14 كانون الأول 2024 الساعة 22:09

تقرير حقوقي : الاحتلال يطمس الحقائق لحماية مسؤوليه من جرائمهم في مسيرات العودة

2021-12-02 عدد القراءات : 951

القدس المحتلة ( الاتجاه الديمقراطي)

كشف تقرير حقوقيّ مشتَرَك، صدر اليوم الخميس، كيف عملت سلطات الاحتلال "على طمس الحقائق وحماية المسؤولين من عسكريين ورجال سياسة عوضا عن اتّخاذ إجراءات ضدّ من وضعوا ومن طبّقوا سياسة إطلاق النّار المخالفة للقانون" والتي تسبّبت باستشهاد أكثر من 200 فلسطينيّ وجرح نحو 8 آلاف، ممّن شاركوا في مسيرات العودة التي انطلقت في قطاع غزّة المحاصَر، ابتداءً من آذار/ مارس 2018، واستمرّت نحو عام ونصف.
وشدّد التقرير الذي أصدره المركز الفلسطينيّ لحقوق الإنسان، ومنظمة "بتسيلم" الحقوقية، أن "التحقيقات" التي زعمت سلطات الاحتلال أنها تجريها بشأن مسيرات العودة، هي "جزء من جهاز طمس الحقائق، وهدفها الأساسيّ كان ولا يزال إسكات النقد في الخارج، بحيث تتمكّن إسرائيل من مواصلة تطبيق السّياسة نفسها دون عائق".
وفي السياق ذاته، أكّد التقرير أنّ سلطات الاحتلال "أعلنت... أنّها سوف تحقّق في الأحداث ردّا على الانتقادات الدوليّة التي وُجّهت إلى إسرائيل على خلفيّة هذه النتائج. غير أنّه بات واضحا اليوم، بعد مضيّ أكثر من أربعين شهرا على المظاهرة الأولى، أنّ التحقيقات التي أجراها الجيش بخُصوص المظاهرات؛ لم تهدف أبدا إلى إنصاف الضّحايا أو الرّدع لمنع تكرار مثل هذه الأفعال مستقبلا".
وذكر التقرير أن "إسرائيل سارعت إلى التصريح بأنّها تحقّق في المظاهرات وذلك بسبب الإجراءات التي باشرتها ضدّها محكمة الجنايات الدوليّة في لاهاي، ذلك أنّ أحد المبادئ التي توجّه عمل هذه المحكمة هو مبدأ التكامُل، والذي يقتضي تدخّل المحكمة فقط إذا كانت الدّولة ’لا تُريد أو لا تقدر’ على إجراء التحقيق بنفسها. في حال أجرت الدّولة بنفسها تحقيقا في الأحداث تمتنع المحكمة عن التدخّل".
وقال إنّ "التحقيقات التي أدارها الجيش وحده، لم تنظر أبدا في تعليمات إطلاق النار المخالفة للقانون التي صدرت لقوّات الأمن ولا السّياسة التي جرى تطبيقها خلال المظاهرات، وإنّما تركّزت فقط على الجنود ذوي الرّتب الدّنيا وفقط في السّؤال هل تصرّف هؤلاء خلافا للتعليمات نفسها، المخالفة للقانون".
وأضاف أنه "علاوة على ذلك، فقد نظرت (المحكمة العليا الإسرائيلية) أثناء فترة المظاهرات (مسيرات العودة) في التماسات حول عدم قانونيّة تعليمات إطلاق النار، لكنّ قُضاة المحكمة رفضوا تلك الالتماسات وأتاحوا للجيش أن يواصل تطبيق السّياسة نفسها. هنا ينبغي التنويه أنّ القُضاة لم يصدّقوا التعليمات التي طُبّقت فعليّا على أرض الواقع -فهذه لم تُطرح أمامهم- (بحسب ادعاء التقرير) وإنّما فقط التعليمات التي زعمت الدّولة أمام المحكمة أنّ الجيش يعمل وفقا لها".
وأكّد التقرير "تجاهُل القُضاة للهوّة السّحيقة والصّارخة التي تفصل بين مزاعم الدّولة في شأن هذه التعليمات وبين نتائج تطبيقها في الواقع: إلى حين النظر في الالتماسات كان قد وقع في صفوف المتظاهرين عشرات القتلى (الشهداء) ونحو ألفي جريح".
وذكر أن جيش الاحتلال "قرّر الجيش بشكل تعسّفيّ ودون تقديم أيّ تفسير أن يحقّق فقط في الأحداث التي أسفرت عن مقتل (استشهاد) فلسطينيّين على يد عناصر قوّات الأمن لكنّه لم يحقّق بتاتا في الأحداث التي أوقعت آلاف الجرحى، وبضمنهم من أصيبوا بجُروح بليغة أبقتهم مشلولين أو أدّت إلى بتر أطرافهم".
عدد الضحايا "لا يستوعبه عقل"؛ إغلاق ملفات دون اتّخاذ أيّة إجراءات
وقال التقرير إن "عدد مصابي المظاهرات لا يستوعبه عقل: لقد جُرح خلال المظاهرات 13,457 فلسطينيّا، ومن بين هؤلاء بلغ عدد المصابين بالرّصاص الحيّ 8,079 وعدد المصابين بالرّصاص المعدنيّ المغلّف بالمطّاط 2,424 وعدد من جُرحوا جرّاء إصابتهم مباشرة بقنابل الغاز 2,954".
وأوضح أن "هناك من بين الجرحى 155 أسفرت إصابتهم عن بتر أطراف. جميع هذه الأحداث لم يتمّ التحقيق فيها".
وذكر التقرير أنه "وفقا لمعطيات أرسلها الناطق بلسان الجيش الإسرائيليّ إلى ’بتسيلم’، فإنه حتى (تاريخ) 25.4.2021 تم تحويل 234 حالة متعلقة بمقتل (استشهاد) فلسطينيين إلى جهاز قيادة الأركان للتحقيق في الأحداث الاستثنائيّة لينظر فيها.
وأضاف أنه "بضمن هذه المعطيات أحداث مقتل (استشهاد) فلسطينيّين آخرين خلال الفترة التي جرت فيها المظاهرات. أنجز الجهاز فحص 143 حالة وحوّلها إلى النيابة العسكريّة لتنظر فيها، وارتأى المدّعي العامّ العسكريّ أن تباشر وحدة التحقيقات في الشرطة العسكريّة التحقيق في 33 منها، كما أنّه أوعز بإجراء تحقيق في ثلاثة أحداث أخرى لم يعالجها الجهاز. هناك أربع شكاوى انتهى التحقيق فيها بإغلاق الملفّ دون اتّخاذ أيّة إجراءات".
وأكّد أنه "في الحالات الـ95 التي أنهى الجهاز معالجتها، قرّر المدّعي العامّ العسكريّ عدم فتح تحقيق جنائيّ وأُغلق الملفّ دون اتّخاذ أيّة إجراءات. أما بقيّة الشكاوى التي تلقّاها الجهاز ما زالت قيد المعالجة".
وذكر أن "هناك تحقيقا واحدا فقط يتعلّق بالمظاهرات -بخُصوص مقتل (استشهاد) الفتى عثمان حلّس (14 عاما)- انتهى بتقديم لائحة اتّهام ضدّ الجنديّ المتورّط، وقد أدين هذا في صفقة ادّعاء بتهمة سلوكيّة بسيطة هي ’تجاوُز الصّلاحيّات على نحوٍ يعرّض حياة أو صحّة أحدهم للخطر’، وحُكم عليه بتنفيذ أعمال خدمات لمّدة شهر".
"إسرائيل لا تُريد ولا تقدر على التحقيق"
وقال التقرير إنّ "السياسيّين (الإسرائيليين) والمستشار القضائيّ للحكومة وقُضاة المحكمة العُليا والمدّعي العامّ العسكريّ وكبار الضبّاط الآخرين في الجيش؛ هُم المسؤولون عن وضع سياسة إطلاق النّار المخالفة للقانون وعن تطبيقها، وهُم الذين يُفترض أن يتمّ التحقيق معهم وأن يتحمّلوا مسؤوليّة النتائج الفتّاكة التي أسفر عنها تطبيق هذه السياسة".
وشدّد على أن "التحقيقات التي تُجريها إسرائيل، هدفها ذرّ الرّماد في العُيون، إذ تظنّ أنّها بذلك تستطيع أن تجنّب المسؤولين محكمة الجنايات الدوليّة في لاهاي".
وأضاف التقرير: "لكنّ هذه التحقيقات تثبت العكس: إنّ إسرائيل لا تُريد ولا تقدر على التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قوّات أمنها خلال مظاهرات العودة في قطاع غزّة".
وأشار إلى أنه "بالنظر إلى ذلك، (إن) العمل على مساءلة ومحاسبة المتورّطين في هذه الانتهاكات، يقع الآن على عاتق محكمة الجنايات الدوليّة في لاهاي".

أضف تعليق