04 آيار 2024 الساعة 00:23

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاثنين 8/4/2024 العدد 981

2024-04-09 عدد القراءات : 148

  الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

يديعوت أحرونوت 8/4/2024

 

الحرب على غزة أعادت التكنولوجيا العليا في إسرائيل سنوات إلى الوراء

 

 

بقلم: إسرائيل فيلمان

 

انخفاض بمعدل 30 في المئة في الاستثمارات وفي عدد المستثمرين الأجانب في التكنولوجيا العليا الإسرائيلية، مع تحول في موقف العاملين في التكنولوجيا في العالم تجاه إسرائيل – هذا هو أهم ما ورد في تقرير معهد Rise Israel عن آثار حرب “السيوف الحديدية” [طوفان الأقصى] على التكنولوجيا العليا الإسرائيلية بعد نصف سنة. ومعهد Rise Israel  معهد للبحوث والسياسة يرأسه يوجين كندل، الذي كان رئيس المجلس القومي للاقتصاد، ومديره العام اوري غباي، نائب مدير عام سابق للاستراتيجية في سلطة الحداثة.

حسب التقرير المقلق، فإنه إلى جانب الاستثمارات في شركات تكنولوجية إسرائيلية، التي انخفضت دراماتيكياً بالنسبة لنصف السنة ما قبل الحرب، سجل أيضاً انخفاض بمعدل 23 في المئة في عدد المستثمرين الأجانب. وسجل إلى جانب هذا الانخفاض انخفاض أكبر بمعدل 30 في المئة في عدد المستثمرين الإسرائيليين.

بلغ إجمالي الاستثمارات في التكنولوجيا العليا في الربع الأخير 1.6 مليار دولار – الوتيرة الأدنى منذ 2015. نصف الاستثمارات كانت في 6 شركات فقط، جندت 100 مليون دولار فأكثر. دون هذه الشركات، كان إجمالي الاستثمارات يبلغ 864 مليون دولار فقط.

ويشير التقرير إلى أن الموقف الإيجابي للعاملين والمستثمرين في التكنولوجيا العليا العالمية، الذي ارتفع في صالح إسرائيل بعد 7 أكتوبر، انخفض جداً، وبعد شهرين من ذلك بات واضحاً انعكاس حاد للميل.

سعى واضعو التقرير لفحص تأثير الحرب على الشركات التكنولوجية في “كريات شمونا” التي أخلاها سكانها، حيث شركات في مجالات علوم الحياة، والزراعة، والأغذية والتنظيف، والتي لبعضها مختبرات بل ومنشآت إنتاج. كلها تبلغ عن نفقات عالية، خصوصاً بسبب الحاجة للانتقال إلى بلدات أخرى في فترة الحرب.

قبل أكثر من أسبوع نشرت منظمة “ستارت أب نيشن” تقريراً خاصاً عن الفترة إياها، كانت استنتاجاته أكثر تفاؤلاً؛ حين قالت إنه على الرغم من عدم نمو فروع التكنولوجيا ولكنها تؤدي مهامها: وتيرة الاستثمارات استقرت عند نصف مليار دولار في الشهر منذ بدأت الحرب. وبلغت التجنيدات المالية 3.1 مليار دولار في 220 جولة، ومنذ بداية الحرب بيعت 9 شركات بـ 100 مليون دولار فأكثر.

وحسب مدير عام معهد Rise Israel اوري غباي، فاقمت الحرب أزمة التكنولوجيا العليا الإسرائيلية التي بدأت مع الإبطاء العالمي، وتعمقت مع الإصلاح القضائي. وعلى حد قوله، هذه ميول تعيد التكنولوجيا العليا الإسرائيلية سنوات إلى الوراء في ظل تعلق متزايد بشركات قليلة تجند مالاً ذا مغزى. ويشير غباي إلى الضرر الذي لحق بصورة الدولة: علينا أن نتذكر بأن التكنولوجيا الإسرائيلية تعتمد في معظمها على الاستثمارات الأجنبية. وبقدر ما يخشى المستثمرون الأجانب الاستثمار في إسرائيل، فمن شأننا أن نتدهور إلى درك يصعب علينا الانتعاش منه.

---------------------------------------------

هآرتس 8/4/2024

 

ما حققه نتنياهو في 6 أشهر لم تحققه الـ BDS في 20 سنة

 

 

بقلم: عكيفا الدار

 

من يتذكر أن مجلس الأمن قرر قبل حوالي أسبوعين بأن على إسرائيل وقف إطلاق النار في القطاع؟ لا يجب على أي أحد أن يقول لنا متى وكيف ننهي الحرب، ومن سيحكم (أو لا يحكم) قطاع غزة في اليوم التالي. ماذا لو لم يرفع الرئيس الأمريكي يده ضد القرار؟ إسرائيل ليست جمهورية موز. حتى قبل ثماني سنوات، لم تلعب الولايات المتحدة دورها، إنقاذ إسرائيل من مشكلات في الأمم المتحدة، ولم يحدث شيء. رفض الرئيس في حينه، باراك أوباما، استلال سلاح الفيتو ضد القرار 2334، الذي طالب إسرائيل بوقف البناء في المستوطنات. ولكن هناك فرقاً كبيراً بين الأمرين، يجسد الفجوة السياسية الكبيرة التي يأخذنا نحوها “عازف الناي” (نتنياهو) منذ 8 تشرين الأول.

طرح القرار 2334 للتصويت في العام 2016، بمبادرة أربع دول أعضاء في المجلس، نيوزيلاندا، السنغال، فنزويلا وماليزيا. مشروع القرار الذي يطالب وقع على وقف إطلاق النار في غزة (القرار 2728)، عشر دول، من بينها اليابان وكوريا الجنوبية وسويسرا. قبل ثماني سنوات، رد نتنياهو باستدعاء السفراء في ويلينغتون وداكار من أجل التشاور (لا يوجد لإسرائيل علاقات دبلوماسية مع فنزويلا وماليزيا)، هذه المرة ابتلع الإهانة. لم يسمح لنفسه بإعادة السفراء من طوكيو وسيئول وبيرن.

كانت هناك أوقات ضجت فيها البلاد كلما هددت دولة صغيرة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. منذ بداية الحرب في غزة، لا يمر أسبوع إلا وتعلن فيه دولة أوروبية بأنها تفحص الاعتراف بالدولة الفلسطينية. بعد بريطانيا وفرنسا وأيرلندا وسلوفينيا ومالطا، عرفنا أن إسبانيا ستنفذ هذه الخطوة حتى تموز. لا يبدو أن مدريد تأثرت من رد الكنيست المثير للشفقة، التي قررت معارضة الاعتراف أحادي الجانب بالدولة الفلسطينية، وكأن في الكنيست أغلبية للاعتراف المتبادل.

في منشور على “فيسبوك” في إطار تسويق كتاب رجل اليمين عكيفا بايغمان “كيف حول نتنياهو إسرائيل إلى إمبراطورية” (إصدار سيلع مئير، 2019)، كتب نتنياهو: “لعدم وجود أي احتمال لأن تسمعوا عنه في وسائل الإعلام، ها أنا أعرض عليكم الفقرة الأخيرة فيه”. فيما يلي ملخص الاقتباس الذي تم اختياره: “مع مرور الوقت وتراجع غبار السياسة وصغائر الأمور، سيحتل نتنياهو مكانه في التاريخ كأحد القادة الثلاثة الكبار الذين عرفهم الشعب اليهودي في العصر الحديث إلى جانب هرتسل وبن غوريون”. نتنياهو أرادنا أن نعرف بأنه “قاد إسرائيل في أوضاع معقدة أمام الأعداء، وبنى الجسور والتحالفات، وسار بها نحو مستقبل مجيد”.

هاكم قائمة (جزئية) للجسور التي تمكن الإمبراطور من هدمها والتحالفات التي نجح وريث هرتسل وبن غوريون في تفكيكها. حقق في ستة أشهر ما لم تحققه “بي.دي.اس” في عشرين سنة، حسب تعبير المدمن على الإعلام. لن تسمعوا عن ذلك في القناة 14، ولن تسارع “قنوات الذعر” إلى نقل مثل هذه الأخبار المملة.

 

·        قرر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على مستوطنين عنيفين، تشمل تجميد ممتلكات وحظر السفر إلى دول الاتحاد. وسيحظر على مواطني الاتحاد أي علاقات تجارية مع هؤلاء المستوطنين.

·        علقت بوليفيا العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل. وخفضت تشيلي وكولومبيا وتشاد والهندوراس وتركيا والأردن مستوى العلاقات.

·        علق الاتحاد الإفريقي عملياً مكانة المراقب لديه.

·        علقت كولومبيا شراء السلاح من إسرائيل. وشركات إسرائيلية لم تشارك في معرض السلاح في كولومبيا وتشيلي.

·        علقت الحكومة الإقليمية لفالونيا في بلجيكا رخصاً لتصدير السلاح إلى إسرائيل.

·        علق الحزب الحاكم الرئيسي في إسبانيا وأحزاب أخرى تجارة السلاح مع إسرائيل. ولجنة الخارجية في البرلمان صوتت مع وقف الاتجار بالسلاح مع إسرائيل.

·        أعلنت الحكومة الأردنية عن تأجيل صفقة “الكهرباء مقابل المياه” مع إسرائيل.

·        عدد من صناديق التقاعد في الدانمارك استثنت شركات إسرائيلية وسحبت الاستثمارات منها، بما في ذلك البنوك المتورطة في نشاطات في المستوطنات.

·        صوت البرلمان في كندا لصالح وقف تصدير السلاح لإسرائيل، وأكثر من 130 عضواً في البرلمان البريطاني طلبوا حظر بيع السلاح لإسرائيل.

·        قطعت مدينة برشلونة كل علاقاتها مع إسرائيل.

·        أعلن مجلس مدينة غانت في بلجيكا بأنه لن يشتري من شركات تكسب من منظومة الاحتلال وقمع الفلسطينيين.

·        صوتت بلدية هايفرد في كاليفورنيا مع سحب الاستثمارات من أربع شركات تشارك في خروقات إسرائيلية لحقوق الإنسان والقانون الدولي.

·        مرر   120 مجلس بلدي في الولايات المتحدة قرارات تطالب بوقف إطلاق النار.

·        شركتان كبيرتان في اليابان، نيبون اير كرفت سابلاي وايتوتشو، قطعتا علاقاتهما مع منتجة السلاح “البيت”، ومجلس الاستثمارات في ولاية فيسكونسن قام ببيع جميع أسهمه في “البيت” (8083 سهماً) التي كانت تمتلكها. بنك “اوف أمريكا” تخلص من نصف أسهم الشركة. بين الربع الثالث والرابع في العام 2023 قلص بنك “سكوتيا”، المستثمر الأجنبي الأكبر في “البيت”، أسهمه 16 في المئة.

·        نقابات العمال في موانئ بلجيكا والهند وكتالونيا وإيطاليا واليونان وتركيا وكاليفورنيا وجنوب إفريقيا، اتخذت خطوات ضد السفن الإسرائيلية أو إرساليات السلاح لإسرائيل. وحظرت الحكومة الماليزية على سفن بملكية إسرائيلية الرسو في موانئها.

·        خمس جامعات في النرويج علقت اتفاقات التعاون مع جامعات إسرائيلية؛ وقرر مجلس كلية الحقوق في جامعة انتويرب وقف اتفاق التعاون مع جامعة بار إيلان؛ وقررت جامعة تورينو قطع علاقاتها مع مؤسسات بحث إسرائيلية، وألغت كل من “الشريكة في الإبادة الجماعية” والجامعة الفيدرالية لسيارا (البرازيل) “تحدي الابتكار – البرازيل إسرائيل”؛ وصوتت نقابة الكادر في جامعة مونتريال التي تمثل نحو 1400 من أعضاء الكادر، بالإجمال مع مقاطعة الجامعات الإسرائيلية؛ وصوت مجلس الأمناء في جامعة ميتشيغان لصالح سحب الاستثمارات من إسرائيل.

·        اللجنة الإدارية في الاتحاد الأوروبي للجمباز قررت عدم استضافة تل أبيب في بطولة أوروبا للجمباز الفني في العام 2025.

·        4 آلاف فنان من المثليين تعهدوا بعدم عرض أعمالهم في إسرائيل. 10 من المنتجين السينمائيين انسحبوا من مهرجان أفلام المثليين الذي يُعرض برعاية إسرائيل. وأعلنت شركة ملابس الرياضة الألمانية “بوما” أنها لن تجدد العقد مع اتحاد إسرائيل لكرة القدم.

·        الحكومة الأيرلندية قررت سحب مليوني يورو من الاستثمارات في شركات إسرائيلية كبيرة تقدر قيمتها بـ 2.95 مليون يورو.

·        ماكدونالدز العالمية أعادت شراء الـ 225 مطعماً لها في إسرائيل من صاحب الامتياز المحلي.

كيف تتعاملون مع هذا الصدع العميق في العلاقات مع كل العالم، وتعيدون المخطوفين، وتقاطعون قناة “الجزيرة”، الشبكة التلفزيونية التابعة لرجل الاتصال مع حماس؟

---------------------------------------------

إسرائيل اليوم 8/4/2024

 

هل بدأت إسرائيل تخشى إصدار “لاهاي” أمراً بوقف الحرب؟

 

 

بقلم: نتعئيل بندل

 

فريق الدفاع الإسرائيلي في لاهاي قلق من حقيقة أن صوتين فقط من بين 16 من أعضاء الهيئة القضائية قد رجحا الكفة للامتناع عن إصدار أمر احترازي لوقف الحرب بناء على الطلب الثالث-جنوب إفريقيا.

قرر سبعة قضاة في رأي أقلية بأن على إسرائيل وقف القتال في غزة، وأن القتال ينتهك أوامر سابقة للمحكمة بشأن واجب إسرائيل الحرص على الوضع الإنساني لسكان غزة. في هذه الأثناء، تمتنع الحكومة منذ فترة طويلة عن أمر الجيش التقدم إلى رفح واستكمال تصفية حماس، وتعتقد المستويات القانونية بأن الائتمان السياسي ينفد وأنه رغم تصدي المستوى العسكري لأمر كهذا، فإنه سيصعد الضغط الدولي.

في كانون الثاني من هذا العام، امتنعت المحكمة عن إصدار أمر بوقف القتال، بل ولم تكن قريبة من هذه الإمكانية، وهو قرار فسر كإنجاز قانوني لإسرائيل مع حد أدنى من الضرر.

وقالت مصادر قانونية في حينه للمستوى السياسي، إن وضع إسرائيل القانوني في لاهاي آمن، وإنه من شبه اليقين سيرفض الادعاء الأساس وليس فقط طلبات أوامر احترازية. بعد شهر من ذلك، تقدمت جنوب إفريقيا مرة أخرى بطلب إصدار أمر احترازي لوقف الحرب، بدعوى أن الوضع على الأرض يتفاقم، فردت المحكمة هذه الطلبات أيضاً.

لكن سبعة قضاة أيدوا الخميس الماضي وقف الحرب، والوضع الإنساني في غزة يتفاقم في اختبار النتيجة، ووقف القتال وحده هو ما يوقف تدهوره. صحيح أن الطلب رد بأغلبية تسعة قضاة، ولكن الكثير منهم انتقدوا الوضع الإنساني في غزة. يعتقد كل من فريق الدفاع الإسرائيلي في لاهاي، ومكتب المستشارة القانونية للحكومة ووزارة الخارجية، أنه كلما كان الأمر الاحترازي أقل تفصيلاً مكن إسرائيل من تفسيره بأشكال تريحها. مثل: هل يعني وقف القتال خروج قوات الجيش من غزة كلها؟ وما هو حكم طاعة الأمر إذا ما استأنفت حماس هجمتها ضد إسرائيل؟ وتناولت هذا الموضوع القاضية الأسترالية في الهيئة، هيلاري تشارلز سفرت، التي كتبت الخميس الماضي بأن الأوامر السابقة ضد إسرائيل صيغت بغموض، بحيث سمحت لها بالشكل الذي ينبغي تفسيرها به. وعليه، قد يصدر أمر أكثر تفصيلاً هذه المرة، يقلص مدى التفسير الإسرائيلي.

أهرون باراك، عضو المحكمة، هاجم مواقف القضاة الآخرين وكتب بأنه كلما كانت الادعاءات حول اختبار النتيجة الإنسانية في غزة، وليس حول مسألة ما إذا عملت إسرائيل بشكل كاف، فإن منظمة حماس تكون مسؤولة عن الوضع الإنساني، لأنها تسيطر على المساعدات التي ترسل إلى غزة وتمنع وصول المواطنين إليها. وهكذا لن يكون ممكناً اتهام إسرائيل. وكتب باراك يقول إن “مفاتيح إنهاء الحرب في أيدي حماس”.

--------------------------------------------

 

هآرتس 8/4/2024

 

 

حين يساوي “المحرّض الأول” بين متظاهرين ضده ومتطرف موال ينفذ عملية دهس بحقهم

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

رغم محاولات لتشويه الحقيقة وفرض تماثل كاذب عليها، يبقى العنف السياسي في إسرائيل طريقاً باتجاه واحد: من اليمين إلى اليسار. لم يعد على الحائط متسع للعناوين التي تكتب عليها لتحذر من التهديد إياه: تحريض اليمين يقتل.

حاييم سيروتكين، مدرب كرة قدم ابن 52 الذي دهس متظاهرين ضد الحكومة في تل أبيب يطالبون بتحرير المخطوفين، أصاب خمسة منهم بجروح متوسطة وطفيفة. وفي مداولات حول تمديد اعتقاله، ادعى بأن دواسة البنزين علقت وأنه لم يقصد الدهس. يبدو أن ما علق بالرأس هو التحريض والتهييج الذي يتخذه قادة اليمين. فوزيرة المواصلات ميري ريغف، مثلت الموضوع جيداً؛ مع أنها شجبت الحالة لكنها لم تفعل إلا لنشر فرية الدم ضد المتظاهرين ضد رئيس الوزراء، زاعمة أنهم هم المعتدون، والضحية نتنياهو. غردت تقول “أشجب العنف من أي طرف كان: حدث الدهس الخطير هذا المساء، والمتظاهرون الذين يهاجمون قوات الأمن، وأولئك الذين حاولوا اقتحام منزل رئيس الوزراء بالمشاعل”.

لكن لماذا نلوم ريغف وقد مثّل نتنياهو هذا بصوته في مستهل جلسة الحكومة أمس، إذ قال: “أشجب كل مظهر للعنف في داخلنا، مثل أعمال الشغب، والإخلال بالقانون، ودهس المتظاهرين أو الاعتداء على الشرطة، والتحريضات المنفلتة والعنيفة للقتل في الشبكات الاجتماعية”. عندما يشبه نتنياهو بين مظاهرات ديمقراطية ودهس متظاهرين فإنه في واقع الأمر يبيح دهس المتظاهرين. التحريض جزء من جدول الأعمال الرسمي لهذه الحكومة. فالوزير دافيد أمسلم يواصل التحريض ضد المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهرب ميارا، ويسميها “عدوة الشعب”. والنائبة غاليت ديستل أتبريان دعت نتنياهو الأسبوع الماضي لإقالتها لأن “كل يوم تتولى فيه منصبها يشكل خطراً حقيقياً على حياتك وعلى دولة إسرائيل. ومن الأفضل ألا نستطرد في الكلام عن ابن نتنياهو العاق في ميامي. المحكمة وحدها مخولة بأن تقرر إذا كان سيروتكين مذنباً، لكن لا حاجة في المحكمة كي نعرف من المسؤولون عن إباحة دم المتظاهرين: كتلة التهييج برئاسة المحرض الرئيس نتنياهو بواسطة آلة السم التي تعمل على نحو متواصل.

نتنياهو والكهانيون ملزمون بالرحيل. كل من يتعاون معه في الوقت الذي يواصل فيه تحريض رجاله على عائلات المخطوفين وعلى من يتجرأ على الخروج ضد الحكومة الأكثر تسيباً في تاريخ الدولة، لا يمكنهم أن يتبرأوا عندما ينتهي التحريض بالدم والموت.

---------------------------------------------

يديعوت أحرونوت 8/4/2024

 

السنوار “على موقفه” ونتنياهو بين ضغط بايدن وانتظار المعجزة: هل انتهى الاجتياح البري؟

 

 

بقلم: ناحوم برنياع

 

بات هذا رسمياً الآن: بعد ستة أشهر من القتال، منها ثلاثة أشهر مراوحة، يخرج الجيش الإسرائيلي من غزة. لم يبق إلا لواء واحد في الفاصل الذي بين شمال القطاع ووسطه، ما يسميه الجيش “مقر نتساريم”، وستبقى قوات أخرى في قاطع من كيلومتر يمتد على طول خط الحدود، داخل أراضي القطاع، لكن الخطوة البرية التي شغلت في ذروتها خمس فرق ونصف، انتهت.

بقيت رفح، الجيب الحماسي، محوطاً بدرع بشري من 1.3 مليون مدني، بينهم 133 مخطوفاً إسرائيلياً. يقول التقدير الأخير إن نحو نصف المخطوفين لا يزالون على قيد الحياة. العدد يتغير من يوم لآخر. للأسف، يتغير سلباً.

أمنية أصحاب القرار أن تتحرك جموع الغزيين الآن من رفح إلى خانيونس فيخلوا رفح لهجوم إسرائيلي. أمريكا تبارك، والعالم يسلم. مثل كل الأماني في الحرب، هذه أيضاً لا تأخذ بالحسبان الواقع في غزة ولا وضعنا في العالم. إسرائيل تعمل أمام أسوار من عدم الثقة.

في الأشهر الستة من حرب غزة لم نحقق أياً من الأهداف التي طرحناها في بدايتها، لا الأهداف الطموحة، الخيالية، التي عرضها نتنياهو، ولا الأهداف الأكثر واقعية التي عرضتها قيادة الجيش. لم نبد حماس، ولم نسقط حكمها، ولم نوقف النار في غلاف غزة والجليل، ولم نعد المخطوفين والمخلين إلى بيوتهم. 20 من 24 كتيبة لحماس فككت. وقتل معظم رجالهم أو حبسوا، وتعرضت أذرع حكمها لضربة قاسية. إنجازات الحرب هذه اكتسبت بدماء نحو 250 من مقاتلي الجيش الإسرائيلي الذين قتلوا، بموت ما بين 25 ألفاً إلى 35 ألف مواطن غزي، بضائقة غذاء ومعيشة لمئات الآلاف وبدمار معظم المنطقة المبنية في القطاع. الضرر الذي لحق مكانة إسرائيل في العالم جسيم جداً. في 7 أكتوبر فقدت إسرائيل قوة ردعها؛ فقدتها في نظر الأعداء والأصدقاء، فقدتها لدرجة الخطر على وجودها. إعادة الردع، وليس الدافع للثأر، بررت رداً عسكرياً قاسياً على حماس. فهل استعدنا ما فقدناه في أشهر القتال الستة، لست واثقاً، لكن قبل أن أفعل ما فعله إيهود باراك وأجمل الحرب بكلمة صارخة “هزيمة”، أعود إلى صباح 7 أكتوبر. لو كان باراك رئيس الوزراء ماذا قرر؟ وماذا عن رابين وشامير وشارون أو أولمرت؟ ماذا كان سيقرر آيزنكوت؟ الرد العسكري المكثف، بالقصف ثم على الأرض، كان محتماً.

الأماني التي ولدت في 7 أكتوبر شملت المجتمع الإسرائيلي كله. معاً ضُربنا، ومعاً سنرد الضربة. لكن إدارة الحرب تستوجب تفكيراً استراتيجياً. انكشف نتنياهو بكل عماه. من يدعي إبادة نظام يحكم أرضاً إقليمية وسكاناً، ملزم بإعادة نظام بديل. في غزة 5 آلاف شخص، وربما أكثر، كانوا يشاركون في إدارة القطاع، تحت السلطة. ظاهراً، أياديهم غير مضرجة بالإرهاب، وأسماؤهم مسجلة في إسرائيل. استخدم نتنياهو الفيتو ضد أي مبادرة تشركهم في ترتيب اليوم التالي.

لن يعترف بذلك، لكنه فضل الفراغ والفوضى في غزة. هناك من حذره: كل مكان في الشرق الأوسط تنشأ فيه فوضى، فالنتيجة سيطرة خارجية؛ كما في العراق ولبنان وسوريا واليمن. أما هو ففرض الاستماع. حتى بعد7 أكتوبر ما زال يرى في أبو مازن عدواً أخطر من حماس.

لقد عظمت الحرب الجيش الإسرائيلي في نظر الإسرائيليين: هذا طبيعي، خصوصاً بعد إخفاق 7 أكتوبر. وهذا تناقض غذته أفعال القدوة، والأوسمة، إلى جانب أخطاء كان محظوراً وقوعها. خط واحد يفضي من قتل المخطوفين الثلاثة بالخطأ إلى قتل سبعة عمال من منظمة الإغاثة بالخطأ أيضاً، وهذا الخط متمثل في: يد رشيقة على الزناد، وانعدام انضباط، وفقدان سيطرة، مع تدمير لا لزوم له وكذا سلب ونهب، وأشرطة استعراضية ألحقت ضرراً لإسرائيل في العالم. الأخطاء جزء من كل حرب. السؤال هو: كيف يعالجها الجيش؟ ضابطان نحيا عقب قتل سبعة عمال من الإغاثة. كانوا أجانب: الغرب كله حزن على موتهم. كلنا نعرف كيف كان هذا سينتهي لو كان السبعة غزيين.

حكومات في العالم تفضل الفصل بين نتنياهو وإسرائيل: نتنياهو مذنب دوماً؛ الإسرائيليون قابلون للإصلاح. هكذا مريح. الضغط الشخصي الذي يمارسه بايدن على نتنياهو ليس رقيقاً، لكنه فاعل: رغم تأخير أشهر، فتح نتنياهو أمس الباب لمساعدات إنسانية إضافية ووافق على توسيع التفويض في صفقة المخطوفين. في أشهر الانتظار الطويلة بين باريس، ووارسو والقاهرة والدوحة لم يتراجع السنوار. ثمنه معروف. إسرائيل هي التي تحركت إلى الأمام وإلى الوراء، على أمل حدوث معجزة تلغي الحاجة للحسم. لم تحصل المعجزة، لكن بايدن حصل. ورئيس الأركان انضم أمس إلى مؤيدي الصفقة أيضاً.

نتنياهو بشّر أمس بأننا على مسافة نحو “خطوة” قبل النصر. الويل للنصر، الويل للخطوة. لكن الاعتراف بالواقع الصعب نوع من النصر أيضاً: خروج الجيش الإسرائيلي من غزة هو خطوة في الاتجاه الصحيح.

---------------------------------------------

هآرتس 8/4/2024

 

وفق تسريبات.. للإسرائيليين: نتنياهو لا يريد “صفقة”.. يخدعكم مرة أخرى

 

 

بقلم: عاموس هرئيل

 

السبت خرج آخر جنود الجيش الإسرائيلي من خان يونس. بعد حوالي أربعة أشهر، انتهت الآن العملية العسكرية في المدينة، التي كان الجيش الإسرائيلي يراها الثانية من حيث الحجم منذ بداية الحرب. ضابط وثلاثة جنود من لواء الكوماندوز، الذين قتلوا ظهر أمس في مواجهة مع خلية مسلحة، سيكونون آخر القتلى الإسرائيليين في هذه المرحلة من الحرب. عملياً، لم تبق أي قوات عاملة للجيش الإسرائيلي في جنوب القطاع. يحتفظ الجيش بطاقم حربي لوائي واحد من لواء “الناحل” في القطاع، في الممر الذي يفصل القطاع شمالاً وجنوباً. بعض الألوية الأخرى موجودة خارج القطاع، وستدخل إليه لتنفيذ اقتحامات لمواقع عسكرية لحماس حسب الحاجة.

الجيش الإسرائيلي، ومعه نتنياهو، يبرزان الآن إنجازات معركة خانيونس، بسحق جزء كبير من الكتائب اللوائية الأربعة لحماس في المدينة، وقتل آلاف الأعضاء فيها، والمس بالقادة. يحدث هذا قريباً من نشر بيانات عن ستة أشهر من القتال (الجيش، بتقدير غير مبالغ فيه، يعتقد أنه قتل حوالي 12 ألف مخرب في الحرب). ولكن تجدر الإشارة إلى أن هدفي العملية الرئيسين في خانيونس لم يتحققا. قائدا حماس البارزان في القطاع، يحيى السنوار ومحمد ضيف، ما زالا على قيد الحياة حرّين. حتى إنه لم يتم إحراز أي اختراقة في عمليات التمشيط للبحث عن المخطوفين الإسرائيليين باستثناء إنقاذ اثنين من المخطوفين في رفح قبل حوالي شهرين.

وصل الجيش الإسرائيلي و”الشاباك” إلى الأنفاق التي يختبئ فيها السنوار طوال الحرب. وعثر فيها على غرف قيادة لحماس ووثائق شخصية وأدوات للسنوار، وغرف وأقفاص تم احتجاز المخطوفين فيها كـ “درع بشري”. منذ ذلك الحين، تحرك السنوار كما يبدو بين مواقع أخرى في منشأته التي تم حفرها تحت الأرض في خانيونس.

من المرجح الافتراض أن السنوار والضيف سيقتلان أو سيعتقلان في نهاية المطاف إزاء الجهود المستثمرة في ذلك. الرجل رقم 3 في المنظمة في القطاع، مروان عيسى، قتل إثر هجوم جوي الشهر الماضي، بعد أن تجاوز قواعد الأمان المشددة التي تبناها كبار قادة حماس. ربما ستكون هناك اختراقة أيضاً بشأن إنقاذ مخطوفين. ولكن يجدر قول الحقيقة للجمهور: القتل والدمار الهائلان اللذان تخلفهما قوات الجيش الإسرائيلي في القطاع مع خسائر غير قليلة في طرفنا، لا تقرب في هذه المرحلة تحقيق أهداف الحرب. يمكن ملاحظة التفكيك التدريجي لقدرات لحماس السلطوية والعسكرية، وليس هزيمة قريبة لها. لسنا على بعد خطوة من النصر، كما أكد أمس نتنياهو، بدون أي صلة بالواقع ورغم المعنويات العالية للقادة والجنود الذين بدون صلة بمواقفهم السياسية يشخصون التضليل.

إلى أين نحن ذاهبون؟ هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة: تصعيد آخر مع إيران وحزب الله عقب انتقام إيران على عملية اغتيال زاهدي، وتقدم مفاجئ في المفاوضات مع حماس حول صفقة تبادل أو عملية عسكرية جديدة في القطاع حيث التوجه الأساسي نحو اقتحام رفح (وثمة احتمالية بديلة، وهي مهاجمة بعض مخيمات اللاجئين في وسط القطاع). إضافة إلى النصر المطلق، يعد نتنياهو باحتلال رفح طوال الوقت. صحيح أنه جرت استعدادات عملياتية أولية لذلك، لكنها خطوة تحتاج لتركيز جديد للقوات في جنوب القطاع، وبالأساس استكمال خطة ضخمة لإخلاء 1.4 مليون شخص من المدنيين، يتجمعون الآن في المدينة.

أخلى الجيش الإسرائيلي معظم سكان شمال القطاع بالقوة في نصف السنة الأخير، وبعد ذلك سكان خان يونس نحو الجنوب. الانسحاب من خان يونس سيمكن انتقال المدنيين من رفح إلى الشمال نحو خان يونس بدون إزعاج. ولكن يبدو أن إسرائيل لا تتعامل بجدية كافية مع تغير مواقف الدول الغربية من إمكانية احتلال رفح. الإدارة الأمريكية لا تتردد في إعلان معارضتها لذلك. في الأسابيع الأخيرة، جرت محادثات بين جهات رفيعة أمريكية وإسرائيلية حول خطط الجيش الإسرائيلي في رفح. في محادثة مع وزير الدفاع غالنت، تمت مناقشة تفاهمات محتملة؛ يبدو أن محادثة “الزوم” مع مقربين من رئيس الحكومة، وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ومستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، كانت متوترة أكثر.

تحفظ الغرب لا يستند فقط إلى الخوف على سكان رفح. هناك انتقاد آخذ في الازدياد بشأن السياسة الإنسانية التي تتبعها إسرائيل والأضرار التي تتسبب بها لسكان القطاع. في الوقت الذي تنفذ فيه إسرائيل الرسمية سياسة تجويع في القطاع، تحول المجتمع الدولي إلى منتقد أكثر. قصف قافلة السيارات في الأسبوع الماضي الذي قتل فيه سبعة من عاملي منظمة إغاثة أجنبية بنار مسيرة إسرائيلية، سيؤدي الآن إلى مزيد من الضغط على إسرائيل لإزالة الاختناقات في نقل المساعدات. حين تستكمل إقامة الرصيف الأمريكي في جنوب مدينة غزة، فالهدف هو نقل 2 مليون وجبة في اليوم إلى القطاع عبر البحر.

تفويض للاستماع

المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس حول صفقة تبادل استؤنفت أمس عند ذهاب بعثة إسرائيلية أخرى للمحادثات في القاهرة مع ممثلي دول الوساطة، الولايات المتحدة ومصر وقطر. وقبل المحادثات، قدمت مصادر سياسية وأمنية إحاطة لوسائل الإعلام الإسرائيلية وكأن مجلس الحرب قرر إعطاء تفويض أوسع للبعثة بعد فترة طويلة قيد فيها نتنياهو طبيعة المفاوضات. والولايات المتحدة التي تستخدم ضغطاً كبيراً على الطرفين للتقدم نحو إنهاء الصفقة، تبث رسائل متفائلة.

هذه تسريبات من الجدير أن تؤخذ بدرجة من التشكك. عملياً، تعلمنا التجربة أن البعثات الإسرائيلية الأخيرة أرسلت بالأساس مع تفويض للاستماع. وإذا كان بحق هذا هو التفويض، فسيكون من الصعب جداً التقدم. يصعب التحرر من الانطباع بأن نتنياهو لم ينحرف عن موقفه. فهو غير متحمس لعقد الصفقة، لكن له مصلحة كبيرة أن يبث للجمهور الإسرائيلي بأنه قد بذل كل الجهود، وأن حماس هي التي أفشلت المفاوضات. في هذه الحالة، قد تهب حماس لمساعدته. يلاحظ السنوار الآن الشرخ الآخذ في الاتساع بين إسرائيل وأمريكا، الأمر الذي قد يحثه على التصلب في مواقفه.

تريد حماس حلاً لثلاث نقاط كجزء من مفاوضات على صفقة بنبضتين، التي سيتم فيها في البداية إطلاق سراح 40 مخطوفاً، نساء وكبار سن ومصابين. وتطالب حماس بوقف إطلاق النار وانسحاباً شاملاً للجيش من القطاع (حتى لو كان لدى إسرائيل والولايات المتحدة نية بحدوث هذا الأمر بشكل مواز للنبضة الثانية التي سيتم فيها إعادة باقي المخطوفين) وإنهاء تقسيم القطاع بواسطة الممر. وتطلب إسرائيل -هذا موقف يؤيده وزير الدفاع ورئيس الأركان- عدم السماح لرجال حماس بالعودة من جنوب القطاع إلى شماله من خلال اجتياز الممر. ولكن حماس صممت على ذلك، وحتى إنها رفضت مناقشة النسبة العددية لإطلاق سراح السجناء حتى تسوية هذا الخلاف.

قد يؤدي هذا إلى فشل وتفجير آخر في المحادثات، إلا إذا صمم المفاوضون مع نتنياهو على توسيع التفويض. هذه الخطوة قد تحث الوزير غادي آيزنكوت، عضو مجلس الحرب، على اتخاذ خطوة علنية خاصة به أخيراً. الجمهور في إسرائيل ينتظر البشرى، وبالأساس ينتظر المخطوفين الذين يموتون في أنفاق حماس. نتنياهو، الذي بصعوبة قد ذكر المختطف العاد كتسير من “نير عوز” الذي أعيدت جثته إلى البلاد في نهاية الأسبوع الماضي، يظهر انغلاقاً لذلك، في حين أن مؤيديه المتطرفين في الشوارع يقومون بمضايقة مظاهرات أبناء عائلات المخطوفين. ولكن قد يحرك ضغط الجمهور المتزايد شيئاً ما لدى بعض أعضاء الكابينت.

---------------------------------------------

 

"إسرائيل".. ضجة بعد إرسال باقة أزهار "غامضة" لعائلة أسيرة لدى حماس

 

 

 

 

أحدثت الأنباء المتداولة في الإعلام العبري، يوم الأحد، عن إرسال "باقة أزهار غامضة" إلى عائلة إحدى الأسيرات لدى حركة حماس، تحمل كلمات عزاء "استفزازية" ضجة كبيرة.

وتناقل العديد من النشطاء على منصات التواصل الاجتماعي في إسرائيل، صورة باقة الأزهار، ومنهم الناشطة ميخال أغمون، التي أرفقت الصورة وكتبت عبر حسابها على (إكس) "في المرة المقبلة وقبل التصوير عليكم إبعاد المدبسة".

وذكرت وسائل إعلام عبرية أن عائلة الأسيرة ليري ألباغ، عثرت على "باقة أزهار" أمام منزلها، ومعها بطاقة عزاء تقول "طيب الله ذكراها، الدولة أهم (من المحتجزة) بكثير".

وقالت صحيفة "معاريف"، إن "الشاباك" يحقق في كيفية وصول "باقة الأزهار"، وخلص حتى الآن إلى أن "جهات إيرانية متورطة".

طلب إلكتروني

ونقلت الصحيفة عن إيلي ألباغ، والد الأسيرة، قوله إن العائلة "عثرت أمام المنزل على باقة الأزهار، وأن أجهزة الأمن أبلغتهم أن من أرسلها ليس داخل إسرائيل"، مبينًا أنه "إذا كان الأمر كذلك، فماذا تبقى لنا، القادم هو الأسوأ".

وأكد أن الأمر زلزل العائلة وأن الكثير من نواب الكنيست أجروا معه اتصالات وكانوا في حالة صدمة.

وذكر موقع "واللا" الإخباري العبري، أن التحقيقات مازالت مستمرة داخل "الشاباك"، وأن أحد من حقق معهم الجهاز هو صاحب متجر بيع الأزهار ويدعى يعكوف.

وأبلغ يعكوف الموقع أن صاحب الطلب أبلغه بعد أن أتم إجراءات الشراء عبر الإنترنت أن يرفق البطاقة التي تحمل هذه العبارة، وأنه ما كان عليه سوى التنفيذ.

وصاحب متجر بيع الأزهار ويدعى يعكوف، أبلغ الموقع أنه تلقى طلبًا مباشرًا للشراء عبر الإنترنت وأن صاحب الطلب سدَّد الرسوم عبر (PayPal).

وبين أنه فكر في إبلاغ الاسم المستلم عبر رقم هاتف أرفق بالطلب، إلا أن هذا الرقم لم يرد، مؤكدًا أنه لم يكن يذكر من هي ليري ألباغ هذه (اسم الأسيرة)".

غموض وتشكيك

وأشار الموقع إلى أن مرسل الباقة استخدم اسم ران غوئيلي، وتبين بعدها أن هذا الاسم يعود لجندي وحدة الدوريات الخاصة "ياسام" التابعة للشرطة الإسرائيلية.

وكشف أن هذا الجندي قُتل خلال هجوم حماس في الـ7 من شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي على المستوطنات، ونُقل جثمانه إلى غزة، ومازال هناك.

---------------------------------------------

 

"إسرائيل هيوم": الحرب دخلت مرحلة الشّلل.. والأكسجين الدولي لـ"إسرائيل" ينفد

 

 

بقلم: أرييل كاهانا

 

تحدثت صحيفة "إسرائيل هيوم" الإسرائيلية، اليوم الأحد، عن شلل في تحقيق الأهداف المعلنة للحرب بعد 6 أشهر من انطلاقها، نتيجة الشلل السياسي ووجود مسؤولين يختلفون داخلياً في المواقف وغير قادرين على القيادة والحسم ولهم تاريخ سابق من الفشل في الحروب.

وأوضحت الصحيفة، في تقرير كتبه محلل شؤونها الدبلوماسية والأميركية أرييل كاهانا، أنّ اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية وخشية الرئيس الحالي جو بايدن من فقدان أصوات الناخبين بسبب دعمه لـ "إسرائيل"، عامل إضافي في عدم القدرة الإسرائيلية على حسم الحرب.

بعد ستة أشهر من هجوم حماس، تحيط سحابة من الشلل بالحرب. وفيما يتعلق بأهداف الحرب - القضاء على حماس وإعادة الأسرى - فإن الوضع الحالي المستمر هو وضع من عدم الحسم.

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يريد الدخول إلى رفح، لكنه لا يعطي أمراً نهائياً بذلك. وإتمام صفقة تعني إذعان لمطالب حماس، وهو أمر لا يوافق عليه أي من أعضاء الحكومة.

ومن ناحية أخرى، يخشى نتنياهو أيضاً أن تنقطع المحادثات فيتهمه بيني غانتس و غادي آيزنكوت بالتخلي عن الأسرى، والأميركيون يضعون عصيهم، وهكذا الحرب تراوح مكانها.

 

بايدن يواجه وقتاً عصيباً

 

وفي وقتٍ يجد المسؤولون الإسرائيليون أنفسهم غير قادرين على قيادة قرار متماسك، فإن الأكسجين الدولي ينفد. كان هذا واضحاً حتى قبل المكالمة الأخيرة (الخميس الماضي) للرئيس الأميركي جو بايدن مع نتنياهو ، أنّ بايدن لا يزال لا يطالب بوقف نهائي للحرب، ولا يزال يشارك هدف تدمير حماس، ولكن كما أشار بيان البيت الأبيض بعد المحادثة، فإن الأمر يزداد صعوبة بالنسبة له يوماً بعد يوم.

كلما تقدمت الحملة الرئاسية، تصبح الخشية من خسارة منصبه بسبب دعمه لـ "إسرائيل" حقيقية. الرئيس الأميركي محق من ناحيته، يفضل بقاءه على بقاء "إسرائيل"، لذلك ليس من الواضح ما الذي ننتظره.

أما بالنسبة للرئيس الأميركي السابق دونالد لترامب، فهو يستغل الفرصة بذكاء ويتخذ موقفاً غامضاً من الحرب من أجل التمتع بالثمار السياسية، لكن حتى ترامب لم يعد يفهم "إسرائيل"، وقال في مقابلة إذاعية هذا الأسبوع: "لست متأكداً من أنني أحب الطريقة التي يفعلون بها ذلك، لأنه يجب أن يكون هناك انتصار، وهذا يستغرق وقتاً طويلا".

ينضم إلى ذلك الضغط الذي لا ينتهي من المجتمع المؤيد لحماس في الغرب، وينتشر الحديث عن فرض حظر على "إسرائيل"، مع تلميحات إلى مذكرات اعتقال دولية، الساعة الرملية تنفد، ونحن نتصرف كما لو أنه لا يوجد غد.

 

تخلٍ عن العقيدة الأمنية

 

تقول العقيدة الأمنية الإسرائيلية إنه يجب علينا السعي لتحقيق نصر سريع في الحروب، لكن القيادة السياسية والعسكرية التي أوصلتنا إلى هنا تخلت لسبب ما عن هذا المبدأ المهم أيضاً.

وافق مجلس الوزراء الحربي مسبقاً على اقتراح "الجيش" بحرب لمدة عام، لقد مرت ستة أشهر، والولايات المتحدة هي آخر من يحمينا ومن الصعب عليها بالفعل أن تواصل القيام بذلك.

من أجل الخروج من المعركة وتحقيق أهداف الحرب قبل أن تكون الخسارة نهائية، يجب على نتنياهو وغالانت وهرتسي وغانتس أن يحسموا دون تسويف أو تأجيل، وأن يقرروا ويعملوا.

يخبرنا تاريخ معظم القيادة الحالية أن نزعتها سلبية، نتنياهو كرئيس للحكومة، وغانتس وآنزنكوت كرئيس أركان ونائبه، هم الذين أمضوا 50 يوماً في الحرب على غزّة عام 2014 ولم يهزموا حماس.

وإذا لم يكونوا قادرين على تحقيق الأهداف في هذه الحرب أيضاً فليفسحوا المجال لآخرين، الوقت قصير والحرب لا تزال مستعرة.

---------------------------------------------

 

صحيفة عبرية تحذر: "العدل العليا" تقترب من إصدار قرار بوقف إطلاق النار بغزة

 

 

لندن- عربي21

 

حذرت صحيفة عبرية من أن محكمة العدل العليا تقترب من إصدار قرار بوقف النار في غزة.

وكشفت صحيفة "إسرائيل اليوم" أن فريق الدفاع الإسرائيلي في لاهاي قلق من حقيقة أنه في يوم الخميس الماضي صوتان فقط من بين 16 من أعضاء الهيئة القضائية رجحا الكفة للامتناع عن إصدار أمر احترازي لوقف الحرب بناء على الطلب الثالث من جنوب أفريقيا.

وقرر 7 قضاة في رأي أقلية بأن على "إسرائيل" أن توقف القتال في غزة وأن القتال ينتهك أوامر سابقة للمحكمة بالنسبة لواجب "إسرائيل" الحرص على الوضع الإنساني لسكان غزة.

وكان المحكمة أمرت في 26 كانون الثاني/ يناير "إسرائيل" باتخاذ إجراءات لمنع الإبادة الجماعية في غزة والتحريض المباشر عليها، حيث رفضت الطلب الإسرائيلي برفض الدعوى التي أقامتها جنوب أفريقيا.

وصوتت أغلبية كبيرة من أعضاء لجنة المحكمة المؤلفة من 17 قاضيا لصالح اتخاذ إجراءات عاجلة تلبي معظم ما طلبته جنوب أفريقيا باستثناء توجيه الأمر بوقف الحرب على غزة.

والخميس الماضي أيد سبعة قضاة وقف الحرب وكتبوا بأنه حتى لو كانت "إسرائيل" عملت بما يكفي فإنه في اختبار النتيجة فإن الوضع الإنساني في غزة يتفاقم، ووقف القتال وحده سيوقف تدهوره.

وتضيف الصحيفة: "صحيح أن الطلب رد بأغلبية تسعة قضاة ولكن الكثير منهم انتقدوا الوضع الإنساني في غزة".

---------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

عن الجغرافيا السياسية للطاقة وصراع الكبار

 

 

هنا تقع غزة على خارطة اللعبة العالمية الجديدة (2/2)

 

 

بقلم: تومر ديكل

 

كل الأحداث التي تم وصفها حتى الآن تجري في ظل معركة العمالقة التي تدور رحاها على الساحة العالمية بين الولايات المتحدة والصين (هايدوك، 2022). وترى إسرائيل منذ فترة طويلة إمكانية تعزيز العلاقات مع الصين. وقد نشأ هذا الطموح من استراتيجية التحوط من المخاطر التي سعت فيها إسرائيل إلى الحصول على الدعم بدلاً من الاعتماد على تحالف حصري مع الولايات المتحدة، خاصة عندما كان هناك قلق من تدهور العلاقات في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما (تشازيزا، 2018). إلى جانب التجارة المكثفة، شملت العلاقات الإسرائيلية الصينية الاستثمارات المشتركة والعلاقات الأكاديمية والتكنولوجية، واستيراد العاملين الصينيين وفتح مناقصات ضخمة للبنية

التحتية الصينية الصنع. ومن أبرز المشاريع التي نفذتها إنشاء ميناء خليج حيفا الذي اعتبرته الولايات المتحدة تهديدا استراتيجيا لسيطرتها على المنطقة (تشزيزا 2018). ومن خلال فتح أسواقها وتعزيز علاقاتها مع الصين، توقعت إسرائيل أن تصبح محطة في "مبادرة الحزام والطريق" - مشروع البنية التحتية المعروف الذي أعلنت عنه الصين في العام 2013 وتعمل على إنشائه منذ ذلك الحين. وهذا ما يسمى "طريق الحرير الجديد" وقد تم تعريفه على أنه أكبر مشروع للبنية التحتية المتصلة في تاريخ البشرية، حيث يربط الصين بأوروبا عبر طريقين بريين وطريق بحري آخر. ومن الناحية العملية، يتعلق الأمر بإنشاء شبكة متفرعة من البنى التحتية للنقل، وخاصة خطوط إمداد الطاقة من الرواسب الغنية في وسط القارة والتي سيتم نقلها أيضا إلى الصين، تحت رعاية الصين واستثماراتها في أوروبا أيضا. المشروع الضخم له العديد من الأهداف ويولد تنمية اقتصادية في جميع الأنحاء، لكن هناك هدفين استراتيجيين فائقين يقفان فوق كل هذه الأهداف: المحاور القارية ستقلل من اعتماد الصين على التجارة والطاقة في نقطة الاختناق في مضيق مالكة وتساعدها على ترسيخ نفوذها في جميع أنحاء القارة الأوراسية من خلال ربط العديد من الدول في تحالفات اقتصادية معها (Garlick & Havlová, 2021; Gresh, 2023; Hao et al., 2020; Soboleva & Krivokhizh, 2021).

ومن الواضح، اليوم، أن جهود إسرائيل للمشاركة في مبادرة الحزام والطريق ليست ناجحة مثل الدول الكبرى في آسيا الوسطى. حددت الصين إيران وروسيا كدولتين لهما أهمية أكبر بسبب موقعهما الجغرافي، وبسبب الطاقة التي وعدتا بتزويدها بها (بشكل رئيس في ضوء العقوبات الغربية على التجارة معهما) وبسبب استعدادهما العام للتعاون معها ضد الهيمنة الأميركية (جريش، 2023؛ كارش، 2023؛ لافي وآخرون، 2015؛ ينياكون، 2021). كما تم تحديد قطر، وهي أحد موردي الغاز الرئيسيين للصين (والتي أصبحت مؤخراً أكبر مستهلك للغاز في العالم)، كهدف استراتيجي. وفي إطار مبادرة الحزام والطريق، تطورت العلاقات بين الدول من خلال الاستثمارات والبنية التحتية والتعاون العسكري، وهو ما ترى قطر أنه ضروري للتحوط من المخاطر في ظل الأزمة التي تشهدها علاقاتها مع جيرانها في منطقة الخليج الفارسي والمعسكر السني (تشازيزا، 2020).

كما تم تحديد دول أخرى في الخليج، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والبحرين، كأهداف للاستثمارات الصينية. في البداية، وافقت هذه الدول على ذلك كجزء من التحوط من المخاطر لأن مظلتهم الدفاعية، الولايات المتحدة، بدأت تظهر عليها علامات التآكل بعد فشلها في العراق وميلها إلى تقليل التدخل في الشرق الأوسط (Afterman, 2021; Haziza, 2020 لياو، 2023). وكجزء من تحسن العلاقات، حاولت الصين، على سبيل المثال، التوسط للتوصل إلى حل وسط بين المملكة العربية السعودية وإيران. لقد أشعل تورط الصين المتزايد في المنطقة أضواء التحذير في الغرب متأخرا إلى حد ما، والآن تزيد الولايات المتحدة الضغط على المملكة العربية السعودية للتوقف عن الاقتراب من المحور الصيني واختيار أحد الجانبين (لياو، 2023).

ولتوضيح مزايا اختيار الغرب، أطلقت الولايات المتحدة مشروعا عملاقا منافسا لمبادرة الحزام والطريق - الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا). هذا هو الممر المنطوق للطرق البحرية والسكك الحديدية وخطوط أنابيب الغاز والنفط والهيدروجين الذي بدأ مع اتفاقيات أبراهام واستمر مع مشاريع كابلات الاتصالات العابرة للقارات، على سبيل المثال كابل "بلو رام" الخاص بشركة غوغل، والذي سيمر لأول مرة عبر إسرائيل بدلاً من عبر شريط الاتصالات المصري الواسع (زيف، 2020). نهاية المشروع هي في اتفاقيات التطبيع المتوقعة بين إسرائيل والسعودية، والتي يقوم على أساسها بناء خطوط السكك الحديدية وخطوط الغاز والهيدروجين والنفط - وهي المشاريع التي تم الإعلان عنها في مناسبات مختلفة في الأشهر التي سبقت هجوم "حماس" وخاصة في أيلول، قبل وقت قصير من الهجوم (مارتن، 2023).

 

اللعبة الكبيرة الجديدة

 

تتزايد الأهمية الجيوسياسية للفضاء الآسيوي على الساحة العالمية. في الوقت الحالي، تتطور في آسيا الوسطى ما يعرف باسم "اللعبة الكبرى الجديدة"، حيث يتنافس تكتل الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى ودول "الناتو" الأخرى ضد روسيا والصين ودول أخرى في "منظمة شنغهاي للتعاون". "الفوز باللعبة سيحدد السيطرة على خطوط الأنابيب وممرات الطاقة وعقود التوريد" (كامبوس وفرنانديز، 2017، ص 26). يشير هذا اللقب إلى "اللعبة الكبرى" في القرن التاسع عشر - وهو مفهوم يصف الصراع المستمر منذ عقود بين الإمبراطورية الروسية والإمبراطورية البريطانية من أجل السيطرة على آسيا الوسطى (Chen & Fazilov, 2018).

وفي اللعبة الجديدة - التي تدور الآن في منطقة تمتد من حدود الصين إلى أوروبا الشرقية، بما في ذلك آسيا الوسطى وجنوب آسيا والشرق الأوسط - هناك موقف الدول على الساحة الدولية من هجوم "حماس" والحرب. ويعكس وجودهم في غزة إلى حد كبير اهتمامهم بالجغرافيا السياسية للطاقة. ومن المتوقع أن يكون عداء الدول الإسلامية لإسرائيل في المعسكر الإيراني الشيعي، لكن رد فعل الكثيرين كان مفاجئا على موقف روسيا والصين من إسرائيل (إيناف، 2023؛ تشي، 2023). إن معرفة أن هذه الدول، من بين أمور أخرى، هي الدول الرائدة في تحالف معقد يمكن أن يطلق عليه "الكوكبة الآسيوية"، يفسر الكثير. هذه هي البلدان التي وجدت الآن تقاطعاً في المصالح حول مشاريع البنية التحتية المشتركة، والتعاون العسكري، وخاصة حول الحاجة إلى ضمان السيطرة على ممرات الطاقة (أي السيطرة على ممرات تلك البلدان وبناء التهديد على ممرات الطاقة للدول المتنافسة). وهكذا، على سبيل المثال، فإن قطر، وهي أحد أكبر داعمي "حماس"، بدلا من التمسك بزملائها السنة في المعسكر، تميل بشكل متزايد نحو الشراكة مع إيران والصين فيما يتعلق بمصالحهما الاقتصادية المشتركة، وخاصة مصالحهما في مجال الطاقة (Chaziza, 2020; كامرافا، 2017.).

ومن نفس التفسير النظري، من المفهوم لماذا يحتفظ المعسكر السني بقيادة السعودية بموقف منضبط تجاه إسرائيل، فمن ناحية فإن الشعور الشعبي في الشارع الإسلامي يميل ضد إسرائيل، ومن ناحية أخرى، فان إدارة الظهر لإسرائيل ستقطع السعودية عن مشروع البنية التحتية المهم (وبالمناسبة أيضا عن الاستعداد الأميركي الذي قد يشارك فيه - للسماح بتطوير برنامج نووي، وبشكل عام، لمواصلة نشر دفاعاتها) وستكشف أمام تهديد متزايد من أعدائهم الإيرانيين. ويساهم هذا التفسير أيضاً في فهم أحد مصادر الدعم الضمني ذي الوجهين الذي يقدمه الرئيس بايدن لإسرائيل، التي سيساعد قتالها ضد روسيا والكوكبة التي تقودها الصين في جميع أنحاء آسيا في تحويل إسرائيل إلى ممر للطاقة برعاية أميركية. ويبدو أن هذا الممر يعد مشروعا مكملا مهما لمجمع تروج له الولايات المتحدة مؤخرا تحت اسم منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة، والذي يتمثل دوره في خلق كوكبة في منطقة شريط جنوب آسيا (من الفلبين عبر الهند إلى القرن الأفريقي) بما يتعارض مع قوة الصين الصاعدة في قطاع آسيا الوسطى وشمال آسيا (Heiduk, 2022).

ويتعين على الولايات المتحدة وشريكتها المملكة العربية السعودية أن تواجها جهداً مشتركاً لتحقيق نقطة الاختناق فعلياً: في الممر النشط في البحر الأحمر، من خلال هجمات الحوثيين في باب المندب في مصر؛ وفي تهديد "حماس" لمنطقة البنية التحتية بين إيلات وعسقلان؛ تهديد "حزب الله" للمحور المخطط بين السعودية وحيفا؛ وفي التهديد السياسي الذي تقوده هذه المنظمات معا، بمساعدة مجموعة عالمية واسعة تعمل على تحويل الرأي العام العالمي ضد إسرائيل، ما يجعل من الصعب التطبيع مع المملكة العربية السعودية الذي سيمكن من إنشاء بنى تحتية بديلة في هذه المناطق. وهذا له عواقب وخيمة على الولايات المتحدة: التحديات التي تواجه شركاءها في الشرق الأوسط، وتأسيس الصين في هذا المجال في كل من المشاريع الاقتصادية والعسكرية (على سبيل المثال، في بناء قاعدة عسكرية صينية في جيبوتي، التي تهيمن على باب المندب (انظر: Orion, 2016) وصعوبة صيانة السفن في البحر الأحمر – كل ذلك يلقي بظلاله الثقيلة على قدرة الولايات المتحدة على توفير الحماية والاستقرار للمنطقة الواقعة بين المحيط الهادئ والبحر الأبيض المتوسط. وبالتالي إلى مكانتها كقوة مهيمنة عالمية، وهو ما يشكل تهديداً استراتيجياً من الدرجة الأولى بالنسبة لها.

حتى إدارة تركيا ظهرها لإسرائيل، على الرغم من علاقاتها المتوترة مع إيران، تضاء في ضوء جديد من خلال حقيقة أن خطوط الأنابيب المهمة الموجودة في أراضيها تشكل ممرا بديلا لكل من إسرائيل سواء إلى الجنوب منها أم إلى أوكرانيا من شمالها. وكجزء من مبادرة الحزام والطريق، يتم نقل الغاز من آسيا الوسطى إلى اليونان وإيطاليا (في خطوط أنابيب TAP وTANAP الحالية) (Gersh, 2023; Hao et al.2020). فضلا عن ذلك، في التوسع المخطط لخط أنابيب "ترك ستريم" من روسيا إلى تركيا، من المتوقع أن يتمكن الروس من "تبييض" غازهم في ظل العقوبات، عندما ينقلونه عبر تركيا إلى أوروبا (تشيونغ وآخرون، 2023؛ إليس، 2017). ترى تركيا أهمية استراتيجية كبيرة في موقعها كمركز لنقل الغاز من الشرق إلى الغرب، خاصة لكي تتمكن من استخدام ذلك لممارسة الضغط على الاتحاد الأوروبي (Alms, 2023b). ولهذا السبب، فهي في منافسة شديدة مع اليونان على التفوق باعتبارها الدولة الانتقالية المركزية في المنطقة، وترى بقلق بالغ تعزيز قوة منافستها في هذا المجال - في دخولها إلى منتدى شرق المتوسط ​​(الذي لم تكن تركيا متضمنة فيه). وفي مشاريع الطاقة التي تربط إسرائيل بالدول الهيلينية مثل قبرص واليونان، وبالتالي تجاوز تركيا (سيليكبالا، 2021؛ كراسنا، 2023).

في الأشهر التي سبقت هجوم "حماس"، عمل الأتراك على إقناع إسرائيل بالتخلي عن الشراكة مع اليونان وبدلاً من ذلك نقل الغاز عبرها إلى أوروبا (Alms, 2023b)، لكن بعد هجوم "حماس"، وقف الرئيس رجب طيب أردوغان بشكل صارخ مع المنظمة، بل وهدد إسرائيل، وبالتالي نسف إمكانية التعاون النشط. وقد فسر البعض هذه الخطوة على أنها خطأ استراتيجي نابع من أيديولوجية ومصلحة سياسية داخلية (ماركيند، 2023)، لكن لا يمكن استبعاد احتمال أن يكون أردوغان في تصرفاته يتعمد التغاضي عن الكوكبة الآسيوية وينحاز إليها في النأي بنفسه عن المشروع الأميركي. إذا كان هذا صحيحا، فإنه يلقي ضوءا جديدا على العقدين الأخيرين من التدخل التركي في المنطقة: الأتراك، كما نعلم، لديهم تاريخ طويل في دعم "حماس" ومعارضة سياسة إسرائيل تجاه غزة (على سبيل المثال، في أسطول مرمرة وتستضيف نشطاء "حماس" على أراضيها)، ولكن تجدر الإشارة أيضا إلى طبقة أقل شهرة، تتعلق بتورطهم في منطقة النقب بالمساعدات المالية من خلال شبكة من الجمعيات الخيرية ومنظمات المساعدة الأخرى لنضال البدو ضد الدولة على القرى العشوائية (بيجمان، 2013؛ ديكل وآخرون، 2019). ومن خلال نشر الرعاية التركية على مناطق مختلفة ولكن متجاورة في غزة والنقب، تحت راية النضال الفلسطيني، تزداد قدرتها على خلق تهديد للجسر البري بأكمله. ويجب أن نتذكر أيضا أن إمدادات النفط من آسيا الوسطى إلى إسرائيل تمر عبر تركيا. وعلى الرغم من التصريحات العدائية، لم يتوقف نقل النفط بعد هجوم "حماس" (bne IntelIiNews, 2023)، لكن نقطة الاختناق الإضافية هذه لا تزال تشكل نفوذا تركيا على إسرائيل.

كما تم توضيح موقف مصر المتناقض تجاه الوضع. فمن ناحية، لا يتعاطف المصريون مع إسرائيل، ومن المؤكد أنهم غير راضين عن تطوير ممرات الطاقة والاتصالات التي من شأنها أن تنافس احتكار قناة السويس وخط أنابيب صمد، اللذين يشكلان ركيزة أساسية لاقتصادهم المتعثر. ومن ناحية أخرى، فإن المصريين هم أعضاء في المعسكر السعودي السني ويستفيدون أيضا من رعاية ودعم الولايات المتحدة. إن التهديدات الإيرانية المتزايدة على طول البحر الأحمر وقناة السويس تتطلب منهم الحفاظ على هذه الرعاية العسكرية. يضاف إلى ذلك تنظيمات الجهاد الإسلامي المتنوعة التي تكتسب قوة في سيناء وتهدد مشاريع الغاز التي تعبرها حاليا (إلى العريش في شمال سيناء) والخط الإضافي المزمع إنشاؤه مستقبلا (من معبر نيتسانا). ويكتسب التعاون مع إسرائيل ضدهم، والذي يشمل حتى شن هجمات إسرائيلية على الأراضي المصرية، أهمية كبيرة (Almes, 2023c). أصبحت علاقات مصر الاقتصادية في مجال الطاقة مع إسرائيل (أكملت مصر، مؤخرا، التحول السلبي من مصدر للغاز إلى مستورد للغاز، وتعتمد بشكل حاسم على الغاز الإسرائيلي - كرانسا، 2023) مهمة بمرور الوقت وتشكل أيضا ثقلا موازنا، ما يساعد على ما يبدو في منع مصر من دعم "حماس" بعيداً عن الخلافات في الجانب الأيديولوجي. كما أن الأردن ينتقد إسرائيل بشدة، خاصة بسبب العدد الكبير من السكان الفلسطينيين بين مواطنيه، لكن حقيقة أنه أصبح يعتمد على الغاز الإسرائيلي في السنوات الأخيرة يحد من قدرته على التعبير عن ذلك، من بين أمور أخرى بسبب محطة كهرباء صينية جديدة تم إنشاؤها هناك، مؤخرا، اعتمادا على الصخر الزيتي، وتمده بالطاقة بسعر أعلى بكثير من سعر الغاز الإسرائيلي (Almes, 2023a).

وأخيرا، يمكننا أن ننظر إلى بلدان مختلفة في أوروبا ونقارن مواقفها فيما يتعلق بالصراع ومصالحها السياسية المتعلقة بالطاقة. إن دعم أوكرانيا لإسرائيل كان واضحا ومفهوما على خلفية فهمها أن عدوتها روسيا هي أيضا جزء من التحالف المعادي لإسرائيل (حتى لو كان هذا العداء لا يزال مقنعا وهو في الخلفية، ولم يتم الإعلان عنه مثل العداء بين إسرائيل وإيران). لدى ألمانيا العديد من الأسباب السياسية والأيديولوجية لدعم إسرائيل. وفي الوقت نفسه، يجب أن نتذكر أنها مهددة من قبل روسيا بشكل خاص، وتتوقع حل الغاز من ممر IMEC كما هو موضح أعلاه. واليونان، التي تدعم إسرائيل (Tzogopoulos, 2023)، لديها أسباب مماثلة لذلك. في السنوات الأخيرة، تم تعريف اليونان على أنها "ركيزة استراتيجية" للاستثمار الأميركي في المنطقة، كبديل لتركيا (التي أدى ابتعادها عن الغرب بشكل عام وخطاباتها التهديدية تجاه اليونان بشكل خاص إلى ابتعاد اليونان والولايات المتحدة بشكل متزايد منها). وكجزء من هذا، تعمل الولايات المتحدة على ترسيخ مكانة اليونان كمركز لنقل الطاقة ونقطة سيطرة عسكرية لحلف شمال الأطلسي في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​بأكمله، وكبوابة إلى بلغاريا وبقية أوروبا الشرقية. ومن هنا تأتي الأهمية التي يوليها كلا البلدين للبنية التحتية التي تربط اليونان بقبرص وإسرائيل (Ellis, 2017).

في المقابل، تقف بعض الدول في أوروبا بين الحياد وإدانة إسرائيل. ولا تقدم مسألة الطاقة تفسيرا مباشرا لذلك، لكن من المؤكد أنها يمكن اعتبارها عاملا يسمح لهم باتخاذ هذا الموقف. لدى مختلف الدول، وخاصة تلك التي تقودها أحزاب يسارية، مصلحة سياسية داخلية واضحة في انتقاد إسرائيل بسبب موقفها القيمي تجاه القضية الفلسطينية وربما أكثر من ذلك - بسبب الحاجة إلى إرضاء ناخبيها الكثيرين من بين الجاليات المسلمة المهاجرة. (انظر حول هذا الموضوع الشراكة السياسية المعروفة باسم "التحالف الأحمر - الأخضر" (Karagiannis & McCauley, 2013). ويجب الأخذ بعين الاعتبار أن القدرة على التعبير المعلن عن هذا النقد تكون أعلى بين الدول التي يقل اعتمادها على الكوكبة الأميركية، أو على الأقل تعتبرها قيادتها كذلك. وعليه، ينبغي الانتباه إلى الحقيقة المذكورة سابقاً، وهي أن بلجيكا وإسبانيا تظلان أكبر عملاء الغاز الروسي (وتوسعان أيضاً الإمدادات من دول شمال إفريقيا)، وترفضان التعاون مع العقوبات الأميركية في هذا الشأن. وهذا يجب أن يفسر، على الأقل جزئيا، لماذا سمح رؤساء هذه الدول لأنفسهم بتكبد عناء الوصول إلى حدود غزة في عمل رمزي غير عادي، من أجل أن يكونوا حاضرين في أول نبضة لتبادل أسرى الحرب ويشاركوا في عملية تبادل الأسرى والتعبير عن التضامن مع الفلسطينيين (يوسف، 2023). وكما ذكرنا، يبدو أن الاهتمام بالطاقة لا يشكل موقف الدول الأوروبية تجاه إسرائيل، لكن عندما لا تكون هناك تبعية واضحة للطاقة والجيوسياسية في المعسكر الداعم لإسرائيل، فقد يستغل القادة السياسيون ذلك حسب احتياجاتهم.

 

الخلاصة

 

إذا عدنا إلى السؤال الذي افتتحناه – ما الذي يشكل موقف دول العالم تجاه إسرائيل فيما يتعلق بصراعها مع "حماس" – يمكننا الآن أن نقدم إجابة ذات وزن كبير في مجموعة الاعتبارات المعقدة التي تواجه كل دولة. على حدود قطاع غزة، في 7 أكتوبر 2023، تم رسم خطوط ميدان "لعبة كبيرة جديدة" - تشكيل نوع من الحرب الباردة الثانية للسيطرة على آسيا الوسطى وأوروبا الشرقية والشرق الأوسط، والتي تتطور تدريجياً إلى جبهات ساخنة: الأولى في أوكرانيا والثانية في إسرائيل (مع تطورات ساخنة أيضاً في اليمن وبين السعودية واليمن وإيران). وهذا لا يشير إلى تورط عملي مباشر لمختلف القوى في التخطيط أو التنفيذ لهجوم 7 أكتوبر، لكن لا شك أن شراكة المصالح (وراء تريليونات الدولارات والسيطرة على أصول استراتيجية هائلة) هي التي تشكل الآن موقف الدول تجاه "حماس".

وعلينا أن نزيل الضباب الأيديولوجي عن التصريحات السياسية لزعماء العالم، لأن الدعم الاقتصادي والعسكري والتكنولوجي والسياسي لـ"حماس" ينبع وسينبع في المستقبل أيضا من مصالحهم المادية الفعلية. الأنفاق، والأسلحة، والقدرات الاستخباراتية، والحرب الإلكترونية، والحملة الإعلامية العالمية - كل هذه ليست في متناول "حماس" في حد ذاتها، لكن فقط كرسول يتلقى هذه الموارد وفي المقابل، من الواضح أنها ملزمة بالوفاء بمهمتها. في هذه الحالة، يتعلق الأمر بتحويل غزة إلى نوع من "نقطة الاختناق" لممرات الطاقة العابرة للقارات، بالمعنى المادي المباشر - محاولة تدمير البنى التحتية نفسها (على سبيل المثال، في حالة الأضرار التي لحقت العام 2021 خزان الوقود في عسقلان) وبالمعنى السياسي الأوسع – القدرة على إفشال تحالفات واتفاقيات لنقل الطاقة عبر أراضي إسرائيل (حتى لو لم تثبت هذه المحاولة نجاحها بعد، لأنه من الممكن أن تكون الاتفاقيات مع السعودية سوف تؤتي ثمارها). إن إحباط تطوير البنية التحتية للطاقة يشكل أهمية استراتيجية للعديد من اللاعبين على الساحة العالمية، سواء دعموا "حماس" بالنية الأولى أو استفادوا من أفعالها في الماضي.

وعلى عكس نظريات مثل "صراع الحضارات"، فإن الأمر لا يتعلق بالحضارات الكبرى التي تقاتل بعضها البعض، على سبيل المثال الإسلام ضد الغرب. كما أنه ليس صراعاً مبنياً على قيم أو وجهة نظر سياسية - على سبيل المثال، الدول الديمقراطية ضد الديكتاتوريات. الكوكبات التي تربط الدول أو بين محاور الدول والمنظمات تحتوي في مزيجها على كل شيء. فمن ناحية هناك "كوكبة غربية" تجمع عملياً الغرب الديمقراطي مع المعسكر السني والدول الإسلامية الاستبدادية، ومع الهند وإسرائيل. وعلى الجانب الآخر هناك «كوكبة آسيوية» تقودها الصين وإلى جانب روسيا دول مسلمة شيعية وأيضا دول أو تنظيمات سنية (قطر و"حماس" مثلا) ودول أو أطراف غربية من الجانب الأيسر من الخريطة السياسية. من المؤكد أن الأيديولوجية والثقافة لهما أهمية كبيرة في تحفيز مختلف الجهات الفاعلة على العمل، لكن يجب ألا نتجاهل الجذور الاقتصادية والجيوسياسية الهائلة التي تضع البنية التحتية لها، أي أنظمة التحالف المتفرعة التي تدور حول الموارد والسيطرة، والشراكات العسكرية والتجارية وموارد الطاقة وممرات الطاقة على وجه الخصوص.

---------------------------------------------

 

هآرتس 8/4/2024

 

 

زمن المفاوضات: روافع الضغط استنفدت نفسها

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

أصبح هامش العمل أو "التفويض" الذي تم تزويد البعثة الإسرائيلية فيه التي ستسافر إلى القاهرة، المحك لجدية رئيس الحكومة للدفع قدما بصفقة تبادل للمخطوفين. تدل التقارير على أن الحديث في هذه المرة يدور عن "تفويض مهم"، لكن من غير الواضح حجم هامش العمل هذا مقارنة مع القيود التي فرضت على طاقم المفاوضات في السابق، بالأساس هل سيكون فيه ما يكفي من اجل التوصل إلى التوقيع على صفقة تكون مقبولة لـ"حماس"، ولا يقل عن ذلك أهمية، هل المسودة التي سيتم التوصل إليها، إذا حدث ذلك، تستطيع اجتياز حقل الألغام الذي ينتظرها في الحكومة بسلام.

لكن مجرد استئناف المحادثات يمكن أن يشير إلى صلاحية الافتراض الذي بحسبه الأطراف تريد التوصل إلى اتفاق. هذا الافتراض يشير أيضا إلى الاعتراف بأن حجم الضغط الخارجي، السياسي والاقتصادي والعسكري، الذي كان يمكن استخدامه على حماس من قبل قطر ومصر والولايات المتحدة ودول أخرى، استنفد، وقد حان الوقت لإجراء مفاوضات "تجارية" فيها يجب على كل طرف أن يوسع حدود موافقته إلى الحد الأقصى من اجل تحقيق أهدافه.

"لم تعد توجد لدى قطر أدوات ضغط يمكن استخدامها على (حماس)، على الأكثر هي يمكنها نفي قيادة (حماس) إلى دولة أخرى، لكنها بذلك ستفقد القدرة على مواصلة وساطتها، أيضا هذا النفي يمكن أن ينقل قيادة (حماس) إلى ايران أو سورية، ولن ينتج عنه فائدة كبيرة للتفاوض حول تحرير المخطوفين"، قال للصحيفة دبلوماسي غربي مقرب من المفاوضات. "شبكة العلاقات في داخل (حماس) وهرمية اتخاذ القرارات تضعضعت في أعقاب الحرب إلى درجة أنه من غير الواضح بأي درجة يستطيع إسماعيل هنية وخالد مشعل وأعضاء مجلس الشورى، الجسم التوجيهي الأعلى للحركة، أن يفرضوا طلباتهم على يحيى السنوار الذي يبدو وكأنه هو الذي يدير بشكل حصري شروط المفاوضات".

الاستنتاج من ذلك هو أن قيادة "حماس" الخارج أصبحت هي نفسها وسيطا بين السنوار ودول الوساطة، وبينها وبين اسرائيل. هي لم تعد تستطيع أن تكون على ثقة بنوايا السنوار وتداعيات سلوكه على مستقبل الحركة. لقد كانت لقطر رافعة ضغط وتأثير على سلوك "حماس" الداخل طالما أنها كانت تمثل مصدر تمويل أساسيا للحركة، سواء في مرحلة تأسيس المنظمة في الثمانينيات أو في إطار مشروع "الهدوء مقابل الأموال"، الذي تم تفعيله بالتعاون مع اسرائيل. في مفاوضات سابقة بين "حماس" واسرائيل في أعقاب عمليات عسكرية كانت قطر هي التي أعطت ضمانات مالية، ليس فقط لـ"حماس" بل أيضا لمصر من اجل أن تستطيع لعب دورها في إعادة إعمار القطاع كما بدأت في ذلك بعد عملية حارس الأسوار.

مسألة تمويل إعادة إعمار القطاع في الحقيقة لا تقف الآن على جدول الأعمال كشرط لإجراء مفاوضات حول إطلاق سراح المخطوفين، لكن إعادة إعمار القطاع هي احد البنود التي تطلبها "حماس"، هو يمكن أن يتحول إلى بند مركزي إذا تم إحراز تفاهمات حول عودة السكان إلى شمال القطاع وإعادة الإعمار للبنى التحتية التي ستحتاج إلى الكثير من الأموال. قطر لا يمكنها أن تضمن أن تنفذ اسرائيل دورها في أي اتفاق سيتم التوصل إليه، لذلك ستكون الولايات المتحدة هي المسؤولة عن ذلك. لكن يمكنها أن تضمن تمويل إعادة الإعمار وهكذا تلبية طلبات السنوار.

أيضا رافعة الضغط المصرية لم تعد كما كانت قبل الحرب. في أساسها تقف سيطرة مصر على صنبور الدخول والخروج في معبر رفح، الأنبوب الاقتصادي الأكثر أهمية الذي خدم "حماس" والقطاع بشكل عام. ولكن في أعقاب الحرب أخضعت مصر سلوكها في المعبر لإملاءات اسرائيل والولايات المتحدة، وإزاء تهديد اسرائيل باحتلال مدينة رفح، العملية التي تعني السيطرة على معبر رفح، فإن أساس قوتها الآن يمكن أن يتمثل في تقديم الضمانات وربما أيضا شراكة مدنية، لكن ليس عسكرية، في إدارة القطاع في المستقبل.

النتيجة هي أنه إذا كانت سياسة اسرائيل حتى الآن في قضية المخطوفين تستند إلى استخدام الضغط السياسي من قبل دول الوساطة العربية، الآن نتائج المفاوضات ترتبط بضغط الجمهور في اسرائيل والتهديد السياسي، وما الذي يمكن أن يفعله هذا الضغط برئيس الحكومة. وبوزن الضغط السياسي والعسكري الذي تفرضه الإدارة الأميركية، التي بدأت تمسك بيدها فعليا إدارة الحرب.

للوهلة الأولى يبدو أن التوجه الذي تقود إليه الإدارة الأميركية يتساوق مع جزء من طلبات السنوار، على الأقل في كل ما يتعلق بإعادة سكان شمال القطاع إلى أماكنهم التي تم تهجيرهم منها، وزيادة حجم المساعدات الإنسانية التي يجب على اسرائيل السماح بدخولها إلى القطاع وتقليص حجم قوات الجيش الإسرائيلي في القطاع. لكن سيكون الادعاء بأن الإدارة الأميركية تخدم السنوار أو تعزز مكانة "حماس" في المفاوضات حول إطلاق سراح المخطوفين، سيكون ديماغوجيا رخيصة ومشوهة. الرئيس الأميركي يحاول ليس فقط إنقاذ ما تبقى من مكانة اسرائيل الدولية المحطمة وصد الانتقادات الدولية والداخلية على المساعدات العسكرية التي يقدمها لها. بايدن يضع تحرير المخطوفين على رأس سلم أولوياته، وخطواته أو إملاءاته تجبر الحكومة على فعل ما كان يجب عليها فعله من اليوم الأول الذي تم فيه اختطاف الـ 240 مدنيا.

 

تجربة صعبة

 

يوجد لبايدن والولايات المتحدة بشكل عام تجربة طويلة وصعبة في إدارة المفاوضات حول تحرير الرهائن وتبادل الأسرى. الإدارات الأميركية التي اعتقدت أنه يمكن إطلاق سراح مواطنيها بالعمليات العسكرية وفرض العقوبات أو عقاب جماعي آخر، أدركت، أحيانا بشكل متأخر جدا، أن تقليص الخسائر بالذات يمكن أن يثمر. المثال الصارخ على ذلك هو قضية الرهائن الذين اعتقلوا من قبل حرس الثورة الإيراني في 4 تشرين الثاني 1979. 53 رهينة تم احتجازهم في ظروف فظيعة مدة 444 يوما. اثنتان من محاولات الإنقاذ العسكرية لم تنجح، إحداهما انتهت بفشل ذريع. وفقط عملية مفاوضات طويلة ومتعبة، أدارتها الجزائر، التي في نهايتها وافقت الولايات المتحدة على عدة تنازلات أدت إلى التوقيع على اتفاق لتحريرهم في كانون الثاني 1981.

في الاتفاق كتب أن "الولايات المتحدة وافقت على إلغاء جميع الإجراءات القانونية التي تجري في المحاكم الأميركية، التي تتعلق بدعاوى لمدنيين ومؤسسات أميركية ضد ايران وضد مؤسساتها الحكومية وإلغاء جميع الأحكام التي صدرت حتى الآن، ومنع إجراء أي نقاشات قانونية تستند إلى هذه الدعاوى والعمل على إنهائها بواسطة تحكيم ملزم. الولايات المتحدة تتعهد بأنه من الآن فصاعدا ستتبع سياسة عدم التدخل، بشكل مباشر أو غير مباشر، سياسيا أو عسكريا في الشؤون الإيرانية".

هذان التعهدان من بين الخمسة تعهدات هما اللذان وقعت عليهما الولايات المتحدة في إطار الاتفاق. التعهدات الأخرى تناولت إلغاء العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على ايران منذ بداية القضية، إزالة الرهن عن كل العقارات والأموال والذهب الإيراني الذي تم تجميده في الولايات المتحدة وإعادة ممتلكات شاه ايران إلى سلطات الثورة (البند الذي لم يتحقق لأن ايران لم تعرف بالضبط كم هي ممتلكات الشاه ولم تعرف كيف تقدرها). الرئيس كارتر الذي وقع على الاتفاق لم يتسلم الرهائن الذين تم تسليمهم لوريثه رونالد ريغان كانتقام من سياسة دعم كارتر للشاه الذي أسقطته الثورة.

تنازلت الولايات المتحدة في هذا الاتفاق ليس فقط عن العقوبات، بل عن مبادئ أساسية في سياستها الخارجية، التي أهمها هو عدم إجراء مفاوضات مع منظمات إرهابية أو دول تؤيد الإرهاب. مثلما في اسرائيل، أيضا في الولايات المتحدة ضغط الجمهور ونشرات الأخبار الرئيسة التي أشارت كل يوم إلى عدد أيام اسر الرهائن حققت النتيجة المطلوبة.

اختطاف المواطنين الأميركيين لم ينته بالتوقيع على اتفاق مع ايران. ففي لبنان استمر "حزب الله" بعد فترة قصيرة في اختطاف مدنيين، وأيضا الرئيس الجمهوري ريغان، الذي نفى بشدة أي مفاوضات أو أي تنازل لمنظمات إرهابية، دفع لإيران بالسلاح كفدية عن تحرير مواطنيه من يد هذه المنظمة في القضية التي عرفت بالاسم سيئ الصيت "ايران غيت".

سؤال هل المفاوضات وتقديم التنازلات والدفع ستعزز ايران لم يتم طرحه في حينه. تحرير المواطنين الأميركيين من الأسر اعتبر أمرا يستحق أي ثمن يدفع مقابله.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق