04 آيار 2024 الساعة 06:25

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الجمعة 12/4/2024 العدد 982

2024-04-13 عدد القراءات : 26

  الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

يديعوت أحرونوت 12/4/2024

 

بعد زاهدي و”الأخوة هنية”.. رئيس الاستخبارات الإسرائيلي: “السيئ ينتظرنا”

 

 

بقلم: ناحوم برنياع

 

إسرائيل تثأر بسرعة. الخوف من التأخر في الرد، وعندها ينسى العالم البادئ، ثم يفقد الشارع الإسرائيلي الثقة، ويدفع مقرري السياسة للعمل فوراً، وأحياناً بتسرع. أما إيران فتثأر ببطء. مر نحو شهرين عن العملية الأمريكية لتصفية قائد “فيلق القدس” قاسم سليماني، في 2020 إلى أن جاءت عملية الرد ضد قاعدة أمريكية في العراق؛ ومر أكثر من شهر على اغتيال الأمين العام لحزب الله عباس موسوي على أيدي إسرائيل حتى جاءت العملية الجماعية ضد السفارة الإسرائيلية في بوينس آيرس في 1992. يتبين أن الإيرانيين أكثر استقراراً منا: دفترهم مفتوح واليد تسجل.

لم يثأروا في الأيام العشرة الأولى على اغتيال زاهدي، الأسبوع الماضي. لكن دعوات الثأر انطلقت من كل منصة، فاجأت المسؤولين في إسرائيل. وتحفز الأمريكيون أيضاً. قائد المنطقة الوسطى لديهم الجنرال مايكل كوريلا وصل إلى هنا. محادثه الفوري، للدفاع وللهجوم، هو سلاح الجو. ثمة ثأر. التقديرات تتركز في الأيام القريبة القادمة. يعمل سلاح الجو ليل نهار على الرد على كل ما هو في الترسانة الإيرانية: صواريخ باليستية، صواريخ جوالة، مسيرات. ثمة افتراض بأن يأتي الهجوم من واحد أو عدة وكلاء لإيران، لكن قد يأتي من إيران نفسها.

 التحدي هو إحباط الهجوم، ومع ذلك إبقاء فتحة تسمح للإيرانيين الادعاء بتحقيق هدفهم. الخطر في الأطراف: حملة إيرانية ناجحة قد تتدهور إلى حرب إقليمية؛ حملة إيرانية فاشلة ستستدعي حملة إيرانية إضافية.

إيران تلذع وتبني في المواجهة المتواصلة بين الدولتين: فقد بنت إمبراطورية إقليمية تتيح لها إطلاق النار من لبنان وسوريا والعراق واليمن وغزة. وبالتوازي حظيت بمكانة شريك كبير في المحور الروسي – الصيني. أما إسرائيل فتلذع.

يقدر الجيش الإسرائيلي بأن الإيرانيين سيحاولون ضرب منشأة عسكرية، وليس بلدات مدنية. للتقدير، قد يقرر الإيرانيون ضرب مركز مدني. قد يصوبون نحو منشأة عسكرية ويخطئون في التوجيه. قد يضربون منشأة عسكرية ويتسببون بقتل جماعي. مثلما قال، في زلة لسان محرجة، رئيس شعبة الاستخبارات “أمان”، السيئ لا يزال أمامنا.

هل الرضا عن تصفية عميد في الجيش الإيراني، مهما كان سافلاً، يبرر الجلبة؟ ليس مؤكداً. المنفعة من وراء الإحباطات المركزة موضع خلاف منذ سنين؛ فهي أكثر مما تشكل حلاً عسكرياً، تشكل حلاً معنوياً. شيء ما نتحلى به عندما نفتقد حلولاً أفضل.

 استهداف أبناء إسماعيل هنية الثلاثة وأحفاده الصغار الثلاثة مقلق لسبب آخر: فقد صدر الأمر عن ضباط في رتبة متوسطة في قيادة المنطقة الجنوبية دون تبليغ قائد المنطقة، رئيس الأركان أو المستوى السياسي. فهل كان هؤلاء سيقرون التصفية لو عرفوا من في السيارة؟ ليس مؤكداً. هنية واحد من اثنين أساسيين إضافة إلى السنوار في المفاوضات العالقة لتحرير المخطوفين. فهل ستؤثر التصفية على مطالب حماس؟ من شبه المؤكد أن لا. لكن مثل هذا القرار لا يتخذه ضابط ليس لديه الأدوات، ولا معرفة لفهم التداعيات.

صدر القرار حسب الكتاب، أو ما يسميه الجيش القيادة والتحكم. قيادة المنطقة الجنوبية أصدرت الأمر: سلاح الجو نفذ. في اختبار النتيجة كان هذا دليلاً آخر على مصاعب القيادة العسكرية للتحكم بما يجري في الميدان بعد نصف سنة من بداية القتال.

---------------------------------------------

هآرتس 12/4/2024

 

“الأخوة هنية” بعد “المطبخ”: تبجح سياسي وإفلاس عسكري.. وتسريبات: إيران تبحث في “رد مباشر”

 

 

بقلم: عاموس هرئيل

 

هجومان جويان في غضون تسعة أيام. الأول المنسوب لإسرائيل في دمشق والثاني في غزة، يعكسان خطورة التورط الاستراتيجي الذي تعيشه إسرائيل في الشهر السابع للحرب ضد حماس. الحرب في القطاع، التي انزلقت منذ تشرين الأول إلى مواجهة محدودة مع حزب الله في لبنان، تهدد الآن للمرة الأولى بالتحول إلى صدام مباشر بين إسرائيل وإيران.

في 1 نيسان الحالي تم تنفيذ اغتيال الجنرال حسن مهداوي، في المبنى القريب من السفارة الإيرانية في سوريا. قتل مهداوي وستة من رجاله. أول أمس، هاجم سلاح الجو في غزة سيارة كان فيها ثلاثة من أبناء رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية وثلاثة من أحفاده. الستة قتلوا.

العملية الأولى ظهرت كخطوة مخطط لها. إسرائيل الرسمية لا تتحمل المسؤولية عن اغتيال شخصيات إيرانية رفيعة، لكن يصعب في هذه الحالة تشخيص أحد آخر في المنطقة له مصلحة مباشرة في قتل مهداوي. يمكن التقدير أنه جرت متابعة طويلة للجنرال زاهدي، وفي نهاية المطاف اتخذ قرار استغلال هذه الفرصة العملياتية. هذه العملية ليست ارتجالية؛ وإزاء مكانة مهداوي الرفيعة فالمطلوب هو الحصول على عدة مصادقات لتنفيذ هذا الهجوم. في المقابل، مشكوك فيه إذا أجرى الكابنيت نقاشاً في حول النتائج المتوقعة لهذه العملية.

حالة الإخوة هنية مختلفة في جوهرها. قال الجيش أول أمس إن الإخوة الثلاثة نشطاء معروفون في حماس، وفي الوقت الذي أصيبوا فيه كانوا ينشغلون في توزيع الأموال على رجال المنظمة في غزة، وهذه كانت عملية مشتركة بين الجيش الإسرائيلي و”الشاباك”. المصادقة على الهجوم، كما اضطر الجيش للاعتراف، أعطاها عقيد في مركز قيادة الجنوب – مستوى متوسط فقط. قائد المنطقة الجنوبية، ورئيس الأركان، ورئيس “الشاباك”، ووزير الدفاع، ورئيس الحكومة، لم يعرف أي منهم عن العملية مسبقاً ولم يكلف أي أحد نفسه في سلسلة القيادة الأدنى عناء الإشارة مسبقاً إلى النتائج المحتملة لقتل ستة أشخاص من أبناء عائلة شخص بهذا القدر من الأهمية في حماس.

في الهجومين اللذين تعقدا هناك شيء ما مشترك؛ ففيهما انفعال غير منضبط للمستوى العملياتي حصل على صدى سلبي أوسع على خلفية عجز إسرائيل السياسي. أكثر من نصف عام على مذبحة 7 أكتوبر وإسرائيل تجد صعوبة في الوصول إلى حسم عسكري، يوازي استراتيجياً جزءاً من أضرار الكارثة، وهي حتى الآن ليست قريبة من حل الضائقة الفظيعة لعائلات الـ 133 مخطوفاً (كثيرون منهم أموات). بدرجة ما ثمة ذيل عملياتي يهتز للكلب السياسي. في الهجوم المنسوب لإسرائيل في دمشق، من المرجح أن المستوى المهني استخدم الضغط من الأسفل من أجل العمل؛ أما في غزة فقد اتخذ القرار في مستوى متوسط وحتى بدون المستوى الأعلى. في الحالتين، يبدو أنه لم يتم تكريس ما يكفي من التفكير لكل المعاني المتوقعة.

ركزت وسائل الإعلام في اليومين الأخيرين على حادثة هنية. هذه حادثة أكثر مأساوية، وهي مرتبطة بشخصيات معروفة للجمهور الإسرائيلي. دل وجه هنية عندما تلقى في الدوحة نبأ موت أولاده وأحفاده، على تصميم حماس لمواصلة القتال ضد إسرائيل، ومشكوك فيه إذا كانت قد تشوشت صفقة تحرير المخطوفين، كما يعتقد الكثيرون خطأ. إن من يقرران، نتنياهو والسنوار، غير متحمسين لعقد الصفقة في هذه الأثناء ولا يسارعان إليها.

قصة إيران أكثر دراماتيكية وإلحاحاً. أمس ثار شك بأن يخرج الأمر عن السيطرة قريباً. لقد نسبت لإسرائيل في السابق عدة اغتيالات لشخصيات إيرانية رفيعة، مثل رئيس المشروع النووي الإيراني البروفيسور محسن فخري زاده في 2020، وشخص رفيع آخر في حرس الثورة الذي قتل في بداية الحرب. في معظم هذه الحالات، هدد المتحدثون الإيرانيون بالرد، لكن الأمر انتهى بمحاولات هجوم صغيرة نسبياً ضد أهداف إسرائيلية في الخارج. في هذه المرة، بثت طهران جهوداً كبيرة للتوضيح بأنه تم اجتياز الخطوط الحمراء وأنها تنوي رفع القفازات. المرشد الأعلى علي خامنئي هدد علناً بالانتقام. يبدو أنه اتخذت خطوات استعداد لرد عسكري. جهاز الأمن الإسرائيلي استعد على الفور ومثله الأمريكيون. في الأسبوع الماضي، تم تخصيص عدة نقاشات في كابينت الحرب والكابينت الأمني السياسي المصغر حول التوتر مع إيران أكثر مما خصص للمفاوضات حول المخطوفين.

لقد كانت لإسرائيل كما يبدو أسباب لاغتيال مهداوي. فهذا الجنرال هو الشخص الرئيسي في الاتصال بين خامنئي ورئيس حزب الله حسن نصر الله، وقد نسق خطوات إيران مع حزب الله وأدار سلسلة التزويد التي زودت إيران بواسطتها رعاياها بعشرات آلاف الصواريخ والقذائف والمسيرات. وكانت هناك رغبة في نقل رسالة تفيد بأن طهران لا يمكنها مواصلة حث وتزويد الهجوم الواسع ضد إسرائيل بدون دفع الثمن. ولكن وجود نوع من الجمود العقلي هنا انطلاقاً من اعتقاد بأن ما كان هو ما سيكون، وأن إيران لن ترد بشكل مختلف على اغتيال مثل هذه الشخصية الرفيعة في ذروة الحرب.

 الافتراض الرئيسي الاستخباري فيما يتعلق بإيران يقول إنه كان من المريح لفترة طويلة للنظام محاربة إسرائيل بواسطة مبعوثين وامتدادات، وأن طهران معنية بتجنب حرب إقليمية شاملة تجرها إليها وتكلفها الخسائر. ولكن حسب التهديدات والتسريبات من إيران، يتم فحص رد مباشر ضد إسرائيل في هذه المرة، وليس بواسطة مبعوثين. السؤال هو: ماذا سيكون حجم الهجوم وهل ستختار إيران أهدافاً ستبقي الطرفين تحت مستوى الحرب بينهما؟ أمر يتعلق بنجاح وسائل الدفاع الإسرائيلية، في الأيام الأخيرة تم وبشكل واضح تعزيز التنسيق الدفاعي مع قيادة المنطقة الوسطى الأمريكية. قائد قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأمريكي مايكل كوريلا وصل أمس إلى إسرائيل من أجل الإشراف على عملية التنسيق مع الجيش الإسرائيلي.

السيناريوهات التي طرحها جهاز الأمن هذا الأسبوع تناولت إمكانية حدوث هجوم إيراني على قواعد عسكرية ومواقع بنى تحتية استراتيجية. هذا كما يبدو على افتراض أن مهاجمة مراكز السكان إعلان حرب. أظهرت طهران قدرة على القيام بهجمات مركزة وناجعة عن طريق مسيرات وصواريخ كروز على منشآت النفط في السعودية (2019)، والإمارات في 2021. في العقد الماضي، حققت حلم الجنرال قاسم سليماني، قائد “فيلق القدس” في حرس الثورة الإيراني، الذي اغتالته الولايات المتحدة في العراق في 2020.

تحدث سليماني عن إحاطة إسرائيل بدائرة نار من المليشيات التي تستطيع إيران تشغيلها كما تشاء. تم تطبيق الفكرة للمرة الأولى في الحرب الحالية. وخطوات دولية أوسع تحدث هنا وهي مرتبطة بنوع من “تحالف منبوذين” عالمي نشأ بين إيران وروسيا بمساعدة كوريا الشمالية وبمساعدة ما من الصين. تجارة السلاح بين موسكو وطهران خلال الحرب في أوكرانيا وفي الفترة الأخيرة في غزة، تدل على توطيد العلاقات.

الرئيس الأمريكي قال مساء أول أمس إن لبلاده “التزاماً حديدياً بأمن إسرائيل”، هذا تصريح مهم، وقد تم إسماعه رغم إحباط بايدن من خطوات نتنياهو في حرب غزة. هو يوازن خطاب الـ “دونت” المشهور لبايدن في 10 تشرين الأول، الذي فيه حذر إيران من الدخول إلى معركة ضد إسرائيل عقب مذبحة غلاف غزة وانضمام حزب الله للمعركة بواسطة إطلاق الصواريخ على الجليل. تهديد بايدن مدعوم بإرسال حاملتي طائرات على رأس قوة مهمة إلى البحر المتوسط والبحر الأحمر، وهذه الخطوة فعلت. هذه المرة الوضع معقد أكثر؛ فمن وجهة النظر الإيرانية، إسرائيل هاجمتها خارقة ميزان الرعب بين الطرفين (الإيرانيون يصفون المبنى الذي تمت مهاجمته كسفارة لهم في دمشق، أي منطقة سيادية). وتصريحات خامنئي تلزمهم بالرد.

في المقابل، الدول العربية السنية تخشى من مواجهة قد تشعل الشرق الأوسط وتعرض تصدير النفط وسوق الطاقة العالمية للخطر. الصحافي السعودي طارق الحميد، المحرر السابق بصحيفة “الشرق الأوسط” ويعتبر مقرباً من السلطات في الرياض، قارن في مقال نشره هذا الأسبوع، القرار الذي يتخبط به خامنئي بالمقولة المشهورة لسلفه آية الله الخميني حول اتفاق وقف النار في 1988 الذي أدى إلى انهيار الحرب بين إيران والعراق. الخميني وصف قرار وقف الحرب كـ “شرب كأس سم”، لكنه اعتبره أمراً لا مناص منه في تلك الظروف. وكتب حميد أن إيران جُرت لموقف بات لزاماً عليها الرد، لكن هذا قد يكون القرار الأصعب الذي اتخذه النظام منذ الثورة الإسلامية في 1979. وربما تكون النتيجة، هكذا يحذر، مواجهة مباشرة مع إسرائيل وخطر اندلاع حرب إقليمية. لسبب ما، هو لا يذكر احتمالية أخرى، وهي أن تكون الحرب مرتبطة أيضاً بخطوة إسرائيلية أو أمريكية ضد المشروع النووي الإيراني.

 

 الورقة الأخيرة

 

إن قتل أولاد هنية في غزة غير منفصل عن هجوم إسرائيل السابق الذي أثار الانتقاد الدولي، الذي قتل فيه سبعة من عاملي منظمة إغاثة أجنبية في قصف في دير البلح. في الحادثة السابقة، قال الجيش الإسرائيلي إنه وجد خطأ في التشخيص. أما هذه المرة فهوية أهداف الهجوم كانت معروفة، لكن حسب رواية الجيش نفسه، لم يهتم أحد برفع العلم الأحمر أمام المستويات المسؤولية. الحالتان تعكسان مشكلة مهنية آخذة في التفاقم. الجيش متآكل من القتال المتواصل، ليس وحدهم المقاتلون في الميدان، بل أيضاً الضباط، وكثير منهم من الاحتياط، وفي قيادة الجبهة الداخلية. سيطرة هيئة الأركان على ما يحدث على الأرض وعلى القيادات آخذة في الضعف والنتيجة هي انحراف شديد عن الإجراءات والأوامر، الذي له تأثير سيئ على أداء الجيش في الحرب.

 يضاف إلى ذلك لامبالاة إسرائيلية متزايدة تجاه حياة البشر في الطرف الفلسطيني، التي يكمن مصدرها في البداية في مشاعر ثأر شديدة بعد المذبحة؛ الآن هذا أصبح متكرراً في جزء من الوحدات. إحدى الظواهر السائدة تتعلق بفجوات في صورة تنفيذ الأوامر في القيادات اللوائية. التوجيهات من الأعلى متشابهة، لكن درجة الحرص على تنفيذها والحاجة إلى التأكد من أنها أهداف عسكرية تتغير من وحدة إلى أخرى. وهي ترتبط بالثقافة التنظيمية في الألوية، وأيضاً بروح القائد المملاة على رجاله. حقيقة أن حماس تختفي بصورة متعمدة خلف السكان المدنيين في القطاع وتظهر لامبالاة مطلقة بالخسائر، تعقد الظروف وتوفر لعدد من القادة والجنود ذريعة للامتناع عن الحرص على تنفيذ التعليمات.

رغم الخسائر والأضرار التي تكبدتها حماس في القطاع، يصعب الحديث عن ترميم كامل لردع إسرائيل في المنطقة. في هذه الحالة يتابع الجيران والأصدقاء والأعداء، التطورات في المجتمع الإسرائيلي، من التآكل التدريجي في صفوف الجيش وحتى الشرخ الداخلي المتجدد. الهجمات في القطاع التي أثارت عاصفة، لا تحدث في فراغ.

كلما خفت القتال غرق الجيش في التوتر الداخلي حول تحقيقات الحرب وموجة الاستقالات المتوقعة وجولة التعيينات في أعقابها. إذا لم يحدث اشتعال شامل مع إيران وحزب الله يقترب الموعد الذي سيتعين على ضباط كبار الذين وقعت الكارثة في فترة توليهم مناصبهم، ترجمة تحمل المسؤولية الشاملة من بداية الحرب إلى إعلان فعلي عن الاستقالة. بصورة لا يمكن وصفها الآن سوى أنها مدهشة، نتنياهو لا يعتبر نفسه مسؤولاً بصورة معينة عن الإخفاقات. حسب كل الدلائل، هو ينوي التمسك بالسلطة بقدر استطاعته. لا دليل على العثور على الأعضاء الخمسة الشجعان في الائتلاف الذين سيطلبون إقالته. هذا الشخص سيبقى في المنصب وسيستمر في التشويش على كل احتمالات الدولة والمجتمع للخروج من الواقع الكارثي الذي وصلت إليه، وبدرجة كبيرة بسببه.

---------------------------------------------

إسرائيل اليوم 12/4/2024

 

من تل أبيب.. الجنرال الأمريكي مهدداً إيران: ملتزمون “حديدياً” بأمن إسرائيل

 

 

بقلم: يوآف ليمور

 

توقع الرد على تصفية مسؤول “فيلق القدس” حسن مهداوي، كفيل بإنهاء أربعة عقود من المواجهة السرية بين إيران وإسرائيل، ونقل الدولتين إلى مواجهة علنية تتطور إلى حرب إقليمية.

امتنعت إيران حتى الآن عن مهاجمة إسرائيل مباشرة، حتى عندما تعرضت لضربات لأصول كانت عزيزة عليها – بما في ذلك على أراضيها. عندما عملت، فإنها فعلت هذا إما من خلال وكلائها المختلفين أو ضد أهداف لم ترتبط بإسرائيل إلا بشكل غير مباشر (مثل سفن بملكية رجال أعمال إسرائيليين). وحتى في الحالة الوحيدة التي أطلقت فيها سلاحاً من إيران نفسها، قبل نحو ثلاث سنوات، كانت هذه مُسيرة تستهدف التهريب لجهات إرهابية في السلطة الفلسطينية وليس لهجوم ضد إسرائيل.

 التغيير في الاستراتيجية الإيرانية دراماتيكي الآن؛ فالنية مهاجمة إسرائيل مباشرة، لجباية ثمن على تصفية مهداوي. قد يبحث الإيرانيون عن أهداف أمنية لضربها، وبالتوازي عن أهداف دبلوماسية إسرائيلية أيضاً في أرجاء العالم. هذا هو سبب التأهب الأعلى الذي أعلن في الممثليات الإسرائيلية، التي أغلق بعضها مؤقتاً.

منذ التصفية والتأهب عال لدى عناصر الدفاع في البلاد أيضاً مع التشديد على الدفاع الجوي. والفرضية أن إيران ستهاجم بواسطة مُسيرات وصواريخ جوالة قد تطلقها من أراضيها أو من خلال وكلائها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان. هذا كفيل بأن يكون هجوماً متداخلاً من عدة أماكن بالتوازي، يتحدى إسرائيل من ناحية القدرة على الكشف والاعتراض والدفاع عن مواقع استراتيجية.

تستعين إسرائيل في هذه المجالات بالولايات المتحدة، التي تتسامى مرة أخرى عن الخلافات في المستوى السياسي وتثبت أنها سند استراتيجي وشريك حقيقي. بين الجيش الإسرائيلي وقيادة المنطقة الوسطى الأمريكية تعاون وثيق، وقائدها، الجنرال مايكل كوريلا، وصل أمس إلى البلاد في زيارة نشر عنها بهدف نقل رسالة واضحة إلى طهران: الولايات المتحدة وإسرائيل منسقتان بينهما.

 

 تداعيات اقتصادية وأمنية

 

يمكن الافتراض أن محادثات كوريلا لم تبحث في إحباط الهجوم الإيراني المرتقب فحسب، بل أيضاً الرد المرتقب الذي أعلنته القيادة السياسية في إسرائيل. الرسائل الحازمة التي نقلتها الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة إلى إيران – بما في ذلك من قبل الرئيس بايدن نفسه – كانت تستهدف ردعها عن العمل أو على الأقل تقليص حجومه، في محاولة لتهدئة الأعصاب المتوترة في إسرائيل. يخشى الأمريكيون من أن تتلقى إسرائيل ضربة تلزمها بالرد علناً على أراضي إيران، فتدخل هذه الضربات المتبادلة حزب الله أيضاً إلى القتال ثم تتطور هذه الضربات إلى معركة إقليمية لا يكون ممكناً توقع حجومها.

الدعم الأمريكي حرج في هذه المعركة، لكن إسرائيل تصل إليها في ظروف غير جيدة: الحرب في غزة جعلتها منبوذة في معظم العالم، والشرعية التي سمحت لها بـ “العربدة” في جبهات أخرى محدودة جداً، خصوصاً حين تكون لمثل هذه المواجهة تداعيات اقتصادية وأمنية تخرج عن حدود الدولتين.

لا بد من التساؤل فيما إذا أخذت هذه الاعتبارات بالحسبان قبل إقرار تصفية مهداوي (على افتراض أن إسرائيل مسؤولة عنها). الأكثر معقولية ابتلاع إيران البصقة مثلما فعلت من قبل أو تكتفي برد طفيف. استعدادها للرد بشكل غير متوازن وغير مسبوق كفيل بأن يفيد بأن القيادة السياسية الأمنية كانت تعاني من تقدير ناقص للحدث، ودون أن تقصد خاطرت بتحويل الحرب ضد حماس في غزة إلى حرب في كل الشرق الأوسط.

---------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هآرتس 12/4/2024

 

هل كان اغتيال أبناء هنية بمنزلة حكم إعدام على “المحتجزين” لدى حماس؟

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

اغتيال أبناء وأحفاد رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، في ذروة المفاوضات على صفقة لتحرير المخطوفين، قد يكون حكم إعدام آخر للمخطوفين، إن لم يكن لكلهم فلقسم منهم، على فرض أنه لا يزال هناك احتمال ما لصفقة يبدو أن الطرفين يعملان على إحباطها.

تصفية الثلاثة لن تضعف حماس أو تلين مواقفها في المفاوضات، كما لن يدفع الضغط العسكري قدماً بتحريرهم. عملياً، التصفية قد تعزز مكانة هنية بين شعبه، وتحطم صورته على أنه يعيش حياة فاخرة في قطر منقطعاً عن الشعب الذي يعاني في قطاع غزة. وهو ما نراه في رد فعل هنية على تلقي نبأ الاغتيال. فقد سارع لتعريف مقتل أبنائه وأحفاده كشرف نالوه كشهداء، وأعلن بأنه دليل على أن أبناءه لم يهجروا شعبهم في القطاع.

ليس للجمهور سبيل للاستيضاح ما إذا كان جهاز الأمن بالفعل لم يطلع ولم يتلقَ إذناً من المستوى السياسي قبل الهجوم؛ فإذا لم يطلع قائد المنطقة الجنوبية ورئيس الأركان على العملية مسبقاً وإذا كان من أقر الهجوم هو قائد منسق الحرب في قيادة المنطقة الجنوبية، ضابط برتبة عقيد، فإن مستوى الثقة بالجهاز متدن لدرجة صعوبة قبول التفسيرات التي أعطيت دون شكوك.

 إذا كان هذا صحيحاً، فهو يدل على قطيعة في سلسلة القيادة وعلى تشويش مطلق في فهم بعض الجهات في الجيش الإسرائيلي في كل ما يتعلق بمجال تحكم المستوى العسكري في الدولة. وهذا ينضم إلى سلسلة قرارات سائبة، مثل تفجير جامعة، وتفعيل نظام هنيبعل، وضرب منظمة إغاثة دولية وصحافيين وغير ذلك. وسواء عرف رئيس الوزراء نتنياهو أم لم يعرف بها، فهذا دليل آخر على تبطله وعلى الخطر الذي تشكله مواصلة حكمه على حياة المخطوفين الذين يذوون في أسر حماس وعلى وجود إسرائيل. إذا لم يخرج الجمهور بجموعه ويطالب المسؤولين عن الكارثة المتدحرجة التي أوقعوها على إسرائيل بإخلاء كراسيهم وإعطاء فرصة لأحد ما آخر لإنقاذ الوضع، فإن مستقبل الدولة سيكون في خطر حقيقي، مثل مصير المخطوفين.

---------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يديعوت أحرونوت 12/4/2024

 

 

7 أكتوبر ينهي مفهوم “العالم تعب من الفلسطينيين”.. وإسرائيل أمام خيارين أحلاهما مر

 

 

بقلم: د. ميخائيل ميلشتاين

 

“وينك يا غزة؟ راحت غزة”. صرخة من هذا القبيل تنبعث من أفلام كثيرة ترفع في الشبكات الاجتماعية الفلسطينية في الأشهر الأخيرة، وأساساً من قبل من يعودون إلى مناطق سكناهم ويكتشفون حجم الخراب. في شريط ملأ الشبكة، يظهر فلسطيني يدور في مركز مدينة غزة، حيث كان النصب التذكاري للجندي المجهول وإلى جانبه مبنى البرلمان، ويكتشف بأن المنطقة أصبحت ساحة كبرى مليئة بالأنقاض وأرضاً حرثتها جنازير الدبابات.

رغم التقتيل والتدمير غير المسبوقين، في نظر فلسطينيين كثيرين تفوق إنجازات الحرب أضرارها. يقبع في المركز الفخار بأن حماس، الجهة التي تعد ضعيفة نسبياً في نظر إسرائيل، أوقعت بها الضربة الأكثر إهانة في تاريخها. وثمة إنجاز إضافي، وهو انهيار العقيدة القائلة إن العالم تعب من الفلسطينيين، وأن بإمكانه تحقيق التطبيع حتى دون حل مشكلتهم. الحرب، كما يفتخر الفلسطينيون تجسد قوتهم على إشعال الشرق الأوسط من لبنان وحتى اليمن، بل وإحداث اضطراب في العالم كله.

يحيى السنوار يرى فيها مهمة حياته، وخطط لها على مدى نحو عقد بشكل عقلاني وليس انطلاقاً من الجنون كما يميل لوصفه الكثيرون عندنا. ففي ضوء معرفته العميقة بالمجتمع الإسرائيلي – بعد 23 سنة في السجن – ربما قدر بأنه لن يهزم إسرائيل في 7 أكتوبر، لكنه تطلع إلى أهداف أخرى: إنتاج صدمة وعدم أمان في الدولة، واغتراب في المجتمع وبينه وبين الحكم، وكذا حساب دموي حاد بين الشعبين يمنع أي إمكانية لتسوية سياسية. المعركة التي تطورت كانت على ما يبدو أشد مما توقع، وأظهر المجتمع الإسرائيلي مناعة أكبر مما قدر، لكن واضح أنه نجح في تحقيق بعض من أهدافه الاستراتيجية.

 وبالفعل، تجمل حماس الحرب في ميزان مختلط يميل إلى الإيجاب. من جهة، صفي عدد كبير من النشطاء والمسؤولين (7 من أعضاء المكتب السياسي وعلى رأسهم مروان عيسى؛ وثلاثة قادة ألوية؛ وبالطبع صالح العاروري)، وتضررت قوة المنظمة عسكرياً، وبخاصة المنظومة الصاروخية. إضافة إلى ذلك، لم تنضم ساحات أخرى إلى الحرب؛ الأمر الذي تسبب بخيبة أمل لدى حماس: في الحدود الشمالية، التصعيد محدود أكثر مما يتطلع السنوار؛ وفي الضفة لم تنشأ انتفاضة ثالثة؛ وفي البلدات العربية والمختلطة في إسرائيل والتي اشتعلت في حملة “حارس الأسوار” بقي هدوء نسبي.

بعض من قادة حماس تلقوا ضربة شخصية – عائلية قاسية في الحرب، مثلما برز هذا الأسبوع في تصفية ثلاثة أبناء وبعض أحفاد إسماعيل هنية. وهكذا، ينضم رئيس المكتب السياسي إلى سلسلة طويلة من كبار مسؤولي حماس الذين فقدوا أقرباء لهم في المواجهات مع إسرائيل مثل محمد ضيف، الأمر الذي يعزز صورتهم في الشارع الفلسطيني بقدر كبير. كما أن الخطوة رفعت إلى السطح حواراً ثاقباً داخل إسرائيل في ضوء التخوف من تشويش محتمل لصفقة تحرير المخطوفين.

لكن حماس تتفاخر بالصمود؛ فالمنظمة تحظى بعطف جماهيري واسع وتكاد لا تلقى انتقاداً داخلياً: قسم مهم من قيادتها نجا وعلى رأسها السنوار وضيف؛ والمنظمة ذات الجينات المرنة والمتكيفة تواصل إدارة القتال، بما في ذلك في شمال القطاع، وتجتث محاولات إقامة بدائل في شكل عشائر أو عودة السلطة، وتشكل عنواناً للمفاوضات في مسألة المخطوفين. هذا ما لاحظه نسيبة بلذع: “الهدف الأول الذي أعلنت عنه إسرائيل هو تصفية حماس. نحن في الشهر السادس للمواجهة. فمع من يتباحث الجميع؟ حماس! مع من تجلس قطر ومصر المخولتان بإدارة المفاوضات عن الولايات المتحدة وإسرائيل؟ مع حماس!”.

 

الحل غير قابل للتطبيق

 

استطلاعات المركز الفلسطيني للسياسة ومسوح الرأي العام برئاسة د. خليل الشقاقي تعكس الميول المنصوفة. أظهر استطلاع نشر مؤخراً أن أكثر من 70 في المئة من عموم المستطلعين في الضفة وغزة يؤيدون هجمة 7 أكتوبر، نحو 90 في المئة ينفون أن حماس ارتكبت مذابح، نحو 70 في المئة راضون عن أداء المنظمة في الحرب، ونحو 60 في المئة معنيون بأن تحكم غزة في اليوم التالي. هذا، إلى جانب التقدير تجاه كل جهة تعادي أو تمس بإسرائيل (اليمن، حزب الله، إيران، وروسيا) والاحتقار لمن يدعمها، حتى لو كان يساعد الفلسطينيين (الولايات المتحدة أساساً)؛ تأييد الكفاح المسلح كاستراتيجية وطنية رائدة (46 في المئة مقابل 32 في المئة يؤيدون المفاوضات)؛ وكذا تأييد الزعماء الكفاحيين مثل مروان البرغوثي الذي ينتصر في كل سيناريو تنافسي على الرئاسة، إلى جانب النفور من أبو مازن (93 في المئة من المستطلعين في الضفة يتطلعون لأن يعتزل).

يوضح الشقاقي نفسه في حديث معي هذا الأسبوع، فيقول: معظم الفلسطينيين يرون في 7 أكتوبر خطوة ولدت من أصل سنوات من المواجهة والقمع. هم يؤيدون الهجوم ويعتقدون بأنه أعاد القضية الفلسطينية إلى مركز الخطاب العالمي. هناك انتقاد داخلي على تداعيات الهجوم، لكن واضح أن الأصوات ضعيفة في ضوء أجواء الحرب.

أما بشأن المستقبل فيشرح الشقاقي: “حتى لو أبيدت قدرات حماس العسكرية، فإنها ستواصل وجودها في المستوى السياسي والاجتماعي، ومعقول أن تحصد إنجازات معتبرة في انتخابات مستقبلية، لكن ليس هناك يقين في الفوز فيها”.

 البروفيسور سري نسيبة، من المفكرين البارزين في الساحة الفلسطينية ووزير سابق في السلطة يشرح: “الحرب أعادت الشعبين إلى نقطة الصفر في النزاع. في الحالة المتفائلة والأقل معقولية، ستؤدي المواجهة إلى تسوية سياسية؛ أم المعقولة والمتشائمة فستؤدي إلى دولة واحدة يقاتل فيها أحد الشعبين المتعاديان الآخر. الفلسطينيون غير ناضجين للاستقلال وملزمون بمعالجة الأمراض الداخلية، وعلى رأسها الفساد العميق”. ومثل الشقاقي، يؤكد نسيبة بأن “النقد ضد حماس قائم، لكنه يقف في ظل ارتفاع المعنويات من الإنجاز العسكري والتباهي بوجود تأييد عالمي واسع للفلسطينيين.

البروفيسور شلومو بن عامي من أوائل “الصاحين” في إسرائيل – في أعقاب فشل محادثات كامب ديفيد ونشوب الانتفاضة الثانية – يعرب عن نهج متشائم في ضوء وضع الشعبين، وخاصة الفلسطينيين. “حل الدولتين غير قابل للتطبيق”، ويضيف: “أنا آخر من ينفي بأن يكون التوسع الاستيطاني والجنون المسيحاني هما أحد الأسباب، لكن المشكلة العميقة كانت وتبقى – غياب فكرة فلسطينية إيجابية أصيلة، لبناء وتنمية مادية وبشرية، مثلما كانت الصهيونية في طريقها لإقامة الدولة. لو كانت للقيادة الفلسطينية رؤية كهذه، لما رفضت مقترح السلام الذي يعطيها 97 في المئة من الأرض بدلاً من 100 في المئة. حتى الآن لا يوجد مؤشر على أن أحداً ما في القيادة الفلسطينية – ناهيك عن حماس – غير موقفه إزاء مخطط السلام الذي طرح من قبل. فضلاً عن ذلك، لا تزال م.ت.ف تدرس الوحدة مع حماس، الأمر الذي لن تقبله إسرائيل أبداً. لا احتمال لتسوية بروح الدولتين دون حسم فلسطيني داخلي، وواضح أنه مطلوب من إسرائيل قرارات حاسمة أيضاً”.

يستخلص الإسرائيليون بالتدريج استنتاجين متضاربين من 7 أكتوبر: الأول أنه لا منفعة من وجود دولة واحدة وبأن الاختلاف في القيم الأساس بين المجتمعين لا يسمح بحياة مشتركة؛ والثاني بأن حرية فلسطينية كاملة معناها تهديد وجودي كما ثبت في غزة منذ فك الارتباط في 2005. ستكون قيادة إسرائيل مطالبة بمناورة واعية بين القطبين: من جهة تدفع قدماً بفاصل مادي، لكن من الجهة الأخرى تتأكد من ألا تنشأ تهديدات من جهة الفلسطينيين، ما يستدعي مثلاً تحكماً إسرائيلياً ببواباتهم إلى العالم. إن استمرار تجاهل الموضوع الفلسطيني فضلاً عن النقاش في قرارات تاريخية حاسمة، مثلما يسود في إسرائيل حتى قبل نحو نصف سنة، وبدلاً من ذلك تفضيل “طرق الوسط” بروح إدارة النزاع – نهايته أن توقع على الإسرائيليين ضربات صادمة أخرى من نوع 7 أكتوبر.

---------------------------------------------

 

ملحق اقتصادي 9/4/2024

 

بنك اسرائيل ترك الفائدة بـدون تغيير... الدولار يهبط

بقلم: ناتي توکر

محافظ بنك اسرائيل، البروفيسور امير يارون، شرح أمس الاول قرار لجنة النقد ابقاء الفائدة في لاقتصاد بدون تغيير ( 4,5 في المئة) رغم الابطاء في التضخم الذي انخفض الى 2,5 في المئة. "لقد بقيت امامنا طريق طويلة للنهوض الكامل بالاقتصاد"، قال المحافظ. مسار الفائدة سيستمر تحديده وفقا لاقتراب التضخم من هدف السياسة الاقتصادية".

هذه هي المرة الثانية التي يبقي فيها بنك اسرائيل سعر الفائدة بدون تغيير في 2024 على خلفية عدم اليقين والتخوف من ارتفاع التضخم. توقع التضخم من قبل أسواق رأس المال قفز مؤخرا، ومحللون يقدرون الآن بأن التضخم في الـ 12 شهر القادمة سيكون اعلى من 3 في المئة.

في اعقاب قرار الفائدة انخفض سعر الدولار مقابل الشيكل، سعره الآن 3,678 شيكل، وهذا انخفاض 7 في المئة مقابل السعر الذي تحدد أمس.

في الاشهر الاخيرة قال المحافظ بأنه كلما كانت بيئة التضخم مستقرة عند مستوى اقل من الحد الاعلى للنطاق الهدف في بنك اسرائيل (1 - 3 في المئة) فان احتمالية اجراء المزيد من التخفيض في سعر الفائدة تزداد - بعد خفض سعر الفائدة بالفعل في كانون الثاني الماضي.

مع ذلك، على خلفية عدم اليقين الجيوسياسي والتخوف من تصعيد أمني وتذبذب الشيكل ايضا فانهم في لجنة النقد كما يبدو فحصوا اتباع سياسة حذرة وانتظار خفض سعر الفائدة القادم. قبل قرار الفائدة، معظم التنبؤات كانت أنه على الاقل في قرار اليوم بنك اسرائيل سيبقي الفائدة بدون تغيير.

الى جانب قرار الفائدة نشرت تنبؤ اقتصادي كلي محدث لقسم الابحاث في بنك اسرائيل، الذي فيه تم رفع التضخم المتوقع في 2024 الى 2,7 في المئة مقابل 2,4 في المئة في التنبؤ السابق في كانون الثاني. حسب بنك اسرائيل "بالنسبة لتنبؤ كانون الثاني فان ارتفاع مسار التضخم في الاعوام 2024 - 2025 سينبع في معظمه من التغير في فرض الضرائب".

تنبؤ النمو بقي على حاله 2 في المئة في السنة الحالية، و5 في المئة في 2025 في اعقاب المصادقة على ميزانية الدولة مع هدف يبلغ 6,6 في المئة فانهم في بنك اسرائيل يتوقعون الآن ارتفاعا في نسبة الدين الى الناتج ، 67 في المئة في هذه السنة وفي السنة القادمة، مقابل 66 في المئة في التنبؤ السابق. بنك اسرائيل يقدر أن العجز سيبلغ 6,6 في المئة في هذه السنة (بما يشبه العجز في الميزانية) و4,6 في المئة في السنة القادمة.

عجز يبلغ 6,6 في المئة يمكن أن يكون اشكاليا، على خلفية حقيقة أنه فقط أمس (الاول) نشر المحاسب العام في وزارة المالية اداء الميزانية حتى شهر آذار، الذي يتضح منه أن العجز بلغ الآن 6,2 في المئة. مع ذلك، في البنك يتوقعون أنه رغم وتيرة النفقات المرتفعة، فان المداخيل ايضا ستزداد طبقا لذلك، لهذا فان تنبؤ وزارة المالية ما زال ساري المفعول.

في تفسير قرار البنك كتب "النشاطات الاقتصادية وسوق العمل تواصل النهوض بشكل تدريجي. اضافة الى ذلك مستوى عدم اليقين الجيوسياسي ازداد، وينعكس ذلك في الارتفاع النسبي لعلاوة المخاطرة في الاقتصاد". واشاروا في البنك ايضا الى ضعف الشيكل مقابل الدولار، 2,7 في المئة منذ القرار السابق. ضعف الشيكل يمكن أن يخلق ضغطا تضخميا بسبب اسعار الاستيراد. البنك يشير الى أن مستوى النشاطات في الاقتصاد ارتفع في الاشهر الاخيرة، لكنه ما زال منخفضا مقابل التوقع عشية الحرب.

"ارتفاع في عدم اليقين"

محافظ بنك اسرائيل لم يفسر، لكن يبدو أنه تطرق الى تفاقم المواجهة مع ايران، الذي أدى الى ابقاء الفائدة على حالها ازاء التطورات الاخيرة وارتفاع عدم اليقين على المستوى الجيوسياسي فان اللجنة قررت اتباع اسلوب الحذر وابقاء الفائدة على حالها. هذه سياسة ثابتة تركز على استقرار الاسواق واستقرار الاسعار ودعم النشاطات الاقتصادية"، قال يارون البروفيسوريارون اشار ايضا الى أن التوقعات للتضخم مثلما تنعكس في السوق، ارتفعت في الفترة الاخيرة وهي توجد حول الحد الاعلى لهدف بنك اسرائيل، 3 في المئة. "توجد اخطار لتسريع التضخم، قال يارون "الاخطار" هي تطور الحرب، الذي يمكن أن يؤثر على التصدير، خفض سعر الشيكل تطور فرع البناء، تطورات مالية (زيادة النفقات الحكومية) واسعار النفط التي ترتفع عالميا".

---------------------------------------------

 

هآرتس 9/4/2024

 

الطلاب بالتحديد هم من قادة المكارثية التي تُغرق اسرائيل

بقلم: شيرا كلاين وليئور شترنفيلد

قبل حوالي عشرة ايام ،نشرنا نحن وشركاء اسرائيليين، يهود وفلسطينيين، مؤرخون وعلماء في العلوم السياسية وخبراء في القانون الدولي ، رسالة للرئيس الامريكي جو بايدن الرسالة استندت الى تعريف ميثاق الابادة الجماعية للامم المتحدة، وهو تعريف يقتضي افعال ونوايا مرتكب الابادة الجماعية. وقد اشرنا الى أن هجوم اسرائيل على غزة يشمل هذين المركبين. الافعال هي القصف بدون تمييز الذي قتل اكثر من 30 ألف شخص في غزة، بينهم على الاقل 14 ألف طفل. وسياسة أدت الى الجوع والجفاف النوايا هي تصريحات زعماء سياسيين اسرائيليين يطالبون بعقاب جماعي لسكان غزة.

منذ اللحظة التي نشرت فيها الرسالة، تم التوقيع عليها من قبل ألف اكاديمي رائد في كل المجالات، بما في ذلك باحثون في الكارثة، وباحثون آخرون في دراسة الابادة الجماعية، وحاصلون على جائزة نوبل، وموقعون من الجيل الثاني للناجين من الكارثة، وموقعون هم من أبناء عائلات المخطوفين والقتلى في 7 اكتوبر. وقد كتبت في اعقاب تعليمات محكمة العدل الدولية التي بحسبها اسرائيل مجبرة على ضمان أن تصل المساعدات الانسانية الاساسية الى مئات الآلاف الذين يتضورون جوعا في غزة. نحن الذين وقعنا عليها نستند الى تقارير منظمات مثل "اطباء من اجل حقوق الانسان" وهيئات المساعدة في الامم المتحدة، ووسائل الاعلام الاجنبية، وتقارير لم يطلع عليها المشاهدون الاسرائيليون. نحن نقلق على مصير الفلسطينيين في غزة، وايضا نقلق على مستقبل اسرائيل والمنطقة. الوقوف في الجهة المقابلة لا يمكن أن يأتي في الحسبان، ومن الواضح أن جريمة مثل جريمة 7 اكتوبر لا يمكنها تبرير الجريمة التي تحدث في غزة منذ 8 اكتوبر.

بعد فترة قصيرة على نشر الرسالة فان وسائل الاعلام، التي فشلت في أداء المهمة، وتفشل الجمهور من خلال فلترة الصور والتقارير التي تأتي من غزة (ايضا الضفة الغربية ليست هادئة بالتحديد فى هذه الفترة)، بدأت تكشف أسماء الاسرائيليين الذين وقعوا على الرسالة. هذا بدأ بالمغردين للقناة 14 الذين قاموا بفلترة اسماء الموقعين الذين يعملون في المؤسسات الاكاديمية الاسرائيلية، ومرورا بحوار مكارثي مدهش في طاقم الحوار في برنامج ايلاه حسون في "كان 11". النقاش ركز على توقيع عشرين باحث اسرائيلي، دون الاشارة الى أنه الى جانب هؤلاء الاكاديميين الشجعان، وقع على هذه الرسالة حوالي ألف من الباحثين المهمين في مجالهم، بما في ذلك حاصلين على جائزة نوبل. اشخاص حصلوا على الجوائز الاكثر اهمية في عالم الاكاديميا، ورؤساء نقابات مهنية، وباحثين مهمين في الدراسات اليهودية في العالم، وباحثون في اللاسامية وفي الابادة الجماعية وما شابه.

لو أن وسائل الاعلام الاسرائيلية كانت تقوم بعملها باخلاص، لكان مواطنو اسرائیل اكثر ادراكا لما يتم ارتكابه باسمهم في قطاع غزة. كانوا سيشاهدون الدمار والموت والجوع والفوضى والرسالة، حتى لو كانت مؤلمة ، لم تكن لتشكل مفاجأة ، ولو أن وسائل الاعلام مثلت بأمانة نطاق الموقعين ولم تستبعد الموقعين العشرين من اسرائيل لكان المشاهدون والمستمعون تساءلوا، اذا كان هناك المزيد خلف ادعاء احتمالية حدوث ابادة جماعية. ربما ايضا كانوا سيتوجهون للتحدث عن معنى الابادة الجماعية، واذا كان التعريف ينطبق فقط عندما يدور الحديث عن افران الغاز في بولندا.

في اعقاب الهجوم الوحشي الذي وبحق هدر دم الموقعين، طرحت طلبات باقالة أو تجميد عمل بعضهم. مئات الطلاب طالبوا باقالة الدكتور ريغف نتنزون، من كلية سفير بسبب التوقيع. ورئيسة الكلية سارعت الى "ادانة" هذه التصريحات ضد جنود الجيش الاسرائيلي بكل قوة ، وحظرت على نتنزون استخدام اسم الكلية عندما اشار ألف موقع الى اسماء المؤسسات التي ينتمون اليها، ومنها هارفارد وييل واكسفورد الكلية ليس فقط لم تدافع عن حق نتنزون فى الحرية الاكاديمية، بل ايضا تسببت بموجة تحريض ضده. في صفحة الانستغرام التي تشغلها ظهرت ردود سمته "مؤيدا للارهاب" و"مخرب". على أحد هذه الردود ("ريغف نتنزون - يجب اقالته يؤيد الارهاب") تمت الاشارة بـ "لايك" من قبل الكلية نفسها.

في اعقاب التحريض والخوف الذي اثاره طلب عدد من الاكاديميين الإسرائيليين سحب توقيعهم، وروح المكارثية التي تهب علينا فى الاشهر الاخيرة أخذت الازدياد. من بين الامثلة يمكن ذكر حالة مثير بروخن ، الذي تمت اقالته كمعلم للتاريخ والمدنيات، وحتى أنه تم اعتقاله بتهمة الخيانة، لأنه عبر عن أسفه على موت الغزيين ولامبالاة الجمهور، والبروفيسورة نديرة شلهوب كيبوركيان من الجامعة العبرية، ونوريت بيلد الحنان (التي ثكلت ابنتها في عملية) التي انهت عملها في كلية دافيد يالين بعد أن حاولت التطرق الى هجوم 7 اكتوبر في سياق اوسع للنزاع العنيف، والعقاب الذي فرض على فريق أبناء سخنين لكرة القدم لأنهم "لم يحترموا النشيد الوطني"، هذه فقط بعض الامثلة.

القدرة على التعبير بحرية تتقلص من لحظة الى اخرى. فقط في الاسبوع الماضي نشر الصحفي في "يديعوت احرونوت" ، بن درور يميني، مقالا متطاولا، يظهر منه أنه لم يقرأ رسالتنا أبدا، والاسوأ من ذلك هو أنه قرأها وقام بتشويهها من اجل قرائه عضوة الكنيست كاتي شتريت دعت الى استدعاء جميع الموقعين على الرسالة للتحقيق. وعضوة الكنيست لیمورهار میل طلبت سحب الميزانيات من مؤسسات لم تتخذ خطوات ضد الموقعين.

محاولتنا كباحثين في شؤون ايران (شترنفيلد) وفي شؤون ايطاليا الفاشية (كلاين)، تدل على أن الحظر وكم الافواه يمهد الطريق الى الديكتاتورية، والرقابة التي تستخدمها وسائل الاعلام الاسرائيلية تتمثل في أنها تعرض رواية واحدة بخصوص الحرب في غزة ("حرب وجودية") ، ورواية موحدة بخصوص المؤيدين لوقف اطلاق النار في الامم المتحدة ("اللاساميين")، ورواية موحدة بخصوص يهود الشتات الذين يعبرون عن ألمهم على قتل الاطفال في غزة ("المعادون التلقائيون للسامية، ورواية موحدة بخصوص اليهود الاسرائيليين الذين يتجرأون على الاحتجاج ("الخونة"). الطريق الى الديكتاتورية المطلقة غير بعيدة.

بدلا من أن يأخذ الطلاب على عاتقهم دور المعارضة والانتفاض وتحدي المسلمات، كما يفعل الطلاب في دول اخرى، فان الطلاب في اسرائيل يقفون على رأس مشروع الرقابة اسرائيل اصبحت دولة فيها الطلاب يطالبون باقالة المعلمين لأنهم ليسوا قوميين متطرفين بما فيه الكفاية أو وطنيين، مثل الصين الشيوعية والمانيا النازية في دولة سليمة ، الاكاديميون هم الذين يشكلون زعماء المستقبل، ويطورون التفكير النقدي الذي يرتكز على بيانات وحقائق في دولة اسرائيل البيانات والحقائق يتم تصنيفها في فئة المس" بالروح المعنوية الوطنية والروح القتالية".

---------------------------------------------

 

يديعوت أحرونوت 9/4/2024

 

 

لماذا أصبح لزاماً على نتنياهو قبول الصفقة؟

 

 

بقلم: بن – درور يميني

 

ربما نقترب من لحظة الحسم. إذا كانت التقارير تعكس ما يحصل في الغرف المغلقة، فسيتعين على الكابنيت هذا المساء أن يقرر بشأن الصفقة، ولا سبب يدعو للاحتفال؛ لأنها مجرد بداية. حتى لو خرجت الصفقة الإنسانية إلى حيز التنفيذ ويصل 40 مخطوفاً، وبالأساس مخطوفة، إلى إسرائيل، سيبقى لدى حماس شابات وشباب، مجندات وجنود. وإذا كان استغرقنا أشهراً طويلة للوصول إلى الصفقة الحالية، التي مشكوك خروجها إلى حيز التنفيذ، فإن صفقة إضافة ستكلفنا عذابات أصعب بكثير.

اسمحوا لي أن أعترف بأنني أنتمي إلى معسكر “ليس بكل ثمن”. كنت بين المعارضين لصفقة شاليط، التي من شبه المؤكد كانت ستلحق ضرراً قومياًو، سفك دماء، وتعزيز بنى الإرهاب وبالطبع تحرير الإرهابي الأعظم يحيى السنوار من السجن.  الثمن الذي ستدفعه إسرائيل اليوم باهظ، باهظ جداً. كي لا نخدع أنفسنا، الصفقة التي ستتبلور ستؤدي إلى نتائج مخيفة. ورغم ذلك، الكابنيت ملزم بإقرار الصفقة اليوم، حتى على أساس الشروط التي سربت لنا في اليوم الأخير.

 لماذا ينبغي أن نقول نعم الآن؟ لأن الثمن الباهظ سبق أن دفعناه. 1200 قتيل في يوم واحد و300 جندي آخرون سقطوا في المعارك في القطاع. ولأننا في مرحلة لا احتمال للنصر المطلق فيها. ولأنه بعد الاعتداء العام الذي تعرضنا له، لا يمكن لأي شيء أن يعتبر نصراً. ولأننا دمرنا قوة حماس، ولأننا نعرف بأن أسابيع أو أشهراً أخرى من القتال لن تغير الصورة جوهرياً. ولأنه بخلاف شاليط، الدولة تركت المخطوفات والمخطوفون لمصيرهم وهي ملزمة بإعادتهم بأسرع وقت.

إن تحرير المخطوفات والمخطوفين بالذات هو الأمر الوحيد الذي قد يؤدي إلى بعض المواساة، للعائلات وكذا لأولئك الذين قاتلوا وضحوا بأنفسهم وأولئك الذين ضحوا من أنفسهم كي تتاح الصفقة.

كثيرون وطيبون، بما في ذلك مسؤولون في الائتلاف، يصعب عليهم فهم قرارات نتنياهو. فهو لم يجعل إسرائيل قوية، بل جعلها أضعف بكثير.

لم يبادر إلى أي شيء، بل يُجر. وكل ما كان يمكن لإسرائيل أن تفعله بمبادرتها وتكسب الكثير من النقاط، اضطر نتنياهو لفعله تحت الضغط. لا يوجد خطأ استراتيجي واحد تنازل عنه نتنياهو، وهذا مغيظ أكثر، لأن على المرء أن يعاني من العمى المطلق ليفهم بأن الرأي العام العالمي لن يبقى غير مبال لمشاهد الدمار والخراب من قطاع غزة.

ودرءاً للشكوك، فإن حماس هي التي تتحمل المسؤولية عن الخراب. لكنهم فشلوا حتى في هذا الموضوع. لأن الرأي العام في العالم يتهم إسرائيل وليس حماس. وكان ينبغي أن يعاني المرء من العمى ليفهم بأن هذا سيؤثر على الإدارة الأمريكية. لكن لنتنياهو أذنين لا يسمع بهما، وعينين لا يرى بهما، وعقلاً لا يدرك به. قيل عن جيراننا ذات مرة إنهم لا يفهمون إلا لغة القوة. فبدلنا الأدوار. اليوم، نتنياهو هو الذي لا يفهم إلا لغة الضغط.

عندما يدور الحديث عن الضغط، لا يكون بايدن الوحيد في الصورة. ففي داخلها بن غفير وسموتريتش أيضاً. وهما يهددان الآن. يسارع بن غفير إلى الانتخابات لأنه يتنافس على خانة الليكود. هذه ليست المفاجأة. فبعد أن دار نواب من الليكود ليرقصوا حوله في مؤتمر الاستيطان المتجدد في قطاع غزة، أشاروا إلى الاتجاه الجديد. وجدوا زعيماً، ولا يكتفون بإخفاقات نتنياهو، إنهم يريدون بن غفير. هذا محزن ومخيف وخطير. لكنه الواقع.

رغم موقف اليمين المتطرف، ثمة تقدير بوجود أغلبية في الحكومة، في الكابنيت الموسع وكابنيت الحرب، لإقرار الصفقة. سمعنا أمس وزير الدفاع يوآف غالانت؛ هو مع. لكن ستكون مفاجأة، كما يمكن التقدير، إذا أقرت حماس الصفقة. فهي تحصل على مطالبها حتى بدون صفقة. إسرائيل في عزلة دولية. المظاهرات المؤيدة لحماس تتواصل. تواجد الجيش الإسرائيلي في القطاع بين صفري ورمزي. مخربو حماس الذين هزموا يعودون إلى كل مكان يخليه الجيش الإسرائيلي. الزمن يعمل في صالح حماس. فلماذا يسارعون؟

في هذه الظروف، إسرائيل هي التي تحتاج للمسارعة. الحسم بيد نتنياهو. سيخنع للضغط. السؤال هو: ضغط من. ضغط بايدن أم ضغط بن غفير؟ على نتنياهو أن يقرر. رغم كل شيء، القرار المؤيد للصفقة هو أسوأ الشرور. كانت هناك فرص لا حصر لها في الأشهر الأخيرة لإيصال إسرائيل إلى وضع أفضل بكثير. لكن الاستراتيجي الأسوأ في تاريخ الدول نجح في إيصال الدولة وإيصال نفسه إلى درك أسفل غير مسبوق. على أمل أن يكون لمصلحة الدولة معنى، فهذه فرصة نتنياهو ليصلح قليلاً، قليلاً فقط، ويسمح بالصفقة.

---------------------------------------------

 

معاريف 9/4/2024

 

 

هل تبحث إسرائيل عن نصر بـ “حكم الأمر الواقع”؟

 

 

بقلم: آنا برسكي

 

في ظل انسحاب معظم قوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وإلى جانب تقارير تتحدث عن تقدم في الاتصالات حول صفقة مخطوفين، تبث مصادر سياسية تفاؤلاً بل وتشرح كيف سيعطى الوضع الحالي قريباً التفسير الذي سيروي النصر بحكم الأمر الواقع.

بالضبط مثلما قبل خمسة أشهر، لم نغزُ غزة برياً دفعة واحدة، بل في “حقن”، وهكذا يكون الخروج الآن من القطاع، ولن يترافق وبياناً رسمياً عن انسحاب القوات وإنهاء المعركة. لا توجد معابر جديدة، وعليه فإن التفسير الذي سيعطى سيكون: “الحرب لا تنتهي، بل تتواصل بقوى منخفضة. ما يحصل اليوم يمكن تعريفه كهدنة غير معلنة أو هدنة بحكم الأمر الواقع”.

عودة إلى أيام بداية المناورة البرية. نذكر أنه تقرر في حينه دخول تدريجي إلى غزة، بلا ضجيج، طويل وبإعلانات كبرى – على خلفية التحذيرات، خصوصاً من إيران، بأن غزواً إسرائيلياً سيجر رد فعل حاد. لو دخلنا بالطبل والزمر، لخلق هذا واقعاً من التغيير الدراماتيكي الذي كان سيصعّب على صف كامل من المحافل العربية التي تسلقت في بداية الحرب إلى الأشجار كي لا ترد وتسمح لإسرائيل بالعمل في غزة. الدخول البري “بحقن”، بحكم الأمر الواقع، كان خطوة استراتيجية صحيحة أثبتت نفسها.

بشكل مشابه، من جهة – على خلفية الاتصالات على أنواعها (اتصالات الصفقة واتصالات التطبيع الإقليمي مع السعوديين)، ومن جهة أخرى بغياب استمرار زخم قواتنا في غزة، اتخذ القرار بأن لا معنى للمراوحة. التفسير الذي يعطى لقرار إخراج معظم القوات من القطاع هو أننا كسرنا شوكة مقاومة حماس، والجيش الإسرائيلي الآن في وضع يمكنه من دخول غزة والخروج منها بلا صعوبة ووفقاً للحاجة وللأهداف العملياتية. وعليه، لا سبب للبقاء في القطاع لنشكل أهدافاً لكل أنواع المسلحين الذين يخرجون من أنفاق منسية ليحاولوا ضرب جنودنا.

من ناحية سياسية، يحرص نتنياهو الآن على غياب إعلان عن وقف الحرب. وعليه، ما لم يوجد بيان رسمي لوقف الحرب، تصبح الحرب حرباً بقوى منخفضة يمكنها، مثل النار، أن تشتعل دفعة واحدة، ما لم تنطفئ. غياب بيان ما عن نهاية القتال يتيح لنتنياهو مجالاً للتفكر.

رئيس الوزراء اليوم يعيش وضع الرئيس بوش الأب في نهاية حرب الخليج في 1991. بعد أن كسر شوكة الجيش العراقي، ترك العراق وأعلن النصر. بينما كان الرئيس صدام حسين في الحكم. لولا المخطوفون المحتجزون في غزة لأعلن نتنياهو أننا “انتصرنا” وأخرج القوات. لكنه لا يفعل ذلك بسبب المخطوفين. وإضافة إلى ذلك، فإن بياناً كهذا كان سيدفع رسمياً بغانتس وآيزنكوت إلى الخارج، وليس لنتنياهو مصلحة في أن يؤدي إلى انسحابهما.

أوصلنا نتنياهو إلى وضع يمكنه فيه أن يعلن عن العودة إلى القطاع، كونه الآن غير قادر على تقديم صورة نصر ويعلن أن “انتصرنا”. المحللون هم من سيعملون ويشرحون بأن إسرائيل عملياً انتصرت على حماس بحكم الأمر الواقع. وإذا ما توصلنا إلى صفقة وعاد المخطوفون، فستعم الفرحة والنشوة بين الجمهور على كل الأحاسيس الأخرى.

---------------------------------------------

 

هآرتس 9/4/2024

 

 

بتحويل “المخطوفين” إلى مسألة سياسية: هل نقترب من نهاية الصهيونية؟

 

 

بقلم: نوعا يادلين

 

اعتاد يشعياهو لايفوفيتش على اقتباس فرانس غريلبرتسر، المفكر الذي تعود جذوره للقرن التاسع عشر، الذي حذر من الطريقة التي تقود من الإنسانية عبر القومية إلى الحيونة. الاقتباس الأشهر لديه في هذا السياق هو أقواله عقب حرب الأيام الستة: القومية المستشرية نهايتها أن تدهور الدولة إلى القومية المتعصبة والتطرف والمسيحانية، وستكون المسافة إلى الحيونة قصيرة من هناك. ستكون المرحلة الأخيرة، كما توقع، نهاية الصهيونية.

يبدو أنه لا خلاف، ربما باستثناء البهائم نفسها، على أن إسرائيل اليوم في ذروة المرحلة الثالثة. للحيونة وجوه كثيرة، ويتم ذكر أقوال لايفوفيتش على الأغلب في سياق ما يتم ارتكابه في المناطق المحتلة، ومن أجل ثمل القوة والعنف العبثي الذي تقتضيه السيطرة على شعب آخر. يصعب في هذا السياق عدم التطرق لما يحدث في غزة كلما طال وجودنا هناك، لكنني في هذا المقال أريد التطرق بالتحديد إلى الحيونة “النظيفة” والمكيفة للنقاشات العامة التي تجري في الأستوديوهات والكنيست والصالونات.

كرامة الحيوانات محفوظة، لكن ينقصها شيء واحد: الحكم الأخلاقي. الأسد يفترس الأضعف منه لأنه مضطر إلى ذلك؛ لكنه لا يراعي الأخلاقية في هذا الشأن، وضميره لا يؤنبه. يبدو أن علامة السخط يمكن تمييزها بحرف “في”: عدم التمييز بين الخير والشر.

يظهر هذا الأمر في المقام الأول حول قضية المخطوفين. وحقيقة أن المخطوفين تحولوا إلى “قضية” هي بحد ذاتها عار أخلاقي. الأمر يذكر بمسرحية “الخماسية الكامرية” التي تريد فيها طالبة أن تكتب موضوع إنشاء عن “قتل رابين – مع وضد”. أسمع أحد أقارب المخطوفين يطلب من محدثه “تخيل أنها ابنتك”.

هل هناك أحد وبحق بحاجة إلى هذا التمرين الخيالي كي يخطر بباله المفهوم ضمناً – الصدفة وحدها هي التي أنقذته وأنقذت أعزاءه من مصير مشابه، بكلمات أخرى، ربما يكون هو نفسه في المرة القادمة. سأذهب بعيداً وأقول، من يعيش الآن في إسرائيل ولا يتخيل أبناء عائلته يموتون هناك، ولا يفكر في الشعرة التي تفصل بينه وبين الأسرى هناك وأبناء عائلاتهم، هو شخص بسيط.

 لن أحصي المزيد من الأمثلة المفهومة ضمناً، مثل التي قد تكون مفهومة ضمناً، حول عدم التمييز بين الخير والشر، التي يتم نشرها صبح مساء في هذه الصحيفة. معظم أفعال الحكومة في السنة والنصف الأخيرة مشوبة بإضاعة مطلقة للطريق الأخلاقية.

لم تعد هذه مسألة موقف سياسي أو موقف؛ يبدو أن الناس الذين يقودون الدولة يشبهون الأطفال بمستواهم الأخلاقي، علينا أن نشرح لهم مرة تلو الأخرى وببطء الخير والشر، المسموح والممنوع. مع ذلك، يعودون ويمسكون بذيل القط. يقف على رأس هؤلاء نتنياهو، الذي لا يجب الشك في أنه لا يعرف ماذا يحدث عندما نمسك بذيل القط، ومع ذلك يفعل.

بهذا المعنى، وليس فقط به، فإن عرض الاحتجاج المتزايد باعتباره مجرد قضية سياسية أخرى، محل خلاف، يمين مقابل يسار، هو بمثابة الظلم. في عصر الحيونة وعصر إفساد المعايير وإضاعة الطريق وعصر انغلاق القلب الذي على شفا الحقد، هناك محاولة صادقة لرفع الرأس على سطح المياه الضحلة وإعادة للدولة صورتها الإنسانية. الاحتمالية الثانية هي سيناريو الرعب الكابوسي المثير للذعر الذي يصعب تخيله: استمرار الوضع الحالي.

--------------------------------------------

 

هآرتس 9/4/2024

 

 

ما رد كل من إسرائيل وحماس على “اقتراح الوسطاء”؟

 

 

بقلم: عاموس هرئيل

 

من الجدير مواصلة التعامل بالحذر المطلوب مع التنبؤات المتفائلة التي تسمع مؤخراً من القاهرة والدوحة و”القدس” فيما يتعلق باحتمالية عقد صفقة جديدة لإطلاق سراح المخطوفين في القريب. ربما تم إحراز تقدم ما في المفاوضات، في ظل غياب معلومات مفصلة وموثوقة، يبدو مناورة جماعية في التفكير الإيجابي. الهدف النهائي هو إقناع الشريك المتصلب، حماس، بالانضمام إلى الاتفاق وحل صداع طويل أصاب الوسطاء. الولايات المتحدة بشكل خاص غارقة في هذا الأمر.

حتى أمس، كان يصعب الانضمام لهذا التفاؤل. تم عرض اقتراح الوسطاء المحدث على الوفد الإسرائيلي في القاهرة مساء أول أمس. وتضمن تنازل إسرائيل في مسألة السماح بانتقال السكان الفلسطينيين الذين سيتمكنون من العودة إلى شمال القطاع مقابل تليين ما في طلبات حماس فيما يتعلق بإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين في إسرائيل. في الوقت نفسه، نشر أيضاً عن وجود وفد لحماس في القاهرة.

في هذه الأثناء، أصبح واضحاً للجميع بأن لدى حماس، خلافاً لتراث طويل من اتخاذ القرارات المشتركة في مؤسسات المنظمة، شخصاً واحداً يحوز القرار وهو يحيى السنوار، زعيم حماس في القطاع، صاحب الكلمة الأخيرة بشأن عقد صفقة جديدة. هنا مشكلتان، تقنية وجوهرية.

المشكلة التقنية المعروفة منذ بداية الحرب تتعلق بعلاقة السنوار غير المتواصلة مع قيادة حماس في قطر – إزاء حقيقة أن الزعيم الموجود في القطاع ما زال يختبئ للتملص من القصف الإسرائيلي. يبدو أن الرسائل تنقل إلى السنوار ومنه بواسطة شبكة متشعبة من الوسطاء والرسل. من تجربة مراحل سابقة في المفاوضات، فإن انتظار رد من السنوار ربما يمتد لبضعة أيام. المشكلة الجوهرية تتعلق بالعمليات التي سبق لإسرائيل تنفيذها في الفترة الأخيرة، وأن حماس بالتأكيد تنظر إليها بإيجابية.

سحب الجيش الإسرائيلي قواته من خان يونس، وبذلك أنهى العملية في المدينة ومحيطها بعد أربعة أشهر تقريباً، وأبقى هناك قوة لوائية واحدة من “الناحل”، في الممر الذي يشطر القطاع عرضاً إلى شطرين، على المدخل الجنوبي لمدينة غزة. وفي الفترة الأخيرة، ضاعفت إسرائيل بثلاثة أضعاف حجم المساعدات الإنسانية التي تسمح بإدخالها إلى القطاع.

تنفي الحكومة وجهاز الأمن أن هذه الخطوات مرتبطة بالمفاوضات حول صفقة التبادل. حسب رأيهم، عملية خان يونس استنفدت نفسها نهاية الأسبوع الماضي، لذا، لا جدوى من نشر القوات هناك وتعريضها للخطر. زيادة المساعدات الإنسانية باتت أمراً مطلوباً بسبب الضغوط الأمريكية عقب قتل العاملين السبعة في منظمة المساعدة الأجنبية الأسبوع الماضي بقصف مسيرة إسرائيلية. بالإجمال، هاتان الخطوتان تقلصان الضغط العسكري والمدني على حماس وتحسنان وضعها بشكل عام. إزاء التطورات، ربما يشعر السنوار بأنه لا إلحاحية لإنهاء الصفقة.

على خلفية محادثات القاهرة وإلى جانب اقتراحات الوسطاء وتبادل الرسائل، يشعر الطرف الإسرائيلي بنشاط، ويرافق ذلك نقاشات كثيرة في هيئات عليا واهتمام إعلامي وآمال كثيرة لدى عائلات المخطوفين. في الوقت نفسه، تسمع أصوات استغاثة في الجناح اليميني المتطرف داخل الائتلاف. سمع أمس لدى حزبي “قوة يهودية” و”الصهيونية الدينية” أمس تهديدات حول استقرار الحكومة.

يجب الاحتمال بأن يكون نتنياهو غير مستعجل لعقد صفقة وأن خطوته الأخيرة ترتكز على افتراض أن حماس سترفض التنازل مرة أخرى، وتعتبرها المسؤولة عن أزمة المفاوضات في نظر الأمريكيين. تستمر الإدارة الأمريكية في الضغط على حماس بشكل غير مباشر عن طريق قطر ومصر. وإذا تم تحقيق صفقة في نهاية المطاف، فسيحدث بالأساس بفضل الولايات المتحدة.

 

رام الله تحاول النبش

 

هناك حادثة تتضح تفاصيلها بالتدريج وبشكل متأخر، كانت في بداية الشهر، تكشف ما يجري وراء الكواليس في الصراع على السيطرة في القطاع. حسب تقارير في وسائل الإعلام الفلسطينية، ضربت حماس قافلتي مساعدات دخلتا القطاع، في الشمال والجنوب، وتبين أن من تولى السيطرة على نقل المساعدات نشطاء لهم صلة بالمخابرات العامة للسلطة الفلسطينية برئاسة ماجد فرج. ما زالت السلطة تدفع رواتب نشطاء فتح وأعضاء أجهزتها الأمنية في غزة، الذين في معظمهم لا يشغلون مناصبهم منذ العام 2007 عندما سيطرت حماس بالقوة على القطاع وطردت كبار ممثلي السلطة من هناك.

حسب التقارير، سيطر رجال السلطة على قوافل المساعدات في إطار خطة سرية، كانت مصر وربما إسرائيل متورطتين فيها. هذا جزء من محاولات ترسيخ سلطة بديلة لـ “اليوم التالي” في القطاع على فرض أنه سيكون بالإمكان هزيمة حماس والقضاء على سلطاتها المدنية. إذا كانت إسرائيل في الصورة، فثمة انحراف عن سياسة نتنياهو الرسمية، التي ترفض أي تعاون مع السلطة الفلسطينية في القطاع، وتعتبرها بديلاً سيئاً لحماس.

نشرت وسائل الإعلام الفلسطينية أن أجهزة حماس شخصت في الحادثين رجال السلطة الذين رافقوا القوافل – أطلقوا النار نحوهم، قُتل ضابطان في السلطة وأصيب ثمانية، وآخرون تم اعتقالهم. هذه أحداث أضيفت إلى أحداث سابقة قتلت فيها حماس رؤساء عشائر في شمال وجنوب القطاع بعد تورطهم في محاولة استيعاب قوافل المساعدات بتجاوز سلطتها. تبرز نتائج مهمة من هذه القضية: ستتبع حماس أي وسيلة محتملة للقضاء على أي بديل لسلطتها المدنية في القطاع، وتحاول السلطة الفلسطينية النبش وراء الكواليس حتى بثمن ضرب رجالها من قبل حماس.

---------------------------------------------

 

هآرتس 9/4/2024

 

 

سموتريتش: مشروعي الاستيطاني لا يعترف بـ”أرض محتلة”

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

حكومة الخراب تضحي بإسرائيل السيادية على مذبح مشروع الاستيطان. فأسياد البلاد منشغلون هذه السنة بقوة أعظم بشطب مكثف للخط الأخضر، اقتصادياً ومادياً، حتى في وقت الحرب.

مشاريع قوانين خطيرة ومثيرة للحفيظة دخلت إلى سجل القوانين. اثنان يقرران، لأول مرة، أن تحول أموال الأرنونا التي تجبيها بلدات إسرائيل إلى المستوطنات أيضاً، وكأنها بلدات شرعية. فحسب القانون الذي بادر إليه يعقوب اشير من “ديغل هتوراة”، يمكن لوزير الداخلية أن يأمر البلدات ذات المناطق الصناعية بتقاسم دفعات الأرنونا مع المستوطنات. بالتوازي، يقضي قانون صندوق الأرنونا لوزير المالية سموتريتش بأن يكون بوسع المستوطنات تلقيها الأموال من الصندوق الذي ملأته بلدات إسرائيل، دون أن تلزم بالتسديد. ويُبحث القانون هذه الأيام في محكمة العدل العليا.

تعمل الحكومة بلا كلل على تطبيع المستوطنات في ظل تشبيه ظروف المستوطنين بظروف عموم سكان إسرائيل وكأنه لا حديث يجري عن مناطق محتلة. فالوزير شلومو كرعي مثلاً طلب وحصل مؤخراً على أوامر من قائد المنطقة تقضي بفرض عقوبات على شركات خلوية لا تغطي 95 في المئة في المناطق. توظف وزارة المواصلات 50 مليون شيكل في توسيع التغطية الخلوية خلف الخط الأخضر. أما الوزيرة ميري ريغف فلم تتخلف عن المسيرة؛ إذ إن 20 في المئة من ميزانية خطة البنى التحتية في وزارة المواصلات موجهة لـ “المناطق”. كما أن خطة توسيع البناء بلغت في 2023 الأرقام الأعلى منذ اتفاق أوسلو.

حلم سموتريتش يتحقق: إقامة مديرية مدنية تحت سيطرته، تحل محل الإدارة المدنية التي تعمل تحت وزارة الدفاع. ستكون “مديريته” مسؤولة عن كل جوانب حياة اليهود في المستوطنات، من الطرق وحتى المحميات الطبيعية. وزير المستوطنات الجديد سينضم إلى وزيرة المستوطنات الحالية أوريت ستروك، التي تقف على رأس “وزارة المهمات الوطنية”. لقد أثبتت السنة الأخيرة بأن مهمة ستروك الأساسية هي تحويل ميزانيات طائلة إلى “المناطق” [الضفة الغربية]، على حساب السلطات الإسرائيلية. إضافة إلى ذلك، بوقاحة لا مثيل لها وفي ظل الحرب، في الوقت الذي قصقصت فيه ميزانيات عموم الوزارات الحكومية بـ 5 في المئة والميزانية المخصصة للمجتمع العربي بـ 15 في المئة، ارتفعت ميزانية ستروك التي تلقت علاوة 378 مليون شيكل. تبلغ ميزانيتها الآن 543 مليون شيكل.

الحكومة الحالية ليست الأولى التي تساعد “الاستيطان الفتي”، لكن السنة الأخيرة أثبتت بأنها حكومة فقدت الكوابح تماماً. إذا لم يتوقف المستوطنون، فسيواصلون تعميق السيطرة على الفلسطينيين، وتخريب إمكانية الوصول إلى حل إقليمي وتسريع مسيرة التدهور في مكانة إسرائيل في العالم لدرجة أن يجعلوها دولة منبوذة بلا حلفاء.

---------------------------------------------

 

صحيفة القدس 9/4/2024

 

 

إسرائيل: اوقفوا إطلاق النار، واعيدوا الرهائن، وغادروا غزة، وإعيدوا التفكير في كل شيء

 

 

بقلم: توم فريدمان

 

إسرائيل اليوم تقف عند نقطة استراتيجية في حربها على غزة، وهناك كل الدلائل على أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيختار الطريق الخطأ، ويأخذ إدارة بايدن في رحلة خطيرة ومقلقة للغاية. إنه أمر خطير ومثير للقلق إلى حد أن الخيار الأفضل أمام إسرائيل، بعد كل ما قيل وفعل، قد يكون ترك بقايا من قيادة حماس في السلطة في غزة. نعم، لقد قرأت ذلك بشكل صحيح.

لفهم السبب، دعونا ننظر إلى الوراء قليلا. لقد زعمت في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي أن إسرائيل ترتكب خطأً فادحاً بالاندفاع المتهور إلى غزو غزة، كما فعلت أميركا في أفغانستان بعد أحداث 11 سبتمبر. اعتقدت أنه كان ينبغي لإسرائيل أن تركز أولاً على استعادة رهائنها، ونزع الشرعية عن حماس بسبب هيجانها القاتل والجشع في 7 أكتوبر، وملاحقة قيادة حماس بطريقة مستهدفة - المزيد من ميونيخ، والأقل من دريسدن. أي ان رد فعل عسكري يشبه الطريقة التي تعقبت بها إسرائيل قتلة رياضييها في أولمبياد ميونيخ عام 1972، وليس الطريقة التي حولت بها الولايات المتحدة مدينة دريسدن إلى كومة من الأنقاض في الحرب العالمية الثانية.

لكنني فهمت أن العديد من الإسرائيليين شعروا بأن لديهم حق أخلاقي واستراتيجي وضرورة للذهاب إلى غزة وإزالة حماس "مرة واحدة وإلى الأبد". وفي هذه الحالة، كما قلت، ستحتاج إسرائيل إلى ثلاثة أشياء: الوقت، والشرعية، والموارد العسكرية وغيرها من الموارد من الولايات المتحدةوالسبب: أن الهدف الطموح المتمثل في القضاء على حماس لا يمكن أن يكتمل بسرعة (إذا حدث ذلك على الإطلاق)؛ فالعملية العسكرية ستنتهي بقتل مدنيين أبرياء، نظراً للكيفية التي حفرت بها حماس الأنفاق من تحتهم؛ وسيترك فراغاً أمنياً وحكومياً في غزة يجب أن تملأه السلطة الفلسطينية غير التابعة لحماس في الضفة الغربية، والتي يجب تطويرها وتحويلها لتتولى هذه المهمة.

باختصار، ستحتاج إسرائيل إلى خوض هذه الحرب بأقل قدر من الأضرار الجانبية التي تلحق بالمدنيين الفلسطينيين، وأن تصاحبها أفق سياسي لعلاقة جديدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مبنية على دولتين قوميتين لشعبين أصليين. إن القيام بذلك من شأنه أن يمنح إسرائيل فرصة لتقول للعالم إن هذه لم تكن حرب انتقامية أو احتلال، بل حرب للقضاء على الكيان الفلسطيني الذي كان يسعى لتدمير أي حل يقوم على دولتين – حماس – وخلق مساحة سياسية لإسرائيل. صفقة مع السلطة الفلسطينية، والتي لا تزال قائمةملتزمة باتفاق الدولتين. وكان هذا النهج سيحظى بالدعم والتمويل، وأعتقد أنه حتى قوات حفظ السلام التابعة للدول العربية المعتدلة مثل الإمارات العربية المتحدة.

ومن المؤسف أن نتنياهو وجيشه لم يتبعوا هذا المسار. لقد اختاروا المزيج الاستراتيجي الأسوأ: عسكرياً، اختاروا نهج دريسدن، الذي، على الرغم من أنه قد انتهى به الأمر إلى مقتل حوالي 13 ألف من مقاتلي حماس، فقد قتل أيضاً آلاف المدنيين الفلسطينيين، وترك مئات الآلاف من الجرحى والنازحين والمشردين - و مما أدى، بالنسبة للكثيرين في جميع أنحاء العالم، إلى نزع الشرعية عن ما اعتقدت إسرائيل أنها حرب عادلة. وعلى الصعيد الدبلوماسي، بدلاً من ربط استراتيجية الحرب هذه بمبادرة من شأنها أن تشتري لإسرائيل بعض الوقت والشرعية والموارد على الأقل لتفكيك حماس، رفض نتنياهو تقديم أي أفق سياسي أو استراتيجية خروج واستبعد صراحة أي تعاون مع السلطة الفلسطينية بأوامر من المتعصبين اليهود في ائتلافه الحاكم.

 

هذه استراتيجية مجنونة تمامًا.

 

لقد دخلت إسرائيل في حرب لا يمكن كسبها سياسيا، وانتهى بها الأمر إلى عزل أمريكا، وتعريض مصالحنا الإقليمية والعالمية للخطر، وتقويض دعم إسرائيل في الولايات المتحدة، وتكسير قاعدة الحزب الديمقراطي للرئيس بايدن.

والتوقيت فظيع حقًا. لقد انتهى فريق السياسة الخارجية لبايدن، بقيادة وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، للتو من وضع مسودة اتفاق استراتيجي جديد مع المملكة العربية السعودية - بما في ذلك برنامج نووي مدني وأسلحة متقدمة وعلاقات أمنية أعمق بكثير. أخبرني مسؤول كبير في إدارة بايدن أن الصفقة يمكن إتمامها في غضون أسابيع – ولكن تقف على عنصر واحد. .فهو يتوقف على تطبيع المملكة العربية السعودية العلاقات مع إسرائيل مقابل إنهاء إسرائيل للحرب في غزة، والخروج من القطاع والموافقة على “مسار” محدد لتحقيق حل الدولتين – مع مقاييس واضحة فيما يتعلق بما تقوم به كل من إسرائيل والضفة الغربية. سيكون نتوقف  على ماذا ستفعل إسرائيل و السلطة الفلسطينية وضمن اي اطر زمنية.

إننا نتحدث هنا عن صفقة تغير قواعد اللعبة ـ وهي على وجه التحديد الصفقة التي شنت حماس المدعومة من إيران هذه الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من أجل تقويضها، لأنها كانت ستؤدي إلى عزل إيران وحماس. لكن الحرب في غزة يجب أن تنتهي أولاً، وتحتاج إسرائيل إلى حكومة جاهزة للشروع في مسار حل الدولتين.

الذي يأخذنا إلى هذه مفترق الطريق. أفضّل أن تغير إسرائيل مسارها على الفور.أي الانضمام إلى إدارة بايدن في تبني هذا المسار نحو اتفاق الدولتين الذي من شأنه أن يفتح الطريق أمام التطبيع السعودي ويمنح أيضًا غطاءً للسلطة الفلسطينية والدول العربية المعتدلة لمحاولة إقامة حكم غير حماس في غزة في إسرائيل. مكان. و- كما حث فريق بايدن نتنياهو سراً – أن ينسوا تماماً أمر غزو رفح ويستخدموا بدلاً من ذلك نهجاً مستهدفاً للقضاء على بقية قيادة حماس.

وحتى لو كانت إسرائيل عازمة على تجاهل النصيحة الأمريكية، فإنني أدعو الله ألا تحاول غزو رفح ورفض تدخل السلطة الفلسطينية في مستقبل غزة. لأن ذلك سيكون بمثابة دعوة لاحتلال إسرائيلي دائم لغزة وتمرد دائم لحماس. ومن شأنه أن ينزف إسرائيل اقتصاديا وعسكريا ودبلوماسيا بطرق خطيرة للغاية. خطير للغاية لدرجة أنني أعتقد أن إسرائيل ستكون في وضع أفضل في الواقع لو تقبل بالموافقة على مطلب حماس بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة ووقف إطلاق النار والصفقة الشاملة - جميع الرهائن الإسرائيليين مقابل جميع السجناء الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل. بمعنى آخر، إذا لم تكن إسرائيل راغبة في الدخول في شراكة مع السلطة الفلسطينية والدول العربية المعتدلة لإنشاء حكم مختلف في غزة، وتهيئة الظروف لتطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية، فإن إسرائيل بحاجة إلى استعادة رهائنها، وإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة. ، اخرجوا من غزة، وأجروا انتخابات جديدة وأعيدوا التفكير بعمق.

من فضلكم يا إسرائيليين، لا تنجرفوا إلى رفح وتحتلوا غزة بشكل دائم. ستكون كارثة.

“فريدمان، هل تقصد أنك ستسمح لحماس المهزومة عسكريا وزعيمها القاتل يحيى السنوار بأن يحكموا غزة مرة أخرى؟”

نعم على المدى القريب. وكما قلت، هذا ليس خياري المفضل. ذلك لأن نتنياهو لم يترك لإسرائيل أي خيار آخر. وهو يرفض أن تحكم القوات الإسرائيلية غزة، ولن يجلب السلطة الفلسطينية. وهذا لا يترك سوى خيارين: أن تتحول غزة إلى أرض عصابات شبيهة بالصومال على البحر الأبيض المتوسط؛ أو غزة متماسكة مع بعض تحت حكومة حماس الواهية.

لو كنت مكان إسرائيل، لفضلت حماس الضعيفة على الصومال، وذلك لسببين.

ليس لدي أي أوهام بأنه في الصباح التالي لبدء وقف إطلاق النار وخروج السنوار، سوف يهتف له البعض بشدة بسبب الأذى الذي ألحقه بإسرائيل. لكن في صباح اليوم التالي، سيواجه السنوار استجوابًا وحشيًا من سكان غزة: أين منزلي، أين وظيفتي، من أعطاك الحق في تعريض أطفالي للموت والدمار؟

إنها أفضل عقوبة يمكن أن أتخيلها للسنوار. ودعه يتحمل كل متاعب غزة التي أدى إلى تفاقمها بشكل متهور – وليس إسرائيل. الفلسطينيون وحدهم هم من يستطيعون نزع شرعية حماس، وعلى الرغم من أن الأمر لن يكون سهلاً، وسوف تقتل حماس أي شخص يحاول الوصول إلى السلطة، إلا أننا هذه المرة لن نتحدث عن مجرد حفنة من المنشقين.

كتبت أميرة هاس، مراسلة صحيفة هآرتس المطلعة على الشؤون الفلسطينية، مؤخرًا قصة بناءً على مقابلات هاتفية مع سكان غزة، بعنوان: ""الناس يلعنون السنوار باستمرار": سكان غزة الذين يعارضون حماس متأكدون من أنهم الأغلبية".

وجاء في نصها: “العربة التي يجرها الحمار المليئة بالناس والفرشات هي أحد مشاهد الحرب على غزة والحصار الحالي. «أكثر من مرة، سمعت صاحب عربة يحث حماره ويقول شيئًا مثل: تحرك يا يحيى السنوار، تحرك »، يقول باسل (اسم مستعار، كما استخدمته للجميع في هذا المقال). ... نعم، إسرائيل تقصف وتقتل، يقول باسل، لكنه يرفض إعفاء حماس من المسؤولية عن الكارثة التي حلت بسكان غزة. "الناس يلعنون السنوار باستمرار، لكن هذا لا ينعكس في تقارير الصحفيين"، كما يقول باسل: "أعلم أنني أتحدث نيابة عن الكثير من الناس". “من حقي أن أتكلم، ولو لأنني واحد من الملايين الذين تقامر حماس بحياتهم من أجل شعارات مجنونة لا أساس لها من الواقع”

في الوقت الحالي، إذا حدث ذلك، عندما تخرج إسرائيل من غزة وتستعيد رهائنها، فإن فريق بايدن يتحدث بالفعل مع مصر حول العمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة وإسرائيل لضمان عدم قدرة حماس على تهريب أنواع الأسلحة التي هربتها سابقا على الحدود بين مصر وغزة. ويمكن لإسرائيل أن تقول إنه سيتم تسليم كل أوقية من الغذاء والدواء التي يحتاجها سكان غزة، بالإضافة إلى أكياس الأسمنت لإعادة البناء من البلدان التي قد ترغب في المساعدة. ولكن إذا تم العثور على أوقية واحدة مخصصة لحفر أنفاق هجومية جديدة، أو إعادة بناء مصانع الصواريخ، أو استئناف الهجمات الصاروخية على إسرائيل، فإن الحدود ستغلق. ومرة أخرى، دع السنوار يتعامل مع هذه المعضلة: اما سيعود إلى أساليب حماس القديمة ويقوم بتجويع شعبه – أو يحافظ على وقف إطلاق النار.

والسبب الثاني هو أن سكان غزة لن يقتصروا على ملاحقة السنوار وحماس. ويدرك الكثير من الفلسطينيين أن السنوار شن هذه الحرب بشكل ساخر لأنه كان يفقد نفوذه أمام الفصائل الأكثر اعتدالاً في حماس وأمام خصمه اللدود، حركة فتح السياسية، التي تدير السلطة الفلسطينية في رام الله. كما كان ايضا يخشى من هذه الصفقة المحتملة بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية والفلسطينيين.

وكما قال حسين إيبش، الخبير في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، والذي قدم بعض التحليلات الأكثر وضوحاً لهذه الحرب منذ البداية، في مقال نشر مؤخراً في صحيفة ديلي بيست، فإن حماس أرادت إثارة رد فعل إسرائيلي واسع النطاق على هذه الحرب. 7 أكتوبر جزئيًا لمحاصرة فتح. وكتب: "إن موجة المشاعر القومية والغضب المشترك إزاء القتل الجماعي ومعاناة 2.2 مليون مدني فلسطيني في غزة أسكتت القادة الوطنيين مثل الرئيس محمود عباس (وهو أيضًا رئيس منظمة التحرير الفلسطينية) في الاعتراف علنًا بسخرية حماس المذهلة".

ولكن الآن، كما يشير إيبيش، فقد تم خلع القفازات: فعندما اشتكت حماس من قرار السلطة الفلسطينية بتعيين رئيس وزراء جديد، دون مساهمة حماس، ردت فتح ببيان أشارت فيه إلى أن حماس لم تستشر أحداً قبل إطلاق "مغامرة في 7 أكتوبر/تشرين الأول". أدى ذلك إلى نكبة أشد وطأة من نكبة 1948”."النكبة" تعني الكارثة.

واختتم إيبيش بالقول: "إذا تكررت هذه الاتهامات - كما ينبغي بالتأكيد أن تكون يوميًا، إن لم يكن كل ساعة - فقد تؤدي إلى إنشاء هيكل تصاريح للفلسطينيين العاديين في كل مكان، وخاصة في غزة، للبدء بسؤال أنفسهم بصدق عن سبب تصرف حماس على هذا النحو في 7 أكتوبر دون النظر لتأثير ذلك على أهل غزة أو القيام بأي استعدادات مهما كانت لهم”.هذه الديناميكية هي الطريقة الوحيدة لتهميش حماس والجهاد الإسلامي - من خلال تشويه الفلسطينيين أنفسهم لسمعة هذه الجماعات على حقيقتها: وكلاء مجنونون وقاتلون لإيران، التي تواقف قيادتها للتضحية بأرواح الفلسطينيين التي لا نهاية لها لتحقيق طموحها في الوصول الى الهيمنة الإقليمية. وإذا لم يتمكن الفلسطينيون من القيام بذلك أو لم يرغبوا في ذلك، فلن يحصلوا على دولة أبدًا.

مجرد كلمة مختصرة عن إيران. وكما كنت أخشى، فقد لعبت إسرائيل لصالحها بشكل جميل من وجهة نظر طهران. .فمن خلال غزو غزة دون خطة لليوم التالي، في حين أنها تحتل الضفة الغربية أيضًا، أصبحت إسرائيل الآن منهكة عسكريًا واقتصاديًا ومعنويًا - في حين تصرف الانتباه عن حقيقة أن إيران تعمل على تسريع برنامجها النووي وتوسيع نفوذها كأكبر قوة احتلال في العالم. في الشرق الأوسط اليوم تسيطر إيران بشكل غير مباشر على مساحات كبيرة من خمس دول أو أراضٍ عربية (لبنان وسوريا والعراق واليمن وجزء من غزة) باستخدام وكلاء محليين على استعداد لبيع شعوبهم لصالح إيران. لقد ساعدت إيران في إبقاء كل كيان عربي في حروب ممزقة أو فاشلة. ومن خلال وضع نفسي في مكانة مقابل الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والاحتلال الإيراني للبنان وسوريا والعراق واليمن. إن شجب "الاستعمار" الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية وتجاهل "استعمار" الحرس الثوري الإيراني في خمسة مراكز قوة عربية هو أمر غير أمين على الإطلاق. قائد الحرس الثوري الإيراني الذي قتلته إسرائيل في سوريا الأسبوع الماضي لم يكن هناك بتأشيرة سياحية..

لدى الرئيس بايدن خطة: التوصل إلى وقف لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع وإطلاق سراح الرهائن.وبعد ذلك، كجزء من حزمة التطبيع السعودية، سيخرج الرئيس بمبادرة سلام جريئة، ما وصفها خبير عملية السلام الإسرائيلي غيدي غرينشتاين بـ “المزيد مقابل المزيد” – المزيد من الأمن والتطبيع مع الدول العربية أكثر مما عرض على إسرائيل في أي وقت مضى. والمزيد من المساعدات العربية والأمريكية للفلسطينيين لتحقيق دولة لم يسبق لهم أن شهدوها من قبل. ونأمل أن تتمكن مثل هذه المبادرة من حث الجميع على جعل وقف إطلاق النار دائماً، وزيادة تهميش حماس وإيران.

لقد قرأت جميع المقالات حول كيف أصبح حل الدولتين مستحيلاً الآن. وأعتقد أنهم على حق بنسبة 95 في المئة. ولكنني سأركز على احتمال أن يكونوا مخطئين بنسبة 5%، واحتمال أن تتمكن القيادة الشجاعة من جعلهم مخطئين. لأن البديل هو حرب مؤكدة 100% إلى الأبد، بأسلحة أكبر وأدق ستدمر المجتمعين.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق