27 تموز 2024 الساعة 05:57

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاحد 11/2/2024 العدد 932

2024-02-12 عدد القراءات : 144
الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

هآرتس 11/2/2024

 

نبوءات «أرشيفية» حول جهنمنا وجهنم الفلسطينيين

 

 

بقلم: إيلانا هيمرمان

 

"اتركوا كل أمل. أنتم الداخلون إلى هنا"، هذا هو العنوان الذي أعطاه (بإلهام من العنوان الموجود على أبواب جهنم في كتاب دانتي) الشاعر مئير فزلتير للسلسلة البائسة التي كتبها في 1988 لصحيفة "يديعوت أحرونوت" بعد عودته من رحلة في غزة، التي تمكن من تنظيمها لعدد كبير من الكُتاب الاسرائيليين بمساعدة أصدقاء ومعارف في القطاع.

جزء صغير من هذه السلسلة وجدته، مؤخرا، عندما وضعت أمامي على الأرض قطع الصحف التي جمعتها عن سياسة الاحتلال في غزة وفي الضفة، معظمها من ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وبعضها من سنوات لاحقة. لساعات طويلة نظرت إلى هذه القطع المصفرة والملتصقة ببعضها البعض والممزقة والمتناثرة، التي تجمعت مرة أخرى وأصبحت القصة البائسة لسكان هذه المناطق. في غزة، أخذت قصتهم أبعادا جهنمية في تلك السنوات التي شهدت اندلاع الانتفاضة الأولى وقمعها بقبضة حديدية؛ كان هناك القليل من العائلات في قطاع غزة لم يكن أي اعتقال أو اصابة أو قتل لأحد من أبنائها، وفي غزة أضيف فصل آخر إلى قصة إساءة إسرائيل لسكانها والأعمال الإرهابية لفلسطينيين ضد المدنيين هنا.

في الوقت الذي كنت انظر فيه إلى قطع الصحف تشكلت أيضا ذكرياتي الشخصية ووجدت صعوبة في تصديق الواقع العنيف، هذه الغطرسة الشريرة عرفتها عن قرب، سواء في غزة أو في الضفة الغربية أو في القدس، حيث تفجر فلسطينيون من الضفة وأصابوا وقتلوا مدنيين قرب الأماكن التي كنا نعيش فيها أنا وأبناء عائلتي وأصدقائي. ثم قمت بتوثيق الحياة في ظل الاحتلال في غزة وفي الضفة الغربية، وعشت وتظاهرت مع شركائي القلائل في المجتمع الإسرائيلي، كنا في منتصف العمر، وكنا نأمل مستقبلا مختلفا. وهُزمنا.

هزمنا أيضا في غزة بعد "الانفصال" في 2005، حيث إنه خلافا لما كتب، مؤخرا، هنا، أيضا بعد ذلك إسرائيل لم ترفع يدها عن القطاع. فقد أبقت في يدها السيطرة على المجال الجوي والبحري فيه وعلى المعابر البرية بينه وبين إسرائيل والضفة، وفي البحر هي لم تمنع فقط الحركة من غزة واليها، بل قلصت ووسعت كما تشاء المنطقة المسموحة للصيد، الذي هو أحد مصادر الرزق المهمة للسكان. إضافة إلى ذلك، مثلما في الضفة، في القطاع أبقت إسرائيل في يدها السيطرة على السجل السكاني – وسيلة رقابة رئيسة تحدد من يستطيع الحصول على بطاقة هوية شخصية والتمتع بالحقوق التي تمنحها له ومن محكوم عليه بالطرد.

في 2007، بعد السيطرة العنيفة لـ"حماس" على القطاع، فرضت إسرائيل على القطاع الحصار المشدد، الذي استمر 17 سنة تقريبا. إخراج البضائع من غزة للتسويق منع على الأغلب. إدخال البضائع تم تقييده بـ"الحد الأدنى الإنساني"، الذي حددت إسرائيل ما هو، حتى السعرات الحرارية المطلوبة للشخص؛ إدخال الوقود تم تقليصه، وانتقال الأشخاص بين غزة والضفة الغربية منع تماما تقريبا؛ أيضا معبر رفح، المعبر الوحيد الذي بقي مبدئيا مفتوحا اغلق بالكامل فترات طويلة، وفي العادة كان الخروج منه عملية معقدة وغالية جدا على سكان القطاع.

هكذا تحول القطاع إلى معسكر اعتقال كبير ومكتظ. وقد انخفض مستوى المعيشة فيه إلى درجة أن مؤسسات دولية اعتبرت أنه قريب من أن يصبح مكانا غير صالح لعيش البشر، المهمة التي تقوم إسرائيل باستكمالها في هذه الأثناء. في حين أن "حماس"، وهي حركة دينية متعصبة تؤيد ليس فقط القضاء على دولة إسرائيل، بل إقامة دولة شريعة إسلامية في فلسطين، وليس لها أي مصلحة في إقامة مجتمع مدني مفتوح وديمقراطي (ربما حتى أنها ستثور ضده)، تم دعمها خلال السنين لاعتبارات سياسية من قبل إسرائيل. في البداية بهدف إضعاف الحركات المعتدلة، وبعد ذلك من اجل الفصل بين القطاع والضفة، الذي كانت السيطرة عليه فعليا هدف سياسة إسرائيل. وسرعان ما بدأت "جولات" العنف، من جهة الصواريخ من القطاع، ومن الجهة الأخرى "العمليات" الإسرائيلية. هذه وتلك أضرت بالمدنيين.

حتى في هذه السنوات السيئة تسلل إلى أرشيفي مقال شجاع لامرأة من "كفار عزة"، ميخال فاسر. في العام 2012 في ذروة عملية "عمود السحاب" كتبت: "إذا كنت تهتم بوقف الأعمال العدائية للطرف الآخر يجب عليك فتح الأذن والبدء في الاستماع. وإذا كنا نهمك فمن فضلك توقف عن حمايتنا بالصواريخ و(الإجراءات المضادة) والقصف من الجو، بدلا من عملية (عمود السحاب) يجب أن تذهبوا إلى عملية (أمل بالمستقبل)، هذا معقد اكثر ويحتاج إلى طول النفس، هو أقل شعبية لكنه المخرج الوحيد" ("هآرتس"، 15/11/2012). هذه المرأة هزمت هي أيضا وكذلك الأمل بالمستقبل.

الآن هذه هي كارثتنا الكبرى، لأنه لا يوجد شك في أن هذا الواقع بشكل خاص هو الذي أدى، سواء إلى المأساة الشخصية أو الجماعية التي انزلها في 7 أكتوبر رجال "حماس" وعملاؤهم على البلدات في غرب النقب وعلى المحتفلين في الهواء الطلق وعلى عائلاتهم، أو إلى مأساة القتل الجماعي والدمار التام الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي بتأييد الأغلبية الساحقة في المجتمع الإسرائيلي اليهودي، لمليوني شخص من سكان القطاع. أيضا التنازل عن إنقاذ المخطوفين الذين ما زالوا في القطاع من اجل "تدمير" كامل لـ"حماس" (الذي لن ينجح) وتدمير كل القطاع (الذي نجح)، أيضا هو من علامات كابوس الحاضر الذي يلقي بظلاله السوداء على هذه الأيام. صحيح أن هناك علاقة بمذبحة "حماس" في 7 أكتوبر وما اعقبها، وهناك علاقة بالحرب الدموية الدائرة بين القوى غير المتكافئة التي تجري الآن في الضفة الغربية. واكثر من أي مؤسسة تعليمية فإن الواقع العقيم، حيث يحكم فيه على جيل تلو جيل للفلسطينيين بأن يولدوا ويعيشوا ويموتوا، هو الذي يغذي الكراهية لإسرائيل. ومن الغباء نفي ذلك، غباء وعمى وتحايل خبيث من جانب الأطراف المعنية التي تسيطر الآن على دفة القيادة في إسرائيل.

هذا السياق بتفاصيله عادت وأحيته أمام ناظري القصاصات البالية من الصحف في ملف أرشيفي المتواضع، التي تراكم عليها الغبار سنوات طويلة في خزانة صغيرة، وربما في ذاكرتي أيضا. وهي توثق في غزة وفي الضفة الغربية سياسة السيطرة على الأراضي المحتلة في العام 1967: حبس سكان مخيمات اللاجئين وراء الأسوار، إغلاق المدن والقرى بالحواجز، الخنق بسبب حظر التجول الطويل المفروض عليهم، قنابل الغاز المسيل للدموع التي عرضت حياة الأطفال والمرضى والمسنين إلى الخطر داخل المنازل، عمليات الاقتحام الوحشية للمنازل بغرض الاعتقال أو رسم الخرائط، أو ببساطة تخويف السكان وتدمير ممتلكاتهم.

القصاصات توثق أيضا الاعتقالات العبثية في الليل والضرب والركل للمعتقلين من قبل جنود حرس الحدود وهم مكبلون ومعصوبو العيون، وتدمير البيوت أمام أنظار الآباء والأولاد، وإطلاق النار الحية بهدف الإصابة، وترك إعاقة، وحتى قتل المتظاهرين والتنكيل سرا وعلنا بالمعتقلين الذين يتم اعتقالهم بالصدفة في الحقول وعلى الشوارع، وتعذيب السجناء والمعتقلين في منشآت التحقيق ومعسكرات الاعتقال. هذا أيضا هو سياق العمليات الإرهابية ضد المدنيين الذي ازداد في تلك السنوات، وهذا هو السياق الجوهري، اليومي، للكراهية والدائرة الدموية التي لا تنتهي في حياتنا وحياتهم في هذه البلاد، وسياق الكارثة الحالية الأكثر فظاعة من سابقاتها.

أنا تفاجأت عندما تذكرت الدقة والاستقامة التي تثير التقدير، التي تنبأ بها في حينه أشخاص متزنون بجهنم التي نحن مع الفلسطينيين محبوسون فيها الآن، نحن نُقتل ونُعذب، وبسبب الفجوة في القوة بيننا فإنهم يُقتلون ويُعذبون بأضعاف. تحذيراتهم وأقوالهم المنسية تحولت إلى اللون الأسود الباهت والأصفر لعقود في تلك القصاصات التي احتفظت بها، وهاكم اقتباسات لثلاثة منهم (جميعهم ماتوا).

زئيف شيف، المحلل العسكري في "هآرتس"، كتب قبل 38 سنة: "معنى سياسة (الليكود) هو دولة ثنائية القومية في ارض إسرائيل، التي فيها فقط طرف واحد سيحصل على مساواة كاملة في الحقوق. المعنى هو أن الإرهاب في ارض إسرائيل لن يتوقف. العرب سيزداد عددهم، جيل الشباب سيتعلم من إخفاقات أسلافه ومن إسرائيل أيضا. عدد الذين سيكونون مستعدين من بينهم لتنفيذ عمليات إرهابية وعصيان لن يقل في المستقبل. مرة تلو الأخرى سنشاهد أعمال قتل وحشية لليهود... المعتدلون اليهود لن يتمكنوا من ضبط انفسهم، وسيطالبون بخطوات حثيثة ضد الإرهابيين ومؤيديهم من العرب. الأسباب والمسببات سيتم طمسها ونسيانها. عدم القدرة على التغلب على الإرهاب بالوسائل العادية سيقود المزيد من الجمهور اليهودي إلى أسلوب تفكير كهانا، طرد العرب والإيمان بوهم أن هذه هي الطريقة لحل النزاع" (25/8/1985).

اسحق بن اهارون، شخصية عامة وبارزة في حينه، تحدث في العام 1989 مع الكاتب والمحرر دان شبيط. شبيط سأله: هل كان يمكن "تمرير" العشرين سنة الأخيرة بشكل مختلف (أي منذ حرب الأيام الستة). "لا شك في ذلك"، أجاب بن اهارون. "أنا قلت ذلك في تلك الأيام وأنا أقوله الآن بدون تحفظ، النصر الكبير كان أيضا الكارثة الكبرى لدولة إسرائيل، بسبب تحويل إسرائيل إلى دولة ذات طابع كولونيالي، بخصوص تشكيل صورة المجتمع لدينا وتعليم الجيل الشاب كجيل سجانين... أنا أقول بأن العشرين سنة التي مرت أثبتت إلى أي درجة كنت على حق. نحن اصبحنا دولة سجانين، دولة قمع، خلافا لإرادتنا ورؤيتنا" (التاريخ الدقيق للنشر والمكان غير مسجل في الصفحات التي أخذتها من المصدر).

زئيف شترنهل، المؤرخ والباحث في شؤون الفاشية، كتب في 1989 أقوال أريد اقتباسها هنا بشكل مطول. المقال كتب على خلفية التمييز المتطرف ضد العرب مواطني إسرائيل واليساريين اليهود الذين يعارضون الاحتلال، الذي أساء لسمعة منظومة إنفاذ القانون في حينه. النبوءة البائسة التي توجد في هذا المقال آخذة في التحقق بسرعة في السنوات الأخيرة: "إسرائيل الآن هي نوع من مختبر تجارب سياسي ممتع. في مركزه يوجد سؤال كم من الوقت سيمر إلى أن تبدأ خطوط الدفاع الأخيرة للديمقراطية لدينا في الانهيار واحد تلو الآخر. مؤخرا، تولد الانطباع بأن القليل من الوقت سيمر. ومثلما في كل تجربة مختبر لا يجب اختراع كل شيء وحدك. لقد سبق وتراكمت في هذا القرن تجربة غنية جدا، وكل ما يجب فعله هو فتح العيون والنظر إلى الماضي غير البعيد. في الحقيقة هذا التاريخ يعلمنا أنه ليست الحروب الخارجية أو التضخم أو حتى الفقر والبطالة هي التي دمرت الديمقراطية في أوروبا بين الحربين العالميتين، بل انهيار الإيمان بعدة قيم عالمية بسيطة مثل الحرية والعدالة والمساواة أمام القانون... النهاية حلت على الديمقراطية في ألمانيا ليس في اليوم الذي فيه قتلت الميليشيات النازية المتظاهر اليساري الأول، بل عندما تم الحكم على شخص نازي بثلاثة اشهر سجن على الجريمة نفسها التي عوقب عليها شخص شيوعي بالسجن ثلاث سنوات. وعندما بدأت الأحكام تصبح الدلالة على الهوية الأيديولوجية للمجرم ودافعه لارتكاب الجريمة. عندها حدث الانهيار الحقيقي. لم تحدث تغييرات على التشريع، لكن على الأعراف الاجتماعية التي يعكسها نظام إنفاذ القانون فقط" ("حداشوت"، 2/6/1989).

خاتمة المقال الذي كتب قبل ثلاثة عقود ونصف كانت أيضا نبوءة، ورد سبق زمنه ليس فقط للإسرائيليين الذين يتمسكون بالمحكمة العليا في الاحتجاج ضد الانقلاب النظامي، بل أيضا لمن يستندون إليها في هذه الأيام بشأن النقاشات في محكمة العدل الدولية في لاهاي. عن ذلك كتب شترنهل: "هنا سيُسمع الادعاء الأبدي: لماذا نقلق. في نهاية المطاف توجد لدينا محكمة عليا... هذا في الحقيقة صحيح، لكن هذا أيضا يمكن أن ينتهي. قضاة المحكمة العليا وفي النيابة العامة هم بشر. أيضا هم لن يرغبوا في المحاربة بدمائهم كل العالم... أيضا هم يعيشون في هذا المجتمع ولا يريدون الانفصال عنه. هذه فقط مسألة وقت إلى أن يبدأ المزاج العام الجديد في تشكيل نماذج عملهم. من غير المعقول أن المجتمع سيتبنى لنفسه معايير جديدة، وهذه المعايير لن تنعكس في جهاز القضاء. من الجهة الأخرى، المعايير الجديدة هي وليدة الوضع الكولونيالي الذي تشكل في (يهودا والسامرة): هذه أيضا فقط مسألة وقت إلى أن يسقط النظام الديمقراطي ضحية للاحتلال".

الحقيقة البائسة هي أن جهاز القضاء في إسرائيل، والمحكمة العليا على رأسه، سقط منذ زمن ضحية للاحتلال وتبنى المعايير الجديدة للمجتمع الإسرائيلي، على الأقل فيما يتعلق بالسيطرة العسكرية والمدنية في الضفة الغربية. هذه المعايير المشوهة لم تعد جديدة، ويمكن أن نجد الدلائل والبيانات الصريحة على ذلك في قرارات حكم محكمة العدل العليا. خلافا لقواعد القضاء الإنساني الدولي التي تسري في فترات الحرب والاحتلال، فإن جهاز القضاء في إسرائيل لم يمنع، بل عزز وشرعن، سيطرة إسرائيل المدنية في الضفة الغربية، وترك سكانها لمصيرهم أمام سياسة الضم والاستيطان التي تنتهجها حكومات إسرائيل، بدءا بقانون الأراضي (تحديد أراضي الدولة واستخدامها) وانتهاء بهدم المنازل وطرد تجمعات كاملة من بيوتهم وأراضيهم.

 

بخصوص ما يحدث في هذه الأثناء في قطاع غزة – حتى الآن لم تخلق بعد منظومة قضائية نزيهة تلتزم بقواعد القانون الدولي أثناء الحرب، التي ستشرعن استخدام السلاح الثقيل والفتاك، بما في ذلك قنابل بوزن 900 كغم؛ داخل سكان مدنيين مكتظين جدا. بما في ذلك في المناطق التي تم الإعلان عنها كمناطق آمنة وطلب من المواطنين الانتقال إليها. ولكن هذا القتل والدمار وتدمير حياة الناس، الطفل والشيخ، ليست فقط موضوعا لنقاشات قضائية، وحتى ليس فقط لمحاكمة أخلاقية وقيمية، التي المجتمع الإسرائيلي، لشديد الألم والغضب، لا يواجهها في الوقت الحالي. الأمر الذي كان من شأنه أن يحسم من فترة طويلة هنا هو عدم الجدوى: قوة إسرائيل العسكرية، التي أصبحت الوسيلة الوحيدة التي تتمسك بها من اجل أن تعيش، هي وحدها لم تساعدها في أي يوم ولن تساعدها في أي يوم على تحقيق "صورة نصر نهائي"، يضمن لمواطنيها إمكانية ثابتة للحياة الجديرة بالعيش. 

ومثلما كتب مئير فزلتير في آخر أيامه: "سواء لي أو لك لن يكون/ قلنا للجيران/ ما الذي لن يكون؟ (هم لم يتعلموا التوراة)/ دولة. في النهاية لن تكون دولة/ في البداية لن تكون لكم دولة/ في النهاية لن تكون لنا أيضا/ ما الذي سيكون؟ جهنم على الأرض/ لنهتف لها ونفرح بها" ("الوشم المتأخر – آخر القصائد"، 2018 – 2023، المكتبة الجديدة للشعر، 2023).

---------------------------------------------

 

 

 

يديعوت أحرونوت 11/2/2024

 

لماذا الرفض التام لعرض «حماس»؟

 

 

بقلم: شمعون شيفر

 

مطالب "حماس" في المفاوضات لصفقة المخطوفين، والتي تستهدف ظاهرا تحريك الخطوة لتحريرهم، هي مطالب وقحة ومغرورة لا يمكن لدولة محبة للحياة أن تقبلها – ولهذا فعلينا أن نتمسك بالرفض التام أمامها.

محظور أن نتشوش: منظمة القتلة الإجرامية هذه لن تلين في سياق الطريق. حتى اللحظة الأخيرة ستطالب مقابل تحرير المخطوفين بإنهاء الحرب، انسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من القطاع، استمرار سيطرة يحيى السنوار وعصبته وعودة اكثر من مليون من السكان إلى شمال القطاع، وذلك إضافة إلى تحرير اكثر من ألف "مخرب"، بينهم كثيرون مع دم إسرائيليين على الأيدي. هذا ما لا يمكن لاحد أن يوافق عليه.

بعد بضعة أيام لتحرير "حماس" جلعاد شاليت، أشار إليّ أبوه نوعام شاليت واتهمني بأني أعربت عن رأي قاطع ضد الصفقة لتحريره. أما الآن، فالثمن الذي نحن مطالبون ظاهرا بأن ندفعه أعلى بكثير مما اتفق عليه في الماضي في ختام مفاوضات مع منظمات إرهابية. مطالب "حماس"، إذا ما لبيت، ستسحب البساط من تحت أقدام الأهداف التي من أجلها خرجنا للقتال وفي سبيلها عرض للخطر الكثيرون جدا انفسهم وبعضهم حتى دفع الثمن بحياتهم.

إذا ما حصل السنوار على مطلبه وأملى علينا القواعد لتحرير المخطوفين والمخطوفات، فالمعنى هو انه خرج منتصرا من هذه الحرب. هذا ما لا يمكن الموافقة عليه، وبالتالي يجب الإصرار: ليس بكل ثمن.

إن صرخة عائلات المخطوفين للحكومة بأنها تركت أعزاءها لمصيرهم محقة. لا يوجد ما هو احق منه. لكن مع كل الألم والأسى، يجب الفصل بين مطالبة نتنياهو وحكومته بأخذ المسؤولية عن إخفاقاتهم، وبين المعركة العسكرية التي ينبغي للجيش وقوات الأمن فيها أن يواصلوا إلحاق الهزيمة بـ"حماس"، لأجل الإيضاح لنظام آيات الله في ايران ونصر الله في لبنان بأننا دولة تنتصر في حروبها.

---------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هآرتس 11/2/2024

 

“حارسة الضمير الإنساني” تشترط على إسرائيل: ابتكروا خطة إخلاء.. واقتلوهم

 

 

بقلم: جدعون ليفي

 

لم يبق إلا أن أطلب التوسل والصراخ: لا تدخلوا إلى رفح. سيكون اقتحام إسرائيل لرفح كهجوم على أكبر مخيم للاجئين في العالم، ما سيجعل الجيش الإسرائيلي ينفذ جرائم حرب بشدة لم ينفذها بعد. لا يمكنه الآن اقتحام رفح بدون تنفيذ جرائم حرب، وإذا فعل فستصبح مثل المسلخ.

في رفح الآن نحو 1.4 مليون نازح، وجدوا ملجأ تحت أكياس النايلون التي حولوها إلى خيام. الإدارة الأمريكية في واشنطن، التي يبدو أنها هي حارسة القانون والضمير الإسرائيلي، تشترط اقتحام رفح بوجود خطة إخلاء. لا توجد خطة كهذه ولا يمكن أن تكون حتى لو اخترعت إسرائيل شيئاً كهذا. لا يمكن نقل مليون من الأشخاص المعدومين، والذين تم تهجير الكثير منهم عدة مرات من أماكن آمنة إلى أماكن أخرى، التي تصبح دائماً ساحات قتل. لا يمكن نقل مليوني شخص وكأنهم أبقار مخصصة للذبح؛ حتى الأبقار لا يمكن نقلها بهذه الوحشية. لم يعد هناك مكان لإخلاء ملايين الأشخاص إليه. لم يعد في غزة المدمرة مكان للهرب أو الإخلاء. إذا تم إخلاء اللاجئين في رفح إلى المواصي، كما يقترح الجيش في خطته الإنسانية، فستصبح المواصي مكان كارثة إنسانية لم نشاهد مثلها في غزة.

وقد كتب يردين ميخالي وآفي شيرف أن كل سكان قطاع غزة، 2.3 مليون شخص، يمكن أن يتجمعوا في 16 كم مربع، وهي مساحة تساوي مساحة مطار بن غوريون (“لا مكان للعودة إليه”، “هآرتس”، 6،2). كل غزة في مطار بن غوريون، تخيلوا ذلك. أجرت عميره هاس حساباً ووجدت أنه إذا تم إخلاء مليون شخص فقط إلى المواصي، فسيكون هناك اكتظاظ بمعدل 62.500 نسمة في كل كيلومتر مربع (“هآرتس”، 9/2). نذكر بأنه لا يوجد أي شيء في المواصي، سواء بنى تحتية أو مياه أو كهرباء أو بيوت، هي رمال فقط، هناك سيتم امتصاص الدماء والأوبئة والمجاري. التفكير في ذلك لا يجمد الدم في الشرايين فحسب، بل على مدى عدم الإنسانية التي وصلت لها إسرائيل في خططها.

حتى في المواصي سيتم سفك الدماء كما حدث في رفح في الأيام الأخيرة، التي كانت آخر ملجأ طرحته إسرائيل. سيعثر “الشاباك” على شرطي أصله قرد ينتمي لحماس، وسيكون القضاء عليه لزاماً بواسطة قنبلة بوزن طن على معسكر النايلون الجديد. وسيقتل الجيش الإسرائيلي بهذه الذريعة 20 شخصاً من المارة، معظمهم من الأطفال. سيقول المراسلون العسكريون بعيون لامعة أي عمل ممتاز قام به الجيش الإسرائيلي بتصفية سلسلة قيادة حماس العليا. أصبح الانتصار المطلق في الطريق، هكذا سيكررون.

لكن الرأي العام رغم هذا التلقين، مجبر على الاستيقاظ، ومعه أيضاً الإدارة الأمريكية. هذه حالة طوارئ لم يكن مثلها في هذه الحرب. الأمريكيون ملزمون بمنع اقتحام رفح بالأفعال وليس بالأقوال. يمكنهم إيقاف إسرائيل. يجب على جناح الضمير في الرأي العام الإسرائيلي إيجاد مصادر معلومات أخرى لنفسه غير قنوات الكعك التي تعطى للجنود، التي تسمى “قنوات الأخبار”. انظروا إلى صور رفح في كل الشبكات العالمية، لن يشاهد الإسرائيليون شيئاً، وستعرفون لماذا لا يمكن إخلاؤها. تخيلوا المواصي وفيها مليونا نازح، وستدركون إلى أي جرائم حرب يغذون الخطى.

أمس، عثر على جثة هند حمادة ابنة السادسة، التي اشتهرت في كل العالم بعد لحظات الرعب التي مرت فيها مع عائلتها أمام دبابة إسرائيلية في 29 كانون الثاني. هذه تم توثيقها في مكالمة هاتفية مع الهلال الأحمر إلى أن توقفت صرخات الرعب لدى عمتها. سبعة من أبناء العائلة قتلوا، ونجت هند الصغيرة، وظل مصير هند غامضاً.

أمس، عثر على هند ميتة في سيارة عمها المحروقة في محطة للوقود في خان يونس. كانت مصابة وحولها سبع جثث لأبناء عائلتها، ولم تنجح في الخروج من السيارة. لقد نزفت حتى الموت. هند وعائلتها استجابت نداء “إنساني” بالإخلاء. من يرِد المزيد من آلاف هند كهذه فليقتحم رفح ويجلي الناس إلى المواصي.

---------------------------------------------

هآرتس/ ذي ماركر 11/2/2024

 

بتخفيضها التصنيف الائتماني.. إسرائيليون: “موديس” تقلب الاعتبارات رأساً على عقب

 

 

بقلم: آفي فاكسمان

 

عند اندلاع الحرب في تشرين الأول الماضي، تعاملت شركات التصنيف الائتماني مع إسرائيل بقفازات من حرير. في الحقيقة، لا مجال للمقارنة بين إسرائيل وأوكرانيا، لكن ومن أجل التمرين – شركة “اس آند بي” خفضت التصنيف الائتماني لأوكرانيا بعد الغزو الروسي في 2022 (منذ ذلك الحين يتم تخفيضه أيضاً). في المقابل، حصلت إسرائيل على فترة سماح تبلغ أربعة أشهر منذ اندلاع الحرب في كل ما يتعلق بالتصنيف الائتماني، أو فترة أطول، إذا ما أخذت فترة الانقلاب النظامي في الحسبان.

في الواقع، خفضت “اس آند بي” توقع التصنيف لحكومة إسرائيل (تصنيف الشركة مرتفع في الأصل مقارنة بنظيرتها “بيتش” و”موديس”)، وبدأت الشركات الأخرى في “فحص” التصنيف – لكنه فحص تواصل. في هذه الأثناء، من دخل إلى موقع وزارة المالية في الإنترنت شاهد منحنى يعرض التصنيف الائتماني لإسرائيل منذ التسعينيات، وهو يتحرك في اتجاه واحد فقط، إلى الأعلى.

لقد كان لشركات التصنيف صبر. فقد منحت الوقت للجيش الإسرائيلي كي يعمل، وللمحاسب العام كي يجند الأموال، وللحكومة كي تعيد التفكير بميزانية الدولة، وللمحكمة العليا كي تقرر إذا كانت ستلغي قوانين أساسية. ولكن فترة السماح هذه انتهت عشية السبت عندما أعلنت موديس عن قرارها: ليس فقط تخفيض التصنيف، بل أيضاً تنبؤ سلبي؛ أي ترجيح غير قليل لتخفيض آخر في التصنيف.

هذا قرار قاس، وسنسمع وزير المالية وهو يدعي أنه قرار مبالغ فيه. أعلن رئيس الحكومة، نتنياهو، في السابق في بيان له بأن “تخفيض التصنيف لا يتعلق بالاقتصاد”. وهناك من يعتبرون ذلك علامة على انفصاله. ولكن ربما هو على حق بدرجة معينة في هذه المرة، حتى لو كان استنتاجه “التصنيف سيرتفع مرة أخرى في اللحظة التي سننتصر فيها في الحرب”، خاطئا.

ولأن تصنيف إسرائيل الائتماني كان إيجابياً حتى الآن، فإن البيانات التي نشرتها شركات التصنيف مع كل قرار حول التصنيف الائتماني، مليئة بمدح قوة الاقتصاد الإسرائيلي، وديناميكيتها الاستثنائية ولسكانها ولجيل الشباب النامي ولنجاحها في خفض الدين العام طوال الوقت، ولحكمة محافظي البنك المركزي على أجيالهم. من بين كل ذلك، بزغت انتقادات بين حين وآخر. أحياناً، كانت هناك نصوص أعيد تدويرها حول تحديات الاقتصاد والمجتمع، مثلا حول الفساد العام والمجموعات السكانية التي تشارك في سوق العمل بشكل نادر، وحتى ندرة المياه التي تعكس وجود إسرائيل في منطقة مناخية قاحلة. وفي بعض الأحيان يمكن إيجاد انتقادات واضحة أكثر، مثلاً لرؤساء الوزراء الذين يجدون صعوبة في اتخاذ القرارات أو التشريعات غير الناضجة التي يسوقونها رغم المعارضة الشديدة للجمهور.

لا يجب النبش عميقا في قرارات التصنيف هذه المرة للعثور على انتقاد موديس لإسرائيل. إنه انتقاد لم يتركز على الوضع المالي للحكومة (رغم أنه يقلق موديس)، أو على تعلم المواد الأساسية، بل على غياب الأفق. ممثلو موديس تحدثوا مع جهات عليا في إسرائيل وحصلوا على بيانات ورسوم بيانية ومحادثات إقناع وخرجوا بأسئلة كثيرة جداً، ليس بذنب منهم، يبدو أنهم لا يعرفون وجهة الدولة.

 

ما الذي تغير؟

 

موديس شركة تصنيف واحدة (حتى لو كانت الشركات تميل أحياناً إلى تقليدها)، وهذا قرار تصنيف واحد، حتى لو كان قراراً صارخاً. بعد أن تتخذ شركات التصنيف الأخرى القرارات، في حالة “اس آند بي”، وسيحدث هذا بعد ثلاثة أشهر، حينئذ يمكن القول إن 7 تشرين الأول أدى إلى تغيير النموذج في رؤية إسرائيل من قبل شركات التصنيف، وربما بشكل أوسع، أيضاً من قبل المنظومة الاقتصادية العالمية. رفعت شركات التصنيف تصنيف إسرائيل خلال 20 سنة، وأشارت بأنها تفعل ذلك بفضل اقتصادها المثير، رغم المنطقة الإشكالية.

قرار موديس يقلب قائمة الاعتبارات رأساً على عقب: نقاط القوة المعتادة (النمو، الهايتيك، السايبر وما شابه) باتت في الأسفل، والأخطار الأمنية وضعت على رأس القائمة. وثمة تحذيرات مالية تتعاظم، لكن مشكوك فيه إذا كانت موديس ستتخذ قراراً مختلفاً حتى لو وعد وزير المالية سموتريتش ورجاله برفع نسبة ضريبة القيمة المضافة إلى 23 في المئة، أو زيادة نجاعة الميزانية على صيغة اليونان، أو قالوا إن كل شيء سيكون على ما يرام بعد الحرب. هذه المرة بالذات، شركة التصنيف الائتماني هي التي تدعو حكومة إسرائيل للعمل ليس كأمين صندوق، بل كزعيم.

--------------------------------------------

إسرائيل اليوم 11/2/2024

 

هل يقترب “حزب الله” من خلق ذريعة للحرب؟

 

 

بقلم: لواء احتياط تمير هايمن

 

يسجل الجيش الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة إنجازات عملياتية وتكتيكية ذات مغزى في الشمال. جباية الثمن المتزايدة من “حزب الله” حطمت توقعاته، وقد تستنزفه. بالمقابل، سجل “حزب الله” إنجازاً استراتيجياً في أعقاب إخلاء عشرات آلاف الإسرائيليين من منازلهم. والواقع في الشمال لن يعود إلى ما كان عليه قبل 7 أكتوبر.

تحديد الأهداف أمر مرغوب فيه: إعادة كل السكان، وتعمير الدمار، وإزالة تهديد اجتياح “قوة الرضوان”. بكلمات أخرى – ألا تتكرر فظائع 7 أكتوبر أبداً. لا وهم في أن تهديد الاجتياح الواسع سيختفي، لكن سيتعين على الجيش الإسرائيلي التصدي له بالضبط مثلما كان منذ قيام إسرائيل.

ويجب الإيضاح بأننا سنبقى معرضين لتهديد من “حزب الله” على الجبهة الداخلية وإن نصل إلى وضع نهاية نرغبها؛ هذا الذي يتضمن عشرات آلاف الصواريخ والمقذوفات الصاروخية. ستضطر إسرائيل في نقطة معينة للعمل سياسياً أو عسكرياً، لكن في وقت وفي خدعة يمنحاها تفوقاً مهماً. عملياً، ربما يوفر لنا “حزب الله” الذريعة لعمل هذا قريباً.

إن أي وضع يزال فيه تهديد الاجتياح، ويعاد فيه عموم السكان ويرمم فيه الدمار في الشمال، سيحسن الميزان الأمني، وسيجد تعبيره في أربعة مقاييس:

1- حماية سكان الشمال، التي تحسنت اليوم، وقد تحتفظ بحجم كبير من القوات التي تحمي البلدات.

2- إزالة انتشار قوة الرضوان من منطقة الحدود، التي تشكل شرطاً أساسياً للوضع الجديد.

3- انتقال إسرائيل من سياسة الاحتواء إلى المبادرة حيال “حزب الله” في لبنان، ما يشكل تحطيماً لحاجز فكري قيدها في الماضي.

4- صور عملية الجيش الإسرائيلي العدوانية في غزة والتي تصدح في العالم العربي، تولد خوفاً لدى اللبنانيين من أن تكون بيروت هي التالية في الدور – مقياس ردعي من الصعب تحديده، ولا يمكن تجاهله.

 

 

 

صدام إرادات

 

الحرب في الجبهة الشمالية هي صراع يدور بين إرادتين متضاربتين: إرادة إيران و”حزب الله” في خلق جبهة مقاومة واحدة مع حماس، وبالتوازي الإبقاء على “حزب الله” في صالح مهام مستقبلية في خدمة إيران؛ وبالمقابل إرادة إسرائيل للفصل بين حماس والمحور الشيعي وتعطيل تهديد الاجتياح من جانب “حزب الله”.

إذن، إلى أين نسير وماذا سيحصل في وضع هدنة في الجنوب بسبب اتفاق مخطوفين، مثلاً؟ من المتوقع أن “حزب الله” سيوقف النار مرة أخرى، مثلما فعل في الهدنة السابقة. في هذه الحالة، ستبدو مصلحة إسرائيل عكس مصلحة “حزب الله”، وعليها أن تواصل سياسة تفعيل قوة نار بالمبادرة والهجوم. ولهذا اعتباران مركزيان: أولاً، هذا تنفيذ لأهداف إسرائيل – الفصل بين الساحات، ومواصلة نزع قدرة الاجتياح لدى “قوة الرضوان”. ثانياً، وهو الأهم، على إسرائيل ضمان عدم فتح النار عليهم إذا ما استؤنف القتال في غزة؛ إذ من غير المحتمل إخلاء سكان الشمال كلما حدث احتكاك مع غزة، فما بالك إذا كان في نيتنا إبقاء المسؤولية الأمنية لنا في غزة، بمعنى – العمل هناك مثلما نعمل في الضفة كل ليلة.

إن استمرار النار في الشمال، سيحقق رسالة تصميم على مواصلة كسر توقعات “حزب الله” وثقته بنفسه. نقطة الضعف المركزية في مواصلة النار أن “حزب الله” والكثيرين في العالم، أن تتطور الهجمات إلى حرب شاملة وتعرض شرعية وإسناد الولايات المتحدة للخطر. ينبغي الاستعداد لهذا بعمل سياسي، فالتنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة حرج للغاية.

إن حرباً شاملة في الشمال ليست قدراً. ومع ذلك، ربما يتدهور الواقع، حتى لو بدا أن الطرفين غير معنيين بها. من ناحية إسرائيل، فإن تصعيداً إضافياً لن يكون بالضرورة سيناريو سلبياً؛ لأنه سيسرع إزالة تهديد صواريخ حزب الله، ويضمن إسناداً أمريكياً في وقت بات فيه القتال في قطاع غزة أقل شدة مما سيسمح بالتركيز على الشمال بشكل أفضل.

عندما تصمم إسرائيل واقعاً جديداً في الشمال، سيكون ممكناً البحث في تنفيذ كامل ومتجدد لقرار 1701. بعد حرب لبنان الثانية، تقرر أن المنطقة جنوبي نهر الليطاني ستكون مجردة من السلاح بإنفاذ من قوة دولية. ولأن “حزب الله” لم ينفذ القرار، وإذا ما كان إصرار لبناني على البحث في نقاط الخلاف على الحدود، فعلى إسرائيل أن تشترط هذا بتنفيذ كامل للقرار.

وختاماً، يجب تقنين التوقعات؛ فالخطوة ستستغرق وقتاً طويلاً، تنقل إسرائيل في خلاله مركز الثقل من غزة إلى معركة قوية في الشمال – دون مستوى الحرب الشاملة، بعدها تتمكن من الوصول إلى تسوية أمنية محسنة. إن إحساس الأمن في إسرائيل، خصوصاً في الجنوب والشمال تضرر في 7 أكتوبر. وسيعود الاستيطان على طول الحدود ليكون جزءاً من القصة الصهيونية الطليعية، قبل أن يعود ليكون جنة عدن المتفتحة التي نحبها جميعنا. لكن هذا لن يحصل دفعة واحدة.

على الحكومة أن تمنح شبكة أمان واسعة للسكان، وتقرر سياسة جديدة في مجال تشجيع الاستيطان في النقب والجليل، وتطبيق قانون تجنيد حديث ومناسب لأغراض الساعة. نحن بحاجة لـ “مشروع مارشل” داخلي.

---------------------------------------------

معاريف 11/2/2024

 

رؤية إسرائيلية إزاء غزة: حكم العشائر وتفكيك “البنية الدينية” ووضع اليد على “فيلادلفيا”

 

 

بقلم: اللواء احتياط دافيد حاخام

 

في سياق الأسابيع الأخيرة، عقد كابينت الحرب سلسلة من المداولات في موضوع صيغة السيطرة العسكرية – الأمنية على قطاع غزة بعد الحرب.

النقاش الذي يجري في هذا الشأن حيوي وواجب وذو أهمية عليا؛ وذلك بهدف بلورة موقف إسرائيلي رسمي يشكل لاحقاً أساساً توجيهياً لعمل الجيش الإسرائيلي، ويسمح له بالاستعداد والتخطيط لما سيقوم به من أعمال عسكرية في الميدان.

من زاوية نظري، إسرائيل ملزمة بإبقاء سيطرة عسكرية – أمنية مطلقة على كل أراضي القطاع في عهد ما بعد الحرب، سيطرة تجد تعبيرها في قدرة قوات الجيش الإسرائيلي على الوصول إلى كل نقطة والعمل بهدف إحباط العمليات، وتنفيذ اعتقالات ومنع الأعمال المعادية.

إن وجود قوات الجيش الإسرائيلي في القطاع واجب لفترة محددة لا يمكن في هذه المرحلة تحديدها بجدول زمني. في هذا السياق، من المهم التشديد مبدئياً على أن إسرائيل لا يمكنها شراء الأمن بواسطة مبعوث، وهي ملزمة بتحقيق مصالحها الحيوية بقواتها العسكرية. لذا، لن تحقق أهدافها الأمنية إلا بتصفية حماس بالقوة العسكرية والسياسية وسيطرة على القطاع.

فضلاً عن السيطرة الأمنية – العسكرية الكاملة، يفترض بالحكم العسكري – المدني الذي سيعمل في القطاع في نهاية الحرب أن يتولى مهمة ذات أهمية عليا: التركيز على تفكيك جهاز “الدعوة” في حماس.

والحديث يدور عن كل ما يتعلق بالبنية التحتية الدينية والمدنية المتفرعة التي أقامتها حماس في العقود الأخيرة وقبلها منظمة الأم، المجمع الإسلامي. وذلك مثلما وجد الأمر تعبيره في نشرات الجمعيات الخيرية والمدارس وروضات الأطفال وحلقات تعليم الدين وحفظ القرآن، ونشر مواد التحريض ضد إسرائيل واليهود وما شابه.

الأفكار التي تطرح مؤخراً إعلامياً في موضوع نقل صلاحيات السيطرة والإدارة في قطاع غزة في نهاية الحرب إلى السلطة الفلسطينية أو إلى جهات عربية ودولية، مرفوضة وإشكالية على أقل تقدير.

فمن شأنها، كسيناريو على إسرائيل أن تأخذه بالحسبان، أن تؤدي إلى تعزيز متجدد لقوة ومكانة حماس على مستوى الميدان. في ضوء ذلك، إسرائيل ملزمة باتخاذ الخطوات الواجبة والاستعداد لإحلال حكم عسكري مدني كجسم سيطرة موحد في قطاع غزة.

هذا الحكم سيكون مسؤولاً عن تخويل صلاحيات إدارة الحياة اليومية للسكان الفلسطينيين إلى جهات محلية كالمخاتير، وجهاء العشائر، موظفي الحكم البلدي، رؤساء الجمعيات وما شابه. وذلك في ظل إجراء الفحص الواجب، بحيث لا يكون هؤلاء متماثلين مع جهاز حماس السلطوي.

إضافة إلى ذلك، إسرائيل ملزمة بالسيطرة على “محور فيلادلفيا” في جدول زمني قصير قدر الإمكان؛ بهدف العثور على الأنفاق وتدميرها على طوله، وسد طرق تهريب السلاح والوسائل القتالية التي تنقل من الجانب المصري إلى حماس.

وثمة هدف مهم آخر وذو أهمية قومية عليا، وهو منع وإحباط محاولات لتهريب مخطوفين إسرائيليين إلى خارج القطاع من جانب حماس وجهات جهادية تعمل في سيناء.

---------------------------------------------

هآرتس 11/2/2024

 

في “القدس الشرقية”: إسرائيل تقرّ بناء حي جديد لليهود بالتوازي مع هدم بيوت المقدسيين

 

 

بقلم: نير حسون

 

تعمل الدولة على إقامة حي جديد لليهود شرقي القدس بالقرب من حي فلسطيني. تم تخطيط الحي الذي سيحمل اسم “نوفيه راحيل”، بالمشاركة مع نشطاء من اليمين. سيشمل الحي حسب الخطة الأولية 650 وحدة سكنية ستقام على بعد بضعة أمتار من بيوت سكان فلسطينيين في حي أم طوبا جنوب شرق القدس. كما هي حال مشاريع أخرى، جاء هذا الحي نتيجة مبادرة مشتركة بين القيّم العام في وزارة العدل وشركة العقارات التي يسيطر عليها نشطاء من اليمين.

 حي “نوفيه راحيل” هو الحي الرابع الذي تعمل عليه وحدة القيم العام في وزارة العدل في السنوات الأخيرة شرقي القدس. الأحياء الثلاث الأخرى تشمل حياً جديداً يُخطط لإقامته في قرية إمليسون (حي “جفعات هشكيد” قرب بيت صفافا)، وحي “كدمات تسيون” في المنطقة بين حي رأس العامود وجدار الفصل، وحي آخر يتم العمل عليه من قبل سلطات التخطيط، الذي يقع جزء منه وراء الخط الأخضر، وحي “ايميت همايم هتحتوناه” (قناة المياه السفلى) قرب أم طوبا. وحسب ادعاء المنظمات التي تتابع البناء في المستوطنات، فإن جميع هذه الأحياء التي تشمل حوالي 3 آلاف وحدة سكنية جديدة لليهود في شرقي القدس، يتم تسويقها بشكل استثنائي وتحصل على مصادقة سريعة في جهاز التخطيط، لا سيما منذ اندلاع الحرب.

أصبحت وزارة العدل في السنوات الأخيرة هي الجسم الرئيسي في المضي بخطط البناء لليهود وراء الخط الأخضر في القدس، وهناك أجسام رئيسية أخرى في هذه الوزارة تعمل على هذا الموضوع؛ الأول هو القيم العام، والثاني موظف تسوية الأراضي. وحسب قانون إجراءات القضاء والإدارة الذي سُنّ في 1970 يحق لليهود الذين كانوا أصحاب ممتلكات وأراض في شرقي القدس قبل العام 1948 المطالبة باستعادتها. هذا خلافاً للفلسطينيين الذين كانوا في تلك الفترة هم أصحاب ممتلكات في غربي القدس. ولكن غير معروف لمن تعود هذه الأراضي في حالات كثيرة، والقيم هو من يدير هذه الممتلكات حتى العثور على أصحابها القانونيين.

تتم خطط البناء أحياناً بصورة مشتركة مع شركات عقارات، التي يسيطر عليها نشطاء اليمين. البارز من بينها شركة “توبوديا”، التي يشارك في عضوية مجلس المدراء فيها المدير يهودا ريغونس، وهو رجل عقارات معروف في شرق القدس والذي كان المتحدث السابق بلسان جمعية “العاد”، والمدير العام لصحيفة “مكور ريشون”، ويشاركه في الإدارة أيضاً رجل الأعمال اليهودي – الاسترالي كيفن بيرمايستر، المتبرع الكبير للمستوطنات في شرقي القدس. وقد عملت الشركة والقيم العام معاً للمضي بمخطط البناء في إمليسون، والآن أيضاً في “نوفيه راحيل”. في 2018 كشفت “هآرتس” أن مديراً كبيراً في دائرة القيم العام في شرقي القدس هو حنانيئيل غورفنكل، وهو ناشط يميني أنشأ جمعية دعت لتهويد القدس.

 في الوقت نفسه، ثمة وحدة أخرى في وزارة العدل، وهو مسؤول تسوية الأراضي، تساعد هي أيضاً في البناء لصالح اليهود شرقي القدس، وتعمل على إجراء لتسجيل الأراضي على أسماء يهود في المناطق التي يُخطط لبنائها. قبل خمس سنوات، في إطار الخطة الخمسية لتقليص الفجوة في شرقي القدس، أمرت الحكومة موظف التسجيل بالبدء في مشروع لتسجيل الأراضي في شرقي القدس للتخفيف من ضائقة التخطيط هناك. ولكن معظم نشاطات موظف التسوية كرست منذ ذلك الحين لتسجيل قسائم الأراضي التي يوجد فيها ممتلكات لليهود، أو يخطط لإقامة حي لليهود فيها.

 إضافة إلى نشاطات هيئات وزارة العدل، بدا في ظل الحرب في غزة والمنطقة الشمالية أن مدير التخطيط هو أيضاً يعمل وبسرعة استثنائية على البناء لليهود في شرقي القدس. في 9 تشرين الأول، أي بعد يومين على اندلاع الحرب، صادقت اللجنة اللوائية على إيداع إقامة حي “كدمات تسيون”. وفي الشهر الماضي، صودق على خطة لإقامة “جفعات هشكيد”، بعد خمسة أسابيع فقط على تقديم الاعتراضات. حي قناة المياه السفلى ناقشته اللجنة اللوائية بضع مرات، وتم رفض الاعتراضات المقدمة على هذه الخطة.

 في الوقت نفسه، يتقدم البناء في حي “جفعات همتوس” المجاور بسرعة. الحي اليهودي في إمليسون، الذي هو أيضاً نتاج تعاون بين شركة “توبوديا” ووزارة العدل، أُدخل في الأشهر الأخيرة مرتين إلى جدول أعمال اللجنة اللوائية، ثم رفع في اللحظة الأخيرة. حتى الآن، هو موضوع للمناقشة في الجلسة القادمة المخطط لها.

 يتبين من التقرير الذي أعدته جمعية “عير عاميم” وجمعية “بمكوم” أن لجان التخطيط دفعت قدماً منذ 7 تشرين الأول بـ 17 خطة هيكلية لصالح اليهود وراء الخط الأخضر في القدس، بحجم 8434 وحدة سكنية. تقريباً 3 آلاف منها يتم تسويقها في إطار مخططات القيّم العام. ما تبقى هي مخططات قناة المياه السفلى ومخططات توسيع أو مخططات إخلاء – بناء في الأحياء اليهودية الكبيرة الواقعة وراء الخط الأخضر مثل “غيلو” والتلة الفرنسية و”رمات شلومو” وغيرها. وحسب ادعاء المنظمات التي تتابع البناء في المستوطنات، يتم الدفع قدماً بجميع الأحياء شرقي القدس بشكل استثنائي، وتحصل على مصادقات سريعة من جهاز التخطيط، لا سيما منذ اندلاع الحرب.

 في بداية كانون الثاني الماضي، رفضت اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء في القدس جميع الاعتراضات المقدمة ضد خطة “جفعات هشكيد”، بعد خمسة أسابيع من تقديمها، وبعد أسبوعين فقط من النقاش في هذا الشأن. الاسم الذي أعطي للحي والخطة التي تستهدف إقامة كنيس فيه، كما قال المعترضون ومن بينهم سكان بيت صفافا، يشكل الدليل على أن حي يُخطط لليهود، مع تجاهل ضائقة السكن والنقص في المباني العامة في بيت صفافا. ورغم ذلك، قررت اللجنة أن طبيعة المباني الدينية المخطط لها في الحي لا تُحدد على أنها كنس في هذه المرحلة.

 حسب جمعيتي “عير عاميم” و”بمكوم” فإن السلطات تزيد من ضائقة السكان العرب شرقي القدس، الذين يستصعبون الحصول على رخص البناء بسبب تغيير الإجراءات المتعلقة بإثبات ملكيتهم للأرض. إضافة إلى ذلك، زادت بلدية القدس وتيرة هدم البيوت شرقي المدينة منذ بداية الحرب.

 “في فترة الحرب، تواصل مؤسسات التخطيط في القدس المضي بمشروع الاستيطان في المدينة بوتيرة سريعة وغير مسبوقة، حتى أثناء فترة الحرب”، جاء من جمعية “عير عاميم” وجمعية “بمكوم”. “في الوقت الذي تضررت فيه الخدمات العامة الحيوية بسبب إدارة الحرب، تعد الحرب بالنسبة للمستوى السياسي فرصة أخرى لتثبيت حقائق على الأرض. المستوطنات الجديدة ستعمق منع التواصل الجغرافي الفلسطيني في القدس، وستشكل عقبات أخرى أمام أي إمكانية لمستقبل مختلف للإسرائيليين والفلسطينيين في المدينة وفي كل الفضاء”.

جاء الرد من يهودا ريغونس: “نحن وبحق نقود خطة إسكان في المنطقة التي اشتريناها. أغلبية المنطقة بملكيتنا، لذلك لا يجب علينا التعاون مع أي جهة. كل من هو موجود داخل الخط الأزرق في الخطة يحصل على أولوية من قبلنا”.

 وجاء الرد من وزارة العدل: “يدور الحديث عن أراض يديرها القيم العام لصالح أصحابها الخاصين بقوة قانون إجراءات القضاء والإدارة، أي الأراضي التي انتقلت بعد حرب الاستقلال إلى إدارة المسؤول الأردني عن أملاك العدو لصالح أصحابها الذين بقوا في إسرائيل. يعمل القيم العام من أجل أصحاب الحقوق على هذه العقارات، بواسطة تسوية التسجيل والتطوير”. لم يصل أي رد من إدارة التخطيط.

---------------------------------------------

هآرتس 11/2/2024

 

ما أجهل السائل وما أوقح إسرائيل!

 

 

بقلم: عميره هاس

 

وجه لي س. وهو من سكان غلاف غزة، عدة أسئلة سبق أن وجهها لي أشخاص آخرون من قبل. “أنا قارئ متابع لـ “هآرتس” ولمقالاتك. وبصفتي أحد سكان الغلاف، أحاول معرفة موقفك مما حدث في قطاع غزة منذ الانفصال. لماذا حسب رأيك بالتحديد، خرجت المقاومة الأقوى من المكان الذي ألغت فيه إسرائيل الاحتلال؟”.

“منذ سنوات والفلسطينيون يصرخون بأن الاحتلال سبب كل الشرور. والآن تم إجراء تجربة صغيرة لإلغاء الاحتلال؛ كان يمكن للفلسطينيين أن يبنوا لأنفسهم دويلة نموذجية هناك، ولكنهم فضلوا استثمار الأموال في محاربة إسرائيل. هل لديكِ تفسير لذلك؟”.

تحية للقارئ س: الانفصال في 2005 لم يكن إلغاء للاحتلال الإسرائيلي. أولاً، استمرت إسرائيل في السيطرة على حياة السكان في القطاع وعلى إمكانية تطوره حتى بعد أن تم تفكيك المستوطنات والمواقع العسكرية التي كانت فيه. ثانياً، حسب اتفاقات أوسلو التي وقعت عليها إسرائيل، لا يعتبر القطاع كياناً منفصلاً، بل جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية التي احتُلت في العام 1967. وحسب الفلسطينيين وحسب الموقف الدولي، كان يجب أن تصبح هذه المناطق ضمن الدولة الفلسطينية. وحقيقة أن إسرائيل عملت على فصل سكان القطاع عن سكان الضفة الغربية، وحقيقة أن الإسرائيليين تعاملوا ويتعاملون مع قطاع تنقصه الموارد ومعزول والذي مساحته 365 كم مربع على أنه كيان منفصل، هي بحد ذاتها دليل على سيطرة إسرائيل عليه، بل على وقاحة إسرائيل.

لا يمكنني تلخيص ما كتبته في مئات وربما آلاف المقالات، ولكن سأقول باختصار: رئيس الحكومة شارون لم يتشاور حول الانفصال، ولم ينسق تنفيذه مع قيادة الحكم الذاتي الفلسطيني المقيد، التي كانت ما تزال برئاسة حركة فتح، وغير منقسمة بينها وبين حماس. تقدم شارون في المسار التدريجي الذي وضعته إسرائيل منذ بداية التسعينيات وأحسنت إخفاء خطورته وأهميته في عملية أوسلو: هذا نظام حظر وتقييد لحرية حركة الفلسطينيين مع خلق جيوب فلسطينية. في 15 كانون الثاني 1991 بدأت إسرائيل في هذه السياسة الكاسحة، وكانت نتائجها الفورية التي تفاقمت مع مرور السنين هي فصل سكان القطاع عن الضفة وعن العالم.

واصل شارون ما فعله أسلافه. الحصار الخانق الذي فرضه إيهود أولمرت على قطاع غزة في 2007 كان تغييراً كمياً وليس نوعياً. هذا التساوق في السياسة يظهر الفكرة من وراء هذا العمل: هو ليس تجربة لإلغاء الاحتلال، بل وسيلة لإفشال إقامة الدولة الفلسطينية في الإطار الذي شاهدته م.ت.ف والمجتمع الدولي أمام ناظريهم. كان للسيطرة على قطاع غزة حتى 7 تشرين الأول، عدة مظاهر: الأول هو السيطرة المطلقة على سجل السكان الفلسطيني، وعلى سجل سكان القطاع. إسرائيل هي التي تحدد من يمكنه الحصول على بطاقة الهوية كأحد السكان في القطاع أو في الضفة الغربية. أي شخص، ومكان سكنه المسجل في بطاقة الهوية الصادرة من قبل السلطة الفلسطينية تقنياً فقط، يحتاج إلى مصادقة إسرائيل. وسكان القطاع الذين سحبت منهم إسرائيل مكانة المقيم قبل العام 1994لا يمكن تجديدها بدون مصادقتها.

الفصل عن الضفة الغربية (وعن إسرائيل) تسبب بضرر كبير لقدرة التطور الاقتصادي في القطاع، الذي كان في الأصل منذ 1967 في وضع تدهور أو جمود من جراء خطوات متعمدة اتخذتها إسرائيل. إسرائيل لا تسيطر على معابر الحدود فحسب، بل كذلك على الفضاء الجوي والبحري للقطاع: لا تسمح لسكان القطاع بتجسيد حقهم في حرية الحركة في البحر والجو. إسرائيل بهذه السيطرة أيضاً تقيد فرع الصيد الفلسطيني ولا تسمح للفلسطينيين باستخدام مخزونات الغاز التي اكتشفت في مياه غزة، كما أنها تسيطر أيضاً على الموجات الإلكترومغناطيسية الضرورية لتطوير التكنولوجيا. وبسيطرتها على التصدير والاستيراد، فهي كذلك تقيد قدرة وجدوى الإنتاج الداخلي. هي تواصل سيطرتها على مدخولات الضرائب. ومصر أيضاً لم تفتح معبر رفح أمام حركة حرة للفلسطينيين والأجانب، سواء خوفاً من استيطان الغزيين فيها أو كمعارضة سياسية لفصل القطاع عن الضفة أو خضوع لإملاءات إسرائيل.

تعمد شارون أو لم يتعمد، أضعف بخطوته الأحادية تلك السلطة الفلسطينية، التي تمسكت بمسار المفاوضات. وقد منح جائزة لحركة حماس التي قالت إن “الكفاح المسلح” الذي اتبعته في الانتفاضة الثانية وتطوير قدرتها العسكرية، هو الذي أجبر الجيش الإسرائيلي على الانسحاب، وليس المفاوضات أو اتفاق يتم التوقيع عليه. هكذا اعتقد وما زال يعتقد كثير من الفلسطينيين. ليس من الغريب أنه تفوز حماس بعد بضعة أشهر على الانفصال، في كانون الثاني 2006، بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني (لكن ليس بأغلبية أصوات الناخبين).

في البداية، يجب الإجابة عن سؤال لماذا فعلت إسرائيل كل ما في استطاعتها لإفشال إقامة الدولة الفلسطينية الصغيرة في القطاع والضفة الغربية. بعد ذلك، يمكن التقدم ومحاولة الشرح لماذا شعر سكان “الدويلة” المحاصرة والمعزولة بأنهم محكومون بالمؤبد وفي حالة عوز، في الوقت الذي يخضع فيه أخوتهم في الضفة الغربية لحكم عنيف لمشروع الاستيطان الموسع. بعد ذلك سنتحدث عن الوهم أو الهذيان أو عن مشروع الكفاح المسلح في فرصة أخرى.

---------------------------------------------

 

هآرتس 11/2/2024

 

 

ترانسفير طوعي.. فكرة جيدة

 

 

بقلم: عكيفا الدار

 

مفهوم "ترانسفير طوعي" يطرح أمام ناظرينا شخصية الكهاني ايتمار بن غفير. فكرة "تشجيع الفلسطينيين على الهجرة" تذكر على الفور بمؤسس حزب الترانسفير رحبعام زئيفي. حلمهم وحلم أمثالهم، بدءا بالكاهنة الكبرى للحركة المسيحانية دانييلا فايس وانتهاء بأغبيائها مثل ميكي زوهر الذين كانوا يرقصون في مؤتمر "العودة الى غوش قطيف"، حلمهم يشبه "عيرف راين" (منطقة خالية من اليهود بتعبير النازية). أرض إسرائيل من البحر وحتى النهر خالية من العرب. ولكن باستثناء من ينفثون سم تفوق اليهود وكراهية الأجانب والادمان على العقارات، فإن إعادة التوطين يمكن أن تكون مبادرة مرحب بها.

اضافة اعلان

مفهوم "إعادة التوطين" للاجئين من العام 1948، ذكر للمرة الأولى في تفويض "الأونروا" الصادر في العام 1949. فقد جاء فيه، أن المنظمة ستعمل مدة سنتين – ثلاث سنوات فقط إلى حين حل الظروف التي نشأت بسبب حالة الطوارئ وإعادة توطين اللاجئين الذين هم تحت رعايتها. وقد تم تقدير عددهم في حينه بـ700 ألف شخص. ولكن ادعاء "حق العودة" استخدم كسبب (أو كذريعة) للدول العربية الثرية التي قامت بإغلاق أبوابها أمام اللاجئين.

منظمات المقاومة الفلسطينية، حولت مخيمات اللاجئين إلى دفيئات لتربية المقاتلين ضد إسرائيل. في الوقت الذي فيه ممثلة الأمم المتحدة للاجئين "يو.ان.اتش.سي.آر" عملت على إعادة توطين اللاجئين في كل النزاعات في العالم، فإن "الأونروا" أصبحت مزودة الطعام والتعليم والصحة والرفاه للاجئين الفلسطينيين. مدير عام "الأونروا" جيمس ديفيز قال في العام 1959: "إن المنظمة هي أحد الأثمان – كما يبدو الأدنى من بينها – الذي يدفعه المجتمع الدولي من أجل عدم حل المشاكل السياسية للاجئين.

كارثة 7 تشرين الأول، فرضت على العائلات الإسرائيلية ترانسفير غير طوعي. جرائم حماس حكمت بالترانسفير غير الطوعي أيضا على مئات آلاف العائلات الفلسطينية. هذه الأزمة العميقة يجب أن تشكل خشبة القفز من أجل حل جذري، يتجاوز العثور على بديل للأونروا؛ تسوية تؤدي إلى إنقاذ لاجئي العام 1948 من مخيمات اللاجئين. هذه عملية حيوية، حتى لو كانت غير كافية، لإنهاء النزاع والمصالحة بين الشعبين.

الكثير من القتلة الذين قاموا باقتحام غلاف غزة في 7 تشرين الأول، مهاجمون وانتحاريون وزعماء حماس، خرجوا من هذه المخيمات. ثلاثة أجيال حملت في عنقها مفاتيح بيوتها في عسقلان ويافا والقطمون، وهم يعرفون أن الجيل القادم محكوم عليه بحياة الضائقة وعدم الأمل. الضوء الذي بزغ عند التوقيع على اتفاقات أوسلو في العام 1993، خفت عندما قتل اسحق رابين وتلاشى في ظل حكومات اليمين الاستيطانية.

فكرة إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين ليست جديدة. فهي كانت مشمولة في خطة الرئيس الأميركي بيل كلينتون، والتي ارتكزت على حل الدولتين. مبادئ الخطة التي عرضت على الطرفين في نهاية العام 2000، تمت مناقشتها أيضا في محادثات طابا بين حكومة اهود باراك والفلسطينيين في بداية العام 2001. بعض الدول، منها الولايات المتحدة وكندا، وافقت على استيعاب عدد من اللاجئين. الخطة شملت إقامة منظمة دولية لتمويل هذه المبادرة. وقد تم التوضيح أن تطبيق جميع بنود الخطة سيعتبر تنفيذا لقرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة 194 الصادر في تشرين الثاني(نوفمبر) من العام 1948، الذي يعتبره الفلسطينيون الأساس القانوني لتبرير مطالبتهم بحق العودة. مبادرة السلام للجامعة العربية في آذار(مارس) من العام 2002 نصت على أن القرار 194 هو الأساس لحل مشكلة اللاجئين، لكن هذا الحل يجب أن يكون عادلا ومتفقا عليه.

قضية اللاجئين عادت إلى طاولة المفاوضات في المحادثات التي أجراها رئيس الحكومة اهود اولمرت مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في العام 2007. وقد اتفقا على أن عددا قليلا من اللاجئين (50 – 100 ألف) يمكن استيعابه في إسرائيل في

إطار جمع شمل العائلات. الأغلبية الساحقة يمكنها الاختيار بين إعادة التأهيل في الدولة الفلسطينية أو الهجرة إلى دولة ثالثة (ترانسفير طوعي، كما قلنا). أولمرت اقترح أن تؤسس إسرائيل وتدير صندوقا دوليا يجند الأموال من أجل تعويض اللاجئين عن خسارة ممتلكاتهم. في تحقيق شامل أجري في العام 2007 تم تقدير التعويض الشامل بأقل من مليار دولار، وهذا مبلغ يساوي نفقات الولايات المتحدة في ثلاثة أيام قتال في العراق.

في استطلاع للرأي العام، أجري في تلك الفترة في أوساط عينة كبيرة لـ4500 لاجئ فلسطيني في لبنان، وجد الباحث الفلسطيني الدكتور خليل الشقاقي، أنه فقط أقلية صغيرة (لاجئي غزة والضفة الغربية، اقل من 10 في المائة) أجابوا بأنهم يريدون أن يكونوا مواطنين إسرائيليين، 9 % من اللاجئين و5 في المائة من اللاجئين في لبنان فضلوا الهجرة إلى دول أخرى.

الأغلبية الساحقة من المستطلعين اختارت إمكانية بناء مستقبلها في دولة فلسطينية مستقلة. أين سيقيم كل هؤلاء بيوتهم؟ يمكن البدء بكريات أربع، عند الخبير المعروف بالترانسفير الطوعي، مع صورة القاتل، هو واصدقاؤه في شبيبة الفظائع لن يتم تهجيرهم من بلادهم، بالعكس، هم سيحصلون على سلة استيعاب سخية من أجل الهجرة إلى دولة إسرائيل.

---------------------------------------------

 

معاريف 11/2/2024

 

 

الخط الأحمر.. الحرم وتحرير آلاف المعتقلين

 

 

بقلم: شيريت أفيتان كوهن وآخرين

 

وجه كابينت الحرب رئيس الموساد دادي برنيع الا يعود لمواصلة الاتصالات الى أن تعود حماس لتدخل حدود الحوار كما تقررت في قمة باريس.

كما وجه كابينت الحرب تعليماته بأن حماس مطالبة بأن تتنازل عن المطالب المرفوضة بشأن الحرم، وتقليص عدد المعتقلين الذين يطالبون بهم. اذا اقتربت حماس من ذلك، فان رئيس الموساد سيقلع يوم الثلاثاء الى مصر للقاء رئيس السي.اي.ايه وليم برنس والوسطاء كي يواصل المباحثات حول الاتفاق.

والى ذلك تطالب عائلات المخطوفين بلقاء كابينت الحرب، وتظاهرت مرة أخرى في نهاية السبت حيث أغلق أمس بعض من المتظاهرين مسار أيالون في احتجاج على سبيل تحرير المخطوفين.

على خلفية تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، عن تعليماته للقيادة السياسية لاعداد خطط لعملية في رفح، عرضت القيادة العسكرية تقييدات العمل في المجال في بحث مسبق في كابينت الحرب. وضمن أمور أخرى طرحت المسألة السياسية حيال مصر ومسألة تسريح الكثير من قوات الاحتياط.

ترتيب الاعمال المطلوب هو تفاهمات مع مصر، بعد ذلك تجنيد قوات وفقط في النهاية العملية الإلزامية في رفح.

من خلف الكواليس عقدت جلسات لضباط الجيش ورئيس الشاباك مع نظرائهم في مصر للبحث في الموضوع، لكنه لم يتحقق تقدم نحو موافقة القاهرة. ويقلق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من الفرار الجماعي للغزيين الى سيناء في اعقاب العملية. وقال مصدر مطلع بانه بخلاف الانطباع الناشئ، فليست هذه عملية ستنطلق على الدرب في المدى الزمني الفوري.

في نهاية الأسبوع انطلقت موجة من التحذيرات من محافل فلسطينية في غزة وفي رام الله إضافة الى مندوبي منظمات دولية ودول عربية في محاولة لمنع إسرائيل من توسيع المناورة الى منطقة رفح. فقد حذرت السعودية مثلا من التداعيات ودعت الى انعقاد مجلس الامن.

اما الوضع في رفح نفسها فيتفاقم في اعقاب جموع اللاجئين. وفي السبت نشرت عريضة وقعوها تدعو "لمنع دخول الجيش الى المنطقة". وجاء فيها ان "اللاجئين ليسوا طرفا في القتال ومسؤول حماس موسى أبو مرزوق اعلن انهم تخلوا عنا". واعلن المحتجون بان في نيتهم ان يتظاهروا على حدود مصر عند اقتراب موعد العملية العسكرية وهم يرفعون الاعلام البيضاء.

 

عالقون مع الأونروا

 

وفي نفس الوقت، تقدر محافل الاستخبارات في إسرائيل بانه لا توجد وكالة مدنية واحدة في غزة ليس لها ارتباطات مع حماس. هذه ليست الاونروا فقط، بل كل منظمة مدنية أخرى توزع الغذاء. نتنياهو وجه تعليماته لوضع البدائل لكن يبدو أن كل السبل تؤدي الى العمل حيال جهات محلية في القطاع، مثلما اقترح وزير الدفاع يوآف غالنت.

لدى منسق اعمال الحكومة في المناطق اقترحوا على غالنت عدة محافل محلية معروفة لهم، لا علاقة لهم بحماس ويمكن البدء بالعمل معهم في إطار "اليوم التالي لحماس". لكن طالما لا يوجد قرار كابينت في الموضوع – فان مكتب التنسيق يواصل العمل مع وكالة الغوث وغيرها من المنظمات.

في هذه الاثناء، تعمل إسرائيل على بناء "ملف" عن الاونروا لاجل قطع الاتصالات بها. غير ان المصاع واضحة: كل الشاحنات، مخازن التبريد والبنية التحتية للعمل في غزة تعود لها، واستبدالها سيستغرق زمنا. يوم الثلاثاء سيجري بحث إضافي في الكابينت السياسي – الأمني.

---------------------------------------------

 

هآرتس 11/2/2024

 

 

نتنياهو يخفض التصنيف

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

في نهاية الأسبوع سجل يوم أسود للاقتصاد، وكل التقديرات القاسية تجسدت فيه. هذه هي المرة الأولى التي يخفض فيها لإسرائيل التصنيف الائتماني منذ 1998 – السنة التي بدأ فيها التصنيف. على مدى 26 سنة قضت منذئذ شهدت إسرائيل أزمات اقتصادية وتصدت لأوضاع امنية قاسية كالانتفاضة الثانية وحرب لبنان الثانية. وفي كل هذا وثقوا بالقيادة في أنها ستعيد الاقتصاد الى المسار.

ليس هذه المرة. الثقة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وبوزير المالية بتسلئيل سموتريتش – الذي حتى أمس صرح بان تخفيض التصنيف هو "بيان سياسي لا يتضمن حججا اقتصادية جدية" – تقترب من الصفر. شركة التصنيف موديس لا تعتقد انهما سيصلحان ما خرباه، ولهذا فقد أصدرت تقريرا بهذه الخطورة. لتخفيض الائتمان يوجد ثمن باهظ. الفائدة سترتفع وبالتالي فإن تمويل الدين العام سيصبح اغلى. وكلما دفع الجمهور فائدة اعلى، هكذا سيبقى اقل للتعليم، للصحة، للرفاه وللاستثمار. ونعم سترتفع الفائدة التي ستدفعها الشركات التجارية مما سيخفض الاعمال ويقلص النمو.

رفع الفائدة سيصل الى كل بيت: قرض السكن سيرتفع وكذا السحب الزائد أيضا. يوجد احتمال لتخفيض قيمة العملة، للتضخم المالي وللانخفاض في مستوى المعيشة. موديس لم تكتف فقط في المجال الاقتصادي. فقد اشارت الى غياب حل المشكلة السياسية مع الفلسطينيين، الخطر من حزب الله في الشمال، انعدام خطة "لليوم التالي" في غزة، عدم الاستقرار السياسي – بل والمحت بثقافة الحريديين الذين لا يتعلمون المواضيع الأساسية ولا يعملون وبالتالي يمسون بالإنتاج وبانتاجية العمل.

لكن العنصر الأكثر تأثيرا لدى شركات التصنيف هو ميزانية الدولة. فموديس تخشى من أن يكون ميل الانخفاض في نسبة الدين/الإنتاج قد انقلب وبدأ يرتفع. هذا الامر ينبع من الميزانية السائبة التي تقدم بها نتنياهو وسموتريتش للعام 2024 والتي تخلق عجزا ضخما وخطيرا (6.6 في المائة من الناتج) لانه لم تجر فيها التقليصات اللازمة. هذه الميزانية تضخ المليارات للقطاع الحريدي غير الإنتاجي وتنقل مبالغ طائلة للمستوطنات وللتراث بدلا من ان توجه الى الإصلاحات، الاستثمارات في البنى التحتية، انقاذ الاعمال التجارية التي تضررت وإعادة الاقتصاد الى النمو.

لا ينبغي الخطأ: تخفيض التصنيف ليس وضعا مؤقتا. موديس تقدر بان تأثيرات المواجهة العسكرية ستتواصل لزمن طويل ولهذا كتبت بانه لا يوجد احتمال لتعديل التصنيف الى الأعلى في المستقبل القريب. نتنياهو لم يستطب هذا واعلن بان تخفيض التصنيف لا يرتبط بوضعنا الاقتصادي بل ينبع من الحرب وانه سيرتفع مرة أخرى عندما سننتصر. بمعنى ان التصنيف بزعمه لا يرتبط بالميزانية السيئة، بالعجز ولا بإدارته الشخصية الفاشلة.

الحرب هي المذنبة. ولما كان هو غير مسؤول حتى عنها، فانه ليس عمليا مسؤولا عن شيء. هو مجرد شخص يمر في الشارع علق في هذا الوضع. لن تجدي تلاعباته نفعا: هذا الإخفاق أيضا سيسجل على اسمه.

---------------------------------------------

 

“ابن الجنرال الإسرائيلي” الذي أصبح مناهضا للصهيونية ومناصرا لفلسطين يواجه مذيعين بريطانيين ويصفهما بـ”العنصريين”

 

 “القدس العربي”:

واجه ميكو بيليد، الكاتب والناشط الإسرائيلي ـ الأمريكي المدافع عن فلسطين والمناهض للصهيونية، مذيعي برنامج تلفزيوني بريطاني يوصف بـ”سيئ الصيت” مثل القناة التي تبثه “تولك تي في”، ووصفهما بـ”البهلوانين المنافقين والعنصريين وداعمي الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة” أمام استمرارهما في مقاطعته واستفزازه.

وخاطب بيليد مقدم البرنامج الرئيسي والذي يحمل اسمه “جيمس ويل مطلق العنان” “James Whale Unleashed”، الذي قام مؤخرا بطرد ضيفه في الأستوديو عندما بدأ بالحديث عن “الإبادة الجماعية” التي تقوم بها إسرائيل في غزة: “هل أحضرتني إلى هنا للحديث عن إدانة الفلسطينيين الشجعان!؟”. وأكد بيليد على وصف “حماس” بالمقاومة، ودافع عن حق الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم أمام الاحتلال الإسرائيلي ورفض وصف مقاومتهم بـ”الإرهاب”.

وأكد بيليد “لقد نظر العالم بعيدًا عندما قام النازيون بتجميع اليهود لذبحهم، والآن العالم يدعم إسرائيل وهي تقوم باعتقال الفلسطينيين، وتذبحهم، يا للعار!”.

وقد أثار مقطع مواجهة بيليد للمذيعين تفاعلا واسعا على مواقع التواصل، وقام كثير من المعلقين بتحية بيليد، الذي تمكن بحسبهم من “لجم جيمس ويل وآش غولد، ووضعهما في مكانهما”.

وعلى حساب قناة “تولك تيفي” (المملوكة لروبرت ميردوك)، توالت الانتقادات للمذيعين وانحيازهما والقناة وعدم مهنيتها وتكرار مثل هذا المشاهد في برامجها.

  وبيليد وهو مؤلف كتاب شهير بعنوان “نجل الجنرال”، روى فيه كيف تحول نجل جنرال إسرائيلي معروف حارب في جيش الاحتلال، وحفيد أحد قادة إعلان دولة الاحتلال، من داعم للصهيونية، وطامح لأن يكون ضمن القوات الخاصة لجيش الاحتلال، إلى ناقد للصهيونية ومدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني”.

وكان جيمس ويل قام، مؤخرا، وعلى الهواء مباشرة، بطرد ستيف هيدلي، الرئيس السابق لاتحاد عمال النقل والسكك الحديدية في بريطانيا، عندما بدأ بالحديث عن “الإبادة الجماعية” التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزة، وانتقاد الحكومة البريطانية التي لديها الأموال لصرفها على الحروب وعلى دعم أوكرانيا وإسرائيل.

وقد ثار المذيع ضد ضيفه مباشرة، وذهب لمهاجمته لأنه “يرتدي الكوفية الفلسطينية”. وسأل ويل ضيفه “إن كان فعلا يؤيد الفلسطينيين؟”، فأجاب هيدلي: “أدافع عن حق الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم. أعتقد أن الحكومة الإسرائيلية فاشية وإرهابية”.

وانضم المقدم الآخر في البرنامج آش غولد لويل (الذي أشار ويل إلى أنه يهودي) ضد الضيف، ليقول للأخير إن “إسرائيل دولة ديمقراطية”، فردّ هيدلي: “حتى هتلر انتُخب ديمقراطيا!”.

وفي القناة البريطانية نفسها التي تعرض فيها الطبيب والسياسي الفلسطيني الدكتور مصطفى البرغوثي لتعامل “غير مهني ووقح” وصراخ في وجهه من قبل مذيعة في القناة.

 

من هو ميكو بيليد؟

 

 وقد اشتهر بيليد بكتابه “ابن الجنرال”، الذي روى فيه مساره الذي بدأ بحلمه وهو صغير أن يصبح عضوا في الوحدات الخاصة الإسرائيلية المعروفة بقبعاتها الحمراء.

كان حلمه النهائي أن يصبح جنرالا مثل أبيه، الذي قاد سرية اشتهرت في حرب 1948 باحتلال مناطق في النقب، ثم ترقى ليصبح جنرالا في حرب 1967. وقد تحققت أمنية ميكو بدخول الجيش والالتحاق بالقوات الخاصة، ولكنه ترك الجيش بعدها.

وكان الحادث الفارق في وعي بيليد مقتل ابنة أخته (13 عاما) في عملية بالقدس خريف العام 1997، حيث تملكه شعور بعد العملية وألح عليه بفهم مقتل “سمدار” ابنة شقيقته والدافع الذي يجعل شابين فلسطينيين في مقتبل العمر يضحيان بنفسيهما.

وقال بيليد: “ولدت في القدس عام 1961 وأنحدر من عائلة صهيونية معروفة، والدي ربما كان أكثر الأشخاص شهرة بالعائلة، فقد كان جنرالا، وجدّي كان أحد الموقعين على تأسيس إسرائيل ونشأت وطنيا للغاية ومؤيدا كبيرا لبلدي ودولتي وبالطبع للصهيونية”.

وأشار إلى أنه تأثر كثيراً بأفكار والده في المراحل الأولى من حياته، وأنه خدم في الجيش الإسرائيلي لفترة، لكنه ندم لاحقاً وترك الخدمة.

ويروي “عندما كان والدي يرتدي الزي العسكري بعد حرب الأيام الستة (1967)، قال: انظروا، نحن لا نبحث عن فرصة الآن لأننا أقوياء، نحن هنا إلى الأبد ووجودنا لم يعد في خطر، يجب أن نسمح للفلسطينيين بأن تكون لهم دولتهم الصغيرة في جزء صغير من فلسطين”.

وأردف بيليد: “لكن لم يفكر أحد بهذه الطريقة، بمجرد انتهاء الحرب بدأوا في بناء مدن ضخمة بالقدس الشرقية والضفة الغربية، شطبوا أي خيار يمكن تطبيقه لإقامة دولة فلسطينية”.

وأفاد أنه لا يوجد مكان يسمى فلسطين في الفلسفة الأساسية للصهيونية، وقال: “وفقا للصهيونية، هذه أرض إسرائيلية وهذه الأرض ملك لجميع اليهود في العالم، وليس للفلسطينيين الذين يعيشون هنا”.

وأكد: “إذا كانت لديك أيديولوجية عنصرية، أي إذا كنت تؤمن بأن مجموعة ما لديها حقوق أكثر من مجموعة أخرى، فأنت بحاجة إلى استخدام العنف حينها. يجب أن يكون لديك نظام الفصل العنصري حتى يمكن تحقيق هذه الأيديولوجية. هذه هي دولة إسرائيل”.

وأشار إلى أن الحرب الإسرائيلية الفلسطينية بدأت قبل 75 عاما وليس اليوم، وقال: “الصهاينة كحركة ثم دولة إسرائيل التي انبثقت عن هذه الحركة، أعلنوا الحرب على الشعب الفلسطيني، لقد رأينا التطهير العرقي والإبادة الجماعية في هذه الحرب وشاهدنا نظام الفصل العنصري”.

ووصف بيليد إسرائيل بأنها “دولة إرهابية”، ولفت الانتباه إلى القمع الذي يعاني منه الفلسطينيون منذ سنوات قائلا: “يتعرض الفلسطينيون للإرهاب كل يوم”.

واستطرد: “عندما بدأت رحلتي أدركت أن البلد الذي اعتقدت أنه بلدي، كان في الواقع لناس آخرين، كنت أعيش في مستوطنة بواقع سطحي مصطنع لم يكن حقيقيا، لقد قامت إسرائيل على أساس فصل عنصري مبني على الأكاذيب”.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وصف الناشط الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، بأنها “عدوانية للغاية”.

 “الفلسطينيون الذين لا علاقة لهم بالحدث (هجوم حركة حماس على مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر) يدفعون ثمناً باهظاً. لقد تعرضت إسرائيل للإهانة وهي الآن تنتقم وتصب غضبها على الأبرياء والمدنيين الذين لا علاقة لهم بالهجوم”.

وأشار بيليد إلى أن وسائل الإعلام الغربية تتعمد إدانة حركة حماس في كل منشور يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

واستدرك: “من السخافة إدانة الأشخاص الذين تعرضوا للاضطهاد لفترة طويلة، المقاومة كانت متوقعة. إذا أردنا القضاء على المقاومة فيجب علينا القضاء على الاضطهاد. المقاومة دائما رد فعل على الاضطهاد، لقد عاش الفلسطينيون أكثر من 75 عاما من القمع. وكان ردهم على أعمال العنف غير مسلح في الغالب”.

وأوضح بيليد أن الجهود المبذولة لإدانة حركة حماس، لم تبذل من أجل لفت الانتباه إلى الضحايا المدنيين في غزة.

وتابع: “إذا كان هناك أي شيء يستحق الإدانة، فهو نظام الفصل العنصري والعنف والوحشية التي يتعرض لها الفلسطينيون كل يوم، واعتقال وقتل آلاف منهم بالضفة الغربية والعنصرية التي تمارسها إسرائيل ضدهم”.

وأشار إلى أنه من غير الواضح كيف سيتطور الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مضيفا: “الأمر الواضح بلا شك هو أنهم (الإسرائيليون) لن يتمكنوا من هزيمة الفلسطينيين، سمها حماس أو أي شيء آخر، لا يهم إلى أي حركة ينتمي الفلسطينيون، فهم لن يُهزموا”.

ووصف إسرائيل بأنها “تمثل كل ما هو سيئ، إن الدعوة لدعم إسرائيل ستؤدي إلى مزيد من الموت والدمار والعنصرية، وهذا يعني المزيد من إزهاق أرواح الأبرياء. هذه حرب ضد السلام والعدالة”.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق