03 آيار 2024 الساعة 14:58

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاثنين 18/3/2024 العدد 963

2024-03-19 عدد القراءات : 35

  الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

«الـيـوم التـالي» فـي إســرائـيـل: نحو إعادة صياغة سياسات الأمن القومي

 

 

بقلم: عاموس يدلين*

 

في السابع من أكتوبر 2023 فشلت العقيدة الأمنية الإسرائيلية، ولم تعد إسرائيل تملك أي خيار سوى الاستثمار بصورة أكبر في أمنها ما قد يؤدي إلى صعوبات اقتصادية.

منذ الهجوم الذي شنته "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وجدت إسرائيل نفسها متورطة في حرب متعددة الجبهات للمرة الأولى منذ ما يقارب الـ 60 عاماً. فهي تقاتل في غزة، وتحارب الجماعات المسلحة في الضفة الغربية، وتواجه هجمات صاروخية من العراق ولبنان وسورية واليمن. إذاً، تبدو إسرائيل أقل أماناً مما افترضه معظم الإسرائيليين في السادس من أكتوبر [أي قبل السابع من أكتوبر]، ويتعين على قياداتها الآن أن تعيد صياغة سياسات الأمن القومي في البلاد من هذا المنطلق.

في الوقت الحالي، تتمحور أولويات إسرائيل حول تأمين إطلاق سراح الرهائن المتبقين، والقضاء على قدرات "حماس" العسكرية، وضمان العودة الآمنة لمئات الآلاف من المواطنين الإسرائيليين إلى مجتمعاتهم في شمال البلاد وجنوبها، ولكن يتعين على إسرائيل أيضاً أن تتخذ مزيداً من الخطوات البعيدة المدى من أجل تجنب تكرار ما حدث في السابع من أكتوبر. وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، يجب على الدولة أن تعمل على تكثيف الإنفاق الدفاعي وتعزيز القوات على حدودها. ولا بد أن تكون الدبلوماسية مع الفلسطينيين جزءاً من الصورة، ولكن أي ترتيب يتفق عليه الطرفان لحكم المناطق الفلسطينية يجب أن يتضمن أحكاماً صارمة تمنع إعادة إنشاء منطقة فلسطينية مسلحة. وأي تقدم في الأهداف الطويلة المدى، مثل حل الدولتين، الذي ينظر إليه معظم الإسرائيليين حالياً على أنه غير ممكن، لا بل حتى منفصل عن الواقع، سيتطلب دعم الولايات المتحدة وتطبيع العلاقات مع السعودية ودول عربية أخرى.

وفيما تستمر الحكومة الإسرائيلية في التركيز على الأهداف العسكرية المباشرة، يتعين عليها التعامل أيضاً مع السيناريوهات التي قد تحدث بعد انتهاء القتال. فالفشل في التخطيط لإيجاد بديل لـ"حماس" يهدد بإطالة أمد الوجود الإسرائيلي في غزة، وقد يؤدي إلى فرض حكم عسكري هناك.

من الممكن تحقيق مستقبل أفضل، بيد أن الأمر سيتطلب من إسرائيل العمل مع الولايات المتحدة والشركاء الإقليميين، بما في ذلك مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة، لإنشاء إدارة فلسطينية مؤقتة تكنوقراطية تنخرط في إعادة الإعمار، لا الإرهاب.

وإضافة إلى إعادة ترسيخ الردع وتعزيز قدراتها الاستخباراتية، يتعين على إسرائيل أيضاً أن تستعيد مكانتها الأخلاقية كدولة ديمقراطية تقدمية، من خلال الدفاع عن المؤسسات الديمقراطية وتعزيزها ودعم الاقتصاد والإبداع التكنولوجي، ومن خلال الاندماج أكثر في المنطقة.

إذا كانت إسرائيل ترغب في التعافي من فاجعة السابع من أكتوبر، عليها أن تعمل على تحقيق الأمن، والدبلوماسية، والإصلاح السياسي في آن معاً ومن دون تأخير.

 

مسائل عالقة

 

بعد خمسة أشهر من القتال في غزة، أحرزت قوات الدفاع الإسرائيلية تقدماً ملحوظاً.

تعد المنطقة واحدة من أكثر مناطق القتال تعقيداً في العالم، وتتميز بمعالم حضرية متداخلة [وتخطيط عمراني معقد] وكثافة سكانية غير عادية، وتتضمن عدواً ينفذ أعماله العسكرية بين السكان المدنيين، باستخدام شبكة واسعة من الأنفاق والمرافق تحت الأرض. ومع ذلك، تمكنت قوات الجيش الإسرائيلي من تفكيك مراكز القيادة والهياكل التنظيمية الخاصة بـ"حماس" في مدينة غزة وخان يونس وإضعاف البنية التحتية الإرهابية بصورة كبيرة في أجزاء أخرى من القطاع. وأنشأت منطقة أمنية عازلة بين غزة والأراضي الإسرائيلية.

ومن خلال القيام بذلك، تمكنت إسرائيل من القضاء إلى حد كبير على التهديد البري المباشر الذي تتعرض له البلدات والقرى القريبة من غزة، ما سمح للسكان بالعودة تدريجياً إلى منازلهم التي أخليت في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر. وفي الوقت نفسه، على الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان، إذ تستمر المناوشات اليومية مع "حزب الله"، اكتسب الجيش الإسرائيلي الأفضلية، بعد أن قضى على أكثر من 200 عنصر من قادة الجماعة ومقاتليها. ودمرت إسرائيل عدداً كبيراً من مواقع إطلاق الصواريخ والبنية التحتية العسكرية التابعة لـ"حزب الله" على طول الحدود.

إن تحقيق هذه الأهداف الصعبة فرض ثمناً باهظاً على سكان غزة، حيث أدى الوضع الإنساني إلى زيادة الضغوط على إسرائيل من أجل الحد من عملياتها.

ومع ذلك، فإن مطالبة تل أبيب بوقف عمليتها أمر سابق لأوانه. فـ"حزب الله" يواصل عدوانه على إسرائيل، مانعاً بذلك عودة السكان إلى منازلهم على طول الحدود الشمالية. إضافة إلى ذلك، لا تستطيع إسرائيل أن تضع حداً للصراع في غزة ما دام الرهائن الإسرائيليين محتجزين هناك، ومن دون صفقة لتحريرهم، قد تضطر إسرائيل إلى تكثيف الضغط على "حماس"، ربما من خلال توسيع العمليات إلى رفح.

إذاً، يكمن الحل لهذا الوضع المعقد أولاً في صفقة لتحرير الرهائن تشمل وقفاً مؤقتاً للقتال. ويجب أن يتبع ذلك جهد تنسقه مجموعة من الحلفاء والشركاء، بقيادة الولايات المتحدة، يهدف إلى إنشاء إدارة فلسطينية جديدة ومؤهلة في غزة. علاوة على ذلك، يمكن لإسرائيل أن تشير إلى استعدادها لمناقشة عملية سياسية على أساس مبدأ الدولتين، حتى لو كان واضحاً بالنسبة إلى جميع الأطراف أن تحقيق تلك العملية قد يكون مستحيلاً في المستقبل المنظور. ففي الواقع، ستسهم خطوة من هذا النوع في تخفيف التوترات مع إدارة بايدن وستعطي جميع الأطراف أفقاً سياسياً طويل المدى يتطلعون إليه.

ومع تراجع حدة القتال في غزة، يتعين على إسرائيل والولايات المتحدة وشركائهما العرب أن يعملوا على تعزيز الجهود السياسية الرامية إلى إيجاد بديل فلسطيني معقول لـ"حماس"، على أن ينفذ ذلك في البداية في المنطقة الشمالية من القطاع. ولا بد أن يكون هذا البديل قوياً بدرجة كافية لمنع "حماس" من إعادة تجميع صفوفها واستعادة سيطرتها. وقد يؤدي الفشل في القيام بذلك إلى إطالة أمد القتال في غزة وزيادة صعوبة عملية إعادة إعمار القطاع.

 

ترميم الدفاعات

 

أثارت الإخفاقات الدفاعية والاستخباراتية التي حدثت في السابع من أكتوبر دعوات من القادة العسكريين الإسرائيليين تطالب بتطوير استراتيجية أمنية جديدة، ولكن من يذكر أن التحليل الأولي الذي أجرته منظمة "مايند إسرائيل" MIND Israel (التي أتولى رئاستها) [وهي منظمة تقدم الاستشارات لمؤسسات الأمن القومي ذات الصلة بإسرائيل]، يشير إلى أن الانهيار ربما حدث أيضاً نتيجة لأسباب وعوامل ظرفية معينة. لذا، ينبغي توجيه الجهود نحو تحديد وتصحيح أوجه القصور التي كانت سبباً ربما في هذه الإخفاقات المحددة عوضاً عن إلغاء كل العقيدة الأمنية التي تبنتها إسرائيل والقائمة على مبادئ الردع والإنذار المبكر والدفاع والنصر الحاسم. وحالياً، تعمل إسرائيل على إعادة تفعيل الردع من خلال تحركات الجيش الإسرائيلي ضد "حماس" و"حزب الله". ويتعين عليها في الأشهر المقبلة أن تتعلم من هفواتها الاستخباراتية المرتكبة في السابع من أكتوبر لتحسين نظام الإنذار المبكر لديها، وفي حالة توسع الحرب في غزة إلى الشمال، عليها أن تعزز استعدادها العسكري لضمان تحقيق نصر حاسم.

الأولوية القصوى بالنسبة إلى إسرائيل هي تعزيز دفاعاتها. قبل أن يتمكن مئات الآلاف من المواطنين الإسرائيليين النازحين من العودة بأمان إلى مجتمعاتهم، سيحتاج الجيش الإسرائيلي إلى تعزيز وجوده على طول حدود إسرائيل. وهذا يعني إنشاء خط دفاع ثانٍ داخل الحدود، وتحصين المواقع الحدودية الموجودة، وإنشاء مراكز حدودية إضافية. ويجب على البلاد أيضاً تطوير استراتيجيات جديدة ومبتكرة لحماية المباني الحدودية من النيران المباشرة.

ستحتاج إسرائيل أيضاً إلى دفاعات صاروخية أكثر قوة. في الواقع، استخدم كل من "حزب الله" وجماعة الحوثي صواريخ دقيقة وطائرات من دون طيار في هجماتهما، ورغم أن إسرائيل تمتلك قدرات دفاعية مبهرة ضد الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار، فإن دفاعاتها قابلة للاختراق. لذا، يجب على إسرائيل تسريع عملية تطوير أنظمة الليزر المضادة للصواريخ والمضادة للقذائف. وعليها أيضاً أن تنقل أنواعاً معينة من البنى التحتية الحساسة، مثل محطات الطاقة ومراكز الاتصالات والبيانات، إلى مواقع تحت الأرض، وعندما لا يكون ذلك ممكناً، يجب أن تحظى هذه المرافق بحماية مادية معززة. وأخيراً، يجب أن تكون جميع المباني العامة مجهزة بمساحات آمنة أو ملاجئ تحت الأرض، بدءاً بالمدارس.

بالطبع، إن أفضل وسائل الدفاع تتمثل في تنظيم هجوم جيد، ويجب على إسرائيل إعادة إحياء النهج الاستباقي، المعروف باسم "المعركة بين الحروب"، الذي طبقته في سورية، حيث نفذ الجيش الإسرائيلي ضربات بصورة مستمرة منذ 2013 من أجل إضعاف قدرات العدو واستباق التهديدات المستجدة. علاوة على ذلك، يتعين على إسرائيل أن تحاسب الدول التي تستضيف منظمات إرهابية مثل لبنان وأن تنتقم منها عسكرياً عند الضرورة، في حال حدوث تصعيد واسع النطاق. كذلك، على إسرائيل أن تعمل على توسيع خياراتها العسكرية في ما يتعلق بمهاجمة البرنامج النووي الإيراني في حال فشلت المساعي الدولية الرامية إلى لجم هذا البرنامج.

وتستلزم السياسة الاستباقية والوقائية أيضاً أن تكون إسرائيل مستعدة للتصعيد العسكري في ساحات متعددة في الوقت ذاته. وهذا بدوره يتطلب منها أن تعمل على بناء قواتها العسكرية لكي تتجاوز المستويات التي كانت عليها في السابع من أكتوبر. لقد ردت إسرائيل على الهجوم باستخدام جيشها الاحتياط، الذي تمت تعبئته بسرعة وقاتل بفاعلية. ولكن من أجل ردع خصومها، وإذا لزم الأمر خوض حرب متعددة الجبهات، يتعين عليها زيادة حجم الجيش الإسرائيلي النظامي، بما في ذلك عن طريق إلحاق مزيد من المجندين من الطائفة اليهودية الأرثوذكسية المتطرفة في البلاد، الذين يعفون حالياً من الخدمة العسكرية.

وتستطيع إسرائيل أيضاً زيادة قوتها القتالية من خلال منح المجندات دوراً موسعاً في العمليات القتالية.

إضافة إلى ذلك، يحتاج الجيش الإسرائيلي إلى مزيد من صواريخ القبة الحديدية الاعتراضية، والذخائر الجوية الموجهة بدقة، وذخائر الدبابات والمدفعية، ومركبات المشاة القتالية. ونظراً لشبكة أنفاق "حماس" الواسعة، يجب على جيش الدفاع الإسرائيلي أن يطور ويكتسب تكنولوجيات متقدمة جديدة بصورة عاجلة لتدمير البنية التحتية الموجودة تحت الأرض.

وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، يتعين على إسرائيل أن تبني قاعدة صناعية دفاعية خاصة بها.

 

أصدقاء أكثر، أمان أكبر

 

وبالتوازي مع تفكيك "حماس" في غزة، يتعين على إسرائيل أن تتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين من أجل إرساء واقع جديد في المنطقة. في الواقع، ليس لإسرائيل أي مصلحة في احتلال غزة أو تحمل المسؤولية الكاملة عنها. ولكن ما دامت غزة مسلحة والهجمات ضد الأراضي الإسرائيلية مستمرة، فستضطر إسرائيل إلى الحفاظ على سيطرتها الأمنية المطلقة هناك. ونتيجة لذلك، يتعين على إسرائيل أن تنسق مع تحالف يضم الولايات المتحدة والدول العربية المعتدلة من أجل إنشاء إدارة فلسطينية تكنوقراطية في غزة بموجب تفويض دولي. ويجب أن تتولى مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة توجيه هذه اللجنة والإشراف عليها، بالتعاون مع السلطة الفلسطينية المعاد إصلاحها وتنشيطها.

ومن الممكن إعادة تقييم هذا الترتيب الموقت بعد خمس إلى 10 سنوات، على أساس التقدم الذي تحرزه الإدارة الفلسطينية على صعيد الأمن والاستقرار. وسوف تضطر إسرائيل إلى الحفاظ على سيطرتها الأمنية المطلقة ما دامت حاجاتها الأمنية غير ملباة، وما دام قطاع غزة مسلحاً، وما دام هناك بنية تحتية إرهابية سواء فوق الأرض أو تحتها، وما دامت الهجمات ضد الأراضي الإسرائيلية مستمرة.

وفي الوقت نفسه، لا تملك إسرائيل أي مصلحة في حكم ملايين الفلسطينيين في غزة أو الضفة الغربية، لذا ينبغي ألا تضم تلك الأراضي. ويتعين عليها أيضاً أن تتخذ تدابير قانونية ضد العنف الذي يمارسه المتطرفون اليهود، وتفكيك البؤر الاستيطانية غير القانونية، ووقف بناء المستوطنات الجديدة، في حين تعمل في المقابل على تشجيع مشاريع البنية التحتية المتقدمة للفلسطينيين، بما في ذلك في المنطقة "ج"، التي تخضع حالياً للسيطرة الإسرائيلية.

وأخيراً، تحتاج المؤسسات الدولية العاملة في غزة إلى الإصلاح. في الـ26 من كانون الثاني، قدمت إسرائيل أدلة تشير إلى أن ما لا يقل عن 12 عاملاً في وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا) التابعة للأمم المتحدة شاركوا في مذبحة السابع من أكتوبر، ما أثار موجة من الغضب بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والدول المانحة الرئيسة، ودفع بعضاً منها إلى تعليق تمويلها. وفي وقت لاحق، كشف الجيش الإسرائيلي عن مركز قيادة عسكري لحماس يقع تحت مقر "الأونروا" في مدينة غزة.

وفي آذار، وجد تقرير للأمم المتحدة أن هناك "أسباباً وجيهة تدفع للاعتقاد" بأن مقاتلي "حماس" ارتكبوا أعمال عنف جنسي، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي، في السابع من أكتوبر.

وفي أوائل آذار، أصدر الجيش الإسرائيلي تسجيلاً صوتياً لموظفين في "الأونروا" يتفاخرون بدورهم في اختطاف امرأة إسرائيلية شابة. وحتى تاريخ كتابة هذه السطور، كان رد الأمم المتحدة هو التحقيق مع أفراد محددين عوضاً عن اعتبار منظمة "الأونروا" مؤسسة فاشلة.

وعلى المدى القصير، يجب توفير المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في غزة من خلال منظمات الإغاثة الدولية والدول العربية المعتدلة.

وبعد الحرب، يتعين على الدول المانحة أن تفكر في إصلاح "الأونروا" أو استبدالها بمؤسسات محايدة مكرسة لحل أزمة اللاجئين الفلسطينيين سلمياً.

 

إعادة بناء الحصن الأميركي المنيع

 

لن يتغير دور الولايات المتحدة باعتبارها الشريك الاستراتيجي الرئيس لإسرائيل، رغم اتساع الهوة بين حكومة نتنياهو وإدارة بايدن في ما يتعلق بطريقة شن الحرب.

غالباً ما وقفت واشنطن إلى جانب إسرائيل حتى عندما تعرضت الأخيرة لانتقادات دولية شديدة.

ومع ذلك، ومن أجل ضمان أمنها واستقرارها في المستقبل، يجب على إسرائيل أن تعزز تعاونها مع الولايات المتحدة في مجموعة من المبادرات الدبلوماسية والاقتصادية، وتهدئة المخاوف الأميركية في شأن الكلف الإنسانية المترتبة على الحرب في غزة.

واستطراداً، يجب على إسرائيل أن تعمل مع واشنطن لحل الصراع في غزة. وينبغي على البلدين أيضاً أن يطورا استراتيجية منسقة للتأكد من أن حزب الله يلتزم بقرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي يطالب الجماعة بإلقاء سلاحها في جنوب لبنان والانسحاب من المنطقة الحدودية، وحشد الدعم لعملية عسكرية إسرائيلية في لبنان إذا فشلت الجهود الدبلوماسية. عليهما أيضاً تنسيق السياسات الرامية إلى مواجهة الأنشطة الإيرانية الخبيثة من خلال ممارسة الضغط الاقتصادي والعسكري المباشر على طهران عوضاً عن الاكتفاء بالتركيز على وكلائها.

إضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى بذل جهود متضافرة لوقف تقدم طهران النووي. وبطريقة موازية، يمكن للدولتين ممارسة الضغط على قطر لكبح جماح "حماس" من خلال قطع الدعم المالي عنها.

في غضون ذلك، يتعين على إسرائيل والولايات المتحدة العمل على تعزيز دعم السلام والتطبيع في الشرق الأوسط. ويمكنهما تحقيق ذلك من خلال تمهيد الطريق لصفقة كبرى مع السعودية، تؤدي إلى تطبيع العلاقات بينها وبين إسرائيل مقابل معاهدة أمنية أميركية، وبرنامج نووي مدني تزودها به الولايات المتحدة، والتزام من إسرائيل بمبدأ حل الدولتين. وينبغي أن يقترن هذا الاتفاق باستئناف المفاوضات السياسية التي تشمل سلطة فلسطينية معاد إصلاحها. في الوقت نفسه، يجب أن يتضمن أي اتفاق ضمانات أميركية لإسرائيل بأن حصول السعودية على برنامج نووي مدني يجب أن يلتزم بما يسمى المعيار الذهبي، وهو بروتوكول وضعته الولايات المتحدة في عام 2009 لا يسمح بأي تخصيب أو إعادة معالجة للمواد النووية من دون التوصل إلى اتفاق آخر من طريق التفاوض، عوضاً عن التزام المعايير الأكثر مرونة المتبعة في الاتفاق النووي للعام 2015 مع إيران.

علاوة على ذلك، يجب أن تؤكد هذه الضمانات أن قدرات السعودية لن تؤثر في قدرة إسرائيل في الحفاظ على تفوقها العسكري النوعي، أو تفوقها في التقنيات والقدرات الدفاعية مقارنة بالقوى الإقليمية الأخرى.

في الواقع، يمكن لإسرائيل والولايات المتحدة الحفاظ على التفوق الإسرائيلي من خلال إنشاء تحالف تكنولوجي رسمي.

على سبيل المثال، يمكنهما التزام صورة مشتركة باستثمار مليارات الدولارات في المشاريع التعاونية والشركات الناشئة التي تعمل على تطوير الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمومية، وتكنولوجيا الرقائق، واستكشاف الفضاء، والطائرات من دون طيار.

وإلى جانب مساعدة إسرائيل، فإن هذا التعاون سيعزز المصالح الأميركية في المنافسة التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين.

ومقابل زيادة المساعدات الأميركية، يجب على إسرائيل تعديل سياساتها تجاه بكين، وعلاقتها مع روسيا. ورغم أنه يتعين على تل أبيب ألا تحول الصين إلى عدو لها، فإنها تحتاج إلى الحد من العلاقات التي تؤدي إلى الاعتماد على بكين أو التي قد تعرض إسرائيل للتجسس والتهديدات التكنولوجية الصينية. وفي ما يتعلق بروسيا، يتعين على إسرائيل أن تفكر في اتخاذ خطوات إضافية من أجل المساعدة في دعم أوكرانيا، ربما من خلال تعزيز قدراتها على مواجهة التهديد الذي تشكله الطائرات المسيرة الروسية الانتحارية الإيرانية الصنع، فضلاً عن التأييد العلني للجهود الغربية الرامية إلى صون سيادة كييف.

 

من الأزمة إلى التوافق

 

في السابع من أكتوبر 2023 باءت العقيدة الأمنية التي تتبناها إسرائيل بالفشل، وسوف تتطلب الجهود التي تبذلها من أجل تفكيك "حماس" التزاماً طويل الأمد.

في الواقع، لا تملك إسرائيل أي خيار سوى الاستثمار بصورة أكبر في أمنها، ما قد يؤدي إلى صعوبات اقتصادية قد تمتد لعقد من الزمن إذا لم تتصرف الحكومة بحذر وإذا تحملت بمفردها أعباء هذا الصراع، وهي أعباء كبيرة بالفعل بالنسبة إلى إسرائيل. ولذلك يتعين على البلاد أن تتبنى استراتيجية وطنية بعيدة النظر لا تعزز أمنها فحسب، بل تقوي أيضاً تحالفاتها ومكانتها الدولية.

لا يمكن الجزم أن الحكومة الحالية في إسرائيل، التي تتأثر إلى حد كبير بالاعتبارات السياسية، والمقيدة بأعضائها اليمينيين المتطرفين، ستتمكن من قيادة الإصلاحات الضرورية.

وفي نهاية المطاف، إن التحديات غير المسبوقة التي تواجه إسرائيل ستتطلب تشكيل حكومة جديدة قادرة على تعزيز التوافق الوطني الشامل وإخراج البلاد من واحدة من أصعب الأزمات في تاريخها.

 

عن "فورين أفيرز"

 

* جنرال متقاعد في سلاح الجو الإسرائيلي، شغل منصب الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية من العام 2006 إلى العام 2010. وهو مؤسس ورئيس شركة "مايند إسرائيل" الاستشارية.

---------------------------------------------

 

هآرتس 18/3/2024

 

 

دلالات الهدوء في أول جمعة من رمضان

 

 

بقلم: نير حسون

 

عشرات آلاف الفلسطينيين شاركوا في صلاة يوم الجمعة الأول في شهر رمضان في الحرم. خلافا للتخوفات ورغم دعوة حماس وتهديد وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير إلا أن الصلاة مرت بهدوء، سواء في الحرم أو في محيطه.

عمليا، هذا لم يكن فقط يوم الجمعة الأكثر هدوءا في شهر رمضان منذ سنوات، بل كان أيضا يوم الجمعة الأكثر هدوءا في البلدة القديمة منذ اندلاع الحرب.

الهدوء هو دليل آخر على ادعاء الخبراء والمهنيين في جهاز الأمن وعدد غير قليل من الجهات الفلسطينية الذي يقول إن التوتر في الحرم ينبع من محظورات الشرطة التي تفسر كتهديد لمكانة المسلمين في الحرم، وأنه إذا سمحت الشرطة بالصلاة هناك بشكل حر فإن التوتر سينخفض.

في النقاشات التي جرت في الكابينيت الأمني قبيل شهر رمضان رفض بن غفير هذه الفرضية ودعا إلى مواصلة القيود على الدخول إلى الحرم وحتى توسيعها.

بعد الجلسة الأولى التي تناولت الموضوع تم التسريب بأن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يوافق على موقف وزير الأمن الوطني، وأنه ليس فقط سيتم فرض القيود، بل هي أيضا ستكون سارية على المواطنين العرب الإسرائيليين.

بعد التسريب من الجلسة الثانية حول هذا الموضوع بأن القرار سينقل من يد وزير الكابينيت، هاجم بن غفير قرار "الانجرار وراء تصور بني غانتس الذي يفيد بأن الهدوء يتم التوصل إليه عن طريق التراجع والخضوع للإرهاب"، القصد هو "نقل الصلاحيات التي توجد لوزير الأمن الوطني إلى يد كابينيت التصور".

في الصلاة الأولى للتراويح في شهر رمضان في يوم الأحد واصلت الشرطة سياستها الثابتة منذ بداية الحرب: حظر دخول الشباب إلى الحرم. مئات الشباب تم دفعهم إلى الخلف وعلى الأبواب كان ضغط ورجال الشرطة استعملوا الهراوات لتفريق الجمهور والغضب ازداد وتراكم.

في نفس الليلة نشر الفيلم الذي أثار عاصفة، الذي ظهر فيه رجال الشرطة وهم يضربون المصلين في باب القطانين.

في اليوم التالي تغيرت السياسة – رجال الشرطة تراجعوا وسمحوا لكل من يريد بالدخول. صلاة التراويح في هذا الأسبوع كانت الأكبر مما نذكر في شهر رمضان والأكثر هدوءا. عشرات آلاف الأشخاص وصلوا في كل مساء إلى المسجد ولم يقم أحد بوقفهم أو إزعاجهم، وبعد انتهاء الصلاة تفرقوا بهدوء. وحتى عندما قتل فتى ابن 12 سنة في مخيم شعفاط بنار رجال الشرطة فإن البلدة القديمة بقيت هادئة.

مع ذلك التوتر قبل صلاة يوم الجمعة كان مرتفعاً. حماس نشرت دعوة للفلسطينيين دعتهم فيها للمجيء إلى الحرم والتمترس فيه، وتجربة الماضي تعلمنا أنه في أيام الجمعة في رمضان تقريبا دائما تكون مواجهات في الحرم أو في محيطه.

حقيقة أن الفلسطينيين في صباح يوم الجمعة استيقظوا على الأنباء من غزة عن عشرات القتلى في طابور للمساعدات، والشائعات التي نشرت أمس عن بوابات جديدة ستقيمها الشرطة على أبواب الحرم، لم تساعد في تهدئة النفوس. الشرطة استعدت بقوات كبيرة بشكل خاص، 3 آلاف شرطي تم نشرهم في البلدة القديمة ومحيطها.

لكن أيضا في يوم الجمعة اختارت الشرطة أو حصلت على تعليمات بأن لا تصغي إلى الوزير المسؤول عنها.

البوابات الجديدة تبين أنها حواجز لرجال الشرطة أنفسهم التي أغلقوها خلفهم وسمحوا لكل من أراد بزيارة الحرم.

أيضا في الجيش لم يصغوا لبن غفير وسمحوا لآلاف المصلين من الضفة بالدخول إلى القدس.

وقد تجمع في الحرم عشرات آلاف المصلين، وفي الأوقاف قالوا إن العدد وصل إلى 80 ألف شخص. حتى لو أن الأمر يتعلق بمبالغة فإن هذه ما زالت صلاة كبيرة جدا. بن غفير حاول الإقناع بأن الفلسطينيين يخافون منه، ونشر للمراسلين إحاطة تفيد بأنه جاء فقط 16 ألف شخص. ولكن كان يصعب العثور على أي أحد يتعامل مع ذلك بجدية.

من تجربة الماضي على الأغلب الأوقات المتوترة في الحرم تكون بعد ذهاب المصلين كبار السن، عندها يبقى في الحرم الشباب الذين يطلقون النداءات ويلوحون بأعلام حماس.

هذه السنة هذا الأمر لم يحدث. "لم نرغب بأن نعطي بن غفير أي ذريعة"، قال مصدر فلسطيني رفيع في المدينة.

في القدس، مثلما في القدس، دائما من المبكر الاحتفال بالهدوء. حقيقة أنه لا يوجد شعور بالتهديد على الوضع الراهن في الحرم، تقلل في الواقع من خطر موجة عنف كبيرة. ولكن هذا لا يعني أي شيء بخصوص محاولة "مخربين" أفراد تنفيذ عمليات في المدينة.

الصور من غزة والإحباط من جوع السكان في شهر رمضان يمكن أن تدفع الشباب اليائسين إلى تنفيذ عمليات متطرفة. ولكن الآن يمكن الإعلان بأن الصلاة الحاشدة والهادئة هي انتصار لسواء العقل وكل من يؤمن بأن القدس ليست فقط ساحة مواجهة للعبة مجموعها صفر بين المتطرفين، بل هي أيضاً مدينة مقدسة يمكن أن تعرض القليل من العزاء في الأوقات الصعبة.

---------------------------------------------

 

إسرائيل اليوم 18/3/2024

 

 

حكومة نتنياهو: فخّ التأجيل والمراوحة

 

 

بقلم: نوحاما دويك

 

في أثناء جلسة "الكابينت" الموسع التي انعقدت، ظهر يوم الجمعة، للبحث في شروط الصفقة مع "حماس" لتحرير المخطوفين الذين يوجدون هناك منذ اكثر من 160 يوما، خرج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من المداولات عدة مرات، لإجراء المقابلات الصحافية أيضا. ينبغي الافتراض أنه ليس مع وسائل إعلام إسرائيلية. في كل مرة كان يخرج فيها كانت المداولات تتوقف دقائق طويلة.

علم أن الوزير بن غفير اعلن أنه لن يتكلم إذا لم يكن نتنياهو في الغرفة. ونتيجة لذلك لم يتمكن كل الوزراء من الإعراب عن رأيهم، المعتبر أساسا في نظر أنفسهم، وتوقفت الجلسة بسبب اقتراب موعد دخول السبت.

الفريضة المهمة التي تقضي أن فداء النفس يرُد السبت، لا تؤثر على الوزراء. فحياة المخطوفين في أنفاق "حماس" اقل إلحاحا على ما يبدو من وصولهم إلى وجبة السبت مع عائلاتهم – وهي متعة منعت منها عائلات المخطوفين والمخطوفون انفسهم.

في أعقاب الانتقاد، سارع مكتب رئيس الوزراء إلى أن يعلن انه تقررت جلسة لبداية الأسبوع، وستتحدد فيها مبادئ مواصلة المفاوضات في الدوحة.

 

التأجيل بدلاً من الفعل

 

هذا ليس الأمر الوحيد الذي تؤجله الحكومة. حكومة "غدا" تماما – حكومة مؤجِلة. فلماذا تعمل اليوم ما يمكن عمله غدا؟ لماذا تعقد بحثا في "اليوم التالي" كي يتمكن الجيش من أن يعد الخطط ويستعد بناء عليها. لماذا البحث واتخاذ القرارات في موضوع قانون التجنيد، حين يكون ينقص الجيش 10 آلاف جندي؟ علامَ الإلحاح؟ علامَ الفزع؟

إذاً، ماذا إذا كنا نقاتل منذ خمسة اشهر ونصف الشهر، وعدد القتلى يرتفع ولا يزال 134 مخطوفا هناك، وأقسام التأهيل تتفجر بالجنود المصابين برتب مختلفة في أثناء المعارك والكتف الباردة من الولايات المتحدة تقترب من المنطقة الحرجة.

من الصعب عدم التقدير بأنه توجد مصلحة من خلف هذا التأجيل الذي له هدف واحد – تمديد حياة الحكومة المسؤولة عن إخفاق أكتوبر 2023، وكل تصريح بأننا "سنواصل القتال حتى النصر المطلق"، يؤكد هذا فقط.

 

للقيادة يوجد وقت

 

عندها يتبين انه رغم كل هذا فإن الشعب في صهيون هو شعب سعيد بما يكفي، راضٍ عن حياته ومقتنع بنسب عالية بأن الوضع سيتحسن شخصيا وامنيا على حد سواء. في مقياس الصوت الوطني الذي نشرته البروفيسورة تمار هيرمان من المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، يتضح ضمن أمور أخرى أن 56% من اليهود يصفون وضعهم الشخصي بالجيد حتى بالجيد جدا، وفقط 21% بالسيئ أو بالسيئ جدا.

إضافة إلى ذلك، فإن 45% من اليهود متفائلون من المستقبل هنا و41% واثقون من الديمقراطية في الدولة. والتوزيع مشوق: 59% من مصوتي اليمين يؤمنون بذلك، مقابل 25% من مصوتي الوسط وفقط 17% من مصوتي اليسار.

الفجوة تتقلص عند السؤال عن المستقبل الأمني: 49.5% من مصوتي اليمين يؤمنون بذلك، 32% في الوسط و21% في اليسار. في موضوع احتمال إعادة التأهيل في المستقبل المنظور يبقى التفاؤل في الجانب اليميني من الخريطة – هناك 59% يؤمنون بأن هذا سيحصل، مقابل 18% في اليسار.

الاستنتاج واضح جدا – الجمهور يقف إلى جانب الدولة ومستعد لأن يضحي بحياته من اجلها. أما القيادة بالمقابل فيوجد لها وقت. لا شيء يلح عليها.

---------------------------------------------

 

يديعوت أحرونوت 18/3/2024

 

 

يجب أن ندفع الثمن

 

 

بقلم: شمعون شيفر

 

1. بعد أشهر طويلة من الحرب، استعار جدعون ساعر تشبيها من عالم كرة القدم حين سأل في جلسة الكابينيت الأمني في نهاية الأسبوع نتنياهو: كم من الوقت يمكن دحرجة الكرة في وسط الملعب في القطاع وعدم توجيه ضربة نحو الهدف؟".

عمليا تحدى نتنياهو الذي يصدر مكتبه بيانات عن إقرار الخطط للجيش للهجوم في رفح، لكن شيئا لا يحصل.

تتكاثر المؤشرات على أن العملية لتصفية مروان عيسى – نائب محمد ضيف، رئيس الذراع العسكرية لحماس نجحت. هذا النجاح، حسب المحافل الأكثر ثقة، يحرك المفاوضات لتحرير المخطوفين. "هم مصدومون"، قال مسؤول كبير في جهاز الأمن.

في الجانب الإسرائيلي على وعي بالأثمان الجسيمة التي سندفعها في الصفقة، ويوجد فهم في أنه لقاء المخطوفين يجب أن ندفع الثمن تقريبا بكل القتلة الذين على أيديهم دم إسرائيليين.

2. لقد درج زميلي ناحوم برنياع على أن يقول لي "الحب لا يجب أن يقف في طريق التزامنا بقول الحقيقة حتى عمن هم قريبون لنا".

فكرت بهذه النصيحة في ضوء قرار صديقي القريب ساعر للانفصال عن بيني غانتس، وعلى خلفية التقديرات في أنه في الطريق للعودة إلى حضن نتنياهو. إذن هكذا: لا شك عندي في أن ساعر لا يعتزم الارتباط بنتنياهو. هو لا ينسى أن نتنياهو وعصبته عرضوا عليه أن يكون رئيس وزراء في 2021، وعندما رفض استخدموا ضده آلة سم مجنونة ترافقت واتهامات لا أساس لها. نتنياهو، حسب ساعر، يجب أن يطير. ثأره منه سيأتي، وسيقدم باردا كالثلج.

3. سبع جوائز أوسكار حصل عليها فيلم أوفينهايمر عن أبي القنبلة النووية روبرت أوفينهايمر. يخيل أن هذه فرصة لطرح التساؤلات – أو المخاوف – عن تداعيات هذا السلاح الجبار علينا جميعا.

قرأت مؤخراً مقالاً عن عازف في فرقة موسيقية وضع في حينه في منطقة التجارب النووية في لوس الموس. بعد سنوات من التجارب عانى هو ورفاقه من مرض السرطان.

بذلت السلطات جهداً جباراً لإبقاء أمر مرضهم سراً، ونفت كل صلة بالتجارب، لكن في نهاية الأمر تلقت عائلاتهم تعويضات.

عندنا أيضا اطلعنا قبل سنوات على دعوى عاملي المفاعل في ديمونا ممن مرضوا بالسرطان. لعله حان الوقت لكشف المعلومات عما يجري هناك وفحص الطرق لمنع الضرر كنتيجة لكوارث بيئية وأساسا السؤال إذا كان كل ما يحصل هناك حسب منشورات أجنبية بالفعل يستحق هذا.

4. بمناسبة رمضان عدت واطلعت على مصادر الجهاد – واجب المسلمين حسب دينهم لخوض حرب جهاد ضد من ليس مسلما. العالم، حسب الإسلام، ينقسم إلى مناطق تتبع الإسلام ومناطق لم تستسلم بعد. لا يحتمل وجود سلام بين منطقة الحرب وبين ذاك الجزء من العالم الذي تحت حكم الإسلام. فقط "هدنة" مؤقتة. هذه هي العقيدة على ساق واحدة وهذا هو المحيط الذي نعيش فيه.

5. للحرب في غزة لا يوجد تاريخ انتهاء مفعول. ما تبقى لنا هو أن نتواسى بقصيدة "لماذا لي السياسة الآن"، التي يمكنها أن ترافق مشادات السياسيين غير المستعدين لأن يقترحوا صيغة للخروج من الفوضى في اليوم التالي. "آلاف المرتزقة يدخلون في الإطار يتحدثون عني وليس معي"، غنى يوفال بناي، "كذبت حين قلت إن كل شيء رائع، مرتزقة يجتمعون في الظلام... نحن شعب مختار، نحن شعب مختار". لا نزال نؤمن بهذا الاستنتاج أو ربما تضعضع الإيمان؟ ومن سيصلح ما انكسر؟

---------------------------------------------

 

خيارات واشنطن والعرب الذين يسيرون في ركبها

 

 

«اليوم التالي» لحكم حماس في غزة: حان الوقت للاستيقاظ من الأوهام

 

 

لقد حان الوقت للتخلي عن الوهم القائل بأن هناك "حلا سحريا" لغزة بعد يوم من حكم حماس. قام خبراء معهد دراسات الأمن القومي بدراسة مجموعة من البدائل الممكنة بعد الحرب وخلصوا إلى أن أي حل لا يشمل السلطة الفلسطينية لا علاقة له بالموضوع.

هناك ثغرات أكثر من الجوهر في وثيقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التي تتضمن تفاصيل خطته لليوم التالي" لحكم حماس في قطاع غزة. وحتى لو تمكنت إسرائيل من تحقيق أهدافها المعلنة من الحرب. إطلاق سراح الرهائن، وإسقاط نظام حماس، وتفكيك جناحها المسلح. فلن يتمكن أي حل سحري من تحقيق الاستقرار وإعادة البناء في غزة.

وخلافا لرؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي فإن عودة السلطة الفلسطينية المتجددة إلى السلطة في غزة هي الخيار الافتراضي لإسرائيل، خاصة بالنسبة للولايات المتحدة والدول العربية، وتحديدا مصر والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي ستعمل على حل هذه المشكلة. تلعب دورا رئيسيا في مستقبل غزة. ومزايا هذا البديل المتمثل السلطة الفلسطينية المتجددة هو أنه يمكن تنفيذه بسرعة، وسيحظى بدعم ومساندة المجتمع الدولي، والأهم من ذلك، أنه سوف يتكامل مع عملية التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية وكذلك مع تشكيل بنية إقليمية جديدة لمواجهة محور المقاومة الإيراني.

وفي الفترة الانتقالية، يجب على إسرائيل أن تتحرك فوراً، بالتنسيق مع الولايات المتحدة ومصر ودول الخليج، لإنشاء إدارة تكنوقراط وجهاز للنظام العام في غزة - والذي سيكون مرتبطا بالسلطة الفلسطينية - لتحقيق الاستقرار. للمنطقة في أسرع وقت ممكن خلال هذه الفترة الانتقالية، يتعين على السلطة الفلسطينية المتجددة أن تثبت قدرتها على تحمل المسؤولية عن مستقبل قطاع غزة.

إن أهداف الحرب الإسرائيلية ضد حماس هي الحصول على إطلاق سراح آمن للرهائن، وضمان عدم استمرار حماس في السيطرة على قطاع غزة، ونزع سلاح الجناح العسكري للمنظمة، وضمان أن غزة لم تعد تشكل تهديدا أمنيا لإسرائيل لفترة طويلة. فترة من الزمن.

ولذلك فإن الوضع النهائي الذي تحتاج الحكومة الإسرائيلية إلى تحقيقه الآن يجب أن يعكس النتيجة المرجوة من الصراع: لقد تم إطلاق سراح الرهائن؛ لقد حرمت حماس من قدراتها العسكرية والحكومية، وليس لديها أي إمكانية لإعادة البناء؛ وتم إنشاء نظام "متجدد" ومعتدل للسيطرة على قطاع غزة ؛ تتمتع إسرائيل بالحرية الكاملة للعملية العسكرية لضمان بقاء غزة منزوعة السلاح، ولشن عمليات مكافحة، ومنع التهديدات الأمنية. وتم إغلاق جميع سبل الحصول على المعدات العسكرية، بما في ذلك طرق التهريب من الحدود المصرية إلى غزة، وأصبح قطاع غزة منزوع السلاح بالكامل؛ تلعب القوى الدولية والإقليمية دورا إيجابيا في شؤون قطاع غزة؛ ويجري إعادة بناء البنية التحتية في غزة ؛ ويتم تقديم الدعم للأجهزة المدنية، بما في ذلك تلك المسؤولة عن النظام العام، وكذلك للإدارة التكنوقراطية التي تدير غزة؛ لقد عادت إسرائيل إلى الشرعية الدولية، ولم تعد تواجه تحديات في المحافل الدولية.

وبقدر ما يتعلق الأمر بالساحة الفلسطينية الأوسع، يجب على إسرائيل أيضاً أن تعالج الوضع النهائي في الضفة الغربية (يهودا والسامرة): السلطة الفلسطينية المتجددة لم تعد معادية وأصبحت نقطة محورية للأمن والاستقرار الحكومي وتدفع السلطة الفلسطينية إصلاحات لتحسين الحكم والقضاء على التحريض والتطرف ضد إسرائيل؛ تعزيز الأجهزة الأمنية الفلسطينية. تحسين تطبيق القانون والنظام في الأراضي الفلسطينية وتعمل السلطة الفلسطينية على تفكيك البنية التحتية للإرهاب، مع تحسين التنسيق الأمنى مع إسرائيل؛ تتحسن نوعية حياة الفلسطينيين: تنخفض معدلات البطالة، ويوجد المزيد من أرباب العمل المحليين؛ ويستثمر المجتمع الدولي ودول الخليج فى تطوير الاقتصاد والبنية التحتية في الأراضي الفلسطينية؛ هناك استقرار أمني ويحتفظ جيش الدفاع الإسرائيلي بحرية العمليات في عمليات مكافحة الإرهاب وتفكيك البنية التحتية للإرهاب.

قام معهد دراسات الأمن القومي (INSS) بدراسة مجموعة واسعة من الخيارات الممكنة لليوم التالي لحكم حماس في قطاع غزة. باستخدام منصة "حكمة الخبراء" لإيجاد الخيار الذي يخدم مصالح إسرائيل على أفضل وجه، بناءً على معايير موحدة، حدد INSS البديل الخيارات التالية:

(1) فك الارتباط الكامل لقطاع غزة عن إسرائيل وإغلاق جميع المعابر الحدودية بين المنطقتين. (2) احتلال غزة ونشر القوات الإسرائيلية هناك على المدى الطويل، إلى جانب إنشاء إدارة مدنية أو تطبيق الأحكام العرفية؛ (3) السماح للسلطة الفلسطينية المتجددة باستئناف السيطرة على غزة، وهو الخيار المفضل لدى الولايات المتحدة والدول العربية والمجتمع الدولي. (4) تحويل غزة إلى محافظة فيدرالية مع السلطة الفلسطينية، وتعزيز السلطات المحلية في غزة، وإنشاء إدارة تكنوقراط لإدارة قطاع غزة، تحت رعاية السلطة الفلسطينية وإلزامها باتفاقيات مسبقة. (5) حكومة وحدة وطنية فلسطينية تضم أو تدعمها فتح وحماس؛ (6) يصبح قطاع غزة كيانا إقليميا منفصلا، غير مرتبط بالسلطة الفلسطينية أو الضفة الغربية.

لقد طلبنا من كل خبير أن يقوم بترتيب البدائل في ضوء المعايير التالية مدى انسجام كل بديل مع أهداف الحرب الإسرائيلية مدى فعالية كل بديل في تقليل اعتماد غزة على إسرائيل؛ وقدرتها على تعزيز خطاب الحكومة المركزية الذي يحتكر السلطة؛ مدى توفير الأمن والشعور بالأمان لسكان النقب الغربي الحفاظ على حرية عمل جيش الدفاع الإسرائيلي ضد التهديدات؛ وقدرتها على تجنب الأزمات الإنسانية والفوضى؛ واعتمادها على آليات راسخة وفعالة ؛ واحتمال المشاركة الإيجابية من الدول العربية والكيانات الدولية في غزة؛ وقدرتهم على توليد الموارد والتمويل لإعادة إعمار غزة ؛ مستوى الدعم من الجمهور الإسرائيلي؛ ومستوى الدعم من السكان الفلسطينيين في غزة. وأخيرا، طلب من الخبراء تقييم البديل الذي لديه أفضل فرصة للتنفيذ بنجاح.

وكان البديلان اللذان حصلا على أكبر قدر من التأييد، أكثر بكثير من البديلين الآخرين، على النحو التالي: (حسب الأفضلية):

سلطة فلسطينية "متجددة" تستعيد سيطرتها على قطاع غزة: يتماشى هذا النهج مع الجهود الرامية إلى التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية وإنشاء بنية إقليمية جديدة. وهي تحظى بدعم الولايات المتحدة والدول العربية والمجتمع الدولي. ستستخدم هذه الإستراتيجية الآليات والقنوات والاتفاقيات القائمة لترسيخ النظام العام في غزة، بمساعدة مصر ومع المنسق الأمنى الأمريكي USSC، مما يمكن هذه الهيئات من أن تصبح جاهزة للعمل بسرعة. ويمكن لإسرائيل أن تواصل عقيدتها العملياتية المتمثلة في مواجهة طويلة الأمد ضد حماس بالتنسيق مع قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، على غرار عملياتها في المنطقتين (أ) و (ب) في الضفة الغربية. وستحصل السلطة الفلسطينية على دعم الجمهور الفلسطيني من خلال العودة إلى غزة بحزمة مساعدات كبيرة ومساعدة للسكان. ومع ذلك، فإن نقاط الضعف في هذا البديل تشمل خطر قيام حماس بإعادة بناء قوتها، ومطالبة إسرائيل بتقديم تنازلات سياسية كبيرة، بما في ذلك في الضفة الغربية، واحتمال انهيار السلطة الفلسطينية تحت مثل هذه الأعباء الثقيلة بين الضفة الغربية والضفة الغربية. قطاع غزة.

قطاع غزة كمقاطعة تابعة للسلطة الفلسطينية : يقترح هذا البديل إنشاء إدارة تكنوقراطية في غزة، تعتمد على القادة المحليين والخبراء الذين ليسوا أعضاء في حماس، دون إلغاء الاتفاقيات القائمة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية ومواصلة التنسيق مع الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية. لجنة. وهذا الخيار قابل للتطبيق لفترة مؤقتة، في انتظار الإصلاحات الضرورية داخل السلطة الفلسطينية.

وستشرف مصر والولايات المتحدة على التكنوقراط، على افتراض أن حماس لا تمارس أي نفوذ ومن الممكن أن يحظى هذا البديل بدعم سكان غزة الذين سيشاركون في إدارة وإعادة بناء غزة. إن استعادة النظام العام بسرعة وإنشاء قوة مدنية يمكن أن يسهلا استئناف السلطة الفلسطينية سيطرتها على المنطقة بشكل فعال. وميزة هذا النهج هو أنه يقدم خطوة انتقالية نحو استعادة سيطرة السلطة الفلسطينية على قطاع غزة (البديل الأول أعلاه) أو استقلال غزة الإقليمي عن الضفة الغربية. وعيب هذا البديل هو أنه يعتمد على قبول الولايات المتحدة والدول العربية والمجتمع الدولى ومساعدتهم في تنفيذه فضلا عن مشاركة مصر النشطة. وتتمثل التحديات الرئيسية في إمكانية استعادة حماس لقوتها وضرورة تقديم إسرائيل تنازلات للسلطة الفلسطينية للسماح بتطبيقها ولن تمنع نجاحها.

في المقابل، فإن البديل الذي يقترحه رئيس الوزراء نتنياهو - لجعل قطاع غزة كيانا إقليميًا منفصلا عن الضفة الغربية وليس تحت سيطرة السلطة الفلسطينية - يمكن وصفه باستخدام كلمات نتنياهو الخاصة بأنه "ليس حماستان ولا فتحستان". وهذا البديل هو استمرار السياسة الفصل والتمايز التي تنتهجها إسرائيل بين الضفة الغربية وقطاع غزة. والهدف هو تعزيز ظهور قيادة محلية في غزة، مستقلة عن الاتفاقيات القائمة وتعتمد على الدعم المصري والمساهمات الدولية لإعادة الإعمار. ومع ذلك، فإن قابلية تطبيق هذا البديل منخفضة وسوف تمتنع الدول العربية والمجتمع الدولي عن المساعدة في عملية إعادة البناء. ومن شأنه أن يسهل على حماس إعادة تجميع صفوفها والظهور من جديد وسيتحول القطاع إلى قاعدة لحركات إسلامية أخرى؛ ومن شأن هذا البديل أن يقوض أهمية السلطة الفلسطينية واستمرار عملها في الضفة الغربية.

 

الاستنتاج و التوصيات

 

إن فكرة إمكانية تحقيق الاستقرار وإعادة تشكيل قطاع غزة من دون السلطة الفلسطينية ، مع الاستمرار في حشد الدعم من الدول العربية والمجتمع الدولي هي فكرة وهم. وتكمن أهمية رؤية نتنياهو في أن تتولى إسرائيل المسؤولية عن مستقبل غزة، التي أصبحت الآن منطقة منكوبة، حيث لم تتقدم أي دولة لتولي السيطرة المدنية هناك، في حين تظل إسرائيل مسؤولة عن الشؤون الأمنية. وهذا يتناقض مع بديل السلطة الفلسطينية الذي ينسجم مع مواقف الولايات المتحدة والدول العربية والمجتمع الدولي. وتتفق هذه الأطراف على أن السلطة الفلسطينية بحاجة إلى الإصلاح حتى تتمكن من إدارة غزة بشكل فعال وحتى حماس تدرك ضرورة التنازل عن السيطرة المدنية على غزة للسلطة الفلسطينية، حتى ولو لم يكن إلى الأبد، لأنها غير قادرة على تأمين المساعدات والدعم اللازمين من المجتمع الدولي والدول العربية لإعادة بناء قطاع غزة.

وبدلا من معارضة السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها والتي يمكن أن تعود إلى غزة، ينبغي لإسرائيل أن تضع شروطاً مسبقة لـ "سلطة فلسطينية متجددة". الشرط الأساسي يجب أن يكون الاعتراف بدولة إسرائيل كوطن قومي للشعب اليهودي. وهذا من شأنه أن يدفع إسرائيل إلى رؤية السلطة الفلسطينية كشريك في العملية السياسية إذا لم تعد تسعى إلى تقويض شرعية إسرائيل كوطن للشعب اليهودي، علاوة على ذلك، يتعين على إسرائيل أن تصر على أن حماس لن تلعب أي دور في القيادة الفلسطينية الجديدة، وأن تستبعد صراحة أي ممثل لحماس من المناصب الوزارية أو الحكومية. وينبغي للسلطة الفلسطينية أن تؤكد من جديد التزامها بمحاربة الإرهاب، ووقف تحويل الدعم المالي إلى عائلات (الإرهابيين) والفلسطينيين المسجونين، وإزالة المحتوى التعليمي الذي يؤدي إلى المقاومة أو يحرض على العنف ضد إسرائيل. وستكون هذه الشروط بمثابة اختبار لمدى جدية المجتمع الدولي في المراقبة والتأكد من أن إصلاحات السلطة الفلسطينية يتم تنفيذها بالفعل.

وحتى لو تمكنت إسرائيل من تحقيق أهدافها الحربية . إطلاق سراح الرهائن وتفكيك نظام حماس، فلن يكون هناك بديل سحري لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة وتشكيله. إن عودة السلطة الفلسطينية المتجددة إلى غزة هي أمر افتراضي بالنسبة لإسرائيل، كما يتضح أيضًا من تقييمات الخبراء الذين طلب منهم تحديد أولويات البدائل المختلفة لمستقبل قطاع غزة. وهذا البديل مفضل بشكل رئيسي من قبل الولايات المتحدة والدول العربية - مصر والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. ولهذه الدول أهمية حاسمة في تحقيق الاستقرار وإعادة بناء غزة. تتمثل مزايا هذا الخيار في إمكانية تنفيذه بسرعة؛ وسوف تحظى بدعم دولى واسع النطاق ؛ والأهم من ذلك، أنها ستتوافق مع عملية التطبيع بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، كجزء من البنية الإقليمية الجديدة لمواجهة محور المقاومة الإيراني.

وفى الفترة الانتقالية، يجب على إسرائيل أن تتحرك فورا - بالتنسيق مع الولايات المتحدة ومصر ودول الخليج - لإنشاء إدارة تكنوقراطية وجهاز للنظام العام في غزة، والذي سيكون مرتبطا بالسلطة الفلسطينية. ويهدف هذا النهج إلى تحقيق الاستقرار بسرعة في المنطقة كإجراء مؤقت بينما تثبت السلطة الفلسطينية المتجددة استعدادها لإدارة مستقبل غزة. ولن تتعارض هذه الإجراءات مع الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة لتفكيك قدرات حماس، ويمكن تنفيذها بالتوازي مع عملية التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية.

 

بقلم: أودى ديكل

 

العميد. انضم الجنرال (احتياط) أودى ديكل إلى معهد دراسات الأمن القومي (INSS) في عام 2012. وشغل منصب المدير العام للمعهد لمدة عشر سنوات، ويرأس حاليا برنامج الأبحاث حول الساحة الفلسطينية. وكان ديكل رئيسا لفريق

---------------------------------------------

معاريف 18/3/2024

 

مقابل “وجبة كرامة” لكل مصري.. لنترك السيسي يتحدث إلى غزة بـ “اللغة الشرق أوسطية”

 

 

بقلم: د. موشيه العاد

 

مصر، زعيمة العالم العربي سابقاً، تعاني أزمة اقتصادية عسرة ومتواصلة. محافل اقتصادية في العالم حسبت الكلفة المالية لاستعادة قدرة مصر لرعاية سكانها بكرامة في العقد المقبل تقدر بأن 70 – 80 مليار دولار ستتيح منح وجبة لكل مواطن من 110 ملايين مصري. منذ زمن بعيد والرئيس المصري السيسي ينتظر هذه التبرعات، لكن ليس هناك من يتبرع بها. غياب السياحة في بلاده والتدخل الزائد في ليبيا، هما جزء من الأسباب التي تقتطع مزيداً من تمويل ميزانيتها الضحلة.

يعبر المصريون عن قلقهم لما يجري في قطاع غزة، مثل كل الدول العربية. يسأل صحافيون عرب رؤساء الدول بين الحين والآخر: فضلاً عن الإعراب عن القلق، هل تعملون على التغيير؟”، والأجوبة عديدة ومتنوعة، أساساً من جانب دول غير قادرة على العمل.

المملكة الأردنية مثلاً، لم تتدخل قط في المنطقة التي خارج حدودها، وهكذا أيضاً في حالة غزة. السعودية وإن كانت تشعر بمسؤولية بصفتها زعيمة للعالم السُني، لكنها تكتفي بالتبرعات المالية، ومثلها دول النفط والغاز الغنية: الإمارات والبحرين وعُمان. أما قطر، فتعتبرها إسرائيل الصديق العدو؛ فهي تتوسط بين إسرائيل وحماس التي لا تزال تتحكم بما يجري في القطاع، وفي الوقت نفسه تدعمها ككيان إرهابي وتمنح ملجأ لمسؤولي المنظمة، وعليه فهي مستبعدة من الحكم في غزة. السلطة الفلسطينية؟ نعم، لكن ليس الآن. سيتعين عليها أن تعمل بكد كي تنظم صفوفها، وتدرب كتائبها الأمنية، وتهدئ التوتر والعداء بين الفصائل المختلفة، وتغرس أنماط شفافية ونجاعة بين مؤسساتها، وأساساً الكف عن التحريض ضد إسرائيل.

بقينا مع مصر. إنه من غير المستبعد أن يكون حافز بمئات ملايين الدولارات التي هي في نظر دول عربية غنية وأخرى غربية ومؤسسات دولية “فراطة”، كفيلة بأن تدفع مصر لتبني تحدي غزة، وإن كان لفترة محدودة حتى ثلاث سنوات. في هذا الزمن، تأخذ مصر السيطرة في غزة، وتؤتمن الأعمال الأولية على مراحل، حتى تسلمه إلى أيدي “السلطة الفلسطينية المحسنة”. في إطار مقابلاتي الأخيرة مؤخراً في شبكات التلفزيون العربية، هذه الخطة تلقى رفضاً، بل وتترك مادة للتفكير يجب النظر فيها بعناية.

من بداية المعركة ومصر تلعب لعبة مزدوجة في محاولة لتبث تجاه الخارج “وحدة صف” – اصطلاح في العالم العربي أقوى من كل المصالح. من جهة، تحذر من عملية إسرائيلية في رفح وتطلق صرخات نجدة خوفاً من تدفق جماهيري للغزيين إلى شمال سيناء، ومن جهة أخرى تعمل بتعاون كامل مع إسرائيل وتحافظ بشدة على التنسيق الأمني معها. صحيح أن السيسي يستعرض العضلات، لكنه يتذكر المساعدة التي قدمتها له إسرائيل في حربه ضد “داعش” في شبه جزيرة سيناء.

من خلال الجنرال محمود السيسي ابن الرئيس، وزعيم البدو في سيناء إبراهيم العرجاني، نجحت مصر في تثبيت استقرار سيناء، بل والتنمية والازدهار الاقتصادي. النموذج الذي تخلصت فيه مصر من الإرهاب الإجرامي لتنظيم الدولة الإسلامية في سيناء، قد يسمح بإيقاف القطاع على أرجله أيضاً.

ما كان مراقب الدولة عندنا ليشرعن الطرق والوسائل التي اتخذت هناك، لكن هذه هي المشكلة: كل الحكومات الأجنبية، ابتداء من حكومة إسرائيل في “المناطق”، والأمريكيين في العراق وأفغانستان، توجهت إلى السكان بالعبرية المحلية أو بالإنجليزية بينما تحدث المصريون مع البدو بلغة شرق أوسطية معروفة. يجب الاعتراف بأن دولة ديمقراطية لا يمكنها أن تحكم شعباً أجنبياً.

الآن، حين تكون مصر تواقة لأنبوب أكسجين اقتصادي، هناك لحظة مناسبة لمنح المصريين ما يحتاجونه، وهو ربح للجميع: منحة غير مسبوقة بسخائها، وكذلك ضمانة ألا ينتقل أي غزي إلى سيناء. على إسرائيل والأسرة الدولية أن تخرجا إلى حملة تربط بين تجنيد الأموال وتخويل المصريين لتحقيق هذا الهدف.

---------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هآرتس 18/3/2024

 

هل ترى حماس في إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين صورة نصر استراتيجية لها؟

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

شرط حماس الرئيسي خلال المفاوضات على صفقة تبادل المخطوفين والسجناء الفلسطينيين هو إعلان إسرائيل عن وقف ثابت لإطلاق النار وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع. طلبت حماس ألا تكون دول المنطقة ذات العلاقة، مصر والسعودية وقطر والأردن والإمارات، هي الضامنة لتنفيذ هذا الشرط، بل طلبت أيضاً تعهداً أمريكياً علنياً بأن الولايات المتحدة ستضمن تنفيذه من قبل إسرائيل. موافقة حماس على تجزئة تنفيذ هذا الشرط إلى مرحلتين، يتم في الأولى تنفيذ وقف إطلاق النار لشهر ونصف، يبدأ الجيش الإسرائيلي خلالها في الانسحاب من شارع الرشيد وشارع صلاح الدين في غزة (ليس من كل القطاع مثلما طلبت حماس في البداية)، بشكل يمكن من انتقال السكان من جنوب القطاع إلى الشمال. والمرحلة الثانية، التي سيتم فيها تطبيق وقف ثابت لإطلاق النار، هي التي أحدثت الانعطافة التي مكنت من استئناف المفاوضات اليوم في قطر.

في غضون ذلك، من غير الواضح ما هي مكانة طلب إسرائيل الحصول على قائمة بأسماء المخطوفين الأحياء والأموات من حماس. قبل أسبوعين تقريباً، منع نتنياهو سفر الوفد الإسرائيلي إلى مصر إلى حين تسلم هذه القائمة. وقبل أسبوع، نشر أن رئيس الـ سي.آي.ايه وليام بيرنز، اقترح تطبيق وقف قصير لإطلاق النار مقابل تسلم القائمة، وهو الاقتراح الذي رفضته حماس، حيث أعلنت بأن على إسرائيل أن تدفع “ثمناً باهظاً” مقابل أي معلومة عن المخطوفين. ولكن هذا الشرط مثل الشروط الأخرى التي طرحتها حماس، كانت جزءاً من تكتيك معروف باسم “التفاوض على التفاوض”، التي استهدف أبعادها أو المرونة فيها السماح باستمرار المفاوضات، في الوقت الذي ما زالت فيه القضايا الرئيسية تهدد بانهيارها.

 تتضمن هذه القضايا ثلاث رزم يرتبط بعضها ببعض، ولا يجب فصلها، كما ترى لحماس. الأولى قائمة السجناء الذين تطلب حماس إطلاق سراحهم من السجون الإسرائيلية. وحسب مصادر إسرائيلية، فإن أساس الخلاف ليس عدد السجناء بل “نوعيتهم”. فإضافة إلى السجناء الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل النساء والأطفال والشيوخ والمرضى حسب معيار متفق عليه مبدئياً، تطلب حماس أن تطلق إسرائيل سراح 50 سجيناً مقابل كل مجندة مخطوفة، بينهم 30 محكوم عليهم بالمؤبد. هذا طلب متوقع، لكن إذا كان قد تحقق ذلك في صفقات سابقة لتبادل الأسرى، فإطلاق سراح السجناء في هذه المرة هو جزء مما تطمح حماس إلى عرضه كصورة نصر استراتيجية.

المتحدثون بلسان حماس وقادتها خارج القطاع، يرسمون في الفترة الأخيرة رواية تفيد بأن إطلاق سراح السجناء هو في الحقيقة موضوع مهم وجوهري، لكنه ثانوي بالنسبة للطلب الأساسي، وهو وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع. ولكن حتى من خلال خطة التحرير، تطمح حماس إلى وضع أسس تمنحها القوة للتأثير على مستقبل البنية السياسية في م.ت.ف وفي السلطة الفلسطينية. مثلاً، ستطلب حماس إطلاق سراح مروان البرغوثي، وهو السجين المحكوم عليه بالمؤبد، الذي يحظى بتأييد واسع من الجمهور، والذي قد يرث محمود عباس. ليس هذا طلباً جديداً لحماس، فقد طرحته سابقاً في صفقات لتبادل الأسرى، ورفضته إسرائيل دون أن يؤدي الرفض إلى تفجير الصفقات. ولكن هذه المرة، حيث تناضل حماس على بقائها السياسي والعسكري، وعلى خلفية الجهود الأمريكية والعربية لتشكيل نظام فلسطيني “مجدد” يدير الضفة والقطاع، فثمة أهمية كبيرة بالنسبة لها في خروج البرغوثي إلى الحرية.

 

 أمل حماس

 

 نشأت بين قيادة حماس والبرغوثي علاقة وثيقة استمرت سنوات كثيرة، ووصلت إلى الذروة عندما صيغت “وثيقة السجناء” في أيار 2006 في سجن “هداريم”. وقد وقع على هذه الوثيقة السجناء الكبار الذين يمثلون الفصائل الفلسطينية الرئيسية، من بينها حماس، واعتبرت “وثيقة الاتفاق الوطني”، التي ستكون الأساس لانضمام حماس لـ م.ت.ف. بعد سيطرة حماس على القطاع في 2007 تم تجميد المحادثات. وعشرات اللقاءات والنقاشات واللجان التي تم عقدها لسنين والتي أثمرت حكومة الوحدة الوطنية في 2017، انهارت خلال سنة. مع ذلك، قال البرغوثي وعدد من القادة الفلسطينيين، بما في ذلك أعضاء في فتح، إن م.ت.ف لا يمكنها أن تكون الممثل الحصري للشعب الفلسطيني بدون مشاركة حماس والتنظيمات الأخرى.

 البرغوثي ليس أمل حماس فحسب، بل هو أيضاً الزعيم الذي يعتبره معظم الجمهور الفلسطيني البديل المناسب، وربما الوحيد، من أجل ترؤس نظام فلسطيني يحظى بالشرعية الدولية التي قد تؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية. وإذا نجحت حماس في التوصل إلى إطلاق سراح البرغوثي، فسيكون هذا بالنسبة لها إنجازاً استراتيجياً تصعب المبالغة في أهميته. هذا هو سبب معارضة إسرائيل إطلاق سراحه. والسؤال هو: ما المسافة التي ستكون حماس مستعدة لقطعها مقابل هذا الإنجاز، وهل ستنجح أو ستسقط صفقة التبادل بسبب إطلاق سراح البرغوثي؟

 الإجابة عن ذلك تكمن، ضمن أمور أخرى، في الصورة التي ستعرضها حماس في الجزء الثاني للرزمة. وهي إضافة إلى إطلاق سراح السجناء، تطلب تعهداً مرفقاً بضمانات لانسحاب إسرائيل بشكل كامل من قطاع غزة. حسب تقارير وسائل إعلام عربية، تطلب حماس البدء بعملية إعادة الإعمار الأولى في شمال القطاع في مرحلة الانسحاب الجزئي (الذي لم يتم الاتفاق على حجمه بعد)، أي في المرحلة الثانية التي سيتم فيها تنفيذ التبادل. هذه المرحلة ستشمل إدخال نحو 60 ألف مبنى غير ثابت (كرفانات وحاويات) وآلاف الخيام لسكان القطاع الذين سيعودون إلى الشمال. سيزداد حجم المساعدات الإنسانية بشكل كبير، وسيصل إلى 500 شاحنة في اليوم، وفتح جميع المعابر أمام البضائع، وإعادة ترميم المستشفيات، وتوفير المعدات الطبية والأدوية بالحجم المناسب، ووضع خطة لإعادة إعمار القطاع مدتها ثلاث سنوات، وكل ذلك برعاية قطر ومصر. ولكن مثلما لإسرائيل، فحماس حتى الآن لا ترد على سؤال من سيدير مشروع إعادة الإعمار وكيف، ليس في المرحلة النهائية فقط، بل في المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.

 ترى إسرائيل أن إدارة حماس للإعمار هي بمثابة “شرط لا يمكن الموافقة عليه أبداً”، بل وترفض أن يتولاه أي جسم فلسطيني آخر، سواء السلطة الحالية أو المجددة؛ فهذا غير وارد في الحسبان. حسب رأيها، فإن أي إدارة فلسطينية تعني تعزيز حماس أو على الأقل ضمان بقائها. ولكن إمكانية أن تكون إسرائيل هي المسؤولة مدنياً وأمنياً عن القطاع، أمر قد يخدم ويغذي الكفاح المسلح لحماس، حتى لو كانت ملامح هذه المواجهة مختلفة عما كان. في المقابل، سيطرة السلطة الفلسطينية أو أي جسم آخر، باستثناء حماس، يقطف ثمار حرب حماس، ستعرض “صورة النصر” التي تسعى إليها حماس للخطر.

 للمفارقة، مواقف كل من حماس وإسرائيل من إدارة قطاع غزة تعيد بناء القاسم المشترك بينهما، القاسم المشترك الذي جمعهما خلال سنوات “التصور” الذي غذته شبكة العلاقات الدموية. هذه الاعتبارات هي التي ستوصل حماس إلى المرحلة الثالثة في صفقة التبادل على فرض أن المرحلتين الأولى والثانية ستعملان على تطهير حقل الألغام الموجود فيهما، وأن توافق إسرائيل على تسليم إدارة القطاع لجسم فلسطيني، وأن يوافق جسم فلسطيني على تحمل المسؤولية.

---------------------------------------------

هآرتس 18/3/2024

 

المستوطنان سموتريتش وإلياهو.. من محتالين إلى وزير ومساعده: ماذا عن “العقوبات” الأمريكية؟

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

يبدأ العالم برسم حدود واضحة بين إسرائيل الشرعية من جهة ومشروع الاستيطان الإجرامي في المناطق المحتلة من جهة أخرى. عقب مرسوم نشره رئيس الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، فرضت فيه عقوبات على بؤرتين في الضفة وعلى ثلاثة مستوطنين بسبب العنف تجاه الفلسطينيين (إضافة إلى أربعة آخرين سبق أن فرضت عقوبات عليهم). هذه هي المرة الأولى التي تفرض فيها الإدارة عقوبات على بؤر استيطانية، قد يؤثر الأمر على تبرعات لها من جمعيات وأناس مستقلين في الولايات المتحدة. اثنان من المستوطنين في قائمة عقوبات الحكومة البريطانية.

يدور الحديث عن خطوات مهمة جداً. غير أن البنية التحتية الاستيطانية الإجرامية عميقة، ويشارك فيها كثيرون، فهي عقوبات ليست سوى بداية الطريق لتفكيك مشروع الاحتلال والاستيطان.

تحقيق “هآرتس” الذي نشر أمس (هاجر شيزاف) كشف عن الطريقة التي سمحت للمستوطنين بتلقي قروض سكن والبناء بشكل غير قانوني. مستوطنون بنوا في بؤر غير قانونية تلقوا قروض سكن لأراض في مخططات بناء المستوطنة المجاورة. أحد من تلقوا قرض السكن في عملية التحايل هذه قبل 20 سنة هو يهودا إلياهو، الذي هو اليد اليمنى للوزير سموتريتش ورئيس مديرية الاستيطان في وزارة الدفاع الذي يسيطر مع الوزير على “المناطق” [الضفة الغربية].

 ويكشف التحقيق النقاب عن تعاون المنظومة المالية الإسرائيلية مع تعميق الاحتلال وتوسيع المستوطنات ويستوجب مراجعة لدور البنوك في ذلك. تشارك في هذا أيضاً دائرة الاستيطان والمستوطنين الذين صعدوا إلى الجبل، وبنوا فيه بيوتهم بشكل غير قانوني، والتي شرعنتها الدولة بعد وقت ما، وفقاً لنمط العمل الثابت.

إن موضوعي التحقيق، سموتريتش وإلياهو، هما من المؤثرين على سياسة إسرائيل في الضفة، وهي حقيقة توضح عمق سيطرة مشروع الاستيطان على الدولة. المسؤول عن السياسة في الضفة أقام بؤراً استيطانية أو بنى بشكل غير قانوني بل وأنشأ منظمة “رغافيم” التي هدفها تنغيص حياة الفلسطينيين بوسائل قضائية.

وقد سبق أن كشف عن دور الدولة في البؤر الاستيطانية بكل نطاقه وخطره في تقرير داليا ساسون في 2005. غير أن ما جرى في الظلام وفي الالتفاف على المنظومة بات جزءاً لا يتجزأ منها.

للأسف، هدف مشروع الاستيطان وطرق عمله الإجرامية لا تعني الإسرائيليين. يبدو أن الاهتمام بالموضوع يزداد أكثر في دول أخرى. عقوبات الإدارة تستهدف هذا بالضبط: محاولة التأثير على ضخ المال والنشاط الاقتصادي الذي يسمح للبؤر الاستيطانية بالازدهار. هذا هو السبيل الوحيد لإنقاذ إسرائيل من نفسها.

---------------------------------------------

يديعوت أحرونوت 18/3/2024

 

للحكومة: لا علاقة بين 7 أكتوبر ومخلوق فضائي.. ولنتنياهو: عنادك و”سنغافورتك” أوحلا جيشنا في غزة

 

 

بقلم: ناحوم برنياع

 

قررت الحكومة أمس بالإجماع (بالإجماع!) جعل أحداث 7 أكتوبر يوم حداد وطني. في بيان نشره مكتب رئيس الوزراء، جاء أنه “سيتم إحياء يوم ذكرى وطني للكارثة التي ألمت بدولة إسرائيل في كل سنة”.

لعلني أعاني بخلل في التعاطي الجدي أكثر مما ينبغي بقرارات الحكومة. لكني قرأت وعجبت ماذا تعني الكارثة “التي ألمت بدولة إسرائيل”؟ فهل كانت هجمة حماس في 7 أكتوبر كارثة طبيعية؟ صدفة؟ زيارة مخلوق فضائي؟ لا! حان الوقت لحكومة الإجماع أن تستوعب الحقائق: الكارثة لم تلم بنا، بل سببتها سلسلة من الأخطاء التاريخية والإخفاقات التي يرافقنا بعضها اليوم أيضاً. ومثلما لم تلم بنا الكارثة، فإنها لم ترحل عنا أيضاً: فهي لا تزال هنا، تحت المسؤولين إياهم الذين يرفضون أخذ المسؤولية.

 ثمة مهام عدة تسبق التخطيط لاحتفالات الحزن في السنوات التالية. قبل كل شيء تنظيف الطاولة: بإعادة المخطوفين، وإعادة الأمن للسكان في الجنوب والشمال، وإقامة واقع آخر في غزة، وترميم مكانة إسرائيل في العالم؛ ثانياً، إبعاد المسؤولين عن الكارثة عن دائرة أصحاب القرار. هذه هي المهام العاجلة، الحرجة. أما الاحتفالات فتنتظر.

خمسة أشهر ونتنياهو يرفض أخذ المسؤولية في مسألة اليوم التالي. عناده جعل قتال الجيش الإسرائيلي في غزة مراوحة عقيمة وكارثة إنسانية وسياسية وإعلامية. وعندما ضاقت عليه الأمور، امتشق فكرة قديمة عفنة من الخزانة: هناك حل: على غزة أن تختفي وتولد من جديد، هذه المرة بصفة سنغافورة.

امتشقت الفكرة من خزانة شمعون بيرس، ليس غيره. قبل سنوات، عقدت في منزل البروفيسور ايتمار رابينوبتش في تل أبيب وليمة عشاء. كان هناك ضيفا شرف: شمعون بيرس والبروفيسور برنارد لويس من كبار المستشرقين في العالم. لم يعودا معنا. سعى بيرس لإثارة إعجاب الضيوف بقصة ما. قال “في أحد لقاءاتي مع أبو مازن قلت له، يمكن لغزة أن تكون سنغافورة. سأبعث لك بنسخة كتاب كتبه لي كوان يو. اقرأه وطبقه”. نهض برنارد لويس من مكانه وطلب، إذا كان ممكناً، مقاطعة بيرس بقصة خاصة به. أعود للقصة. في هذه الأثناء بضع جمل شروحية: سنغافورة جزيرة صينية في ماليزيا الإسلامية، دولة جزر كبيرة، فقيرة ومعادية. أقامها لي كوان يو في 1959. أخرجها إلى الاستقلال في 1965 وترأسها حتى 1990. ويعتبر بن غوريون السنغافوري. صمم الدولة كدكتاتورية محبة للخير، نقية من الفساد، متساوية، مستقرة. “حرية أقل، طحين أكثر”، الشعار الذي تبناه.

النموذج السنغافوري أثار فضولي بحيث سافرت إلى هناك، في موعد ما في التسعينيات. أعجبني استثمارهم الهائل في التعليم المجاني للجميع؛ أما النظام فأعجبت به بقدر أقل. فهمت أن ما هو جيد للصينيين، ليس بالضرورة جيداً لليهود أو للعرب.

عودة إلى قصة يونس. “ذات يوم، وصلت إلى مكتبي في جامعة برنستون مكالمة من مكتب رئيس حكومة سنغافورة”، قال. “لي كوان يو يريد أن يراك على عجل”. سألت مالي وسنغافورة. سيشرح لك حين تأتي، قالوا. بانتظارك بطاقة سفر في الصف الأول في شركة طيران سنغافورة.

 “سافرت. أخذوني من المطار مباشرة إلى المكتب. اشرح لي، طلب لي كوان يو. رغم أننا نعطيهم تعليماً حقيقياً، لماذا يصل التلاميذ المسلمون هنا إلى إنجازات متدنية أكثر من التلاميذ الصينيين. قلت له، لست خبيراً في التعليم، لكن سأعطيك بعض الشروحات المرتبطة بالدين والتاريخ الإسلامي. هذا يعني أني لست مذنباً، قال رئيس الوزراء. لا، لست مذنباً، قلت. شكراً لك، قال، وأعادني في الصف الأول إلى أمريكا.

“الآن يا شمعون، يمكنك أن تشرح لي كيف ستجعل غزة سنغافورة”، أنهى لويس.

 “استراتيجية سنغافورة”، هكذا يسمي نتنياهو خطته. غزة الجديدة تنسى إسرائيل. ستوجه وجهها إلى البحر. سيديرها محليون، بإشراف دولي وثيق؛ وستفحص إسرائيل كل ما يدخل ويخرج؛ الإماراتيون سيعطون المال؛ المصريون سيعطون الممر. معرفتنا محمد دحلان، مقرب حاكم الإمارات وعدو أبو مازن، سيدير الحكم المدني.

أظهر فحص سريع لي أن الإماراتيين لا يبدون اهتماماً. لا أحد في العالم يسارع إلى حكم غزة باستثناء حماس وسموتريتش وبن غفير. قال إسحق رابين ذات مرة إن الحل الأفضل لغزة هو أن تغرق في البحر. هذا لم يحصل، وسنغافورة أيضاً لن تحصل. الأحلام لا تتحقق أحياناً.

---------------------------------------------

 

معاريف 18/3/2024

 

 

لماذا لا ننقل المليوني غزي إلى الضفة.. “ويصفو لنا بحرها شاطئاً رائعاً”؟

 

 

بقلم: افرايم غانور

 

   نحو نصف سنة على الحرب، تصعب رؤية حل معقول بشأن متلازمة غزة التي تشكل لإسرائيل وجع رأس منذ قيام الدولة.

كل الحلول السحرية تثبت أن المشكلة والحل أصعب مما يبدوان، وهو ما يلزم بتفكير إبداعي وشجاع ومختلف جوهرياً عن كل ما عرفناه وشهدناه. واضح أن الجيش الإسرائيلي سيضطر في هذا الوضع للبقاء في قطاع غزة مع قوات كبيرة ولزمن طويل، سيضطر للتصدي للإرهاب الحماسي الذي يعمل من بين السكان المدنيين، من خلال عشرات الأنفاق التي لم تنكشف بعد. بالمقابل، سيضطر الجيش إياه للتصدي لأعمال سطو وسلب المساعدات الإنسانية الأولية التي تضخ كل يوم لمليوني غزي.

هذا الواقع سيجعل إسرائيل تدفع ثمناً دموياً باهظاً. مليونا إنسان يعيشون بلا مأوى أو شروط معيشية أولية كالكهرباء والمياه والغذاء بالحد الأدنى، والعمل، وأجهزة صحة وتعليم – هذه صيغة واضحة لمشاكل وأزمات. من المهم التشديد على أن كل مشكلة تنشأ في قطاع غزة، ستضرب أعتابنا.

من الصعب أن نفهم كيف تواصل الحكومة الفاشلة التصرف حيال الواقع المتشكل أمام عيونها بانعدام اهتمام وانتباه. من يريد إعادة سكان الغلاف إلى بيوتهم بأمان يجب أن يحرص على إعمار قطاع غزة. وعندما ننظر يميناً ويساراً، إلى الحكومة وإلى القيادة الحالية، لا نرى أن الخلاص يأتي منهم. حكومة العجزة هذه التي لم تكن قادرة على مواجهة مشاكل أولية لسكان الغلاف والشمال لن تعطي جواباً لمشكلة غزة في وضعها الحالي، وسيلقى كل شيء على كاهل الجيش الإسرائيلي، مع كل ما ينطوي عليه ذلك من معنى.

يجب الخروج من الصندوق للوصول إلى حل، وتجنيد الأمريكيين والسعوديين والقطريين والمصريين والأردنيين لخطوة فورية غايتها نقل مليوني سكان قطاع غزة إلى الضفة وإسكانهم هناك في بلدات جديدة تقام بمساعدة دولية إلى جانب مناطق صناعية، بينما تتقلص الحاضرة اليهودية في الضفة إلى ثلاث كتل: “غوش عصيون” (بما في ذلك الخليل و”كريات أربع”)؛ و”غوش أرئيل” (بما فيها “عمانويل”، “الكنا”، “الفي منشه”، “اورانيت وكدوميم”)؛ و”غوش غور الأردن”. باقي البؤر الاستيطانية غير القانونية والمستوطنات الإسرائيلية التي خارج الكتل تزال، ولكن السيطرة الأمنية تبقى للجيش الإسرائيلي.

سيؤدي الأمر إلى اقتلاع حماس من غزة، وسيجعل القطاع جزءاً لا يتجزأ من دولة إسرائيل، ويسمح لسكان النقب الغربي بالعودة إلى حياة السكينة، بل ويحقق حلم المتطلعين إلى “غوش قطيف”. الهدوء والسكينة اللذان سيسودان في الجنوب نتيجة لهذه الخطوة سيجعلان النقب الغربي توسكانا الإسرائيلية: عسقلان و”سديروت”، و”أوفيكيم” و”نتيفوت” ستحظى بالازدهار، وستصبح غزة الجديدة مركزاً سياحياً مع شاطئ بحر رائع.

المليونا غزي الذين ينتقلون إلى الضفة لن يدعوا بأنهم يعيشون تحت حصار. ستكون لهم إمكانية الخروج إلى الأردن، ومن هناك إلى العالم كله؛ وسيكونون قريبين من الأماكن المقدسة ومن عائلاتهم في الضفة. ستخلق الخطوة آلية جديدة في الشرق الأوسط، وتجسيد الحلم الأمريكي في اتفاق سلام بين إسرائيل والسعودية سيلقى زخماً مهماً.

سيرى إسرائيليون كثيرون في ذلك خطوة هاذية، وأقول لهم إن الوضع في قطاع غزة أكثر هذياناً وخطراً. ولا ننسى أنه قبل أن يوافق الفلسطينيون على هذه الخطوة، ستعارضها حماس بالتأكيد. وهذا يقول كل شيء.

---------------------------------------------

 

هآرتس 18/3/2024

 

 

عشية “لحظة الحسم” في الدوحة: نتنياهو.. من “النصر المطلق” إلى “التفاوض المطلق”

 

 

بقلم: عاموس هرئيل

 

 بعد تأخير مدته يوم، سيسافر رئيس الموساد دافيد برنياع على رأس بعثة المفاوضات حول صفقة جديدة لتبادل المخطوفين إلى قطر. على جدول الأعمال مصير الـ 134 مخطوفاً إسرائيلياً محتجزين في قطاع غزة، الذين حسب المعطيات الرسمية للجيش الإسرائيلي 35 من بينهم باتوا أمواتاً. حجم التفويض الذي أعطي لبرنياع من أجل التفاوض مع الوسطاء الأمريكيين والقطريين والمصريين لم يوضح بشكل علني. وتيرة التقدم البطيئة في المفاوضات تثير الانتقادات في أوساط أعضاء “كابنيت الحرب” والمهنيين الذين يعملون في قضية المخطوفين.

 الحكومة غير مستعجلة. ثمة أنباء أثارت عاصفة نشرت في نهاية الأسبوع، مثل وقف نقاش الكابنيت السياسي الأمني قبيل السبت. وحسب تقرير غيلي كوهين في “كان”، فقد تحفظ عضو الكنيست آريه درعي من عقد كابنت الحرب يوم السبت، والهيئة المصغرة الأكثر تأثيراً وبذريعة أن الحديث لا يدور عن إنقاذ روح، لأننا لم نصل بعد إلى المرحلة النهائية للصفقة. تم تأجيل النقاشات واستؤنفت أخيراً أمس. هذه اعتبارات غريبة على أقل تقدير. وزير الدفاع، يوآف غالنت، عقد السبت جلسة حول هذا الأمر بمشاركة رؤساء أجهزة الأمن التي يمكن تفسيرها كتحد تجاه التأخير من قبل نتنياهو.

 عرضت حماس طلبات عالية نسبياً حول إطلاق سراح المجندات الخمس، واللواتي تطلب إسرائيل إطلاق سراحهن في النبضة الأولى في الصفقة الجديدة، مع النساء اللواتي بقين لدى حماس. تريد حماس نسبة تساوي 50 سجيناً مقابل كل مجندة من بينهم سجناء مهمون، أي سجناء حكم عليهم بسبب مخالفات قاسية. صمم الوزير غالنت على هذا الطلب. فمعظم صديقاتهن قتلن في 7 أكتوبر في قاعدة “ناحل عوز”. لكن الطلب الذي قدمته حماس، إطلاق سراح سجناء أيديهم ملطخة بالدماء في المقابل، سيثير المعارضة في أحزاب اليمين المتطرف الأعضاء في الائتلاف. من المرجح أن نتنياهو، الذي هو غير مستعجل لعقد الصفقة وفقاً للدلائل، يدرك ذلك. ربما يكون هذا السبب الرئيسي للتأخير.

 ما زال نتنياهو منشغلاً بشعارات “النصر المطلق” خاصته، وينشر التهديد حول اجتياح قريب لرفح كما فعل أمس في بداية جلسة الحكومة. في نهاية الأسبوع، أعلن مكتب رئيس الحكومة بأن نتنياهو صادق على خطة عسكرية لاحتلال المدينة. عملياً، لن تخرج هذه العملية إلى حيز التنفيذ في القريب بسبب تحفظ الولايات المتحدة وبسبب الحاجة إلى إخلاء الفلسطينيين من هناك، وبسبب الوقت الذي سيستغرق الجيش الإسرائيلي لجمع القوات من أجل هذه المهمة. لكن التهديد على رفح يتم عرضه كرافعة للدفع قدماً بصفقة التبادل، وفي غضون ذلك، يكفي لإرضاء قاعدة نتنياهو السياسية. بعد ذلك، سيكون اتهام الإدارة الأمريكية واليسار الخائن في البلاد، وحتى عائلات المخطوفين وكأنهم وضع العائق أمام النصر المطلق.

 جولة المحادثات الحالية في الدوحة تبدو حاسمة. وليس صدفة أن عائلات المخطوفين يائسة جداً، سيتعين على المستوى المهني آجلاً أم عاجلاً أن يقول كلمته: المطالبة بعقد الصفقة. وإذا لم يتم قبول رأيه، فسيعرض الأمور على الجمهور بشكل علني. وهذا ينطبق أيضاً على الوزراء غانتس وآيزنكوت وبدرجة معينة على غالنت ودرعي. في نهاية تشرين الثاني، فقد أدى التغير في مواقفهم وفي ميزان القوة الداخلية في مجلس الحرب وفي القيادة الأمنية إلى عقد صفقة أنقذت حياة 110 مواطنين معظمهم من النساء والأطفال، ولم يسارع نتنياهو في حينه لعقد الصفقة.

ليس هناك الكثير من الوقت لإضاعته. تحفظ الجمهور الضئيل من مظاهرات نهاية الأسبوع من أجل المخطوفين يصعب الجهود ويقلل الضغط على الحكومة. في الوقت الحالي، يموت المخطوفون في غزة، بعضهم نتيجة القصف الإسرائيلي. وفي حالة مروان عيسى، رقم 3 في حماس القطاع، الذي يبدو أنه قتل في قصف على مخيم النصيرات للاجئين قبل أسبوع، تقدر الاستخبارات أنه لم يكن أي من المخطوفين قربه. لكنها حالة استثناء قد لا تتكرر مع عمليات تصفية أخرى إذا طال زمن الحرب.

---------------------------------------------

 

هآرتس 18/3/2024

 

 

رفض الصفقة المقترحة سيكون جريمة

 

 

بقلم: رفيف دروكر

 

طلب حماس الأكثر إشكالية هو هوية السجناء "الهامين" الذين سيتم إطلاق سراحهم في الصفقة. إسرائيل لا يمكن أن توافق على ذلك وفي حماس يعرفون ذلك. هم يذكرون المفاوضات حول صفقة جلعاد شليط، في حينه تم طرح صفقة مشابهة وتم استبدالها بتحديد مشترك من الطرفين لمن سيتم إطلاق سراحه. حماس قامت بإرسال قائمة وإسرائيل شطبت وأعادتها، حماس صممت وإسرائيل ترددت، وهذا تفجر أكثر من مرة بالضبط حول هذا الأمر.

  مصدر غربي مقرب من الوسطاء في الصفقة قال في محادثة معي بأن حماس لا توجد لها أي نية للمطالبة في هذه المرحلة بالسجناء المهمين جدا، مهندسي الانتفاضة الثانية والمقاتلين ممن قتلوا عشرات الإسرائيليين. وذكر أسمائهم من قبل حماس هو مثل الإعلان بأنه لا توجد لها أي رغبة في التوصل إلى الاتفاق. وعلى فرض أن هذه الأسماء لن يتم طرحها فإن المسألة تعتبر محلولة. الثمن سيكون مؤلما، وإنجاز حماس سيكون كبيرا جدا، لكن الجدوى لإسرائيل ستكون أكبر. من المهم هنا الإسراع. لا يوجد وقت لأشهر من المساومة على الأسماء، مطلوب آلية سريعة وناجعة.

الطلب الثاني الذي يصعب على إسرائيل الموافقة عليه هو عودة الفلسطينيين إلى شمال القطاع. إسرائيل وافقت على عودة النساء والأطفال والرجال الذين ليسوا في سن القتال. حماس معنية بعودة الجميع. في إسرائيل هناك من يطرح ذلك كهزيمة في الحرب: سكان بلدات الغلاف لن يعودوا، وحماس ستسيطر على القطاع من جديد. هذا عرض مبالغ فيه. إسرائيل توجد لها مصلحة في الوضع الذي سيغادر فيه السكان رفح ويعودون إلى بيوتهم لأسباب واضحة؛ أيضا يمكن إيجاد آلية رقابة على العائدين؛ هذه الآلية لن تكون كاملة، وفي الأصل إسرائيل لا يمكنها أن تؤدي إلى وضع فيه شمال القطاع سيبقى غير مأهول. الموضوع هو فقط التوقيت الدقيق للعودة.

 في نقاشات كابنت الحرب اعتاد يوآف غالنت على لدغ رئيس الحكومة بالقول إنه بدون قرار من الكابنت كان سيرفع ثمن المخطوفين. في الصفقة السابقة كان عشرة مخطوفين يعادلون يوم هدنة. الآن يوم هدنة مقابل مخطوف واحد. ولكن الآن الهدنة ليس بالضرورة ستكون في غير صالح إسرائيل. الجيش الإسرائيلي يحتاج إليها كي يستعد لاستئناف عملياته وترتيب الوضع في الشمال. أيضا الثمن العددي للسجناء الأمنيين الذين سيتم إطلاق سراحهم هو ثمن معقول. إسرائيل اعتقلت حوالي 4 آلاف سجين أمني منذ 7 أكتوبر. إطلاق سراح 800 – 900 (باستثناء السجناء الهامين) سيساعد ايتمار بن غفير على الاستيقاظ من الفشل الكبير في منصبه كوزير الأمن الوطني، الذي لا ينجح حتى في توفير ما يكفي من الأماكن في السجن لمن تم اعتقالهم.

 مصادر رفيعة مشاركة في المفاوضات حول الصفقة، ليس بالتحديد من الجانب السياسي، قالت في محادثات مغلقة بأنه إذا حاول رئيس الحكومة تفويت صفقة جيدا فإنهم سيسمعون صوتهم. هذا ليس وعد لا أهمية له. بنيامين نتنياهو يدرك أن هامش مناورته محدود. بيانات لوسائل الإعلام على صيغة "طلبات حماس غير معقولة" هي موقف استهلالي شرعي للمفاوضات، لكن رمي الصفقة في القمامة سيكون جريمة، ليس أقل من ذلك. في إفشال الصفقة السابقة ساهمت بشكل كبير تصريحات نتنياهو وغالنت، تقريبا كل يوم، التي أشارت إلى استئناف القتال. ربما كان لذلك ثمنا باهظا. حماس عقدت الصفقة السابقة من خلال الافتراض بأنه سينتج عن وقف إطلاق النار المؤقت وقف ثابت. التصريحات الدائمة لرئيس الحكومة ووزير الدفاع أوضحت لهم أنه من الأفضل إبقاء المخطوفين لديهم لجولة المفاوضات القادمة.

حماس قدمت تنازل في ردها على خطة باريس. لم يعد هناك طلب وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل للجيش الاسرائيلي من اليوم الأول للصفقة. مع ذلك، ادخلت الى الرد اجزاء استهدفت تحويل الستة اسابيع من الهدنة الى وقف دائم لاطلاق النار. إسرائيل غير مضطرة للموافقة على ذلك، لكن أيضا لا حاجة إلى الإعلان يوميا بأن هذا أمر مؤقت، حتى لو كان هذا سيخفض لنتنياهو نصف مقعد في الاستطلاع القادم.

---------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يديعوت أحرونوت 18/3/2024

 

 

عبث إستراتيجي

 

 

بقلم: عاموس جلعاد

 

التهجم غير المسبوق من رئيس الوزراء نتنياهو على الرئيس الأميركي بايدن هو تعبير متطرف عن نكران للجميل واخفاق إستراتيجي من الدرجة الأولى. الولايات المتحدة هي الحليفة الحقيقية الوحيدة لإسرائيل. وجو بايدن هو الرئيس الأكثر ودا لإسرائيل منذ الأزل. لا منطق إستراتيجي بالتهجم عليه وعلى زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومير ويمكن فقط الاشتباه بأن هذه سياسة داخلية صغيرة تحل محل إستراتيجية حيوية لأمن الدولة ومستقبلها.

على مدى سنوات ولايته الطويلة سبق لنتنياهو أن بادر إلى صدام جبهوي مع رئيس أميركي – وهذا الخطأ كلف إسرائيل غاليا. بالفعل شخص رئيس الوزراء جيدا منذ قبل نحو ربع قرن التهديد الإيراني، وأقسم – عن حق – بالقضاء عليه. غير أنه منذئذ، وعلى الأقل في الـ 12 سنة الأخيرة، كرر أخطاء جسيمة في سياسته، تركت إسرائيل في وضع ضعف حيال التهديد الإيراني. إيران اليوم هي دولة حافة نووية، تبعا لقرارها فقط يمكنها أن تطور سلاحا نوويا في غضون وقت قصير – ما سيفتح باحتمالية عالية سباق تسلح نووي يوفر مظلة حماية لكل المنظمات، من حزب الله في الشمال وحتى الحوثيين في اليمن. جذور هذا الوضع هي في مبادرة نتنياهو 2011، التي سبق أن كشف النقاب عنها، للهجوم عسكريا على إيران – دون تنسيق إستراتيجي مع الولايات المتحدة ورئيسها في حينه باراك أوباما. إضافة إلى ذلك أهان نتنياهو الرئيس أوباما دون أن سبب، حين ظهر في الكونغرس وخطب ضد الاتفاق النووي مع إيران دون ان ينسق معه. كنتيجة لذلك، وقعت الولايات المتحدة مع إيران على هذا الاتفاق من خلف ظهر إسرائيل ورغم أن هذا كان اتفاقا سيئا، فإن إلغاء الرئيس ترامب له بعد بضع سنوات، بتشجيع من نتنياهو جعل الوضع في أسوأ وضع يمكن تصوره. إيران بعد أن تحررت من قيود كل اتفاق، قررت التقدم في مسار النووي العسكري حتى الحافة الخطيرة الحالية.

في السبت اللعين من 7 أكتوبر انقذت الولايات المتحدة إسرائيل وأتاحت للجيش الإسرائيلي النهوض على سابقيه كالسبع وضرب حماس ضربات موجعة. غير أنه بعد ذلك جاء إعلان نتنياهو عن إستراتيجية الانتصار المطلق، التي مآلها الفشل والقضم من إنجازات الجيش الإسرائيلي كونها تتجاهل الحلف مع الولايات المتحدة. واشنطن تقترح على إسرائيل صفقة رزمة الأحلام، التي تتضمن محورا إستراتيجيا يقوم على أساس الدول العربية الكبرى – وعلى رأسها السعودية، مصر ودول اتفاق إبراهيم – والتي تدمج إسرائيل أيضا بحلف عسكري إقليمي بقيادتها. إضافة إلى ذلك تقترح الولايات المتحدة على إسرائيل مخططا لإعمار غزة، بتمويل سخي من دول الخليج – حين يكون بدون إعمار القطاع وبدون قيادة فلسطينية أصيلة، من شأن إسرائيل أن تنجر إلى احتلال مباشر لغزة المصابة بالضائقة والكارثة.

إضافة إلى ذلك، إذا كانت إسرائيل تريد إعادة عشرات آلاف السكان إلى بيوتهم، فأمامها طريقان: مواجهة شاملة مع حزب الله، ثمنها الإستراتيجي عال جدا والولايات المتحدة لن تساعدنا فيه، أو ترتيبات أمنية محسنة على أساس قرار مجلس الأمن 1701 محسن، تتيح إبعاد قوة الرضوان إلى ما وراء الليطاني. إنجازات الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان مهمة جدا لكن بدون فعل سياسي لن يتاح افق للنهاية وإعادة السكان إلى بيوتهم. فضلا عن ذلك، فإن الدخول إلى رفح من شأنه أن يمس بالعلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة ومع مصر، إذ إنه رغم حيويته العسكرية فهو غير ممكن دون التنسيق مع كلتيهما. مصر، كطليعة السلام ستسمح لوجود علاقات عظيمة الأهمية مستقبلا، من ناحية عسكرية واقتصادية أيضا، مع الدول العربية الرائدة. أما الولايات المتحدة بالمقابل فستواصل منح إسرائيل قبة فولاذية أمنية، اقتصادية، سياسية وقانونية – لكن إذا ما استمرت التهجمات والإهانات، فإن هذه القبة قد تتشقق. آية "شعب وحده يسكن" جميلة، لكنها ليست مناسبة لدولة صغيرة مثل إسرائيل ومحزن أن هناك من لا يفهم هذا.

نتنياهو ملزم بأن يضع كقيمة عليا لا بديل لها إعادة المخطوفين والمخطوفات أحياء. إسرائيل يمكنها أن تحول إنجازات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة وجنوب لبنان إلى مرابح إستراتيجية تقوي مستقبلها وأمنها القومي – لكن الالتصاق بإستراتيجية النصر المطلق وغياب التنسيق مع واشنطن سيمس بذلك. هذا هو الوقت للحكمة الإستراتيجية على أساس إنجازاتنا العسكرية المبهرة.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق