05 آيار 2024 الساعة 09:06

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الجمعة 29/3/2024 العدد 973

2024-03-30 عدد القراءات : 72
 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

 

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

هآرتس 29/3/2024

 

الحـــرب الأكـــثر فـشــلاً فــي تــاريـــخ إســرائـيــل

 

بقلم: أوري مسغاف

حرب نتنياهو هي الحرب الأكثر فشلاً في تاريخ إسرائيل.

منذ 7 تشرين الأول ساء وضع الدولة في كل الجبهات. معظم الإسرائيليين يعيشون في فيلم أو في صدمة المعركة ولم يستوعبوا بعد الواقع.

هذا مخزن وفظيع، وبالأساس مدهش إزاء حقيقة أنه من ناحية عسكرية وقف أمام إسرائيل العدو الأضعف في تاريخ حروبها.

متوحش، بربري، مخادع، لا توجد له ملامح أخلاقية حتى تجاه شعبه، لكنه ليس لديه فرق عسكرية وطائرات ودبابات وناقلات جند وغواصات.

إسرائيل هزمت في ضربة الافتتاح لـ 7 أكتوبر. لقد وجدونا في حالة رضا عن النفس وعدم الاستعداد.

نحن تكبدنا 1200 قتيل من المدنيين والجنود، و240 مخطوفاً وآلاف المصابين.

عدد كبير من المواقع العسكرية تم اقتحامها وبعضها تم احتلالها. عشرات البلدات أصبحت ساحة ذبح ونهب وتدمير.

في الحرب التي تستمر منذ 8 تشرين الأول إسرائيل لم تنتصر، رغم بطولة وتضحية القادة والجنود. 252 منهم سقطوا في المعركة والآلاف أصيبوا، وكثيرون سيعانون من الإعاقة طوال حياتهم. عدد المصابين بالصدمة النفسية والذين سيمشون بيننا في المستقبل لا يمكن إحصاء عددهم. فقط 3 مخطوفين تمت إعادتهم بعملية عسكرية، بعضهم مات أثناء القتال.

تعرضت حماس لضربة قاسية ولكنها لم تتدمر. هذا الأسبوع تم إطلاق - مرة أخرى - صواريخ على أسدود وسدروت.

جنود الجيش والشباك يخوضون معارك في ساحات سبق احتلالها خلال المعركة، ورجال حماس والجهاد الإسلامي تمكنوا من العودة إليها.

لقد كان لإسرائيل كل التبريرات للرد بصورة عسكرية وقاسية. حماس اقتحمت حدود 1948، إلى داخل منطقة سيادية لا يوجد اليوم أي خلاف حقيقي عليها (باستثناء اللاساميين المحترفين الذين يكرهون إسرائيل و"مجانين" اليسار التطهري والجاهل).

بدعم منهم وعلى ضوء سرور الكثيرين من سكان غزة قام مخربو حماس بقتل واغتصاب واختطاف والتنكيل بمدنيين، معظمهم يحبون السلام والتعايش، وفي كل الأحوال أبرياء وعاجزون.

كان يجب أن تكون هذه هي الحرب المبررة والأخلاقية في تاريخ إسرائيل منذ 1948.

وبدلاً من ذلك، بعد نصف سنة تم دفع إسرائيل إلى الموقف الدولي الأصعب في تاريخها القصير. والمتهم بذلك هو بنيامين نتنياهو الفاشل والمريض والذي ليس لديه شجاعة أو مواهب، وأيضاً شركاؤه ومساعدوه.

كل ذلك كان يجب أن يتم بشكل مختلف. معركة سريعة وقصيرة ضد أهداف واقعية وليس مسيحانية التي هدفها هو ضرب العدو بشدة.

ليس كانتقام وإحباط وحاجة إلى التنفيس، بل من أجل الردع وكوسيلة لتغيير عميق في الواقع بين غزة والنقب، وبعد ذلك بين فلسطين وإسرائيل.

بعد ضربة جوية ومدفعية كان يمكن تحريك، في المقابل، عمليتين أو ثلاث عمليات برية سريعة من الشرق إلى الغرب، وقتل أكبر عدد ممكن من الشهداء في نظر أنفسهم وعائلاتهم، والتوصل إلى صفقة شاملة لتبادل الأسرى والمخطوفين والوقوف مرة أخرى على الحدود مع نقل القطاع لإدارة مشتركة من الغرب والمحور العربي المعتدل على أساس م.ت.ف والسلطة الفلسطينية في الضفة، التي اعترفت منذ فترة طويلة بدولة إسرائيل ووجودها.

هذه العملية كان يمكنها أن تمكن من التفرغ بسرعة – سياسياً وعسكرياً – لعلاج الكارثة الحقيقية التي أنزلها نتنياهو وحكومته على إسرائيل في بداية 8 تشرين الأول.

الإخلاء المهين من شمال البلاد، المنطقة المزدهرة والتي تحب السلام والحياة، والتي في العقد الأخير نهضت بشكل مدهش من صعوبات أمنية عمرها أربعون سنة. ثانياً: منطقة على حدود خطوط الهدنة المعترف بها من العام 1949، دون خلافات جغرافية حقيقية (باستثناء الـ 14 نقطة صغيرة القابلة للحل)، ودون استفزاز إسرائيلي، التي ببساطة تمت مهاجمتها ذات يوم وكرد على ذلك تم إخلاؤها بتعليمات من الدولة.

تقريباً مر نصف سنة. إسرائيل مضروبة، خائفة، معزولة، مجذومة وبعد قليل مفلسة.

غارقة في الشجار مع أمريكا ومع أفضل أصدقائها.  ليس لها أمل وحلم وأفق. شكراً، يا بيبي، أنت المجرم الأكبر في تاريخ الشعب اليهودي ودولته.

---------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

معاريف 29/3/2024

 

بــديـــــل «الحــــــرَد» مــــن الأمــيركــيــين

 

بقلم: ميشكا بن - دافيد

دعا قرار مجلس الأمن في الأمم المتحدة والذي امتنعت الولايات المتحدة عن استخدام الفيتو ضده إلى وقف نار في غزة حتى نهاية رمضان، وفي نفس الوقت تحرير المخطوفين.

رئيس الوزراء غضب على عدم استخدام الفيتو، منع في البداية سفر الوفد الذي كان سيبحث في أزمة رفح، بل وعلق على ذلك رفض حماس مقترح المخطوفين الأخير.

لكن قرار مجلس الأمن يمكن ببساطة تحويله إلى تفوق كبير: حسب كل المؤشرات، الجيش الإسرائيلي لا يوشك على اجتياح رفح، طالما لم يخل من هناك نحو مليون ونصف المليون لاجئ من الشمال.

الجيش الإسرائيلي، لسبب غير واضح لي، لا يبدأ أيضاً في احتلال معسكرات الوسط، التي انطلقت منها الصواريخ الأخيرة نحو الغلاف والتي هي أيضاً مثل رفح ومحور فيلادلفيا، بقيت لأسباب غير واضحة على الإطلاق خارج القتال منذ نحو نصف سنة.

في حي حمد وفي خان يونس بعامة يبدو أن القتال انتهى. القتال المتجدد في الشفاء، كما أفيد، يوشك على أن ينتهي في غضون بضعة أيام.

توجد – ولا توجد، عملياً، حرب حقيقية في قطاع غزة.

هذا الوضع مثالي للاستجابة إلى قرار مجلس الأمن: بدلاً من "الحرد" مع الأميركيين، يمكن لحكومة إسرائيل أن تعلن أنها تقبل قرار مجلس الأمن وتنفذ نصيبها فيه، مع الطلب أن تنفذ حماس ما هو مفروض عليها وتحرر المخطوفين.

بالطبع، ينبغي لمثل هذا القرار أن يربط وقف الحرب بتنفيذ نصيب حماس. أي على إسرائيل أن تعلن أنه طالما لم يتحرر المخطوفون في الموعد اللازم، فإن القتال سيستأنف بكل شدته.

بعد نحو أسبوعين، في 9 نيسان، يحل اليوم الأخير لرمضان.

أسبوعان من التوقف في المراوحة العسكرية في غزة لن يغيرا شيئاً، بل فقط سينقلان الضغط الدولي عائداً إلى حماس.

القرار لم يضع أي شروط لتحرير المخطوفين، وحماس ستعتبر كمن هي المسؤولة عن استئناف القتال إذا لم يتحرروا.

هذا وغيره: أحد المطالب التي تكررها حماس في المفاوضات لتحرير المخطوفين هو السماح للاجئين الذين تجمعوا في جنوب القطاع للعودة شمالاً. إسرائيل، لأسبابها غير الواضحة على الإطلاق، تعارض ذلك. فتجمع أولئك اللاجئين في منطقة رفح ومحور فيلادلفيا هو الذي يمنع عملية عسكرية إسرائيلية هناك.

وبالفعل، العكس هو الصحيح! على إسرائيل أن تعلن أن في إطار وقف النار حتى نهاية رمضان واستجابة لمطلب حماس السماح بعودة اللاجئين شمالاً، ستسمح له بعمل ذلك. وبهذا الشكل يقل بشكل كبير تجمع السكان في جنوب القطاع ويتمكن الجيش من العمل هناك، وكربح إضافي ستنزع من حماس الحجة بشأن إعادة السكان إلى الشمال.

الأسبوعان اللذان سيكونان تحت تصرف الجيش الإسرائيلي سيستغلهما لإعداد خطط مرتبة لاحتلال معسكرات الوسط، رفح ومحور فيلادلفيا، لإنعاش القوات ولإعادة التنظيم في الشمال أيضاً.

كما أن السقوط في علاقات إسرائيل والغرب، وأساسا مع الولايات المتحدة، سيتوقف.

نأمل ونتمنى أن تبدأ حماس بالفعل بتحرير المخطوفين في ضوء الإعلان الإسرائيلي وفي ضوء الضغوط التي تمارس عليها لتنفيذ نصيبها في القرار.

نفترض حتى أنها تأمل في أن تحول هذا إلى وقف نار طويل أيامه كعدد المخطوفين والمخطوفات المحررين. فليكن. لقد سبق أن وافقنا على هذا في الماضي. لكن إذا لم تفعل هذا، فبعد أسبوعين، بقوات متجددة وبإسناد أميركي وأوروبي متجدد، ينطلق الجيش الإسرائيلي إلى المرحلة التالية من الحرب، يفكك لواء رفح وكتائب الوسط ويفصل غزة عن مصادر تموينها التي في مصر.

---------------------------------------------

 

هآرتس 29/3/2024

 

انتقام سـمـوتريـتـش: عـن فصـل البـنـوك الفلسطينية عن المنظومة المصرفية في إسرائيل

 

بقلم: ميراف ارلوزوروف

لقد بقي يومان فقط من أجل منع انفصال البنوك الفلسطينية عن المنظومة البنكية في إسرائيل.

حتى الآن لا يبدو أن الحكومة مستعجلة من أجل فعل أي شيء بهذا الشأن.

وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، يصمم على الوصول إلى فصل بنكي كهذا، ومن كان يستطيع وقفه، رئيس الحكومة نتنياهو، لا يسارع إلى عقد الكابينيت السياسي – الأمني من أجل اتخاذ قرار يتجاوز الوزير.

إذا لم يتم عقد الكابينيت حتى يوم الجمعة وإذا لم يتم اتخاذ قرار آخر فيه فإنه من يوم الاثنين القادم ستبدأ قطيعة للبنوك الفلسطينية عن المنظومة البنكية في إسرائيل – وعن كل العالم.

بنك ديسكونت وبنك هبوعليم هما اللذان يجريان الآن اتصالات البنوك الفلسطينية مع المنظومة البنكية. هما يعملان كبنكين رابطين – أو مراسلين – للبنوك الفلسطينية مع المنظومة المصرفية في إسرائيل وكل العالم المالي. كما هو معروف فإن الاقتصاد الفلسطيني يقوم على الشيكل، لذلك فإن علاقته مع العالم يجب أن تمر عبر بنك إسرائيل المركزي والبنوك الإسرائيلية. في اتفاق أوسلو إسرائيل أيضاً التزمت بوجود هذه العلاقة البنكية.

إلا أن هذين البنكين الإسرائيليين يعرضان أنفسهما لمخاطرة كبيرة لأنهما ضامنان للبنوك الفلسطينية، ولأن البنوك الفلسطينية ترفض الامتثال لقواعد حظر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

عملياً، السلطة الفلسطينية تقوم بوضع العقبات أمام إجراء تفتيش دولي، الذي سيتأكد من أن البنوك الفلسطينية لا تقوم بارتكاب مخالفة تبييض الأموال أو تمويل الإرهاب.

في ظل غياب هذه الرقابة، وإذا تبين حقاً أن البنوك الفلسطينية قامت بتمويل الإرهاب، فإن البنوك الإسرائيلية الضامنة لها ستكون معرضة لتقديم دعاوى ضدها، بما في ذلك دعاوى جنائية.

هذا هو السبب الذي من أجله، منذ العام 2009، يريد البنكان وقف العلاقة مع البنوك الفلسطينية، وإسرائيل هي التي توسلت لهما خلال هذه السنين من أجل الاستمرار في ذلك. ومن أجل إقناع هذين البنكين على الموافقة على الاستمرار في ذلك فقد اتخذت الدولة ثلاث خطوات. أولاً، عملت على إقامة شركة حكومية باسم شركة المراسلة محدودة الضمان، التي تكون مسؤولة عن العلاقة مع البنوك الفلسطينية. ولكن الشركة لم تبدأ في العمل بعد. ثانياً، الدولة تعطي البنكين وعداً بالحصانة أمام الدعاوى الجنائية في إسرائيل، ووعداً بالحماية من الدعاوى المدنية التي تقدم ضدهما.

مؤخراً بسبب زيادة المخاطرة بتقديم دعاوى بسبب تمويل الإرهاب في أعقاب 7 أكتوبر، طلب البنكان زيادة حجم التغطية المعطاة لهما.

هذه الحماية والتعويض التي تعطى لهما من المحاسب العام في وزارة المالية، ستنتهي في يوم الأحد القادم 31 آذار. في الوضع العادي الدولة كانت ستستأنف هذه الحماية وتجري مفاوضات مع البنكين حول ما يتعلق بطلبهما زيادة مبلغ الحماية (التعويض)؛ لكن هذه المرة الدولة لم تبدأ على الاطلاق باجراءات تمديد الحماية. وحسب وضع الأمور الآن فإن الحماية ستنتهي ولن يتم تجديدها في يوم الأحد.

انتقام سموتريتش

سبب عدم تمديد التعويض "الحماية"، هو قرار وزير المالية بتسلئيل سموتريتش معاقبة الأميركيين والبنوك الإسرائيلية على تفعيل العقوبات على بعض المستوطنين المتطرفين. ولأن المستوطنين المتطرفين تم اعتبارهم من قبل الإدارة كإرهابيين فإن جميع البنوك في العالم الخاضعة لقواعد تبييض الأموال وتمويل الإرهاب كان يجب عليها وقف نشاطاتهم المالية.

هكذا فعلت أيضاً البنوك في إسرائيل عندما قامت بإغلاق حساباتهم.

سموتريتش غضب من هذه الخطوة، رغم أن الأمر يتعلق بعدد محدود من الإسرائيليين مقابل آلاف الإرهابيين الفلسطينيين الذين تم تجميد حساباتهم استناداً لنفس السياسة، لذلك قرر القيام بخطوة مقاطعة البنوك الفلسطينية بوساطة وقف الحماية المعطاة لبنك هبوعليم وبنك ديسكونت.

دون هذه الحماية فإن هذين البنكين يتوقع إعلانهما من بداية الأسبوع القادم عن وقف النشاطات مع البنوك الفلسطينية. والتداعيات المالية يمكن أن تكون باهظة: أي شركة إسرائيلية تجري علاقات تجارية مع السلطة الفلسطينية لن تستطيع إيداع الشيكات الفلسطينية أو الحصول على دفعات من البنوك الفلسطينية.

الحديث يدور عن الأضرار بشكل كبير بكل من توجد له علاقات تجارية مع فلسطينيين. هم ببساطة لن يحصلوا على الدفعات التي يستحقونها.

أيضاً العمال الفلسطينيون الذين حسب قرارات الحكومة يجب أن يحصلوا على رواتبهم عن طريق البنك وليس نقداً، لن يتمكنوا من تسلم رواتبهم في البلاد، والدفع لهم يجب أن يكون نقداً فقط.

إذا لم يكن هذا كافياً فإن السلطة الفلسطينية نفسها سيتم قطعها عن العالم المالي وعن اقتصاد إسرائيل، فصل سيؤدي إلى انهيارها.

عملياً، بكبسة زر الاقتصاد الفلسطيني يمكن أن يتدهور إلى مستوى غزة.

التداعيات من ناحية إسرائيل هي كارثية. انهيار الاقتصاد الفلسطيني والسلطة الفلسطينية يعارض مصلحة إسرائيل، أيضاً إمكانية أن يعود الاقتصاد الفلسطيني إلى الاعتماد على الدفع نقداً فقط في ظل غياب علاقات بنكية، ستفاقم شدة خطر تمويل الإرهاب.

بشكل عام، هذه الخطوة من قبل إسرائيل ستفسر في العالم كخرق لاتفاق أوسلو وكمحاولة متعمدة لتدمير السلطة الفلسطينية. لذلك فإنه يتوقع أن يكون عدة تداعيات خطيرة بشكل خاص. أولاً، هذا يمكن أن يؤدي إلى فرض مقاطعة للبنوك الإسرائيلية بذريعة أنه بذلك هي تتعاون مع الحكومة على تدمير البنوك الفلسطينية. بدلاً من أن تدخل البنوك الفلسطينية إلى حصار فإن البنوك الإسرائيلية يمكن أن تجد نفسها في حصار دولي، وإذا حدث ذلك فاقتصاد إسرائيل سينهار.

ثانياً، إذا ظهرت إسرائيل كخارقة لاتفاق أوسلو وكمن تعمل على تدمير المنظومة المالية الفلسطينية فسيكون للسلطة الفلسطينية الشرعية في إصدار عملة خاصة بها، وأن تطلب من العالم الاعتراف بها.

وإذا حدث ذلك فهو سيكون الخطوة الأولى قبيل اعتراف العالم بالدولة الفلسطينية المستقلة. المعنى هو أنه بدلاً من تدمير السلطة الفلسطينية هذه العملية يمكن أن تكون اختراقة لإقامة الدولة الفلسطينية.

الحكومة تقوض مصلحة إسرائيل

الاعتبارات الأمنية، الاقتصادية والجيوسياسية، جميعها تدعم استمرار العلاقة مع البنوك الفلسطينية، وهذا هو السبب في أن إسرائيل قامت بإغراء بنك العمال وبنك ديسكونت طوال السنين على الاستمرار في هذه العلاقة بوساطة ضمان حماية وتعويض في حالة تقديم أي دعاوى ضدهما.

هذا إلى أن جاء سموتريتش الذي يرفض استئناف العلاقات مع البنوك الفلسطينية حتى مقابل المخاطرة بأن هذه الخطوة ستؤدي بشكل معاكس إلى إقامة الدولة الفلسطينية.

التقدير حتى الفترة الأخيرة هو أن الأميركيين سيتدخلون ويطلبون من نتنياهو تجاوز سموتريتش واتخاذ قرار حول تمديد التعويض والحماية في الكابينيت السياسي – الأمني.

فقط لأن نتنياهو، كما هو معروف، ينشغل بمقاطعاته الخاصة فإنه الآن يقاطع الإدارة الأميركية.

بناء على ذلك نتنياهو امتنع حتى الآن عن الإعلان عن عقد الكابينيت وعن طرح موضوع الحماية والتعويض لمناقشته. الأمل هو أن يتم عقد الكابينيت في الأيام القريبة القادمة. ولكن حتى الآن لم يتم اتخاذ قرار حول ذلك.

--------------------------------------------

 

معاريف 29/3/2024

 

ما كشفت عنه “أزمة الفيتو”: نتنياهو آخر المعنيين باجتياح رفح

 

بقلم: ألون بن دافيد

أحداث الأسبوع الماضي في الشمال كانت تذكيراً لنا جميعاً بأن التحدي الأمني الأكبر من حماس لا يزال واقفاً على عتبتنا. نحو نصف سنة مرت منذ بداية الحرب، والإنجازات المبهرة التي كانت في بدايتها آخذة في التآكل. القيادة السياسية وتلك العسكرية تواصلان العمل وكأننا نملك زمن العالم. لكن هذا ليس موجوداً. ينبغي البدء بتوجيه النظر إلى الشمال.

في مثل هذا الأسبوع، ركز رئيس الوزراء جل اهتمامه على البحث عن الصيغة الملتوية التي تضمن استمرار تملص عشرات آلاف الحريديم من الخدمة. وفي الوقت القليل الذي بقي له، تورط وورطنا جميعنا في أزمة زائدة مع الحليفة الأخيرة التي تبقت لنا.

خلاص الشمال لن يأتي من نتنياهو. من ناحيته، يمكن لسكان الشمال البقاء في سكن مؤقت إلى أن يأتي زمنهم. المهم أن تتواصل الحرب في غزة إلى الأبد. لقد فهم قبل الجميع بأن العالم لن يسمح له باحتلال رفح، لذا جعلها الكأس المقدسة التي لا نصر مطلقاً بدونها.

إن الأزمة المصطنعة التي خلقها هذا الأسبوع مع الولايات المتحدة، على قرار الأمم المتحدة الذي تلقينا ضربات أسوأ منه بكثير، كشفت النقاب عن أن نتنياهو هو آخر المعنيين باحتلال رفح. فهو لا يريد إلا ملاحقة “النصر المطلق” التي لن تنتهي أبداً. عن حق، أملت إسرائيل في صيغة أدق لقرار مجلس الأمن، صيغة تشترط وقف النار بتحرير المخطوفين. لكن التوقع أن تستخدم الولايات المتحدة الفيتو على قرار يدعو إلى الأمرين معاً، لم يكن واقعياً.

إن زعيماً معنياً بهزيمة حماس، كان يمكنه استخدام قرار مجلس الأمن: أن يتبناه بكلتا يديه ويعلن وقف نار للأسبوعين اللذين تبقيا حتى نهاية رمضان كمهلة زمنية لإعادة عموم المخطوفين. وفي الوقت نفسه، يعلن بأنه إذا لم ينفذ قرار الأمم المتحدة ولم يعَد كل المخطوفين حتى نهاية رمضان، سترى إسرائيل نفسها حرة في مواصلة العملية العسكرية كما تراه مناسباً.

لكن نتنياهو لم يعد في كامل أحاسيسه. فشهيته اليائسة للتمسك بالكرسي تشوش حدة الرؤية. فهو يلغي خروج الوفد إلى واشنطن، وبعدها يتراجع، لكنه ينفي أنه يتراجع وبعدها يبعث به. يدير حرباً لكن ليست تلك التي بدأت في غزة.

 

توجيه القوات إلى الشمال

منذ بداية الحرب كان نتنياهو هو الرجل الذي يديرها. يعرض عليه الجيش الإسرائيلي الخطط وهو يقرها، مثلما كان طوال الـ 17 سنة لولايته كرئيس الوزراء. المشكلة أن هيئة اركان الجيش الإسرائيلي تبدو الآن أيضاً كمن فقدت الاتصال البصري مع الصورة العمومية للحرب متعددة الجبهات التي نعيش فيها.

منذ نحو أربعة أشهر والجيش يتموضع في أنفاق خان يونس، في ملاحقة قيادة حماس. مدينة غزة وشمال القطاع، التحدي الأكبر بأضعاف، احتلال بنصف من هذا الوقت. كل يوم ينشر الناطق العسكري شريطاً مسجلاً عن اشتباك بطولي مع مخرب، لكن الحقيقة أن الجيش الإسرائيلي يكاد لا يتقدم في جنوب القطاع. ينتظر التعليمات لاحتلال الوسط ورفح. ولن يأتي. مرت ستة أشهر منذ نشوب الحرب، وعلى الجيش أن يعرض خطة واقعية حول الشكل الذي تنتهي فيه.

لقد اعتقدت ولا أزال بأن هزيمة كتائب حماس الستة المتبقية في رفح والمعسكرات حيوية لتحقيق هدف إبادة القوة العسكرية لحماس. لكن التأخر الزائد لنا في خانيونس غيّر الظروف. لم يعد لإسرائيل شرعية لاحتلال رفح.

في هذه الظروف غير المثالية، تبدو مهمة الجيش هي إعداد خطة تحقق إنجازاً لا يزال ممكناً تحقيقه: احتلال معسكرات الوسط وتحقيق سيطرة عملياتية في 90 في المئة من أراضي القطاع. يُحشر سكان غزة في رفح ومنطقة المواصي، ويشق الجيش الإسرائيلي ثلاثة ممرات تبتر القطاع: الممر القائم في وادي غزة، وممر “كيسوفيم” الذي في شمال خانيونس، وممر “موراغ” في جنوبه.

تبقى رفح المعقل الأخير لحماس، وسيكون فوق رأس رجال حماس مليون ونصف من معوزي السكن الجوعى. الأسرة الدولية تدعى لتوفير الغذاء لهم كما تشاء، وأن تعرض بدائل لحكم حماس في رفح، لكن اللاجئين لن يعودوا إلى بيوتهم حتى إعادة المخطوفين. في هذا الزمن، يمكن للجيش الإسرائيلي العمل بحرية نسبية في كل باقي أجزاء القطاع، في أعمال ناجحة مثل الحملة في مستشفى الشفاء. وينبغي لهذا أن يقوم على أساس قوات اجتياح وليس قوات تبقى في أراضي القطاع وتسمح لنا بتوجيه قوات ضرورية إلى الحدود الشمالية.

إذا لم نصل في أثناء ذلك إلى صفقة مخطوفين في غزة، فالمعنى أننا نسير إلى حرب في الشمال. وهي ستتطلب أفضل قوات الجيش، وكذا هيئة أركان صلاحياتها تحترم من قادة الميدان وليست مصابة بإخفاق 7 أكتوبر. إن تبادل الضربات التي نخوضها مع حزب الله منذ نحو نصف سنة حقق الكثير من الإنجازات التكتيكية، لكن الإنجاز الاستراتيجي هو لحزب الله: إبعاد سكان الشمال من بيوتهم. الجيش يضرب منشآت ونشاطات، قتل حتى الآن 350 منهم، لكن من ناحية حزب الله، هذا ثمن محتمل إزاء الإنجاز. هذا ما ينبغي تغييره.

في الأسبوع الماضي سُئلت في إحدى بلدات الشمال إذا كان بوسعهم أن يبدأوا السنة الدراسية في أيلول 2025. يجب على الجيش أن يقدم جواباً واحداً على هذا السؤال: نعم. في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، عندما بدأت إسرائيل تغرق في الحزام الأمني في جنوب لبنان، أمر قائد المنطقة الشمالية في حينه يوسي بيلد، أن يخط العنوان التالي في كل الاستحكامات: المهمة – حماية بلدات الشمال. حان الوقت لخط هذا العنوان من جديد.

---------------------------------------------

 

هآرتس 29/3/2024

 

تحت جنح الظلام والحرب: هذا ما تفعله “دولة المستوطنين” في الضفة الغربية بعد 7 أكتوبر

 

بقلم: جدعون ليفي وأليكس ليباك

في نصف السنة الذي انقضى، غيرت الضفة الغربية المحتلة وجهها. اندلعت الحرب في غزة، ولكن عقاب الضفة الغربية على أحداث 7 أكتوبر لم يتلكأ. لا يجب أن تكون ثاقب البصر لتلاحظ التغييرات الكبيرة على الأرض. لا حاجة إلى ذكاء خاص لتفهم أن إسرائيل والمستوطنين استغلوا ظلمة الحرب في غزة لتغيير وجه الضفة – تعميق الاحتلال بدرجة أكبر، وتوسيع حدود المستوطنات أكثر، وحل آخر القيود، وإطلاق اليد بدون قيود بعيداً عن الأنظار.

لا يمكن المبالغة في حجم التغييرات في الضفة في هذه الأشهر وفي عمقها. فمعظمها، إذا لم يكن جميعها، تغييرات لا يمكن إرجاعها. إن دمج وضع الحرب ضد الفلسطينيين حتى لو كان بعيداً عن حدود الضفة، وحكومة يمينية متطرفة مع مستوطنين في مواقع حاسمة للاحتلال، ولامبالاة الجمهور، وتشكيل مليشيات عنيفة ترتدي الزي العسكري، كل ذلك خلق وضعاً جديداً. إن عجز الفلسطينيين صب الزيت على النار، وكان الاشتعال كبيراً. ولكن الأنظار موجهة بعيداً عنها، إلى ساحات القتل بين غزة ورفح. ولكن أكثر مما في غزة، فإن تداعيات انقلاب الضفة لن تبقى داخل حدودها فقط، بل ستتسرب عميقاً إلى كل زاوية في إسرائيل.

كل شخص تجول في شوارع الضفة يلاحظ على الفور جزءاً من هذه التغييرات، الأخرى مخفية أكثر، الضفة محاطة ومحاصرة. لا توجد قرية أو مدينة في الضفة غير مغلقة جزئياً أو كلياً. معظم البوابات الحديدية في كل قرية ومدينة أغلقتها يد الجيش على السكان في 8 أكتوبر. منظومة البوابات التي وضعها الجيش في الضفة تسمح له بإغلاقها كلها لفترة قصيرة. عدد قليل من البوابات مغلق من نصف سنة. النتيجة هي واقع حياة غير محتمل لثلاثة ملايين إنسان. لا يقتصر الأمر على الوقت الضائع والطرق التي طالت إلى درجة لا يمكن معرفتها، بل هو أيضاً عدم إمكانية معرفة إلى أين يمكن الوصول ومتى، مع الانتظار المحبط والكرامة المفقودة في الحواجز.

تضاف إلى جانب البوابات الحديدية عشرات الحواجز الطيارة التي يتم وضعها وإزالتها، عندما تكون موجودة تتحول الحركة فيها إلى كابوس لكل فلسطيني. الضفة عادت 25 سنة إلى الوراء، إلى فترة الانتفاضة الثانية ولكن بدون انتفاضة.

صديق لي يعيش في قرية قرب طولكرم، الذي فقد في هذا الأسبوع والده ابن 105 سنة، أعلن لجميع الأصدقاء وأبناء العائلة ألا يأتوا للتعزية في بيته كالعادة، لأن الذهاب إلى طولكرم كابوس، بل مستحيل. وقد فضل أن يأتي ليوم واحد إلى رام الله لاستقبال المعزين. حتى إن رام الله أغلقت معظم البوابات فيها، وباتت الطريق إليها طويلة جداً.

أما الطريق إلى إسرائيل، خصوصاً لـ 150 ألف عامل الذين عملوا فيها بتصاريح عمل، فقد أغلقت في 8 أكتوبر بشكل كامل. لا حاجة إلى التحدث كثيراً عن التداعيات على الاقتصاد الفلسطيني (والإسرائيلي)، وعن تداعيات البطالة القسرية على عشرات آلاف الأشخاص. مصدر الرزق لكثير من الفلسطينيين، أشجار الزيتون، تم خنقه أيضاً في الحرب. يمنع الوصول إلى الحقول الموجودة قرب المستوطنات حتى لو بواسطة “تنسيق” كما كان الأمر في السنوات الماضية، وبقي نحو ثلث الثمار على أشجاره في السنة التي ذهبت فيها معظم المداخيل الأخرى. ما الصلة بين قطف الزيتون في الضفة والحرب في غزة؟ لا صلة، لكن الحرب فرصة كبيرة للمستوطنين ومساعديهم في الحكومة. فرصة انتظرها المستوطنون للتنكيل بالفلسطينيين بدون إزعاج، ولطردهم من حقولهم وأرضهم وسلب ملكيتهم وإهانتهم إلى أن يغادروا. ربما بسبب ذلك سخر المستوطنون في عيد المساخر وكأنه لا حرب هناك.

 

ترانسفير خفي

إحدى الظواهر الأخطر هي شدة الإغلاق على مناطق أمام الفلسطينيين، بهدف طردهم. الباحث في شؤون المستوطنين، درور اتكيس من جمعية “كيرم نبوت”، قدر أن ما لا يقل عن 100 ألف دونم من أراضي الزراعة والرعي أغلقت في وجه الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر. أكد اتكيس على أنه تقدير أولي وليس نهائياً. إضافة إلى ذلك، يحدث تهجير هادئ، بالقطاّرة ولكن بشكل منهجي، خصوصاً للمجموعات السكانية الضعيفة جداً، تجمعات الرعاة في شطري الضفة – غور الأردن في الشمال وجنوب جبل الخليل. اتكيس، الباحث الضليع في شؤون المستوطنات، تحدث عن 24 تجمع رعاة تم طردهم أو اضطروا لترك أراضيهم وقراهم خوفاً من المستوطنين منذ 7 أكتوبر، 18 منها بشكل كامل و6 بشكل جزئي. هذا ترانسفير حتى لو كان بشكل خفي. ثمة حالة من حالات الطرد قمنا بتغطيتها قبل أسبوع. مشهد السكان الذين يحزمون أمتعتهم ويحملونها في سيارات قديمة وعلى بهائمهم ويغادرون الأرض التي ولدوا فيها هم وآباؤهم ويذهبون إلى المجهول إلى الأبد، منظر يفطر القلب.

ثمة رقم قياسي آخر للوقاحة تم تسجيله عندما قمنا بتوثيق رجال شرطة إسرائيل وهم يصادرون 700 رأس من الأغنام لرعاة في شمال غور الأردن بناء على تعليمات من المجلس الإقليمي غور الأردن، مجلس المستوطنين الذي ليس من شأن الفلسطينيين أن يكونوا خاضعين لتنكيله. اضطر الرعاة المساكين لدفع 150 ألف شيكل على الفور لاستعادة ممتلكاتهم، وهو مبلغ كبير ذهب مباشرة إلى خزينة المستوطنين. وبعد بضعة أسابيع، نشرت هاجر شيزاف في “هآرتس” بأن المستشارة القانونية في الإدارة المدنية أعلنت بأن الخطوة الحقيرة والمهينة خطوة غير قانونية.

حقيقة أن المستوطنين العنيفين يرتدون الآن الزي العسكري، تزيد عنفهم. وحدات الطوارئ التي أقيمت في ظل الحرب في كل مستوطنة وفي كل بؤرة استيطانية وتجنيد آلاف المستوطنين بواسطة الأمر رقم 8 فيها، تمكنهم من استخدام أعمال الشغب كأسياد وكممثلين للقانون والدولة، حتى أكثر مما كان الوضع قبل الحرب. الكثير من الفلسطينيين أبلغونا خلال هذه الأشهر عن المستوطنين الأكثر عنفاً في البؤر الاستيطانية، الذين يعرفونهم بشكل جيد من المذابح والتراكتورات الصغيرة ويظهرون الآن بالزي العسكري ويشعر السكان أمامهم بعجزهم. ليس هناك من يدافع عن الرعاة باستثناء حفنة من المتطوعين الإسرائيليين الذين يحبون العدالة.

وأحصى الباحث اتكيس أيضاً 11 بؤرة استيطانية أقيمت بدون ترخيص في نصف السنة الماضي، اثنتان على أراض هرب أو طرد منها رعاة فلسطينيون. في هذا الأسبوع، كشف عن بؤرة أخرى، أحد تجمعات الرعاة، كما نشر في موقع “محادثة محلية”، اضطر إلى إخلاء الأرض بعد عشرة أيام على إقامة البؤرة الاستيطانية. تكون البؤرة أحياناً ليس أكثر من مزرعة لبضعة أشخاص، كوخ مع عدد من الزعران العنيفين الذين هدفهم طرد الفلسطينيين. أصبحت طريق هؤلاء المستوطنين أسهل في ظل الحرب. في تقرير أولي كتبه اتكيس بمناسبة مرور ستة أشهر على الحرب، ذكر عشر طرق شقها المستوطنون بدون إذن، وسوّروا مناطق واسعة بدون ترخيص، وأقاموا حواجز على الطرق بدون ترخيص وإعلانات ضخمة عن أراضي دولة في يد الدولو – 2640 دونماً قرب مستوطنة “معاليه ادوميم”، و8160 دونماً في قرية عقربة الفلسطينية، وكل ذلك برعاية الحرب.

 

طوفان الموت

هناك مئات القتلى، غالبيتهم أطفال وشباب لا يستحقون الموت. أصبحت يد الجنود على الزناد خفيفة أكثر في الضفة الغربية في فترة الحرب. هل يحسد الجنود زملاءهم في غزة، حيث مسموح لهم القتل الآن. هل يشتهون التصرف مثلهم في الضفة. هل يغض الجيش الإسرائيلي وحرس الحدود النظر أكثر من ذي قبل؟ نسبة يصعب تجاوزها في ظل الحرب، هل الشعور بالانتقام من الفلسطينيين، مهما كان، على فظائع 7 أكتوبر يسمح بقتل من يمكن قتله أيضاً في الضفة؟ المعطيات والقصص تتحدث عن نفسها. يد خفيفة مع تجاهل قادة الجيش الإسرائيلي أو الجمهور. من يعتقد أن هذا القتل الجماعي المسموح سيبقى داخل حدود الضفة الغربية فهو مخطئ.

خلال هذه الأشهر الستة، تم إحصاء حالات كثيرة من القتل هنا، والقاسم المشترك بينها أنها كانت زائدة وإجرامية. في 8 أكتوبر قتل جنود الجيش، ببث حي في قناة “الحرة” التي تبث من الولايات المتحدة، ياسر الكسبة (18 سنة)، الذي حسب ادعاء الجيش ألقى زجاجة حارقة على حاجز قلنديا ولم تصب أحداً. لقد أطلقوا النار عليه أثناء هربه في الوقت الذي لم يعرض فيه حياة أحد للخطر. بعد عملية القتل هذه جاء الطوفان.

في الأشهر الأولى قتل 31 شخصاً في منطقة رام الله، بما في ذلك أم لسبعة أولاد، أمام زوجها وأولادها. و42 قتيلاً في منطقة طولكرم في الأسابيع الستة الأولى للحرب، بينهم شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة (63 سنة)، وفتى ابن 15 سنة تم إطلاق النار على رأسه. منذ بداية الحرب وحتى نهاية شباط قتل 396 شخصاً في الضفة الغربية، بينهم 100 طفل وفتى، حسب معطيات “بتسيلم” التي فحصت كل حالة على حدة. بخصوص القاصرين، قالت “بتسيلم” بأن أكثر من نصفهم قتلوا في ظروف لا تبرر استخدام السلاح القاتل.

شباب بدأوا بكتابة وصيتهم في الضفة الغربية. عرفنا عن واحدة منها في الأشهر الأخيرة، وهي وصية الفتى عبد الرحمن حامد، الذي كان يحلم بدراسة الطب. ترك وراءه نصاً طويلاً مع تعليمات للتصرف بعد موته المتوقع في نظره: “لا تضعوني في الثلاجة. ادفنوني على الفور. نوموني في فراشي، غطوني ببطانيتي وخذوني إلى قبري. ولكن لا تحزنوا، تذكروا ذكرياتي الجميلة. لا تقيموا الحداد علي”. لم يبلغ الـ 18 عند موته. سنذكر هنا بعض الحالات التي تم توثيقها. فتيان لديهما الجنسية الأمريكية، أحدهما بعد الآخر بفارق بضعة أسابيع، أطلقت سيارة عسكرية النار من المسافة صفر على شاب بعد أن أسقطته عن دراجته. تناوب جنود ومستوطنون، كما يبدو معاً، بعشر رصاصات، على سيارة كان يسافر فيها شابان للتنزه، و32 رصاصة على سيارة كانت تسافر فيها عائلة، لأن سيارة أخرى اجتازت حاجزاً دون أن تتوقف. طفلة عمرها 6 سنوات قتلت في حينه، مرت عشرة أيام إلى أن تسلمت عائلتها جثمانها. صاروخ قتل 7 شباب في قرية قرب جنين، من بينهم 4 أخوة. صاروخ أطلق على مركز مخيم نور شمس للاجئين، خلف 6 قتلى و7 جرحى، الذين تم منع العلاج عنهم لأكثر من ساعة. إطلاق نار على شابين من ذوي الاحتياجات الخاصة أيضاً. ثلاثة أخوة عادوا من قطف “العكّوب” [نبات] خلف جدار الفصل سقطوا مباشرة كضحايا لصيد البشر الذي استخدمه الجنود. لقد قتلوا أخوين وأصابوا الثالث واعتقلوا الرابع الذي جاء لرؤية ما جرى لأخوته. قتل طفل عمره 10 سنوات في قرية بورين، الذي سقط ميتاً في حضن أخيه، 7 سنوات أمام ناظري الأب، كان صادماً بدرجة لا تقل عن ذلك.

كلمة عن الاعتقالات الجماعية، التي لم يعرف بعد عددها الدقيق. في الأشهر الأولى للحرب، اعتقل في الضفة 4785 شخصاً حسب معطيات الأمم المتحدة. أحد المعتقلين هو منذر عميره، الذي تحدث هنا في الأسبوع الماضي عن التعذيب والضرب والإهانة التي تعرض لها في سجن عوفر، غوانتنامو الإسرائيلي. حتى سجن عوفر يظهر مختلفاً تماما منذ اندلاع الحرب في غزة.

---------------------------------------------

 

هآرتس29/3/2024

 

لحكومة متطرفين يستلذون بمشاهدة الكارثة الإنسانية في غزة: ارحلي

 

بقلم: أسرة التحرير

يواصل نتنياهو دفع إسرائيل نحو الهاوية، ويتكبد فشلاً ذريعاً في كل جبهة. هذا الأسبوع خلق أزمة دبلوماسية خطيرة مع الولايات المتحدة. رفضه الإنصات للرئيس بايدن لم يترك أمام حليفة إسرائيل الأكبر مفراً غير الامتناع عن استخدام الفيتو على قرار في مجلس الأمن في الأمم المتحدة. رد نتنياهو، الذي تضمن إلغاء سفر وفد سياسي إلى واشنطن كان استعراضاً باعثاً على الاكتئاب يتمثل بانعدام وعي ذاتي لقوة ومكانة إسرائيل بشكل عام، وفي هذه النقطة من الزمن بشكل محدد.

مر نحو ستة أشهر منذ 7 أكتوبر والمخطوفون يذوون في أسر حماس. تركتهم الحكومة وأهاليهم في يأس. في تصريح من خارج مكتب التجنيد بـ”تل هشومير” روت “اورنا نواترة”، أم الجندي المخطوف عومر نواطرة، بأن المخطوفين الذين عادوا إلى إسرائيل شهدوا على أن الجنود “يجتازون تعذيباً وعذابات يومية، تحت الأرض، في برد قارس”، ويحتجزون “في أقفاص صغيرة دون ضوء النهار وفي جوع”.

الحرب تراوح في المكان. نحو ستة أشهر، مع عدد من القتلى الغزيين الذي تجاوز الـ 32 ألفاً حسب وزارة الصحة في غزة، وعلى الرغم من ذلك أطلقت هذا الأسبوع صواريخ إلى أسدود وسديروت. بالتوازي أخلي 60 ألفاً من السكان من منازلهم في الشمال، وفي كل هذا الوقت يطلق حزب الله الصواريخ إلى أراضي إسرائيل. رغم هذا، تبدي الكنيست عدم الاكتراث لوضع من أخلوا بيوتهم ويستخفون بشؤونهم في مداولاتهم بلا خجل. وبينما تدير إسرائيل حكومة متطرفة يتحدث أعضاؤها علناً عن ترحيل ونكبة إضافية ويضحكون أمام مشاهد الدمار والكارثة الإنسانية في غزة في ظل رفض مطلق للبحث في “اليوم التالي”، أو إنهاء الحرب، تحولت إلى دولة منبوذة، متهمة بالإبادة الجماعية وباتت عرضة لتهديدات حظر السلاح.

رغم كل هذا، يصر الحريديم على التملص من الخدمة في الجيش الإسرائيلي، على حساب الدولة. وباستثناء محكمة العدل العليا، ليس هناك من يوقف نتنياهو الواقف أمام مستقبل إسرائيل. هذه حكومة يجب أن تنهي طريقها قبل فوات الأوان. على الجمهور الخروج إلى الشوارع والمطالبة بإعادة المخطوفين، ووقف الحرب والتوجه إلى الانتخابات.

---------------------------------------------

 

يديعوت أحرونوت 29/3/2024

 

صحيفة عبرية: خلافات بين برنياع وألون.. ونتنياهو على عجلتين متعاكستين والسنوار “يتلاعب بالوقت”

 

بقلم: ناحوم برنياع

ما بدأ كانفجار صبياني، عديم الأساس، انتهى بتراجع صبياني. الفتى المراهق الذي ترك البيت صارخاً يعود إليه صامتاً، من الباب الخلفي، جائعاً لما تبقى من وجبة العشاء. ليس خيراً أن يرى البيت الأبيض في رئيس وزراء إسرائيل عدواً. الأسوأ والأكثر ضرراً أن يرى البيت الأبيض فيه نكتة. عندما رفض نتنياهو سفر ديرمر وهنغبي، كتب أن مجلس الأمن القومي في واشنطن استقبلوا الحرد بابتسامة. تواصل الضحك طوال الطريق.

أراد بايدن أن يفهم كيف تسعى إسرائيل لمهاجمة كتائب حماس في رفح بينما تعرف بأن مليوناً ونصف مليون نازح ونحو 800 ألف محلي يكتظون فيها. سيشرح هنغبي: المرة الأخيرة التي خطط فيها عملية في رفح كانت عندما تسلق على برج في “ياميت” عشية السلام مع مصر، وكذب بأنه يوشك على الانتحار. وسيشرح ديرمر: أنهى تعليمه العسكري في الجالية اليهودية في ميامي بيتش. تركيبة الوفد هي العقاب الحقيقي الذي أوقعه نتنياهو على البيت الأبيض.

للإهانة، في واشنطن تداعيات غير طيبة على الجهد لإعادة المخطوفين. السنوار هو النذل في هذه القصة. لكن ما يحصل في الجانب الإسرائيلي من القصة لا يعد بالخير – ولا حتى في نظر الوسيط الأمريكي.

ليل الأربعاء انعقد كابينت الحرب مرة أخرى للبحث في المفاوضات وفي مدى التفويض الذي يعطيه للوفد الإسرائيلي. كما كان متوقعاً، اتفق على الانتظار. لعل حماس، لعل الوسطاء، يطرحون اقتراحاً جديداً.

يموت المخطوفون اليوم والجيش يراوح في المكان. آخر التقديرات يتحدث عن أن نحو نصف المخطوفين ليسوا بين الأحياء. هذا تقدير: آمل أن أكون مخطئاً. لكن إذا كان ثمة أحد ما في الجانب الإسرائيلي يلعب على الوقت فهو مجرم.

الوفد الإسرائيلي منقسم الآن إلى قسمين: رئيس الموساد دادي برنياع من جهة؛ واللواء نيتسان ألون من جهة أخرى. كلاهما ممتازان، يريدان إعادة المخطوفين. لا أعرف عن خصام شخصي بينهما. لكن التقديرات التي يسمعانها في مداولات مغلقة تشير إلى خلاف حاد، عسير على التسوية. تحوم من فوق هذا الخلاف شخصية نتنياهو، اللغز. في نظر الأول واعدة؛ في نظر الآخر مشوشة.

إذا كان فهمي صائباً، فإن برنياع (وليس لي به علاقة قربى عائلية) مقتنع بأن السنوار يلعب على الوقت. هو غير معني بالاتفاق. وكان برنياع استنتج هذا قبل أسبوعين، بعد لقاء مع رئيس الـ سي.أي.ايه بيرنز، ودون صلة بهذا اللقاء.

أعرب مبعوثو حماس عن استعداد للتقدم، وإسرائيل لن تقول لا، لا تجاه طلب الأمريكيين ولا تجاه عائلات المخطوفين. نتنياهو زود برنياع بتفويض أوسع مما أعطاه الكابينت في الماضي. كان يمكنه أن يتفاوض على تغيير عدد السجناء الذين سيتحررون في الجولة القريبة، وعودة النازحين إلى شمال القطاع (الكمية، العمر، الجنس) وعلى انتشار قوات الجيش الإسرائيلي في أثناء وقف النار. أصرت حماس على إلغاء تام للتفتيش بين الجنوب والشمال، ووقف القتال مع ضمانات دولية، وخروج الجيش من قطاع غزة. أما أعداد السجناء فأصرت حماس أيضاً على العدد الذي ذكرته في بداية المحادثات، في لقاء باريس.

أمل رئيس الموساد بأن يؤدي الضغط العسكري الإسرائيلي إلى ليونة في مواقف السنوار. هذا لم يحصل، لأن الجيش أخفق في المس بنقاط تؤثر على السنوار غالباً.

اقتنع برنياع بأن خطة السنوار هي اجتياز رمضان بدون اتفاق. اتفاق غير جيد لأسياده الإيرانيين ولا له. لا مصلحة له في فتح الباب أمام التطبيع بين إسرائيل والسعودية وأمام تشكيل جبهة أمريكية – سُنية – إسرائيلية تجاه إيران. هو يتفاوض كما الحال في الشرق الأوسط؛ يبتز قليلاً ويهدد قليلاً ويلعب على الوقت.

نتنياهو معني بالاتفاق، والدليل: أعطى لرئيس الموساد تفويضاً أوسع مما درج على الاعتقاد؛ وسمح لأعضاء الوفد بالحديث في القاهرة رغم أنه أمرهم بالاستماع فقط، ورغم أنه بعث معهم رجله مثابة جليس أطفال (طلب من المستشار أن يخرج في قسم من اللقاء). وهو معني باتفاق مع السعودية ومستعد له ولو بانفصال عن سموتريتش وبن غفير.

لكن له قاعدة وائتلافاً اليوم، لذا يخفي نواياه من خلف خطاب شديد ورافض.

النهج البديل أقرب إلى نهج نيتسان ألون: السنوار معني بالصفقة. معظم الخبراء في شخصية السنوار، إذا ما تبقى في إسرائيل أحد منهم، يؤيدون هذا النهج على ما يبدو. هو ثابت تماماً: التغيير الوحيد في شروطه أنه سمح لمندوبيه في باريس بالموافقة على وقف نار متسع، بينما تبقى قوات الجيش الإسرائيلي في القطاع.

وعندها طرحت مسألة التفويض. ادعى آيزنكوت بأن الطاقم لم يتلقَ تفويضاً بالعمل. الطاقم لم يتلقّ، لكن برنياع تلقى، كان الجواب. حظر عليه نتنياهو أن يقول لنظرائه قبل وصول الحبل الذي تلقاه.

حسب هذه الرواية، نتنياهو يعطي حبلاً – لا يمكن القول إنه يعرقل الخطوة – بل يحرص على ألا يكون في الحبل ما يكفي لتقدم المفاوضات حقاً. عندما خرج الوفد إلى الدوحة في بداية الأسبوع، أوضح أعضاؤه لنتنياهو بأن حماس ستعطي جواباً سلبياً. “سافروا وسترون”، قال لهم. بعد ليلة في الدوحة، عادوا بخفي حنين. وعاد بعدهم معظم الطاقم الفني. وهكذا، أول أمس، اجتمع الكابينت مرة أخرى كي يجتمع من جديد في الأيام القادمة ليعطي جزءاً من حبل آخر ويأمل بالخير. “تخفيض زاحف”، كما سمّاه شخص مطلع على المحادثات.

المراوحة في المفاوضات توازي المراوحة في غزة والمراوحة في لبنان والمراوحة في واشنطن. كل شيء عالق. من مراوحة إلى أخرى تقل أوراق إسرائيل. في نظري، كان من الأفضل دفع ثمن كبير، وإعادة المخطوفين كلهم والبدء من جديد. ليس نصراً مطلقاً؛ بل بداية مطلقة. لهذا ثمة كثير من الأمور التي ينبغي عملها، لكن المسيرة تعمل بشكل مختلف، وكذا الزمن والمخطوفون.

---------------------------------------------

 

إسرائيل اليوم 29/3/2024

 

جيش مهووس بملاحقة السنوار ورئيس حكومة يفقد الاستراتيجية والتكتيك.. ودولة تراهن على “جوكرها”

 

بقلم: يوآف ليمور

مراوحة – لا توجد طريقة أخرى لوصف ما يحصل الآن في غزة. فريق قتالي لوائي يعمل في خان يونس. وفريق قتالي آخر يعمل في شمال القطاع – وهذا هو. ما هكذا ينتصر في الحرب.

في الضفة الآن كتائب مقاتلة أكثر مما في القطاع، بهدف منع موجة إرهاب تتحول إلى انفجار واسع. في خلفية جملة إخطارات وشجون شهر رمضان، باتت بطانية القوات السميكة ضرورية تماماً. في الشمال أيضاً تعزز القوات خوفاً من التدهور إلى حرب مع حزب الله. بعض من هذه القوات – غولاني، المدرعات، الهندسة – وصلت بعد فترة طويلة في غزة. وقد سمحت بتحرير الاحتياط مما ترك ساحة الحرب الأساسية في الجنوب هزيلة جداً.

تعهدت الحكومة بنتيجتين في الحرب: إعادة المخطوفين وهزيمة حماس. تسوية هذين الهدفين ليست أمراً هاماً: فليس للمخطوفين وقت. في كل أسبوع يبشر بمخطوفين آخرين ماتوا في الأسر. عميت سوسانا أعطتنا إطلالة على من تبقى هناك على قيد الحياة إذا كان يمكن أن نسمي هذه حياة. حتى من عاد ليس حياً بالضبط. فالكثيرون منهم لا يزالون يعالجون صحياً، كلهم يعالجون نفسياً وبعضهم ليسوا معنا على الإطلاق.

المفاوضات لتحرير المخطوفين تفجرت هذا الأسبوع على خلفية رفض إسرائيل الاستجابة لمطلب حماس إعادة سكان شمال القطاع إلى بيوتهم. ثمة منطق في المعارضة الإسرائيلية: فإذا عاد السكان إلى شمال القطاع، فستعود حماس بعدهم، وفي اللحظة التي تعود فيها ستعيد بناء نفسها أيضاً، وعندها ستهاجم، مما يمنع عودة السكان إلى الكيبوتسات في الغلاف ويلزم الجيش بالعودة إلى هذه المنطقة بقوات أكبر، التي سبق أن حسمت في معظمها.

توجد طرق لتربيع هذه الدائرة. مثلاً تقييد عُمر وجنس العائلة أو الأحياء التي يتاح لهم العودة إليها. هناك حاجة إلى إبداعية وجرأة وتصميم، وبالأساس الفهم بأنه لا يوجد بديل. المخطوفون تركوا لمصيرهم مرة واحدة في 7 أكتوبر ومحظور أن يتركوا مرة أخرى.

المشكلة أن الحرب علقت مع المفاوضات. والحجة القائلة إن العملية في خانيونس لم تستنفد بعد، هي قصة تغطية على الأمر الحقيقي: إسرائيل تعيش منذ ثلاثة أشهر في ملاحقة مهووسة ليحيى السنوار، بينما تمشط خان يونس طولاً وعرضاً (وأساساً عمقاً)، كان يمكنها احتلال رفح ومعسكرات اللاجئين في وسط القطاع. إن قتل السنوار لن يحررها من ذلك. بعد أن تهدأ أصوات الفرحين بموته، سيتبين أنه لم يحصل تغيير جذري في غزة. سيبقى سكانها مع مشاكلهم، وستبقى حماس مع إرهابها وسنبقى مع كليهما.

إذا كانت إسرائيل تريد هزيمة قوات حماس المتبقية (أربع كتائب في رفح وكتيبتان في معسكرات الوسط، ورموز حكمها الأخيرة، وأساساً في رفح) فعليها أن تعمل. لذا، عليها حشد القوة، والشرعية – ثم تنطلق على الدرب. في كل يوم يمر تفقد إسرائيل الشرعية وتبتعد عن احتمال استكمال المهمة.

 

الانهيار الاستراتيجي

يمكن الجدال حول من هو الرئيس الأكثر وداً لإسرائيل، بايدن أم ترامب. كلاهما فعلا الكثير من أجلنا، مباشرة وبشكل غير مباشر. كلاهما شريكان في الأهداف العليا للحرب – هزيمة حماس وإعادة المخطوفين. يختلفان مع إسرائيل على الطريق، ويمقتان نتنياهو. لا حاجة للإكثار من الحديث عن الشرخ مع بايدن؛ فهو يدهور وضع إسرائيل، لكن كان يمكن أن نتعرف على عمق الشرخ مع ترامب من مقابلة حصرية مع “إسرائيل اليوم” هذا الأسبوع، والتي غابت عنها كلمة واحدة بشكل بارز: نتنياهو.

يعتقد كثيرون أن نتنياهو يفاقم الأزمة مع الأمريكيين عن قصد. هذا يعرضه كزعيم قوي لا يستسلم حتى لقوة عظمى، ما يعزز قوته في قاعدته. ليست لدي فكرة إذا كان هذا صحيحاً أم لا. مهما يكن من أمر، فإن هذا بائس وخطير. إسرائيل تراهن على جوكرها، بينما كل خصومها يفهمون أنها لا تملك أي ورقة أخرى في كمها.

نتنياهو تكتيكي عظيم، ينتحر على كل موضوع ويواصل إلى الموضوع الآخر. لا يملك معارك صغيرة – كل شيء ملح، كل شيء وجودي. ولهذا ينجح في البقاء في الحكم طوال سنوات. كل شيء يعد لديه تهديداً، وكل تهديد يعالج فوراً. المشكلة أنه لا استراتيجية لديه من كثرة التكتيك. وإن امتلكها فستنهار.

المثال الأبرز إيران. فعلى مدى 15 سنة حكمه (وقبل ذلك بكثير) قال نتنياهو إن النووي الإيراني هو الخطر الأكبر على إسرائيل. باسمه دحر كل شيء جانباً: من أراد معالجة حماس صُدّ، إذ يجب التركيز على إيران. من سعى لمعالجة حزب الله صُد أيضاً، إذ يجب معالجة إيران. من طلب ميزانيات يُصد، إذ يجب معالجة إيران.

في الأسبوع الماضي، عرضنا تقدماً في المشروع النووي الإيراني. باختصار: إيران أكثر قرباً إلى القنبلة، وإسرائيل بعيدة عن وقفها. حصل هذا في وردية نتنياهو، بسبب أخطائه، مثل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وتقليص التمويل لخطة الجيش الهجومية في إيران.

صحيح أن الخطوات التي اتخذت أخرت إيران، لكن لم تحرفها عن طريقها. والنتيجة أن استراتيجيته كلها انهارت: إيران لم توقف، وحزب الله لم يضعف، وحماس لم تردع، إسرائيل لم تعزز قوتها. هذا الفشل يقبع في أساس إخفاق 7 أكتوبر (لا يعفي جهاز الأمن من مسؤوليته عن غياب الردع وعدم إعطاء جواب دفاعي لهجمة حماس)، وهو مسجل كله على اسم نتنياهو.

هناك من يدعي بأن نتنياهو يمكنه قيادة إسرائيل في زمن الأزمات هذا. مطلوب أن نسألهم كيف يعطون ثقة لمن أخفق هكذا أكثر من مرة في أكثر من جبهة. لكن لو تأزر نتنياهو بالشجاعة ووقف لمقابلة، لاكتفى بأربعة أسئلة. كيف يعتزم الانتصار في غزة بدون قوات؟ كيف يعتزم إعادة المخطوفين بدون مفاوضات؟ كيف يعتزم تغيير الوضع في الشمال بدون حرب؟ وكيف يعتزم ترميم العلاقات مع الولايات المتحدة بدون علاقة ناجعة مع المرشحين للرئاسة؟

لن يجري نتنياهو المقابلات ولن يجيب أيضاً. منذ سنين وهو يخاف المقابلات، ويتهم الإعلام بأنه معاد له، لكن في إعادة صياغة جملة كلينتون الشهيرة في حملته الانتخابية أمام جورج بوش – It’s the economy, stupid. إنه الاقتصاد يا غبي. المشكلة ليست في الإعلام، ونتنياهو ليس غبياً: هو المشكلة.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق