01 آيار 2024 الساعة 08:30

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاربعاء 17/4/2024العدد 986

2024-04-18 عدد القراءات : 14

  الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

إسرائيل اليوم 17/4/2024

 

إيران لم تعد خائفة، هذا مخيف!

 

 

بقلم: تسفي هاوزر

 

في 14 أيلول 2019 سُمعت أصداء انفجارات في حقول النفط التابعة لشركة النفط السعودية أرامكو.

هجوم شنّه نحو 30 مسيرة وصاروخاً جوالاً أفلتت من شبكة الرادار السعودية، فأصابت مخازن الغاز وأدت إلى شلها وخفضت دراماتيكياً إنتاج النفط السعودي.

بضربة واحدة تقلص تصدير النفط السعودي بأكثر من 50 في المئة.

الهجوم، بتعليمات إيرانية، وصف بـ"الأخطر" منذ إحراق العراق لحقول النفط الكويتية في 1991 في حرب الخليج.

بعد أسبوع من الترقب للرد الأميركي أعلنت إدارة ترامب أنها ستساعد السعودية والإماراتيين بقوات دفاعية وبالسلاح.

وهكذا حسمت إمكانية هجوم عسكري أميركي بعد ضرب حلفائها في الشرق الأوسط.

فقد فضل الأميركيون التركيز على الدفاع المستقبلي فقط وليس على الهجوم.

همسة صدحت في الشرق الأوسط عبر طهران وحتى موسكو وبكين.

بالمناسبة، حالة أرامكو كان يفترض بها أيضاً أن تؤكد أن إيران تثبت تهديداً تقليدياً مباشراً على إسرائيل وليس فقط تهديداً نووياً مستقبلياً.

مشكوك أن تكون إسرائيل والولايات المتحدة فهمتا هذا قبل خمس سنوات. هذا الأسبوع استوعب هذا الدرس.

منذ سيطر نظام آيات الله على إيران كان يقوم على أساس استراتيجية ذكية، وبصبر لا حدود له يحاول خلق واقع فيه علامة الاستفهام على وجود إسرائيل تصبح حقيقية وليس فقط نظرية.

في ليل 14 نيسان 2024 كان يخيل أنه ظهر صدعان في مدرع "الصبر الاستراتيجي" الإيراني.

الأول: قرار إيران أن تهاجم من أراضيها السيادية وليس بوساطة وكلاء.

الثاني: الاختيار في توقيت معقد، في وضع لم يستكمل فيه وكلاؤها في العراق وفي سورية بناء القوة اللازمة لمعركة كاملة متعددة الجبهات ضد إسرائيل من جهة، ولا يكون فيه لإيران نفسها قدرة نووية حتى وإن كانت بحدها الأدنى من جهة أخرى.

 

نداء أخير لهجوم مضاد

 

بشكل غير مسبوق اختارت إيران أن ترد على خطوة هجومية إسرائيلية بمديات نارية هائلة من أراضيها، المدى الأكبر بعشرة أضعاف المدى الناري الذي كان على أرامكو.

وأساساً – إيران كفت عن الخوف.

فقد وضعت نفسها في مواجهة مباشرة مع إسرائيل حتى في موعد يخيل أنه ليس مثالياً من ناحيتها وعملت على نحو استعراضي ضد تحذير رئاسي أميركي صريح بعدم العمل. الهجوم الليلي من إيران هو تذكير صاخب على فقدان الردع الاستراتيجي لإسرائيل وأميركا. فقدان الخوف الإيراني هو الموضوع الأهم في الهجوم الصاروخي الإيراني، وهو ما يجب أن يعالج.

تهديد "don't" من الرجل الأقوى في العالم عشية الهجوم الإيراني استقبل بعدم اكتراث في طهران، على نمط التعبير العربي المعروف "كلام فاضي". هذه بشرى سيئة للولايات المتحدة، بشرى سيئة أكبر لحلفائها في المنطقة.

لا ينبغي لنا أن نخطئ، الإنجاز في اعتراض 99 في المئة من الإطلاقات مبهر، لكن هذا إنجاز تكتيكي ليس له ما يرمم الردع الغربي ويعيد الميزان الاستراتيجي إلى مكانه.

لكن يبدو أنه نشأت هذا الأسبوع فرصة أيضاً. فالهجوم الإيراني خلق موعداً ثانياً وربما "نداءً أخيراً" لانعدام الرد الهجومي على أرامكو والذي أدى إلى تآكل مكانة الولايات المتحدة في المنطقة.

محظور أن يكون الهجوم الليلي على إسرائيل بأكثر من 330 أداة طائرة ستذكر في تاريخ الشرق الأوسط كـ "أرامكو 2".

إسرائيل والولايات المتحدة ملزمتان أن تستغلا هذا الهجوم كي تخرجا من "الغفو الاستراتيجي".

للولايات المتحدة فرصة تاريخية لترمم مكانتها في الشرق الأوسط وتغيير الوضع الجغرافي السياسي العالمي.

العالم الحر والمعتدل يتطلع إلى القوة العظمى الأميركية في مناطق المواجهة الثلاث: روسيا – أوكرانيا، الصين – تايوان وإسرائيل – إيران. منطقتا المواجهة الأوليان تتضمنان قوى عظمى ذات قدرات نووية، حرية العمل الأميركية في كلتيهما محدودة جداً.

الولايات المتحدة لم تمنع الاجتياح الروسي لأوكرانيا، ومشكوك أن يكون سلوكها في الشرق الأوسط حتى الآن يردع الصين من تغيير الواقع الاستراتيجي في منطقة محيطي الهندي والهادئ.

إن بث عظمة أميركية في وجه العدوان الإيراني سيعزز جداً الردع الأميركي في الصراع بين الكتل ويؤشر على حلفائها، وبينهم الأردن والسعودية بأن لهم من يعتمدون عليه.

للعالم الحر وقعت فرصة نادرة في ليل السبت لإبطاء جدي للسباق الإيراني نحو النووي.

---------------------------------------------

 

هآرتس 17/4/2024،

 

 

اسرائيل لم تتوقع التغيير الاستراتيجي في ايران وعليها أن تراعيه في شدة ردها على الهجوم

 

 

بقلم: عاموس هرئيلِ

 

عاموس هرئيل: اسرائيل لم تتوقع التغيير الاستراتيجي في ايران وعليها أن تراعيه في شدة ردها على الهجوم

الهجوم الواسع بالصواريخ والمسيرات من قبل ايران على اسرائيل في يوم السبت يتوقع أن يؤدي في القريب الى رد اسرائيلي. القرار المبدئي في هذا الشأن تم اتخاذه واسرائيل اهتمت بتقييد نفسها بعدة تصريحات علنية لوزراء في الحكومة وقادة كبار في الجيش. النقاشات حول طبيعة الرد ما زالت جارية، لذلك فانه من غير المؤكد أن يأتي هذا الرد على الفور. في الادارة الامريكية يحرصون على توجيه وسائل الاعلام الامريكية وابلاغها بأن العملية الاسرائيلية ستكون محدودة ومركزة بهدف الامتناع عن حرب اقليمية. وحتى هذا يعتبر طريقة لتقييد مسبقا ورسم حدود المعركة.

لا يجب الاستخفاف بخطورة العملية الايرانية. فقد تم اطلاق على اسرائيل حوالي 350 نوع من السلاح على الاقل، استهدف أن يهبط فيها في فترة زمنية قصيرة والحاق أضرار كبيرة، حتى لو كان الهجوم وجه بالاساس الى قاعدتين لسلاح الجو في النقب، بعيدة نسبيا عن مراكز السكان المدنيين. حجم السلاح الذي اطلق على القواعد كان كبير جدا. ولو أن الهجوم نجح لكان ألحق اضرار كبيرة بطائرات اف 35 ومواقع عملياتية حساسة وقدرات حيوية لسلاح الجو. الاستعداد المسبق والتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة ودول غربية اخرى، اضافة الى اسلحة الجو في دول عربية معتدلة في المنطقة (حسب ما نشر في وسائل الاعلام الاجنبية)، أدى الى احباط شبه كامل لخطة ايران.

لا يقل عن ذلك اهمية فهم اعتبارات النظام في طهران، التي يمكن أن تؤثر ايضا على قوة العملية المحتملة التي ينوي تنفيذها الجيش الاسرائيلي. لا توجد طريقة للتملص من حقيقة أن الاستخبارات الاسرائيلية لم تقرأ مسبقا عملية ايران. يبدو أن الاعتقاد كان أن ايران ستستوعب عملية اغتيال الجنرال حسن مهداوي، القائد الكبير في الحرس الثوري، أو أنها ستكتفي برد محدود في الحد الادنى كما حدث في اعقاب عمليات مشابهة في السابق. ايران في هذه المرة اختارت خيار استراتيجي وهاجمت للمرة الاولى اسرائيل من اراضيها، مع قرار استخدام تسليح بارز. هذا يمكن أن يكون نتيجة اعتبار أو أكثر، الشعور بأن هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير، وملاحظة موقف ضعف اسرائيلي (هذا ايضا كان أحد اعتبارات حماس عندما نفذت المذبحة في الغلاف في اكتوبر)، أو تقدير مبالغ فيه للقوة الاقليمية لايران. ومهما كان الامر فان اسرائيل لم تدرك النقطة التي فيها تغيرت استراتيجية ايران، نحو الاسوأ من ناحيتنا.

عملية ايران الهجومية فشلت وهي ستحتاج بالتأكيد الى حساب شديد للمسار من قبل النظام، لكن هذا لا يعني أن القضية انتهت بذلك. فايران تقوم بتطوير صناعة السلاح والصواريخ منذ ثلاثة عقود تقريبا. والفكرة الاساسية التي تقول إن الايرانيين يعملون، حسب اقوال خبراء مخابرات غربيين، هي “جيدة بما فيه الكفاية”. ليس هناك أي حرص على تحقيق الكمال التكنولوجي، بل السعي الى انتاج وتشغيل كميات كبيرة، التي جزء صغير منها يكفي لتحقيق الاهداف العسكرية. في هذه المرة كان الفشل شامل.

حتى الآن يجب عدم استبعاد امكانية أن تستخلص ايران الدروس وأن تحاول مرة اخرى. بطاريات القبة الحديدية وصلت مع مرور الوقت الى قدرة ناجعة على الاحباط تبلغ 90 في المئة. حماس تتسبب بشكل عام بأضرار قليلة من اطلاق الصواريخ من القطاع ومع ذلك هي لم تتوقف عن المحاولة. من يؤيدون الرد الشديد على ايران يحذرون من امكانية أنه بدون تحديد خطوط حمراء بما فيه الكفاية فانه ستكون مرة أخرى، وبعد ذلك المزيد.

من يتحفظون من عملية كبيرة يذكرون بسلم الاولويات الاصلي للحرب. فقد بدأت بتلقي ضربة قاسية من قبل حماس، والاهداف الاساسية، تدمير سلطة حماس وقدراتها العسكرية اضافة الى اعادة جميع المخطوفين، لم تتحقق حتى الآن. وهناك شك اذا كان سيكون بالامكان تحقيقها ضمن سير الامور الحالي. وتوجيه معظم الانشغال والاهتمام بالمواجهة مع ايران ستأتي على حساب علاج مشكلة غزة. وهي ايضا من شأنها أن تطيل الحرب في جميع الجبهات وأن تدمج فيها بشكل كامل حزب الله اذا قررت ايران توجيه قدرات حزب الله على اطلاق النار، نحو عمليات انتقام مستقبلية ضد اسرائيل.

طبيعة الرد الذي ستختاره اسرائيل في النهاية سيتأثر ايضا من الموقف الامريكي. رغم العلاقات المتوترة مع الادارة الامريكية إلا أنه من الواضح أن النجاح الكبير في صد الهجوم لم يكن ليتحقق بدون التنسيق الوثيق مع امريكا، وبالاساس مع كبار قادة المنطقة الوسطى في الجيش الامريكي (السنتكوم). ليون بنتا، وزير الدفاع السابق ورئيس الـ سي.آي.ايه في ادارة اوباما قال في يوم الاثنين الماضي لـ “سي.ان.ان” إن اسرائيل يجب عليها التذكر بأن “الانتقام هو طعام من الافضل تقديمه باردا”. وقد أوصى اسرائيل بشكل كرر اقوال الرئيس الامريكي، أنه من الافضل استغلال التحالف الاقليمي الذي عمل هنا على تحريك خطوات سياسية اخرى ضد ايران وفي الساحة الفلسطينية.

جهات ايرانية رفيعة اشارت منذ منتهى السبت بأن بلادها أنهت الرد على عملية الاغتيال، ولكنها لن تتردد في الرد مرة اخرى اذا قامت اسرائيل بمهاجمتها كما تقوم بالتهديد. طهران خرجت من منطقة الراحة في الهجوم عندما اوقفت للمرة الاولى الاختباء وراء الوكلاء والمبعوثين في عملياتها ضد اسرائيل.

المرشد الاعلى علي خامنئي معروف كمن يدعو بشكل عام الى الصبر الاستراتيجي، والنضال الطويل والحذر مع السعي الى تحقيق الهدف. في التصريحات والافعال منذ عملية الاغتيال فان خامنئي العجوز انحرف عن مقاربته التي تبناها لفترة طويلة. ولكن في الفترة القريبة سيضطر الى الأخذ في الحسبان اعتبار آخر وهو أن ايران تستعد لعملية نقل السلطة، للمرة الثانية فقط منذ اقامة الجمهورية الاسلامية منذ 45 سنة. الدخول الى حرب اقليمية طويلة ومتعبة وغير متوقعة لا يعتبر وصفة مؤكدة لعملية توريث بدون اضطرابات، بالتأكيد في دولة فيها عدد كبير من السكان يكرهون السلطات.

---------------------------------------------

 

هآرتس 17/4/2024

 

 

الدول العربية التي اختارت إسرائيل تتصدى للتداعيات

 

 

بقلم: جاكي خوري

 

اعتراض الهجوم الايراني قدم فعالية مؤثرة لمنظومة الدفاعات الجوية للجيش الاسرائيلي، وقوة التحالف الدولي ضد التهديد الايراني. اسرائيل يمكن أن تعتبر ذلك نجاح مثير للانطباع ودليل على التفوق العسكري والتكنولوجي وحصانتها السياسية أمام ايران. في لحظة الاختبار فان دول المنطقة التي تسمى في اسرائيل “معتدلة” اختارت طرف من الطرفين، المحور الامريكي – الاسرائيلي.

لكن اسرائيل وجيرانها لا يمكنهم تجاهل المعنى السياسي والاستراتيجي للخطوة التي اتخذتها ايران وتداعياتها قصيرة المدى وبعيدة المدى. اطلاق المسيرات والصواريخ كان حدث غير مسبوق، الذي هاجمت فيه ايران من اراضيها وبمبادرة منها وبشكل علني اسرائيل، الامر الذي وضع تحد معقد امام دول المنطقة التي للمرة الاولى وجدت نفسها في جبهة مباشرة بين اسرائيل وايران واضطرت الى اتخاذ خطوة حقيقية في المعركة التي تصاعدت ووصلت الى مرحلة جديدة.

في ارجاء الشرق الاوسط، بدء بالعراق والاردن ومرورا بدول الخليج وانتهاء بمصر، اعلنوا عن الاستعداد العالي وقاموا باغلاق المجالات الجوية قبل رد ايران. هذه المشاهد لم تتم مشاهدتها حتى في حرب الخليج الاولى. الاردن، الذي موقعه الجغرافي يضعه في أي مواجهة في الشرق الاوسط، استخدم للمرة الاولى منظومته الجوية وشارك بشكل ناجع في اعتراض المسيرات والصواريخ الايرانية. الحديث يدور عن منظومات امريكية، لكن في الرأي العام الرسالة تسربت بشكل جيد وهي أن الملك عبد الله شريك فعال في التحالف مع اسرائيل.

هذه الصيغة كانت اكثر سهولة على الاستيعاب في هذه الدول الى ما قبل نصف سنة، في الفترة التي كان يمكن فيها اعتبارها عادية في الشرق الاوسط. ولكن الحرب في قطاع غزة، التي تقريبا نسيت في نهاية الاسبوع الماضي، صعبت على القيادات العربية العثور على تفسير يكون مقنعا لشعوبها. فالكثير من المحللين المحليين، كل واحد في دولته، ابرزوا الرسالة التي تقول بأن التعاون مع واشنطن، وبشكل غير مباشر مع نتنياهو، نبع من الاعتبارات الامنية والاقليمية. اسقاط المسيرات والصواريخ، كما قال الزعماء العرب ولكن ليس بلسانهم، استهدف منع اندلاع حرب واسعة، تداعياتها ستكون مدمرة لكل المنطقة.

لنفس السبب هذه الدول تضغط الآن على اسرائيل من اجل عدم الرد. وبنظرة اقليمية فان الحرب التي يمكن أن تندلع ستكون اكثر خطورة من كل ما كان هنا في السابق، بما في ذلك حرب الخليج. ايران، خلافا للعراق في عهد صدام حسين، ليست معزولة وهي مرتبطة بشكل جيد مع الصين وروسيا. هذه لن تكون معركة اخرى بين اسرائيل وحماس، التي رغم الاضرار التي الحقتها باسرائيل منذ 7 اكتوبر، إلا أنها بقيت منظمة فلسطينية ليس اكثر من ذلك.

الاردن، الذي يوجد في بؤرة النقاشات حول التعاون مع المحور الاسرائيلي، يعمل بدون توقف لاسكات التحدث عنه. المتحدثون في عمان أكدوا على أن تفعيل منظومة الدفاعات الجوية أو اعطاء المصادقة للولايات المتحدة على العمل في سماء الاردن، لا يستهدف الدفاع عن اسرائيل، بل أولا وقبل أي شيء آخر الدفاع عن المملكة نفسها. ومثل أي دولة تحترم سيادتها، كما يقول مبعوثو الملك، فانه كان يجب عليها العمل ضد أي اجسام معادية في سمائها بدون صلة بهدفها النهائي. وهم يذكرون ايضا بأن ايران لم تطلب الضوء الاخضر من هذه الدول، التي كانت مسيراتها وصواريخها ستمر فوق اراضيها.

هذا الموقف ظهر في كل تقرير وبيان نشر عن الرد. الدفاع عن اسرائيل لم يتم ذكره حتى بالاشارة. وبالتأكيد لم يكن أي تطرق للانتصار أو تعزيز العلاقات مع اسرائيل. فأي دولة لم تتطرق، حتى اسرائيل، الى محادثة جرت بين نتنياهو وأي زعيم عربي.  لا أحد يخطر بباله أن يعرض بشكل علني عقد مؤتمر قمة لاعضاء التحالف الذي رفع الرأس، حتى في البيت الابيض. الواقع الاقليمي يجبر الجميع على رؤية الفيل الذي يوجد في الغرفة ومواجهته وسؤال اسرائيل: بعد 7 اكتوبر أي رؤية تنوي عرضها على الفلسطينيين، الذين يوجدون وراء الجدار، وليس فقط الحل للتهديد العسكري الايراني الذي يوجد على بعد آلاف الكيلومترات من هنا.

---------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إسرائيل اليوم 17/4/2024

 

 

إسرائيل سترد في ايران لتواجه النتائج وحدها

 

 

بقلم: يوآف ليمور

 

المعضلة الاستراتيجية حول الرد الإسرائيلي على هجوم الصواريخ الإيراني تأكدت في اليوم الأخير. من جهة: الفهم انه لا يمكن ترك الهجوم بدون رد. من جهة أخرى: الرغبة في الامتناع عن التدهور الى حرب استنزاف حيال ايران، وربما حتى الى معركة إقليمية شاملة.

لقد كانت لإسرائيل فرصة للرد على الهجوم في الزمن الحقيقي حين كان ضباب المعركة لا يزال كثيفا. زعم أنها امتنعت عن ذلك لان سلاح الجو قضى بانه غير جاهز لان ينفذ بالتوازي مهمتين معقدتين جدا من الهجوم في العمق الإيراني والدفاع ضد هجمة كبيرة بهذا القدر. في الواقع من قاد المعارضة للرد في تلك الليلة كان آريه درعي، الذي تحدث في جلسة الكابنت في ثناء تجلد رئيس الوزراء الراحل اسحق شمير في حرب الخليج الأولى وأوصى بالانتظار الى أن تتضح الصورة العامة قبل أن تتخذ القرارات.

غير أنه في الأيام التي مرت منذئذ تصمم واقع استراتيجي معقد يستوجب تفكرا عميقا واخذ مخاطر لا بأس بها على الامن القومي بمعناه الاعمق. واضح أن على إسرائيل أن تهاجم في ايران ليس فقط كرد بل أساسا كردع. الامتناع عن ذلك من شأنه أن يفسر في ايران كضعف ويشجع النظام الشيعي على استغلال كل فرصة لهجمات مشابهة. كما ان حقيقة ان كل القيادة السياسية والأمنية سارعت لان تعلم بانه سيكون رد قيدت إسرائيل لان التراجع عن الاقوال سيفسر كضعف وكأستسلام لتهديدات الرد الإيرانية وللضغط الدولي.

كما أن إسرائيل غير معنية بالتدهور الى حرب شاملة مع ايران ومع وكلائها وعلى رأسهم حزب الله. وقد أوضح الإيرانيون منذ الان بانهم سيردون على الرد ومن شأن إسرائيل أن تنجر الى مطارح ليس لها مصلحة في أن توجد فيها وبالتأكيد حين تكون مهمة هزيمة حماس وإعادة المخطوفين من غزة لم تستكمل.

ينبغي الاعتراف بصدق: إسرائيل تجد صعوبة في تقدير طبيعة الرد الإيراني. فقد أخطأت في ذلك قبل أن تقر تصفية مسؤول الحرس الثور حسن مهداوي وهي كفيلة بان تخطيء الان مرة أخرى. ثمن الخطأ الأول كان الهجوم الصاروخي في السبت والذي وان صد بمعظمه لكنه مس بالردع الإسرائيلي وكلف الاقتصاد الإسرائيلي مبالغ طائلة. ثمن خطأ إضافي من شأنه ان يكلف ثمنا اعظم ليس فقط في الأرواح، في الاضرار وفي المال، بل وأيضا في المس بالتحالف الغربي – العربي غير المسبوق الذي نشأ الان.

وبالتالي معقول أن تبحث إسرائيل عن رد ينقل رسالة حادة للايرانيين لكن لا يؤدي الى تصعيد شامل. غزة والمخطوفون أولا وبعدهم لبنان ومشكوك أيضا اذا كانت إسرائيل تريد للدولة أن تعلق بحرب شاملة قبل لحظة من الفصح والاعياد القومية – يوم الكارثة ويومي الذكرى والاستقلال التي ستكون هذه السنة مختلفة بسبب النتائج القاسية لهجمة 7 أكتوبر.

المعضلة تصبح معقدة اكثر بسبب الدور الدولي في الاحداث. لقد طلبت إسرائيل (وتلقت) دعما أمريكيا في احباط الهجوم الإيراني وهي سيصعب عليها أن تتجاهل طلبات الإدارة الان لانها بحاجة لتواصل المساعدة – بالمال، السلاح وبالشرعية الدولية – وبالتأكيد اذا ما تصاعدت المعركة. كما أن الأمريكيين يقترحون ما يبدو ظاهرا كصفقة الاحلام: محور إقليمي استراتيجي، يتضمن حلف دفاع رسمي وعلاقات دبلوماسية مع معظم العالم الإسلامي، يتصدى لإيران ولوكلائها في المنطقة ويكون المحفل المتصدر في خلق واقع مستقبلي جديد في غزة.

هذا الاقتراح تؤيده كل المحافل المهنية لانه يسمح لإسرائيل بخلق نظام إقليمي جديد: استكمال المعركة في غزة (حتى لو تمت معالجة رفح الان بشكل جزئي فقط)، ترتيب الوضع في الشمال والتصدي لإيران المتنوية وناشرة الإرهاب. كما أن هذا سيخلق ضغطا هاما على حماس، التي ستفقد بحكم الامر الواقع كل احتمال للعودة الى الحكم في غزة وربما أيضا المساعدة في تحرير المخطوفين.

في الواقع السياسي الحالي في إسرائيل مشكوك ان تتحقق مثل هذه الصفقة الكبرى. والنتيجة هي أن إسرائيل سترد في ايران، لكن من شأنها أن تكون مطالبة بان تتصدى وحدها للنتائج. الهجوم في السبت علمنا بان إسرائيل قوة لكن أنه يصعب عليها أيضا ان تتصدى وحدها وتحتاج الى مساعدة من الخارج. بحث مفتوح وصادق في الكابنت يفترض أن يطرح كل هذه المسائل ويتصدى لتداعياتها المحتملة.

---------------------------------------------

 

هآرتس 17/4/2024،

 

 

الجنود وقفوا جانبا وكأنه لا صلة لهم بالأمر

 

 

بقلم: هاجر شيزاف

 

كان يوجد جنود في المكان الذي قتل فيه أمس فلسطينيان في مواجهة مع مستوطنين في جنوب نابلس، في المنطقة بين مستوطنة غيتيت وقرية عقربة، ولكنهم لم يتدخلوا في هذه المواجهة. هذا ما قاله للصحيفة ثلاثة شهود عيان. بعد الحادثة الجنود لم يقوموا باعتبار أي مستوطن من الذين كانوا في المكان. وفي الجيش الاسرائيلي رفضوا التطرق للموضوع.

بشكل استثنائي جثث الاثنين، عبد الرحمن بني فاضل (30 سنة) ومحمد بني جامع (21 سنة)، تم ارسالها الى معهد الطب الشرعي في اسرائيل. مصادر في الشرطة قالت إن احضار الجثث للتشريح سيساعد في التحقيق بشكل كبير، لأن هذا سيمكن من فحص التطابق بين الرصاصات التي عثر عليها في اجسادهم وبين سلاح الاشخاص الذين كانوا في المكان. ورغم ادعاء الجيش الذي يقول بأنه لا أحد من المستوطنين أطلق النار على الفلسطينيين، إلا أن النتائج الاولية التي جمعتها الشرطة تظهر أن أحد الجنود قام باطلاق النار مباشرة على الفلسطينيين. السكان في المنطقة الذين تحدثوا مع “هآرتس” قالوا إن المستوطنين اطلقوا النار على الفلسطينيين، والجنود الذين كانوا في المكان اطلقوا النار في الهواء.

نضال، ابن عم أحد القتيلين، قال إن الحادثة بدأت بعد وصول خمسة مستوطنين مع الابقار الى حقل زيتون قرب بيت على مدخل قرية عقربة، في المنطقة التي تسمى خربة الطويل، التي يعيش فيها تجمع للرعاة. نضال وغيره من الشهود قالوا إنهم حاولوا ابعاد الابقار، وفي نفس الوقت قاموا بالاتصال مع اعضاء المجلس المحلي. “بعد أن قام السكان بابعاد الابقار التي كانت بجانب البيوت، قام المستوطنون باستدعاء حوالي 80 مستوطن آخر مسلح، بعضهم بالسلاح الناري وبعضهم بالعصي”، قال رئيس مجلس عقربة الذي كان موجودا في المكان.

في الفيلم القصير الذي تم توثيقه في المكان ظهر عدد من الجنود وعدد من المستوطنين المسلحين. وحسب اقوال نضال، هو توسل للمستوطنين الذين وصلوا في سيارات وعلى تراكتورات صغيرة الى المكان الذي يبعد بضع مئات من الامتار، من اجل أن يغادروا. “أنا قلت للجندي بأنه اذا ذهب المستوطنون فنحن سنذهب”، قال. “في البداية الجيش وقف بيننا وبينهم وقام بالفصل بيننا. ولكن بعد ذلك جاء المزيد من المستوطنين وأحدهم قام برش غاز الفلفل على أحد الفلسطينيين. عندها بدأت المواجهة ورشق الحجارة بيننا وبينهم”.

شاهد عيان آخر قال إن المواجهة تحولت الى مواجهة عنيفة بعد أن تم رش غاز الفلفل على أحد الفلسطينيين. بعد فترة قصيرة، كما قال،  قام المستوطنون باطلاق النار على الفلسطينيين. “الجنود كانوا في المكان عند اطلاق النار ولكنهم وقفوا جانبا وكأنه لا صلة لهم بالأمر، وكأنهم تركوا المستوطنين يفعلون ما يريدون. وفقط بعد اطلاق النار قرروا التدخل”، قال رئيس مجلس عقربة. وحسب قوله واقوال شهود آخرين فان عدد من المستوطنين كانوا مسلحين ببنادق الـ ام16، وكان بينهم ايضا ملثمون. في الفيلم الذي وثق الحادثة من بعيد فانه في الساعة 18:40 سمع صوت اطلاق نار. رئيس المجلس اضاف بأن اربعة من سكان القرية نقلوا الى المستشفى بسبب العنف الجسدي الذي تعرضوا له. ماهر، احد الفلسطينيين الذين تمت مهاجمتهم ووالد أحد القتلى، قال إنه تم ضربه بعصا وحجر على رأسه.

في الجيش قالوا إن الجنود وصلوا الى المكان في اعقاب تلقي تقرير عن مهاجمة احد الرعاة الاسرائيليين في المكان. مصدر قال للصحيفة بأنه في المكان كان مصاب اسرائيلي واحد باصابة طفيفة جدا ولم يكن بحاجة الى العلاج. رجال الشرطة وصلوا الى المكان بعد انتهاء الحادثة والمشاركون تركوا المكان.

رئيس المجلس قال للصحيفة بأنه حذر الجيش والادارة المدنية منذ فترة طويلة من أن المستوطنين يأتون للرعي قرب بيوت الفلسطينيين في المكان. “إنهم حتى يصلون الى مدخل القرية، وهذا ليس من اجل الرعي”، قال أحد سكان القرية. “هم يريدون منا أن نترك هنا كما تركوا في اماكن اخرى. في شهر واحد قتل هنا ثلاثة من السكان، وخلال سنة الناس سينتهون”. وفي اقواله تطرق رئيس مجلس عقربة للفلسطيني الذي اطلقت عليه النار على يد جندي في الشهر الماضي، والذي كان يعيش في تجمع الرعاة في خربة الطويل. “ما حدث في المغير ودوما وعقربة هو نفس السيناريو. اطلاق النار كان بهدف القتل”، قال رئيس مجلس عقربة.

---------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 17/4/2024

 

 

رد خطير

 

 

بقلم: غيورا آيلند

 

حسب اقوال شبه صريحة لمسؤولين إسرائيليين كبار اتخذ منذ الان قرار للرد على الهجوم الإيراني الأخير. بطبيعة الأحوال لا توجد تفاصيل عن متى واي اهداف وباي قوة.

الاعتبارات المؤيدة للهجوم بعامة، وضد اهداف في ايران نفسها، مفهومة بل وحتى منطقية، لكن توجد على الأقل خمسة أسباب لماذا من الصواب الامتناع عن هجوم علني في الأرض الإيرانية.

 أولا، اذا كان الهجوم “مضحكة” فقط لاجل رفع العتب، فان ضرره اكبر من منفعته، واذا كان مكثفا فانه سيجر على نحو شبه مؤكد ردا إيرانيا سيدخلنا دون أن نقصد الى معركة طويلة مع ايران.

مشكوك جدا أن يكون هذا هو ما نريده. يجدر بنا أن نتذكر بانه في ضوء الحرب في غزة والمواجهة في لبنان، فهذا حقا ليس الوقت للمخاطرة بحرب طويلة في جبهة أخرى.

ثانيا، رد إيراني من شأنه ان يكون أيضا ضد مصالح أمريكية في العراق او في الخليج او ضد اهداف سعودية او في الامارات او البحرين، وعندها من شأننا ان نتدهور الى حرب إقليمية فيما ان الدول التي تعرضت للهجوم ستتهم إسرائيل بانها أدت الى ذلك.

 ثالثا، توجد لإسرائيل مصلحة اكثر الحاحا من ايران وهي إعادة الواقع في حدود الشمال الى الحالة الطبيعية حتى الأول من أيلول وبذلك السماح بعودة السكان الى بيوتهم. من الصواب استغلال الدعم الدولي الذي تلقيناه لتعزيزه عقب استعدادنا للاستماع الى النصائح من لندن، واشنطن وباريس، والمطالبة بالمقابل بدعم غير متحفظ في الموضوع اللبناني، دعم يترجم الى ضغط ناجع (امريكي وفرنسي) لتسوية في الشمال واذا لم ينجح الامر في غضون وقت قصير فدعم غير متحفظ لعملية عسكرية إسرائيلية كبيرة في لبنان.

رابعا، المصلحة الإسرائيلية العليا حيال ايران هي منع السلاح النووي عنها. صحيح حتى الان يبدو أن ايران تبحر بامان الى هذا الهدف الخطير. الهجوم الإيراني الأخير يجب أن يكون دليلا على كم هو السلاح النووي لدى ايران خطير، وليس فقط على إسرائيل. هذه فرصة لاستئناف الضغط الدولي عليها. على الضغط ان يتضمن عقوبات اقتصادية الى جانب تهديد عسكري (امريكي) مصداق وبالتالي من الصواب ان تستبدل إسرائيل رغبتها المحقة في الهجوم على ايران بالتزام الغرب للعمل في هذا الموضوع. فليس كافيا تجنيد الولايات المتحدة. يجب أن نعرف كيف نجند كل دول الاتحاد الأوروبي، الهند (التي اختطف 17 من ملاحيها على ايدي ايران) والاهم السعودية. السعودية، على ما يبدو، تساعد ايران في التغلب على مقاطعة النفط عليها في أن ناقلات سعودية تنقل النفط الإيراني الممنوع، وهذه الظاهرة يجب ايقافها.

خامسا، اذا ما دخلت إسرائيل وايران الى مواجهة عسكرية طويلة فمن شأن الامر ان يؤثر على الاستقرار في الأردن. منذ الان تحاول ايران تصوير الأردن كمن يخون المصلحة الفلسطينية والاخوة الإسلامية في مشاركته النشطة الى جانب إسرائيل لإحباط الهجوم الإيراني. الأردن، مثل السودان، هما الدولتان التاليتان اللتان تتطلع ايران للتسلل اليهما والمس بسيادتيهما.

ليس في كل ما قيل أعلاه توصية بعدم العمل على الاطلاق. اكثر من هذا، الحدث الأسبوع الماضي وقع بسبب رد إيراني على هجوم إسرائيلي في سوريا، وفي هذا الموضوع محظور التراجع. الاعمال الإسرائيلية في سوريا في السنوات التسعة الأخيرة منعت إقامة منظمة حزب الله ثانية في هذه الدولة، والاعمال ضد اهداف إيرانية في سوريا يجب مواصلتها. اقدر بان الإيرانيين لن يردوا ضد استمرار المعركة بين الحروب في سوريا، واذا ما ردوا ضدنا سيكون من الاسهل خلق تحالق هجومي ضدهم. توجد لإسرائيل جملة إمكانيات أخرى للرد على ايران، لنقل رسالة ردع لكن ليس بالضرورة عمل ذلك بشكل يلزم ايران بالعودة الى مهاجمتنا.

---------------------------------------------

 

هآرتس 17/4/2024

 

 

عندما لا تكون استراتيجية، يبقى الانتقام

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

لا يمكن أن تكون هناك عملية زائدة وخطيرة ومهددة أكثر من الانتقام الاعمى الذي تنوي الحكومة الاسرائيلية القيام به في ايران. من المهم التذكر بأن اسرائيل هي التي بدأت التفجير عندما قامت بتصفية الجنرال محمد رضا زاهدي، قائد قوة القدس في سوريا ولبنان. والاكثر اهمية هو الاعتراف بحقيقة أن هذا الاغتيال، مهما كانت اهميته، لم يكن ليخرج الى حيز التنفيذ لولا أنه استند الى التصور المتبجح بأن ايران هي “دولة تقوم بضبط النفس”، حيث ضبطت نفسها ازاء اغتيال علماء الذرة، من بينهم محسن فخري زادة رئيس المشروع النووي؛ ورئيس مخابرات الحرس الثوري في سوريا في كانون الاول، ومنسق الاتصالات بين ايران وحزب الله في كانون الثاني؛ وعشرات العلماء والشخصيات الايرانية الرفيعة خلال سنوات كثيرة.

ايران بالطبع هي مذنبة. فقد جعلت اسرائيل تتعود على أنها مردوعة، أو على الاقل تضبط النفس. وهذا بالضبط ما فعلته حماس، وايضا حزب الله ما زال يحرص على معادلة الندية الحالية ولا يقوم بشن حرب شاملة. فجأة، مثل الاقوال الخالدة لنائب الرئيس الامريكي سبيرو انغيو، “اولاد الحرام غيروا القواعد ولم يبلغوني بذلك”. إن اسرائيل التي تعرف بشكل دقيق أين ينام كل شخص ايراني رفيع، وفي أي سيارة يسافر أولاد واحفاد اسماعيل هنية، تتصرف وكأنها تتلمس الطريق في الظلام عندما يتعلق الامر بتحليل وفهم نوايا الاعداء.

زعماء ايران يقولون بأنفسهم أنهم في هذه المرة ينوون الرد وبقوة. وحتى الآن لم تدرك، تقريبا حتى اللحظة الاخيرة، بأن الامر يتعلق بهجوم مباشر عليها وبحجم غير مسبوق. الآن يبدو أن الغضب الكبير الذي تراكم منذ يوم السبت ليس على الهجوم نفسه، الذي تم احباطه بنجاح، بل على وقاحة الايرانيين، وبالاساس على الفشل الذريع، مرة اخرى الاستخباري الذي لم تقدر فيه اسرائيل بشكل صحيح ماذا ستكون نتائج تطاولها في سوريا. وكأنه لا مناص من الرد على الاهانة، وفي ظل عدم وجود استراتيجية فان الانتقام هو بديل مغرٍ. وأنه بدونه هي ستفقد الردع، وستتحطم مكانتها الدولية والوطنية، وأنه توجد فرصة نادرة لتوجيه ضربة لن تنساها ايران. ولكن عن أي ردع وعن أي مكانة تتحدث هذه الحكومة؟

رغم الكارثة الفظيعة في 7 اكتوبر والفشل الذي كشفت عنه، إلا أن اسرائيل ما تزال على قناعة بأن صورة الدولة الهستيرية، التي تعربد وتركل في كل مكان وتقوم بحركات لا يمكن السيطرة عليها وتدمر وتقتل بدون تمييز، ستضمن سلامتها. ولكن بالذات هذه الهستيريا الانتقامية هي التي جعلتها مجذومة، والضعف الداخلي فيها هو الذي اوجد وغذى من يسمى رئيس الحكومة وحطم قدرة ردعها. الدولة والحكومة تدين بدين كبير، ليس للردع والمكانة، بل للولايات المتحدة والغطاء القوي والمفاجيء من الدول العربية التي تعاونت من اجل احباط هجوم ايران. الآن هذه الدول العربية تدرك بأنها سقطت في مسار السهم المرتد الذي تخطط له اسرائيل.

بالنسبة للحكومة وبعض الجهات الحكومية فان الدفاع الناجع والافشال المدهش لهجوم ايران، هو للضعفاء. هم لا يمكنهم اعتبار أنهم حققوا أي انجاز اذا لم يكن لديهم عرض للعقاب الانتقامي. الحقيقة معاكسة. لأن الدفاع الناجع هو جزء اساسي في الردع والامن، اكثر من الانتقام المنفلت العقال. لأنه لو كان لدينا في 7 اكتوبر القليل من الدفاع والقدرة على الاحباط التي تم استعراضها في يوم السبت الماضي لكان تاريخ اسرائيل سيكون مختلفا. هنا تأتي المفارقة. فرغم أن الثأر في غزة لم يحقق اهداف الحرب، إلا أن الجمهور المستعد لابتلاع الاهانة ووقف الحرب في غزة من اجل اطلاق سراح المخطوفين، لا يتردد في شراء من نفس وكيل الاكاذيب بضاعة الانتقام من ايران كمنتج مثالي، التي هي فقط ستضمن أمن الدولة.

---------------------------------------------

 

هآرتس 17/4/2024

 

 

قبل الغرق في الوحل ثلاثي الساحات

 

 

بقلم: سامي بيرتس

 

اسعار الشقق ارتفعت 2.8 في المئة في الاشهر الثلاثة الاخيرة رغم الحرب الوضع الاستراتيجي المعقد الذي توجد فيه اسرائيل. الحكومة منعت دخول العمال الفلسطينيين من يهودا والسامرة منذ 7 تشرين الاول، وهي لا تنجح في العثور على بديل من خلال استيراد العمال الاجانب. النتيجة هي ارتفاع اسعار ينبع بالاساس من العجز الحكومي. هذا فقط مثال واحد على ثمن تراجع الحكومة عن مواجهة المعضلات التي جرتها لنفسها. المعضلات الاخرى اكثر خطورة من ارتفاع اسعار الشقق.

بعد اشهر قالوا فيها في الحكومة والجيش بأن “استخدام القوة العسكرية سيقرب اطلاق سراح المخطوفين”، هذا المنطق فشل وحل مكانه منطق جديد. وقد عبر عنه في هذا الاسبوع وزير الثقافة والرياضة ميكي زوهر عندما قال “لقد قمنا بتقليل القوة في غزة لأننا نريد التوصل الى الصفقة. ماذا فكرتم، هل فقط هكذا اتخذت الحكومة قرار تقليص قوة الحرب؟ نحن نريد التوصل الى صفقة”.

في هذه الاثناء ايضا تقليص قوة القتال لن يدفع قدما باعادة المخطوفين، وفي اسرائيل يفحصون أي وسائل سيستخدمون لتحقيق انعطافة. احد الاحتمالات هو الموافقة على جميع طلبات حماس والانسحاب من غزة وتحرير عدد غير قليل من المخربين الفلسطينيين الملطخة ايديهم بالدماء. حماس ايضا ستطلب ضمانات لبقائها. وفي المنظومة السياسية الحالية لا توجد أي احتمالية لتمرير مثل هذه الصفقة. عمليا كل الحكومة ستكون ملزمة بمنع حماس من الحكم في غزة وتشكيل أي تهديد على اسرائيل.

هذا الامر يبقي امام الحكومة طريقتين للعمل، إما حكم عسكري في غزة كما يقترح اليمين المتطرف أو وضع جهة حكم جديدة هناك تحتل مكان حماس. معنى الحكم العسكري بالنسبة لمكانة اسرائيل الدولية واقتصادها والمجتمع المدمر فيها وبعد اخلاء الجيش لجميع المناطق التي قام باحتلالها، هو حل غير عملي لأنه يحتاج الى احتلال جديد للقطاع.

الطريقة الثانية هي دمج السلطة الفلسطينية بشكل معين في السيطرة في غزة. الانسحاب من المناطق التي سيطرت عليها اسرائيل اعاد حماس بسرعة الى الحكم هناك. المساعدات الانسانية التي ازداد ادخالها بشكل دراماتيكي في الاسابيع الاخيرة تسمح لحماس بالانتعاش وتعزيز سيطرتها السلطوية. ولو أنه كانت هناك جهات اخرى تسيطر على تلقي المساعدات وتعمل على توزيعها وتتحمل المسؤولية عن اعادة اعمار اساسية للبنى التحتية المدمرة لكان ذلك سيخلق منافسة امام حماس ويخلق تهديد لحكمها.

يمكن المراوغة في صياغة من ستكون جهة الحكم الجديدة، وبنيامين نتنياهو فعل ذلك وبحق عندما نشر وثيقة قصيرة حول اليوم التالي وصف فيها من الذي يمكن أن يحكم في غزة. “بقدر الامكان سترتكز الادارة المدنية التي ستكون المسؤولة عن النظام في غزة على جهات محلية لها خبرة في الادارة. وهذه الجهات لن تكون متماهية مع دول أو جهات تدعم الارهاب أو تحصل منها على الرواتب. من جهة، نتنياهو لا يستبعد السلطة. ومن جهة اخرى يرتجف من احتمالية ذكرها خوفا من رد بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير. النتيجة هي مغسلة كلمات بدلا من السياسة، الاشارات بدلا من خطة عمل حقيقية، والمماطلة بدلا من قيادة وتصميم.

هذا سيبقي اسرائيل امام طريق مسدود لن يفتح الى حين أن يهزم الجيش الاسرائيلي كتائب حماس في رفح. معارضة اليمين المتطرف وجهات في الليكود لدمج السلطة الفلسطينية في الحكم في غزة تنبع من الخوف من تعزيزها. لذلك فان هذا سينهي استراتيجية الفصل بين قطاع غزة وبين يهودا والسامرة التي منعت الدفع قدما بحل الدولتين. ولكن في 7 اكتوبر تبين أن هذه الاستراتيجية هي استراتيجية فاشلة ومدمرة، وهذا ما حدث منذ ذلك الحين عندما انضمت حماس للحملة، وايران الآن ايضا.

إن مستوى المخاطرة آخذ في الازدياد، وهو يقتضي حل تشارك فيه السلطة الفلسطينية بدعم دولي مع الحفاظ على حرية العمل الامنية لاسرائيل في كل ما يتعلق بالسيطرة على غزة، هذا قبل الغرق في الوحل ثلاثي الساحات.

---------------------------------------------

 

معاريف 17/4/2024

 

 

لنبدأ الثأر بحزب الله

 

 

بقلم: افرايم غانور

 

نزعة الثأر ضد ايران ووكلائها وحدت دولة إسرائيل في الأيام الأخيرة الى مستوى لم نشهده هنا منذ زمن بعيد وعن حق. نحو 360 صاروخا ومُسيرة اطلقت نحو دولة إسرائيل شكلت هجوما جويا لم تشهده دولة إسرائيل منذ عهدها، هجمة وحشية كان فيها اعلان حرب يبرر ردا إسرائيليا دون أي تردد. من هنا فان السؤال هل سنهاجم ونرد لا داع له. هذا كما كنا سنسأل أنفسنا بعد 7 أكتوبر اذا كنا سندخل الى قطاع غزة أم لا. حين يكون هاما أن نذكر هنا، واساسا للعالم الواسع فان ايران هي المحدثة والداعمة الأكبر للارهاب التي تعمل منذ اكثر من 20 سنة لنيل سلاح نووي باستثمار مئات مليارات الدولارات هي التي حرص زعماؤها ويحرصون على الإعلان بصوت عال من على كل منصة: إسرائيل ستباد وهذه مجرد مسألة وقت الى أن نستعيد بمعونة الجهاد الكرامة المداسة للشعب الفلسطيني المحتل والمضطهد”.

على مدى السنين خلقت ايران حول دولة إسرائيل “خاتم خانق” من الإرهاب والعداء بمعونة اذرع الاخطبوط مثل حزب الله في لبنان، حماس والجهاد الإسلامي في غزة وفي الضفة، الحوثيين في اليمن، والميليشيات الشيعية في سوريا وفي العراق. كل هذا في ميل واضح “لخنق” دولة إسرائيل من كل الاتجاهات – وفي اللحظة المناسبة استخدام كل هذه الاذرع في ميل واضح لابادة دولة إسرائيل.

في هذه الساعات التي بعد الهجوم الإيراني الفاشل بفضل سلاح الجو الرائع، التكنولوجيا والاستثمار الإسرائيلي الصحيح في الدفاع ضد الهجوم الجوي والمساعدة الامريكية والتحالف الذي بدأ يتبلور هنا حولنا – لا خلاف في ان إسرائيل لا يمكنها أن تمر مرور الكرام على هجوم غير مسبوق كهذا ولا شك ان هذا هو الوقت الصحيح والمناسب للهجوم والثأر من ايران. واساسا حين يميل بندول العطف والتعاطف في العالم الان الى جانب إسرائيل. الأسئلة الكبرى التي توجد من خلف النوايا والارادات للعمل هي: كيف، اين، متى؟ وما الذي ستجلبه معها العملية التي ستنفذ؟

الميل الأول للعمل في ضوء كل هذا هو تصفية القدرة النووية الإيرانية، التي تشكل تهديدا وجوديا على دولة إسرائيل. تصفية تؤدي الى تغيير ثوري في كل ما يرتبط بالتهديد الإيراني على أمن إسرائيل. لكن كما يبدو هذا في الواقع الحالي، دون مساعدة أمريكية ودعم دول الكتلة السُنية حولنا، بما في ذلك الدعم الأوروبي، من الصعب أن نرى عملية كهذه تخرج الى حيز التنفيذ. فالهجوم على اهداف في ايران من شأنه أن يجر ردود فعل إيرانية مضادة ستثقل فقط على وضعنا الأمني.

من هنا ينبغي التفكير من الرأس وليس من البطن. هذا يعني استغلال الوضع الحالي للهجوم على الذراع الإيراني الأهم – منظمة حزب الله في لبنان التي تدير ضدنا منذ نصف سنة حرب استنزاف ضارية تسببت بنزوح نحو 100 الف إسرائيلي من بيوتهم وترك إقليم كبير هام وجميل مهجورا ومهملا. هجوم مكثف على بنك اهداف لحزب الله في لبنان، والذي يوجد لدى شعبة الاستخبارات “امان” سيؤدي الى ابعاد منظمة الإرهاب الى ما وراء الليطاني، سيحيد تهديد قسم كبير من عشرات الاف الصواريخ الموجهة نحو دولة إسرائيل واساسا سيعيد الحياة الى شمال دولة إسرائيل الى جانب سكانه الموزعين في ارجائها.

عملية ضد حزب الله يمكنها أن تدفع قدما بتحرير مخطوفين في غزة، حين يرى السنوار ما حصل لحزب الله بينما ايران تقف جانبا بعد فشلها في الهجوم على إسرائيل وسيفهم بان ليس له على من يستند وان أيامه معدودة ونهايته قريبة وان من الاسلم له التوجه الى صفقة.  ومن هنا، مرة أخرى – الخطوة الصحيحة والأكثر نجاعة للرد ضد ايران بحكمة ونجاعة قصوى هي مهاجمة حزب الله في لبنان.

---------------------------------------------

 

يديعوت 17/4/2024

 

 

مملكة تحت التهديد

 

 

بقلم: سمدار بيري

 

وزير الخارجية الأردني، ايمن الصفدي (62) ابن الطائفة الدرزية، هو حقا ليس كأس الشاي لمحافل عسكرية وسياسية في إسرائيل. فهو يتحدث بصلابة لاذعة تجاه إسرائيل، يقول الأمور الفظة التي لن يقولها الملك عبدالله، ورغم كل كفاءاته واطلاعاته على الاحداث – وتوجد كهذه – لم يعتبر ابدا محبا لإسرائيل ولا حتى في الفترة التي سبقت نتنياهو.

اعرف ايمن الصفدي منذ الأيام التي كان يعمل فيها كمراسل غير كبير في صحيفة “الحياة” السعودية في الأردن. خرجنا معا للبحث (ووجدنا) المواطن الأردني الذي قرر أن يسمي ابنه البكر (رابين) على اسم رئيس وزراء إسرائيل.

منذئذ، تسلق الصفدي الى مناصب رفيعة، كمحرر “جوردان تايمز” بالانجليزية، ومستشار الأمير الحسن، بعد ذلك خرج لبضع سنوات لمناصب استشارة في الخليج الفارسي وعاد في 2017 لمنصب وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء. هو الوزير الاقدم في الحكومة الأردنية ويتمتع بثقة الملك عبدالله الكاملة.

يعمل الصفدي اليوم كـ “لسان” الملك. يوم الاحد دعا على عجل السفير الإيراني في المملكة كي يوضح له بان الأردن، بعد هجوم الصواريخ والمُسيرات في أراضيه لا يعتزم ان يكون جريرا إيرانيا مثل سوريا، لبنان والعراق. من خلف الأمور وقف تعهد امريكي لا لبس فيه لمساعدة الأردن اذا ما هاجمته ايران مرة أخرى. وبالفعل، بعد ساعات قليلة من اللقاء مع السفير الإيراني في عمان، أعلنت الصحيفة المقربة من الحرس الثوري: “الأردن على بؤرة الاستهداف”.

بينما يتسلى سكان بلدة الرمثا بشظايا المُسيرات والصواريخ التي سقطت في أراضيهم ويعرضون بسخرية “بيعها لكل من يعرض ثمنا” توضح السلطات في الاردن: “اسقطنا اجساما اطلقت الينا من الجو من دولة اجنبية”. دون ذكر التحالف بين السعودية، الامارات، الولايات المتحدة وإسرائيل في صد الهجوم الإيراني المفاجيء.

الأردن لم يعلق فقط في المواجهة بين ايران وإسرائيل بل وجد نفسه في دوامة تنديدات حادة في الشارع. رأيت المرة تلو الأخرى صورة الملك عبدالله في الشبكات الاجتماعية، يرتدي بزة الجيش الإسرائيلي مع شعار إسرائيل على كتفيه، الى جانب رتبة مقدم في الجيش الإسرائيلي. ردود الأفعال مختلطة وثمة أيضا من يسمونه “البطل”. وفي اطار ذلك، تواصل ايران مهاجمة الأردن وتسميه “معاون الصهاينة”. ولا تتردد وكالة الانباء الإيرانية “فارس” من تحذير الاسرة المالكة في عمان: “انتم في بؤرة الاستهداف اذا ما تدخلتم او تجندتم مرة أخرى”.

 لا ننسى الحدود الطويلة بين الأردن وإسرائيل وحقيقة أن اكثر من سكان الأردن هم من اصل فلسطيني، وعلى رأسهم الملكة رانيا التي لم توفر انتقادا حادا عن إسرائيل في اثناء الحرب في غزة. والان يخرج المتظاهرون ليس فقط الى نطاق سفارة إسرائيل في عمان بل وأيضا الى سفارة الولايات المتحدة في حي عبدون الفاخر.

تعرض محافل رسمية في عمان صورة – ليست غير دقيقة على الاطلاق – في أن الخطوات الأردنية استهدفت اهداف الدفاع وحماية سيادة الأردن. نحن لسنا حُماة إسرائيل ولسنا دمى في هذه اللعبة الخطيرة، كما يقولون. لكن في غداة الهجوم، أعلنت الولايات المتحدة عن نيتها رفع المساعدات المالية الى الأردن وإسرائيل ستزيد الضعفين على الأقل لكمية مياه الشرب للمنطقة. الأردن المضغوط، عن حق، يدعو سكانه لان يطلعوا على الانباء فقط من الوسائل التي تسيطر عليها المملكة والتقليل من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي تلك التي ترسم الان، بسخرية لاذعة، علم إسرائيل ضخم يرفرف في سماء عمان.

ردت الكويت وقطر طلبا أمريكا باستخدام قواعد سلاح الجو الأمريكي في أراضيها لمهاجمة ايران. في الأردن، عصبة كبيرة من المتظاهرين الفلسطينيين نظموا مسيرة وهتفوا نحو الاسرة المالكة: “اين جيش الكرامة”. ووصلت لعبة الكلمات المزدوجة بوضوح الى أروقة المملكة: فهذا ليس “جيش الشرف” الذي ينضم الان الى الحلف ضد ايران بل وأيضا تذكير بمعركة الكرامة التي اجبر فيها الجيش الأردني إسرائيل في 1968 للانسحاب من عملية في أراضيه ضد الفلسطينيين.

مريم، “بدون اسم العائلة لو سمحتي”، طالبة سنة ثالثة في كلية القانون تصف ليل المسيرات في سماء الأردن فتقول: “انا لست مؤيدة لإيران. وعندي الكثير من الملاحظات على سلوك النظام والحرس الثوري تجاه المواطنين في دولتهم. هذا ما كان سيحصل عندنا، في الأردن. انا لا اعارض النشاط الأردني ضد الإيرانيين. هذا لن يمر بسلاسة، وهم سيهاجموننا وسيثيرون المشاكل من سوريا ومن لبنان، وسنضطر للاعتماد كل الوقت على الأمريكيين، الذين هم جد غير محبوبين عندنا في المملكة”.

محمد شتيلا، هو الاخر طالب قانون اشتكى بشدة من قادة الجيش الأردني الذين سمحوا بالتعاون، في أراضي المملكة ضد ايران. “الإيرانيون يحذرون الان من ان الأردن سيكون المحطة التالية. انا اصدقهم. فبعد كل شيء، الأردن هو مملكة صغيرة مع جيش قوي لكن اذا قرر الإيرانيون الهجوم، كل واحد منا سيدفع ثمنا باهظا”.

أخيرا، خرجت السعودية الى النمو وتطلق تلميحا واضحا عن دورها ضد ايران. السعودية هي التي أعلنت قبل سنة عن استئناف العلاقات مع ايران، ولم تعلن بعد عن التطبيع مع إسرائيل. كما أن السعودية هي التي علاقاتها مع الأردن باردة حتى جامدة منذ الكشف عن محاولة الانقلاب ضد الملك عبدالله في عمان والجهد السعودي لتمليك الأخ الأمير حمزة عرش المملكة. الان، السعودية مستعدة لان تعترف بمشاركتها السرية في احباط الهجوم، ولعل هذه الخطوة تؤدي الى توثيق العلاقات مع الملك عبدالله وتوفر المساعدة الاقتصادية التي يحتاجها الأردن جدا.

---------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هآرتس 17/4/2024

 

“نمهلكم شهراً ونصف شهر”.. من يعطل “آلة الاستيطان” ويوقف طرد المقدسيين من بيوتهم؟

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

رد قاضي العليا نوعام سولبرغ طلب استئناف أبناء عائلة شحادة من سلوان وأمر بإخلائهم من البيت الذي يسكنون فيه منذ 1967 لصالح نشطاء جمعية “عطيرت كوهانيم”. تتضح في قراره كل أمراض نظام التفرقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في القدس. يقع بيت عائلة شحادة في حي بطن الهوا بسلوان. في أواخر القرن التاسع عشر، أقيم وقف يهودي اشترى أرضاً في صالح إسكان يهود يمنيين. في 1938 أخلى البريطانيون الحي الصهيوني. بعد عقد من ذلك، عندما قسمت القدس، احتفظ حارس أملاك العدو الأردني بالسجلات على اسم الوقف اليهودي. بينما صادر نظيره في إسرائيل –حارس أملاك الغائبين– كل الأملاك الهائلة التي تركها اللاجئون الفلسطينيون غربي القدس وفي باقي الدولة.

في العام 2001، في قرار فني قصير، قبلت المحكمة المركزية في القدس طلب نشطاء جمعية “عطيرت كوهانيم” ليكونوا أمناء الوقف. وهكذا سلمت الدولة للجمعية المتطرفة مساحة أرض كبيرة في قلب قرية سلوان حيث يعيش مئات الفلسطينيين. السكان الفلسطينيون الذين اشتروا البيوت ببراءة قبل عقود من ذلك، لم يطلعوا على أنهم سيكونون في بيوتهم غزاة بجرة قرار قصير.

منذ ذلك الحين والجمعية تعمل على طرد السكان الفلسطينيين من بيوتهم لتستبدل بهم مستوطنين يهوداً. في 2018 طرحت القاضية العليا دفنا باراك -ايرز أسئلة قاسية في هذا الشأن – مثل المكانة القانونية للأرض وفقاً للقانون العثماني، وحقوق السكان الفلسطينيين في المكان وغيره. لكن باراك – ايرز لم تكن شجاعة بما يكفي لتأمر بوقف إجراءات الإخلاء، واكتفت بالقول: “إخلاء الناس الذين سكنوا على الأرض على مدى عشرات السنين… يثير مصاعب إنسانية”.

منذئذ يتواصل الجهد القضائي لإخلاء السكان من بيوتهم. قبل سنة ونصف، طلب قاضي عليا آخر، عوزي فوغلمان، إيضاحات من المستشارة القانونية للحكومة. غير أن المستشارة غالي بهرب ميارا لا تسارع إلى ذلك وحتى اليوم لم ترفع فتواها.

في هذه الأثناء، قرر سولبرغ بأنه عدم انتظار الفتوى، وأمر بإخلاء 15 من أبناء العائلة من بيتهم في غضون شهر ونصف، كما أمرهم بأن يدفعوا نفقات المحكمة للمستوطنين. هذه السيطرة مصابة جداً بإخفاقات، مظالم، قوانين مميزة، خروقات للقانون الدولي وقواعد الأخلاق الأساسية، لدرجة يصعب إحصاؤها جميعها. المنظومة الإسرائيلية كلها، من الكنيست المشرعة، عبر الحارس في وزارة المالية والمستشار القانوني للحكومة، وحتى قضاة العليا، كلها تعمل كجهاز سلس الحركة هدفه واحد: دحر عائلات كادحة بين بيوتها في قلب المنطقة الفلسطينية في القدس لصالح يهود متطرفين سيجر وجودهم هناك مزيداً من العنف والبؤس. كل مواطن نزيه يجب أن يثور على قرار المحكمة هذا.

---------------------------------------------

 

"إسرائيل" تقرر رداً واضحاً وحاسماً لكسر المعادلة الإيرانية

 

المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي يعرض بقايا صاروخ باليستي إيراني خلال مؤتمر صحافي في قاعدة جولس العسكرية

قررت إسرائيل الرد «بشكل واضح وحاسم» على الهجوم الإيراني غير المسبوق الذي وقع مطلع الأسبوع بطائرات مسيرة وصواريخ، بهدف التوضيح أن إسرائيل لم ولن تسمح للإيرانيين بخلق المعادلة الجديدة التي كانوا يحاولون خلقها في الأيام الأخيرة، وفق ما قالت القناة 12 الإسرائيلية.

وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت هذا التوجه، وقال إن «إيران فشلت في الهجوم علينا، وستفشل في ردع إسرائيل»، مضيفاً «أي عدو سيقاتلنا سنعرف كيف نضربه أينما كان».

وبحسب غالانت: «لن يتمكن الإيرانيون من تطبيق معادلة ردع مختلفة ضدنا».

ولم يعرف متى ستهاجم إسرائيل، وكان مجلس وزراء الحرب قد اجتمع الثلاثاء للمرة الخامسة منذ الهجوم الإيراني لبحث وقت الرد وشكله النهائي.

ورغم أن موعد الرد سيبقى سرياً حتى يدخل حيز التنفيذ، فإن التقديرات تشير إلى أن إسرائيل ستلحق الضرر بالأصول الإيرانية.

وأكد الجيش الإسرائيلي أن إيران لن تنجو من العقاب بعد هجومها غير المسبوق ليل السبت الأحد بطائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري لصحافيين في قاعدة جولس العسكرية، بينما كان يعرض بقايا صاروخ إيراني تم اعتراضه: «لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذا النوع من العدوان، إيران لن تنجو من العقاب». ووفق هاغاري الذي تحدث بالإنجليزية، بينما كان العالم يتحدث عن «التهديد النووي من إيران» كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية «تبني تهديداً تقليدياً في مسعى إلى خلق حلقة من النار في إسرائيل».

وكان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هاليفي في قاعدة نيفاتيم التي أصيبت في القصف الإيراني مساء الاثنين، وقال من هناك إن إسرائيل «ستردّ على إطلاق هذا العدد الكبير جداً من الصواريخ والمسيرات على أراضي دولة إسرائيل».

 

«رسالة ردع»

 

من جانبه، قال يولي إدلشتاين، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست (البرلمان)، إنه عندما ترد إسرائيل على الهجوم الإيراني، فإن هدفها سيكون إرسال رسالة ردع لطهران مع وضع حد لهذه الجولة من الأعمال القتالية. وأضاف يولي إدلشتاين، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست (البرلمان)، أن من بين الاعتبارات الإسرائيلية عند التخطيط لضربة مضادة، حذر القوى الغربية من الحرب والمخاطر التي قد تتعرض لها أطقم الطائرات من أي طلعات جوية ضد إيران، والحاجة إلى مواصلة التركيز على الهجوم المستمر منذ أكثر من نصف عام على غزة. وأضاف: «سيتعين علينا الرد. سيعرف الإيرانيون أننا قمنا بالرد. وآمل بصدق أن يلقنهم درساً، مفاده أنه لا يمكنكم مهاجمة دولة ذات سيادة لمجرد أنكم تجدون ذلك ممكناً». لكنه أردف: «آمل مخلصاً أن يفهموا أنه ليس من مصلحتهم مواصلة هذا النوع من تبادل الضربات. لسنا مهتمين بحرب واسعة النطاق. لسنا، كما قلت، في مجال الانتقام».

وأظهر استطلاع أجرته القناة 13 التلفزيونية الإسرائيلية أن 29 في المائة من الإسرائيليين يؤيدون توجيه ضربة فورية لإيران، و37 في المائة يؤيدون الهجوم في وقت لاحق، و25 في المائة يعارضون مثل هذا العمل.

 

حملة دبلوماسية

 

أعلن وزير الخارجية إسرائيل كاتس إنه أطلق حملة دبلوماسية لمواجهة إيران. وقال: «إلى جانب الرد العسكري على إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، أقود تحركاً دبلوماسياً ضد إيران». وأشار كاتس عبر حسابه على منصة «إكس» إلى أنه قد «وجهت هذا الصباح رسائل إلى 32 دولة، وتحدثت مع العشرات من وزراء الخارجية والشخصيات البارزة في جميع أنحاء العالم، داعياً إلى فرض عقوبات على مشروع الصواريخ الإيراني وإعلان (الحرس الثوري) منظمة إرهابية». ولم يحدد كاتس الحكومات التي طلبت منه فرض عقوبات على «الحرس الثوري» المدرج أساساً على لائحة الولايات المتحدة للمنظمات الإرهابية، ويخضع لعقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي.

وعشية توجهها إلى إسرائيل، دعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك الثلاثاء الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات جديدة على تكنولوجيا المسيّرات الإيرانية عقب هجوم طهران نهاية الأسبوع الماضي على إسرائيل.

في سياق متصل، أعلن السفير الإسرائيلي لدى ألمانيا، رون بروسور، أن بلاده ستوجه ضربة مضادة لمنشآت عسكرية إيرانية رداً على الهجوم الذي شنته إيران، حسبما أوردت «وكالة الأنباء الألمانية». وفي تصريحات لتلفزيون صحيفة «فيلت» الألمانية، قال بروسور في برلين الثلاثاء إن إسرائيل لن تهاجم أهدافاً مدنية، مضيفاً أن الرد الإسرائيلي سيكون موجهاً «ضد هذه المنشآت العسكرية التابعة للملالي وآيات الله»، مشيراً إلى أنه من غير الممكن التنازل عن هذا الرد، وقال: «يجب أن نرد على هذا. من المهم أيضاً بالنسبة للمنطقة أن يكون هذا الردع، أيضاً في هذه المنطقة، شديد الوضوح»، وفق ما أوردت «وكالة الأنباء الألمانية».

وأكد بروسور عزم إسرائيل على شن ضربة مضادة، لكنه لم يذكر تفاصيل، وأردف: «متى وأين وكيف، هذا ما سيحدده مجلس الحرب لدينا». وطالب الدبلوماسي الإسرائيلي حلفاء بلاده بتفهم الموقف الإسرائيلي، وفرض عقوبات أكثر صرامة على إيران.

وتابع بروسور: «بداية، نحن نستمع - إلى أصدقائنا - أي إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، ولكن أود أن أذكركم بأن إيران أطلقت حتى الآن أكثر من 300 صاروخ على إسرائيل، من دون استفزاز، في سعي منها لفعل أي شيء لقتل مدنيين إسرائيليين فعلاً. وعلينا أن نرد على ذلك».

 

3 سيناريوهات

 

ووضعت القناة 3 سيناريوهات للرد الإسرائيلي المتوقع بين المحدود والمعتدل والكبير. وقال خبراء إن الرد المحدود قد يشمل هجوماً إلكترونياً فقط، أما الهجوم المعتدل، فقد يكون هجوماً إلكترونياً مقترناً بهجوم صاروخي محدود على قاعدة عسكرية صغيرة أو مجمع عسكري واحد.

وفي الهجوم الكبير، قد تستهدف إسرائيل بشكل مباشر مجمعات عسكرية في المراكز الاستراتيجية بجميع أنحاء إيران، بما في ذلك هجمات إلكترونية.

وبناء على القرار الذي اتخذ، استكمل سلاح الجو، الذي من المتوقع أن يتحمل غالبية وطأة الرد، الاستعدادات بما في ذلك الخطط التي تم التدريب عليها خلال السنوات الماضية.

خلال المشاورات التي أجراها المجلس الحربي الإسرائيلي في اليومين الماضيين، برز أمران مهمان، الأول الرد بطريقة لا تؤدي إلى تدهور المنطقة بالدخول في حرب.

والثاني الرد بطريقة يمكن للأميركيين أن يقبلوها. ولا يدور الحديث بالضرورة عن تنسيق كامل، لكن الرد يتوافق مع القواعد التي يضعونها.

ووفق القناة 12 هناك قضية أخرى طرحت في المشاورات، وهي التحالف الذي تم تشكيله للدفاع ضد الهجوم الإيراني، وتم الاتفاق على أنه من المحظور تحت أي ظرف من الظروف المساس بهذا التحالف.

ومنذ أن ضربت إيران إسرائيل ليلة السبت، قررت إسرائيل أنه يجب أن يكون هناك رد، قبل أن يلغي اتصال هاتفي من الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هجوماً فورياً مضاداً كانت تنوي إسرائيل تنفيذه.

وطلب بايدن من نتنياهو الاكتفاء بالنصر الذي تحقق في فشل الهجوم الإيراني، وأبلغه أن واشنطن لا تؤيد ولن تشارك في هجوم على إيران.

وعدم إغضاب الإدارة الأميركية التي قادت تحالفاً لصد الهجوم الإيراني، من العقد التي برزت في المناقشات الإسرائيلية.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت» إن الأميركيين غاضبون أصلاً؛ لأنهم لم يتلقوا تحذيراً بشأن استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، والذي ردت عليه طهران بهجوم على إسرائيل، وفي تل أبيب تعهدوا بتحديث هذه المرة مسبقاً قبل الرد الموعود.

وعلى الرغم من أن لدى الولايات المتحدة معلومات استخباراتية تشير إلى أن إسرائيل تفكر في شن هجوم «ضيق ومحدود» على الأراضي الإيرانية، فإنه لم تبلغ إسرائيل حتى الآن أميركا بالخطة الكاملة.

 

مع ذلك لا يمكن حسم أن الرد الإسرائيلي لن يتطور إلى حرب.

 

وقال وزير الهجرة والاستيعاب الإسرائيلي أوفير سوفير إن الحكومة لا تستبعد الانزلاق إلى حرب إقليمية.

وأضاف: «نحن في مواجهة واقع لا يمكن تقبله بعد الهجوم الإيراني، وعلينا أن نغير المعادلة».

وتخشى إسرائيل من أن تعمق التعاون بين موسكو وطهران خلال الحرب في أوكرانيا، قد تظهر نتائجه في جولة القتال الحالية.

وأكد مسؤولون إسرائيليون أن تبادل الخبرة التكنولوجية العسكرية بين البلدين من شأنه أن يطوّر قدرات طهران الدفاعية.

وقالت «يديعوت أحرنوت» إن الكرملين قد يسلم طهران قريباً طائرات مقاتلة حديثة وأنظمة دفاع جوي جديدة.

وتعد إسرائيل أن العلاقات بين موسكو وطهران تمثل شراكة استراتيجية عميقة، وقد تعمقت بعد الحرب على أوكرانيا.

بموازاة استعداداتها العسكرية شنّت إسرائيل هجوماً دبلوماسياً على إيران، ودعت 32 دولة إلى فرض عقوبات على «الحرس الثوري» وبرنامجه الصاروخي.

---------------------------------------------

 

(مجلة 972+) 4/4/2024

 

 

"لافندر": آلة الذكاء الاصطناعي التي توجه القصف الإسرائيلي في غزة

 

 

بقلم: يوفال أبراهام

 

قالت المصادر الإسرائيلية التي تحدثت إلى مجلة "972+" و"لوكال كول" إن درجة الأضرار الجانبية الثابتة والمحددة مسبقًا ساعدت في تسريع التوليد الهائل للأهداف باستخدام آلة "لافندر"، لأنها وفرت الوقت. وادعى المسؤول الاستخباراتي الرفيع، ب. أن عدد المدنيين الذين سُمح للجيش بقتلهم في الأسبوع الأول من الحرب مع كل مقاتل صغير مشتبه به أشر عليه الذكاء الاصطناعي كان خمسة عشر شخصًا، لكن هذا العدد "ارتفع وانخفض" بمرور الوقت. ‏

‏وقال ب.، متحدثًا عن الأسبوع الأول بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر): "في البداية هاجمنا تقريبًا من دون النظر في الأضرار الجانبية. في الممارسة، لم تكُن تقوم حقًا بإحصاء الأشخاص (في كل منزل يتم قصفه)، لأنك لا تستطيع أن تعرف بالضبط ما إذا كانوا في المنزل عند القصف أم لا. وبعد أسبوع، بدأ وضع القيود على حجم الأضرار الجانبية. وانخفض العدد (من 15) إلى 5، مما جعل من الصعب علينا تنفيذ الهجمات، لأنه إذا كانت الأسرة بأكملها في المنزل، فإننا لن نتمكن من قصفها. ثم قاموا برفع الرقم مرة أخرى".

 

‏"كنا نعلم أننا سنقتل أكثر من 100 مدني"‏

 

‏أخبرَت المصادر مجلة "972+" و"لوكال كول" بأن الجيش لم يعد الآن، جزئيا بسبب الضغط الأميركي، يولد أهدافًا بشرية صغيرة الرتبة بأعداد كبيرة لقصف منازل المدنيين. كما أن حقيقة أن معظم المنازل في قطاع غزة قد دمرت أو تضررت بالفعل، وأنه تم تهجير جميع السكان تقريبًا، أضعفت أيضًا قدرة الجيش على الاعتماد على قواعد البيانات الاستخباراتية والبرامج الآلية التي تحدد مواقع المنازل.

ادعى المصدر ي. أن القصف المكثف للمقاتلين الصغار لم يحدث إلا في أول أسبوع أو أسبوعين من الحرب، ثم تم إيقافه بشكل أساسي حتى لا يتم إهدار القنابل. وقال ي.: "هناك اقتصاد في الذخائر. كانوا (قادة الجيش) دائمًا خائفين من أن تنشب (حرب) في الساحة الشمالية (مع حزب الله في لبنان). لم يعودوا يهاجمون هذه الأنواع من الناشطين (الصغار) على الإطلاق".

‏ومع ذلك، ما تزال الغارات الجوية ضد كبار قادة "حماس" مستمرة. وقالت المصادر إن الجيش يصرّح في هذه الهجمات بقتل "مئات" المدنيين لكل هدف -وهي سياسة رسمية لا توجد سابقة تاريخية لها في إسرائيل-ولا حتى في العمليات العسكرية الأميركية في الفترة الأخيرة.‏

‏يتذكر ب. الغارة التي حدثت في 2 كانون الأول (ديسمبر) التي قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ‏‏إنها هدفت إلى اغتيال وسام فرحات: "في القصف الذي استهدف قائد كتيبة الشجاعية، كنا نعلم أننا سنقتل أكثر من 100 مدني. بالنسبة لي، من الناحية النفسية، كان الأمر غير عادي. أكثر من 100 مدني؟ -إنه شيء يتجاوز بعض الخطوط الحمر".‏

‏وقال أمجد الشيخ، وهو شاب فلسطيني من غزة، إن العديد من أفراد عائلته قتلوا في ذلك القصف. وباعتباره من سكان الشجاعية في شرق مدينة غزة، كان موجودًا في "سوبر ماركت" محلي في ذلك اليوم عندما سمع خمسة انفجارات حطمت النوافذ الزجاجية.

‏وقال الشيخ لمجلة "972+" و"لوكال كول": "ركضت إلى منزل عائلتي، لكنني لم أجد أي مبان هناك: كان الشارع مليئًا بالصراخ والدخان. وكانت كتل سكنية بأكملها قد تحولت إلى جبال من الأنقاض والحفر العميقة. وبدأ الناس في البحث في كتل الأسمنت باستخدام أيديهم، وكذلك فعلتُ وأنا أبحث عن أي علامات لمنزل عائلتي".

نجت زوجة الشيخ وابنته الرضيعة من القصف -محميتين تحت الأنقاض بخزانة سقطت فوقهما- لكنه وجد 11 فردا آخرين من عائلته، من بينهم أخواته وإخوته وأطفالهم الصغار، ميتين تحت الأنقاض. ‏و‏وفقًا لمنظمة‏‏ "بتسيلم" الإسرائيلية لحقوق الإنسان، دمر القصف في ذلك اليوم عشرات المباني، وقتل عشرات الأشخاص، ودفن مئات آخرين تحت أنقاض منازلهم.‏

 

‏"عائلات بأكملها قتلت"‏

 

وقالت مصادر استخباراتية لمجلة "972+" و"لوكال كول" إنهم كانوا من بين الذين شاركوا في ضربات أكثر دموية. على سبيل المثال، من أجل اغتيال أيمن نوفل، قائد لواء غزة المركزي التابع لـ"حماس"، قال مصدر إن الجيش أذن بقتل ما يقرب من 300 مدني، ‏‏وتدمير العديد من المباني‏‏ في غارات جوية على مخيم البريج للاجئين في 17 تشرين الأول (أكتوبر)، بناء على تحديد غير دقيق لموقع نوفل. وتُظهر لقطات الأقمار الصناعية ‏‏ومقاطع الفيديو‏‏ من مكان الحادث تدمير العديد من المباني السكنية الكبيرة متعددة الطوابق.‏

‏وقال عمرو الخطيب، أحد سكان المخيم، لمجلة "972+" و"لوكال كول": ‏"تم تدمير ما بين 16 إلى 18 منزلاً في الهجوم. لم نتمكن من التمييز بين شقة وأخرى -لقد اختلطت جميعها تحت الأنقاض، ووجدنا الأشلاء البشرية في كل مكان".‏

‏وفي أعقاب التدمير، كما قال الخطيب، تم انتشال حوالي 50 جثة من تحت الأنقاض، وأصيب حوالي 200 شخص، العديد منهم في حالة خطيرة. لكن ذلك كان في الأول فحسب. وقال إن سكان المخيم أمضوا خمسة أيام في سحب القتلى والجرحى من تحت الأنقاض.‏

‏وكان نائل البحيسي، وهو مسعف، من أوائل الذين وصلوا إلى مكان القصف. وقد أحصى ما بين 50-70 ضحية في ذلك اليوم الأول. وقال لمجلة "972+" و"لوكال كول": "في لحظة معينة، فهمنا أن هدف الغارة كان قائد "حماس" أيمن نوفل. لقد قتلوه، ومعه الكثير من الأشخاص الذين لم يكونوا يعرفون أنه كان هناك. قُتلت عائلات بأكملها مع أطفالها".‏

وقال مصدر استخباراتي آخر لمجلة "972+" و"لوكال كول" إن الجيش ‏‏دمر مبنى شاهقًا‏‏ في رفح في منتصف كانون الأول (ديسمبر)، حيث أسفر القصف عن مقتل "عشرات المدنيين" من أجل ‏‏محاولة قتل‏‏ محمد شبانة، قائد كتائب رفح التابعة لـ"حماس" (ليس من الواضح ما إذا كان قد قتل في الهجوم أم لا). وقال المصدر إن كبار القادة كانوا يختبئون في كثير من الأحيان في الأنفاق التي تمر من تحت المباني المدنية، وبذلك، كان اختيار اغتيالهم بغارة جوية يقتل مدنيين بالضرورة.‏

‏وقال وائل السر، 55 عامًا، الذي شهد الغارة واسعة النطاق التي يعتقد بعض سكان غزة أنها كانت محاولة اغتيال، لمجلة "972+" و"لوكال كول": ‏"معظم المصابين كانوا من الأطفال. دمر القصف في 20 كانون الأول (ديسمبر) "مبنى سكنيا بأكمله" وقتل 10 أطفال على الأقل".‏

‏ادعى د.، وهو مصدر استخباراتي، أنها "كانت هناك سياسة متساهلة تمامًا فيما يتعلق بعدد ضحايا عمليات (القصف) -كانت متساهلة لدرجة أنها كانت تنطوي، في رأيي، على عنصر انتقام. كان جوهر هذا الاستهداف هو اغتيال كبار (قادة "حماس" و"الجهاد الإسلامي في فلسطين") الذين كان الجيش على استعداد لقتل مئات المدنيين من أجل قتلهم. كان لدينا حساب: كم (مدنيا يُسمح بقتله) لقائد لواء، وكم لقائد كتيبة، وهكذا".‏

‏وقال إي. وهو مصدر استخباراتي آخر: "كانت هناك لوائح، لكنها متساهلة للغاية (بشأن الضحايا الجانبية). لقد قتلنا أشخاصًا كأضرار جانبية بأرقام مزدوجة عالية -إن لم تكن في أوائل الثلاثة أرقام. هذه أشياء لم تكن تحدث من قبل".‏

لا شك في أن ‏مثل هذا المعدل المرتفع من "الأضرار الجانبية" استثنائي -ليس مقارنة بما اعتبره الجيش الإسرائيلي مقبولاً في السابق فحسب، ولكن مقارنة بضحايا الحروب التي شنتها الولايات المتحدة في العراق وسورية وأفغانستان أيضًا.

كان ‏‏الجنرال بيتر غيرستن، ‏‏نائب قائد العمليات والاستخبارات ‏‏في عمليات محاربة "داعش" في العراق وسورية، قد قال ‏‏لمجلة‏‏ دفاع أميركية في العام 2021 إن هجومًا يخلف أضرارًا جانبية بمقدار 15 مدنيا كان ينحرف عن الإجراء المتبع؛ ولتنفيذه، كان يجب الحصول على إذن خاص من رئيس القيادة المركزية الأميركية حينذاك، الجنرال لويد أوستن، الذي يشغل الآن منصب وزير الدفاع.

‏وقال غيرستن: "في حالة أسامة بن لادن، سيُسمح لك بعدد من الإصابات المدنية من غير المقاتلين تبلغ 30 شخصًا. أما إذا كان لديك قائد منخفض المستوى، فإن عدد الإصابات المدنية المسموح به عادة ما يكون صفرًا. وقد اعتمدنا معيار الصفر معظم الوقت".‏

قيل لنا: "كل ما تستطيع قصفه، اقصفه"‏

‏قالت جميع المصادر التي تمت مقابلتها في هذا التحقيق، إن المذابح التي نفذتها "حماس" في 7 تشرين الأول (أكتوبر) وقيامها بخطف رهائن أثرت بشكل كبير على سياسة الجيش بشأن إطلاق النار ودرجات الأضرار الجانبية المسموح بها. وقال ب.، الذي تم تجنيده في الجيش مباشرة بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر)، وخدم في غرفة عمليات تحديد الأهداف: "في البداية، كان المناخ مؤلمًا وانتقاميا. كانت القواعد متساهلة للغاية بشأن الأضرار الجانبية. كان الجيش يهدم أربعة مبان عندما يعلم أن الهدف يوجد في أحدها. كان ذلك جنونًا".‏

‏وتابع ب.: "كان هناك نوع من التنافر: من ناحية، كان الناس هنا محبطين لأننا لم نهاجِم بما فيه الكفاية. ومن ناحية أخرى، كنتَ ترى في نهاية اليوم أن 1000 شخص آخرين من سكان غزة لقوا حتفهم، معظمهم من المدنيين".‏

‏وقال د.، الذي تم تجنيده هو الآخر مباشرة بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر): "كانت هناك هستيريا في صفوف الجنود المحترفين. لم تكن لديهم أي فكرة على الإطلاق عن كيفية الرد. كان الشيء الوحيد الذي عرفوا أن يفعلوه هو الشروع في القصف مثل المجانين من أجل تفكيك قدرات ’حماس‘".‏

‏وشدد د. على أنه لم يتم إبلاغ الجنود صراحة بأن هدف الجيش هو "الانتقام"، لكنه قال إنه "بمجرد أن يصبح كل هدف مرتبط بـ’حماس‘ مشروعًا، بالموافقة على أي أضرار جانبية تحدث تقريبًا، يصبح من الواضح لك أن الآلاف من الناس سوف يُقتلون. حتى لو كان كل هدف يُقصف مرتبطًا بـ"حماس" رسميا، عندما تكون السياسة متساهلة للغاية بشأن الأضرار الجانبية، فإن أي قيود تفقد كل معنى".‏

‏كما استخدم أ. أيضًا كلمة "انتقام" لوصف الأجواء داخل الجيش بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر). وقال: "لم يفكر أحد في ما يجب فعله بعد ذلك، عندما تنتهي الحرب، أو كيف سيكون من الممكن العيش في غزة وماذا سيفعلون (الإسرائيليون) بها. قيل لنا: الآن علينا أن ندمر ’حماس‘، بغض النظر عن التكلفة. كل ما يمكِنك قصفه، اقصفه".‏

وقال ب.، المصدر الاستخباراتي الرفيع، إنه يعتقد أن هذه السياسة "غير المتناسبة" لقتل الفلسطينيين في غزة تعرِّض الإسرائيليين للخطر أيضًا، وإن هذا كان أحد الأسباب التي جعلته يقرر القبول بإجراء مقابلة معه.‏

‏وأضاف: "على المدى القصير، نحن أكثر أمانًا الآن لأننا ألحقنا الضرر بـ’حماس‘. لكنني أعتقد أننا أصبحنا أقل أمانًا على المدى الطويل. إنني أرى كيف أن عدد العائلات الثكلى في غزة -التي هي جميع العائلات تقريبًا- سيزيد الدافع (لدى الناس للانضمام إلى) "حماس" بعد 10 سنوات. سيكون من الأسهل بكثير على (حماس) تجنيدهم".‏

من جهته، نفى الجيش الإسرائيلي في تصريح لمجلة "972+" و"لوكال كول" الكثير مما أخبرتنا به المصادر، مدعيًا أنه "يتم فحص كل هدف على حدة، بينما يتم إجراء تقييم فردي للمكسب العسكري والأضرار الجانبية المتوقعة للهجوم... لا يشن الجيش الإسرائيلي هجمات عندما تكون الأضرار الجانبية المتوقعة من الهجوم مفرطة مقارنة بالميزة العسكرية".‏

 

‏الخطوة 5: حساب الأضرار الجانبية‏

 

‏"النموذج لم يكن متصلًا بالواقع"‏

‏وفقًا لمصادر الاستخبارات التي تحدثت إلينا، فإن حساب الجيش الإسرائيلي لعدد المدنيين المتوقع أن يُقتلوا في كل منزل مع هدف -وهو إجراء تناوله ‏‏تحقيق سابق‏‏ أجرته مجلة "972+" و"لوكال كول"- كان يجري بمساعدة أدوات مؤتمتة وغير دقيقة. في الحروب السابقة، كان أفراد المخابرات يقضون الكثير من الوقت في التحقق من عدد الأشخاص الذين يكونون في منزل من المقرر قصفه، مع إدراج عدد المدنيين المعرضين للقتل كجزء من "ملف الهدف". ولكن، تم بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر) التخلي عن هذا التحقق الشامل إلى حد كبير لصالح الأتمتة. ‏

في تشرين الأول (أكتوبر)، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز‏‏" ‏‏تقريرًا‏‏ عن نظام يتم تشغيله من قاعدة خاصة في جنوب إسرائيل، يقوم بجمع المعلومات من الهواتف المحمولة في قطاع غزة ويزود الجيش بتقدير في الوقت الفعلي لعدد الفلسطينيين الذين فروا من شمال قطاع غزة إلى الجنوب. وقال العميد أودي بن موحا لصحيفة "التايمز" أنه "ليس نظامًا مثاليًا بنسبة 100 في المائة -لكنه يعطيك المعلومات التي تحتاجها لاتخاذ قرار". ويعمل النظام وفقًا للألوان: مناطق العلامات الحمراء حيث يوجد الكثير من الأشخاص؛ ومناطق العلامات الخضراء والصفراء التي تم تطهيرها نسبيًا من السكان.‏

‏وصفت المصادر التي تحدثت إلى مجلة "972+" و"لوكال كول" نظامًا مشابهًا لحساب الأضرار الجانبية تم استخدامه لتحديد ما إذا كان مبنى معينًا سيُستهد بالقصف في غزة. وقال الذين تحدثوا إلينا أن البرنامج يحسب عدد المدنيين المقيمين في كل منزل قبل الحرب -من خلال تقييم حجم المبنى ومراجعة قائمة سكانه- ثم يتم خفض هذه الأرقام بمقدار نسبة السكان الذين يفترض أنهم أخلوا الحي. ‏

‏للتوضيح، إذا قدَّر الجيش أن نصف سكان حي ما قد غادروا، فإن البرنامج سيحسب المنزل الذي يضم عادة 10 سكان على أنه يحتوي على 5 فقط. وقالت المصادر أنه من أجل توفير الوقت، لم يقم الجيش بمراقبة المنازل للتحقق من عدد الأشخاص الذين يوجدون هناك بالفعل كما كان يفعل في العمليات السابقة، لمعرفة ما إذا كان تقدير البرنامج دقيقًا حقًا.‏

‏وحسب أحد المصادر: "هذا النموذج لم يكن متصلًا بالواقع. لم تكن هناك صلة بين  الذين يوجدون في المنزل الآن أثناء الحرب، وأولئك الذين نك إدراجهم على أنهم كانوا يعيشون هناك قبل الحرب. (في إحدى المرات) قصفنا منزلاً من دون أن نعرف أن هناك عدة عائلات توجد في الداخل، مختبئة معًا".‏

‏وقال المصدر إنه على الرغم من أن الجيش كان يعرف أن مثل هذه الأخطاء يمكن أن تحدث، فإنه اعتمد هذا النموذج غير الدقيق لأنه أسرع. وعلى هذا النحو، كما قال المصدر، "كان حساب الأضرار الجانبية آلياً وإحصائياً تماما" -حتى أنه أنتج أرقامًا لم تكن صحيحة.‏

الخطوة 6: قصف منزل عائلة‏

 

‏"لقد قتلتَ عائلة من دون سبب"‏

 

‏أوضحَت المصادر التي تحدثت إلى مجلة "972+" و"لوكال كول" أن فجوة كبيرة وُجدت في بعض الأحيان بين اللحظة التي تُنبِّه فيها أنظمة التتبع، مثل "أين بابا"، ضابطًا إلى أن هدفًا قد دخل منزله، وبين وقت القصف نفسه -وهو ما أدى إلى مقتل عائلات بأكملها حتى من دون إصابة الشخص الذي يستهدفه الجيش. وقال أحد المصادر: "حدث عدة مرات أننا هاجمنا منزلاً، لكن الشخص المقصود لم يكن حتى موجوداً في المنزل. والنتيجة هي أنك تكون قد قتلت عائلةً كاملة من دون سبب".‏

‏وقال ثلاثة من المصادر الاستخباراتية لمجلة "972+" و"لوكال كول" إنهم شهدوا حادثةً قصف فيها الجيش الإسرائيلي منزلاً خاصاً لعائلة، واتضح لاحقًا أن الهدف المقصود بالاغتيال لم يكن موجودًا في المنزل، بما أنه لم يتم إجراء مزيد من التحقق من وجوده هناك في الوقت الفعلي.‏

‏وقال أحد المصادر: "في بعض الأحيان كان (الهدف) موجودًا في المنزل في وقت سابق، لكنه كان ينام أثناء الليل في مكان آخر -لنقُل في نفق تحت الأرض- ولم تكن تعرفُ ذلك. هناك أوقات تتحقق فيها مرة أخرى من الموقع، وهناك أوقات تقول فيها فقط: حسنًا، لقد كان في المنزل في الساعات القليلة الماضية. يمكنك أن تقصف فقط".‏

‏ووصف مصدر آخر حادثة مماثلة أثرت فيه وجعلته يرغب في إجراء المقابلة من أجل هذا التحقيق. وقال: "فهمنا أن الهدف كان في المنزل عند الساعة 8 مساءً. وفي النهاية، قصفَت القوات الجوية المنزل في الساعة 3 صباحًا. ثم اكتشفنا أنه تمكن (في تلك الفترة الزمنية) من الانتقال إلى منزل آخر مع عائلته. كانت هناك عائلتان أخريان لديهما أطفال في المبنى الذي قصفناه".‏

‏في الحروب السابقة في غزة، كانت المخابرات الإسرائيلية تنفذ بعد اغتيال أهداف بشرية إجراءات "لتقييم أضرار القصف" -وهو فحص روتيني كان يُجرى بعد الضربة لمعرفة ما إذا كان القائد الكبير المقصود قد قتل وعدد المدنيين الذين قتلوا معه. وكما تم الكشف في ‏‏تحقيق سابق أجرته مجلة "972+" و"لوكال كول"‏‏، تضمن ذلك الفحص الاستماع إلى المكالمات الهاتفية للأقارب الذين فقدوا أحبائهم. ولكن في الحرب الحالية، على الأقل عندما يتعلق الأمر بصغار المسلحين الذين أشّر عليهم الذكاء الاصطناعي، تقول المصادر أن هذا الإجراء ألغي من أجل توفير الوقت. وقالت المصادر إنها لا تعرف عدد المدنيين الذين قتلوا بالفعل في كل غارة. وبالنسبة لنشطاء "حماس" و"الجهاد الإسلامي في فلسطين" من ذوي الرتب المنخفضة الذين حددتهم برامج الذكاء الاصطناعي، فإنهم لا يعرفون حتى ما إذا كان الهدف المقصود نفسُه قد قتل في الهجوم أم لا.‏

‏وكان مصدر استخباراتي‏‏ قد قال لـ"لوكال كول"،‏ في تحقيق سابق نُشر في كانون الثاني (يناير): "إنكَ لا تعرف بالضبط عدد القتلى ومَن قتلت. فقط عندما يكون المستهدفون من كبار نشطاء "حماس" كان الجيش يتبع إجراءات تقييم أضرار القصف. أما في بقية الحالات، فإنك لا تهتم. إنك تحصل على تقرير من القوات الجوية حول ما إذا كان المبنى قد تم تدميره، وهذا كل شيء. لا تكون لديك أي فكرة عن مقدار الأضرار الجانبية التي تم إيقاعها وتنتقل على الفور إلى الهدف التالي. كان التركيز ينصب على توليد أكبر عدد ممكن من الأهداف، في أسرع وقت ممكن".‏

‏ولكن في حين أن الجيش الإسرائيلي قد يمضي قدُمًا بعد كل غارة من دون الخوض في عدد الضحايا، قال أمجد الشيخ، أحد سكان الشجاعية الذي فقد 11 شخصًا من أفراد عائلته في قصف 2 كانون الأول (ديسمبر)، إنه وجيرانه ما يزالون يبحثون عن الجثث.‏

‏وأضاف: "حتى الآن، هناك جثث تحت الأنقاض. تم قصف 14 مبنى سكنيا بينما كان سكانها في الداخل. بعض أقاربي وجيراني ما يزالون مدفونين هناك".‏

 

*يوفال أبراهام Yuval Abraham: مخرج أفلام وناشط إسرائيلي مقيم في القدس، من مواليد العام 1995. أمضى سنوات في الكتابة عن الاحتلال الإسرائيلي، معظمه باللغة العبرية. وهو صحفي مستقل يتمتع بخبرة في العمل في أطر تعليمية ومدارس إسرائيلية فلسطينية ثنائية اللغة. درَس اللغة العربية بشكل مكثف ويقوم الآن بتدريسها لمتحدثين آخرين بالعبرية، إيمانًا منه بالكفاح المشترك من أجل العدالة والمجتمع المشترك في إسرائيل وفلسطين.‏

*نشر هذا التحقيق تحت عنوان: Lavender: The AI machine directing Israel’s bombing spree in Gaza

--------------------------------------------

 

معاريف 17/4/2024

 

 

ادعاءات "الجيش" الإسرائيلي لا تتطابق مع حجم الضرر الحقيقي من رد إيران

 

 

بقلم: متان فاسرمان

 

بعد أيام من الرد الإيراني.. الإعلام الإسرائيلي يكشف الضرر الذي أصاب "إسرائيل" رغم محاولات "جيش" الاحتلال التكتم، وترويجه لمزاعم اعتراض شبه كامل.

بعد أيام من الرد الإيراني على عدوان القنصلية في دمشق، صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، تفنّد ادعاءات الناطق باسم "الجيش" الإسرائيلي، دانيال هاغاري، بشأن نجاحهم في اعتراض 99% من الصواريخ والمسيّرات الإيرانية، وتكشف حقيقة الأضرار التي نجح الرد الإيراني في إحداثها في "إسرائيل".

أور فيالكوف، الباحث في حروب "إسرائيل"، شرح لصحيفة "معاريف"، ما تضمنته الصواريخ والطائرات المسيّرة التي أُطلقت من إيران على "إسرائيل" في يوم الهجوم، وقدم تفاصيل إضافية حول ضربات الصواريخ على أهداف إسرائيلية

ووفقاً له، أعطت إيران الهجوم اسم "الوعد الصادق"، وشمل الهجوم حوالي 185 طائرة مسيرة "شاهد 136"، ونسختها النفاثة من "شاهد 238"، والتي يمكن أن تصل سرعتها إلى 500 كيلومتر في الساعة. بالإضافة إلى ذلك، أطلق الإيرانيون عشرات صواريخ كروز وحوالي 110 صواريخ بالستية.

أطلقت إيران عدة صواريخ بالستية بعيدة المدى على "إسرائيل" من مجموعة واسعة من مواقع الإطلاق في إيران، لكنها لم تستخدم جميع أنواع صواريخها. يمتلك الإيرانيون حوالي 3000 صاروخ باليستي، لكن فقط حوالي 800 إلى 1000 صاروخ مع مدى يمكن أن يصل إلى "إسرائيل". بعض الصواريخ التي استخدمتها إيران هي: "خيبر"، الذي دخل الخدمة في سنة 2022 بمدى 1450 كلم، برأس حربي 500 كغ؛ "عماد"، دخل الخدمة في سنة 2016، بمدى حوالي 2500 كلم، برأس حربي 750 كغ؛ "قادر 110"، نسخة محسنة من "شهاب 3"، بمدى يتراوح بين 1800-2000 كلم، برأس حربي يتراوح بين 650 كغ و1000 كغ؛ وربما أيضاً "شهاب 3 " بمدى 2000 كلم، برأس حربي من 700 كغ.

لم تستخدم إيران صواريخ الأكثر تطوراً مثل صاروخ "سجيل" الذي يبلغ مداه 2500 كلم ورأسه الحربي 1500 كغ، أو صاروخ "خرمشهر"، وهو صاروخ يبلغ مداه 2000 كلم ورأسه الحربي 1800 كغ، ونسخته المطورة من صاروخ "خيبر" (خرمشهر 4)، ربما تكون قد احتفظت بها لهجمات مستقبلية.

 

إصابات صواريخ إيرانية في "إسرائيل"

 

بحسب خريطة نشرها موقع إلكتروني تديره إيران، فقد استهدف الإيرانيون 3 أهداف رئيسية: قاعدة "حرمون"، وقاعدة "نيفاتيم"، وقاعدة "رامون". يزعم "الجيش" الإسرائيلي أن قاعدة "نيفاتيم" لحقت بها أضرار طفيفة، وقاعدة "رامون" لم تُصب على الإطلاق، وفي "حرمون" أُصيب أحد الطرق في منطقة الموقع.

 

"نيفاتيم"

 

قالت مصادر إسرائيلية لشبكة "ABCNews" إنّ 5 صواريخ إيرانية أصابت "نيفاتيم"، وأصيبت طائرة نقل من نوع C-130، ومدرج ومبنى تخزين. أصابت 4 صواريخ قاعدة "رامون". ووفقاً للتقرير، اخترقت 9 صواريخ منظومة الدفاع الإسرائيلية، وليس 7 صواريخ مثلما ادعى الناطق باسم "الجيش" الإسرائيلي. يظهر تحديد إحدى الإصابات، وفقاً لخبراء، أنّها كانت بالقرب من هنغارات طائرات الـ C-130. ويظهر في شريط فيديو نشره الناطق باسم "الجيش" الإسرائيلي طائرة C-130 في هنغار من الخلف، وبجانبه هنغار فارغ. حسب ادعاء الناطق باسم "الجيش" فقد أصابت 4 أو 5 صواريخ القاعدة وألحقت أضراراً طفيفة بطائرة نقل C-130 أُصيبت بشظايا صاروخ.

يظهر تحليل مقاطع الفيديو أنّه كان هناك ما لا يقل عن 4 إصابات صواريخ وليس صواريخ اعتراضية في قاعدة "نيفاتيم". يتحدث الإيرانيون أنّهم حققوا ثلاث إصابات دقيقة في قاعدة "نيفاتيم": إصابة أحد المدارج، وإصابة أحد المباني، وإصابة مبنى آخر والهنغارات، ويظهر تحليل خبراء 5 إصابات.

 

"حرمون"

 

تمكنت طائرة مسيّرة من اختراق منطقة "حرمون" وإصابتها، بعكس ادعاءات "الجيش" الإسرائيلي بعدم اختراق أي مسيّرة "إسرائيل". كما نذكر، أفاد الإيرانيون بأنّهم أطلقوا وأصابوا موقع حرمون. وينفي "الجيش" الإسرائيلي أن تكون إصابة طائرة مسيّرة، ويدعي أن الأمر على ما يبدو يتعلق بقذيفة صاروخية أو شظايا اعتراض.

 

 

 

"رامون"

 

يدعي خبراء تحليل (صور) الأقمار الصناعية المختلفون، الذين حللوا صور الأقمار الصناعية لقاعدة "رامون"، أنّ إيران لم تنجح في ضرب حظائر الطائرات أو مباني الذخيرة، ولا مراكز القيادة والتحكم. ومع ذلك، وفقاً للتحليلات، ربما كان هناك ما يصل إلى 5 إصابات في القاعدة، إذ تضررت مستودعات، ومرفق الصيانة، فضلاً عن الأضرار التي أصابت محيط القاعدة.

 

"المفاعل النووي في ديمونة"

 

وفقاً لتحليل صور الأقمار الصناعية، كانت هناك إصابة واحدة على الأقل لأحد المباني في المفاعل الذري وما يصل إلى إصابتين حول القاعدة. تستند هذه التحليلات إلى صور أقمار صناعية منخفضة الجودة، وفقط بعد توفر صور أقمار صناعية عالية الجودة يمكن معرفة الأضرار الحقيقية التي لحقت بالقاعدة.

معدل اعتراض الصواريخ ليست مماثلة للأرقام التي ذكرها "الجيش" الإسرائيلي، التي أثارت شعوراً وكأن الأمر يتعلق باعتراض كامل لكل التهديدات الإيرانية، مع نشر نسبة نجاح مجنونة (99%) تنتج حالة كمال، وهذا يمكن أن يسبب لامبالاة للإسرائيليين وكذلك لدى "الجيش".

إذ أنّ الصواريخ التي نجحت بالتملص من منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية تظهر أنّ هجوماً على تجمعات مدنية كبيرة، مثل "غوش دان" (التي تعد درّة تاج الاقتصاد في الكيان فهي تضمّ مركز البورصة وتجمُّع الاستثمارات والمصارف والشركات الضخمة للتكنولوجيا)، سيؤدي إلى خسائر فادحة.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق