكانية المسيحانية التي تري في عودة اليهود إلى أرض إسرائيل تحقيق للنبوءات التوراتية، وأن الحرب الأوكرانية تمهد لمعركة النهاية في (هرمجدون) والبعض دلل من نصوص التوراة على ان الحرب الأوكرانية الروسية بشرت بها التوراة مثل القول إنها معركة يأجوج ومأجوج، لتجتمع أسباب سياسية واقتصادية ودينية وثقافية لتشجيع هذا اللجوء اليهودي الاوكراني إلى إسرائيل، على حد قوله.
يشار إلى أن عمليات الاستيطان المتصاعدة أدت إلى زيادة في عدد المستوطنين، حيث أظهرت معطيات مجلس يشع الاستيطاني أن عدد المستوطنين في مناطق الضفة الغربية بما يشمل وادي الأردن سوف يرتفع ليصل إلى نصف مليون مستوطن بحلول نهاية عام 2022، ويوضح المجلس الاستيطاني، أن هناك قفزة في النمو السكاني في صفوف المستوطنين، حيث سكن 15.890 مستوطنًا جديدًا في تلك المستوطنات خلال عام 2021، مقارنةً مع 12.123 في عام 2020، حيث يقيم هؤلاء في 150 مستوطنة وعدد كبير من البؤر الاستيطانية، وقد بلغ معدل النمو السنوي السكاني في 2021، ما نسبته 3.3%، في حين كان في عام 2020 نحو 2.6%. وبسبب تسهيلات البناء والدعم الحكومي، أصبح النمو السكاني في المستوطنات أعلى بكثير منه في إسرائيل بأكملها والذي بلغ 1.7% مع نهاية 2021، حيث تشير الأرقام إلى أنه منذ عام 2011، ازداد عدد المستوطنين بزيادة قدرها 43% في عشر سنوات.
وتابع الباحث الفلسطيني «ومن سخرية القدر أن تحقق إسرائيل ما يعرف بحق العودة المزعوم لليهود إلى أرض فلسطين، في وقت صادق فيه الكنيست الإسرائيلي بالقراءة الثانية والثالثة على مشروع قانون منع لم شمل الفلسطينيين والذي ينص على منع فلسطيني الداخل المحتل من السكن داخل إسرائيل في حال زواجه من شخص يحمل الهوية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. وفي وقت ترفض إسرائيل بالمطلق مناقشة قضية حق عودة اللاجئين الفلسطينيين البالغ عددهم فوق 7 ملايين فلسطيني إلى أرضيهم التي هجروا منها في 1948 و1967 ».
وأشار الباحث عزيز المصري إلى أن هناك مسؤولية على الدبلوماسية الفلسطينية والسلطة الفلسطينية والاعلام الفلسطيني بشكل عام، بالتركيز على شرح هذا الوضع بالأرقام والأدلة والاحصائيات، واستغلال هذه الحرب في فضح ممارسات الاحتلال الاسرائيلي بالتركيز على النقاط المشتركة مع اللاجئين الأوكرانيين، وذلك في وقت يتباكى الإسرائيليون على هجرة اليهود الأوكرانيين من منازلهم في أوكرانيا وبنفس الوقت يمارسون التهجير ضد الشعب الفلسطيني بهدم بيوتهم ومنازلهم وسرقة أراضيهم لبناء المستوطنات والمواقع العسكرية للجيش الإسرائيلي.
وأشار مراقبون إلى أن الوساطة التي طرحتها إسرائيل لنزع فتيل الأزمة بين أوكرانيا وروسيا تحمل نوايا غير طيبة لأنه من مصلحة تل أبيب استمرار الصراع المسلح بين موسكو وكييف يصب في صالح الجانب الإسرائيلي الذي يوظف الأزمات لخدمة أجندته الرامية لنقل أكبر عدد ممكن من المهاجرين اليهود للأراضي الفلسطينية المحتلة.
قالت صحيفة «كل هاعير» الأسبوعية الإسرائيلية، إن لجنة التخطيط والبناء في القدس المحتلة، صادقت على مخطط لبناء 730 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة «بسجات زئيف»و210 وحدات استيطانية أخرى وحديقة عامة في «كيريات يعاريم».
وأضافت الصحيفة أن المُخطط الجديد في «بسجات زئيف» يقع على مساحة 70 دونمًا ، مشيرة إلى أن الوحدات الاستيطانية المذكورة ستبنى في 14 مبنى سكنيًا يبلغ ارتفاع كل منها 12 طابقًا.
وقالت الصحيفة إن الخطة الأصلية في
«بسجات زئيف» كانت تتضمن 430 وحدة استيطانية فقط، إلا أن اللجنة قررت توسيع المُخطط ليشمل 730 وحدة سكنية، مشيرة إلى أن المُخطط يشمل كذلك 21 ألف متر مربع للتجارة والتوظيف، كما سيتم تخصيص حوالى 16 دونمًا للمساحات المفتوحة. وأوضحت أن المُخطط في «كريات يعاريم» يُقام على مساحة 18 دونمًا، ويضم 210 وحدة استيطانية في 9 مبان يصل ارتفاع كل منها 8 طوابق.
وأكد مركز المعلومات الوطني الفلسطيني عبر موقعه الرسمي أن السيطرة على الأرض الفلسطينية تعتبر جوهر الفلسفة التي انتهجتها الوكالات اليهودية منذ ولادة الفكرة الأولى لتوطين اليهود في فلسطين، وتابعتها إسرائيل بعد قيامها حتى الآن.
ورافق عمليات الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية عملية تغيير ديمغرافي، ففي جميع حالات الاستيلاء كانت تجلب أعداداً من اليهود من مختلف أنحاء العالم، ليحلوا مكان السكان العرب الفلسطينيين، فقد تعرضت الأراضي الفلسطينية لخمس موجات متتالية من الهجرات اليهودية، كل موجة منها تتم عقب حدث من الأحداث الدولية والمحلية، أو نتيجة خطة صهيونية موضوعة، فقد حدثت الموجة الأولى ما بين عامي 1882-1903م، إذ هاجر نحو عشرة آلاف يهودي من روسيا في أعقاب حادثة اغتيال قيصر روسيا وما تبعتها من عمليات اضطهاد لليهود هناك نتيجة اشتراكهم في اغتيال قيصر روسيا، كذلك كانت نتيجة لقضية دريفوس التي أدت لموجة من العداء لليهود في فرنسا عام 1894م، حيث قدرت بما يتراوح ما بين 20 إلى 30 ألف مهاجر يهودي. وفى الفترة من (1905 إلى 1918م) جاءت الموجة الثانية، وكان معظم أفرادها من روسـيا أيضاً، وقدر عددهم بما يتراوح بين 35-40 ألف يهودي.
وانتعشت حركة الاستيطان اليهودي والهجرة إلى فلسطين بعد الاحتلال البريطاني لفلسـطين والذي تلاه مباشرة صدور وعد بلفور عام 1917م، فقد أخذت الهجرات اليهودية تتوالى على فلسـطين بتشـجيع ودعم من حكومة الانتداب البريطاني التي أخذت على عاتقها تنفيـذ مخطط التهـويد، ونتيجة لـذلك أخذ عـدد اليهـود يتزايد يوماً بعد يوم.
كما ازدادت أملاكهم التي منحتهم إياها بريطانيا في فلسطين وسهلت لهم طرق شرائها، فقد حدثت الموجة الثالثة ما بين عامي 1919-1923م بعد حدوث الثورة البلشفية في روسيا، وبلغ عدد المهاجرين في هذه الموجة نحو 35 ألف مهاجر وتمت الموجة الرابعة ما بين عام 1924-1932م، حيث هاجر نحو 62 ألف مهاجر بسبب قيام الولايات المتحدة الأمريكية بسن قوانين حدت من الهجرة إليها.
 أما الموجة الخامسة فكانت بين عامي 1933-1938م، حيث بلغ عدد المهاجرين في هذه المرحلة حوالي «174» ألف مهاجر يهودي، ما رفع عدد السكان إلى 370 ألف يهودي، وأخذت تتدفق إلى البلاد أفواج عديدة من المهاجرين بشكل لم يسبق له مثيل مما أثار شعور الاستياء والغضب لدى الشعب الفلسطيني، وكان هذا أحد الأسـباب الرئيسـية التي فجـرت ثورة 1936م الشـهيرة، وكان هذا مع بداية عهد نازية هتلر وانتشـار اللاسامية في أوروبا.
وإلى جانب الموجات السابقة المشار إليها، كانت هناك هجرات سرية قام بها اليهود الشرقيين (السفارديم) من جهات مختلفة من اليمن والحبشة وأفريقيا الشمالية وتركيا وإيران وذلك في فترة الأربعينات، بسبب قيام سلطات الانتداب البريطاني بفرض قيود على الهجرة اليهودية؛ تقرباً للعرب؛ للوقوف بجانبها في الحرب العالمية الثانية، وقد بلغت حصيلة الهجرة اليهودية إلى فلسطين حتى عام 1948م حوالي 650 ألف مهاجر يهودي، وبعد قيام إسرائيل قامت بتشجيع الهجرة اليهودية وذلك بسن العديد من القوانين مثل قانون العودة عام 1950م، وقانون الجنسية الإسرائيلي عام 1952م، فازداد عدد المهاجرين، حيث بلغ في الفترة من 1948-1967م (12.0075) مهاجراً. ■
المصدر: اليوم السابع- أحمد جمعة

أضف تعليق