19 آيار 2024 الساعة 10:57

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاحد 5/5/2024 العدد 999

2024-05-06 عدد القراءات : 18

  الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

هآرتس5/5/50024

 

 

المفاوضات بشأن صفقة الرهائن وصلت إلى نقطة حاسمة، ونتنياهو يحبط فرصة التقدم

 

 

بقلم: عاموس هرئيلِ

 

المفاوضات من أجل صفقة المخطوفين وصلت مرة أخرى في نهاية الأسبوع الماضي إلى نقطة حاسمة. الوسطاء المصريون والقطريون، وربما الأمريكيون أيضاً، أغرقوا وسائل الإعلام العربية بتنبؤات متفائلة حول اتفاق قريب بهدف حث إسرائيل وحماس على التعهد بعقد الصفقة. عملياً، في مساء أمس، لم يكن من الواضح إذا كانت بعثة حماس التي سافرت إلى القاهرة سترد على الوسطاء بالإيجاب أو بتحفظ (نعم ولكن).

الإدارة الأمريكية التي تخشى من تفجر آخر في المحادثات أرسلت إلى القاهرة رئيس الـ “سي.آي.إيه” وليام بيرنز. صحيفة “واشنطن بوست” نشرت أنه كجزء من جهود ضمان نجاح المفاوضات، طلبت الولايات المتحدة من قطر إبعاد كبار قادة حماس عن أراضيها إذا لم توافق الأخيرة على الصفقة. في حين سارع نتنياهو للرد على التقارير المتفائلة يوم السبت ببيان نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية. نتنياهو تحت غطاء “مصدر سياسي رفيع” أعلن بأنه “خلافاً لما نشر، فإن إسرائيل لن توافق بأي شكل من الأشكال على إنهاء الحرب كجزء من صفقة تحرير المخطوفين. الجيش الإسرائيلي سيدخل إلى رفح وسيدمر كتائب حماس، سواء كانت هناك هدنة مؤقتة لتحرير المخطوفين أم لا”.

بيان نتنياهو أثار الردود الغاضبة في طرفي الخلاف حول الصفقة. حتى في اليمين هناك كثيرون لا يصدقون وعود رئيس الحكومة الجوفاء بشأن احتلال رفح و”النصر المطلق”. في حين أن هيئة تحرير المفقودين (وفي قيادة الجيش الإسرائيلي) تخشى من أن نتنياهو بيانه هذا يضر بجهود الوساطة بشكل متعمد. إضافة إلى ذلك، فإنه من اللحظة التي سيتم فيها انكشاف الأمر ربما سيحدث تعميق في الشرخ بين إسرائيل والولايات المتحدة، التي أثنت على إسرائيل مؤخراً بسبب المرونة التي أظهرتها وألقت المسؤولية عن تأخير الاتفاق على حماس.

من الأفضل التعامل مع تهديد إسرائيل الجديد بدخول رفح بحذر. الجيش الإسرائيلي وبحق يستعد لاحتلال رفح، لكنه استعداد بدأ وتوقف واستؤنف مرات كثيرة في الأشهر الثلاثة الأخيرة. في الأسبوع الماضي، في المحادثة الهاتفية بين الرئيس الأمريكي ونتنياهو، وأثناء زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للبلاد، أكد الأمريكيون أن اقتحام رفح غير مقبول، خصوصاً ما لم تعمل إسرائيل بشكل حذر وممنهج على إخلاء المدنيين الفلسطينيين من هناك، الذين يبلغ عددهم أكثر من مليون شخص. لذا، من المرجح أكثر أن تتوجه إسرائيل نحو عملية عسكرية محدودة.

الإدارة الأمريكية تطلق إشارات حول فرض عقوبات محتملة. فوقف الفيتو شبه التلقائي الذي تفرضه الولايات المتحدة على قرارات مناهضة لإسرائيل في مجلس الأمن، والحظر أو الإبطاء في تزويد السلاح الضروري لإسرائيل، هي أخطار كبيرة بالنسبة لإسرائيل، لا سيما إذا أدى اقتحام رفح إلى تصعيد أمام مع حزب الله وإيران. إسرائيل تحتاج إلى الدعم الأمريكي القوي في حالة حدوث سيناريو حرب متعددة الساحات. وحتى الآن، يمكن الافتراض أن ما يرفض فهمه الشركاء في اليمين المتطرف، بن غفير وسموتريتش، يفهمه هو بشكل جيد.

وثمة مشكلة في الشرعية الدولية الآخذة في التفاقم. تأييد الدول الغربية لعمليات الجيش الإسرائيلي تتضاءل كلما طالت الحرب. أي حادثة مع إصابات مدنية في رفح ستحظى بالاهتمام الدولي، وسيحاول الفلسطينيون عرض كل حادثة كجريمة حرب إسرائيلية كما فعلوا في قضية “القبر الجماعي”، الذي اكتشف قرب المستشفى في خان يونس. وحتى إن قتل المدنيين في رفح قد يسرع إجراءات قانونية في لاهاي ضد إسرائيل وسياسيين وضباط كبار. إضافة إلى ذلك، الخلاف العام حول الحاجة إلى عملية في الوقت الحالي قد يؤثر سلباً في الدافعية وقدرة الجنود النظاميين وجنود الاحتياط.

وثمة سبب آخر للحذر في الوقت الذي نسمع فيه تنبؤات متفائلة في وسائل الإعلام العربية، وهو أن الكلمة الأخيرة، بالأساس في حماس، لرئيسها في القطاع السنوار. فنجاح الهجوم الإرهابي في 7 أكتوبر عزز مكانته في حماس على حساب تقليد اتخاذ القرارات بصورة مشتركة. ومنذ ذلك الحين، يقود خطاً متصلباً، ويبدو أنه لا يحسب أي حساب لنظرائه في قطر. ومقارنة مع كانون الأول – كانون الثاني، يبدو أن السنوار لا يشعر الآن بالضغط الحقيقي. الضغط العسكري الإسرائيلي في هذه الأثناء هو ضغط نظري فقط. والمساعدات الإنسانية التي تمت زيادتها تخفف عنه غضب سكان القطاع، والاشتعال الذي يجري في الجامعات الأمريكية يعقد وضع إسرائيل السياسي. هذا التحليل لصورة الوضع في نظر شخص متعصب مع أيديولوجيا قاتلة، يقلل احتمالية تنازله.

البيانات الأمريكية الأخيرة أوضحت بأن قبول الصفقة مرهون بحماس. حدث هذا عقب إظهار مرونة حقيقية في مواقف إسرائيل، حيث وافق نتنياهو بضغط من أعضاء كابنت الحرب. نقطة الصعوبة الرئيسية في المفاوضات هي إنهاء الحرب. حماس مستعدة للتقدم نحو صفقة تحرير المخطوفين بعدة نبضات فقط إذا تم ضمان خروج جميع قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع ووقف كامل لإطلاق النار قبيل نهاية العملية. يبدو أن الولايات المتحدة تعهدت بضمان ذلك، بدرجة ما. والسؤال هو التزامن بين مراحل إعادة المخطوفين والوقف الكامل للحرب. وثمة نقطة خلاف أخرى تتعلق بقدرة إسرائيل على فرض الفيتو على إطلاق سراح عدد من السجناء الفلسطينيين، المخربين الكبار الذين تطالب حماس بإطلاق سراحهم.

إذا تم تسلم رد إيجابي من حماس فستحول الضغط إلى ساحة نتنياهو. عائلات المخطوفين ستوسع نشاطات الاحتجاج، وستحصل على دعم عام أكبر. قيادة الاحتجاج تعلق الآمال على خطوات المعسكر الرسمي، وبالأساس على الوزير غادي آيزنكوت، العضو في مجلس الحرب، الذي يظهر التماهي الكبير مع نضالهم. حتى الآن، بشكل خاص بعد بيان مكتب نتنياهو أمس، فإن ملحمة المخطوفين تأخذ طابعاً سياسياً واضحاً، وهي تعبر عن الجمهور في اليمين واليسار.

في الفترة الأخيرة تم الإبلاغ عن موت مخطوفين إسرائيليين. قرر الجيش الإسرائيلي أن درور أور، من “بئيري”، قتل في 7 أكتوبر في الكيبوتس وأن جثته اختطفت إلى غزة. في حين أظهر فحص آخر أن اليكيم ليبمان من “كريات أربع”، رجل حراسة في حفلة “نوفا”، الذي عمل بشجاعة على إنقاذ المحتفلين، لم يتم اختطافه إلى القطاع، بل قتل في ذاك اليوم، ودفنت بقايا جثته بالخطأ مع جثة حارسة أخرى. عدد المخطوفين الإسرائيليين المحتجزين في القطاع انخفض إلى 132، حسب الجيش الإسرائيلي، أكثر من 30 منهم ليسوا أحياء. ومن المرجح الافتراض أن العدد الحقيقي للأموات بين المخطوفين أكبر، لكن لا بيان رسمياً بدون وجود معلومات قاطعة حول هذا الأمر. وإطالة الحرب، وبالتأكيد الدخول إلى رفح، ستعرض حياة مخطوفين آخرين للخطر.

 

قطعة السكر السعودية

 

لقد بقي في جعبة الإدارة الأمريكية قطعة سكر أخرى من أجل إسرائيل، وهي الصفقة مع السعودية. إلى جانب النقاشات حول صفقة المخطوفين، فإن جهات أمريكية رفيعة تستمر في طرح إمكانية اندماج هذه الصفقة مع عملية إقليمية واسعة تشمل التطبيع بين إسرائيل والسعودية. من أجل ذلك، المطلوب موافقة إسرائيل على إنهاء الحرب في القطاع وإطلاق سراح سخي لسجناء فلسطينيين، ما سينطوي، وفقاً لطلبات الرياض، على استعداد إسرائيل للتقدم الرمزي على الأقل في القناة السياسية الفلسطينية. حسب معرفتنا، كان رد نتنياهو، الذي يقيده شركاؤه في اليمين، بالسلب حتى الآن.

وقال موظفون أمريكيون لنظرائهم الإسرائيليين بأن رداً إيجابياً من إسرائيل سيمكن الإدارة من إنهاء صفقة شاملة، ستؤدي إلى إنهاء الحرب في غزة “خلال 48 ساعة”. في “نيويورك تايمز” يدفع بهذا كاتب الأعمدة توماس فريدمان، الذي يعتبر متحدثاً دائماً مع الرئيس الأمريكي. من المهم لبايدن إنهاء الحرب في غزة أيضاً بسبب إحداثها شرخاً كبيراً في الحزب الديمقراطي. وفي الوقت نفسه، هو يحتاج إلى إنجاز كبير في السياسة الخارجية، الذي قد توفره صفقة مع السعودية.

الإدارة الأمريكية معنية أيضاً بإنجاز هادئ في الجبهة الداخلية قبل عقد مؤتمر الحزب الديمقراطي في آب القادم، الذي سيعقد في هذه المرة في مدينة شيكاغو، وهي المدينة التي عقد فيها المؤتمر الأكثر صدمة في تاريخ الحزب في العام 1968، حيث شوشت المظاهرات ضد الحرب في فيتنام على أعمال المؤتمر، وقدمت إشارة تحذير حول فقدان الحكم للجمهوريين بعد ثلاثة أشهر. حسب مصادر أمريكية وإسرائيلية، فإن بعض مستشاري بايدن يعتقدون أنه يتبنى مقاربة ناعمة جداً تجاه نتنياهو، وأنه يجب زيادة الضغط لتحقيق التقدم. استراتيجية إسرائيل الحالية، كما يقولون، لا تؤدي إلى أي مكان.

--------------------------------------------

 

هآرتس5/5/2024

 

 

قتلنا وجوعنا واقتلعنا ودمرنا. شخص ما يجب أن يحاكم

 

 

بقلم: جدعون ليفي

 

أي إسرائيلي لديه عقل يجب أن يسأل نفسه: هل ترتكب دولته جرائم حرب في غزة؟ إذا كان الأمر هكذا، فكيف يمكن وقفها؟ كيف سنعاقب المسؤولين؟ من الذي يمكنه معاقبتهم؟ هل معقول أن تبقى الجرائم يتيمة وأن يبقى مرتكبوها ن أبرياء؟

يمكن بالطبع الإجابة سلباً على السؤال الأول. فإسرائيل لا ترتكب أي جرائم حرب في غزة، وما تبقى سيصبح زائداً ضمنياً. ولكن كيف يمكن الإجابة بالسلب إزاء المعطيات والحقائق في غزة؟ حوالي 35 ألف قتيل و10 آلاف مفقود، ثلثاهم أبرياء، حتى حسب معطيات الجيش الإسرائيلي، وبينهم حوالي 13 ألف طفل ميت؛ 400 شخص من الأطباء والطواقم الطبية، و200 صحفي؛ 70 في المئة من المباني تدمرت أو تضررت؛ 30 في المئة من الأطفال يعانون من سوء التغذية؛ اثنان من بين عشرة آلاف يموتون في اليوم بسبب الجوع أو الجوع والمرض معاً (جميع المعطيات وفقاً للأمم المتحدة ومؤسسات دولية).

هل يمكن أن تأتي هذه المعطيات الفظيعة بدون ارتكاب جرائم حرب؟ هناك حروب ذرائعها مبررة ووسائلها إجرامية. من هنا فإن القتل والتدمير والتجويع والتهجير بهذه الأبعاد لا يمكن أن تحدث بدون ارتكاب جرائم حرب. هناك أشخاص مسؤولون عنها ويجب تقديمهم للمحاكمة.

الدعاية الإسرائيلية لا تحاول نفي صورة الوضع هذا. إنما تدعي: لا سامية؛ لماذا نحن بالذات؟ ماذا عن السودان واليمن. هذا مبرر لا أساس له من الصحة: حتى من يقود بسرعة كبيرة لا يمكنه الادعاء بأن هناك سائقين يقودون بسرعة مثله. لقد بقيت لنا الجرائم والمتهمون بارتكابها. إسرائيل لن تقدم أي شخص للمحاكمة في يوم من الأيام؛ فهي لم تفعل ذلك يوماً، سواء في حروبها أو في احتلالها. في أفضل الحالات، ستقدم للمحاكمة جندياً سرق بطاقة ائتمان.

لكن الشعور بالعدالة لدى كل شخص تقتضي رؤية مجرمين يقدمون للمحاكمة، لمنع الجرائم في المستقبل. حسب هذا المنطق، لم يبق سوى الأمل بأن تقوم محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بالعمل الذي يجب عليها القيام به. أي وطني إسرائيلي وأي شخص تهمه مصلحة الدولة كان يجب أن يأمل ذلك. هكذا ستتغير معايير الأخلاق في إسرائيل، التي ترى أن كل شيء مسموح لها. يصعب الأمل باعتقال رؤساء دولتك وجيشك، والأكثر صعوبة هو الاعتراف بذلك علناً. ولكن لا توجد طريقة أخرى لوقفهم.

القتل والدمار في غزة ورطا إسرائيل كلها. لم تمر بكارثة كهذه. شخص ما قادها إلى هناك. هذه ليست اللاسامية، بل زعماؤها وضباطها، فلولاهم لم تكن لتتحول بسرعة كبيرة من دولة تحصل على التعاطف وتثير الشفقة عشية 7 أكتوبر، إلى دولة منبوذة. يجب على أحد ما أن يقدم للمحاكمة بسبب ذلك.

مثلما الكثير من الإسرائيليين يريدون رؤية نتنياهو معاقباً على أعمال الفساد المتهم بها، عليهم الأمل أيضاً بأن تتم معاقبته هو ومن تحته بسبب جرائم أكثر خطورة، جرائم غزة. لا يمكن إبقاء هذه الجرائم يتيمة، ولا يمكن أيضاً اتهام حماس فقط، حتى لو كان لها دور في هذه الجرائم. نحن الذين قتلنا وجوعنا وهجّرنا ودمرنا. يجب أن يتم تقديم شخص ما بسبب ذلك للمحاكمة. ونتنياهو بالطبع هو الشخص الأول. صورته وهو سجين في لاهاي، مع وزير الدفاع ورئيس الأركان، بمثابة كابوس لكل إسرائيلي. حتى الآن هي كما يبدو أمر يقتضيه الواقع. وثمة شك كبير في حدوث ذلك. فالضغط الذي تستخدمه الولايات المتحدة وإسرائيل على المحكمة كبير جداً (وغير مشروع). ولكن للتخويف أهمية. فإذا امتنعت الشخصيات الرفيعة عن السفر إلى الخارج في السنوات القريبة القادمة، وإذا عاشت في خوف مما سيأتي، فسنكون على ثقة بأنهم سيفكرون مرتين في الحرب القادمة قبل إطلاق الجيش إلى حملات القتل والتدمير بهذه الأبعاد الهستيرية. كان هذا لنصف عزاء.

--------------------------------------------

 

هآرتس 5/5/2024

 

 

سنجد بدائل لتركيا، لكن ذلك لن يحدث بين عشية وضحاها

 

 

بقلم:عيدي دبيرت، سيمي سبلتر، ودانيال شامل

 

المستوردون وتجار المفرّق في إسرائيل قضوا نهاية الأسبوع في محاولة العثور على حل للأزمة مع تركيا، التي أعلنت الخميس عن وقف العلاقات التجارية مع إسرائيل. أقام المستوردون الكبار غرفة عمليات خاصة، واشترى بعضهم تذاكر سفر في بداية الأسبوع إلى اليونان وبولندا وأذربيجان بهدف زيارة المصانع هناك. وحاول آخرون إيجاد طريقة أكثر حكمة لتجاوز الحظر.

الاستيراد من تركيا متنوع، ويشمل المواد الخام مثل المعادن (27 في المئة من الاستيراد)، وسلع مصنعة مثل الغسالات والسيارات. إسرائيل تستورد من تركيا الفواكه والخضراوات أيضاً، والمجوهرات والمعادن الثمينة.

لتجسيد اعتماد المستوردين الإسرائيليين على المنتجات التركية، يمكن الإشارة إلى أن الشركة الكبرى “دبلومات” تستورد أنواعاً مختلفة من “بركتر آند غامبل” من مصانعها في تركيا، مثل الحفاضات وصابون فيري ومسحوق الغسيل ايريال.

“هذا حدث اقتصادي دراماتيكي بحجم غير مسبوق هنا منذ عشرين سنة”، قال آدم فريدلر، مدير عام مشترك ومن أصحاب شبكة “غود فارم”. “لا أعتقد أن الناس يدركون كم من منتجات الاستهلاك في إسرائيل تنتج في مصانع في تركيا. 50 في المئة من البضائع التي تباع في “غود فارم” تأتي من هناك.

“خلال اليوم، انشغلت في التحادث مع مستوردين ومع مصانع في الخارج. الآن وجدت مصنعاً في بولندا قد ينتج منتجات الورق مثل أعواد تنظيف الأذن، لكن سعره أعلن 10 في المئة من المزود التركي. إضافة إلى ذلك، يحتاج التغيير إلى إجراءات، مثل تغيير المكتوب على العبوة. هذه أمور لا تحدث بين عشية وضحاها”.

وأضاف فريدلر: “لدي حاويات من كؤوس البلاستيك العالقة في ميناء في تركيا. وجمارك تركيا غير مستعدة لتحريرها. لحسن الحظ أننا لم نحول الأموال لشراء شفرات الحلاقة “جيليت”، لأننا لن نتسلمها. أيضاً مواد استهلاكية لشركات دولية تستورد إلى إسرائيل يتم إنتاجها في مصانع تركية في مرات كثيرة. والآن، سيضطر المستوردون إلى الاستيراد من مصانع في دول أخرى، ما يعني المصادقة وزمن إرسال أطول وسعر شراء أعلى”.

 

يجب تجاوز الحظر

 

في هذه المرحلة، يبدو أن تصدير النفط من تركيا إلى إسرائيل غير مشمول في المقاطعة. قرار وقف تصدير النفط من تركيا إلى إسرائيل سيكون دراماتيكياً لأنه على الأقل 20 في المئة من النفط المستورد لإسرائيل يمر عبر تركيا.

والسيارات أيضاً ت غير مشمولة في هذه الأثناء بقائمة المنتجات الطويلة التي تم حظر تصديرها إلى إسرائيل، لكن إغلاق الموانئ أمام البضائع إلى إسرائيل قد يشوش أيضاً على تصدير السيارات. استيراد السيارات من تركيا كان مستقراً في العقود الأخيرة، بل وازداد، رغم الأزمات بين الدولتين.

الشركات التي تستورد السيارات تستعد الآن لتجاوز الحظر التركي عن طريق الاستيراد عبر اليونان. وهو ما سيزيد سعر السيارات، ولكن ليس بنسبة مرتفعة. وحسب أحد مستوردي السيارات، فإن “تأثير خطوة تركيا سيكون أقل من هجمات الحوثيين”.

مع ذلك، إذا ارتفعت أسعار سيارات مثل “تويوتا كورولا” في أعقاب الحظر التركي، فهذا الأمر سيشجع أيضاً المستوردين لسيارات يتم إنتاجها في دول أخرى، على رفع الأسعار. “تويوتا كورولا” علامة أساس للأسعار في فرع السيارات. وإذا ارتفع سعرها فإن الشركات المنافسة لها يحتمل أن تغير أسعارها.

 

 

 

 

الصينيون ليسوا أغبياء

 

كما هي الحال دائماً، فإن المستوردين وتجار المفرق أعلنوا بأن رفع الأسعار عقب الحظر التركي هو أمر محتم. “الغسالة التي تكلف 100 دولار في تركيا، تكلف 130 دولاراً في بولندا و170 دولاراً في ألمانيا. إذا استمر هذا الوضع فسنضطر إلى رفع الأسعار خلال شهرين تقريباً”، قال مستورد للأدوات الكهربائية. “الاستيراد من دولة أخرى يكلف أكثر من الاستيراد من تركيا، حتى بثمن الشراء بسعر المصنع، وأيضاً في كل ما يتعلق بالتكلفة وفترة النقل”.

شمعون دادون، صاحب “غاف لإدارة المشاريع”، المتخصص في التجارة والمشاريع الدولية، قال إن “الحاوية التي يتم استيرادها من تركيا بمبلغ 2600 دولار، ستكلف 4500 يورو من دولة أخرى. للأسف، من ستتضرر بالأساس هي الطبقات الاجتماعية الاقتصادية المتدنية نسبياً، التي تستهلك المواد الغذائية المستوردة من تركيا لشبكات كبيرة أو مزودين عاديين. منتجات مثل المعكرونة والمعلبات ومواد التنظيف.

وثمة حل يفحصه المستوردون الآن، وهو استيراد المنتجات التركية عبر دول جارة مثل اليونان، مع تغيير الورقة الموجودة على المنتج. ولكن مشكوك فيه إذا كانت الخطوة هذه ستنجح. “نجحت السلطات التركية في تخويف شركات الملاحة. فقد تم إبلاغها بأن من يساعد محاولة تجاوز المقاطعة ويرسل منتجات إلى إسرائيل من خلال تغيير الورقة، أو عبر دول أخرى، لا يمكنه أن يرسو بعد ذلك في موانئ تركيا”، قال دادون.

هناك أيضاً من بدأوا يستعدون للوضع مسبقاً. مثلاً رامي ليفي، وهو صاحب شركة “رامي ليفي” للتسويق، قال إن “أنواع المعكرونة التي سأحضرها إلى البلاد لن تكون من تركيا. قبل شهر بدأت أبحث عن مصنع يمكنه إنتاج المعكرونة ووجدت مصنعاً في أذربيجان، الذي سينتج لنا معكرونة بنفس السعر في تركيا. خلال أسبوعين – ثلاثة ستصل الإرسالية الأولى إلى البلاد”.

حسب قول رامي ليفي، فإن الذعر من أزمة مع تركيا فقد التوازن: “سنتدبر أمرنا وسنجد البدائل. هي لن تكون بالضرورة أغلى”. وقال مستورد منتجات أحادية الاستعمال: “الحديث يدور عن إجراءات، لكننا سنتدبر أمرنا وسنعثر على بدائل. حددت مقابلات مع مصانع في اليونان”.

في هذه الأثناء، من يستخدم الضغط على حكومة اردوغان هم رجال أعمال أتراك يصدرون إلى إسرائيل. “غرفة التجارة في تركيا تستخدم الضغط على السلطات هناك من أجل الإفراج من الجمارك عن البضائع”، قال دادون. “هناك رجال أعمال في تركيا 80 في المئة من مداخيلهم هي من البيع لإسرائيل. للأسف، رغم أن بعض رجال الأعمال هناك سيتكبدون ضربة قاسية فإن تركيا بحاجة بالإجمال إلى علاقات تجارية مع إسرائيل أقل من حاجة إسرائيل إلى العلاقات التجارية مع تركيا.

---------------------------------------------

 

 

 

 

يديعوت 5/5/2024

 

 

في الطريق إلى صفقة الرهائن: تقريبًا، ولكن لم يتم التوصل إلى ذلك بعد

 

 

بقلم: نداف ايال

 

تلفّ إسرائيل في الأيام الأخيرة موجة من التفاؤل. فضلاً عن كل بيان هستيري لنتنياهو في السبت، فضلاً عن كل حساب سياسي، ثمة إحساس باختراق للطريق. الوسطاء المصريون والقطريون ينثرون كعادتهم تنبؤات إيجابية عن المستقبل القريب. مئات العائلات المعذبة وآلاف كثيرون آخرون يرتبطون بالمخطوفين يتابعون كل كسرة معلومة. يجدر بنا أن نحذر من أن مصادر تريد صفقة تقول إن الوضع معقد وبعيد عن الحل. وتدعي بأن حماس تواصل الإصرار على ضمانات لإنهاء الحرب، على أنها تريد تأجيل إعادة المخطوفين إلى نهاية انسحاب الجيش الإسرائيلي وتطويل فترة إعادتهم إلى إسرائيل. وربما يأتي “نعم” من حماس، لكنه سيكون لأغراض العلاقات العامة أساساً. مصادر أخرى بالمقابل، تعتقد بأن حماس جدية وأنها تنازلت عن وقف رسمي للحرب وتكتفي بصور النصر: عودة السكان شمالاً، وانسحاب الجيش الإسرائيلي. وأمس، بلغت مصادر عربية بأن حماس غيرت موقفها، وأنها مستعدة الآن لتحرير 33 مخطوفاً. ستتضح الأمور في اليوم القادم.

الخطوة الحالية هي ثمرة اختراق طريق في إسرائيل. قبل 11 يوماً انعقدت جلسة الكابينت الموسع الذي يعنى بالأسرى والمفقودين. ضمن آخرين، جلس هناك وزير الدفاع غالنت، ورئيس الأركان هليفي، ورئيس الموساد برنياع، ورئيس الشاوباك بار، واللواء نيتسان ألون. كانت جلسة حرجة. فهم كل الحاضرين بأن إسرائيل وصلت إلى طريق مسدود. تقول واشنطن إنها لن تساند عملية في رفح؛ ولن يوفروا السلاح، وربما سيمنعون استخداماً للذخيرة الأمريكية. كما أنه لن يكون إسناد في مجلس الأمن. خطابات نتنياهو وبن غفير المتبجحة تتجاهل هذه الحقيقة. وواضح أنه لا يمكن الوصول إلى تسوية في الشمال دون هدنة في غزة؛ وأن النافذة السعودية قد تغلق بسرعة، وأن الجيش لا يخوض حرباً في القطاع الآن.

المخطوفون الآن يذوون في الأسر. الظروف والملابسات رهيبة، ولا بد أنه سيصار إلى الحديث عنها كثيراً لاحقاً. حماس والسنوار لا يخشيان خطوات إسرائيل العسكرية في هذه المرحلة. بخلاف الحكومة الحالية، يفهمان بأن إسرائيل فقدت تفوقيها المركزيين: الدعم الأمريكي للحرب، والوحدة الجماهيرية.

كان واضحا لكل الحاضرين في الجلسة بأن الأولوية يجب أن تعطى لإعادة المخطوفين، الآن. وعند الحاجة ومن أجل الصفقة، يجب السماح بعودة السكان الفلسطينيين شمالاً دون قيد. بشكل تدريجي، حسب تقدم الصفقة، يجب إخلاء محور “نتساريم”. تقرر أن إسرائيل لن توافق على استعادة أقل من عدد معين من المخطوفين.

هكذا وصلت الأمور إلى كابنت الحرب. كان نتنياهو مهموماً من الجبهة الموحدة لجهاز الأمن. ورأى فيها كميناً. كان واضحاً له أن مثل هذه الصفقة – حتى بدون إعلان عن وقف الحرب – تعرض الائتلاف للخطر. وعندما أجمل النقاش، قال نتنياهو لآيزنكوت وغانتس ودرعي وغالنت إنه “يجب الحديث مرة أخرى عن أعداد “المخطوفين”. أدرك آيزنكوت وغانتس المناورة؛ فهما يعرفان الزبون. كلاهما ومعهما غالنت، لم يعتزموا السماح لنتنياهو بأن يفعل ما يفعله منذ أشهر: التأجيل، العرقلة، النقاش المتجدد. إذا كان الأمر هكذا، فإني أعلن بأني سأطالب بالتصويت، قال غالنت لنتنياهو. وقال عضو آخر في الكابنت لرئيس الوزراء – الأمور عرضت، وقبلها جهاز الأمن كله.

حينئذ صمت نتنياهو؛ ومر هذا كيفما اتفق، لكنه لم يكن نهاية القصة. في هذه الجلسة، بشكل سري للغاية، تقرر الموقف الأولي لإسرائيل في المفاوضات على عدد المخطوفين – وموقف الحد الأدنى لها. في ذاك المساء، انعقد الكابنت العام، واحد ما -خمنوا من هو- تكبد عناء إطلاع سموتريتش على التفاصيل السرية في المفاوضات مع مصر وحماس.

بكلمات أخرى: كابنت الحرب أجرى نقاشاً سرياً للغاية على تفاصيل مفاوضات حساسة للغاية، ثم نقلت إلى الوزير سموتريتش الذي طرح هذا في جلسة الكابنت الواسع. ثم سرب لنشرات الأخبار بشكل انتقائي. ظهر فيها عدد معين، ضار للغاية، الذي هو عملياً الحد الأدنى لإسرائيل في المفاوضات. في ذاك المساء إياه، أرسل مصدر أمني لكل وسائل الإعلام في محاولة لتقليص الضرر والإيضاح بأن العدد ذا الصلة بالصفقة هو 33 مخطوفاً.

ما هي غاية مثل هذا التسريب؟ تفجير الصفقة. كيف؟ من خلال تصنيف قاتم في وسائل الإعلام الإسرائيلية. والأخطر من هذا – ضمناً، هذا نقل معلومات لحماس بحيث يمكنها أن تصر على مخطوفين أقل.

أكثر من مشارك واحد في كابنت الحرب مقتنع تماماً بأن نتنياهو هو الذي بعث برجاله لإطلاع سموتريتش. بعد أن نشبت العاصفة في ذاك المساء على الشروط “السيئة” للصفقة – من كان يرغب في مثل هذه العاصفة، غريب – “ضج” رئيس الوزراء على الفور. كل شيء تفجر، ثم راح يشتكي بمرارة على مسمع من رجاله. كل شيء سرب لوسائل الإعلام، الويل، يجب التوقف، ماذا نفعل الآن.

الرسالة كانت: أوقفوا كل شيء. وفي الصباح سمع غانتس الخبر فتفجر، وطلب أن يصلوه برئيس الموساد للتأكد من تنفيذ قرارات كابنت الحرب، ومن موقف إسرائيل الجديد، ومحاولة للوصول إلى صفقة. وهذه ليست النهاية بعد، فقد حاول نتنياهو في الأيام الأخيرة اتخاذ خطوة عنيفة أخرى، في اللحظات الأكثر حساسة للصفقة. لو اتخذت، لتفجرت الصفقة تماماً. نتنياهو كبح مرة أخرى.

على مدى أشهر، وجد المتفاوضون من إسرائيل صعوبة في تفسير أفعال رئيس الوزراء. كان يخيل لهم أحياناً أنه يريد صفقة، ولكنه يحاول اللعب لعبة المتصلب. “ألا تعرفون كيف تدار المفاوضات”، اتهم ذات مرة. في حالات أخرى كثيرة، كان الإحساس التأجيل، وعدم القدرة على اتخاذ القرارات. الإمكانية الأخرى كانت لا تطاق: أن نتنياهو لا يريد صفقة، وسيفعل كل شيء لإحباطها، لأنها تهدد مصيره السياسي الشخصي.

معظم الوقت، كان يخيل أنه الخيار الثاني. وتعالوا نقول الحقيقة: الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن لم يريدا، مثلاً، ترك محور “نتساريم”. حماس أصرت (وربما لا تزال) على إعلان إسرائيلي بانتهاء الحرب ومع ضمانات لعدم استئنافها.

وثمة اتضاح ما في هذه اللحظة مرتبط بنتنياهو. خذوا مثلاً ما فعله في نهاية الأسبوع تحت تسمية “مصدر سياسي رفيع المستوى”. لا يوجد أي منطق لإصدار بيانات هستيرية لوسائل الإعلام الإسرائيلية في السبت بأن الحرب لن تنتهي في أي حال، وأن حملة رفح ستنطلق على الدرب مع صفقة أو بدونها. فلا أحد في كابنت الحرب يوافق على الإعلان عن نهاية الحرب. لنفترض أن حماس تعود مع اقتراح متعذر. سينعقد كابنت الحرب ويقول لا. فما الغاية إذن من إحاطات “المصدر السياسي”؟ الجواب هو أن نتنياهو لم يعد يخدم المصلحة الوطنية لصفقة المخطوفين ولا حتى رغبته في الحفاظ على قاعدة اليمين. هو في هذه اللحظة متفان للتزلف لقاعدة اليمين المتطرف من سموتريتش عبر أوريت ستروك وحتى بن غفير. هذه البيانات ليست علاقات عامة فحسب؛ بل ضرر صرف على المصلحة الإسرائيلية. لنفترض أن الصفقة لا تخرج إلى حيز التنفيذ، في نظرة إلى الوراء، فسلوك رئيس الوزراء خلق انطباعاً واضحاً بأنه اجتهد لإحباط إعادة المخطوفين. وهذا الانطباع هو سم رهيب للمجتمع الإسرائيلي ووحدته – خصوصاً إذا ما اتجهنا إلى خطوة عسكرية. إضافة إلى ذلك، فإن هذه البيانات والإحاطات، قضمت الائتمان الذي تلقته إسرائيل في أنها بذلت كل شيء لدفع الصفقة إلى الأمام. في مثل هذا الوقت، فإن الأمر الصائب هو الصمت وإدارة الاتصالات في الغرف المغلقة. إذا كنت تريد المخطوفين في الديار، بالطبع.

---------------------------------------------

 

يديعوت 5/5/2024

 

 

انظروا إلى ما هو على المحك هنا

 

 

بقلم: ناحوم برنياع

 

استمرار الحرب ودخول الجيش الإسرائيلي إلى غلاف منطقة رفح هما الآن على إحدى كفتي الميزان، وتقف على الكفة الأخرى الحرب وإعادة المخطوفين، وعودة 100 ألف إسرائيلي إلى بيوتهم وحياتهم في غلاف غزة وفي الشمال، وترميم العلاقات مع الإدارة الأمريكية ومع الرأي العام في الغرب، وإقامة تحالف إقليمي ضد إيران وتطبيع العلاقات مع السعودية. أخشى أن لا مفر من إضافة عنصر ثقيل الوزن آخر إلى إحدى كفتي الميزان: شرخ عميق ومروع داخل المجتمع الإسرائيلي، وداخل الجيش، وداخل العائلات. هكذا تبدأ حروب أهلية.

ينعقد اليوم كابنت الحرب في ما يبدو كجلسة حاسمة. لكن التجربة علمتنا ألا نبني توقعات؛ ففي كابنت عشية صفقة المخطوفين الأولى، بعد انتهاء الاستيضاحات كلها، قال نتنياهو إنه يريد إجراء مكالمة هاتفية أخرى واستيضاحاً آخر. تهديد صريح من آيزنكوت أجبره على قبول الحسم. التأجيل هو الجوهر.

نعم، حماس منظمة إرهاب إجرامية. من الخير لو عرفنا كيف نمحوها عن وجه البسيطة. لكن بعد 210 أيام من القتال نعرف قيود قوتنا. يقدر الجيش الإسرائيلي إنجازاً عسكرياً محدوداً في رفح بثمن عالٍ. الجيش الإسرائيلي سيقوض هيكل أربع كتائب لحماس ترابط هناك – موضوع إيجابي بحد ذاته – لكن حماس لن تباد، وسندفع الثمن بمزيد من المصابين من بين المقاتلين والمخطوفين ونلحق هدماً وقتلاً على مستوى واسع في المدينة وفي محيطها. وسيكون رد فعل الحكومات والرأي العام في العالم فتاكاً.

كل من له عينان، بما في ذلك قيادتنا الأمنية وإدارة بايدن، يفهم ما الموجود على كفتي الميزان. الأمر ليس مسألة مخطوفين مقابل رفح، بل استراتيجية مقابل سياسة. استعداد إسرائيلي لإنهاء الحرب، ليس نظرية ربما، لكنه عملياً، قرار استراتيجي يفتح الباب للخروج من الحفرة التي وقعنا فيها في 7 أكتوبر وإلى تسويات يمكن لإسرائيل أن تعيش وتزدهر معها. كانت لنا إنجازات عسكرية مهمة في الحرب، يتعين علينا الاكتفاء بها.

الثمن باهظ: حماس ستنتهي في غزة كجيش وحكومة، لكنها ستظل منظمة إرهاب وبنية تحتية اجتماعية، في الضفة وغزة أيضاً. الثمن باهظ أيضاً لقائمة السجناء الثقيلين الذين سيتحررون. إسرائيل ستخرج من غزة دون النصر المنشود، المعلن. هذه طبيعة القرارات الاستراتيجية.

لقد اختار نتنياهو الهروب من المسار الاستراتيجي إلى المسار السياسي. أصدر أمس بيانين تحت غطاء شبه مغفل استهدفا إحباط الاحتمال للصفقة. الجمهور المستهدف كان الوسطاء وحماس الخارج والكهانيين في حكومته. إذا اقتنعوا بأنه لا توجد صفقة فسيعفى من الحسم. الحرب ستستمر، والضغط الأمريكي سيتبدد، والتهديدات من اليمين واليسار بتفكيك حكومته ستتأجل إلى مواعد أخرى. حقيقة أن نتنياهو أغري على إصدار البيانين بل وفي السبت، تدل على أنه مفزوع حقاً، وأنه يؤمن بأن الصفقة هي بمثابة الممكن.

هذه المناورات نجحت من قبل. لكنها لا تنجح اليوم، لا مع حماس، ولا مع غانتس وآيزنكوت، ولا الوسطاء. الزمن يلح للإدارة الأمريكية بقدر لا يقل عما يلح لملايين الإسرائيليين القلقين على حياة المخطوفين. لم تتبق سوى ستة أشهر على الانتخابات الأمريكية. بايدن في وقت حرج، ولهذا وعد الأمريكيون قادة حماس لضمان عدم استئناف الحرب إذا عقدت صفقة. تطالب حماس بضمانة كهذه منذ زمن بعيد. وهي لا تصدق الوعد الإسرائيلي. وفي هذه الظروف يمكن تفهمها.

وعليه، فإن رئيس “السي.اي.ايه” يبكر في الوصول إلى القاهرة؛ وتضغط الإدارة علناً على قطر لتهديد زعماء حماس وتضغط علناً على حكومة إسرائيل للاستجابة للصفقة. كل شيء موضوع على الكفة، من ذخيرة تحملها الطائرات وحتى التحالف الإقليمي والاتفاق في لبنان.

كلنا نعرف القصة عن ذاك الذي أكل السمك الفاسد وطرد من المدينة أيضاً. في 7 أكتوبر ضُربنا؛ في تواصل الحرب في ست أو سبع جبهات أكلنا وفرة من السمك الفاسد؛ بالطريقة التي يتصرف فيها نتنياهو، فسنطرد من المدينة في النهاية.

---------------------------------------------

 

عيران عتصيون: ‏أسئلة وأجوبة مكررة حول الصفقة المطروحة على الطاولة

 

 

بقلم: عيران عتصيون

 

1. انتظر، لذلك خسرنا؟

نعم. خسرنا لقد خسرنا في 7/10، وحتى لو كان من الممكن تحقيق نوع من النصر في الأشهر التي مرت منذ ذلك الحين، فإن نتنياهو وحكومته فعلوا العكس تماماً. لقد منعوا أي احتمال لتشكيل حكومة فلسطينية عربية مناهضة لحماس، ودمروا العلاقات مع الولايات المتحدة والغرب، وخلقوا كارثة إنسانية ذات أبعاد جنونية، وفقدوا كل الشرعية الداخلية والإقليمية والدولية. والصفقة المطروحة على الطاولة تعبر عن هذا الفشل ويسمح بعودة القلة من المختطفين الذين ما زالوا على قيد الحياة، ووقف القتال والذهاب إلى الانتخابات وإعادة تنظيم صفوفهم من أجل استعادة البلد والمجتمع والاستراتيجية الوطنية ضد الأعداء والحلفاء.

‏2. لكن رفح، ماذا عن رفح؟

رفح هي فزاعة. إلهاء خلقه نتنياهو وصدقت وسائل الإعلام حماقته في البداية، ولم يصحو إلا جزئيا. فحتى الاحتلال الكامل لرفح لم يكن ليغير شيئا أساسيا في الوضع، ولم يكن ليحقق “انتصارا”. وفي كل الأحوال، فمن الناحية العملية، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضد الدخول الجسيم إلى رفح، وليس أمام إسرائيل أي خيار للقيام بهذا. وسوف يكون لزاماً على الحكومة المقبلة أن تعمل على إيجاد حل جوهري وعميق لقضية حماس برمتها، ولمنطقة غزة بالكامل والصراع الإسرائيلي الفلسطيني والصفقة الأميركية السعودية الضخمة جزء لا يهم في الصورة الكبيرة أن نتنياهو يحاول تضخيمها.

3. لكن هل سيحتفل السنوار وحماس بالنصر؟

صحيح. لكننا سنتمكن من رؤية بعض المختطفين يعودون أحياء. وسيتوقف جنودنا عن المخاطرة عبثا، في حرب بلا استراتيجية وبلا هدف سياسي، ولكن فقط بهدف سياسي – شخصي – إجرامي لنتنياهو وشركائه المجرمين والمسيحانيين. ويمكننا أن نذهب إلى صناديق الاقتراع، ونتخلص من مجرمي 7/10، وننتخب حكومة مناسبة يمكنها البدء في عمليات إعادة الإعمار والتجديد الوطني.

4. إذن هل تعود حماس للسيطرة على قطاع غزة؟

على المدى القصير، سيتم خلق وضع وسط، من ناحية، سيتم إغراق قطاع غزة بالمساعدات الإنسانية، وسيعود السكان إلى منازلهم التي لا مأوى لها، وستحاول حماس استعادة حكمها. ومن ناحية أخرى، سيتعين على إسرائيل أن تبذل جهوداً مضادة، في ظل ظروف صعبة، ولكن بدعم من الولايات المتحدة، وجميع دول العالم الغربي والعربي. ويمكن للحكومة المقبلة أن تتبع “مخطط بايدن” الذي يتضمن تشكيل حكومة فلسطينية غير تابعة لحماس، بدعم من السعودية ومصر والدول العربية. باختصار – سوف يبدو الأمر سيئاً على المدى القصير، ولكن في غضون بضعة أشهر سيكون من الممكن تغيير المسار.

5. وماذا سيحدث للشمال؟

السكّان اليهود ما زالوا لاجئين! – في احتمال كبير جداً، ستسمح الصفقة بتوقيع اتفاق مع لبنان، يؤدي إلى وقف إطلاق نار مطول، وإخراج حزب الله من الحدود، وسيسمح بعودة السكان إلى المستوطنات وبدء سكنهم. إعادة تأهيل. بالنسبة لمشكلة حزب الله بالمعنى الجوهري والبعيد المدى – ستكون الحكومة المقبلة مطلوبة.

‏6. ما هو البديل لهذه الصفقة؟ ربما يستحق النظر؟

حسناً، البديل عن هذه الصفقة ليس “النصر الكامل”، ولا “الانتصار”، ولا “انسحاب حماس” ولا حتى “الدخول إلى رفح”. والبديل لهذه الصفقة هو الانزلاق السريع إلى عزلة سياسية كارثية، مع فرض حظر على الأسلحة أميركياً وأوروبياً. وهذا يعني حرمان الجيش الإسرائيلي من القدرة على العمل ليس فقط في غزة، بل في جميع المجالات، وخلق إغراء كبير لحزب الله وإيران للتحرك. كما أن الاقتصاد الإسرائيلي سوف يتدهور بسرعة، وسوف تفرض المزيد والمزيد من الدول مقاطعة تجارية واستثمارية. سترتفع الأسعار وسيتآكل الشيكل وسندخل في أزمة اقتصادية حادة.

سيرد نتنياهو وحكومة 1964 بإجراءات أكثر راديكالية وسخرية ولا معنى لها مثل “مقاطعة تركيا ضدي”، وسينتجون المزيد من مقاطع الفيديو التوبيخية حول “العالم كله ضدنا”، و”أنت معاد للسامية”. . وقد تكون هناك أيضًا محاولة لتخريب السلطة الفلسطينية وتأجيج هيئة الصحة والسلامة المهنية، من أجل خلق المزيد من التشتيت ومنع الانتخابات. وسوف تقوم الحكومة بتصعيد الحرب ليس فقط ضد الشعب الفلسطيني بأكمله، والعالم الغربي بأكمله، بل ضد أغلبية الجمهور الإسرائيلي، 80% الذين يطالبون باستبدالها.

هذا هو البديل للصفقة. والآن فكر في أي البديل هو الأفضل.

*عيران عتصيون/ نائب مستشار الامن القومي الاسرائيلي السابق

---------------------------------------------

 

معهد القدس للاستراتيجية والأمن (JISS) 5/5/2024

 

 

منظمة تحالف الدفاع الجوي في الشرق الأوسط (MEADTO)، ومكانة إيران في تصور التهديد الأمريكي

 

 

بقلم: د. عيران ليرمان

 

يُعزى فشل الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل في المقام الأول إلى نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي، الذي يوضح إنجازه مرة أخرى مكانتها الرائدة في هذا المجال على الساحة الدولية. ومع ذلك، فإن الأهمية العملياتية – وأبعد من ذلك، القيمة الاستراتيجية والسياسية من الدرجة الأولى – معروفة أيضًا لمساهمة البلدان التي شاركت في عملية التدابير المضادة المنسقة والواسعة النطاق: الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا، ومشاركة القوات الأمريكية. والأردن ودول الخليج أكثر أهمية من الناحية السياسية. وقد أصبحت هذه الخطوة ممكنة بفضل الإطار التعاقدي الذي تم بناؤه في السنوات الأخيرة تحت رعاية “القيادة المركزية” الأمريكية – CENTCOM – تحت عنوان مضلل (وهو ليس تحالفا رسميا) “منظمة تحالف الشرق الأوسط للدفاع الجوي” (MEADTO). ). في الواقع، فهو إطار للتنسيق الاستخباراتي والعملياتي، مع التركيز على تحديد وتتبع واعتراض قدرات الصواريخ والتهديدات الجوية بجميع أنواعها، والتي تشمل إسرائيل والدول الرئيسية في العالم العربي بالإضافة إلى الأصول العسكرية لدولة الإمارات العربية المتحدة. الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين. وفي الخلفية، هناك إدراك أن إيران تشكل حاليًا عنصرًا مهمًا (إلى جانب الصين وروسيا) في مجموعة التهديدات للأمن القومي الأمريكي، كما يتضح من التقييم الاستخباراتي السنوي الذي يجريه مدير الاستخبارات الوطنية اعتبارًا من فبراير 2024. خصائص الرد الإسرائيلي – أ إشارة إلى إيران بأن إسرائيل لن تقبل إطلاق النار على أراضيها، ولكن ذلك يهدف إلى تجنب اشتعال كامل – تتماشى مع وجهة النظر هذه حول التهديد، والتي تشترك فيها إسرائيل والولايات المتحدة والدول الرئيسية في المنطقة.

منظومة الدفاع الجوي التابعة للجيش الإسرائيلي ومساهمتها في إحباط الهجوم الإيراني

 

إن الإجراءات المضادة المتنوعة، التي أدت إلى الفشل شبه الكامل للهجوم الإيراني المشترك – الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية – على إسرائيل (14 أبريل 2024)، اعتمدت أولاً وقبل كل شيء على القدرات الإسرائيلية: طبقات الدفاع المضادة للصواريخ (السهم 2). ومنظومات “أرو 3 و”كيل ديفيد” والقبة الحديدية)، التي يرسخ إنجازها مكانة إسرائيل كعامل رائد في هذا المجال في النظام الدولي؛ قدرات الاعتراض المحمولة جوا؛ ونظام إنذار متفرع وفعال، والذي يساهم أيضًا في تعزيز قدرة الدفاع المدني (على الرغم من أن هذا لم يتم اختباره). 

ومع ذلك، فإن العملية نفسها، فضلاً عن الإعداد الدقيق لها خلال الأسبوعين التاليين للقضاء على الزاهيدي في دمشق، عكست أيضًا بنية تحتية استراتيجية جديدة، لها آثار بعيدة المدى على إسرائيل وموقعها الإقليمي، والتي تم إنشاؤها في السنوات الأخيرة على أساس حول الواقع السياسي لـ«اتفاقيات إبراهيم». نقاطها الرئيسية هي:

نقل إسرائيل من منطقة مسؤولية “القيادة الأوروبية” الأمريكية (EUCOM) إلى منطقة مسؤولية “القيادة المركزية” (CENTCOM)، المسؤولة منذ عام 1983 عن الدفاع عن الأراضي الإسرائيلية. وهذا قرار إدارة بايدن (2021) الذي تم قبوله في أيام سلفه. أهميتها العملية بعيدة المدى: من عامل على هامش النظام الأوروبي، أصبحت إسرائيل القوة العسكرية الرئيسية في منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية، التي يتمثل دورها – من بين أمور أخرى – في تحقيق مزيج مثالي بين أصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة. سمحت إزالة الحواجز السياسية بالتكامل في الخطط والتدريبات والعمليات التي تديرها القيادة. وقام رئيسها خلال هذه السنوات، الجنرال إيريك كوريلا، بزيارة إسرائيل عدة مرات، وشارك في تدريبات مقر قيادة الجيش الإسرائيلي وراقب عن كثب مساهمة إسرائيل في الأمن الإقليمي.

وفي الواقع، نشأ مفهوم توحيد القدرات في مجال التعامل مع تهديد الصواريخ والطائرات من الدول المعادية، حيث أصبحت إيران محور الاهتمام الاستخباراتي والعملياتي. وميزة هذا المزيج هي في التوسع الكبير لمنطقة التحذير، وفي تتبع مسارات الهجوم من وجهات نظر مختلفة والجمع بينها، وفي القدرة على التوجيه، على هذا الأساس، بطريقة مستنيرة ومنسقة، مجموعة متنوعة من الوسائل – تنطلق من الأرض من السفن والطائرات لتدمير المهاجمين.

وعلى الرغم من أنه ليس نسخة إقليمية من حلف شمال الأطلسي، أو حتى تحالفًا رسميًا، إلا أن مشروع التكامل الإقليمي هذا قد أطلق عليه لقب “منظمة تحالف الدفاع الجوي في الشرق الأوسط” – MEADTO – كصدى لأفكار من منتصف القرن الماضي. ومرة أخرى في الثمانينيات، فيما يتعلق بتنظيم الدفاع ضد عدو مشترك؛ ثم جاء السوفييت، واليوم إيران. دا أكا، أنه في الأجيال السابقة، كانت عواقب الصراع الإسرائيلي العربي منعت فعلياً أي طريق للتعاون (خارج القنوات الاستخباراتية السرية)، وحتى اليوم، يحرص المشاركون العرب في النظام على عدم القيام بذلك علناً، وبطبيعة الحال هناك لا توجد آليات تنسيق مرئية مثل تلك الموجودة في حلف شمال الأطلسي. الهدف محدود أكثر بكثير، والقيادة الأميركية هي التي تتولى مهمة الجمع بين الصورة الاستخباراتية والرد العملاني. ومع ذلك، فإن التغير في المناخ السياسي يسمح الآن بمستوى أعلى بكثير من التنسيق والدعم المتبادل.

كانت النتائج ليلة 14 أبريل (بعد عدة أيام كان فيها الجنرال كوريلا في إسرائيل، وعمل من مركز مراقبة القوات الجوية لتنسيق الرد على الهجوم المتوقع) مثيرة للإعجاب سواء من حيث إحباط التهديد فعليًا – الطائرات بدون طيار وتم تدمير صواريخ كروز قبل وصولها – وبمساعدة أردنية مباشرة وبناء على صورة التهديد كما صيغ بمساعدة دول الخليج. ولعبت القدرات الأمريكية، بما في ذلك الطائرات المقاتلة وسفن AEGIS، التي هي غرضها، دورًا – إلى جانب أنظمة الجيش الإسرائيلي – في اعتراض معظم الصواريخ الباليستية. وفي الاختبار الرئيسي الأول، لاقى النظام الإقليمي نجاحاً فاق التوقعات.

 

في الخلفية – كيف يُنظر إلى التهديد الإيراني في نظر الولايات المتحدة؟

 

إن القرار المبدئي لتعزيز الترتيب الإقليمي، خلال السنوات القليلة الماضية، والمشاركة المكثفة في القتال ضد الهجوم الإيراني، ينبعان من حقيقة أن الولايات المتحدة (في أيام بايدن كما في أيامه السابقة، على الرغم من المسافة البعيدة) (التوصل إلى خلافات في سياسة الرد) يرى أن إيران تمثل تهديدًا كبيرًا – وهي واحدة من الدول الأربع (إلى جانب الصين وروسيا وكوريا الشمالية) التي تعمل، في تعاون وثيق بشكل متزايد، ضد مصالح الولايات المتحدة وضد حلفائها. تم تقديم تعبير رسمي، يعكس موقف مجتمع الاستخبارات الأمريكي، لوجهة النظر هذه في وثيقة التقييم السنوية لمدير الاستخبارات الوطنية “الاستخبارات الوطنية” وكذلك في وثيقة مخصصة لمدير الاستخبارات الوطنية (نسخة حديثة وغير سرية من دراسة في الأصل)؛ (مكتوب في يوليو 2022) يتناول التحديات التي يفرضها النظام الإيراني على الولايات المتحدة.

وتظهر إيران في تقرير التقييم في وضع مماثل لموقف الصين وروسيا وكوريا الشمالية، كدولة تقع سياساتها وأنشطتها في قلب مجموعة من التهديدات لأمن الولايات المتحدة. وبطبيعة الحال، تقف الصين في المرتبة الأولى، وذلك بسبب تضافر كافة عناصر القوة – الاقتصادية والعسكرية والسياسية – التي تسعى على أساسها إلى الحصول على مكانة تعادل مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى، وتعمل على ترسيخ هيمنتها في العالم. بيئتها الاستراتيجية المباشرة. وتأتي روسيا في المرتبة الثانية بعدها، ويرجع ذلك أساسًا إلى عدوانها في أوكرانيا وموقفها العدائي الواضح تجاه الولايات المتحدة ودول “العالم الحر”، وأيضًا لأن مجموعة أسلحتها النووية هي الأكبر والأكثر تنوعًا في العالم.

في الوقت نفسه، في الفصل التمهيدي، تم توضيح أن ترتيب القائمة لا يحدد بالضرورة مستوى فورية وإلحاح التهديد، وفي بعض الأحيان (الحالة الإيرانية؟) يكون للتعامل مع التحدي العاجل عواقب استراتيجية – الردع. – وكذلك في مواجهة الآخرين.

وينبغي القول مسبقاً أن عوامل التقييم في مدير الاستخبارات الوطنية ما زالت تعتقد (ص 19) أن إيران لم تقرر في هذه المرحلة تجاوز العتبة النووية (أي تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 94% وتصميم الأجزاء المطلوبة للقنبلة النووية). – رغم أنه قادر على القيام بذلك في وقت قصير نسبياً. وهذا التأكيد هو أساس الموقف الضمني للحكومة، وهو أن الوقت لم يحن – على الأقل في هذه المرحلة – لمسار القمع بالقوة. ولا يزال التقرير يفسر النشاط الإيراني على أنه يهدف إلى الضغط على الولايات المتحدة والنظام الدولي لرفع العقوبات وإغلاق ملفات التحقيق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وفي الوقت نفسه، فهو يحدد الانشغال بتطوير وتشغيل أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، وبناء بنية تحتية إضافية، كعلامة على أن إيران “تضيق النطاق” لتحقيق قدرة نووية عسكرية، ويحذر من أن التركيبة المزدوجة الفريدة من نوعها إن ما تفعله إيران بين الوسائل التقليدية وغير التقليدية يشكل تهديداً للمصالح الحيوية للولايات المتحدة في النطاق المرئي. تمتلك إيران أكبر منظومة TK استراتيجية في المنطقة، وتشير التجربة التي أجرتها للقدرة على إطلاق الأقمار الصناعية (صاروخ “سيمورج”) إلى أنها في طريقها إلى تطوير صاروخ باليستي عابر للقارات (ICBM) سيكون قادرا على تهدد الولايات المتحدة بشكل مباشر.

وتستخدم إيران الحرب في غزة، بحسب الاستخبارات الأميركية، لتسليط الضوء على التزامها الأيديولوجي بالحرب ضد إسرائيل، ومكانتها كحامل لواء الدعم للفلسطينيين الذين “سقطوا” من أيدي الدول العربية المعتدلة. وهي تستخدم لهذا الغرض شبكة مبعوثيها، التي تضم حزب الله والحوثيين والميليشيات الشيعية في سوريا والعراق (قدر الأميركيون أن إيران ستصر على تجنب التورط المباشر، لكن الأمر لم يكن كذلك!). وفي غضون ذلك، تعمل على توطيد علاقاتها مع روسيا – التي تزودها بالأسلحة – ومع الصين، كما أن نشاطها في هذا المجال يعمق التهديد طويل الأمد للولايات المتحدة نفسها ولأوروبا.

إلى جانب تسريع البرنامج النووي وتفعيل نقائله، من بين أمور أخرى في السعي إلى “إغلاق الحساب” لاغتيال قاسم سليماني، تسعى إيران أيضًا إلى تجهيز نفسها بالأسلحة التقليدية – الطائرات المقاتلة والمروحيات والدبابات – وتحسين قدراتها الدفاعية الجوية، استناداً إلى علاقاتها مع الصين وروسيا. كما أنها تقوم بعمليات نفوذ – بما في ذلك داخل الولايات المتحدة نفسها – ويظهر استعدادها لتنفيذ هجمات إلكترونية أنها لا تتردد حتى ضد خصم متفوق مثل إسرائيل.

وفي الوقت نفسه، فإن الاستخبارات الأميركية أيضاً تعطي رأيها حول نقاط الضعف في النظام الإيراني. يشير عنوان البحث المخصص إلى الفترة الانتقالية، أي إلى مسألة خلافة المرشد علي خامنئي، وهو في منتصف الثمانينات من عمره، وتأثيراتها المحتملة على استقرار النظام. لا تزال الاضطرابات التي اندلعت في عام 2022 وانحسرت على ما يبدو في أوائل عام 2023، تغلي تحت السطح، ويرجع ذلك، من بين أمور أخرى، إلى الصعوبات الاقتصادية المتراكمة: التضخم بنسبة 40 في المائة، والذي يؤدي، في غياب آليات الربط، إلى تآكل القوة الشرائية لقطاعات واسعة من الجمهور، وظواهر النقص المزمن التي تعكس، من بين أمور أخرى، الاعتماد المتزايد على الإمدادات القادمة من الصين.

 

المعاني بالنسبة لإسرائيل

 

في سلسلة من الجوانب – بناء البنية التحتية الإقليمية للوقوف في وجه إيران؛ والتشغيل الحكيم والناجح لهذه البنية التحتية في 14 أبريل؛ والنظرة الاستخباراتية المشتركة للتهديد هي أن إسرائيل تحتاج ويمكن أن تستفيد من “صحوة” معينة للولايات المتحدة (وشركائها) فيما يتعلق بخطورة التهديد الإيراني وضرورة الاستعداد لمواجهته. إن الاستعداد لدراسة الرد على الهجوم بذكاء، وعدم الرد على الفور، واختيار نمط عمل محسوب ومدروس، يمكن أن يخلق أساسًا لحوار أوسع ومستمر ومتعمق، والذي يتضمن أيضًا مدخلات الشركاء الإقليميين الآخرين. وفوق كل شيء، يوسع حرية إسرائيل في التصرف عندما يصدر الأمر بذلك.

هناك أربعة اعتبارات رئيسية ينبغي أن تشكل موقف إسرائيل في هذه الظروف:

إن الخوف من أن يتم تفسير الرد الدقيق والمدروس على أنه مظهر من مظاهر الضعف هو أمر مفهوم، في البيئة الاستراتيجية التي نعمل فيها، ولكنه ليس بالضرورة قائما على أساس على الظروف الفريدة التي نشأت بعد فشل الهجوم. ومع ذلك، فإن فعالية الردع تنتقص بشكل كبير من الردع الإيراني، على الرغم من كلام حرب الذي لا يزال يسمع في طهران. إن قدرة إسرائيل على التحرك ليست موضع شك حتى لو لم تتحقق على الفور، والأهداف المختارة ترمز إلى ذلك.

في الأسابيع المقبلة، فإن الضربة الأكثر أهمية التي يمكن توجيهها إلى النظام في طهران هي تدمير قوة أتباعه في غزة، عندما فشلوا في إنقاذها: الحملة في رفح – القدرة على تنفيذها بسبب وربما تحسن التفاهم مع الولايات المتحدة بعد أحداث 14 نيسان (أبريل) الماضي، وهو الأمر الذي يجب أن يبقى على رأس قائمة الأولويات.

على المدى الطويل، ما سيزيل التهديد الإيراني منا ومن المنطقة ومن شركائنا في الغرب هو زعزعة استقرار النظام في طهران. ويشير تقييم الاستخبارات الأميركية إلى نقاط ضعف، سيؤدي تعميق العقوبات والعزلة بشكل حقيقي إلى استغلالها بشكل فعال إذا حافظت إسرائيل على مستوى عالٍ من التنسيق مع الولايات المتحدة والدول الغربية والشركاء الإقليميين. ومع ذلك، حتى لو بذلنا قصارى جهدنا لتحقيق ذلك، فهو أبعد ما يكون عن النتيجة المضمونة.

ولذلك فإن الاحتمال الواقعي مطروح على ألا يكون هناك مفر من العمل العسكري للإضرار بالمشروع النووي الإيراني الذي يتقدم بسرعة نحو استكماله. وبقدر ما يكون ذلك ممكنا، ولأسباب عملية وفنية وسياسية، يجب علينا أن نسعى جاهدين لكي يكون هذا العمل، عندما يتطلب الأمر، مشتركا، ولكن يجب أن نبدأ من افتراض أن إسرائيل ستتصرف بمفردها (ولكننا نسعى جاهدين للحصول على دعم لقواتها). التحركات). يجب على إسرائيل بالفعل أن تحافظ على حريتها في العمل، ولكن في الوقت نفسه تستنفد أيضًا فرصة الحفاظ على التحالف المناهض لإيران حتى نهاية اليوم.

* شغل د. ليرمان منصب نائب السياسة الخارجية والشؤون الدولية في مجلس الأمن القومي. شغل مناصب عليا في الجيش الإسرائيلي لأكثر من عشرين عامًا. شغل لمدة ثماني سنوات منصب مدير مكتب إسرائيل والشرق الأوسط التابع للجنة اليهودية الأمريكية. يقوم بالتدريس في برنامج الدراسات اليهودية في كلية شالوم في القدس، وفي برامج الماجستير في جامعة تل أبيب وكلية الأمن القومي. وهو خبير في علاقات إسرائيل الخارجية والشرق الأوسط. زبار، الجيل الثالث في إسرائيل، الدكتور ليرمان حاصل على درجة الدكتوراه من كلية لندن للاقتصاد، وفي وقت لاحق من حياته المهنية حصل على درجة الماجستير في الإدارة العامة (MPA) من جامعة هارفارد. حاليا نائب رئيس معهد القدس للاستراتيجية والأمن.

---------------------------------------------

 

هآرتس 5/5/2024

 

 

الجيش الإسرائيلي محذراً: السنوار قرأ أساليبنا وسيعد لنا فخاً استراتيجياً

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

رئيس الوزراء نتنياهو، ورفاقه في قيادة اليمين ينتفضون انفعالاً قبيل إلقاء الجيش الإسرائيلي لاحتلال الجيب الفلسطيني في رفح، الذي فر إليه نحو مليون لاجئ من شمال قطاع غزة ووسطه، وبقيت فيه قوة عسكرية منظمة لحماس. يصور نتنياهو احتلال رفح كمفتاح لـ “النصر المطلق” الذي وعد به ولم يفِ. شركاؤه سموتريتش، اوريت ستروك وبن غفير، يأملون بأن تؤدي العملية في رفح إلى هجرة جماعية للفلسطينيين إلى خارج القطاع وإقامة مستوطنات يهودية مكانهم. يروج نتنياهو وشركاؤه لحرب دائمة ويعارضون وقف نار يستبدل فيه المخطوفون الإسرائيليون بسجناء فلسطينيين، يعود النازحون إلى شمال غزة وتندثر أحلام النكبة الثانية.

يقف حيال آمال نتنياهو الواقع في هذه اللحظة. إن أي عملية برية واسعة في رفح المكتظة، بالأسلوب الذي عملت فيه إسرائيل في غزة وخان يونس، ستحدث موجة جديدة من القتل والطرد والخراب للسكان الذين سبق أن نزحوا من بيوتهم ويعيشون على شفا الجوع. خطط إخلاء المدنيين من رفح، التي عرضها الجيش الإسرائيلي على الإدارة الأمريكية وعلى منظمات الإغاثة الدولية، ردت كخطط غير جدية. حتى لو نجحت إسرائيل في تفكيك أربع كتائب لحماس في هذا الجيب، فلا تملك جواباً على إعادة انتظام مقاتلي المنظمة ممن سينجون ويواصلون الملاحقة للجيش الإسرائيلي، ولا اقتراح عملياً لبناء قوة سلطوية تحل محل السنوار ورجاله.

أوضحت الإدارة الأمريكية لإسرائيل بأنها تعارض بشدة عملية واسعة في رفح، وحذرت من أنها ستقوض الحلف الغربي – الإقليمي الذي دافع عن إسرائيل في وجه هجمة الصواريخ الإيرانية في 13 نيسان، وتقضي على فرصة التطبيع مع السعودية. لقد جسدت “ليلة إيران” بأن إسرائيل لا يمكنها أن تدافع عن نفسها وحدها في وجه وفرة التهديدات المحيطة بها، وأن أمنها المستقبلي منوط ببناء ائتلاف ضد إيران وحلفائها. إذا أصر نتنياهو على الاستخفاف بالأمريكيين مثلما فعل في تصريحاته، فسيصطدم بحظر سلاح وبإزالة الدرع الدبلوماسي الأمريكي في مجلس الأمن. لوائح الاتهام وأوامر الاعتقال في لاهاي ضد مسؤولين إسرائيليين ستتسع. والجيش الإسرائيلي يحذر نتنياهو من فخ استراتيجي يعده له السنوار في رفح، بعد أشهر من الاستعدادات والتعلم من أساليب العمل الإسرائيلية.

وعليه، فمن الحيوي وقف التدهور إلى عملية محملة بالمخاطر وزائدة في رفح، والتركيز على الصفقة لوقف نار طويل وإعادة المخطوفين الإسرائيليين مقابل تحرير سجناء فلسطينيين وإعادة النازحين إلى شمال غزة، ما سيؤدي إلى وقف نار في حدود الشمال أيضاً. على إسرائيل أن تركز الآن على ترميم أضرارها وفوق كل شيء على تغيير الحكم الذي تسبب بالكارثة ويسعى إلى مواصلتها إلى ما لا نهاية، وذلك لتفادي محكمة الجمهور.

---------------------------------------------

 

ميدل إيست أونلاين 5/5/2024

 

 

نتنياهو غير مؤهل للخدمة؛ وعليه أن يستقيل الآن

 

 

بقلم: ألون بن مئير

 

 

لا أوهام عند الإسرائيليين

 

منذ الهجوم (الوحشي) الذي شنته حماس ضد 1.200 إسرائيلي بريء في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) العام الماضي، أصبح هناك أمر واحد واضح تماماً. نتنياهو، وليس أي شخص آخر، هو الذي عجل بشكل غير مباشر بهجوم حماس الذي أدى إلى انتشار الرعب في غزة والذي كان من الممكن تجنبه. إن انشغاله بمتاعبه، وتقصيره في أداء واجبه، وتعطشه الشديد للتشبث بالسلطة لإنقاذ حياته، وفشله الذريع في صياغة نهاية للحرب ضد حماس، كلها أمور عادت لتطارده. والمظاهرات واسعة النطاق في إسرائيل التي تطالب باستقالته وسط الحرب تثبت مدى الاشمئزاز الشعبي من قيادته. يتعين عليه الآن أن يستقيل - ليس فقط بسبب إهماله لواجبه وسوء قراءته المأساوية لنوايا حماس قبل الحرب، بل وأيضاً بسبب الضرر المروع الذي قد يلحقه بالبلاد إذا استمر في الحكم.

إن الحقائق على الأرض، وأفعاله، وكيفية إدارته للحرب، وتصريحاته العلنية تؤكد عشرة أسباب تدفع نتنياهو إلى ضرورة الاستقالة الآن.

1) إن هجوم حماس في 7 تشرين الأول (أكتوبر) وقع تحت إشرافه. وكرئيس للوزراء، لم يرفض فقط تحمل أي مسؤولية، بل حاول إلقاء اللوم على الآخرين بسبب فشله الكارثي. لقد أنكر وجود تقارير تفيد بأن حماس كانت تخطط لهجوم واسع النطاق على إسرائيل، مدعيا أن حماس ببساطة غير قادرة على تنفيذ هجوم بهذا الحجم. وشخص يدعي أنه "السيد أمن" يجب محاسبته بصفته رئيسا للوزراء. وقد أظهر الهجوم ورد فعله اغتراره بنفسه وجبنه عن تحمل المسؤولية. أي رئيس وزراء آخر يتمتع بذرة من النزاهة كان سيستقيل، ولكن ليس نتنياهو.

2) بينما كان مشغولاً بمحاولة "إصلاح القضاء"، الأمر الذي كان سيدمر ديمقراطية إسرائيل، لم يلتفت إلى تخطيط حماس وتدريبها على الهجوم لأكثر من عام. ولمدة 16 عامًا تحت حكمه، كانت حماس تبني شبكة ضخمة من الأنفاق يبلغ طولها حوالي 400 ميل؛ أي حوالي ثلثي طول مترو أنفاق مدينة نيويورك بأكمله. وإذا كان على علم بهذه البنية التحتية الهائلة ولم يفعل شيئاً حيالها، لكان عليه أن يستقيل. وإذا لم يكن على علم بتصميم حماس المذهل في تعزيز هذه المقاومة للقتال من تحت الأرض، وهو ما كان ينبغي أن يكون عليه كرئيس للوزراء، لكان عليه أن يستقيل. أي زعيم في منصبه يتمتع بقدر ضئيل من المساءلة كان سيستقيل، إلا نتنياهو.

3) سمح نتنياهو لأعوام بتدفق مليارات الدولارات إلى خزائن حماس. وفي العام 2019 والأعوام اللاحقة، صرح مرارًا وتكرارًا أن "كل من هو ضد الدولة الفلسطينية ينبغي أن يكون مع (تمويل حماس)"، مدركا تمامًا أن حماس كانت تستخدم أكثر من 50 بالمائة من الأموال لبناء الأنفاق وشراء وتصنيع الأسلحة وتدريب عشرات الآلاف من مقاتليها للحرب القادمة. ومع ذلك، وحتى تشرين الأول (أكتوبر)، استمر في تشحيم آلة الحرب التابعة لحماس، والتي دفع المدنيون الإسرائيليون لها ثمناً باهظاً. وأي شخص قد يكون في مكان نتنياهو سيستقيل لأنه مكن حماس من القيام بمثل هذا الهجوم غير المسبوق، ولكن ليس نتنياهو.

4) ما تزال الحرب بين إسرائيل وحماس مشتعلة، وبعد مرور أكثر من ستة أشهر ما يزال نتنياهو بلا استراتيجية خروج ولا طريق واضح لكيفية تحقيق هدفه الوهمي المتمثل في القضاء على حماس. وهو يعلم أنه بمجرد انتهاء الحرب، ستنتهي مسيرته السياسية أيضًا. وبالتالي لديه كل الحوافز لإطالة أمد الحرب، على أمل أن يؤدي تحقيق نصر حاسم على حماس إلى تبرئته. وفي الوقت نفسه، يموت المئات من الجنود الإسرائيليين وعشرات الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء بسبب سوء إدارته للحرب. إن يديه ملطختان بدماء الإسرائيليين والفلسطينيين الذين يموتون عبثاً. أي رئيس دولة مسؤول كان سيستقيل بسبب سوء إدارته القاتلة للحرب، لكن ليس نتنياهو.

5) أصر نتنياهو طوال الوقت على أن حماس تحت السيطرة، ووصفها بأنها منظمة متشرذمة تستخدم الألعاب النارية. وقد أظهر هجوم حماس وقدراتها ومهاراتها القتالية بشكل صارخ كيف تطور هؤلاء الفلسطينيون المتطرفون وأصبحوا قوة قتالية شاقة لا يستطيع حتى الجيش الإسرائيلي العظيم هزيمتها متى شاء. وهذه ثاني أطول حرب في تاريخ إسرائيل، ولا يتحمل أحد غير نتنياهو المسؤولية عن حساباته الخاطئة الكارثية لشجاعة حماس ومقاومتها. أي رئيس وزراء يتمتع بالحد الأدنى من احترام الذات ويرتكب مثل هذا الخطأ الفادح كان سيستقيل، ولكن ليس نتنياهو.

6) منذ عودته إلى السلطة في العام 2008، فرض نتنياهو حصارًا صارمًا على غزة. من الصعب وصف القنوط واليأس الذين اجتاحا السكان البالغ عددهم حوالي 2.1 مليون نسمة والذين يعيشون في ما يرقى إلى معسكر اعتقال. أكثر من 70 في المائة من السكان تحت سن 25 عامًا يعيشون بلا أمل، محرومين من تحقيق أحلامهم على الإطلاق. وقد استخدم نتنياهو تهديدات حماس ضد إسرائيل كذريعة لتبرير حصاره الوحشي، مدركا أنه يزرع بذورًا سامة تصيب كل شاب فلسطيني نشأ وهو لا يطمح لشيء إلا الانتقام من إسرائيل. لقد خلق نتنياهو برميلاً باروداً في غزة كان لا بد أن ينفجر، وهو ما حدث. أي رئيس وزراء يتمتع بضمير حي كان سيستقيل، إلا نتنياهو.

7) على الرغم من أن لإسرائيل كل الحق في الدفاع عن نفسها، وأن الحرب ضد حماس يمكن تبريرها لأسباب أخلاقية وأمنية وطنية بهدف عدم السماح لحماس بإعادة تشكيل نفسها، فإنه ببساطة لم يكن هناك أي مبرر لعمليات القصف المكثف، التي كانت عشوائية ومليئة بالرغبة الفجة في الانتقام. فكيف يمكن تفسير موت ما يقرب من 33 ألف فلسطيني، 70 في المائة منهم من النساء والأطفال؟ هل فكر نتنياهو يومًا في الشعب الفلسطيني باعتباره بشرًا لهم آمال وأحلام، مثل أي إسرائيلي؟ هل خطر بباله أنه مقابل كل طفل فلسطيني يقتل في هذه الحرب، يولد أربعة أو خمسة للانتقام لمقتلهم؟ سوف تستمر دورة الانتقام بفضل نتنياهو الذي ضل طريقه. إن آثار الموت والدمار قد طغت بالكامل على ذبح 1.200 إسرائيلي. لقد جعل نتنياهو إسرائيل مفلسة أخلاقيا -وهي وصمة عار لطخت القيم اليهودية وقللت تعاطف العالم وإعجابه بالدولة اليهودية وأدت إلى ظهور معاداة السامية. أي رئيس حكومة لديه ولو لمسة من التعاطف والقلق كان سيستقيل، إلا نتنياهو.

8) طوال فترة ولايته التي دامت 16 عاماً كرئيس للوزراء، كان نتنياهو فخوراً بانتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني، وأكثر فخراً بسحق طموحهم إلى إقامة دولة. وفي كانون الثاني (يناير) 2024، قال: "لن أتنازل عن السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على المنطقة بأكملها غرب نهر الأردن -وهذا يتعارض مع الدولة الفلسطينية". لقد ضلل نتنياهو الإسرائيليين عمدًا وبشكل مستمر ليعتقدوا أن احتلال الضفة الغربية والحصار المفروض على غزة أمران أساسيان لأمنهم. ولم يكن هناك شيء أكثر خطورة على أمن الدولة من الاحتلال. إن أعمال العنف التي لا تنتهي في الضفة الغربية والتي تتشابك مع استياء الفلسطينيين اليائسين في غزة، والعكس صحيح، تشهد على فشله الذريع. واليوم وصلت العلاقات الإسرائيلية-الفلسطينية، تحت حكم نتنياهو، إلى الحضيض، وأسوأ مما كانت عليه في أي وقت مضى منذ العام 1948. وأي رئيس وزراء يعي التاريخ والواقع الحتمي للتعايش الإسرائيلي-الفلسطيني كان ليقدم استقالته، ولكن ليس نتنياهو.

9) لم ينجح أي رئيس وزراء إسرائيلي في استقطاب الجمهور أكثر من نتنياهو من خلال تشكيل الحكومة الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل. وقد أدت حرب غزة إلى تعميق الانقسام بين الإسرائيليين اليمينيين المتشددين الذين يريدون إعادة احتلال غزة ودفع الفلسطينيين إلى البحر، وأولئك الإسرائيليين الذين يريدون رؤية نهاية للاحتلال والحصار والسعي إلى السلام. لكن الاستقطاب والكراهية والحقد بين الجمهور الإسرائيلي لا تشكل مصدر قلق لنتنياهو، الذي يركز فقط على بقائه السياسي ولتذهب البلاد إلى الجحيم. يضاف إلى ذلك الشرخ الذي خلقه بين إسرائيل ويهود العالم الذين أصبحوا أكثر اغتراباً عن البلد الذي يعتزون به ويحبونه. لقد كانوا فخورين بإنجازاتها المعجزة، لكنهم رأوا أنها مشوهة في صراع عنيف لا نهاية له. وهذا وحده كان سيجبر أي رئيس وزراء على الاستقالة، باستثناء نتنياهو.

10) لم يتمكن أي رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل من استعداء الولايات المتحدة -الحليف الأقرب الذي لا يمكن الاستغناء عنه- أكثر من نتنياهو. لقد تجاوز الدعم العسكري والغطاء السياسي والمساعدات المالية الأميركية لإسرائيل منذ نشأتها أي دولة أخرى. ووقفت الإدارات الأميركية المتعاقبة إلى جانب إسرائيل في السراء والضراء، ولم تتخل قط عن التزامها بأمنها القومي. وبينما تحتاج إسرائيل في الوقت الحاضر إلى الولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى، أظهر نتنياهو مرة أخرى مدى وقاحته. وبينما جثا على ركبتيه متوسلاً المزيد من القنابل والمتفجرات والغطاء السياسي، تحدى إدارة بايدن في كل منعطف.

أجل، لم يُظهِر أي رئيس وزراء إسرائيلي قدراً من الوقاحة أكثر من نتنياهو. قال في آذار (مارس) الماضي، "إن إسرائيل دولة ذات سيادة وتتخذ قراراتها بإرادة شعبها وليس بناء على ضغوط من الخارج، بما في ذلك من أفضل الأصدقاء". إن رفض نتنياهو المستمر للرئيس بايدن فيما يتعلق بالحاجة الماسة للغذاء والدواء للفلسطينيين الجائعين والمرضى في غزة يوضح مدى عدم تعاطفه وقسوته، ومدى جحوده وحماقته. ولهذا السبب وحده، كان من الممكن أن يستقيل أي شخص آخر في منصبه، باستثناء نتنياهو.

لا بد أن مؤسسي إسرائيل يتقلبون الآن في قبورهم بينما يكتب نتنياهو الآن ويدير الفصل الأكثر قتامة في تاريخ إسرائيل. إن إسرائيل تواجه تحت قيادته اليوم مفترق طرق مصيرياً: فالكيفية التي ستنتهي بها حرب غزة وما سيأتي بعد ذلك سوف ستحدد مستقبل إسرائيل. وسوف تصبح البلاد إما ما كان مقدراً لها أن تكون، أي "نوراً للأمم الأخرى" أو دولة فصل عنصري، منبوذة وقوة احتلال تعيش بالسيف.

يجب على الجمهور الإسرائيلي أن يستمر في التدفق إلى الشوارع بمئات الآلاف للمطالبة بإجراء انتخابات جديدة في غضون أسابيع قليلة. ويجب عليهم ألا يدخروا أي وسيلة مشروعة، بما في ذلك العصيان المدني والإضرابات العمالية المستمرة، لإجبار نتنياهو على التنحي عن السلطة وإنقاذ البلاد.

في كل يوم يبقى فيه نتنياهو في السلطة، فإنه يشكل على إسرائيل خطراً أكبر من أسوأ عدو لها.

*ألون بن مئير Alon Ben-Meir: صحفي إسرائيلي مختص بسياسات الشرق الأوسط، وخاصة مفاوضات السلام بين إسرائيل والعالم العربي.

---------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

لماذا تضغط إدارة بايدن للوصول إلى وقف لإطلاق النار بغزة؟

 

قال البروفيسور إيتان جلبوع المتخصص في العلاقة الاسرائيلية مع الولايات المتحدة والاتصالات الدولية والدبلوماسية العامة، إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تضغط للوصول إلى وقف لإطلاق إطلاق النار نار في غزة من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف.

وزعم جلبوع في مقال كتبه في صحيفة معاريف العبرية أن “إدارة بايدن تضغط على إسرائيل والوسطاء للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، لأنها تراها مفتاحاً استراتيجياً لتحقيق جميع الأهداف الفورية والطويلة المدى للولايات المتحدة في المنطقة، وفي داخل أمريكا”.

وأضاف أن”بايدن يعتقد أن وقف إطلاق النار سيسمح بالإفراج عن المختطفين المدنيين، وسيعزز تشكيل حكومة بديلة لحماس، والتي ستبعدها عن غزة، وسيوقف إطلاق النار على الحدود مع لبنان، وسيسمح للوسيط الأمريكي عاموس هوشتاين، لتجديد جهوده للتوصل إلى حل يبقي حزب الله بعيدًا عن حدود إسرائيل”.

وتابع أن ”وقف إطلاق النار سيوقف أيضاً هجمات الحوثيين في البحر الأحمر ويعزز التطبيع بين إسرائيل والسعودية، والذي سيكمل محورًا عسكريًا وسياسيًا قويًا ضد إيران وحلفائها”.

وأشار إلى أنه “سيقلل من المظاهرات الكبيرة في الجامعات الأمريكية، والتي تضر بحملة بايدن الانتخابية”.

وبين أن “بايدن اتخذ عدة خطوات متناقضة أضرت بفرص تحقيق الانتصار الاستراتيجي، حيث أزال تقريباً كل أدوات الضغط على السنوار، فهاجم هو ورجاله العملية العسكرية في رفح، وهددوا بالحد من توريد الأسلحة إلى إسرائيل، وفكروا في فرض عقوبات على وحدة تابعة للجيش الإسرائيلي”.

ولفت إلى أنه “أضر بالشرعية الدولية للحرب على حماس، وبنا رصيفًا لوصول المساعدات، ولم يفعل ما يكفي لإدانة المظاهرات في الجامعات الأمريكية، ولم يُهدد المحكمة الجنائية الدولية بما فيه الكفاية”.

ونوه إلى أن”هذه التحركات شجعت السنوار على الاعتقاد بأن الزمن يعمل لصالحه وأن فرص بقائه على قيد الحياة مُتاحة، فهو يسمح لنفسه بالسخرية من الولايات المتحدة والوسطاء”.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق