03 آيار 2024 الساعة 20:59

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاحد 14/4/2024 العدد 983

2024-04-15 عدد القراءات : 45
 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

هآرتس 14/4/2024

 

 

الاستيلاء على السفينة هو تهديد على دول الخليج

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

مر اسبوعان على عملية الاغتيال التي نسبت لاسرائيل، تصفية الجنرال محمد رضا زاهدي، والتوتر قبل الرد العسكري من قبل ايران في الذروة. حتى الآن تناولت السيناريوهات التهديد هجوم بالصواريخ والمسيرات على اسرائيل مباشرة من اراضي ايران أو بواسطة مبعوثين، الحوثيين في اليمن أو حزب الله في لبنان أو المليشيات الشيعية في العراق، الذين سيهاجمون اهداف اسرائيلية أو أمريكية أو سيضربون سفارات ومؤسسات يهودية في العالم. في المقابل، الولايات المتحدة تستعرض العضرلات بشكل مثير في الشرق الاوسط، بما في ذلك تحريك قوات بحرية قوية جدا، بالاساس تعهد رئاسي بالمحاربة الى جانب اسرائيل اذا تمت مهاجمتها من قبل ايران. الرئيس الامريكي عاد الى مقولته في تشرين الاول “اياكم”، التي اصبحت مفهوم استراتيجي.

في نفس الوقت الولايات المتحدة زادت الجهود الدبلوماسية امام ايران وجندت السعودية والامارات وتركيا سلطنة عمان في محاولة لاقناع طهران بتقليص حجم الرد وتجنب التدهور الى حرب اقليمية شاملة. احتجاز ايران أمس لسفينة ام.اس.سي.ارياس، التي هي بملكية جزئية لشركة زودياك التي يملكها ايال عوفر، على يد حرس الثورة الايراني طرحت بشكل طبيعي التساؤل هل سيقتصر رد ايران على ذلك أو أن الامر يتعلق بخطوة اولى في سلسلة نشاطات تخطط لها طهران. التقدير المقبول هو أنه ازاء التوقعات الكبيرة لرد واسع – التي تستند الى الخطاب المتشدد لرئيس الاركان الايراني محمد باقري الذي وعد بـ “ضربة كبيرة لاسرائيل”، وتعهد المرشد الاعلى علي خامنئي بمعاقبة اسرائيل، فان احتجاز السفينة يبدو عملية هامشية. عملية لا يمكن اعتبارها “عقوبة شديدة” أو استعراض قوة، استهدف ليس فقط الانتقام، بل ايضا ردع اسرائيل عن تنفيذ عمليات تصفية اخرى. ولكن هذا الاحتجاز قرب ميناء الفجيرة في اتحاد الامارات، على بعد 90 كم عن مضيق هرمز، هو رسالة مهمة تداعياتها يمكن أن تكون اوسع من الضرر المباشر الذي لحق بشركة السفن.

وسائل الاعلام الغربية نشرت أنه في محادثات ايران مع المبعوثين الامريكيين ودول المنطقة اوضحت بأن ردها سيكون محسوب، أي رد لن يؤدي الى مواجهة واسعة أو حرب اقليمية. وكلما كانت التقارير صحيحة فهي تعكس قواعد المواجهة التي تبنتها ايران في بداية الحرب في قطاع غزة، المساعدة والدعم والتمويل لـ “محور المقاومة”؛ وليس تدخل عسكري مباشر. ولكن منذ اللحظة التي اعتبرت فيها ايران عملية اغتيال زاهدي الذي كان يوجد في المبنى قرب السفارة الايرانية في دمشق كمس بالاراضي الايرانية وسيادة ايران، وليس السيادة السورية، فهي لا يمكنها نقل المسؤولية عن الرد الى جهة اخرى. وحسب التحليلات الايرانية فانه يكمن هنا الفرق “الرسمي” بين عملية الاغتيال الامريكية لقائد قوة القدس، قاسم سليماني، في كانون الثاني 2020 في بغداد وبين عملية اغتيال زاهدي. لكن هذا الفرق لم يمنع في حينه ايران من الرد على قتل سليماني باطلاق الصواريخ البالستية على قاعدة عين الاسد في العراق، التي توجد فيها قوات امريكية. عشرات الجنود اصيبوا في حينه، لكن لم تكن أي خسائر في الارواح. هذا بالاساس لأن ايران اعلنت مسبقا عن نية الهجوم وحددت مكانه. ايضا في حينه نشر أن مجلس الامن الوطني في طهران ناقش 13 سيناريو محتمل للانتقام، وخامنئي طلب رد شديد. منذ ذلك الحين في كل سنة في احياء ذكرى سليماني يتعهد الزعيم الايراني بالانتقام، أي أن هجوم الصواريخ في العراق كان رد أولي وأن “الثأر الحقيقي” ينتظر في الدور منذ اربع سنوات.

 

خارج عتبة المواجهة

 

طالما أن ايران قررت التمسك برد لن يشعل الحرب الاقليمية فان احتجاز السفينة يخدم في هذه الاثناء هدفين. فمن جهة تكتيكية لا يتوقع أن العملية ستستدعي رد اسرائيلي عسكري ضد ايران؛ وبالتأكيد لن تضع ايران في مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة. في نفس الوقت هي تردد تحذيرات زعماء ايرانيين من الماضي غير البعيد بأن المس بايران سيجعلها تضرب الملاحة في مضيق هرمز. المرة الاخيرة التي سمع فيها هذا التهديد في آب 2023 على لسان قائد حرس الثورة حسين سلامي، الذي حذر من أن أي ضرب امريكي لناقلات نفط ايرانية مخالفة للعقوبات سيستدعي الرد في هذه المنطقة. سيطرة ايران على سفينة مدنية قرب مضيق هرمز والخليج الفارسي، الذي يعمل فيه تحالف بحري برئاسة الجيش الامريكي، يمكن أن تعتبر تجسيد لهذا التهديد، وحتى الآن البقاء خارج عتبة المواجهة.

يبدو أن هذه عملية تشبه هجمات الحوثيين في البحر الاحمر، لكن الاخيرين يقولون بأنهم يعملون ضد السفن التي تبحر الى اسرائيل في اطار اسهامهم في محور المقاومة وكمساعدة لحماس بهدف اجبار اسرائيل على الموافقة على وقف اطلاق النار. هكذا تمكنت ايران من طرح نفسها بأنها كمسؤولة عن نشاطات الحوثيين. أو عن أي مكون آخر في “المحور” مثل المليشيات الشيعية أو حزب الله، ولكن عندما تكون ايران نفسها هي التي تمس بحرية الملاحة قرب مضيق هرمز فهي بذلك تفتح ساحة مستقلة ومنفصلة عن “محور المقاومة”. ساحة غير مرتبطة بذاتها مع الحرب في غزة، وبالاساس حجم التهديد الذي تمثله اكبر بكثير من تهديد الحوثيين.

المس بحرية الملاحة في الخليج الفارسي يهدد بشكل مباشر عدة دول مثل السعودية واتحاد الامارات وقطر وسلطنة عمان والكويت، التي توجد لها علاقات جيدة، وحتى وثيقة، مع ايران. هنا تكمن الرافعة السياسية التي يمكن لطهران استخدامها ضد الولايات المتحدة. بالضبط كما تحاول الولايات المتحدة استخدام دول الخليج كرافعة للتأثير على ايران. اضافة الى ذلك وازاء الاضرار الاقتصادية الصعبة التي تسبب بها الحوثيون للاقتصاد العالمي فانه تصعب المبالغة بحجم الاضرار التي يمكن لعملية ايرانية معادية في الخليج الفارسي أن تلحقها بالاقتصاد العالمي. من ناحية نظرية ايران يمكنها أن تحول بذلك نية انتقامها من اسرائيل الى اداة سياسية دون أن تضطر الى اطلاق صاروخ واحد ضدها أو المخاطرة بمواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة.

عن هذه الاحتمالية نشرت في الاسبوع الماضي صحيفة “الاخبار” اللبنانية، المقربة من حزب الله، اقتباسا لاقوال دبلوماسي ايراني رفيع. “ايران عرضت الاقتراح التالي: اذا تم التوصل الى وقف لاطلاق النار في غزة، واسرائيل لم تقم بمهاجمة رفح، فان ايران ستكون مستعدة لتقليص التوتر وخفض التصعيد وعدم تنفيذ أي عملية في هذا الوقت ضد اسرائيل”. ولكن المصدر اشار حسب التقرير، الى أنه “حتى الآن ايران لم تحصل على أي رد على هذا الاقتراح”. يبدو أنه اذا كان هناك وبحق مثل هذا الاقتراح فانه قد تم عرضه من قبل وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان اثناء زيارته في الاسبوع الماضي في سلطنة عمان، كجزء من نقل الرسائل للولايات المتحدة.

هذه التقارير لا يمكن أن تشكل حتى الآن اساس لالغاء التهديد بهجوم ايران على اسرائيل، لكن فيها ما من شأنه أن يدل على وجود خط دبلوماسي كثيف، ايراني – عربي – امريكي، الذي الى جانب الخطابات المتشددة يحاول التوصل الى حل يمنع مواجهة عسكرية مباشرة بين اسرائيل وايران.

---------------------------------------------

 

هآرتس 14/4/2024

 

 

ايران تعيد احتساب المسار

 

 

بقلم: عاموس هرئيل

 

للمرة الثانية خلال 48 ساعة وللمرة الثالثة خلال نصف سنة كان يتعين على الرئيس الامريكي جو بايدن أن يعلن: اياكم أن تفعلوا ذلك. تصريح بايدن وجه مرة اخرى نحو القيادة الايرانية التي هددت بالثأر لقتل قائد حرس الثورة الايراني حسن مهداوي، المعروف ايضا باسم محمد رضا زاهدي، في عملية الاغتيال في دمشق في 1 نيسان والتي نسبت لاسرائيل. ربما أنه كان لاقوال بايدن في مساء يوم السبت، التي دُعمت بارسال كبار قادة المنطقة الوسطى للجيش الامريكي الى اسرائيل ونشر قوات في ارجاء الشرق الاوسط، تأثير معين على النظام في طهران. من غير المستبعد أن هذه هي الخلفية للتأخير في عملية الرد التي هدد بها النظام الايراني منذ اكثر من اسبوع. ولكن لم يكن هناك أي سبب للافتراض بأن الايرانيين قد ارتدعوا بالكامل عن القيام باجراء أو أنهم سيكتفون بالسيطرة أمس على سفينة الشحن التي لها علاقة غير مباشرة لاسرائيل في خليج عُمان. هكذا، فقد نشر الليلة أن عشرات المسيرات اطلقت من ايران نحو اسرائيل. ومن المرجح الافتراض بأننا نقف أمام تصعيد آخر الى درجة امكانية اندلاع حرب اقليمية.

الخطوات الامريكية استهدفت بث قوة، كما فعلت الادارة في منتصف شهر تشرين الاول بعد بضعة ايام على اندلاع الحرب بين اسرائيل وحماس. ايضا في حينه عندما كان هناك تخوف من أن حزب الله وربما ايران سينضمون لهجوم حماس الارهابي، ارسل بايدن تحذير لفظي وسارع الى تعزيزه بالافعال، حيث ارسلت قوات مهمة بحرية الى المنطقة، واحدة منها عادت من الشرق الاوسط الى القاعدة في كانون الثاني، لكن حاملة الطائرة “دوايت ايزنهاور” تحركت في نهاية الاسبوع في البحر الاحمر نحو اسرائيل من اجل أن تشير لايران بأن عليها أن لا تصاب بالجنون.

وقد اضيف للتحركات البحرية نشر متزايد لمنظومات الدفاع الجوية في ارجاء الشرق الاوسط مع تعزيز الاتصالات بين اسرائيل ودول اخرى. هنا تم التعبير بشكل اوسع عن منظومة الدفاعات الجوية الاقليمية التي ناقشت الولايات المتحدة اقامتها مع اسرائيل قبل سنتين تقريبا. ايضا اعتراض المسيرات والصواريخ التي اطلقها الحوثيون من اليمن اثناء الحرب نحو اسرائيل استند الى نفس هذا التعاون الاقليمي الواسع. الآن هو يضع في يد اسرائيل قدرات اكتشاف متقدمة وبعيدة المدى التي يمكن أن تمكنها من الاستعداد للدفاع في الوقت الذي يكون فيه التهديد على بعد بضعة مئات الكيلومترات عن اراضيها.

مع ذلك، ما زالت هناك مشكلات كثيرة كامنة هنا طوال الوقت. اولا، تجند بايدن وتصريحاته فقط تدل على اعتماد اسرائيل المتزايد على الولايات المتحدة (حيث بصورة متناقضة حكومة نتنياهو تبذل كل ما في استطاعتها للمس بالرئيس واهانته منذ بضعة اشهر). ثانيا، الرد الايراني من شأنه أن يضع القوة الامريكية محل تساؤل. وسائل الاعلام الاسرائيلية والاجنبية ركزت مؤخرا على سيناريو الهجوم القادم من ايران، الدمج بين مهاجمة منشآت النفط لـ “ارامكو” في السعودية في ايلول 2019 وهجمات ايران ضد القواعد الامريكية في سوريا والعراق كانتقام على تصفية الجنرال قاسم سليماني، بعد اربعة اشهر. هذا السيناريو يمكن أن يتضمن اندماج عشرات، اذا لم يكن مئات، الوسائل الهجومية: المسيرات، الصواريخ الصغيرة المجنحة والصواريخ البالستية. توجد فجوات كبيرة في طبيعة ووتيرة طيران الوسائل المختلفة (المسيرات هي الاكثر بطئا)، لذلك فان الامر يقتضي التنسيق مع حركة “اسراب” في مسارات مختلفة. الاهداف يمكن أن تكون عسكرية، ليست مدنية، وربما تكون بعيدة عن مركز البلاد، من خلال الاخذ في الحسبان تقليص المخاطرة بضرب المدنيين.

الى جانب منظومة الاكتشاف المشتركة فان اسرائيل تستخدم ايضا ثلاثة مستويات للاعتراض، من الاسفل الى الاعلى، القبة الحديدية، مقلاع داود والحيتس. اضافة الى ذلك بالاساس ضد المسيرات توجد اهمية كبيرة للقدرة على المهاجمة بواسطة الطائرات القتالية. ايضا اسرائيل تمتلك وسائل تشويش “ناعمة” مثل منظومات الحرب الالكترونية. ولأن حركة المسيرات والصواريخ المجنحة بطيئة ووسائل الاكتشاف تغطي مناطق واسعة شرق اسرائيل يجب الاخذ في الحسبان امكانية أن الاعتراضات سيتم تنفيذها في ارجاء المنطقة، حتى بعيدا عن حدود اسرائيل. مع ذلك، كما حدث ايضا بخصوص المسيرات التي اطلقت من لبنان ومن اليمن، ربما ستكون صفارات انذار في مناطق واسعة في الدولة لأنه لا يمكن حساب هنا مسار دقيق للحركة وبواسطته تحديد المضلع، منطقة تحذير محدودة نسبيا فيها ستطلق صفارات الانذار مثلما يحدث عند اطلاق الصواريخ والقذائف. هذا الهجوم يمكن أن يستمر لبضع ساعات ويمكن أن ينطوي على اضرار بسبب شظايا صواريخ الاعتراض.

تطور الامور فيما بعد سيكون مرهون بشكل كبير بقدرة الدفاع الاسرائيلية ونتائج الهجوم الايراني – نوع الاهداف التي ستتم مهاجمتها، حجم الاضرار وبالاساس عدد المصابين. اسرائيل اعلنت في السابق بأنها سترد على الاعتداء عليها، وحتى أنها اهتمت بالتسريب أنه قد تم تحديد اهداف ايرانية للرد. والآن طبيعة الرد سيتم تحديدها حسب خطوات ايران، وستتأثر ايضا بالموقف الامريكي. الدعم الامريكي ليس هدية بالمجان وستكون هناك حاجة الى التفكير باعتبارات الادارة الامريكية.

الواضح حتى الآن هو أنه قد تغير شيء ما اساسي في حسابات ايران. يبدو أن القيادة الاسرائيلية، وكذلك جهاز الامن، لم يخطر ببالها أن ايران ستكون مستعدة لرد قوي وواسع على عملية الاغتيال. سياسة ايران يمكن أن تكون نتيجة الشعور بأن اسرائيل قد اجتازت الخطوط الحمراء في اغتيال آخر لشخصية رفيعة في حرس الثورة خلال اربعة اشهر. ولكن هذا مرتبط ايضا بالانطباع السائد في طهران بأن اسرائيل قد ضعفت وهي مقيدة بالحرب ضد حماس وأنه يمكن ضربها حتى بشكل مباشر.

مؤخرا ألغت شركات طيران اجنبية رحلاتها الى اسرائيل والى ايران، سفارات غربية اوصت رعاياها بالخروج من الدولتين أو على الاقل تقليص مناطق زياراتهم ازاء هذا التوتر. جهاز الامن في اسرائيل في حالة تأهب. فسلاح الجو انتقل الى حالة تأهب عالية وتم الغاء الاجازات في بعض الوحدات القتالية.

كل ذلك يحدث حول عملية الاغتيال التي لم تتحمل اسرائيل المسؤولية عنها. ويبدو أنه حتى لم تفكر كثيرا فيها بشكل خاص مسبقا. مصادر في الادارة الامريكية قالت لوسائل الاعلام الامريكية بأنها تلقت بلاغ عن العملية فقط قبل بضع دقائق من القصف، ولم يتم الابلاغ عن نقاش في مجلس الوزراء المصغر قبل العملية، والاكثر اهمية هو أن الايرانيين يكرسون جزء من الغضب العلني على الادعاء بأن مهداوي والنشطاء الستة الذين قتلوا معه اصيبوا في مبنى القنصلية، القريب من السفارة الايرانية في دمشق. اسرائيل لا تعطي لهذا الامر وزن كبير وتقول بأن الامر يتعلق بقاعدة للارهاب، ولكن بالنسبة للنظام الايراني فان هذا كان اعتداء على منطقة تحت سيادة ايران.

مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو نشر صور له مع تقدير للوضع مع رؤساء منظومة الدفاع ومن زيارات اخرى له زائدة في وحدات للجيش. ولكن نتنياهو لم يكلف نفسه عناء التطرق الى التطورات والتهديدات الايرانية رغم القلق الكبير الذي يظهره الجمهور الاسرائيلي، الى درجة الطلب المتزايد لمعدات الطواريء. في هذه الاثناء نشرت تقارير بأن الزوجين نتنياهو تواجدا في نهاية الاسبوع في بيت في القدس فيه ملجأ متطور يعود لأحد الاقارب. فقط مساء أمس، بعد الساعة 22:30 نشر نتنياهو فيلم فيديو كرر فيه اقواله بأن اسرائيل مستعدة لكل سيناريوهات الهجوم من ايران، في الدفاع والهجوم. وحتى ذلك الحين المصدر الرفيع الذي ارسل للتحدث مع الجمهور هو المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي العميد دانييل هجاري. ايضا في هذه المرة، من السهل على نتنياهو، مثلما على كل المنظومة، الاختفاء وراء ظهر هجاري. المتحدث سيكون له الآن دور حاسم في الجهود التي تبذل لتهدئة الجمهور.

 

المفاوضات تمت ازاحتها الى الهامش

 

ازدياد التوتر لا يقتصر على الجبهة الايرانية. ففي ظهيرة يوم السبت تم العثور على جثة فتى اسرائيلي (14 سنة)، مئير احمئير، الذي اختفى في مستوطنة شيلا قرب رام الله منذ صباح يوم الجمعة. احمئير خرج لوحده لرعي الاغنام من بؤرة استيطانية في المنطقة. في الجيش وفي الشباك قالوا إن الامر يتعلق بعملية قتل على خلفية قومية. قوات الامن بدأت في التمشيط والبحث عن القتلة.

منذ اللحظة التي اختفى فيها الفتى بدأ مستوطنون من البؤر الاستيطانية في القيام بجولات عنف ضد القرى الفلسطينية دوما والمغير. حسب مصادر فلسطينية قام المستوطنون بمهاجمة السكان واحرقوا ممتلكات. في بعض الاحداث العنيفة اصيب ايضا جنود من الجيش الاسرائيلي الذين تم استدعاءهم الى المكان. بين البؤر الاستيطانية والقرى في المنطقة تسود علاقات جيرة سيئة بشكل خاص منذ بضع سنوات. يمكن الافتراض أنه سيكون المزيد من محاولات الانتقام المتبادلة. المشكلة هي أن الجيش متوتر ايضا على خلفية ارتفاع العمليات في السامرة، في حين أن الشرطة برئاسة وزير الامن الوطني بن غفير تبذل كل ما في استطاعتها لغض النظر عن كل مظاهر عنف رجال اليمين المتطرف.

الاحداث في ايران وفي الضفة تبعد عن العناوين ضائقة المخطوفين الاسرائيليين لدى حماس. وكما كتب هنا خلال اسابيع فان المفاوضات بشأنهم عالقة، رغم التنبؤات المتفائلة التي سمعت في القدس ومن دول الوساطة. نتنياهو غير مضغوط لعقد الصفقة، بالاساس خشية التورط السياسي مع احزاب اليمين المتطرف في الائتلاف. في حين أن رئيس حماس في القطاع يشعر بأن الامور تسير في صالحه على خلفية انسحاب قوات الجيش من خانيونس والضغوط الدولية على اسرائيل من اجل زيادة المساعدات الانسانية.

الآن حيث المواجهة مباشرة بين اسرائيل وايران ربما تكون على الباب فان السنوار سيفضل الانتظار كما يبدو. من حماس اصبحت تأتي ردود سلبية غير رسمية على الاقتراح الاخير للوسطاء الذي تم عرضه قبل اسبوع تقريبا. هذه بشرى مأساوية لعائلات المخطوفين التي لا يوجد لها وقت لتضيعه. كلما مر الوقت المزيد من المخطوفين يموتون في غزة، سواء نتيجة ظروف الاسر الصعبة أو أنهم يقتلون على يد حماس، وفي بعض الحالات يقتلون في عمليات القصف الاسرائيلية.

---------------------------------------------

 

إسرائيل اليوم 14/4/2024

 

 

بدء عصر الحروب

 

 

بقلم: ايال زيسر

 

الحرب في غزة تقترب من نهايتها، وفي واقع الامر انتهت منذ الان، إذ ان الجيش الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة لا يقاتل حقا في القطاع بل يستخدم قوات محدودة لغرض اعمال حفظ النظام والامن الجاري. وفي هذه الاثناء تتجه العيون شرقا نحو ايران بتحفز وترقب نحو ما سيأتي – فهل جولة موضعية لتبادل الضربات ام ربما رصاصة بدء لمعركة إقليمية شاملة.

مهما يكن من أمر، في 7 أكتوبر بدأ عصر جديد في حياتنا – الحروب والمفاجآت الاستراتيجية. ولعله ليس عصرا جديدا إذ انه واقع حياتنا كل الوقت؛ غير أنه مثل النعامة فضلنا دفن رأسنا في الرمال وروينا لانفسنا بانه انتهى عصر الحروب الكبرى لانه لم تعد هناك قوة عسكرية في المجال المحط بنا قادرة على ان تفاجئنا وتهاجمنا بسبب قوتنا العسكرية وفي ضوء تفوقنا التكنولوجي، الاستخباري والعملياتي على جيراننا. ومن هنا أيضا الاستنتاج الواجب ظاهرا. بانه يمكن الاكتفاء بجيش صغير وذكي وانه لم تعد حاجة لتركيز الجهد على محاولة الاخطار بالحرب او الاستعداد لها.

غير أن في 7 أكتوبر وقعت علينا حرب لم نشهدها منذ حرب الاستقلال. بلدات واقاليم احتلها العدو ونحو 1200 مواطن ذبحوا على ايديه فقط في اليوم الأول من الحرب. مثل هذا الامر لم نعرفه في أي من الحروب التي خضناها على مدى السنين ضد جيش العدو النظامية، وكل هذا من جهة حماس إذ بمعجزة لم ينضم حزب الله أيضا الى المعركة.

لقد وقعت الحرب على نحو مفاجيء على كل من آمن بان حماس هي جملة من العصابات المردوعة منا وكل رغبتها هي في تثبيت حكمها في القطاع. لكن فوجيء أيضا من آمن بل وروج من تحت كل شجرة باسقة بانه انتهى عصر الحروب وعصر المفاجآت، ليس فقط بالنسبة لنا بل في تاريخ البشرية كلها. ففي عصر العولمة والتقدم التكنولوجي، لم يعد لاحد مصلحة، وبالتأكيد ليس مصلحة اقتصادية المخاطرة بالخروج الى حرب.

ضوء تحذير كان يجب أن يشعل لدى كل أولئك حين اجتاحت روسيا أوكرانيا قبل سنتين. فالهجوم الروسي كان مفاجأة واسعة لكل أجهزة الاستخبارات الغربية التي فشلت، رغم القدرات التكنولوجية المتطورة التي تحت تصرفها في توقع خطوات الجيش الروسي بل وقبل ذلك في قراءة المزاج مثلما في قراءة نوايا فلاديمير بوتين. وهكذا نشبت في قلب أوروبا حرب لم يتوقعها أحد وأوقعت خرابا ودمارا على نطاق لم تشهد أوروبا مثيلا له منذ الحرب العالمية الثانية.

لكن الموضوع ليس في التشريح الجنائي للهجوم الذي تعرضنا له في 7 أكتوبر بل في ما ينتظرنا في المستقبل. حماس ضربت بلا شك ضربة شديدة، ومعظم القدرات العسكرية التي كانت تحوزها ابيدت. قطاع غزة دمر تماما تقريبا، رسالة ودرس واضحين لكل من يستعد لمهاجمتنا.

لكن مخطيء من يعتقد ان الامر سيمنع حماس او في المستقبل حزب الله من العودة لتجربة حظهم. فالثمن الدموي الذي دفعناه ولا نزال ندفعه على اننا لم نمنع هجوم حماس قبل الأوان، واضح للجميع وبخاصة لاعدائنا. من هنا الاستنتاج وربما الامل الذي ينشأ في اوساطهم بانه اذا ما عادوا وجربوا حظهم في “هجوم 7 أكتوبر” آخر، وبعده واحد آخر، سيؤدي الامر الى انهيارنا. فهؤلاء الأعداء يقدسون ويمجدون الموت، ولم يقلقهم ابدا الدمار والخراب الذي يوقعونه على أبناء شعبهم. من كل هذا يتضح ان الحرب التي نخوضها بعد 7 أكتوبر، حتى لو انتهت بنصر حاسم كما تعدنا الحكومة (طوبى للمؤمنين…) لن تضمن امننا في المستقبل، وحتى اتفاقات السلام والتطبيع مع السعودية والعالم العربي التي تعدنا بها الإدارة الامريكية في اليوم التالي لن تفعل هذا. هذه أمور ذات أهمية هائلة لكن ليس فيها يوجد المفتاح لضمان امننا ومجرد وجودنا.

الحروب والمفاجآت سترافقنا لسنوات طويلة، ومن هنا الاستنتاج الواجب بان علينا أن نحتفظ بجيش كبير، جاهز ومستعد، يعتمد على نفسه وليس على الاستخبارات التي حكمها ان تفشل دوما في توقع نوايا العدو.

---------------------------------------------

 

يديعوت 14/4/2024

 

 

المعضلة الايرانية

 

 

بقلم: آفي يسسخروف

 

لم يعد هذا فقط المراوحة في القتال في غزة، او الإرهاب الفلسطيني في الضفة والإرهاب اليهودي هناك. ولا حتى هجوم الرد الإيراني. ولا حتى حقيقة أن سكان الشمال لا يمكن ان يعودوا الى بيوتهم المحاذية للحدود. درة التاج في فشل “سيد الامن”، بنيامين نتنياهو، ترتبط بالذات بما سوقه المرة تلو الأخرى كمشروع حياته وكاد يختفي عن الرادار الإعلامي: منع ايران من الوصول الى قنبلة نووية.

صحيح ان ليس لطهران قنبلة نووية بعد، لكن كل ما يتعلق باليورانيوم المخصب، فان الانباء التي نشرت الأسبوع الماضي توضح كم هي إسرائيل فشلت هي أيضا بالنسبة لسياسة منع النووي الإيراني. كلنا نذكر خطاب نتنياهو الشهير في الأمم المتحدة قبل نحو 12 سنة، حين عرض رسمة مع قنبلة والخط الأحمر حول تخصيب اليورانيوم الى مستوى عسكري (90 في المئة). وها هي “الواشنطن بوست” نشرت قبل أربعة أيام تقريرا لمراسلها في فيينا بان زيارة مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية للمنشأة النووية في فوردو في شهر شباط أظهرت مؤشرات مقلقة على نحو خاص. “عتاد جديد ركب، ينتج اليورانيوم المخصب حتى بسرعة اعلى واوسع مما هو مخطط ما سيزيد انتاج المشروع. ومقلق اكثر من هذا، رفعت فوردو مستوى انتاج نوع اخطر من الوقود النووي – نوع من اليورانيوم المخصب على نحو خاص يكاد يكون في مستوى سلاح نووي”.

عمليا، رغم ان ايران تدعي بان ليس لها نية لانتاج سلاح نووي، يعتقد المراقبون الدوليون بانه يوجد تحت تصرفها منذ الان ما يكفي من اليورانيوم المخصب بمستوى عالٍ يمكنه ان يكفي لانتاج ثلاث قنابل نووية على الأقل، في فترة زمنية تتراوح بين “بضعة أيام وبضعة أسابيع”. هذا التطور المقلق وان كان يبقي ظاهرا مساحة زمنية من نحو سنتين حتى انتاج الرأس النووي المتفجر الذي يمكن تركيبه على صاروخ. الا ان إسرائيل تحت نتنياهو التي جعلت احباط التهديد النووي الإيراني هدفها الأول في سموه، تجد نفسها تتصدى لجملة تهديدات أخرى – مثل حماس، حزب الله وتهديد إيراني تكتيكي – بينما تواصل إيران بكل النشاط تخصيب اليورانيوم الذي سيوفر لها في المستقبل القنبلة النووية.

ومن هنا أيضا في واقع الامر المعضلة الإيرانية: هل بالفعل ايران مستعدة لان تخاطر بالفعل بمشروعها النووي في حالة تصعيد شامل مع اسرائيل اذا كان ردها على تصفية الجنرال مهداوي حاد جدا. حسب التقديرات، معقول الافتراض أن لا ويمكن التقدير بان طهران سترد بشكل يخلق ردا في الجانب الإسرائيلي لكنه ليس ردا يحطم الاواني.

في هذه الاثناء لا تحتاج إيراني لان تبذل جهدا كبيرا على نحو خاص. أولا، الإرهاب في الضفة الغربية مرة أخرى يرفع رأسه، ولإيران يوجد نصيب وفير في ذلك. صحيح أنه يحتمل ألا يكون قتل الفتى بنيامين احيمئير يرتبط على الاطلاق بايران أو وكلائها، لكن ضعضعة الوضع الأمني في الضفة يخدم بلا شك الإيرانيين. هكذا أيضا رد أولئك المشاغبين ونشطاء الإرهاب اليهود الذين قتلوا امس فلسطينيا في قرية المغير، احرقوا مركبات وبيوت بل ومسوا بيهود أيضا، مثل مصور “يديعوت احرونوت” و “واي نت” شاؤول غولان الذي كانت خطيئته الكبرى هو أنه وثق افعالهم. هذه الاعمال من الجانب اليهودي ستخدم جدا أعداء إسرائيل في الساحة الدولية، مثل ايران، حماس وحزب الله وبالطبع ستضعضع اكثر فأكثر الوضع الأمني المتهالك في الضفة وهو تماما الحلم الوردي للايرانيين.

وبالتوازي، لا يمكن الا نتطرق مرة أخرى لمسيرة السخافة في قطاع غزة. حكومة إسرائيل، التي ترفض لاعتبارات سياسية البحث في خطة لـ “اليوم التالي” ولامكانية أن فتح أو السلطة الفلسطينية معا الى جانب جهات عربية ودولية تدير الشؤون المدنية في القطاع، تخلد عمليا حكم حماس هناك. نتنياهو، الذي قال انه سيؤدي الى تقويض حكم حماس هو الذي بكتي يديه يتأكد من نجاته.

---------------------------------------------

معهد بحوث الأمن القومي 14/4/2024

 

إسرائيل بعد الهجمة الإيرانية: نجحنا عملياتياً وأخفقنا استراتيجياً

 

 

النص بالفارسية: الصفعة القادمة أقوى. وبالعبرية: الخطأ القادم سيكون نهاية لدولتكم المزيفة

 

 

بقلم: تمير هايمن/ رئيس المعهد

 

من الناحية العملياتية، كل شيء سار على ما يرام: الاستخبارات الأولية لشعبة الاستخبارات “أمان”، ونظام كشف فعال، ونظام اعتراض ممتاز للقوات الجوية.

أما من الناحية الاستراتيجية، فالوضع أكثر تعقيداً:

* فشلت إسرائيل والولايات المتحدة في ردع إيران عن الهجوم.

* تمكنت إيران من إيذاء إسرائيل دون إلزام الولايات المتحدة بهجوم مضاد بمشاركة إسرائيل.

* تحركت إسرائيل للمرة الأولى كجزء من ائتلاف. وهذا أمر فعال ومهم، ولكنه يحد من حرية التصرف رداً على ذلك.

* التحالف الذي عمل الليلة هو جواب “اليوم التالي” للحرب في غزة – وهذا ما يجب أن نسعى جاهدين للوصول إليه: تشكيل إقليمي ضد إيران وجبهة المقاومة.

سيأتي الرد الإسرائيلي على الأراضي الإيرانية، ولكن لا ينبغي أن نخلق الوضوح بشأن هذه القضية، فلنترك الجانب الآخر يعاني من حالة عدم اليقين. الوقت في أيدينا، يمكن التفكير والتخطيط والتصرف بذكاء – النجاح في الدفاع يجعل هذا ممكنًا.

---------------------------------------------

يديعوت أحرونوت 14/4/2024

 

أوستن بهاتفه وكوريلا من قاعدة سلاح الجو الإسرائيلي: نقف كتفاً لكتف

 

 

بقلم: يوسي يهوشع

 

أكدت إسرائيل أمس: الرد الإيراني بدأ. إيران أطلقت مُسيرات من أراضيها إلى دولة إسرائيل”، قال الناطق العسكري العميد دانييل هاغاري وأشار إلى حاجة المُسيرات لبضع ساعات للوصول إلى أراضي إسرائيل. وقدرت محافل أمنية بأن إيران ستهاجم أهدافاً عسكرية، لكنه تقرر أخذ الحذر. وعليه، فقد كانت تعليمات قيادة الجبهة الداخلية واسعة للغاية. قبل ذلك، شدد الجيش الإخطار من عملية إيرانية ضد إسرائيل، وهكذا رفع التأهب مع التشديد على سلاح الجو في منظومة الدفاع الجوي والطائرات القتالية التي ستشارك في الاعتراض والرد في الأراضي الإيرانية. إذا ما تطلب الأمر هذا، فلإسرائيل القدرة على عمل ذلك. وكما كشف الجمعة، أقر الجيش خططاً هجومية ضد إيران في حالة نفذ الهجوم من هناك. لكن القرار متعلق أيضاً بالضرر وبنتائج الهجوم الإيراني.

ثمة سيناريوهات مختلفة قد تشمل مُسيرات وصواريخ جوالة وأخرى باليستية. عملية السيطرة التي نفذتها إيران على سفينة بملكية إسرائيلية جزئية لم يكن رداً. هكذا اعتقدت الولايات المتحدة. وبسبب الجدية التي تولى للمعلومات الاستخبارية، قطع الرئيس إجازته وعاد إلى البيت الأبيض لمشاورات أمنية حول التطورات في الشرق الأوسط.

بالتوازي، تحدث وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن مع وزير الدفاع يوآف غالنت. في أثناء حديثهما، وعده أوستن بأن “إسرائيل يمكنها الاعتماد على دعم أمريكي كامل للدفاع عن نفسها ضد أي هجوم من إيران ووكلائها في المنطقة”. وقال غالنت أمس، إننا “أضفنا قدرات جديدة في البر والجو والبحر، وفي الاستخبارات، وداخل دولة إسرائيل ومع شركائنا، وعلى رأسهم الولايات المتحدة”.

التنسيق الأمني مع الأمريكيين وثيق. تجول غالنت مع قائد المنطقة الوسطى الأمريكية مايكل كوريلا في قاعدة سلاح الجو “حتسور”، وشارك في مداولات تقدير الوضع في هيئة الأركان. الجملة الأهم التي قالها وزير الدفاع في تلك الجولة وهو في “حتسور”: “أعداؤنا يعتقدون أنهم سيفصلون بين إسرائيل والولايات المتحدة. لكن العكس، إنما يربطون بيننا ويعززون العلاقة بيننا. نقف كتفاً لكتف في صراعنا. وهذا صحيح. التهديد الإيراني يعزز التحالف الاستراتيجي بين الدولتين، لكن ما قد يمس به عنف المستوطنين في الضفة. إدارة بايدن حساسة جداً للموضوع، وفضلاً عن التصريحات، اتخذت سلسلة من الخطوات ضد المستوطنين.

من المهم أن نتذكر بأن أحداث نهاية الأسبوع بدأت بقتل احيمئير، من سكان القدس ابن 14 الذي لم يعد مع القطيع الذي خرج به للرعي في منطقة البؤرة الاستيطانية “ملاخي شالوم” يوم الجمعة. ظهر أمس، عثر على جثته بواسطة حوامة استخدمتها القوات. وعثر إلى جانبه على أغراضه الشخصية وأغراض أخرى أخذت للتحقيق، بينها سلاح أبيض. في بيان مشترك للجيش والشاباك والشرطة، كتب أن احيمئير قتل في “عملية إرهابية” وتجري مطاردة للمشبوهين.

لكن عندها سجلت مواجهات بين المستوطنين والفلسطينيين، تضمنت تقارير عن حرق منازل وسيارات للفلسطينيين.

فضلاً عن الزاوية الأمريكية، التوتر هناك أجبر الجيش على تعزيز المنطقة بعدد من السرايا خوفاً من التصعيد، وهو آخر ما يحتاجه الآن. لقد حاول السنوار إشعال المناطق منذ 7 أكتوبر، لكنه لم ينجح ولا حتى في رمضان. من يوم أمس وهو يحاول إشعال المنطقة مرة أخرى، وعليه فقد كانت بيانات الرئيس هرتسوغ ونتنياهو وغالنت تستهدف تهدئة الخواطر.

---------------------------------------------

يديعوت أحرونوت 14/4/2024

 

3 قنابل نووية بـ”فوردو” في أسابيع: لماذا غيّب نتنياهو هدفه الأعلى عن الرادار الإعلامي فجأة؟

 

 

بقلم: آفي يسسخروف

 

لم يعد الأمر متعلقاً فقط في مراوحة القتال في غزة، أو الإرهاب الفلسطيني في الضفة والإرهاب اليهودي هناك. ولا حتى هجوم الرد الإيراني. ولا حتى حقيقة تعذر عودة الإسرائيليين إلى بيوتهم المحاذية للحدود. درة التاج في فشل “سيد الأمن”، نتنياهو، ترتبط بما سوقه دائماً كمشروع حياته، وكاد يختفي عن الرادار الإعلامي: منع إيران من الوصول إلى قنبلة نووية.

صحيح أن طهران لم تمتلك قنبلة نووية بعد، لكن الأنباء التي نشرت الأسبوع الماضي توضح مدى فشل إسرائيل إزاء سياسة منع النووي الإيراني. كلنا نذكر خطاب نتنياهو الشهير في الأمم المتحدة قبل نحو 12 سنة، حين عرض رسمة مع قنبلة والخط الأحمر حول تخصيب اليورانيوم إلى مستوى عسكري (90 في المئة). وها هي “الواشنطن بوست” نشرت قبل أربعة أيام تقريراً لمراسلها في فيينا بأن زيارة مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية للمنشأة النووية في فوردو في شباط أظهرت مؤشرات مقلقة على نحو خاص. “عتاد جديد ركب، ينتج اليورانيوم المخصب حتى بسرعة أعلى وأوسع مما هو مخطط، ما سيزيد إنتاج المشروع. والمقلق أكثر أن فوردو رفعت مستوى إنتاج نوع أخطر من الوقود النووي – نوع من اليورانيوم المخصب على نحو خاص يكاد يكون في مستوى سلاح نووي”.

عملياً، رغم أن إيران تدعي بأن لا نية لها لإنتاج سلاح نووي، يعتقد المراقبون الدوليون بأن تحت تصرفها الآن ما يكفي من اليورانيوم المخصب بمستوى عالٍ قد يكفي لإنتاج ثلاث قنابل نووية على الأقل، في فترة زمنية تتراوح بين “بضعة أيام وبضعة أسابيع”. هذا التطور المقلق وإن كان يظهر مساحة زمنية من نحو سنتين حتى إنتاج الرأس النووي المتفجر الذي يمكن تركيبه على صاروخ، فإن إسرائيل تحت نتنياهو التي جعلت إحباط التهديد النووي الإيراني هدفها الأول، تجد نفسها تتصدى لجملة تهديدات أخرى، مثل حماس وحزب الله وتهديد إيراني تكتيكي – بينما تواصل إيران بكل نشاط تخصيب اليورانيوم الذي سيوفر لها القنبلة النووية.

والمعضلة الإيرانية: هل إيران مستعدة بالفعل للمخاطرة بمشروعها النووي في حالة تصعيد شامل مع إسرائيل إذا كان ردها على تصفية الجنرال مهداوي حاداً جداً. حسب التقديرات، معقول الافتراض أن لا ويمكن التقدير بأن طهران سترد بشكل يخلق رداً في الجانب الإسرائيلي، لكنه رد لا يحطم الاواني.

في هذه الأثناء، لا تحتاج إيران لبذل جهد كبير. أولاً، الإرهاب في الضفة الغربية يرفع رأسه مرة أخرى، ولإيران نصيب وفير في ذلك. من المحتمل ألا يكون قتل الفتى بنيامين احيمئير مرتبطاً بإيران أو وكلائها، لكن ضعضعة الوضع الأمني في الضفة تخدم الإيرانيين بلا شك. هكذا أيضاً رد أولئك المشاغبين ونشطاء الإرهاب اليهود الذين قتلوا فلسطينياً في قرية المغير أمس، وأحرقوا مركبات وبيوتاً، بل ومسوا بيهود أيضاً، مثل مصور “يديعوت أحرونوت” و “واي نت” شاؤول غولان، الذي كانت خطيئته الكبرى أنه وثق أفعالهم. هذه الأعمال من الجانب اليهودي ستخدم أعداء إسرائيل في الساحة الدولية، مثل إيران وحماس وحزب الله، وبالطبع ستضعضع الوضع الأمني المتهالك في الضفة، وهو تماماً حلم وردي للإيرانيين.

وبالتوازي، نتطرق لمسيرة السخافة في قطاع غزة. حكومة إسرائيل، التي ترفض لاعتبارات سياسية البحث في خطة لـ “اليوم التالي” وإمكانية فتح الباب للسلطة الفلسطينية إلى جانب جهات عربية ودولية تدير الشؤون المدنية في القطاع، تخلد عملياً حكم حماس هناك.

---------------------------------------------

هآرتس 14/4/2024

 

لماذا تظهر “Don’t بايدن” لإيران وتختفي إزاء إرهاب المستوطنين في الضفة الغربية؟

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

الضفة الآن في خطر اشتعال خطر أيضاً؛ فقد عثر أمس على جثة بنيامين احيمئير، الفتى ابن الـ 14 من سكان البؤرة الاستيطانية غير القانونية “ملاخي هشلوم”، الذي اختفى أثره قبل يوم من ذلك. وحسب بيان الجيش، فقد قتل احيمئير على خلفية قومية. لم ينتظر المستوطنون الجثة كي يلجأوا إلى الثأر؛ فمنذ الجمعة، بينما يبحثون عن الفتى، نشبت مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الأمن والمستوطنين. بلغ الفلسطينيون بوقوع 25 إصابة وقتيل واحد. أما أمس فقد انقض المستوطنون على قريتي دوما والمغيّر، اللتين عثر على الجثة على مقربة منهما، هاجموا سكانهما وأحرقوا ممتلكاتهم. كما أن قوات الجيش جاءت، وحدث أثناء المواجهات إطلاق الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع. وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني بوقوع ثماني إصابات، إحداها خطيرة.

كرة ثلج العنف من الصعب إيقافها حين يكون هذا القدر الكبير من الناس معنيين بفتح جبهة أخرى. فليست حماس وحدها المعنية بضم فلسطينيي الضفة إلى الحرب، فاليمين الاستيطاني أيضاً يريد فتح جبهة أخرى ليدفع قدماً برؤيا النكبة الثانية، بل وأسوأ من هذا.

غرد وزير الدفاع غالنت أمس برسالة إلى المستوطنين شرح لهم فيها أنه من غير المجدي تنفيذ أعمال فتك. “أعمال الثأر ستصعب على قواتنا القيام بمهامه”، كتب وشدد، وكأن القانون شمعة تضيء لهم الطريق، وأنه “محظور أخذ القانون بالأيدي”. يقال في صالحه إنه بخلاف رفاقه في الحكومة السائبة، فهو يتذكر وجود قانون على الأقل. ضعف الحكومة أمام قوة المتطرفين ترتبط مباشرة برئيسها نتنياهو. فهو الذي سمح لأناس مثل سموتريتش وبن غفير ليكونوا جزءاً من قيادة إسرائيل، وذلك لاعتبارات البقاء السياسي. عصبة السائبين هذه تدهور الدولة كل يوم وكل ساعة إلى درك أسفل لم يكن له مثيل، وهو يجد تعبيره في كل جبهة ممكنة: الضفة، غزة، الشمال، حيال إيران. بيان الناطق العسكري دانييل هاغاري أول أمس بأن “دفاعنا جاهز ويعرف كيف يتصدى لكل تهديد على حدة”، بعيد عن تهدئة من يقلق على أمنه الشخصي وأمن الدولة، بل يدل أيضاً على عمق الهوة التي ألقي إليها مواطنو إسرائيل. لشدة الرعب، ليس لهم عنوان آخر يستمدون منه التشجيع في لحظات انعدام اليقين الأمني، غير الراشد المسؤول الوحيد المتوفر – الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الذي عاد إلى رسالة التهديد تجاه إيران: Don’t.

حالياً، ليس ثمة من ينقل هذه الرسالة للمشاغبين المعربدين في الضفة كي يوضح للفلسطينيين من هو رب البيت. نأمل مع غياب عنوان زعامي، أن يكبح الجيش التدهور الذي قد يشعل لهيب النار أكثر فأكثر.

---------------------------------------------

 

 

إسرائيل اليوم 14/4/2024

 

ايران في هجوم مباشر على إسرائيل

 

 

بقلم: يوآف ليمور

 

توجد إسرائيل في الوضع الاستراتيجي الأكثر تعقيدا لها منذ حرب يوم الغفران، وربما في تاريخها. ما بدأ بمعركة ضد حماس في غزة أصبح حربا مباشرة وعلنية مع ايران، كمدخل محتمل لحرب إقليمية شاملة.

الهجوم الإيراني الذي بدأ أمس، ردا على تصفية قائد الحرس الثوري حسن مهداوي، نفذ بشكل غير مسبوق من الأراضي الإيرانية وليس فقط من خلال الوكلاء (وان كانوا هم أيضا يشاركون في الهجوم). فقد أطلق الإيرانيون بداية مُسيرات، لكن بوسعهم ان يطلقوا ثلاثة أنواع من الوسائل القتالية: صواريخ شهاب ذات الرؤوس المتفجرة ذات الاوزان المختلفة، التي يستغرق زمن طيراتها من إيران الى إسرائيل نحو عشر دقائق؛ صواريخ جوالة التي تحتاج الى نحو ساعتين للوصول من إيران الى إسرائيل؛ ومُسيرات من أنواع مختلفة، تطير ست ساعات فأكثر حتى الإصابة.

الصواريخ الباليستية سهلة على الكشف بسبب مسار طيراتها. زمن الطيران يسمح لإسرائيل بعدة فرص لاعتراضها بمنظومات حيتس المختلفة، وان كان تحدي المنظومات يزداد كلما كان عدد الصواريخ وعدد الأهداف أكبر. اما الصواريخ الجوالة والمسيرات فأصعب على العثور المسبق بسبب صورة الطيران المتدنية لها، لكن حقيقة أنها تطير ببطء نسبي تسمح باعتراضها بسهولة من لحظة العثور عليها. معقول أن في الجهد للاعتراض عليها ستشارك أيضا طائرات أمريكية ترابط في الخليج، ويحتمل أيضا طائرات من دول أخرى تنتمي للمحور الأمريكي في المنطقة.

 

ظهر امريكي

 

التنسيق الإسرائيلي – الأمريكي تم في نهاية الأسبوع في ختام زيارة قائد المنطقة الوسطى الامريكية الجنرال مايكل كوريلا الى البلاد والذي كان متواجدا أيضا عندما بدأ الهجوم الليلي. الامريكيون يساعدون إسرائيل في العثور المسبق على الاطلاقات من ايران ما يتيح لإسرائيل زمنا أطول للاستعداد للاعتراض والدفاع. التقدير المشترك بين الدولتين هو أن ايران اختارت الهجوم على اهداف عسكرية وليس مدنية كي تبقي السكان الإيرانيين خارج المعركة في حالة رد إسرائيلي على الهجوم.

الظهر الصلب الذي تمنحه الولايات المتحدة لإسرائيل يبرز بالذات على خلفية التردي في العلاقات بين الدولتين في الفترة الأخيرة. فادارة بايدن تثبت مرة أخرى، مثلما فعلت في بداية الحرب – بانه عندما يدور الحديث عن أمن إسرائيل فانها مستعدة لان تسير بعيدا جدا، بما في ذلك تعريض مصالح وجنود أمريكيين في المنطقة للخطر. وقد فعلت هذا رغم ان إسرائيل لم تشركها في قرار تصفية مهداوي، ورغم اقوال فظة قالها مسؤولون إسرائيليون في الأسابيع الأخيرة عن بايدن ورجاله.

وهذا يستوجب التساؤل مرة أخرى حول الحكم السياسية لنتنياهو وحكومته. فمبادرتها الى المواجهة مع إدارة بايدن هي خطر واضح وفوري على أمن إسرائيل. نتنياهو يعرف جيدا بان إداة الردع رقم واحد لإسرائيل على اعدائها هي العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة. حقيقة أن بايدن قطع أمس اجازته وعاد الى البيت الأبيض تدل على انه معني بان يكون قريبا من مركز اتخاذ القرارات في حالة اضطرار الولايات المتحدة للتدخل بنفسها في الحرب.

بعد النتائج

أوضحت إسرائيل في الأيام الأخيرة بانها سترد بقوة على الهجوم الإيراني. فعلى مدى السنين هددت إسرائيل ايران بالهجوم. وفي نهاية الامر كانت ايران هي من هاجمتها أولا. معقول أن ينشأ الرد الإسرائيلي الان عن مدى الهجوم الإيراني وطبيعته، واساسا من مسألة المصابين والضرر.

اذا نجحت إسرائيل في احباط معظم الهجوم ومنعت مسا بالارواح وبالممتلكات، فانه سيكون بوسعها أن تكتفي برد طفيف نسبيا قد يمنع فتح معركة شاملة. اما إصابة واسعة بمصالح إسرائيل فلا بد ستفضي الى رد فعل اشد باضعاف من شأنه أن يؤدي الى قتال في جبهات أخرى أيضا – وعلى رأسها ضد حزب الله في الشمال. وأوضح مسؤولون كبار في إسرائيل في نهاية الأسبوع بانه بدأ منذ الان الاستعداد للرد، وان كان القرار النهائي بذلك ستتخذ بعد تتضح نتائج الهجوم الإيراني المرتقب.

ان التورط في الساحة الإيرانية يستدرج بطبيعة الأحوال معظم الانتباه السياسي والأمني، لكن كل الجبهات الأخرى يجب أن تقلق إسرائيل جدا. قتل الراعي بنيامين احيمئير، الذي عثر على جثته صباح أمس يهدد باشعال الضفة على خلفية الخوف من اعمال ثأر يقوم بها اليهود. في جهاز الامن يستخدمون قوات غفيرة في محاولة للفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لكن يخيل أن المنطقة توجد على شفا فقدان السيطرة.

كما أن اطلاق الصواريخ الى سديروت في ليل السبت ذكر بان غزة لا تزال تخضع، جزئيا على الأقل، لسيطرة حماس وان النصر الموعود بعيد عن متناول اليد كما يدعي رئيس الوزراء. فضلا عن ذلك فان تركيز الجيش الإسرائيلي في ساحات أخرى يقلل الاحتمال لتوسيع متجدد للقتال في غزة ويعطي عمليا حماس الهواء للتنفس دون أن تتلقى إسرائيل على ذلك أي مقابل بتحرير المخطوفين. وتلقى الأمور مفعولا إضافيا على خلفية الارتفاع المتوقع هذا الأسبوع في عدد شاحنات المساعدات الإنسانية التي ستدخل الى غزة (اكثر من 500 في كل يوم) والتي هي الأخرى تعطيها إسرائيل “بالمجان” ودون أن تجبي من حماس أي مقابل.

من الصعب تفادي الإحساس بان مسألة المخطوفين تهم الحكومة اقل. والدليل على ذلك جاء في اللقاء يوم الخميس بين عيناب فنغوكر ام نتان المخطوف في غزة وبين النائبين ميخالئيل فلديغر وسمحا روتمان من الصهيونية الدينية. وبينما وقفت فلديغر امام الام المتألمة واستمعت الى اقوالها القاسية، فضل روتمان الاختباء في سيارته والنظر في هاتفه. كان هذا مؤلما وفاتحا للعيون على حد سواء. الفهم في أنه بين منتخبي الجمهور عندنا أناس عديمو الرحمة والقلب.

على خلفية التطورات في الساحات الأخرى، سيكون المخطوفون بحاجة الى قدر كبير من الحظ كي تعود قضيتهم مرة أخرى الى راس جدول الاعمال. فيحتمل أن في غضون ساعات ستتطور حرب غزة الى حرب ايران، وربما الى حرب واسعة تضم أيضا حزب الله وجهات أخرى. هذا يستدعي من إسرائيل حكمة استراتيجية واعصاب من حديد: التفكير بعمق بكل خطوة وعمل والتشاور والتنسيق مع الشركاء والمعرفة لاسكات الضجيج الجانبي والتركيز على الأساس.

النصر الموعود بعيد

قبل ستة اشهر واسبوع خرجت إسرائيل الى حرب في غزة. وهي بعيدة عن تحقيق أهدافها. حماس لم تهزم بعد، والمخطوفون لم يعودوا الى الديار. كما أنها بعيدة عن تحقيق أهدافها الفرعية: حزب الله لم يُبعد عن حدود الشمال، الضفة تهدد بالانفجار والشرعية الدولية لإسرائيل في درك اسفل غير مسبوق. بدلا من تحقيق كل هذه الأهداف، إسرائيل قربت نفسها بكلتي يديها من حرب مع ايران ومن إمكانية انفجار إقليمي شامل.

هذا بالضبط ما أراده السنوار في 7 أكتوبر. على إسرائيل أن تفعل كل حكمتها وقوتها كي لا تعطيه ما يريده. وهذا يستدعي من الجمهور ان يكون هادئا ومن الحكومة ان تفكر من الرأس وليس من البطن. سلوكه حتى الان في المعركة لا يبر بالخير. ينبغي الامل في أن تتعالى الان الى مستوى التحدي التاريخي الذي بانتظارها وبانتظارنا جميعا.

---------------------------------------------

 

هآرتس 14/4/2024

 

 

هل ينقصنا الآن حرب مع إيران؟

 

 

بقلم: جدعون ليفي

 

الجنرال محمد رضا زاهدي تمت تصفيته في 1 نيسان في السفارة الإيرانية في دمشق. بعد مرور أسبوعين فان إسرائيل تعيش وضعا من الخوف المرعب مما سيأتي. إذا كان يمكن الحكم حسب التحذيرات الأميركية فإن هجوم إيران في الطريق، وربما سيأتي حتى في الفترة بين كتابة هذه السطور ونشرها. بعد بضعة أيام من التأثر المثالي من قدرة التصفية المدهشة في دمشق، ما هذه العبقرية الاستخبارية والتسليح الدقيق، فان زمن دفع الثمن يقترب، هذه المرة يمكن أن يكون ثمنا يصعب تحمله. على أي حال هو لن يكون مساويا للتصفية التي ربما كانت مبررة، لكن مثل كل التصفيات التي نفذتها إسرائيل، هي تصفية زائدة ولا جدوى لها، وهذه المرة كما يبدو خطيرة.

زاهدي كان عسكريا والمس به استهدف، مثل كل تصفيات إسرائيل، إرسال رسالة ردع والمس بالقدرة العسكرية للطرف الثاني، إيران في هذه الحالة. هل هناك في الجيش الإسرائيلي ضابط واحد ووحيد إذا تمت تصفيته فسيتم إضعاف القدرة العسكرية لإسرائيل بشكل كبير؟ لا يوجد ولن يكون مثل هذا الضابط. فلماذا في كل مرة نحن نميل إلى التصديق بأنه يوجد أشخاص كهؤلاء في حماس أو في حزب الله أو في إيران، الذين لو تم قتلهم فإن وضعنا الأمني سيتحسن؟ زاهدي تمت تصفيته لأن ذلك كان ممكنا وسنحت الفرصة. وعندما تسنح الفرصة فإن لا أحد في القيادة الأمنية العليا سيصمد في أي وقت أمام إغراء القيام بعملية جيمس بوند لامعة. وماذا سيحدث في اليوم التالي؟ تكفي حقيقة أنه حتى الآن لم يحدث أي شيء في أي يوم. نحن قمنا بالتصفية ولم ندفع الثمن. إسرائيل استفزت في السنوات الأخيرة إيران بدون توقف، في لبنان وفي سورية وعلى الاراضي الإيرانية، ولم تدفع أي ثمن. من الغباء الاعتقاد بأنه لا توجد مرحلة لن ينقطع فيها الحبل الذي شدته. هذه اللحظة ربما تكون قد حانت.

 حتى محلل عسكري رزين ومنضبط مثل عاموس هرئيل كتب قبل بضعة ايام في صحيفة "هآرتس" بأن قتل زاهدي وقتل أبناء إسماعيل هنية، تم دون التفكير مسبقا بالعواقب. وقال هرئيل بأنه من الواضح أنهم في إسرائيل لم يناقشوا عواقب التصفية. الامر يحتاج الى قدر كبير جدا من الغطرسة من أجل الاعتقاد بأن إيران لن ترد على هذه الاستفزازات.

 من يقوم بمقامرة خطيرة بهذا القدر، مثل تصفية قائد قوة القدس في سورية، دون مناقشة مسبقا التداعيات، هو شخص خطير وعديم المسؤولية، وثمن أفعاله سندفعها جميعنا. عاموس هرئيل قال إن التصفية في دمشق تم تنفيذها في أعقاب ضغط من المستوى العملياتي واستجابة للمستوى السياسي، الذي صادق وبالطبع هو الذي يتحمل كل المسؤولية والذنب عن النتائج، بنيامين نتنياهو إذا أردنا أن نكون صريحين.

يجب أن نكون واضحين. اذا اندلعت في هذا الأسبوع الحرب مع إيران أو إذا تمت مهاجمة إسرائيل بشكل شديد على يد إيران، فان المسؤولية ستقع على من صادق على عملية التصفية في دمشق. هذه هي التصفية الثانية لإيرانيين منذ اندلاع الحرب. فيما يتعلق بإيران لا توجد اسئلة بخصوص الاخلاق أو العدالة. توجد فقط أسئلة للتبصر. استفزاز إيران في هذا الوقت، الذي فيه الجيش الإسرائيلي يوجد في غزة وينزف والمنطقة الشمالية مشتعلة والضفة الغربية تهدد بالانضمام، فان هذه عملية خطيرة لا يمكن تجاوزها والمرور عليها مر الكرام. هذا كان واضحا في يوم عملية التصفية، في الوقت الذي غمز فيه الجميع بعضهم البعض ويعربون عن الإعجاب، وهو ما أصبح واضحا بشكل مضاعف الآن، وهم على شفا هجوم من إيران. حتى بعد ذلك يصعب التصديق بأن إسرائيل ستبدأ تتصرف بضبط للنفس وبعقلانية: الضربة المضادة ستأتي على الفور. وها نحن في خضم حرب مع أقوى وأخطر عدو ظهر ضدنا على الإطلاق. هل هذا ما أراده من خططوا لعملية الاغتيال في دمشق؟ من أصدروا التعليمات ونفذوها؟ هل هذا ما نريده نحن الإسرائيليين؟ هل هذا ما ينقصنا الآن؟ حرب مع إيران؟.

فقط لا تقولوا مرة أخرى بأنه لم يكن هناك أي خيار. هذا الخيار كان موجودا وهو عدم القيام بالتصفية. حتى لو كان يستحق التصفية، وحتى لو كان مسموحا فعل ذلك وممكنا، فإن من أرسل من نفذوا عملية التصفية أرسل إسرائيل إلى خطر الحرب مع إيران.

---------------------------------------------

 

هآرتس 14/4/2024

 

 

التمسُّك ببايدن ورؤيته ضرورة إسرائيلية

 

بقلم: رفيت هيخت

تصريح الرئيس الأميركي جو بايدن بأن الولايات المتحدة ستضمن أمن اسرائيل في حال هجوم ايران عليها، وفّر شيئا من الأكسجين لرئة اسرائيل الفارغة. ومثلما في 10 تشرين الأول عندما وقف إلى جانب اسرائيل المكلومة وحذر أعداءها من استغلال الحضيض الذي وجدت فيه نفسها، فإن بايدن يصب الآن أيضا بعض الأمان في مواطني اسرائيل في الوقت الذي يفصل فيه بموضوعية بين بنيامين نتنياهو، المخادع الكبير والزعيم الأسوأ في تاريخه، وبين كل الشعب اليهودي الذي يتعاطف معه بصورة ثابتة وأصيلة.

لكن اكثر ما يدل عليه تصريح بايدن بحد ذاته، هو أنه يؤكد على حاجة الاسرائيليين إلى قيادة سياسية وأمنية سليمة. وقد انضم الآن إلى فظائع 7 أكتوبر وتقاعس الحكومة والمؤسسة الأمنية الإجرامي، التي سمحت بذبح المواطنين واغتصابهم واختطافهم وإخلائهم، سوء إدارة الحرب، ما أدى إلى تفاقم وضع اسرائيل أكثر فأكثر.

على الرغم من التجند المدني الشامل مع استعداد بطولي للتضحية بالنفيس من اجل المجهود الوطني، وعلى الرغم من الدعم والتسليم من قبل دولة عظمى مثل الولايات المتحدة، واعتماد دولي في الأسابيع الأولى للحرب في أعقاب الفظائع التي تعرضت لها اسرائيل، وعلى الرغم من التفوق العسكري الواضح مقابل منظمة إرهابية متوحشة – فإن "كابنيت" الحرب ورؤساء أجهزة الأمن نجحوا في الفشل في الأهداف التي وضعوها لأنفسهم؛ إعادة المخطوفين وهزيمة "حماس".

يُقتل المخطوفون واحدا تلو الآخر في الأسر، وعائلاتهم عانت بشكل كبير، في حين أن اسرائيل تدمر المزيد والمزيد من أدوات الضغط على "حماس" وتحرر يحيى السنوار من كل إلحاحية للتوصل إلى الصفقة. في كل مكان انسحب منه الجيش الإسرائيلي بدون الحصول على شيء في المقابل، يظهر من جديد رجال "حماس" ويستأنفون السيطرة العسكرية والسلطوية على السكان، وإطالة زمن الحرب بدون أهداف سياسية وتفكير بالمستقبل، أضيف الفشل في إدارة المساعدات الإنسانية التي أصبحت على الفور رصيدا لـ"حماس" وأدت إلى تدهور اسرائيل إلى مكانة الدولة المجذومة.

السنوار، الذي قالت قبل شهرين شخصيات إسرائيلية رفيعة، إنه لا يرد على طواقم المفاوضات لأن "الاتصال معه انقطع وهو يهرب ويوجد في ضائقة"، يفتح لإسرائيل مدرسة استراتيجية ويجعلها تزحف على بطنها. تصريحات نتنياهو، وتصريحات بني غانتس الآن أيضا، حول النصر والعملية المستقبلية في رفح، تسمع كصوت حانوخ لفين في محاكاة ساخرة للقيادة التي توجد في واقع مواز (وبهذه القدرات ما زال هناك من يريد شن حرب واسعة النطاق مع "حزب الله"، وهذا غباء آخر منعه بايدن بحكمته).

ليس في القرارات الأخيرة المهمة، تصفية قائد قوة القدس الإيراني في لبنان وسورية وتصفية عائلة إسماعيل هنية أي جدوى استراتيجية، وهي تظهر كقرارات ارتجالية يائسة استهدفت استعراض القوة. من جهة أخرى، الإمكانية الكامنة في ضررهما الشديد. أدخلت العملية الأولى الدولة في صدمة استعدادا لتلقي ضربة أقوى، مع المخاطرة في خلق جبهة أخرى اكثر تهديدا وبدون أن تتم معالجة جبهة "حماس" في غزة بشكل ناجع كما يلزم. الثانية يمكن أن تحكم على قليل من المخطوفين الذين نجحوا حتى الآن في البقاء على قيد الحياة في اسر "حماس"، بالموت وهم يعانون، ما اصبح يبدو كجريمة قادمة لدولة تجاه مواطنيها الذين تم التخلي عنهم مرة تلو الأخرى.

على خلفية إجمال هذا الوضع، الذي يدل على ضعف إسرائيلي مقلق جدا في فضاء معاد وعنيف، فإن بايدن يبدو باعتباره الناضج الوحيد المسؤول، الذي على الأقل يعمل بمنطقية مع الإصغاء للواقع. على الرغم من التنازل المؤلم والمأساوي الكامن في إبقاء "حماس" واقفة على إقدامها بعد الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها، فيجب التمسك ببايدن وطلباته ورؤيته من اجل أن نبقى على قيد الحياة في متاهة الرعب التي وصلت إليها اسرائيل. هو خلافا للآخرين على الأقل يعرف ما الذي يفعله.

---------------------------------------------

 

هآرتس 14/4/2024

 

 

اليمين الإسرائيلي المريض يريد قتل المخطوفين

 

 

بقلم: كارولينا ليندسمان

 

خرج الجيش الإسرائيلي من خان يونس ودخلت المساعدات الإنسانية، وعندما بدا أن ضغطا مشابها استخدم على "حماس" من اجل التقدم نحو صفقة التبادل، قامت اسرائيل باغتيال أولاد إسماعيل هنية وأحفاده. بالضبط عندما كان يمكن الشعور بنسيم خفيف من الأمل، قضت اسرائيل فعليا على المخطوفين انفسهم.

هذه عملية سيئة جدا، غير عقلانية، تجعل الشخص يبدأ في التفكير بأنه توجد هنا دولة قررت الانتحار، فعليا وليس مجازيا. لا توجد أي أهمية لعدم إبلاغ نتنياهو وغالانت مسبقا عن العملية، وأنهما لم يصادقا عليها. أي أنه في دولة سليمة بالتأكيد يوجد لذلك أهمية، في دولة سليمة لو أن مثل هذا الأمر حدث، في ذروة حرب، بحيث يقول الجيش على مسؤوليته بتصفية أبناء أحد قادة العدو دون إبلاغ الحكومة حتى، عندها... حتى أنا لا اعرف كيف سأنهي هذه الجملة. هذا أمر مدحوض تماما.

بالتالي، الآن نتنياهو يمثل علينا خدعة "أنا لم اعرف"، "لم يتم تحذيري ولم يمسكوني من ياقتي". لكن حتى لو كان هذا الأمر صحيحا فمن الذي سيصدق هذا المتحايل. لنفترض أن هذا صحيح، فقط هذا يعني أنه ليس فقط الحكومة نزلت عن السكة، بل أيضا الجيش الإسرائيلي تمسك بجنونها، وفقد الضمير حرفيا. أيضا لم تعد لديه أي قدرة على التمييز بين الجنود والمدنيين، بين الحرب وجريمة الحرب، بين المستوى السياسي والمستوى العسكري، بين البالغين والأطفال، أو بيننا وبين العدو. برج بابل الذي فيه بدلا من تعدد اللغات الجميع يتحدثون لغة واحدة، التي كلماتها غير مفهومة حتى بالنسبة لمن يتحدثون بها. كل شيء معطوب هنا ومتعفن ومريض.

بعد ذلك، تبدأ وسائل الإعلام في تكرار أنهم في اسرائيل يخافون من أن الاغتيال سيضر بالمفاوضات حول الصفقة، وأنت تبدأ في التفكير بأن الجميع يضحكون عليك علنا. من الذي يخشى؟ الحكومة التي لا تريد الصفقة؟ الجيش الذي كما يبدو على مسؤوليته اضر بالصفقة؟ كل شيء يتم الإبلاغ عنه بجدية كبيرة وكأن الأمر لا يتعلق بمهزلة، التي هي أسوأ بمئة مرة من المأساة.

بعد ذلك، تمسك برأسك وتعرف أن الوضع لا يمكن إصلاحه. أولا وقبل أي شيء آخر مسألة المخطوفين. القول إن الحكومة لا تريد الصفقة، هذا اصبح نوعا من التبخيس. الحكومة تريد قتلهم. هذا ليس أمرا شخصيا، هي ببساطة تريد القضاء على هذه المعضلة التي يخلقها لها المخطوفون. من المفضل جدا لها أن تقوم بالحداد عليهم، هكذا يفكر المجانين الموجودون في الحكم، لأنه بحياتهم فرضوا علينا الخسارة. المخطوفون هم الخطوة التي تفصلنا عن النصر. المخطوفون هم السبب في أن اسرائيل لا تنتصر. هذا ما يعتقده اليمين المريض. أو بالصيغة البيبية: المخطوفون هم الذين يمنعون بيبي من قيادة اسرائيل نحو النصر المطلق، هم يعرضون للخطر استمرار حكمه، وهذا ما يفكر فيه نتنياهو وسارة ويائير في أعماقهم العفنة.

عندها تعرف أن كل هذه الثرثرة غير المتناهية في التلفزيون والبكاء والندب والإدمان على الشهادات الكاذبة وعلى المقابلات المؤلمة مع العائلات والمخطوفين الذين عادوا من أسر "حماس" والانغماس في الأوصاف التي رسموها للفظائع ومدى كراهية الجميع لنا والتمرغ في الرحمة – كل ذلك بديل للمطالبة المدنية والسياسية الشعبية لإطلاق سراح المخطوفين. هنا لا يمكن إعفاء الجميع من المسؤولية.

الرحمة والتماهي لن يعيدا المخطوفين. الحكومة تستمع للجمهور عندما يصرخ. وإذا لم يكن الجمهور مستعدا لأن يطبقوا إجراء "هنيبعل" على المخطوفين بسبب رفح وإيران أو أي شيء تافه آخر، فإن هذا هو الوقت المناسب للجنون، لأن هذا ما يحدث الآن.

---------------------------------------------

 

عن "معهد بحوث الأمن القومي" بجامعة تل أبيب 14/4/2024

 

 

سقوط الرهان على "التفوق العسكري" بلا سياق سياسي

 

 

هجوم 7 أكتوبر: إعادة قراءة لـ "مفهوم الأمن القومي" الإسرائيلي

 

 

بقلم: أوري بار- يوسف

 

كان الهدف الأسمى لآباء الحركة الصهيونية هو إنشاء دولة يهودية قابلة للحياة، وبعد إنشائها كان إقناع العرب، من خلال بناء "جدار حديدي" عسكري لن يتمكنوا من إخضاعه، بالموافقة على إقامة دولة يهودية وإنهاء الصراع. أقيم "الجدار الحديدي" عام 1967. حتى حرب الأيام الستة، لم يكن لدى إسرائيل أصول يمكن استبدالها باعتراف عربي بحقها في الوجود، لكن احتلال المناطق خلق خياراً لذلك. وعلى الرغم من ذلك، ظل مفهوم الأمن أسيرا للسلطة الحصرية على القوة العسكرية و"الخطوط الأمنية". ورفضت إسرائيل، باستثناء اتفاقيات السلام مع مصر والأردن، الاستفادة من الخيار السياسي، ولم تكتمل عمليات التسوية المفتوحة منذ ذلك الحين لأسباب مختلفة. وعلى هذه الخلفية وعلى خلفية ظهور تهديدات كبيرة جديدة، يبدو أن استمرار السلطة الحصرية على القوة مع تجاهل القناة السياسية، وخاصة مبادرة السلام العربية التي تسعى إلى إنهاء الصراع، يقود إسرائيل إلى طريق مسدود قد يدفع ثمناً باهظاً في المستقبل.

 

مقدمة

 

يشير مصطلح الأمن القومي، الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية، إلى درع وقائي تبنيه الدولة على أساس مواردها، بغرض حماية قيمها المركزية، والتي تُعرف أيضًا بالمصالح الوطنية، وأهمها سيادة الدولة وسلامة أراضيها وأمن مواطنيها. تعتبر نظرية الأمن القومي الأساس الفكري الأشمل والأوسع لجميع القضايا المتعلقة بالأمن القومي، وفي مقدمتها تعريف القيم التي يجب حمايتها، وطبيعة التهديدات وطرق العمل لتحقيق الحماية اللازمة . إن مفهوم الأمن القومي هو طريقة التفكير السائدة التي تجري على ضوئها السياسة.

وخلافاً لدول أخرى مثل الولايات المتحدة، ليس لدى إسرائيل عقيدة أمنية وطنية مكتوبة، بل لديها عقيدة شفهية فقط، أو ما يسمى عادة "مفهوم الأمن القومي". ويرى البعض أن الوثيقة التي كتبها ديفيد بن غوريون في تشرين الأول/أكتوبر 1953 هي مفهوم أمني رسمي، يرتكز على فكرة "الجدار الحديدي" التي طرحها جابوتنسكي في عشرينيات القرن العشرين (بن إسرائيل، 2013). من الناحية العملية، كانت الوثيقة التي وضعها بن غوريون مثابة تقييم استراتيجي للوضع، لا سيما في المسائل المتعلقة بهيكل السلطة في الجيش الإسرائيلي. المحاولة المهمة الوحيدة لملء الفراغ الموجود في الميدان كانت من خلال تشكيل لجنة مريدور، بناء على تفويض من رئيس الوزراء أريئيل شارون ووزير الدفاع شاؤول موفاز. وقدمت اللجنة استنتاجاتها وتوصياتها في عام 2006، ولكن على الرغم من اعتمادها من قبل وزير الدفاع، إلا أنها لم تتم الموافقة عليها رسميًا من قبل اللجنة الوزارية للأمن القومي.

إن حقيقة أن دولة مزقتها الحرب مثل إسرائيل لا تملك بعد عقيدة أمنية وطنية مكتوبة ومحدثة لها عواقب سلبية كبيرة، أولا وقبل كل شيء الافتقار إلى "البوصلة الأمنية" التي يمكن لصناع القرار من خلالها صياغة قراراتهم. إضافة إلى ذلك، وبما أن النظام الدفاعي لا يصدر وثيقة محدثة كل فترة زمنية محددة أو بعد أحداث أمنية بارزة، فإنه لا يجري نقاشاً منظماً حول البيئة الاستراتيجية المتغيرة، حول كيفية التعامل مع التحديات الجديدة والتحديات التي تواجهها والحاجة إلى التوقف عن الاستثمار في التصدي للتحديات التي عفى عليها الزمن. ونتيجة لذلك، لا توجد أيضًا عملية تعلم من إخفاقات ونجاحات الماضي.

معظم الباحثين الذين تناولوا سياسة الأمن القومي الإسرائيلي ركز على الجانب العسكري للسياسة وعلى مقترحات لتحسين عمليات صنع القرار.

 

الغرض من هذه المقالة ليس اقتراح تحسينات على السياسة الحالية ولكن تقديم بديل لها. والحجة الأساسية التي سيتم عرضها هنا بناء على تحليل تاريخي، هي أن المفهوم السائد لدى مصممي سياسة الأمن القومي منذ أكثر من سبعين عاما - والذي بموجبه يكون الرد على التهديدات الأمنية هو تحسين القدرة العسكرية والاعتماد على القوة العسكرية. الردع والتحذير والقرار – كان صحيحا وذا صلة حتى حرب الأيام الستة. لكن منذ حزيران 1967، أدى التمسك شبه الكامل بهذا المفهوم والإحجام عن خيار التسويات السياسية على أساس "الأراضي مقابل السلام" - باستثناء اتفاق السلام مع مصر - إلى وصول إسرائيل إلى طريق مسدود بلغ ذروته في حرب السيوف الحديدية. ويبدو المستقبل أكثر خطورة: فمخزونات حزب الله من الصواريخ وعناصر أخرى من المحور الراديكالي تخلق تهديداً شبه وجودي ليس له رد عسكري فعال حقيقي، وإذا أصبحت إيران دولة نووية، فإن إسرائيل سوف تواجه تهديداً وجودياً لا يكون الرد عليه بالردع.

ويخرج من هذا استنتاج واضح: يجب أن يرتكز أمن إسرائيل على مزيج من التوصل إلى ترتيبات سياسية من شأنها أن تخلق وضعا راهنا مقبولا لجميع الأطراف، بما في ذلك الفلسطينيون، بهدف الحد من الدوافع العدائية للمنافسين المحتملين، والحفاظ على القدرات العسكرية التي من شأنها أن توفر الدعم العملي للترتيبات التي يتم التوصل إليها. ومثل هذا المزيج وحده هو الذي سيوفر لدولة إسرائيل أمناً معقولاً وبثمن معقول.

 

مفهوم الأمن حتى عام 1967

 

وعلى الرغم من أن الحركة الصهيونية حاولت تجاهل حقيقة أن فلسطين ليست أرضًا بلا شعب، إلا أن أعمال الشغب التي اندلعت عام 1921 (أيار 1921) طغت على الحاجة إلى التعامل مع التهديد العربي. وكانت إحدى النتائج هي التأسيس الفعلي لمنظمة الهاغاناه. أما الثاني، وهو الأكثر مفاهيمية، فقد تمت صياغته في مقالة جابوتنسكي 'عن الجدار الحديدي'، وقالت في تلخيصها إن العرب لن يوافقوا على وجود الدولة اليهودية إلا بعد أن يتبينوا أنهم لن يتمكنوا من هزمها بالقوة العسكرية. وفي ضوء نتائج حرب الاستقلال، بدا أن هذه اللحظة قد حانت، إلا أن فشل محاولات تحقيق الترتيبات إلى جانب تصاعد الأحداث الأمنية المستمرة أوضح أن الأمر ليس كذلك، وأنه يتعين على إسرائيل بناء نفسها لمواجهة طويلة الأمد. على خلفية التصعيد الحدودي، نشأ صراع بين مفهومين في القيادة الإسرائيلية: الأول «النشاط السياسي» الذي يمثله بشكل بارز وزير الخارجية موشيه شاريت، والآخر «النشاط الأمني» الذي يقوده رئيس الوزراء ووزير الدفاع دافيد بن غوريون. ركز النهج الأول على تعزيز مكانة إسرائيل الدولية، وضبط النفس العسكري، وتخفيف حدة الصراع من خلال الوسائل السياسية. أما الثاني فقد ركز على تنمية القوة العسكرية الإسرائيلية والاستخدام الواضح لهذه القوة من خلال الأعمال الانتقامية كوسيلة لتحقيق الأمن (بيالر، 1984).

لقد تطرقت الاختلافات بين النهجين إلى الطريق، لكن الهدف، كما تم تحديده في عشرينيات القرن الماضي، تم الاتفاق عليه بين الجانبين: خلق وضع توافق فيه الدول العربية على إنهاء الصراع دون تغييرات جوهرية في الحدود ودون قبول عدد كبير من اللاجئين العرب (شالوم، 1998). لقد عبر بن غوريون بوضوح عن ذلك في مناسبات مختلفة.

كانت إقالة موشيه شاريت من منصب وزير الخارجية في حزيران 1956 بمثابة نقطة تحول تاريخية. لقد ترك خروجه من المسرح السياسي كبار صناع القرار دون عامل مركزي واحد قادر على وضع ثقل موازن لوجهة النظر السائدة، وإلغاء عنصر النشاط السياسي من النظرة الأمنية. وكان التعبير المباشر عن ذلك هو التصعيد العسكري السريع على الحدود، الذي بلغ ذروته في عملية سيناء التي بدأتها إسرائيل في خريف عام 1956. وكان النجاح العسكري في العملية سبباً في تعزيز عنصر الاعتماد الحصري على القوة، والعقد الذي بدأ مع استكمال الانسحاب من سيناء في آذار 1957 وانتهى بدخول الجيش المصري إلى سيناء في أيار 1967 بمثابة المنعطف الذهبي لمفهوم النشاط الأمني. لقد اعتمد أولاً وقبل كل شيء على استراتيجية ردع تنبع قوتها الأساسية من مزيج من الخوف العربي من قوة الجيش الإسرائيلي والاستعداد العربي، خاصة من جانب الرئيس المصري عبد الناصر، للتسليم بالوضع القائم طالما كان هذا محتملا من وجهة نظره.

وكانت النتيجة أفضل عقد في تاريخ إسرائيل، عندما مكّن الهدوء الأمني ​​من تخصيص معظم موارد الدولة لتطوير الاقتصاد والبنية التحتية: نما عدد السكان بسرعة، وتطور الاقتصاد بوتيرة متسارعة، وتزايد التصنيع. حدثت العملية، وارتفع الناتج المحلي الإجمالي بمعدل غير مسبوق، كما ارتفع مستوى المعيشة ومستوى الخدمات للمواطن. كما مكّنت التهدئة الأمنية من استثمار الجزء الأكبر من ميزانية الدفاع في إعداد الجيش الإسرائيلي ليوم الأمر، وفي هذا الإطار، لم يتم تعزيزه كميًا فقط، خاصة في المدرعات وفي الجو، بل تدرب أيضًا بشكل مكثف استعدادًا للحرب. وفي الوقت نفسه، تم بناء "جدار حديدي" آخر في ديمونة، مصمم لدعم قدرة الردع التقليدية.

ومع ذلك، طوال العقد لم يتم تهيئة الظروف لإنهاء الصراع بثمن محتمل لإسرائيل. وقد ظهر التعبير الأوضح عن ذلك على وجه التحديد عندما ظهر الصدع الأول في جدار العداء العربي العلني. ففي ربيع عام 1965، ألقى الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة خطابا في أحد مخيمات اللاجئين بالأردن، أدان فيه الدعوات لإلقاء إسرائيل في البحر، ودعا إلى الموافقة على تقسيم الأرض وتعزيز التعاون اليهودي العربي في المنطقة مقابل عودة إسرائيل إلى حدود التقسيم وموافقتها على عودة لاجئي 1948 إلى ديارهم. رداً على ذلك، كرر رئيس الوزراء ليفي أشكول وأوضح موقف إسرائيل المقبول: السعي لتحقيق السلام على أساس الحدود القائمة ورفض قبول عدد كبير من اللاجئين.

 

تصور الأمن في الأعوام 1967-2024

 

أسفرت نتائج حرب الأيام الستة عن أربعة تغييرات رئيسية في قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها. الأول والأهم هو أن احتلال شبه جزيرة سيناء والضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان، ما أعطى إسرائيل الأصول التي سمحت لها بالحفاظ على أمنها وإنهاء الصراع في ظل ظروف كانت مقبولة لها حتى تلك الحرب.

التغيير الثاني كان القرار رقم 242 الصادر عن مجلس الأمن في تشرين الثاني 1967، والذي أسس مبدأ الأراضي مقابل السلام، أي عودة الأراضي التي تم احتلالها في الحرب مقابل إنهاء الصراع.

أما التغيير الثالث فكان التغير التدريجي في مواقف العالم العربي، وخاصة موقف مصر تجاه إسرائيل. حتى الحرب، كان الهدف الذي أعلنه القادة العرب صبح مساء هو "القضاء على دولة إسرائيل" (هركابي 1968، ص 15). هذه التصريحات، التي كانت كلامية أكثر من كونها هدفاً عملياً، بدأت تختفي بعد الهزيمة المهينة في حرب الأيام الستة، ولم يتم بذل الجهود لتغيير الوضع الراهن الجديد بالوسائل العسكرية فحسب، بل أيضاً بالوسائل السياسية. وهكذا، إلى جانب شعار "ما أخذ بالقوة يسترد بالقوة"، وإعادة التأهيل العسكري السريع وبدء الأعمال العدائية على طول قناة السويس، قبل المصريون القرار 242 الذي اعترف بحق إسرائيل في الوجود. وبعد وصول السادات إلى السلطة، أعلنوا رسميًا أنه مقابل عودة إسرائيل إلى الحدود الدولية، ستكون مصر مستعدة للتوقيع على اتفاقية سلام وإنهاء الصراع معها.

أما التغيير الرابع فقد حدث في الموقف الإسرائيلي. صحيح أن حكومة أشكول اتخذت في 19 حزيران 1967 قراراً سرياً يقضي بموافقة إسرائيل على العودة إلى الحدود الدولية مع مصر وسورية (لكن ليس مع الأردن) مقابل ترتيبات أمنية وضمان حرية الملاحة في مضيق تيران وقناة السويس، لكن في وقت قصير، عندما اتضح أنه لا يوجد ضغط دولي فوري لإعادة الأراضي المحتلة، أعلنت أنها "ستعزز موقعها" في المناطق بما يتوافق مع الاحتياجات الأمنية. ومن الناحية العملية، طالبت الحكومة بـ "حدود آمنة" (فيدازور، 1996، ص 113). وهذا المطلب، الذي عكس الثقة في قوة الجيش الإسرائيلي والتفضيل الكامل لتنمية القدرة العسكرية كرد على التحديات الأمنية، ترك الخيار السياسي على الهامش.

وعلى الرغم من التغيرات الإقليمية التي أحدثتها حرب الأيام الستة، فإن مفهوم إسرائيل للأمن استمر في الارتكاز بشكل أكثر ثباتاً على مبادئ الردع والتحذير والحسم. وعلى الرغم من أن هذه المبادئ أثبتت صحتها خلال العقد الذي سبق الحرب، فإن حدودها بدأت تتضح الآن. فلئن بدا بعد الحرب مباشرة أن مزيج النصر الساحق وخسارة القوة العسكرية العربية والتهديد الذي يمكن أن تشكله إسرائيل الآن على الأصول الاستراتيجية الرئيسية في مصر وسورية والأردن من شأنه أن يردع أي مبادرة عسكرية عربية جديدة، فقد أثبت الواقع أن هذا ليس هو الحال. لقد أدى الرفض العربي لقبول استمرار السيطرة الإسرائيلية على الأراضي المحتلة إلى استعداد غير مسبوق لتحدي الردع الإسرائيلي. في المرحلة الأولى كانت النتيجة صراعاً منخفض الشدة ولكنه مستمر على طول كل الحدود، وفي المرحلة الثانية، بعد استعادة الجيش المصري، تصعيد وفتح حرب استنزاف مكثفة على طول حدود قناة السويس. لقد كانت قدرة الردع التي يتمتع بها الجيش الإسرائيلي كافية بالفعل لمنع مبادرة عسكرية شاملة، لكنها واجهت صعوبة في إنهاء صراع محدود، أصبح ثمنه باهظ الثمن أكثر فأكثر.

أصبحت حدود الردع أكثر وضوحا في أكتوبر 1973. قبل ذلك بعام، في اجتماع سري أعلن فيه السادات قراره بخوض الحرب على الرغم من أن ميزان القوى يميل ضد مصر، أوضح مطولا أن هذا كان "تحديا صعبا"، ولكن "والله يعلم أنه ليس لدينا حل آخر". بالنسبة للسادات، كان استمرار الوضع القائم بمثابة "شلل" "سيتحول إلى عجز كامل ونهائي. ولن نقبل ذلك". وذكر في نهاية حديثه أن اختبار الحرب سيثبت "إذا كنا موجودين أو غير موجودين".

إن السياسة الإسرائيلية التي ساهمت في اتخاذ القرار المصري اليائس بخوض الحرب تعكس بكل وضوح الاعتماد على القوة العسكرية باعتبارها الحل الوحيد للمشاكل الأمنية التي تواجهها إسرائيل. تقرر ذلك في منتدى "مطبخ غولدا" الذي شارك فيه وزير الدفاع موشيه ديان، الدافع الرئيس للنشاط العسكري خلال فترة عمله كرئيس للأركان، إسرائيل جاليلي، المستشار المقرب لرئيسة الوزراء وأحد قادة الصقور. خط حزب العمل، وغولدا مئير نفسها، التي اختيرت لتحل محل وزير الخارجية شاريت بسبب مواقفها المتشددة، وبعد أن حلت محله لم تحاول صب مدخلات سياسية في مفهوم الأمن. وقد قدر الثلاثة بشكل صحيح أن الردع لن يتحمل العبء الذي يفرضه عليه استمرار الوضع الراهن مع مصر، ولكن بدلا من محاولة تخفيف العبء، على سبيل المثال من خلال تسوية جزئية في قناة السويس، وهو ما كان ممكنا ولم يحدث، تحمل العديد من المخاطر الأمنية، فقد فضلوا التعويل على تفوق جيش الدفاع الإسرائيلي. ومع ان هذا لن يمنع الحرب، لكنه سيؤدي إلى هزيمة مصر والى إدامة الوضع الراهن لبضع سنوات أخرى.

إن التعبير الأوضح عن هذا المفهوم، وربما الأوضح في تاريخ إسرائيل، جاء في المناقشة التي جرت في 18 نيسان 1973. فقد انعقدت بسبب تحذيرات من مصادر ممتازة من أن مصر تنوي خوض حرب في منتصف أيار، وقدّرت غولدا وديان وجاليلي خلالها أن إسرائيل تتجه بالفعل إلى حرب كبرى. وفي مرحلة ما، أشار جاليلي إلى أن "هناك أيضًا إمكانية لتجنب هذه الكارثة [الحرب] برمتها، إذا كنا مستعدين للدخول في سلسلة من المناقشات على أساس العودة إلى الحدود السابقة". في ظاهر الأمر، طرح بديلاً سياسياً للحرب. ومن الناحية العملية، كان واضحاً للثلاثة أنه لا جدوى من الدخول في نقاش حول مسألة الاختيار بين الخيارين، لأن تفضيل الحرب الناجحة على التسوية بدا بديهياً.

كما تم الكشف بوضوح عن القيود المفروضة على قدرة التحذير خلال هذه الفترة. لقد أصدرت شعبة الاستخبارات بالفعل تحذيرًا في الوقت المناسب بالحرب، قبل أشهر قليلة من اندلاع حرب الاستنزاف - وهو نجاح فريد من نوعه طوال تاريخ الصراع - لكنها فشلت تمامًا في التحذير من احتمال التدخل العسكري السوفييتي في الحرب. لقد أوصل الفشل دولة إسرائيل إلى عتبة مواجهة غير مسبوقة مع قوة عظمى، وحد من حرية عمل سلاح الجو وساهم بشكل كبير في قرار صناع القرار بالموافقة على إنهاء حرب الاستنزاف بشروط رفضوا القبول بها في الماضي. ليست هناك حاجة لقول الكثير عن فشل الجيش الإسرائيلي في إصدار تحذير عشية حرب يوم الغفران، لكنه شهد نحو ألف شاهد أنه حتى هذا العنصر من المفهوم الأمني ​​لا يمكن الوثوق به، وعلى وجه التحديد في السنوات التي وصلت فيها قدرات جمع الاستخبارات إلى ذروة جديدة.

وأخيرا، فإن حقيقة أن الجيش الإسرائيلي كان يجلس على خطوط أمنية أفضل بكثير من ذي قبل أظهرت أيضا ضعف العنصر الثالث في مفهوم الأمن - عنصر الحسم. لم يهزم جيش الدفاع الإسرائيلي المصريين في حرب الاستنزاف، وهي حرب استاتيكية مطولة لم يسبق له أن خاضها. وبسبب المفاجأة مع اندلاع حرب يوم الغفران، ورغم جودته الممتازة، لم يتمكن من التوصل إلى الحسم في هذه الحرب أيضاً (كوبر، 1995، ص 396-313).

لقد أظهرت السنوات السبع بين حرب الأيام الستة ونهاية حرب يوم الغفران بشكل لا لبس فيه الثمن الباهظ الذي ينطوي عليه مفهوم أن الرد على التحديات الأمنية هو الاعتماد حصرا على القوة العسكرية و"الحدود الأمنية". على الرغم من التفوق الواضح للجيش الإسرائيلي، فقد شهدت هذه السنوات التسلسل الأكثر حدة للمواجهات العسكرية في تاريخ الصراع: فقد ارتفع عدد ضحايا الأعمال العدائية من أقل من 200 خلال العقد الهادئ إلى أكثر من 4000، وفي ميزانية الدفاع التي كانت حتى حزيران 1967 أقل من 10% من إجمالي إجمالي الناتج المحلي، تضاعفت أكثر، وارتفع عدد الشركات العاملة في النشاط التشغيلي من ثمانية إلى ما يقرب من 70 (نيل، 2006، ص 170)، وزاد عبء الخدمة النظامية والخدمة الاحتياطية بشكل كبير. وبحسب هذه المؤشرات على الأقل، كانت إسرائيل عند "الحدود الأمنية" وفي ذروة قوتها العسكرية أقل أماناً مما كانت عليه في فترة ما قبل حرب الأيام الستة، عندما لُقبت أراضي البلاد بـ "حدود أوشفيتز".

إن الدرس الذي يؤكد أن أمن إسرائيل يعتمد على الاستعداد العربي لقبول الوضع الراهن لا يقل عن اعتماده على قوة جيش الدفاع الإسرائيلي لم يتم تعلمه، وكان الاستنتاج الرئيس المستخلص من حرب يوم الغفران هو "لن يحدث ذلك مرة أخرى أبداً". وكان أحد تعبيرات ذلك هو التشكك والارتياب في قيمة الترتيبات السياسية كوسيلة لتقليص أبعاد التهديد، كما ظهر بوضوح خلال المفاوضات حول اتفاقية فصل القوات مع السوريين. وأوضح المستوطنون في الجولان - وهم مجموعة ضغط مركزية ضد الاتفاق، بسبب الخوف من تجدد إطلاق النار - أنهم سيوافقون على انسحاب الجيش الإسرائيلي إذا "جلب الاتفاق السلام مدة عامين"، أو كما قال وزير الدفاع شمعون بيريس أن تستمر مدة عام تقريبًا (جور، 1998، ص 45، 60). وحقيقة أن اتفاقيتي فصل القوات بشأن قناة السويس والجولان صمدتا سنوات طويلة لم تغير موقف المتشككين حتى بعد ذلك. والصراع الذي خاضته حكومة رابين بمبادرة كيسنجر للحصول على اتفاق افصل القوات الثاني في سيناء، وهو الصراع الذي بلغ ذروته بالأزمة الإسرائيلية الأميركية وسياسة "إعادة التقييم" التي انتهجتها إدارة فورد، يعكس ذلك جيداً.

كان التعبير الرئيس الثاني لسياسة "لن يحدث مرة أخرى أبدًا" هو عملية بناء القوة المكثفة التي قام بها الجيش الإسرائيلي في مواجهة تراجع التهديدات العسكرية العربية. لقد فتحت أرباح النفط بالفعل آفاقا جديدة للتمكين لبعض الدول العربية، لكنها لم تكن بلدان الصراع المباشر. من ناحية أخرى، لم يمر الجيش المصري بعملية إعادة إعمار حقيقية بعد الحرب، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الانفصال بين مصر والاتحاد السوفيتي، وتم إعادة تأهيل الجيش السوري، ولكن ليس بأنظمة الأسلحة الحديثة. وقد أشارت مصر بوضوح إلى رغبتها في إنهاء الصراع، كما أوضح حافظ الأسد، الزعيم السوري، أنه مستعد للتوصل إلى اتفاق سلام رسمي مع إسرائيل مقابل الانسحاب الكامل من الجولان (ماعوز، 1998، ص 2). 110-112). لكن "أمان" بالغت في تقدير التهديدات التي تواجه البلاد واستثمرت إسرائيل كل مواردها في التعزيز الكمي والنوعي الهائل للجيش الإسرائيلي.

الشخص الذي قاد عملية التعزيز العسكري، رئيس الأركان مردخاي غور، اضطر في النهاية إلى الاعتراف بأن ذلك كان غير ضروري إلى حد كبير. وكان الاستنتاج الذي توصل إليه بعد زيارة السادات للقدس، بعد أن اعترف له رئيس شعبة الاستخبارات بأنها طورت تصورًا خاطئًا للتهديد المصري، واضحاً: "إن حساب النفس الحقيقي الذي كان علينا القيام به - على افتراض أن التحليل الذي أجراه الجنرال غازيت كان على حق - يتعلق بأحقية مطالبنا من الدولة منذ عام 1974، لتعزيز جيش الدفاع الإسرائيلي، مع استثمار ميزانيات ضخمة والتزامات مختلفة للولايات المتحدة، نتجت عن المساعدات العسكرية والاقتصادية التي قدمتها لنا. وهذا عندما تخلى المصريون أخيرًا عن خيار الحرب واتجهوا إلى طريق السلام" (جور، 1998، ص 344).

لقد أظهر مسار السلوك الأمني ​​الإسرائيلي في السنوات التالية أنه لم يتم إجراء أي محاسبة ذاتية حقيقية، باستثناء المراجعة الشخصية التي أجراها وزير الخارجية موشيه ديان ووزير الدفاع عيزر وايزمان. بعد حرب يوم الغفران، تخليا عن المطالبة بـ "الحدود الأمنية" في سيناء وألقيا بكل ثقلهما لصالح التوصل إلى اتفاق سلام مع مصر، مقابل انسحاب إسرائيلي إلى الحدود الدولية.

أدى اتفاق السلام مع مصر، واندلاع الحرب العراقية الإيرانية، وحرب الخليج الأولى، وانهيار الاتحاد السوفييتي، إلى إزالة التحديات الأمنية الأساسية من جدول الأعمال، على الأقل لبضع سنوات، وخلقت فرصة لوضع حد للنزاع. من الصعب معرفة كيف كان سيبدو الشرق الأوسط وكيف كانت ستبدو خريطة التهديدات لإسرائيل لو لم تنقطع عملية أوسلو بمقتل رابين، ولو لم ينته مؤتمر كامب ديفيد عام 2000 إلى الفشل ولو تم التوصل إلى اتفاق سلام مع سورية، وهو اتفاق يهدف أيضاً إلى حرمان حزب الله من قدراته العسكرية. إن الثمن الذي تُدفعه إسرائيل على استمرار الصراع مع الفلسطينيين وعلى تعزيز قوة حزب الله يشير إلى أن هذه الإخفاقات أضرت بقدرة دولة إسرائيل على الدفاع عن نفسها أكثر من النزول من هضبة الجولان وإخلاء معظم المستوطنات في الضفة الغربية.

في عام 2002، أطلقت المملكة العربية السعودية مبادرة سلام شاملة أصبحت فيما بعد مبادرة السلام للجامعة العربية، تتمحور حول انسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي المحتلة عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، وإنهاء الصراع بشكل كامل واعتراف الدول العربية بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها. كانت هذه هي الخطوط العريضة للأحلام التي كان يطمح مصممو مفهوم الجدار الحديدي إلى الوصول إليها كحل للمشاكل الأمنية، لكنها عندما وصلت ضاعت في تعقيدات السياسة الإسرائيلية ولم يكن معروفاً أنها اقتربت.

إن الرد على المبادرة بصيغة جديدة لن يوفر ردا كاملا على التهديدات التي يشكلها المحور الراديكالي بقيادة إيران، لكن لا شك أن هناك آفاقاً جيدة للحد من التهديدات واكتساب حلفاء إقليميين وتقديم رد فعال على هذه التهديدات والتحديات الأمنية المتزايدة. وعلى الرغم من موقفها الأيديولوجي المتصلب والمطالب بالقضاء على "الكيان الصهيوني"، فقد أوضحت إيران للسوريين في عامي 1993 و1999 أنها لا تعارض إجراء محادثات مع إسرائيل، وبالتأكيد ليست ضد التسوية الإسرائيلية السورية (ساغي، 2011 ص 191-192). إيران أيضًا عضو في منظمة الدول الإسلامية، التي تعرب عن دعمها المستمر لخطة السلام التي طرحتها جامعة الدول العربية وحل الدولتين. ولذلك فمن المرجح أن الاستعداد الإسرائيلي للتقدم نحو مخطط سياسي يعتمد على اقتراح السلام العربي سيضع القيادة الإيرانية في موقف غير مريح ويجعل من الصعب عليها معارضة التحركات التي قبلتها السلطة الفلسطينية.

أبعد من ذلك فإن الاستجابة لمبادرة السلام العربية ستعزز محور الدول السنية المعتدلة والتعاون الأمني ​​بينها وبين إسرائيل. وقد يكون لذلك أيضاً عواقب واضحة على قدرة إسرائيل على الحصول على حرية العمل العسكري في المناطق المتاخمة لإيران.

 

الخلاصة

 

في ضوء المزايا الأمنية الكامنة في الرد على مبادرة السلام العربية، من الواضح أن التجاهل المستمر لخيار إنهاء الصراع بشروط معقولة يعكس بشكل أكبر العمليات السياسية التي مر بها المجتمع الإسرائيلي في العقود الأخيرة، ويعكس قدراً أقل من اعتبارات الأمن الحقيقي. وذلك لأنه منذ عدة عقود، ودون أن ندرك تقريباً، شهد مفهوم الأمن عملية تغيير كبيرة جعلته أقرب إلى مدرسة النشاط السياسي من مدرسة موشيه شاريت. وهنا يبرز دور بعض العسكريين بشكل خاص. في نهاية حرب يوم الغفران، كان العسكريون "أبطال المفاوضات المنسيين... الذين أعطوا كيسنجر الأفكار والترتيبات الأمنية التي كانت أساس الاختراقات التي كان قادرًا على تحقيقها". في التسعينيات، كان جنرالات مثل أمنون ليبكين شاحاك وأوري ساغي هم الذين مهدوا الطريق لتحركات جريئة مع السوريين، وفي النهاية كانت الاعتبارات السياسية على وجه التحديد هي التي جمدت استكمال العملية.. إن إنشاء مجموعة "قادة أمن إسرائيل"، التي تنظر إلى "الترتيبات الأمنية والسياسية مع العالم العربي إلى جانب الترويج لترتيبات مع الفلسطينيين على أساس مبدأ "دولتين لشعبين"" هو مثابة حل بديل. الهدف الوطني الأسمى، هو التعبير الأوضح عن الموقف الحالي لمعظم كبار أعضاء المؤسسة الأمنية. إن الذين منعوا تقدم العملية نحو التسوية الشاملة منذ عام 2009 لم يكونوا عسكريين بل سياسيين تحركهم اعتبارات أيديولوجية وضيقة وليس اعتبارات أمنية.

وجه هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ضربة قاضية لفكرة أن التفوق العسكري يكفي لضمان أمن إسرائيل. انهار الردع، وفشل الإنذار، واختفى الدفاع ساعات طويلة، والحسم يخجل من الوصول. وعلى الرغم من أن الفشل الذريع والثمن الباهظ الذي تم دفعه كانا نتاج مجموعة معقدة من الأخطاء البشرية، فإن حقيقة أن إسرائيل دفعت في الهجومين المفاجئين الوحيدين في تاريخها ثمناً باهظاً لالتزامها بمفهوم أمني لم يصمد أمام الاختبار هو أمر خطير. إشارة واضحة إلى أن استمرار هذه السياسة قد يتطلب ثمناً باهظاً بالقدر نفسه في المستقبل. ولذلك فإن التجربة تثبت أن تغيير السياسة هو التزام واقع، والتبكير بساعة هو الأفضل.

---------------------------------------------

 

هآرتس 14/4/2024

 

 

الازمة المطلقة

 

 

بقلم: الون بنكاس

 

قوة الدعم السياسي والالتزام الامني الذي تعطيه الولايات المتحدة لاسرائيل حول امكانية أي تصعيد عسكري مع ايران، تشبه كما يبدو قوة وحجم المساعدة والدعم التي اعطتها اياها منذ 7 تشرين الاول. فقط كما يبدو. في الحالتين، رغم أن الولايات المتحدة تقف الى جانب اسرائيل في البعد الاستراتيجي والاخلاقي – القيمي إلا أنها تختلف معها حول سياستها، وتشكك بدوافعها ولا تثق باعتبارات رئيس حكومتها، الى درجة أن الرئيس الامريكي، جو بايدن، اختصر نهاية الاسبوع في بيته في ولاية ديلفر في اعقاب تقدير استخباري يفيد بأن ايران يمكن أن ترد قريبا.

الولايات المتحدة في الحقيقة ترى خطوط تشابه جيوسياسية بين الازمتين، لكنها لا تنظر اليهما بنفس المعايير السياسية. السبب لا يكمن فقط في جوهر التزام امريكا بالامن القومي الاسرائيلي، بل يكمن في أن التصعيد مع ايران ينطوي على امكانية كامنة مهمة لجر الولايات المتحدة نفسها الى حرب ليس لها فيها ناقة أو جمل. واذا كانت الحرب في غزة قد تحولت الى مصدر ازعاج سياسي لبايدن، واذا اصبح الانشغال المزعج بنتنياهو ازمة متواصلة تحتاج الى صيانة عالية بدون أي مكاسب، فان ايران هي لعبة مختلفة كليا.

الحرب مع ايران توجد لها تداعيات على تحالفات اقليمية وعلى كل السياسة الخارجية والدفاعية لامريكا. هذا يبدأ بحرف الاهتمام عن اوكرانيا وتعزيز تحالفات في حوض الهندو- باسفيكي، اسعار النفط، حرية الملاحة البحرية، الارهاب الاسلامي الذي يغطي العالم. لذلك، اساس الجهود في الفترة الاخيرة هو على الصعيد الدبلوماسي امام ايران في محاولة لمنع، أو على الاقل احتواء، أي رد لايران على أمل أن لا تنتج عن ذلك عملية انتقام اسرائيلية غير متزنة.

اضافة الى ذلك فان الثقة بنتنياهو في الحضيض، الى درجة أن امريكا تشكك في دوافعه واهدافه. وحسب تقديرات وضع لم تتغير منذ تشرين الثاني – كانون الاول فان الولايات المتحدة تعتقد أن نتنياهو يريد توسيع المواجهة الى درجة توريطها في حرب مع ايران، وهدفه هو ابعاد نفسه عن كارثة 7 اكتوبر وخلق رواية بديلة تفيد من البداية بأن الموضوع هو منع اقامة الدولة الفلسطينية والتسبب بمواجهة كبيرة مع ايران.

ثانيا، هدفه هو تحويل فشل تاريخي الى نوع من النصر الاستراتيجي الذي يبرر كل ما قاله خلال سنوات بخصوص ايران. ثالثا، الادارة الامريكية اقتنعت منذ فترة بأن دوافع نتنياهو هي دوافع سياسية فقط، ليس لها أي علاقة بالامن القومي أو أي اهتمام بالمصالح الامريكية. ورغم أن الادارة الامريكية نقدية جدا تجاه اخفاقات نتنياهو السياسية المتواصلة في الموضوع الايراني، إلا أن الولايات المتحدة تعترف بخطورة التهديد الايراني، سواء الذي يكتنف الامكانية الكامنة النووية – العسكرية لدولة حافة نووية اقرب من أي وقت مضى من “قدرة الاختراق” أو الذي يتمثل في النسيج التنظيمي الارهابي الذي يمثله وكلاؤها. من هنا ينبع “برنامج بايدن” لامن اقليمي وخلق محور امريكي – اسرائيلي – عربي، وهو مخطط اسرائيل لم تكلف نفسها في أي يوم عناء التطرق اليه لأنه يحتوي على عامل فلسطيني.

إن التصعيد بين اسرائيل وايران هو سيناريو رعب بالنسبة للولايات المتحدة. منذ 7 اكتوبر “منع التصعيد” اصبح مصلحة امريكية عليا. وعن خيبة الامل من اسرائيل والتآكل الدراماتيكي لردعها، فقد عوضتها الولايات المتحدة بواسطة تهديد ضمني لايران وحزب الله: “إياكم”، كما قال بايدن في خطابه في 10 تشرين الاول والذي كرره في يوم الجمعة.

الرئيس عزز تصريحه بارسال قوتي مهمة تتمثل في حاملات الطائرات الى البحر المتوسط وتوسيع نشاط الاسطول الخامس في الخليج وفي البحر الاحمر. بين تشرين الثاني وآذار اقنعت الولايات المتحدة نفسها بأن هدفها تحقق وأن احتمالية التصعيد بين اسرائيل وايران قليلة رغم استمرار حزب الله في اطلاق النار. حسب رأيهم كان يمكن التوصل الى تهدئة في لبنان في موازاة وقف اطلاق النار في غزة، لكن هذا لم يحدث. رغم التزام الرئيس الامريكي العميق باسرائيل، وحقيقة أن تزويد السلاح، منظومات مستقبلية وذخيرة في الوقت الحالي، تمت المصادقة عليها رغم ضغوط متزايدة عليه لربط استمرار المساعدة بمساهمة اسرائيلية في الجهود الانسانية في غزة، فان الولايات المتحدة ليست لامبالية بالمكانة الجديدة لاسرائيل.

في واشنطن يلاحظون فقدان للردع ووجود استخبارات معيبة وقدرة عسكرية متوسطة وقيادة سياسية عاجزة وغير مؤهلة وعديمة الرغبة. الولايات المتحدة ترى ايضا وتحذر اسرائيل من تآكل دراماتيكي، ربما لا يمكن اصلاحه، في مكانتها الدولية وسمعتها وجودة العلامة التجارية التي تسمى اسرائيل. هم لا يستخدمون بشكل علني مفهوم “تدمير ذاتي للقيمة”، لكن الحكمة الدارجة في الادارة وفي اجزاء واسعة ومتزايدة في الكونغرس، هي أن هذا ما فعله نتنياهو.

منذ الامتناع عن التصويت على القرار في مجلس الامن فان الولايات المتحدة تقريبا لا تتحدث عن وقف اطلاق النار باستثناء الرد الشديد نسبيا على قتل عاملي منظمة الاغاثة. ايضا الامريكيون توقفوا عن التحدث عن دولة فلسطينية. ولكن العملية في دمشق ضد شخصيات ايرانية رفيعة، التي لم تتم حتلنة الامريكيين حولها، تورطهم مباشرة. الالتزام القوي باسرائيل ضد ايران يستهدف الحاجة الى التهدئة، ليس فقط لايران بل ايضا لاسرائيل.

---------------------------------------------

 

معهد بحوث الامن القومي الاسرائيلي (INSS) 14/4/2024:

 

 

بعد التعاون القوي مع إسرائيل: كيف ترى الولايات المتحدة استمرار الصراع ضد إيران؟

 

 

بقلم الداد شافيت وتشيك فريليتش

 

لقد أثبت سلوك الولايات المتحدة في الفترة التي سبقت الهجوم الإيراني وأثناءه مرة أخرى التزام إدارة بايدن القاطع بأمن إسرائيل.

ومن إعلان البيت الأبيض الذي يلخص أحداث الليل، يبدو أنه بالإضافة إلى الثناء على قدرات الدفاع الجوي التي “أحبطت معظم الهجوم”، تم التأكيد على أن الرئيس سينسق خلال النهار مع قادة مجموعة السبع “رداً دبلوماسياً موحداً”. . ولا يشير الرئيس إلى أي رد آخر، لكن من صيغة الرسالة والتسريبات الأمريكية أن بايدن أوضح لنتنياهو أن الولايات المتحدة ستعارض أي هجوم مضاد إسرائيلي، يصبح واضحا أنه من وجهة نظر الإدارة فإن الردع الناجح والردع الناجح لن يكون كافيا. “الرد الدبلوماسي” كافٍ، على الأقل في الوقت الراهن، ويبدو أن بايدن يريد تأطير التطورات كحدث مشترك لإسرائيل والولايات المتحدة والغرب ضد إيران، والذي كان ناجحاً ونقل رسالة غربية وإقليمية. جهد. علاوة على ذلك، يرى أن تحقيق الردع في حد ذاته مع إثبات أن التكامل الإقليمي يعمل على المساهمة في تعزيز الردع ضد إيران.

ويبدو أن الإدارة، من خلال التأكيد على أن الخطوة الإيرانية فشلت في ضوء نجاح الاعتراض، ترد أيضًا على منتقديها الذين سيزعمون أنها فشلت في ردع إيران وأنها تصرفت على الرغم من تصريح الرئيس بايدن الحازم بأنها ستفعل ذلك. لا تتصرف (لا تفعل). ويجب التأكيد على أنه على الرغم من أن التدهور في العلاقات مع إيران يصرف الأنظار عن الواقع المعقد في قطاع غزة، إلا أنه يبدو أن الإدارة ستسعى الآن إلى استغلال نجاح القيام بخطوة تكاملية مع دول المنطقة كحل بديل. كوسيلة للترويج لرؤيتها الإستراتيجية لليوم التالي للحرب كهدف استراتيجي والرد الأكثر فعالية على إيران.

وتشير التقديرات إلى أن الإدارة ستعمل في الأيام المقبلة على الاستفادة من الأحداث لدفع جهد دبلوماسي على أوسع نطاق ممكن ضد إيران، لتوضيح تكلفة هذا الإجراء لها وللتأثير على إسرائيل عندما يتعلق الأمر بفحص موقفها. إجابة. ومن الممكن أن تسعى الإدارة أيضاً إلى استغلال ذلك لزيادة الضغط عليها في المجال النووي. على أية حال، أثبتت التطورات الأهمية الاستراتيجية للتعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة، والذي يجب أن يستمر أيضًا خلال عملية صنع القرار بشأن خصائص الرد العسكري الإسرائيلي على هجوم إيراني، مع وجود احتمال كبير بالتأكيد. وسنحتاج إلى قيام الولايات المتحدة بتعزيز جهد دبلوماسي ضد إيران، وبالتأكيد إذا أدى استمرار تبادل الضربات إلى تدهور واسع، بما في ذلك إمكانية توسيع أنشطة حزب الله.

---------------------------------------------

 

معهد بحوث الامن القومي الاسرائيلي INSS) ) 14/4/2024،

 

 

بقلم  داني سيترينوفيتش: الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني سيحدد ما إذا كنا قد تحولنا إلى التصعيد

 

 

دبقلم: داني سيترينوفيتش

 

تنفيذاً لتهديدات قيادتها، وفي ضوء اعتبار اغتيال حسن مهدوي في سوريا “خطوة أبعد مما ينبغي”، نفذت إيران ردها على هذا الاغتيال بإطلاق مئات الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز وأرض-أرض. وفي الوقت نفسه، كان هناك إطلاق “رمزي” للحوثيين وحزب الله باتجاه إيلات ومرتفعات الجولان، بهدف إظهار الدعم للمبعوثين الإيرانيين في طهران.

وهذا حدث غير مسبوق في أهميته ونطاقه، ويشير إلى فهم القيادة في طهران بعدم وجود رد فعل على اغتيال المهدوي، وهو ما شكل ضربة موجعة للقيادة في طهران بسبب أقدميته وكذلك بسبب الموقع. إن عملية اغتياله (“القنصلية الإيرانية في دمشق”)، ستكون أكثر تكلفة بكثير من تنفيذها الفعلي. وعلى الرغم من خطر التصعيد، كانت طهران مستعدة لتحمل المخاطرة بشرط أن تعيد توازن معادلة الردع في مواجهة إسرائيل.

إن حقيقة أن الصاروخ الإيراني كان يستهدف قواعد عسكرية بعيدة، وكذلك الطريقة الواضحة التي استعدت بها إيران لهذا الهجوم، تشير إلى أن إيران حاولت تقليل احتمال أن يؤدي هجومها إلى حملة إقليمية ولا تزال إيران تخشى من الوجود الأميركي في الشرق الأوسط ومن الوضع الذي قد تجد نفسها فيه في صراع أمامها، وبالتالي فإن تحركات إيران قبل وأثناء الهجوم تظهر أنها تريد الاكتفاء بهذا الرد وعدم التصعيد. إذا لم يكن في حاجة إليها.

الكرة في ملعب إسرائيل، ورد الفعل على أحداث الليلة سيحدد ما إذا كنا نتجه إلى تصعيد جدي أم إلى تصعيد ينهي الحدث الحالي. يمكن لإسرائيل أن تكون راضية عن النسبة غير المسبوقة من عمليات الاعتراض، والنشاط الاستثنائي مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في إطار التحالف، وقبل كل شيء، حقيقة أنه لم تكن هناك أضرار كبيرة حقًا من الهجوم الإيراني والرد بطريقة محدودة على هذا الهجوم. وخاصة عندما يبدو أن الولايات المتحدة لا تدعم أي هجوم إسرائيلي مضاد. ومن ناحية أخرى، فإن هذا حدث غير مسبوق قد يدفع إلى رد فعل شديد بسبب الرغبة في منع مثل هذه الأحداث في المستقبل أيضا ورسم “خط في الرمال” لإيران حتى لا تكرر نفس الشيء. رد الفعل مرة أخرى. وفي كلتا الحالتين، فإن أي هجوم على إيران يزيد بشكل كبير من احتمالات شن حملة إقليمية، وليس فقط إسرائيل ضد إيران، وبالتالي فمن الصحيح تنسيق أي رد مع الإدارة الأمريكية.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق