03 آيار 2024 الساعة 10:17

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الجمعة 5/4/2024 العدد 979

2024-04-06 عدد القراءات : 62
الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

هآرتس 5/4/2024

 

ما الذي أخفاه غانتس بطلبه تبكير الانتخابات.. ولماذا أذعن لرفض نتنياهو؟

 

 

بقلم: يوسي فيرتر

 

امتنع غانتس عن عقد مؤتمرات صحافية خلال ثلاثة أسابيع، وهو التقليد الذي حرص عليه مرة كل أسبوع. سبب ذلك هي حساسية المحادثات التي تجري لعقد صفقة لإعادة المخطوفين. لم يرغب في تلقيه أسئلة يصعب عليه الإجابة عليها. مصداقية هذا الادعاء وضعت محل شك في مساء الأربعاء عندما عقد غانتس مؤتمراً صحفياً وقدم فيه عنواناً سياسياً للإعلام: دعوة لتبكير الانتخابات إلى أيلول القادم. المبرر: إذا تم الإعلان عن إجراء الانتخابات فسيهدأ الشارع وينتقل العداء إلى الجبهة السياسية والأستوديوهات.

هذا تفسير مثير وربما صحيح، لكن يمكننا التشكيك بوجود دوافع خفية. طرح طلبه هذا بعد أن أصبح شريكه عدوه. واقترح جدعون ساعر (اليمين الرسمي) في خطاب استقالته من الحكومة، إجراء الانتخابات في بداية 2025. وطرح غانتس أيلول. يئير لبيد، الذي طالب بإجراء الانتخابات في نهاية كانون الثاني، أوضح بأن أيلول متأخر جداً.

لدى غانتس نوع من اللغة الخفية. هو يفضل دائماً البحث عما لم يقل بصراحة، لذا لم يذكر رفح. لا توجد رفح. فهذا الشخص الذي هدد بأنه “إذا لم يتم التوصل لصفقة حول إطلاق سراح المخطوفين فستعمل إسرائيل في رفح حتى في شهر رمضان”. وعندما كان في واشنطن، أعلن من هناك أننا إذا لم نعالج كتائب حماس المتبقية هناك فسيكون هذا مثل “إطفاء 80 في المئة من الحريق”.

أين رفح إذاً؟ تكمن إجابة في المتاهة الإسرائيلية التي أساسها الموقف الأمريكي. فهناك لم يعودوا يخفون معارضتهم المطلقة لاقتحام المدينة التي فيها حوالي 1.3 مليون لاجئ. غانتس لم يقنعهم أثناء زيارته بأن إسرائيل ستتمكن من إنجاز المهمة بالمعايير التي ترضيهم. والخطة التي عرضها عليهم رون ديرمر وتساحي هنغبي، عززت معارضتهم.

يمكن التقدير بأن غانتس كان متساوقاً مع الأمريكيين، إذا لم يكن على الرسالة التي أخفيت، فعلى الأقل على الرسالة التي طرحت. وفي خطابه أول أمس، قفز عن رفح كما قلنا، لكنه ذكر أهمية الحلف الإقليمي “الإبراهيمي” حسب تعبيره، الأمر الذي يتساوق بالضبط مع موقف أمريكا.

في نهاية المطاف، ما أدى إلى عقد المؤتمر الصحافي الأهم في الأشهر الأخيرة ليس إخفاقات نتنياهو في الحرب أو قضية المخطوفين أو المعارك الوزارية أو الاستطلاعات الأخيرة التي تآكل فيها “المعسكر الرسمي”، بل الشارع، بقيادة عائلات المخطوفين وحركات الاحتجاج، الذي تحول منذ نهاية الأسبوع الأخير من ساخن إلى مشتعل. لا يوجد أكثر غباء من أن نسمي هذا “6 أكتوبر”. يجب، ومن الصحيح، تسميته “حالة طوارئ”. رغم الإدانة التي نشرها غانتس وأصدقاؤه للأحداث المتطرفة والهامشية في الاحتجاج، يعرف أن أساسها مبرر. ويعرف أن الغضب الشعبي، مثلما في بلفور أو كابلان، سيزداد ويتسع، وأنه لا بد أن يكون هناك.

 

ديناميكية الشارع

 

رسالة غانتس الأساسية، التي لم تقل بالطبع، كانت تستشرف الاحتجاج وازدياد المطالبة بإجراء الانتخابات. وقد شخص أن أساس شرعية “المعسكر الرسمي” كبديل للحكم آخذ في التضعضع. مقاعد كثيرة قد تذهب. 6 – 7 مقاعد غادرت في السابق. المحتجون، الذين في جزء منهم نزلوا عند غانتس، بدأوا في التسرب نحو حزب اليسار الآخذ في التشكل ليئير غولان. مصوتو اليمين غير البيبيين سيغادرون بدورهم “المعسكر الرسمي” وسيذهبون إلى نفتالي بينيت/ يوسي كوهين/ جدعون ساعر.

قبل خروجه إلى وسائل الإعلام، اتصل مع نتنياهو واقترح عليه الموافقة على أيلول، حتى يستطيع التصريح في المؤتمر الصحافي بأنه قد فعل ذلك. رد الأخير العلني (تحت عنوان الليكود) كان صارخاً ومتطاولاً حتى بمعاييره. “الانتخابات الآن ستؤدي إلى الشلل والانقسام (قال المقسم الرسمي للمجتمع الإسرائيلي، الذي جره إلى أربع جولات انتخابية في سنتين وعمل سبعة أيام في الأسبوع، 24 ساعة، من أجل تصفية حكومة التغيير وإجراء انتخابات مبكرة)؛ والمس بالقتال في رفح (أي قتال)؛ والمس الخطير باحتمالية عقد صفقة لتبادل المخطوفين (العكس بالضبط: نتنياهو المفعم بالإخفاقات والمقيد من قبل شركائه – منقذيه، عليه عرض إنجاز على الجمهور، ولا يوجد مثل عودة النساء وكبار السن والجرحى والمرضى لرفع المعنويات المنهارة ولو قليلاً).

عندما سئل غانتس في المؤتمر ما الذي سيفعله إذا لم يوافق على طلبه، رفض الإجابة. في الحقيقة، لا يملك أي فكرة، وهذه الفكرة سبق ورفضت تماماً مع توجيه الإهانة لمن طلبها، كما ذكرنا آنفاً.

ولكن حتى لو لم يقرر غانتس بعد بشأن خطواته وموعدها، فكرة الوحل السياسية التي بدأت تتدحرج قد تصبح مستقلة. وحتى لو استمر مصوتو المعسكر الرسمي في الانقسام في الاستطلاعات حول البقاء في الائتلاف، فإن ديناميكية الشارع الصاخب والمنظومة السياسية المستقطبة، ستمليان واقعاً مختلفاً، واقعاً يشكل المطلوب: انتخابات وبسرعة، ومن الأفضل أن تجري قبل سنة، عملياً قبل سنتين.

---------------------------------------------

يديعوت أحرونوت 5/4/2024

 

بعد “المطبخ”: العالم نفد صبره.. وبايدن لنتنياهو: الشيف أهمّ منك.. وإسرائيل: أكلنا السمك فاسداً

 

 

بقلم: ناحوم برنياع

 

 سافر وزير الدفاع يوآف غالانت أول أمس إلى حيفا، ليشاهد عرضاً عن أعمال قيادة الجبهة الداخلية حيال هجوم صاروخي من لبنان أو سوريا أو من إيران. استغل غالنت الفرصة ليساهم بنصيبه في جملة التهديدات المتبادلة. “سنعمل في أماكن عملنا فيها”، وعد. “سنعمل في أماكن يعرفها العدو وفي أماكن لا يعرفها”.

منذ 7 أكتوبر وغالانت يكثر من التهديد؛ يهدد حماس وحزب الله وسوريا وإيران. وعندما أسمعه، أتساءل ما الذي في أقواله جزء من روتين عمل وزير الدفاع، أنت تهدد إذن أنت موجود، ما الذي يشكل جزءاً من حوار واع ومحسوب هدفه ردع العدو، وما الذي يقال كدفع للحجة قبيل الكارثة التالية، وما الذي يسعى ليعزف على مخاوف الإسرائيليين من حرب تنالهم في بيوتهم، عميقاً في الجبهة الداخلية. بإيجاز، لست واثقاً من يهدد، الإيرانيين أم نحن. يجدر به الركض إلى السوبرماركت ليشتري ماء.

نتنياهو يضيف إلى تهديدات غالنت سلسلة تهديدات خاصة به: يهدد الأمريكيين، والأوروبيين، والمنظمات الدولية، وقطر، ومؤخراً الأردن ومصر.

حسن مهداوي، قائد “فيلق القدس” في سوريا، كان إصابة سيئة. إسرائيل فتشت عن رأسه لزمن طويل. آمل أن من قرر إطلاق الصاروخ نحو السفارة الإيرانية في دمشق أجرى الحساب حتى النهاية، فما منفعة هذه الخطوة، وما ضررها. لست واثقاً أن هكذا كان. بخلاف الانطباع الناشئ لدى الجمهور منذ 7 أكتوبر، تخوض إسرائيل حرباً متدحرجة. ثمة أماني ولكن دون استراتيجية. الانتصار المطلق ليس موجوداً إلا في خطابية نتنياهو الكاذبة. عندما كتبت هذه الأمور هنا في الأسابيع الأولى من الحرب اتهمني قراء بالانهزامية والخيانة وباختيار حماس. مرت ستة أشهر، ولا بشائر طيبة. الصفقة لإعادة المخطوفين عالقة بين القاهرة والدوحة؛ والسنوار ناج ومسيطر، ومحوط برهائن؛ 100 ألف نازح منقطعون عن بيوتهم وحياتهم؛ الدولة انكمشت في الشمال والجنوب، تنتظر بقلق الضربة التالية. حتى لو تغلبنا على كل هذه الضربات فالخطر الأكبر في المدى البعيد هو فقدان أمريكا. ثمة سياقات تاريخية ليست قابلة للإصلاح: حلف بني على مدى 100 سنة، وتعمق في الرأي العام وانتشر على كل الساحة السياسية، قد ينهار ويتفكك أمام عيوننا. بمفاهيم عديدة يحصل هذا الآن.

أي من أصحاب القرار، سواء في الجيش أو المستوى السياسي، لم يتخيل حصول هذا. الترددات حول ما العمل في أعقاب كارثة 7 أكتوبر تركزت في الخطوات العسكرية. غالنت وقيادة الجيش دفعوا نحو عملية دراماتيكية في لبنان؛ وغانتس وآيزنكوت عارضا؛ ورئيس الأركان دفع نحو عملية برية في غزة؛ ونتنياهو خاف من ثمن ضحايا الجيش الإسرائيلي. أما اليوم، في نظرة إلى الوراء، فثمة ألوية وفرقاء متقاعدون يسألون لماذا بدأوا العملية البرية في شمال غزة وليس في جنوبها، في منطقة رفح. في الأسابيع الأولى من الحرب، كان يمكن تحقيق تعاون مع المصريين في منطقة الحدود والصعود شمالاً.

كانت هناك أمنية بانهيار حماس تحت الضغط العسكري، وعبرة لنصر الله أيضاً. لم يحصل هذا. ما حصل شيء آخر تماماً: تحت الضغط العسكري نزح قرابة مليون ونصف غزي جنوباً، آلاف الأطفال والنساء والشيوخ قتلوا في القصف. الضائقة في غزة حقيقية. الصور القادمة من هناك احتلت الشبكة وشطبت التأييد الذي حظيت به إسرائيل في العالم في أعقاب المذبحة. الميل المناهض لإسرائيل لم يعد مشكلة إسرائيل وحدها: أصبح مشكلة سياسية تهدد كل حكومة صديقة. إسرائيل بمثابة جنوب إفريقيا الأبرتهايد، روسيا بوتين.

سواء أحببنا أم لم نحب، هذا هو العالم اليوم. قد نصدم من انعدام النزاهة في الحوار عبر الشبكة، ومن الأكاذيب، ومن المظاهر اللاسامية، لكن لا عالم آخر لنا.

ولد إخفاق 7 أكتوبر من إغماض عيون في ضوء قدرات حماس المكشوفة. إخفاق ما بعد 7 أكتوبر نبع من إغماض العيون في ضوء قيودنا. مسؤولية نتنياهو لما حصل في 7 أكتوبر جزئية؛ ومسؤوليته عما حصل من اليوم إياه وما بعده كاملة. هو المسؤول للرفض في كل ما يتعلق بالمساعدة الإنسانية؛ هو الذي تنكر لحقيقة أن التأخير في المساعدة يخلق لإسرائيل مشكلة استراتيجية. هو المسؤول عن التوقف قبل الأوان لجولات تحرير المخطوفين؛ هو المسؤول عن تحويل احتلال رفح – بيضة لأسباب عسكرية طاهرة لم تفقس بعد – إلى خصام وضع إسرائيل أمام الغرب والدول السنية كلها؛ هو المسؤول عن المواجهة الحادة مع إدارة البيت الأبيض.

هو المسؤول عن الفراغ الذي خلقته إسرائيل في غزة، فراغ يسمح لحماس بالعودة للسيطرة على المناطق التي أخليناها ويشتد فيها الجوع ويقتل الأبرياء. هو المسؤول ومعه كل أعضاء كابينت الحرب، سواء حذروا أم لم يحذروا.

لقد أجبر موت سبعة عاملي منظمة الإغاثة المطبخ المركزي العالمي حكومات العالم للقول: حتى هنا. فقد دفن، مؤقتاً او نهائياً، خيار رفح. خوسيه اندراوس، الشيف الذي يترأس المنظمة هو أحد الشخصيات المحبوبة للغاية لدى الشبان الليبراليين في الولايات المتحدة، لا يمكن لبايدن أن يخسره. الخطأ في هذه الحالة كله من نصيب الجيش الإسرائيلي، لكن الغرب يريحه إلقاء الذنب على نتنياهو. في القدس يتظاهرون ضد نتنياهو الرجل؛ في العالم يمقتون نتنياهو الرمز.

“كفى”، في عنوان ضخم، يقول مقال افتتاحي في الصفحة الأولى لصحيفة “الإندبندنت البريطانية”. “السبعة الذين قتلوا أصبحوا رمزاً لكل انعدام القانونية والتسيب الذي يدير فيه نتنياهو الحرب. حان الوقت لعمل كل ما يلزم لإجبار إسرائيل على وقف الحرب”.

لا أعتقد أنه ينبغي لحكومة إسرائيل أن تأخذ الأوامر من صحيفة بريطانية. ولا من حكومات العالم. لكن ربما حان الوقت لإجراء حساب المنفعة/الكلفة، ما الذي تبقى لنا لنربحه من استمرار القتال في غزة وما الذي نخسره؟ فقد تلقينا الضربات؛ أكلنا السمك الفاسد؛ فما الذي يجعلنا نواصل إلى أن نطرد من المدينة؟

---------------------------------------------

هآرتس 5/4/2024

 

مع تأرجح “رفح”.. هل تستبدل بها إسرائيل اجتياحاً برياً للبنان؟

 

 

بقلم: عاموس هرئيل

 

بعد نصف سنة على بداية الحرب، بدا ميزان إسرائيل مقابل حماس بعيداً عن أن يكون مرضياً. وجدت إسرائيل نفسها في حرب كانت فيها من البداية في موقع متدن فظيع: غزو كثيف من حدود قطاع غزة، سيطرة فلسطينية على بلدات ومناطق، تقريباً 1200 قتيل معظمهم من المدنيين وأكثر من 250 مخطوفاً. لا توجد في الحقيقة أي طريقة لقلب هذه النتيجة. لقد أصبح من الواضح للجميع الآن، باستثناء بعض الأتباع الهستيريين، بأنه لا أهمية لوعود النصر المطلق التي ينثرها نتنياهو مرة كل يومين.

رد إسرائيل على المجزرة في 7 أكتوبر شمل ضربة شديدة لحماس، واحتلال مناطق، وإخلاء قسرياً للسكان من شمال القطاع، وقتلاً جماعياً لأعضاء المنظمة، الذي رافقه حسب التقديرات أكثر من 20 ألف مدني فلسطيني قتيل. كانت هناك درجة معينة من المنطق في قرار الغزو البري للقطاع. تفاجأت إسرائيل في ذروة الضعف، وغياب رد مؤلم كان يمكن أن يحث أعداءها في المنطقة على الانضمام لمعركة حماس. والآن بعد القتل والتدمير، لم يتم إزالة هذا الخطر (ازداد في هذا الأسبوع).

عملت الحكومة والجيش استناداً إلى إجماع عام واسع، الذي بحسبه حملة القتل التي نفذتها حماس والسادية الفظيعة التي استخدمها رجالها ضد السكان في الغلاف، لم تعد تسمح بجيرة طيبة قرب حكمها في القطاع. ولكن مع مرور الوقت، يجب الاعتراف بما لم يتحقق – كما كان متوقعاً هنا عندما بدأت العملية البرية. نسبة التوقعات لتدمير نظام حماس وتفكيك كل قدراتها العسكرية كانت مرتفعة جداً، خصوصاً في إطار زمني محدد، بضعة أشهر. حكم على الحرب أن تطول، ويصعب تصديق أنه بالإمكان تفكيك المنظمة بالكامل حتى في المستقبل.

إضافة إلى ذلك، فقد خلقت ظروف لإعادة المخطوفين: إذا كانت الحكومة والجيش ادعوا في بداية الحرب بأن العملية البرية هي التي أدت إلى عقد صفقة المخطوفين الأولى، فبات واضحاً الآن أنه يصعب فرض صفقة ثانية وثالثة على حماس بالقوة لإطلاق سراح الـ 134 مخطوفاً الباقين. والأصعب أن المزيد من المخطوفين يموتون في الأسر، وأي تأخير يستند إلى أمل نظري لتحقيق الهدف الأول فيما بعد، سيمس بتحقيق الهدف الثاني.

ما الذي يؤلم حماس؟ حسب ضباط في الجيش الإسرائيلي، فإن قيادة حماس تتأثر من قتل قادة كبار آخرين في المنظمة وفقدان الأرض لفترة زمنية طويلة ومن محاولات إسرائيل تقييد سيطرة حماس على القطاع. بخصوص قتلى حماس، عرض الجيش الإسرائيلي تقديرات مختلفة تراوحت بين 9 – 12 ألفاً. المنظمة نفسها، في تطرق نادر في منتصف شباط في مقال في “رويترز”، قدرت عدد شهدائها بحوالي 6 آلاف. من المرجح أن العدد الحقيقي في مكان بين هذين التقديرين. من الواضح أن الجيش الإسرائيلي، مثل جيوش غربية أخرى في حروب إرهابية وحروب عصابات، يميل إلى “إحصاء جثث مبالغ فيه، وأحياناً يحصي المدنيين، بالأساس الرجال الذين وجدوا في مبنى تم تفجيره أو في منطقة تم تحديدها قرب المواقع العسكرية، لمنع الخطر على القوات”.

يجب أيضاً عدم تجاهل الضغط من الأعلى لـ “تقديم أرقام”، أي قتل المزيد من الأعداء والنشر عنهم. لهذا الطلب دور في تفجير سيارات الإغاثة في دير البلح هذا الأسبوع، الذي قتل فيه سبعة من عاملي الإغاثة في منظمة دولية.

قتل هذا الأسبوع القتيل الـ 600 منذ بداية الحرب. سقط حوالي نصف القتلى في العملية البرية التي بدأت في نهاية تشرين الأول. ما زال هذا رقماً متدنياً بدرجة كبيرة عن التوقعات الكئيبة التي سمعت في الجيش عشية الغزو. أثبتت الحرب أنه لا توجد قدرة على الوقوف أمام فرقة إسرائيلية ووقف تقدمها. اختارت حماس طريقاً بديلة: تم تفكيك الكتائب والألوية القطرية إلى خلايا صغيرة تحت المكبس الإسرائيلي، التي حاولت المس بالقوات أثناء تقدمها، خاصة بعد أن توقفت واحتلت أراضي.

سلاح الفلسطينيين الأنجح في الحرب تبين أنه صاروخ “آر.بي.جي” القديم، الذي ما زال يسقط إصابات كثيرة، بالأساس في مواقع الحراسة الثابتة. جزء كبير من الجهد الحربي الفلسطيني مرتبط بالتوثيق. إذا لم يكن هناك فيلم فيديو لقتل جنود، الذي يتم نشره بسرعة، فكأن شيئاً لم يحدث، وفق رؤية حماس.

إلى جانب النصر المطلق، يعد نتنياهو أيضاً باحتلال رفح. فعلياً، الاستعدادات عالقة. في محادثات “الزوم” التي جرت هذا الأسبوع بين جهات رفيعة أمريكية وإسرائيلية، أوضحت الإدارة الأمريكية بأن على الجيش الإسرائيلي العثور على طريقة لإخلاء نحو 1.3 مليون مدني فلسطيني من رفح قبل دخول المدينة، هذا إذا دخلها أصلا. الطرفان اسمعا أيضاً تقديرات مختلفة بخصوص الفترة الزمنية المطلوبة لإخلاء السكان، لأن الذهاب إلى عملية في رفح سيستغرق وقتاً، فمن المرجح أن تبحث إسرائيل لنفسها عن أهداف أخرى. ثمة احتمالية معقولة، وهي اقتحام مخيمات اللاجئين، منها النصيرات ودير البلح في وسط القطاع.

قال رئيس الأركان هرتسي هليفي في لقاء مع الجنود في خان يونس بأن التوصل إلى اتفاق لتبادل المخطوفين “مهمة عليا ستأتي بضغط أقوى. سنضغط كلما كانت حاجة لذلك”. الجديد هو في الشطر الأول للجملة الذي يوضع للمرة الأولى في الأفضلية العليا، وهو المشاعر التي سمعت الآن من القيادة العسكرية العليا. ولكن لتحقيق ذلك، ستكون حاجة للتنازل عن رفض إسرائيل السماح بعودة جماعية للسكان الفلسطينيين إلى شمال القطاع، وهو موقف يتبناه ليفي أيضاً.

في الفترة الأخيرة، على خلفية مهاجمة قافلة المساعدات، جرت محادثات متوترة بين جهات رفيعة في واشنطن والقدس. انتقد الأمريكيون نشاطات الجيش الإسرائيلي بشدة وطلبوا شفافية كاملة حول التحقيق واستنتاجاته. نجحت إسرائيل بشكل ما في المس بكل ما تقول الإدارة الأمريكية إنه مهم لها – منع الجوع وتجنب قتل المدنيين وتدمير المباني وحماية المنظمات الدولية. من المرجح أن الأحداث الأخيرة المؤسفة للجيش الإسرائيلي ستزيد الضغط من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار. ولكن في موقف المساومة الإسرائيلي الحالي، ليس من المؤكد أن يرتبط ذلك بصفقة لتبادل المخطوفين. ويمكن التقدير أن حماس، التي لاحظت وجود موقف أفضلية لها، ستستغل ذلك للتشدد في طلباتها. في المحادثة الهاتفية الليلية أمس بين بايدن ونتنياهو، طلب الرئيس الأمريكي من إسرائيل التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار.

 

الإرساليات تتأخر

 

التوتر مع الولايات المتحدة قد يؤثر سلباً على ما يحدث في الجبهة الآخذة في التطور بين إسرائيل وإيران. في الوقت الذي كان فيه الرئيس الأمريكي يشتاط غضباً من نتنياهو، كم سيكون الدعم الذي سيعطيه إياه إزاء تهديدات إيران بالانتقام من إسرائيل؟ في خطابه المشهور في 10 تشرين الأول، وقف الرئيس بصورة كاملة إلى جانب إسرائيل وحذر جميع الأطراف، لا سيما إيران وحزب الله، من الانزلاق إلى حرب إقليمية. الآن النظام في طهران يتهم إسرائيل بعملية الاغتيال في دمشق لشخصية رفيعة في حرس الثورة الإيراني، حسن مهداوي.

رئيس الأركان الأمريكي، تشارلز براون، قال مؤخراً في محادثة مع المراسلين إن إسرائيل لم تتسلم من الولايات المتحدة كل السلاح الذي طلبته أثناء الحرب في غزة. جهات رفيعة في جهاز الأمن في إسرائيل أكدت أن هناك إبطاء في وتيرة إرسال السلاح من الولايات المتحدة، ويبدو أن السبب سياسة متعمدة من البنتاغون بتوجيه من البيت الأبيض.

نشرت “نيويورك تايمز” أمس بأن الرئيس الأمريكي يفحص بجدية وقف المساعدات الأمنية أثناء الحرب بسبب غضبه من إسرائيل. يظهر الأمريكيون تسامحاً نسبياً حتى الآن، مع الأخذ في الحسبان قوة الانتقاد الدولي لإسرائيل بسبب سلوك الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.

وفي مركز البلاد في الفترة الأخيرة، كان يمكن ملاحظة حركة متزايدة لطائرات قتالية في السماء، التي ذكّرت بوضع الأشهر الأولى للحرب. السبب في هذه المرة ليس فقط الخوف من اشتعال شامل على حدود لبنان مع حزب الله، بل استعداد لسيناريو من رد إيراني مباشر الذي قد يشمل هجوماً بصواريخ مجنحة ومسيرات من إيران والعراق، أو إطلاق نار كثيف لصواريخ من مليشيا شيعية في دولة مجاورة. وتقرر على هذه الخلفية تجنيد استثنائي للاحتياط في سلاح الجو وإلغاء الإجازات في نهاية الأسبوع للجيش النظامي. وتشويشات الـ جي.بي.اس التي بادر إليها الجيش الإسرائيلي وصلت إلى مركز البلاد وعملت على شل نشاط تطبيقات مثل “الويز”، وهذه مشكلة يعرفها السكان في الشمال منذ تشرين الأول.

موجة المنشورات والتصريحات حول هذا الأمر أثارت الذعر في أوساط الجمهور. واضطر المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي إلى نشر توضيح يفيد بأنه لم يطلب من المواطنين التزود بالمولدات الكهربائية والمعلبات. تقدير نوايا إيران يرتبط أيضاً بالتقويم السنوي. فاليوم هو الجمعة الأخيرة من رمضان، الذي هو يعد “يوم القدس” الذي يحتفل به النظام الإيراني. هناك احتمالية كبيرة لعمليات، وفي الساحة الفلسطينية.

تهدد إسرائيل إيران منذ فترة طويلة. ففي السنوات الأخيرة وفي ظل الحكومات المتبدلة برئاسة نتنياهو ونفتالي بينيت ويئير لبيد، يبدو أن هناك جرأة إسرائيلية متزايدة في اختيار الأهداف الإيرانية التي تتم مهاجمتها.

لكن السؤال هو ما إذا كانت عملية الاغتيال الأخيرة لن تحقق نتيجة معاكسة. على الأغلب، يتولد انطباع بأن إسرائيل انجرت إلى مثل هذه الخطوات من خلال رغبة في استغلال فرصة عملياتية محصورة الوقت دون أن تفحص التداعيات بعمق. كان هذا صحيحاً أيضاً عند عملية اغتيال رئيس حزب الله عباس موسوي في 1992، وهي العملية التي عرضت على العالم وريثه حسن نصر الله، وأدت إلى عمليات انتقامية قاسية في الأرجنتين.

تهديدات إيران بالانتقام تضاف إلى المواجهة مع حزب الله. الجيش الإسرائيلي في الحقيقة أبعد معظم أعضاء قوة الرضوان، قوة النخبة في الحزب، عن المنطقة القريبة من الحدود، ودمر جزءاً كبيراً من مواقع حزب الله في جنوب لبنان. ولكن لم يحقق بذلك أي حل يتيح له عودة الـ 60 ألف مواطن إسرائيلي الذين اضطروا إلى ترك بيوتهم بتعليمات من الجيش والحكومة في تشرين الأول الماضي. في ظل غياب وقف إطلاق النار وعدم وجود اتفاق تبادل في الجنوب، سيكون من الصعب تهدئة النفوس في الشمال. وإن إطالة زمن الأزمة مع حزب الله قد تسرع حرباً واسعة تشمل غزواً برياً إسرائيلياً لأراضي لبنان. وهي احتمالية يجب أخذها في الحسبان رغم أنها ليست حتمية تماماً كما يمكن أن يظهر في بعض التصريحات العلنية في إسرائيل.

--------------------------------------------

معاريف 5/4/2024

 

حين تبحث دول عن فرص استثمارية في بطون الغزاويين الخاوية

 

 

بقلم: جاكي خوجي

 

وجد الرئيس الأمريكي بايدن صعوبة في كبح جماح غضبه. ففي فجر الأربعاء انضم هو أيضاً إلى قائمة الزعماء الذين شدوا على أسنانهم في ضوء الكارثة في دير البلح. طائرة من الجيش الإسرائيلي أطلقت النار بالخطأ نحو قافلة إغاثة دولية فقتلت سبعة عاملين. “أشعر بالغضب”، قال بايدن، وليس صعباً أن نفهم إلى أي اتجاه تسير أقواله. فقد قال إن إسرائيل لم تفعل ما يكفي لحماية العاملين.

المأساة في هذه القصة أكبر مما يمكن وصفها. عاملو منظمة المطبخ المركزي العالمي ساعدوا إسرائيليين دمرت بيوتهم بعد 7 أكتوبر. قدموا لهم الغذاء المجاني وغيره من الاحتياجات، وحظوا بعطف الكثير من سكان الغلاف. في منتصف ليل الإثنين، سافرت القافلة نحو ميناء غزة، حيث كان يفترض أن تصل في الغداة سفينة إغاثة محملة بالأغذية والأدوية. أمسك بهم ملاك الموت وهم في طريقهم.

قضيتم على المهنة، قال لنا أصدقاؤنا بعد قتل عاملي المطبخ. لقد تطور الحدث إلى حجوم عملية مضادة دولية وسرع المطالبة من إسرائيل بوقف الحرب. كشف إحدى المشاكل المركزية لجهاز الأمن في إدارة المعركة – الجانب الإنساني. لقد تعلمت إسرائيل في هذه الأيام بأن بطن الغزيين ليس مشكلتهم وحدهم. كما أن حجوم الخراب في القطاع لن تكون مشكلة سكانه فقط. والحصار الذي فرضناه عليهم حتى 7 أكتوبر لم يضر بهم فقط، بل أصبح سيفاً مرتداً. في القطاع هذه الأيام، مشاكله هي أيضاً مشاكلنا. من سيهرب منها سيكتشف أنها تلاحقه.

تسعى الأسرة الدولية لتعليق إسرائيل على الشجرة الإنسانية هذه الأيام. أصدقاؤنا يتساءلون كيف مرت نصف سنة والجيش الإسرائيلي، بصفته القوة المسيطرة في قطاع غزة، لم يجد بعد الطريق المناسب للسماح بإدخال منتظم للغذاء لسكان القطاع. اليوم يدخل بين 60 إلى 180 شاحنة غذاء في اليوم. الطلب لـ 500 شاحنة، مثلما كان يدخل قبل الحرب. لا تريد إسرائيل أن تسوي المشكلة وتورد الاحتياجات الغذائية للسكان. فهي ترى في هذا وسيلة ضغط لتجويع حماس. وترفض أي تسوية مع السنوار تكشف اتصالاً به، حتى لو وقعت بشكل غير مباشر.

كل اللاعبين في المنطقة ملوا هذه الحرب، ويخشون من اتجاهها. لكن ليس لديهم أدنى فكرة عن موعد انتهائها وما هو هدف إسرائيل النهائي. في الشهرين الأخيرين، بدأت تنشأ في القطاع جيوب جوع. ليس لأغراض الدعاية بل جوع حقيقي. حكومات غربية وعربية بدأت تتصدى للمسألة، أين كنتم عندما جوع الإسرائيليون مواطني غزة. الصبر آخذ بالنفاد.

 

الرصيف والمال

 

تقبع بين السطور مسألة اقتصادية كبرى. ليس صدفة أن غضب الأمريكيون، وقبلهم الإماراتيون، على قتل السبعة. غزة التي تكف عن قدرة السداد، بقدر ما يبدو هذا مفاجئاً، تبدو فرصة تجارية هائلة للمستثمرين من العالم كله، إذا ما سمحت إسرائيل بإعمارها. هذان الطرفان يتعاونان في بناء المرفأ الإنساني في غزة. سيقيم الأمريكيون في الأسابيع القادمة رصيفاً مؤقتاً وسيفعلون خط سفن من لارنكا في قبرص. ودور الإمارات تمويل الإرساليات نفسها. سفينة أمريكية تشق طريقها إلى هنا هذه الأيام كي تعالج الجانب اللوجستي. هذا الأسبوع، مع نبأ الكارثة في دير البلح، أعلنت أبو ظبي عن تجميد المشروع. التجميد مؤقت، ويستهدف رفع علم، بمعنى توجيه التهمة لإسرائيل، وهكذا ممارسة ضغط إضافي عليها لإنهاء الحرب.

تأتي إقامة الرصيف البحري الإنساني للسماح للإماراتيين والأمريكيين بدق وتد تجاري في قطاع غزة. فهم يراهنون على إعمار غزة في السنوات القادمة، وباتوا يضعون في باب الخروج المركزي لها – الميناء المستقبلي. والمصريون أيضاً يعولون على امتيازات مستقبلية، وكذا الفرنسيون. الكل سيرغب في جلب شركاته الحكومية للاستثمار في القطاع. 90 مليار دولار، قال الرئيس المصري السيسي، المطلوب لإعمار القطاع. وأقواله سببت قلقاً، لكنها أخفت الطاقة الكامنة.

أما إسرائيل فترى أن هذه الكارثة جاءت في الوقت الأكثر حساسية. بعد بضعة أيام من التدمير الهائل الذي خلفه الجيش الإسرائيلي في مستشفى الشفاء (العالم قلق من الصور وبقدر أقل من الحقيقة الصادمة بأن المؤسسة الطبية كانت قاعدة عسكرية لحماس)، وبعد بضعة أسابيع من قتل جنود الجيش بالخطأ، مدنيين معدمين انقضوا على قافلة قمح في ظلمة الليل في غزة، وقبل الحملة في رفح التي يسعى الجيش الإسرائيلي لخوضها في مدينة مزروعة بالخيام، التي أغلبية سكانها نازحون… من سيصدق الآن بأننا سنعمل بشكل جراحي في رفح.

“لا يمكن حشر 50 في المئة من سكان قطاع غزة في 10 في المئة من المساحة، والتوجه إلى هناك ومهاجمتهم”، قال أول أمس رئيس حكومة قطر محمد بن جاسم آل ثاني. “هذا غير ممكن دون ارتكاب إبادة جماعية واسعة، إلى جانب الإبادة الجماعية التي سبق أن ارتكبت قبل ذلك في غزة”، هذه هي اللغة.

نصف سنة منذ نشوب الحرب، ووضع إسرائيل، على أقل تقدير، ليس لامعاً. في هذا الأسبوع، فقدنا المزيد من الائتمان السياسي. ثمة حكومات في المنطقة تتحدث عن إبادة جماعية في القطاع، والشوارع تدعو لإحضارنا إلى لاهاي. الجيش الإسرائيلي، الذي فقد 600 مقاتل حتى الآن، يبدو مستنزفاً ومحرجاً حرجاً لا مثيل له بعد إصابة المنظمة الإنسانية. “إسرائيل لا تقاتل، إسرائيل تقتل”، قال هذا الأسبوع دبلوماسي أوروبي لأصدقائه في أحاديث مغلقة. وإذا لم يكن هذا بكاف، فقد تسلل توتر حاد إلى علاقات إسرائيل وقطر بالذات في ذروة المفاوضات لتحرير المخطوفين. حزب الليكود أجاز في الكنيست “قانون الجزيرة” بتأييد وعلم نتنياهو. رداً على ذلك، هاجم رئيس وزراء قطر نتنياهو بلغة غير مسبوقة، دون ذكر اسمه. “لا يمكننا ترك مصير المنطقة في أيدي بضعة سياسيين مغامرين، يحاولون تعريض مصيرها للخطر باسم مصالحهم فقط”. قال محمد بن جاسم. “لهؤلاء السياسيين آلية الاتهام الذاتي. بدلاً من التعاون بشكل بناء، اقتراح الحلول وعدم وضع العراقيل، يلعبون بالاتهامات”.

بعد كل هذا، لا غرو أن المفاوضات حول وقف النار قد انهارت للمرة الثالثة هذا الأسبوع. “المحادثات عالقة حيثما كانت في قمة باريس في شباط”، قال رئيس وزراء قطر.

---------------------------------------------

 

جيروزاليم بوست 5/4/2024

 

 

لاتصالات الخاصة بالصفقة التي فاتت بعد أيام قليلة من 7 أكتوبر

 

بقلم: تسفيكا كلاين

في عالم دبلوماسية الشرق الأوسط المعقد، تثبت قطر أنها دولة متناقضة، فهي تقدم نفسها باعتبارها وسيطاً وصانعاً للسلام، وتساعد في المفاوضات الرامية إلى إطلاق سراح الاسرى، فضلاً عن المشاركة النشطة في المناقشات الإقليمية ـ وهو الموقف الذي وضعها في دائرة الضوء الدولية بعد الهجوم الذي قادته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وهذا الدور، كما عبر عنه كبار المسؤولين القطريين خلال زيارتي للمملكة، يكشف عن أمة تسعى لتحقيق هدف أكبر على الساحة الدولية. ويقولون إن جهودهم تتماشى مع الأهداف الأوسع للقوى العالمية مثل الولايات المتحدة والكيان، والتي تهدف إلى تعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط المضطرب.

في الأسبوع الماضي، أجريت أكثر من 15 ساعة من المقابلات مع كبار المسؤولين الحكوميين القطريين، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم. وكانوا حريصين على مشاركة التاريخ المعقد بين البلدين، والحالة الراهنة لعلاقتهم مع الكيان في العقود الأخيرة. وكانوا متحمسين بشكل خاص للحديث عن الدور الحيوي الذي لعبوه في الأشهر الستة الماضية. كان محور كل المقابلات التي أجريتها في قطر هو دعمها الواضح لحركة حماس وكذلك جهودها لتحرير الاسرى الـ 253، العديد منهم إسرائيليون، الذين تم أسرهم في 7 أكتوبر وما زال الكثير منهم محتجزين في أنفاق حماس.

في جميع أنحاء غزة، إن استئناف قطر كوسيط ومفاوض في صفقات الأسرى، وعلاقتها مع حماس، هو ما سمح للدوحة بلعب دور بارز كوسيط في أزمة الأسرى، كما قال المسؤولون في المملكة وشهدوا أنهم تمكنوا من إنتاج اتفاق. صفقة إطلاق سراح الأسرى المحتملة مباشرة بعد 7 أكتوبر.

وكشف مسؤول كبير مقرب من الحكومة القطرية خلال محادثة هاتفية: "لقد اتصلنا بالكيان بعد وقت قصير جدًا من 7 أكتوبر، أي بعد يومين تقريبًا، لإبلاغها بأننا توصلنا إلى اتفاق مع حماس بشأن إطلاق سراح جميع الاسرى المدنيين".

وأوضح المصدر أن الكيان لم يرد بهذه السرعة، وأضاف المصدر: "لم ترد علينا إسرائيل إلا في 16 تشرين الأول/أكتوبر"، مشيراً إلى أن الكيان عازم على دخول غزة ومحاولة تحرير الأسرى بنفسها، فضلاً عن استعادة الردع، وعندما سُئلوا عن الاسرى الـ 134 المتبقين في غزة، زعموا جميعًا أن حماس لا تشاركهم المعلومات حول مكان وجودهم أو حالتهم. وعندما سئلوا عما إذا كان بإمكانهم الحصول على معلومات حول من كان حيًا أو ميتًا، قالوا جميعًا إنهم لم يحصلوا على هذه المعلومات، على الرغم من أنهم طلبوا ذلك. وعندما سألت مسؤولا قطريا كبيرا عن "تصورات جمهور الكيان بأن قطر تستضيف حماس في الدوحة وترسل حقائب مليئة بالنقود إلى غزة"، تردد. وشدد هؤلاء المسؤولون على أن المساعدات الإنسانية والدعم المالي لغزة، "والتي غالباً ما يُساء تفسيرها"، كانت في الواقع إجراءات تم اتخاذها بناءً على طلب الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية. وكانت هذه المساعدات تستهدف على وجه التحديد الأسر الأكثر فقراً في غزة، مع فرض قطر صرامة على هذه المساعدات، وتحويل الأموال إلى المستفيدين المدرجين من قبل منسق العمليات بحكومة المناطق.

إضافة إلى ذلك، تم الكشف عن استضافة قيادات حماس في الدوحة، وهي قضية مثيرة للجدل، كقرار استراتيجي تم اتخاذه بطلب من الولايات المتحدة. ووفقا لهم، فإن هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز الحوار والرقابة و"عدم دعم أيديولوجيات الجماعة أو أفعالها على الإطلاق ".وأضاف أن "حكومتي الكيان والولايات المتحدة هما اللتان طلبتا منا منع حدوث أزمة إنسانية وتقديم الدعم المالي لمواطني غزة، وكذلك موظفي السلطة الفلسطينية، من أجل الحفاظ على الشعور بالاستقرار في المنطقة".

"قبل الحرب بين الكيان وحماس، كشف المسؤول القطري أن الأميركيون والإسرائيليون "كانوا أيضاً هم الذين طلبوا منا السماح لقادة حماس بالبقاء في الدوحة، لأنهم يفضلونهم الدوحة على طهران أو بيروت".

الوساطة للولايات المتحدة

وأول اسيرتين أطلقتهما حماس هما الأمريكية جوديث رعنان، 59 عاماً، وابنتها ناتالي، 17 عاماً، اللتان تعيشان في إلينوي، بعد أسبوعين تقريباً من اسرهما بالقرب من غزة، وأوضح أن قطر شاركت في كل خطوة من خطوات إطلاق سراحهم، والذي كان قرارًا أحاديًا من جانب حماس لإظهار قدرتها على تلبية جانبها في صفقة الاسرى المحتملة. وأوضح أن إطلاق سراح المرأتين جاء بسبب "ضغوط أميركية" وأن "هذا كان تكتيكاً استخدمته حماس لإيقاف المراقبة الجوية دون الاضطرار إلى التوقيع على صفقة". وأضاف: "كانت العملية معقدة للغاية واستمرت 12 ساعة، ولم يتمكن ممثل حماس في غزة من التواصل مع ممثلي اللجنة الدولية للصليب الأحمر لأن ذلك الشخص من حماس لا يتحدث الإنجليزية والصليب الأحمر لا يتحدث العربية، وممثلنا في الميدان هو الذي توسط في إطلاق سراحه بالكامل".

وفي محادثة أخرى مع مسؤول حكومي قطري كبير، سألته عن رد فعلهم عندما رأوا الأخبار في 7 أكتوبر. "لقد صدمنا وفوجئنا. بدا الأمر كما لو كان من عمل داعش". وأضاف: "تحدثنا على الفور مع حماس، فقالوا في البداية: هؤلاء ليسوا عناصرنا؛ هذا خارج عن السيطرة". وبحسب هذا المسؤول، "أخبرناهم أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراء فوري لإطلاق سراح الجميع".

عندما سألت إذا كانت حماس قد شاركت صورًا أو أدلة على حياة أي من الأسرى أجاب جميع المسؤولين أنهم لم يشاركوا أبدًا مثل هذه الأدلة. وعندما سُئلوا كيف أنهم لن يسمحوا لأنفسهم بإظهار أي نوع من الإدانة لحماس وأعمالها الوحشية، قال أحد كبار المسؤولين الحكوميين: "ضع نفسك في مكاننا. منذ يناير 2023، كان الكيان يدار من قبل يمين متطرف". حكومة جناح يصدر قادتها تصريحات فظيعة كل يوم". وقد ذكر المسؤولون عدة مرات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير كأسباب فشل الحكومة في 7 أكتوبر والعوامل التي أدت إلى فشل الأجهزة الأمنية، وعندما فهمنا الواقع على الأرض، قمنا على الفور بتغيير نهجنا".

 

*قطر كمفاوض*

 

في مقر الحكومة بالدوحة، خلف أبواب مغلقة، مع العديد من الحواجز الأمنية وفي منطقة محظورة، كشف مسؤول أمني كبير في الحكومة القطرية أن وزراء خارجية ست دول إسلامية في الشرق الأوسط [بما في ذلك السلطة الفلسطينية] اجتمعوا مؤخرا . لقد ناقشنا إنشاء "خطة اليوم التالي" للسلطة الفلسطينية وغزة، والتي تتضمن دولة فلسطينية وتطبيع المملكة العربية السعودية وربما حتى قطر مع الكيان، والدول هي قطر والإمارات العربية المتحدة والأردن ومصر والسلطة الفلسطينية. وبدأ الاجتماع مباشرة بعد المؤتمر الأمني الذي عقد في ميونيخ في فبراير الماضي. وبحسب المصدر الرفيع، سيتم إرسال الخطة النهائية إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وسيتم عرضها على الكيان نيابة عنه، بدعم من الدول الخمس والسلطة. وبحسب المصدر، فإن الخطة المقترحة تتضمن ثلاثة عناصر رئيسية تهدف إلى خلق "سلام إقليمي". الأول والأكثر إلحاحاً هو إطلاق سراح الاسرى من قبل حماس و"وقف محدود لإطلاق النار". والثاني هو توحيد الحركتين الفلسطينيتين الرئيسيتين، حماس وفتح، و"تعزيز السلطة الفلسطينية بالطريقة الصحيحة". وسيكون الهدف هو تشكيل قيادة فلسطينية واحدة في غزة والضفة على أن تكون السلطة المتجددة مظلتها. "القضية هي اجتثاث التطرف وتهميش حماس من أجل تشكيل حكومة تكنوقراط ('لا علاقة لها بحماس بأي شكل من الأشكال') للفلسطينيين والتي ستسمح في وقت لاحق بإجراء انتخابات ديمقراطية حقيقية. وقد اعترفت جميع الأطراف التي تحدثت معها بأن السلطة الفلسطينية الحالية "فاسدة" وأن السبب الوحيد الذي يجعلهم يدعمونها اقتصاديًا هو أن "الولايات المتحدة والكيان طلبتا منا القيام بذلك". أما العنصر الثالث فهو التزام واستثمار جميع الدول العربية المذكورة في الدعم والمساعدة في إقامة حل الدولتين وكذلك من خلال إنشاء قوة أمنية دولية في هذه المناطق - لضمان سلامة الإسرائيليين والفلسطينيين. "تفهم حماس أنهم سجلوا هدفا في مرماهم وأن الولايات المتحدة لن توافق على التعامل معهم بعد انتهاء الحرب. إنهم يفهمون أنهم بحاجة إلى التغيير كحركة. وبخلاف ذلك، لن يتمكنوا من أن يكونوا جزءا من السلطة الفلسطينية الجديدة التي سيتم بناؤها". وبينما يرى الكثيرون في النظام السياسي بالكيان أن قطر عدو للكيان (قال عضو الكنيست عميحاي شيكلي، وزير الشتات لصحيفة جيروزاليم بوست في ديسمبر/كانون الأول: "لا ينبغي قبول قطر كوسيط"، إلا أن رؤساء قوات الأمن بالكيان اعتقدوا أن قطر ليست عدوة للكيان. خلاف ذلك. لقد زاروا قطر مرارا وتكرارا وطلبوا منهم التوسط نيابة عن الطيان والولايات المتحدة. وفي عصر حيث لا يثق الإسرائيليون في قيادتهم بل يتجدد إيمانهم بكياناتهم الأمنية، ليس من الواضح ما إذا كان الجمهور الإسرائيلي سوف يعتمد على هذه القضايا. الأمن القومي والعلاقات الاستراتيجية في رؤساء الشاباك والموساد أو في الحكومة الإسرائيلية. وفي خضم المشهد الحديث للدوحة، فإن دور قطر المعقد في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط معقد وغامض، ولكن هناك بالتأكيد العديد من ظلال اللون الرمادي هنا، في عالم يعتقد معظمنا أنه أبيض أو أسود.

---------------------------------------------

 

صحف عالمية: إسرائيل منبوذة وإستراتيجية نتنياهو في غزة مُنيت بفشل ذريع

 

 

5/4/2024

سلطت صحف ومواقع إخبارية عالمية الضوء على تصاعد الخلافات الأميركية الإسرائيلية على خلفية الحرب المستمرة التي تشنها تل أبيب ضد قطاع غزة، وتداعيات مقتل عمال الإغاثة الأجانب في غارة إسرائيلية.

وقالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية، إن رفض إسرائيل الانخراط في المسار الدبلوماسي سيقود إلى مستقبل يتسم بانعدام الأمن والحرب الدائمة وجعل إسرائيل منبوذة.

وأوضحت الصحيفة - في مقال للكاتبة كورين ميلول- أن الفوائد الإجمالية للحرب بالنسبة لإسرائيل حتى الآن تظل مخيبة للآمال، كما أن "إستراتيجيةَ حكومة بنيامين نتنياهو في استخدام الضغط العسكري لإطلاق سراح الرهائن مُنيت بفشل ذريع".

 

إسرائيل عالقة ومعزولة

 

ونشرت مجلة "فورين أفيرز" الأميركية مقالا بقلم دانييل بايمان مدير برنامج الدراسات الأمنية في جامعة جورج تاون قال فيه، إن إسرائيل عالقة في غزة وتظل بعيدة كل البعد عن هدفها المتمثل في تدمير حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وأوضح أن إسرائيل يبدو أنها متورطة في حملة عسكرية من غير المرجح أن تحقق سوى تقدم تدريجي وبتكاليف باهظة، مطالبا الإدارة الأميركية بأن تتحلى بالصدق عبر دفع إسرائيل بقوة في الاتجاه الذي ينبغي أن تسلُكَه.

بدورها رأت الكاتبة روث ماركوس رأت في مقال بصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أن إسرائيل تواجه حاليا ما سمتها عزلة حزينة بعد 6 أشهر من هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأضافت الكاتبة، أنها زارت إسرائيل في الآونة الأخيرة وشعرت أن البلد في حالة صدمة، كما يشعر الإسرائيليون على اختلاف انتماءاتهم السياسية بأنهم محاصرون.

 

المساعدات العسكرية لإسرائيل

 

من جانبها ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن الرئيس الأميركي جو بايدن غير راغب حتى الآن في فرض شروط على المساعدات العسكرية لإسرائيل رغم انتقاداته الحادة لها، وفق محللين.

ونقلت عن آرون ديفيد ميلر، الباحث البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي قوله "إن التوتراتِ المتزايدة على حدود إسرائيل مع لبنان تجعل بايدن حذرا للغاية من إرسال أي إشارات تفيد بأن أميركا تبتعد عن حليفتها إسرائيل".

أما صحيفة "الغارديان" البريطانية فقد نقلت عن عمدة لندن صادق خان قوله إنه يجب إيقاف مبيعات الأسلحة البريطانية لإسرائيل.

ووفق الصحيفة فإن صادق خان أصبح أبرز الشخصيات السياسية من حزب العمال الداعية إلى وقف فوري لمبيعات الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل، حيث تتصاعد الانتقادات داخل بريطانيا بشكل كبير ضد إسرائيل عقب مقتل 7 من عمال الإغاثة الدوليين.

بدورها قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، إن الهجوم الصاروخي على قافلة عمال الإغاثة كشف بجلاء عن أوجه القصور والأخطاء القاتلة في إجراءات السلامة التي تطبقها القوات الإسرائيلية لحماية المدنيين.

ويرى خبراء عسكريون - وفق تقرير الصحيفة - أن الاعتبارات الإنسانية تحظى باهتمام محدود بسبب عدم وضوح المهام للقوات الإسرائيلية في غزة.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق