07 آيار 2024 الساعة 03:43

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاحد 21/1/2024 العدد 914

2024-01-22 عدد القراءات : 55
 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

هآرتس 21/1/2024

 

 

نتنياهو والفهم الناقص لجدار جابوتنسكي الحديدي

 

 

بقلم: شاؤول اريئيلي

 

في الخطاب السياسي والجماهيري الذي يرافق الحرب في غزة، التي يقودها بنيامين نتنياهو ووزراء ومحللون، يسيطر الاستنتاج الذي يقول، إنه يجب على إسرائيل ترميم "السور الحديدي". هؤلاء الذين يؤمنون بهذا الاستنتاج قرؤوا وفهموا الجزء الأول في مقال زئيف جابوتنسكي "على السور الحديدي (نحن والعرب)"، الذي نشر في 1923 وشكل سياسة الاستيطان العبري وسياسة دولة إسرائيل تجاه النزاع الإسرائيلي – العربي مدة 100 سنة تقريبا. هذه السياسة نجحت وفتحت في نهاية المطاف نافذة فرص سياسية لتسوية النزاع مع كل العالم العربي. لكن نتنياهو أراد إغلاق نافذة الفرص السياسية بواسطة السياسة التي اتبعها في العقود الأخيرة تجاه "م.ت.ف" و"حماس" ومبادرة السلام للجامعة العربية. هذه سياسة مناقضة للجزء الثاني، الأكثر أهمية، في المقال، الذي تطرق فيه جابوتنسكي لإمكانية تسوية النزاع.

بعد تصريح بلفور في 1917 والمصادقة على صك الانتداب في 1922 سادت في البلاد مقاربات رئيسة بخصوص النزاع الذي أخذ يتفاقم بين الاستيطان العبري والحركة الصهيونية من جهة والعرب الفلسطينيين في فلسطين – ارض إسرائيل. كان هناك أشخاص مثل يهودا ماغنس (حلف السلام)، الذي قال في 1925، إنه يجب "شق طريق تفاهم بين اليهود والعرب حول شكل التعايش المشترك في البلاد، الذي يقوم على مساواة كاملة في الحقوق السياسية للقوميتين. لكن في الطرفين فقط قلائل دعموا هذه المقاربة. عرب البلاد أرادوا ضمان أن البلاد ستبقى عربية في طابعها، بسكانها وبسيادتها، في حين أن الحركة الصهيونية أرادت تطبيق، بمساعدة البريطانيين، الثورة الديمغرافية الشاملة المطلوبة لإقامة دولة ديمقراطية مع أكثرية يهودية في كل البلاد، كما قال المندوب السامي البريطاني الأول، هربرت صموئيل، عندما تولى منصبه في كانون الثاني 1920، "سياسة حكومة جلالتها، التي جئت إلى هنا من اجل تطبيقها، هي تشجيع اليهود على السيطرة على البلاد".

إن عدم الرغبة في التعايش المشترك من الناحية الوطنية وعدم إمكانية تطبيق ذلك اجبر الحركة الصهيونية على تبني مقاربة جابوتنسكي. في الجزء الأول في مقاله شرح جابوتنسكي وبرر موقف العرب، "لأنه لا يمكننا عرض على عرب البلاد وعلى كل العرب أي تعويض مقابل البلاد، لذلك يجب ألا تخطر بالبال إمكانية التوصل إلى موافقة طوعية من قبلهم. لهذا فإنه يجب على الاستيطان الصهيوني المواصلة خلافا لرغبة السكان الأصليين (عرب البلاد). بناء على ذلك يمكنه المواصلة والتطور فقط برعاية قوة دفاعية لا تعتمد على السكان المحليين، أي سورا حديديا لن يكون باستطاعة السكان المحليين اختراقه". أي أنه يجب بناء تفوق عسكري بحيث يضمن تجسيد حق الشعب اليهودي في دولة في وطنه، وهو الحق الذي تم الاعتراف به من قبل المجتمع الدولي.

رفض قرار التقسيم في 1947 من قبل عرب فلسطين والدول العربية وشن الحرب لإلغائه بالقوة، برهن على أنهم يرفضون حق الشعب اليهودي في إقامة دولة. المفتي أمين الحسيني تمسك بنظرية "كلها لي" واعلن ردا على القرار، "الأمة التي تسعى للعيش لا يمكنها الموافقة على تقسيم وطنها" (1947). انتصار إسرائيل في "حرب الاستقلال" كان بمثابة تعزيز آخر لسياسة السور الحديدي.

في آذار 1948، أثناء المرحلة الأولى في حرب الاستقلال وقبل الإعلان عن الدولة قال دافيد بن غوريون، إن "الإعلان عن إقامة الدولة اليهودية لم ينبع فعليا من قرار الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني، حتى لو كان لهذا القرار أهمية أخلاقية وسياسية كبيرة، بل نبع من إمكانية هزيمتنا بالقوة في البلاد، عن طريق قوتنا نحن - إذا اردنا تجنيدها بالكامل – ستقام الدولة الآن حتى". بعد انتهاء الحرب كتب ناحوم غولدمان، رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، "هذا كان علامة ومثالا على أفضلية العملية المباشرة مقارنة بأساليب المساومة الدبلوماسية: عدم الموافقة على تقديم أي تنازل والرد بقبضة حديدية على كل اعتداء وإزالة كل عقبة بحد السيف وتشكيل تاريخ إسرائيل عن طريق خلق الحقائق، كل ذلك كان كما يبدو حلا بسيطا ومقنعا وناجعا جدا ويرفع المعنويات، إلى درجة أن هذه المقاربة تحولت إلى موقف إسرائيل الأساسي في نزاعها مع العالم العربي".

مع ذلك، في الجزء الثاني في مقال "السور الحديدي" شرح جابوتنسكي أن التفوق العسكري ليس الهدف، بل هو الوسيلة فقط. الهدف هو التوصل إلى اتفاق سلام مع العرب يقوم على المصالحة. "الشعب الحي يوافق على مسائل مصيرية وكبيرة كهذه فقط عندما لا يبقى له أي أمل، عندما لا يظهر في السور الحديدي أي تصدع أو شرخ، فقط عندها تفقد الجماعات المتطرفة التي شعارها (لا حازمة) الجاذبية، والتأثير ينتقل إلى الجماعات المعتدلة... فقط عندها سيأتي هؤلاء المعتدلون إلينا وهم يحملون اقتراحات لتقديم تنازلات متبادلة. فقط حينها سيبدؤون التفاوض معنا باستقامة حول مسائل عملية مثل ضمانة ضد الطرد من البلاد أو حول المساواة في الحقوق أو حول كيان وطني مستقل".

عملية الاستيقاظ من الفكرة التي مكنت من الارتكاز فقط على التفوق العسكري بدأت في 1956. إنذار روسيا وضغط أميركا التي أجبرت بن غوريون على التنازل عن "مملكة داود الثالثة" بعد انتهاء حرب "كديش"، جعلته يفهم أهمية علاقات إسرائيل مع المجتمع الدولي. في مقابلة مع "هآرتس" في 1959 قال، "من يعتقد أنه يمكن، اليوم، أن يحل بالقوة العسكرية فقط قضايا تاريخية بين الشعوب فهو لا يعرف في أي عالم نحن نعيش". وحسب قوله، "علاقاتنا مع شعوب العالم لا تقل أهمية عن قوتنا العسكرية، التي يجب علينا مواصلة تطويرها من اجل ردع الهجمات ومن اجل الانتصار إذا اجبرنا على القتال".

لكن الانتصار العسكري اللامع في حرب الأيام الستة أدى إلى انعكاس في عملية الصحوة وعزز وزن التفوق العسكري في الوعي الإسرائيلي. النشوة التي رافقت الانتصار أدت إلى زيادة قوة حركات قومية - مسيحانية متطرفة، وتحولت إلى عائق أمام الوصول إلى الهدف السياسي المتمثل في اتفاق دائم. خلافا لسلفها في المنصب، ليفي أشكول، الذي اعتبر المناطق المحتلة وسيلة للتوصل إلى اتفاق سياسي، فإن رئيسة الحكومة غولدا مائير لم تر أي جدوى في إعادة المناطق، حيث قالت، إن "رسم الخرائط لا يقرب السلام".

لقد أعلنت أن توجه إسرائيل هو نحو السلام، لكنها لا تؤمن بخطط السلام التي تم اقتراحها في 1970 – 1971 التي وافق عليها الرئيس المصري أنور السادات، وهي كانت السنونو الأولى لاقتراحات تقديم تنازلات من الجانب العربي. غولدا مائير رفضت قبول أن نظرية "السور الحديدي" قد حققت هدفها، لذلك فقد رفضت تحويل الإنجاز الجغرافي إلى اتفاق سلام. فقط الثمن الذي لا يمكن تحمله في حرب يوم الغفران في 1973 وتصميم الرئيس الأميركي جيمي كارتر، حركا العملية السياسية التي أدت إلى سلسلة اتفاقات بين إسرائيل ومصر، التي أبعدت وتبعد الحرب بين الدولتين منذ خمسين سنة.

اتفاق السلام مع الأردن، الذي تنازل في 1988 عن كل طلباته في الضفة الغربية (التي فقدها في 1967)، كان من السهل نسبيا تحقيقه، لأنه لم يكن ينطوي على إعادة كبيرة للأراضي؛ الدولتان تستفيدان منه منذ ثلاثين سنة. في حين أنه مع سورية فوتت إسرائيل فرصة التوصل إلى اتفاق سلام في العام 2000 (في مؤتمر شبردزتاون)، كما وصف ذلك بتوسع رئيس الوفد الإسرائيلي للتفاوض مع سورية، الجنرال احتياط أوري ساغي في كتابه "اليد التي تجمدت".

"م.ت.ف"، الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، مرت بتغيير في مواقفها إلى أن أعلنت في 1988 عن الموافقة على قرارات الأمم المتحدة 181 و224 و338. بذلك اعترفت بالقرار الذي كان أساس إقامة "الدولة اليهودية" وبحدود أيار 1967 كأساس لاتفاقات السلام، رغم أنها تركت للفلسطينيين دولة على 22% من ارض فلسطين الانتدابية. أي المبدأ الرئيس لـ"م.ت.ف" الذي يتمثل بـ"الكفاح المسلح" تحطم على "السور الحديدي" الإسرائيلي بعد 71 سنة من تصريح بلفور.

لكن رئيس الحكومة في حينه اسحق شامير رفض رؤية ذلك عملية اعتدال، واعلن في 1989: "ذات يوم تحدثوا عن رمينا في البحر. الآن هم لا يقولون ذلك. فقد اصبحوا معتدلين أكثر. تقرير المصير للفلسطينيين والتعاطف يميل نحوهم. لكن إذا نظرنا وبحق إلى الواقع فإن (م.ت.ف) لم تتغير. العرب هم نفس العرب... والبحر هو نفس البحر. الهدف بقي نفس الهدف وهو القضاء على دولة إسرائيل".

أيضا إعلان "م.ت.ف" في أيلول 1993 عند التوقيع على اتفاقات أوسلو بأنها تعترف بحق إسرائيل في العيش بسلام وأمن، أنها "تعترف بقرارات مجلس الأمن رقم 242 و338، وتلتزم بحل الصراع بالطرق السلمية وبواسطة المفاوضات، ويدين الإرهاب ويعتبر التوقيع بداية لعهد التعايش بدون عنف وخطوات أخرى تعرض الاستقرار والسلام للخطر"، لم يغير أي شيء لدى من جاء بعد شامير في "الليكود"، بنيامين نتنياهو. فقد اعلن ردا على ذلك بأن "دولة (م.ت.ف) التي سيتم زرعها على بعد 15 كم من شواطئ تل أبيب ستشكل خطرا قاتلا فوريا على الدولة اليهودية... سياسة (م.ت.ف) هي نظرية المراحل، وهدفها هو القضاء على دولة إسرائيل وعدم التوصل إلى اتفاق معها. القرارات التي اتخذتها (م.ت.ف) في 1988 استهدفت فقط إرضاء الولايات المتحدة".

هذا الرد، مثل كثير من الردود في اليمين، برهن على أنه لا يهم ماذا سيكون موقف الفلسطينيين. دائما سيتم اعتبارهم رافضين للمصالحة، لأنه في روايتهم فلسطين كلها لهم. من المهم الإشارة إلى أن الفلسطينيين لم يخفوا في أي يوم هذه الرواية، وأيضا التغير الدراماتيكي في موقفهم، مع الاعتراف بقرارات الأمم المتحدة، لم يغيرها. في مقدمة الإعلان من العام 1988 اعلن المجلس الوطني الفلسطيني عن موافقته على تقسيم البلاد إلى دولتين "رغم الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب العربي الفلسطيني". هكذا أيضا كتب بعد اربع سنوات فيصل الحسيني الذي كان في حينه وزير شؤون القدس في السلطة الفلسطينية، "عندما رسمت (م.ت.ف) بالخطوط العامة برنامجها، كنا ندرك تماما أن هذا البرنامج لن يحقق العدالة الحقيقية والمطلقة لشعبنا، لأن العدالة النقية تعني... العودة إلى ارض فلسطين".

تنازل الفلسطينيين لا ينبع من رؤية العدل أو إلغاء الرواية الفلسطينية وتبني رواية إسرائيل، بل هو مطلوب إزاء التفوق العسكري لإسرائيل، "السور الحديدي"، والشرعية التي حصلت عليها إسرائيل في حدود 1967. وقد احسن وصف ذلك أسامة اليماني، وهو رجل قانون وكاتب مقالات في صحيفة "عكاظ" السعودية الرسمية، "نحن نحارب إسرائيل ونسعى إلى القضاء عليها، في الوقت الذي هي فيه في الحقيقة قائمة وكيان حقيقي وتوجد لها علاقات دولية وعلاقات صداقة مع معظم دول العالم. نحن نسعى إلى القضاء على دولة لها قوة وقدرة تمكنها من هزيمة كل من يهاجمها ويهدد وجودها"، (2/11/2018).

في المفاوضات التي أجرتها "م.ت.ف" بعد ذلك مع إسرائيل عادت وعرضت اقتراحات جميعها تتساوق تماما مع القرارات الدولية بحيث يعترف الطرفان بها كأساس للمفاوضات، وحتى في جزء منها ظهرت مرونة كبيرة. الاقتراح الذي ذهب بعيدا اكثر من الاقتراحات الأخرى كان لمحمود عباس (أبو مازن) في عملية أنابوليس في 2008 وبعدها. مبادئ الاقتراح هو تبادل أراض 3.8% من الأراضي، وأن يبقى تحت سيادة إسرائيل تقريبا 80% من الإسرائيليين الذين يعيشون خلف الخط الأخضر، وإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح ومحدودة التسلح، وعودة رمزية للاجئين الفلسطينيين (80 – 100 ألف لاجئ)؛ وضم لإسرائيل الأحياء اليهودية في شرقي القدس (باستثناء جبل أبو غنيم)؛ إبقاء سيادة إسرائيل على حائط المبكى (البراق) والحي اليهودي ونصف الحي الأرمني في البلدة القديمة؛ واعتراف الفلسطينيين بإنهاء النزاع.

توقف المحادثات بين محمود عباس وإيهود أولمرت، وإعادة انتخاب نتنياهو لرئاسة الحكومة في 2009، حول الاقتراحات لتقديم تنازلات متبادلة، التي قدمها الفلسطينيون، ومبادرة السلام العربية من العام 2002، إلى عديمة الأهمية بالنسبة لإسرائيل. نتنياهو عاد واعلن في آذار 2015: "لا ولن تقوم دولة فلسطينية... وبين النهر والبحر لن تقوم أي دولة أجنبية ذات سيادة. الوجود اليهودي والاستيطان اليهودي في كل (يهودا والسامرة) سيبقى وسيزدهر إلى الأبد". أي أن اقتراح الفلسطينيين ليس ذا صلة لأن نتنياهو لا ينوي تسوية النزاع طبقا للقرارات الدولية.

خلافا لـ"م.ت.ف" فإن "حماس"، في نضالها لقيادة الشعب الفلسطيني في ظل رؤية "كل فلسطين لي"، حاولت منذ الانتفاضة الأولى في 1987 عن طريق الإرهاب اختراق "السور الحديدي" الإسرائيلي. إفشال عملية أوسلو على يد "حماس" واليمين القومي المسيحاني المتطرف في إسرائيل، مع نتنياهو الذي تفاخر هو نفسه بذلك، أدى إلى الانسحاب أحادي الجانب من غزة في 2005، الذي صدع "السور الحديدي" وأعطى الدعم الكبير لنظرية المقاومة والإرهاب لـ"حماس"، التي سارعت إلى ترجمتها في الفوز في الانتخابات في 2006.

منذ عودة نتنياهو إلى رئاسة الحكومة فقد فعل كل ما في استطاعته لزيادة قوة "حماس" كي تقوم بإقصاء "م.ت.ف" وإبطال اقتراحاتها حول التسوية الدائمة لحل الصراع. بكلمات أخرى، نتنياهو تصرف ويتصرف الآن بشكل مخالف لفكرة "السور الحديدي" من خلال نقل النفوذ من الجماعات المعتدلة إلى جماعات مثل "حماس" التي شعارها "في أي حال من الأحوال لا"، وزيادة سحرها في أوساط الجمهور الفلسطيني للإثبات بأنه "لا يوجد شريك فلسطيني".

إزاء الكارثة في 7 تشرين الأول والحرب الدموية في أعقابها فقد تحققت النبوءة التي كتبتها حنه ارنديت في حرب الاستقلال، "حتى لو انتصر اليهود في الحرب فإنه في النهاية من شأنها في المستقبل أن تدمر الإنجازات المتميزة للصهيونية في فلسطين. الدولة التي ستتبلور هنا ستكون مختلفة عن الدولة التي حلم بها يهود العالم، الصهاينة وغير الصهاينة. اليهود "المنتصرون"، سيعيشون وهم محاطون بالسكان العرب المعادين تماما ومحاصرون داخل حدود مهددة دائما ويغرقون في الدفاع الذاتي المادي إلى درجة ستغطي على أي نشاطات ومصالح أخرى. نمو الثقافة اليهودية سيتوقف عن أن يكون مصلحة لكل الشعب اليهودي. التجربة الاجتماعية سيتم إهمالها لأنها ترف غير عملي. التفكير السياسي سيتقلص إلى درجة أن يصبح استراتيجية عسكرية. التطوير الاقتصادي سيجري فقط حسب احتياجات الحرب".

--------------------------------------------

 

 

 

 

معاريف 21/1/2024

 

 

صفقة مقابل وقف القتال؟ هزيمة خطيرة وغير مسبوقة

 

 

بقلم: حاييم رامون

 

 

وزير سابق من حزب العمل

 

في هذا المقال، أوجه نقدا شديدا لسلوك المستوى السياسي وهيئة الأركان في حرب السيوف الحديدية، وعليه فمن المهم الاستباق والإشارة إلى أن كل ما يقال لاحقا لا يأتي لأن يقلل بحد ذاته من بطولة المقاتلين والقادة في الميدان. كل ما تبقى لنا نحن المواطنين هو أن نؤدي التحية لشجاعة وتضحية المقاتلين وندمع على كل شهيد وجريح. بطولتهم سنتحدث عنها لأجيال كثيرة أخرى. لكن بعد أكثر من 100 يوم على القتال يجب النظر إلى الواقع في العينين - والواقع صعب.

في خان يونس، نحن لا نزال نوجد في المرحلة الثانية من المناورة البرية، حيث تقاتل قوات الجيش ضد «حماس» على الأرض وتحت الأرض. في رفح وفي محور فيلادلفيا لم نبدأ بعد المرحلة الأولى من المناورة البرية، و«حماس» لا تزال تتحكم هناك عسكريا ومدنيا. وحتى في شمال القطاع لا يتحكم الجيش الإسرائيلي بشكل كامل. مع إخراج جزء من القوات من هناك، بدأت رشقات الصواريخ نحو إسرائيل. في يومي الاثنين والثلاثاء، أطلقت من شمال القطاع عشرات الصواريخ نحو سديروت والجنوب.

واضح في هذه الظروف أن عشرات الآلاف الذين اخلوا من غلاف غزة، في سديروت، نتيفوت وبلدات أخرى لن يعودوا إلى بيوتهم كي يعيشوا في واقع 6 أكتوبر. اليوم، سوق جباليا تعج بالحياة، بينما الأسواق في سديروت ونتيفوت مقفرة. آلاف اللاجئين الغزيين الذين غادروا إلى الجنوب بدؤوا يعودون إلى شمال القطاع وبينهم نشطاء «حماس» كثيرون. وإسرائيل؟ تواصل السماح بإدخال قوافل الوقود والغذاء كـ«مساعدة إنسانية» إلى القطاع، بينما معروف أن قسما كبيرا من هذه المساعدة تصل إلى «حماس» وليس إلى السكان.

منذ تحرير المخطوفين قبل نحو شهرين، الضغط الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة لم يؤدِ حتى إلى تحرير مخطوف واحد إضافي. والآن، حين تقلص إسرائيل الضغط العسكري وتخرج قوات من القطاع، فإن دافع «حماس» لتحرير مزيد من المخطوفين سيقل فقط. القيادة العليا للجيش الإسرائيلي هجرت هدف السيطرة على كل قطاع غزة وإسقاط حكم «حماس»، وتقترح بدلا من هذا إقامة حزام امني، اجتياحات لوائية وحرب استنزاف. فضلا عن ذلك، فإن الجهود لتحقيق خطة لبناء جدار في محور فيلادلفيا، تفيد بأن هيئة الأركان، وزير الدفاع ورئيس الوزراء يعتزمون السماح لـ»حماس» مواصلة السيطرة في أجزاء من قطاع غزة حتى في المستقبل ويفضلون الاكتفاء بالانتشار لإحباط تهريب السلاح لمنظمة الإرهاب.

 

 

دون أي انتقاد في الاستديوهات

 

نحن ملزمون بأن نكون مستقيمين مع انفسنا. لو قالوا لنا في بداية الحرب، إنه بعد ثلاثة اشهر من القتال هكذا سيكون الواقع، ما كان لأي منا سيصدق أن هذا ما سيكون. عن هذا الواقع البشع لن تسمعوا شيئا على لسان معظم المراسلين العسكريين، المحللين في الاستديوهات والجنرالات في الاحتياط. كل هؤلاء لا يقولون كلمة نقد واحدة على هيئة الأركان ويهاجمون بغضب كل من يتجرأ على انتقاد القيادة العليا.

والآن تتعاظم الضغوط على القيادة السياسية لوقف القتال حتى قبل تحقيق الهدف المركزي للحرب – إسقاط حكم «حماس» من ناحية عسكرية ومدنية. غير قليل من السياسيين، واكثر من هذا من الجنرالات في الاحتياط يقترحون العمل على صفقة مخطوفين تتضمن وقف القتال ويؤيدون هجر الهدف الحيوي المتمثل بإسقاط «حماس». يشرحون لنا أن إسرائيل ستعالج «حماس» في وقت ما، في موعد غير معروف.

من المهم أن نفهم أن صفقة تحرير مخطوفين تتضمن وقفا للقتال وتحرير آلاف القتلة، معناها واحد ووحيد وهو هزيمة لم تتكبد إسرائيل مثيلا لها وانتصار هائل لـ»حماس»، لباقي منظمات الإرهاب ولكل الراغبين في إبادتنا. صفقة كهذه ستضع في خطر جسيم امن كل مواطني إسرائيل بل ومجرد وجود الدولة. الرسالة التي ستصدح في كل أرجاء الشرق الأوسط وفي العالم كله هو أن إسرائيل اضعف من أي وقت مضى وليس بوسعها أن تتغلب حتى على منظمة إرهاب متوسطة. أعداؤنا سيفهمون أن كل من يختطف مدنيين أو جنودا إسرائيليين يمكن أن ينزل الدولة كلها على ركبتيها وقدرة ردع إسرائيل ستختفي كما لم تكن.

سأوضح وأقول، إن ليس لي ذرة احتجاج على عائلات المخطوفين. لو كنت مكانهم لفعلت بالضبط ما يفعلونه بل وربما اكثر. جدالي هو مع أولئك الجنرالات في الاحتياط والسياسيين الذين يفهمون جيدا معنى التنازل عن هدف إسقاط حكم «حماس». لمن يفضل أن ينسى، ففي صفقة شاليت أيضا ايد الكثير جدا من الجنرالات في الاحتياط، قادة جهاز الأمن وكل السياسيين تقريبا.

غادي آيزنكوت كان محقا حين قال، انه «يجب أن نتوقف عن الكذب بأنفسنا» وان هذا «زمن حرج لاتخاذ قرارات شجاعة». وأنا أضيف، هكذا يجب التصرف في كل المواضيع التي على جدول الأعمال. ينبغي أن تقال للجمهور الحقيقة الحزينة. يحتمل انه لا يوجد «هذا وذاك». بمعنى قد لا ننجح في أن نحقق إسقاط «حماس» وتحرير المخطوفين على حد سواء. يحتمل أن هذا وضع «إما أو». بالطبع لا يجب وقف الجهود لإعادة المخطوفين إلى الديار، لكن من المحظور بأي حال التنازل عن التصفية التامة لحكم «حماس»، من ناحية عسكرية ومدنية. وحتى ذلك الحين، لا يجب وقف مرحلة «القتال الشديد» ولا حتى للحظة.

 

 

مليونا غزي علينا

 

الموضوع الثاني الذي يجب أن تقال فيه الحقيقة في شأنه للجمهور، هو أنه في اليوم التالي للحرب لا توجد إلا إمكانيتان اثنتان: الخيار الأول، الذي يقوله بتسلئيل سموتريتش بصوت عال، وبيبي نتنياهو يؤيده بصمت، هو أن إسرائيل ستعود لتحكم بحكم كامل للغاية على مليوني فلسطيني. بمعنى أنها ستهتم بكل احتياجاتهم، ستقيم في قطاع غزة حكما مدنيا سيكلف 20 – 30 مليار شيكل من أموال دافع الضرائب الإسرائيلي في كل سنة، ستبني مستوطنات في قلب ملايين الغزيين وستعلق بنفسها في عزلة سياسية في العالم كله، وبخاصة بين أصدقائها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة التي تعارض هذا الخيار معارضة تامة.

الخيار الثاني هو أن تعود السلطة الفلسطينية إلى الحكم بهذا الشكل أو ذاك، حكما مدنيا في قطاع غزة (إلى جانب حكمنا الأمني)، بالضبط مثلما تحكم حكما مدنيا على ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة وتهتم بكل احتياجاتهم وذلك تحت رقابة الدول العربية الغنية التي في هذه الإمكانية ستضخ مليارات الدولارات لإعمار القطاع. هذان هما الخيارات الواقعيان الوحيدان، وكل أضغاث الأحلام في أن يختفي الغزيون أو أن تأتي قوة متعددة الجنسيات لتحكم في القطاع، هي هذيان عديم الاحتمال.

في الماضي، تبنى آيزنكوت الخيار الثاني وادعى منذ 2019 بأنه «يجب العمل على إنهاء حكم (حماس) وان يدير القطاع جسم معتدل، وهذا يمكنه أن يكون السلطة الفلسطينية فقط». أما، اليوم، فليس واضحا ما هو موقف آيزنكوت وغانتس في الموضوع. مهما يكن من أمر، واجب هيئة الأركان أن توصي المستوى السياسي بما هو الخيار الصحيح من ناحية أمنية ولا أن تنتظر بصفر فعل إلى أن يتخذ المستوى السياسي القرار. بالطبع، القرار النهائي سيكون للمستوى السياسي.

إن المسؤولية عن الواقع البشع الذي اصفه في المقال تقع أولا وقبل كل شيء على «كابنيت» الحرب، رئيس الوزراء، وزير الدفاع ورئيس الأركان. «كابنيت» الحرب وهيئة الأركان ملزمان بإعادة البدء، الصحوة والتخطيط من جديد لكيفية تحقيق الهدف المركزي والاهم للحرب: إسقاط عسكري ومدني لـ»حماس». عليهم أن يفهموا أنهم ملزمون بالنصر في هذه الحرب وبتصفية حكم «حماس» من اجل مستقبل الدولة ومن اجل مستقبل أبنائنا.

--------------------------------------------

 

هآرتس21/1/2024

 

 

فخّ الإبادة الجماعية

 

 

بقلم: كارولينا ليندسمان

 

في مقاله "إذا لم تكن هذه إبادة جماعية فما هي إذاً؟" ("هآرتس"، 14/1)، أراد جدعون ليفي أن يحرف النقاش عن مسألة التعريف القانوني لما تفعله إسرائيل في غزة – هل هو إبادة جماعية أم لا؟ – إلى الأفعال نفسها. "أي اسم سنطلقه على القتل الجماعي؟ كيف يجب علينا تسمية وضع فيه الأطفال يحتضرون، والمسنون الجائعون يهربون للنجاة بأنفسهم؟ هل مهم لـ 2.3 مليون شخص أن نسمي ما يُفعل بهم إبادة جماعية أم لا؟ هل التعريف القانوني سيغير مصيرهم؟". ليفي يصرخ في وجه الإسرائيليين: "في إسرائيل سيتنفسون الصعداء إذا رفضت المحكمة هذه الدعوى. من ناحيتها إذا لم تكن هذه إبادة جماعية، فإن ضمائرنا سترتاح. وإذا قالوا في لاهاي: إن هذه ليست إبادة جماعية.. فمرة أخرى سنكون الأكثر أخلاقية في العالم".

هو محق في أن الغزيين المساكين لا يهمهم هذا. التعريف القانوني لن يغير مصيرهم الشخصي. لكنه يتجاهل دور جنوب إفريقيا والمحكمة في لاهاي في حرف النقاش الموضوعي حول ما يحدث في غزة، إلى النقاش المرضي الذي يتوق العالم إليه، بما في ذلك ليفي نفسه، لإجرائه حول مسألة إذا كان أحفاد ضحايا الكارثة أنفسهم هم السبب فيها. من يهمه القيام بنقاش جدي حول ما يحدث في غزة، بما في ذلك فحص قانونية جزء من النشاطات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل، فإنه لا يختار، بشكل استعراضي، اتهام إسرائيل بالجريمة الأكبر التي تم ارتكابها ضد اليهود ويتماهى معهم. عملياً، إذا كان وبحق "ضميرنا سيرتاح مرة أخرى" إذا قرروا في لاهاي أن هذه ليست إبادة جماعية، فإن جنوب إفريقيا والمحكمة يمكنهم اتهام أنفسهم قبل كل شيء آخر.

إن محاولة نسب خطة أو نية ارتكاب إبادة جماعية لإسرائيل دائماً ستتعارض مع نمط ذكرى الكارثة، وسينتج عنها أن "هذه ليست إبادة جماعية". إذا تمت إدانة إسرائيل بالإبادة الجماعية، فإن العالم يكون كاذباً لأن إسرائيل لم تخطط أي حل نهائي لإبادة العرق الفلسطيني. وهذا ما يوجد في رأسنا عندما نسمع "إبادة جماعية"، لا يهم ما يشرحه الأفارقة لنا. وإذا خرجت بريئة من الإبادة الجماعية، فهي ستحتفل بالبراءة وستستأنف الشعور بالحصرية على مربع ضحية الإبادة الجماعية في العالم الغربي.

التطلع إلى تبديل الأدوار، الذي يوجد في خلفية النقاشات في لاهاي، لن يساعد مهما حاولوا جعلنا نوافق على أن الكارثة ليست الشكل الوحيد للإبادة الجماعية، وأن "ماين كامف" (كتاب "كفاحي") أو الحل النهائي ليس الشكل الوحيد للتعبير عن النية. ففي حين أنه في حالة الكارثة العالم رأى في كتاب "كفاحي" توقاً نفسياً، فإن حالة "حماس" هذه عملية وعي. قادتها تعلموا من التجربة الصهيونية ومن الإسهام الذي كان للكارثة في إقامة دولة إسرائيل.

بالنسبة لـ"حماس"، فإن الاعتراف بالإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني يمكن أن يجعل الأمم المتحدة تعمل بالنموذج نفسه الذي عملت به في أعقاب الكارثة، والدفع قدماً في نهاية المطاف بإقامة الدولة الفلسطينية. لأن العالم دائماً يستيقظ للعمل بشكل متأخر جداً، فقط بعد تغذية ضميره على وجبة الصور النازفة للمعاناة الجماعية التي هو متعطش لها.

أي نقاش حقيقي لا يمكنه تجاهل أن "حماس" دفنت لإسرائيل فخ الإبادة الجماعية: لقد بنت لنفسها شبكة أنفاق تخدمها – هي وحدها – أيضاً كملجأ. وقد خططت لأن تُخرج إلى حيز التنفيذ هجوماً قاتلاً على صورة المذبحة، فقط في هذه المرة، للمرة الأولى في تاريخ المذابح، كان يوجد لليهود جيش، وكان يمكنهم أن يردوا على هذه الحرب. وعندما ردت إسرائيل بقوة "هذا لن يتكرر مرة أخرى"، فإن من كان ينتظرها هناك وتلقى معظم النيران لم تكن "حماس"، المحمية في الأنفاق، بل الشعب الذي تم تركه بشكل متعمد وهو مكشوف أمام "الإبادة الجماعية" التي ستأتي.

إذا عدنا إلى أسئلة ليفي – هل من المهم إذا أطلقنا على ما يتم ارتكابه بحقهم إبادة جماعية أم لا؟ هل التعريف القانوني سيغير مصيرهم؟ بالنسبة لـ"حماس" الإجابة عن هذه الأسئلة هي بالتأكيد نعم، هذا مهم إلى درجة أنه يجعلهم يخرجون عن أطوارهم، حرفياً، ويفعلون ذلك بشعبهم.

--------------------------------------------

 

هآرتس 21/1/2024

 

 

تجنيد الحريديين تحوّل إلى ضرورة

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

غيرت كارثة 7 أكتوبر دفعة واحدة الاتجاه في جملة منظومات فكرية أمنية: رفع كاسح لميزانية الدفاع بعد أربعة عقود من انكماش نصيبها إلى واحد في المئة من الناتج القومي، تمديد الخدمة الإلزامية بعد أن سبق أن قصرت إلى 32 شهرا وكان يفترض أن تقصر اكثر، وتجنيد مكثف لرجال احتياط لخدمة هي الأطول منذ حرب يوم الغفران. وحدات الاحتياط التي أنهت خدمة 90 – 100 يوم، بما في ذلك القتال في غزة، تسرحت في الأيام الأخيرة مع العلم بأنها ستستدعى مرة أخرى إلى خدمة طويلة في الأشهر القريبة القادمة.

منظومة فكرة واحدة فقط لم تتغير رغم المصيبة: تجنيد الحريديين للجيش. حتى في العهود الهادئة فإن انعدام المساواة في العبء هو موضوع مزعج لكن في حرب طويلة يفترض أن تتواصل على مدى السنة وربما اكثر منها، فإن الحديث يدور عن مس شديد جدا بمن يخدمون. وان كانوا يحظون بالتقدير والامتنان بل وبالمنح، لكن المال ليس الجواب على عدم المساواة. جنود الجيش الإسرائيلي في النظامي وفي الاحتياط جديرون بأكثر من هذا: تضامن حقيقي ومشاركة الحريديين في عبء الخدمة.

مئات آلاف رجال الاحتياط انقطعوا في الأشهر الأخيرة عن العائلة، عن المصلحة التجارية أو مكان العمل والتعليم، وتجندوا كي يدافعوا عن سكان إسرائيل. فهذه تضحية من كل جانب، وخطر حياة حقيقي أيضا؛ ثلثا المصابين في الحرب هم رجال احتياط.

الوضع الأمني في غزة، في الشمال وفي الضفة، والضرر الشديد بالأمن وبإحساس الأمن تستوجب توسيع الجيش ليس فقط بالذخيرة وبالتسلح بل وأيضا بالقوة البشرية. فإعادة الأمن ستتم من خلال تواجد اكبر للجنود في الحدود وفي نقاط الاحتكاك. ويفترض بهذا أن يكسر المنظومة الفكرية التي تقول، إن "الجيش يمكنه أن يتدبر أمره بدون الحريديين".

طريقه الوحيد لأن يتدبر أمره بدونهم هو تمديد الخدمة الإلزامية وتجنيد رجال الاحتياط فترات طويلة. والمعنى هو أن مئات آلاف الأشخاص المنتجين سيخدمون في الجيش، في الوقت الذي سيبقى فيه عشرات آلاف الشبان الحريديين في المدارس الدينية ولا يساهمون في الجهد الحربي أو في الجهد الاقتصادي. والأخطر من هذا، فإن حكومة نتنياهو الحالية تشجع بحوافز مختلفة، الحريديين لمواصلة نمط حياتهم وكأنه لم يحصل هنا شيء في 7 أكتوبر. بدلا من تحويل الأزمة إلى فرصة لتجنيد الحريديين، تعتزم الحكومة اثقال العبء على السكان الخادمين. هذا سبب آخر يجعل من الواجب أن تسقط، وبسرعة.

--------------------------------------------

هآرتس 21/1/2024

 

اليمين ساخراً “مسيح جديد”.. آيزنكوت: حكومة تكذب.. ولا أستبعد انسحاب غانتس قريباً

 

 

بقلم: ايريس ليعال

 

جلس غادي آيزنكوت أمام إيلانا ديان، ووجهه يمثل طبوغرافيا من الحزن، ثم تحدث. بدا للحبكة خطان، محادثتان مختلفتان، لكن آيزنكوت حولهما إلى قصة واحدة: فقدان ابنه الشاب غال مئير، والأفق السياسي الذي يرفض نتنياهو السير فيه لأسباب سياسية. لذا، اختارت ديان قطع الفيلم الذي وقف فيه آيزنكوت على قبر ابنه ووعده بصوت منكسر بألا يكون موته وموت أصدقائه عبثاً: “أعدك بأننا سنبذل كل ما في استطاعتنا لنكون جديرين بما ضحيت بنفسك من أجله”. قال في حينه والآن يفي بهذا الوعد.

أقوال آيزنكوت كانت الفعل، كان هدفها إبعاد المشاهدين عقلياً عن المكان الذي زجتهم فيه الحكومة ووسائل الإعلام كي يكون بالإمكان أحداث التغيير. الادعاء الأول الذي دحضه هو كذبة العملية العسكرية على اعتبار أنها الطريقة الوحيدة لتحرير المخطوفين. “من يعول على العمليات بصيغة “عنتيبة” فعليه التوقف. لن يحدث شيء من هذا”، قال ووجه أقواله للشخص الذي يعيش في ظل بطولة شقيقه ويشتاق إلى تكرار عملية الإنقاذ البطولية. ولكنه كان موجهاً أيضاً للمشاهدين الذين من بينهم أشخاص من الساحة السياسية والعسكرية والأمنية، وأضاف بحزم: “لا يمكن إعادة المخطوفين أحياء قريباً من دون صفقة، وكل من يبيع الخداع للجمهور فهو بائع خداع”.

تحدث آيزنكوت طوال المقابلة كشخص لا يخاف من فقدان شيء، لأنه فقد كل شيء وله هدف واحد، وهو الوفاء بوعده لابنه. تمسك بهذا الهدف حتى النهاية. فقد كشف عن العملية الخطيرة التي حاول الكابنت إخراجها إلى حيز التنفيذ، ونجح في وقفها. “لو هاجمنا لبنان لحققنا حلم السنوار الاستراتيجي”، قال؛ أي توريط إسرائيل في حرب شاملة. لم يحاول إخفاء عدم ثقته برئيس الحكومة نتنياهو، وانتقد علناً قرار وقف الصفقة والتنازل عن إعادة المخطوفين السبعة.

كان هذا احتفالاً بمشاركة المشاهدين. شبيهاً بغالنت وغانتس، دخل آيزنكوت إلى السياسة كجنرال سابق، وهذه موضة سياسية خيبت الآمال حتى الآن، لكنهم بقوا جنرالات مع رصيد من الكلمات التقنية ورؤية محدودة، في حين أن وعي آيزنكوت خلع الزي العسكري والأوسمة. فقدان ابنه جعله يتلمس كلمات جديدة. حزنه مكنه من أن يرى في إعادة المخطوفين قيمة تسبق ضرب العدو وحتى تصفية السنوار.

هل تقول قيادتنا الحقيقة للجمهور؟ سألت ديان. فرد ببساطة “لا”. حملت هذه المقابلة الكثير من طبقات المعاني. ولكن فوق كل شيء، استخدم آيزنكوت كلمات لكشف الحقيقة. الكذب كأسلوب عمل، لم يتسلل إلى السياسة بالصدفة، فقرر آيزنكوت القضاء عليه. في اليسار هناك من قللوا من أهمية المقابلة بذريعة أنها لم تأت بجديد، لكن هذا يعكس عدم فهم كبير؛ فالحقيقة قيلت وقالها رئيس أركان سابق وعضو في مجلس الحرب ووزير: لم يتم تحقيق أي انتصار كامل على حماس. الإنجازات العسكرية محدودة، ولكن الحرب لم تعد دائرة، لذا يجب التحدث عن المستقبل الآن.

وقلل رجال بلاط نتنياهو من أهمية اللحظة أيضاً، وقالوا: هاكم، مرة أخرى وُلد مسيح جديد للمعسكر الليبرالي. ما أقلقهم هو الخطوط التي رسمها آيزنكوت لتفكيك حكومة طوارئ: عندما تمتد الحرب لأسباب سياسية، وعندما تتلاشى الإنجازات العسكرية لعدم وجود قرار حول اليوم التالي، وعندما يعرف الجمهور بعدم بذل كل شيء لإطلاق سراح المخطوفين. وقد أوضح بدون شك أنه لم تعد حاجة للتوسل لغانتس من أجل الانسحاب من الحكومة. فقريباً سيفعل ذلك من أجل نفسه وأجلنا.

--------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هآرتس 21/1/2024

 

إلى متى سيأتمر غانتس وآيزنكوت لرئيس حكومة يعرّض إسرائيل لأخطار استراتيجية؟

 

 

بقلم: عاموس هرئيل

 

المؤتمر الصحافي الذي عقده نتنياهو جاء بصورة مستعجلة مساء الخميس، قبل لحظة من مقابلة مع الوزير غادي آيزنكوت في برنامج “عوفداه” في القناة 12. لم يكن حدثاً يقطر أمناً. تتراكم الآن في أوساط معظم المواطنين تخوفات من تصعيد في الشمال، وتضاف إلى عدم ثقة متزايد يثيره هذا الشخص الذي يجب عليه توجيه الحرب. أمس، نسبت عمليتا اغتيال لإسرائيل، في دمشق وقرب مدينة صور في لبنان.

ظهور نتنياهو الأخير ولد انطباعاً بائساً ومخيباً للآمال. ظهر رئيس الحكومة وكأنه في حملة انتخابية. التشويش والخوف اللذين بثهما ظهوره بعد هجوم حماس في النقب الغربي في 7 تشرين الأول، حلت محله غطرسة وروح هجومية، التي تم توجيهها بالأساس للمراسلين الذين تجرأوا على توجيه أسئلة صعبة جداً له أكثر مما فعل مراسلو القناة 14 (الذين كان من حسن حظهم توجيه السؤال الأول). ورفض نتنياهو بشكل حازم الاعتراف بأي خطأ أو تحمل المسؤولية، حتى لو جزئية، عن الإخفاقات التي مكنت من اندلاع الحرب.

فوق كل ذلك، كان ثمة إدراك يحوم ويفيد بأن عدم اتخاذ القرارات هو في الحقيقة سياسته الأساسية. وعندما لم يقم نتنياهو بمناوشة مباشرة مع وسائل الإعلام، وعد بحرب طويلة لمدة سنة على الأقل، ورفض مناقشة الوضع النهائي للمعركة ضد حماس في قطاع غزة، وتملص من تطرق مباشر لمحنة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة في وضع خطير على حياتهم، وتجاهل الوضع الذي يزداد تعقيداً في الضفة الغربية.

هذه الأقوال كانت مناقضة لأقوال رئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت في مقابلته مع أيلانا ديان، بعد ساعتين تقريباً. مأساة عائلة آيزنكوت الشخصية بعد قتل ابنها الجندي غال في جباليا في بداية كانون الأول، نتج عنها موضوع عام كبير في مقابلة أجراها الأب الثاكل. الصدق والاستقامة التي تحدث بها عن ألم العائلة أثارا تماهياً كبيراً، لكن كان يمكن معرفة الكثير أيضاً من الأجزاء الأقل شخصية في البرنامج؛ فقد اعترف آيزنكوت بأن قيادة إسرائيل لا تقول الحقيقة للجمهور عن الحرب، ورفض القول بأنه يثق بنتنياهو بشكل شخصي.

هو يثق بمنظومة اتخاذ القرارات في مجلس الحرب. ودعا بضرورة الإسراع في صفقة تبادل حتى بثمن باهظ، واقترح إجراء انتخابات جديدة خلال بضعة أشهر.

الظروف الأمنية والسياسية المعقدة تؤثر أيضاً على اتخاذ قرارات مجلس الحرب. فنتنياهو ووزير الدفاع في الحقيقة يعرضان الخط الأكثر تشدداً بخصوص استمرار الحرب والتفاوض على صفقة تبادل للمخطوفين، لكنهما متخاصمان بشكل شخصي، وتقريباً لا يتكلم أحدهما مع الآخر. حتى إن غالنت عبر بشكل صريح في الأسابيع الأخيرة عن دعمه لبلورة خطة “اليوم التالي”، التي يقوم نتنياهو بتأجيلها لخوفه من شركائه في اليمين المتطرف.

غالنت وآيزنكوت غير متفاهمين، لكن علاقة وزير الدفاع مع رئيس المعسكر الرسمي، الوزير بني غانتس، جيدة. ولدى هؤلاء الجنرالات الثلاثة المتقاعدين شكوك عميقة بنوايا رئيس الحكومة، وغير راضين عن طريقته في إدارة السياسة. أمن الدولة هو الذي يقف نصب عين غالنت. والسؤال هو: هل سيترجم ذلك إلى خطوات سياسية تجاه نتنياهو، أو سيتم العثور على أشخاص آخرين لديهم الشجاعة في أوساط الوزراء وأعضاء الكنيست من الليكود؟ في هذه الأثناء، يبدو أن رئيس الحكومة هو الأكثر تصميماً وحساباً من بين جميع منافسيه في كل ما يتعلق بالنضال السياسي.

 

الوقت ينفد

 

بعد توقف لمدة شهر، استأنف الرئيس الأمريكي جو بايدن، أول أمس، الاتصالات الهاتفية مع نتنياهو. توقف بايدن عن المحادثات المتواترة بعد أن غضب من رفض نتنياهو المصادقة على اتفاق لإعادة أموال الضرائب المجمدة للسلطة الفلسطينية. يوم الخميس الماضي، نشر أن الكابنت السياسي ناقش اقتراح تسوية متعرجاً لنقل الأموال للسلطة من خلال النرويج، وفي اليوم التالي جرت المحادثة. وقال مكتب رئيس الحكومة إن المحادثة كانت جيدة. وسربت الحكومة لوسائل الإعلام الأمريكية بأن بايدن ضغط على نتنياهو كي يوافق على إقامة دولة فلسطينية بعد انتهاء الحرب، وأن نتنياهو لم يرفض الفكرة – وهذا مخالف بشكل واضح للخط العلني الذي يعبر عنه في ساحته المحلية، حيث يعرض نفسه وكأنه الوحيد الذي يمكنه منع إقامتها. ونشر مكتب رئيس الحكومة بشكل استثنائي بياناً السبت، ادعى فيه أن نتنياهو يصمم على معارضة أي سيادة فلسطينية في القطاع.

مقابل حل الدولتين، لا يمكن الاستخفاف بالمسألة الملحة، وهي إنقاذ الـ 136 مخطوفاً المحتجزين لدى حماس، الذين أعلن الجيش الإسرائيلي عن موت أكثر من 25 منهم. أمس، تم التعبير عن الخوف على سلامة المخطوف اوهيد يهلومي، بعد الفيلم الذي نشره تنظيم فلسطيني في القطاع. في الأسبوع الماضي، أُعلن عن موت مخطوفين هما يوسي شرعابي وايتي سيفرسكي. شقيقة سيفرسكي، ميراف، طرحت نقطة مهمة، وهي أن عائلته تعرف أنه قتل على يد خاطفيه بعد هجوم لإسرائيل في المنطقة. وقال الجيش إنه لم يعرف أن سيفرسكي كان محتجزاً قرب المكان الذي هاجمه. وقالت الشقيقة إنهم يعرفون عدداً من الحالات المشابهة، هكذا يتبين بأن حماس توجه حراس المخطوفين قتلهم في حالة وجود خوف من عملية لإنقاذ الرهائن.

أما معظم عائلات المخطوفين فترى أن جهود الجيش الإسرائيلي لم تثمر في تحرير أي مخطوف على قيد الحياة، باستثناء الجندية اوري مغيدش في نهاية تشرين الأول، بل إن عمليات جريئة وحتى هجمات غير مركزة أدت إلى تعريض حياتهم للخطر أو قتلهم. مساء أول أمس، أقامت عدة عائلات خيمة احتجاج أمام منزل نتنياهو في قيساريا. ومن المرجح أن نشاهد في الأيام القريبة القادمة المزيد من خطوات الاحتجاج الأشد كلما زاد الشعور بنفاد الوقت. في المقابل، يبدو أن اقتراحات مصر وقطر لعقد صفقة جديدة، تتقدم ببطء رغم التفاؤل الذي تحرص الادارة الأمريكية على بثه.

في الشمال، كانت هناك عمليتا اغتيال في غضون ساعة. في البداية، نُشر عن هجوم جوي لإسرائيل في دمشق، حيث أصيب مبنى يستخدمه حرس الثورة الإيراني، وقتل فيه خمسة من أعضاء حرس الثورة، منهم رئيس وحدة المخابرات في “قوة القدس” ونائبه. وقرب مدينة صور في لبنان نُشر بأن مسيرة إسرائيلية هاجمت سيارة وقتلت فلسطينيين، أحدهما ضابط الاتصال بين “قوة القدس” وأعضاء حماس في لبنان.

إذا كان هذا النشر صحيحاً، وكما حال الهجوم الذي قتل فيه الجنرال الإيراني رضي موسوي، حينئذ يتضح أن إسرائيل تريد استغلال الحرب للمس بالقادة الذين يقودون جهود إيران الواسعة لتسليح “حزب الله”، وهي جهود ازدادت منذ تشرين الأول الماضي. ونُشر في سوريا أيضاً عن عشرات الهجمات الجوية لإسرائيل في الأشهر الثلاثة والنصف الأخيرة. وعملية الاغتيال التي حدثت قرب مدينة صور هي انحراف عن الحدود الجغرافية للقتال، لكن ليس ضد “حزب الله” بل ضد حماس التي تعتبر شريكة صغيرة في المعركة في لبنان. وقد سبقت هذا الهجوم تصفية صالح العاروري الشخصية الرفيعة في حماس، في بداية الشهر الحالي، التي تنسب أيضاً لإسرائيل.

نشرت “واشنطن بوست” أول أمس، بأن إسرائيل منحت الأمريكيين بضعة أسابيع أخرى للمفاوضات في محاولة لحل الأزمة على الحدود مع لبنان بطرق سلمية، من أجل إبعاد رجال “حزب الله” عن الحدود. من المرجح أن الفترة الزمنية الحقيقية هي أطول مما تم نشره. مصادر أمريكية ولبنانية قالت للصحيفة إن المبعوث الأمريكي في المنطقة، عاموس هوكشتاين، عرض على الطرفين اقتراحاً لإبعاد “حزب الله” بضعة كيلومترات إلى الشمال، وإعطاء دور فعال أكثر للجيش اللبناني في جنوب الدولة.

الحرب في كل الساحات تغير صورتها الآن: الجيش الإسرائيلي قلص قواته بشكل بارز في القطاع، وباستثناء وجود كبير في خان يونس، فإن الجيش يركز عمليات محدودة ضد حماس في المناطق الأخرى. أما صفقة المخطوفين فأصبحت أكثر إلحاحاً بسبب الوضع الصعب لكثيرين منهم. في الشمال، يتطور تحد استراتيجي أكبر إزاء التصعيد والصعوبة في إعادة سكان بلدات الشمال القريبة من الحدود إلى بيوتهم. تقترب إسرائيل كما يبدو من اتخاذ قرار، حتى لو لم يظهر رئيس الحكومة أي علامات تشير إلى ذلك، وهو أكثر انشغالاً بإعطاء وعود عن انتصار مطلق سيتحقق في وقت ما في المستقبل البعيد. في ظل غياب قرار استراتيجي، تنتقل الكرة للساحة السياسية بشكل كبير، وتعتمد على قرار شركائه في مجلس الحرب، الوزيرين غانتس وآيزنكوت.

---------------------------------------------

يديعوت أحرونوت 21/1/2024

 

بايدن لنتنياهو: ستتحمل فشلاً استراتيجياً هو الأفظع في تاريخ إسرائيل

 

 

بقلم: عاموس جلعاد

 

ينفذ الجيش الإسرائيلي أعمالاً مبهرة لحماية الدولة، ويسجل إنجازات، ولكن مثلما رأينا في منشورات عن مكالمة نتنياهو وبايدن، فمن شأن سياسة رئيس الوزراء أن تورط إسرائيل في فشل ذريع يضاف إلى سلسلة الإخفاقات الاستراتيجية حيال الوحش الإيراني.

لقد أجاد رئيس الوزراء في تشخيص التهديد الإيراني حتى قبل ربع قرن، وخط على علمه تصفيته – لكن استراتيجيته فشلت تجاه الجمهورية الإسلامية ومحور الشر الذي بنته. مثلاً، أصر على عدم امتلاك إيران سلاحاً نووياً، لكنها اليوم دولة حافة نووية عسكرية وفقاً للتقديرات المختلفة من اللحظة التي تقرر فيها إنتاج قنبلة نووية ستحتاج بين ستة أشهر وسنة ونصف لتفعل هذا. يدور الحديث عن فشل تاريخي ذي آثار خطيرة على مستقبل الدولة. وحسب عقيدة قاسم سليماني – الذي صفاه الأمريكيون – تستغل إيران دولاً مرعية وتثبت كيانات إرهابية هدفها إسرائيل. هكذا نما “حزب الله ستان” و”حوثيستان” على حساب لبنان واليمن. وثمة مسيرة مشابهة تجري الآن في سوريا والعراق. “حماستان” المسؤولة عن 7 أكتوبر، وإن كانت جزءاً مهماً في محور الشر، لكنها حلقة ضعيفة نسبياً، وعلى إسرائيل أن تستعد لمعركة أصعب بكثير حيال “حزب الله ستان”.

يمكن التقدير بأن إسرائيل بنت قوة عسكرية مناسبة لهذا الهدف، لكن هذا لا يكفي، فالمطلوب حكمة سياسية، كجزء من العظمة الاستراتيجية. ماذا يعني هذا؟ نتنياهو يتصدر سياسة امتناع عن استراتيجية خروج. لاضطرارات سياسية داخل الحكومة. مراكز قوة مثل سموتريتش وبن غفير، تبلور استراتيجية بديلة وهدامة خلاصتها ضم “يهودا والسامرة” بل حتى غزة. احتلال كهذا سيؤدي إلى عزل إسرائيل في العالم وتحمل عبء اقتصادي وأمني لا يطاق.

بغياب سياسة خروج خاصة بنا، تعرض الولايات المتحدة استراتيجية خاصة بها يمكن البحث فيها. حسب استراتيجية الخروج الأمريكية، فإن السلطة الفلسطينية المحسنة تتلقى ما يشبه الحيازة في غزة، وإسرائيل قد تكسب من ذلك. بداية، نحظى بتأييد مكثف من الولايات المتحدة التي ستمنح الجيش الإسرائيلي حرية عمل متعددة الأبعاد ضد وحش الإرهاب الحماستاني. ثانياً، يقام محور استراتيجي سوي العقل ومستقر على أساس الدول العربية الكبرى – مصر، السعودية، الإمارات، المغرب وما شابه – بقيادة الولايات المتحدة، يضم انخراطنا في الحلف العسكري الإقليمي بقيادة الأمريكيين. هذا وضع مهم خصوصاً عندما نتذكر بأن إيران هي قلب التهديد المستقبلي المحدق بإسرائيل.

عملياً، أكد بايدن رسائله لنتنياهو في نهاية الأسبوع: عليه أن يختار بين أن يكون مسؤولاً عن مصيبة وطنية متفاقمة، وبين زعامة تشرتشلية لخلق قوة سياسية واقتصادية متداخلة. وحسب بايدن، مثلما يمكن القول إنه “إذا لم يغير نتنياهو طريقه، فسيسجل أنه مسؤول عن الفشل الاستراتيجي الأكبر في تاريخ إسرائيل، وهكذا أيضاً قد يسجله التاريخ زعيماً محبوباً أوصلنا إلى شاطئ الأمان.

الوضع في “يهودا والسامرة” جزء من هذه القصة. من جهة، الجيش، و”الشاباك”، و”أمان”، والشرطة، ينجحون في إحباط عمليات، ومن جهة أخرى نعمل بسخافة حين نضعف السلطة ونتسبب بتقليص مقدرات ورواتب رجال الأمن تحت شعار يقول إنهم سيئون مثل حماس. من حيث الوقائع، هذا ليس صحيحاً. وإذا كان يراد استبدال السلطة، فيجب الحرص على البديل – ولا يوجد بديل كهذا. السيطرة المباشرة على الأرض مع 5 ملايين فلسطيني في “يهودا والسامرة” وغزة ستكون عبئاً استراتيجياً يضعفنا قبيل التصدي لإيران و”حزب الله”.

وإذا لم يعد المخطوفون والمخطوفات أحياء من لظى حماس، فسيذكر الأمر أبداً كترك مواطنينا لمصيرهم مرتين: مرة عندما اختطفوا من بيوتهم، ومرة أخرى عندما لم يعودوا. فهل يوجد تضارب بين حملة عسكرية، وإعادة المخطوفين، كما يدعون الآن، بما في ذلك بعض كبار المسؤولين السابقين في الجيش في أحادث مع وسائل الإعلام الأجنبية؟ لا، بكل الأحوال – والدليل أننا نجحنا في إعادة قسم معتبر من المخطوفين، ويمكن أيضاً الاستمرار. لكن رئيس الوزراء ملزم بإعادتهم كهدف استراتيجي أعلى. يجب أن تطرح مسألة الثمن في المكان المناسب لذلك، من خلف الأبواب المغلقة.

---------------------------------------------

هآرتس 21/1/2024

 

يقتل الأبرياء وينكل بالسائقين في الضفة وينسحب من غزة: ما هذا الجيش؟

 

 

بقلم: جدعون ليفي

 

الإسرائيليون يحبون جيشهم، بدون قيود وشروط، حب أعمى. اليسار الصهيوني يحب الجيش الإسرائيلي أكثر من اليمين. وكان يمكن توقع موجة غامرة من المقت والغضب والرغبة في معاقبة الجيش الذي تخلى عنا في 7 تشرين الأول. حياة عشرات آلاف الإسرائيليين والفلسطينيين كان سيتم إنقاذ آلاف الفلسطينيين لو كان هناك جيش في 7 تشرين الأول. وعندها لما وجد قتلى ومخطوفون أو حرب.

كان يمكن أيضاً توقع أن اليمين، الذي يخدم الجيش أهدافه أكثر مما يخدم أهداف اليسار – احتلال وتدمير الشعب الفلسطيني – سيحب الجيش أكثر من اليسار. لكن هذا لا يحدث. اليسار مع الجيش دائماً، واليمين أيضاً ولكن بدرجة أقل. لم يتغير شيء إزاء نظرة التقديس بعد 7 تشرين الأول.

هذه أيام حرب، ويسهل فيها فهم حب الشعب لجنوده. هذا هو زمن الطرود للجنود والتسهيلات وقصص البطولة والحداد. لا شيء أكثر إنسانية من ذلك. الآن، في الوقت نفسه، يمكن التساؤل كيف بعد الهزيمة الشديدة في 7 تشرين الأول، بقيت الثقة والتقدير، ولا نقول عبادة الجيش، على حالهما بعد أن تحمل قادته المسؤولية، والإعجاب الذي كان عشية الحرب استمر وكأن شيئاً لم يحدث.

واضح أن المستوى السياسي، برئاسة نتنياهو، هو المتهم الأساسي، لكن الجيش هو الذي انكشف بكامل عورته، مع ذلك، لم يلتصق به عار 7 تشرين الأول. بعد كل الميزانيات الضخمة والموارد التي يحصل عليها والتقدير والأهمية، لم تكن هناك أي معلومات استخبارية قبل 7 تشرين الأول، ولم يكن هناك جيش في يوم المذبحة. الجيش الإسرائيلي تبخر وتلاشى واختفى، وإسرائيل غفرت. قادة الجيش والقادة السابقون هم أبطال الساعة.

لماذا نحن متسامحون معه بهذا القدر؟ تاريخ إسرائيل مرصوف بالعسكرة. بعد حرب يوم الغفران، انتهى عهد عبادة الشخصية لقادة الجيش، لكن لم ينته حب الجيش. إذ يتم عرضه كجيش الشعب، لكنه لم يكن كذلك يوماً ما. الجيش الإسرائيلي جيش نصف الشعب في أفضل الحالات. وبعد خصم العرب والحريديم والمرضى ورافضي الخدمة والمتهربين من الخدمة، يمكن تسميته جيش الشعب.

هو يمثل عدداً من المرضى المزمنين في إسرائيل، وهو أيضاً المسؤول عنهم. مع ذلك، يسجدون له. وإذا كان لإسرائيل اسم سيئ، وهو لها، فذلك بسبب الجيش. وإذا أصبحت إسرائيل دولة منبوذة فهذا بسببه بدرجة كبيرة. هو يشهر بها كما يفعل الآن بواسطة القتل والتدمير بدون التمييز الذي يزرعه في غزة، ثم نغفر. وكجيش يتمثل جوهره الأساسي بالاحتلال، فإنه يعرض الجانب المظلم لإسرائيل؛ فهو يتنمر ويهين ويقتل بشكل عشوائي. لم يعد لدينا ما هو أكثر قيمية من جيش الدفاع الإسرائيلي.

حتى الإخفاقات الصارخة لم تحطم صورته. وسائل الإعلام تتمرغ تحت أقدامه، مثلما لا تستخذي أمام أي جهة أخرى. لا توجد مجموعة مراسلين بعيدة جداً عن أي قيمة لوسائل الإعلام مثل مجموعة المراسلين العسكريين. لا توجد وسائل إعلام مستخذية جداً مثل التي يظهرها معظمهم. كل جندي بطل، كل قائد مثير للإعجاب. في أيام الحرب، يتم تضخيم هذه الصفات بشكل طبيعي، الجيش يحارب للدفاع عنا، وجنوده يضحون بحياتهم بشجاعة من أجل حماية الدولة. ولكن الجيش أحياناً يعرض الأمن للخطر أيضاً، كما يفعل الآن في الضفة الغربية؛ حيث يشعل الانتفاضة القادمة. وأعضاء جهاز الصحة الذين يحافظون على سلامتنا بإخلاص لانهائي (في الواقع دون تعريض حياتهم للخطر) لا يتم تقديرهم كما يجب.

لقد حان الوقت كي نسأل ما هذا الجيش الذي نحبه كثيراً؟ الجنود الذين رأيتهم في الأسبوع الماضي وهم ينكلون بالسائقين على الحواجز؟ الوحدات التي اختفت في 7 تشرين الأول؟ هذا هو الوقت الذي يجب علينا التعامل فيه مع الجيش كتنظيم ورط إسرائيل في الحرب الأكثر فظاعة في تاريخها، ويجب ألا ننسى له ذلك.

---------------------------------------------

إسرائيل اليوم 21/1/2024

 

إسرائيل لواشنطن: سنتعامل مع الفلسطينيين كما تعاملنا مع “النووي العراقي”

 

 

بقلم: أيال زيسر

 

لقد كانت الولايات المتحدة أول من وقف إلى جانبنا ومنح إسرائيل عناقاً حاراً بعد هجمة حماس الإجرامية في 7 أكتوبر. ومنذئذ والأمريكيون يقدمون المساعدة الاقتصادية والعسكرية، والأهم مظلة سياسية في الساحة الدولية أيضاً، وهي ساحة متهكمة بل ومعادية لإسرائيل.

الدعم والإسناد الأمريكيان كانا ولا يزالان من المداميك الأساس لمبنى العظمة والأمن الإسرائيلي، ويساهمان في حصانتنا وقدرتنا على ردع أعدائنا. فبدون التهديدات الصريحة من الرئيس بايدن، كان يمكن لحسن نصر الله وأسياده الإيرانيين أن يغريهم توسيع الحدود ومدى المواجهة التي يديرونها ضدنا.

غير أن الوجه الآخر من العملة، وفي واقع الأمر العناق الأمريكي إياه، هو أن فيه منح دفء وإحساساً بالأمان، بل وأيضاً ما يقيد ويضيق على خطانا، إذ إن الأمريكيين يعانقوننا بقوة لدرجة لا يمكننا أن نتحرر من عناقهم.

لا يمكن اتهام القيادة الإسرائيلية بأنها ألقت بنفسها في أذرع الأمريكيين في لحظة الضائقة وفقدان الصواب. لكن من المهم أن نتذكر بأن إسرائيل حرصت دوماً على أن تبين لهؤلاء الحلفاء خصوصية وفضلاً بأنها لا تحتاج لجنود أمريكيين يحموننا من أعدائنا، بخلاف حلفاء آخرين لواشنطن في أرجاء العالم، وكل ما تحتاج واشنطن عمله هو الحفاظ على التفوق العسكري لإسرائيل. والآن، أرسل الأمريكيون حاملات طائرات إلى منطقتنا كي يحمونا، وربما ليقاتلوا في حربنا.

لا غرو أن الأمريكيين يعملون على تقييد حرية المناورة والعمل لإسرائيل، ويسعون لنقل الجيش الإسرائيلي إلى القتال بقوى متدنية في القطاع، يمتنع عن الاحتفاظ به بل ويطالبون بإدخال المساعدة لسكان القطاع التي تسمح لحماس بمواصلة حكمها. في المستقبل، يسعى الأمريكيون لنقل القطاع إلى حكم السلطة الفلسطينية، وربما سيسلمون باستمرار حكم حماس فيه.

ما ينبغي أن يقلقنا ليس وجود الخلافات وحتى عدم التوافقات بين الأصدقاء، بل رؤية أمريكية بعيدة المدى تنظر إلى المنطقة ومشاكلها بعيون غربية، وكأن المجتمع الفلسطيني، وفي واقع الأمر عموم المجتمعات العربية، هي مجتمعات غربية قيمها قيم غربية. والأهم أن المنطق الذي يوجهها ويوجه زعماءها هو منطق غربي. لهذا السبب، ضغط الأمريكيون على إسرائيل بالموافقة على أن تنافس حماس في انتخابات السلطة الفلسطينية في العام 2006، على أمل أن يؤدي الأمر إلى اعتدالها، بل وطالبوا إسرائيل ألا تمس بالبنى التحتية اللبنانية في حرب لبنان الثانية، وهكذا حرمونا النصر الذي كان سيمنع تحول “حزب الله” ليصبح تهديداً كبيراً على إسرائيل. ولهذا فقد دعموا ثورات الربيع العربي بحماسة، ولعلهم يلقون بحماستهم الآن على السلطة الفلسطينية وعلى حكومة لبنان كمن سيلجمون حماس و”حزب الله”.

إسرائيل دفعت الثمن، وستدفع مثلما سيدفعه حلفاء آخرون لواشنطن في المنطقة. نأمل بأن يعي الأمريكيون أن للحرب ضد حماس مضاعفات عالمية هذه المرة ستؤثر على مكانة واشنطن في أجزاء أخرى من العالم. ففشل إسرائيل في تحقيق أهداف الحرب سيعد في نظر العالم فشلاً أمريكياً وسيمنح ريح إسناد لكل أولئك الذين يريدون تحدي الولايات المتحدة وتهديد حلفائها في أرجاء العالم، ابتداء بالصين وكوريا الشمالية وانتهاء بروسيا.

إن الصداقة مع الولايات المتحدة ذخر علينا المحافظة عليه، لكن الأمريكيين سيقدروننا أكثر إذا ما وقفنا عند رأينا، وسيشكروننا في نهاية المطاف حين يتبين لهم أن الإصرار الإسرائيلي سيخدمهم. هذا ما حصل عندما قصفنا المفاعل الذري في العراق في حزيران 1981. شجب الأمريكيون الهجوم بحدة، ولكن بعد عقد من ذلك، حين خرجوا لمقاتلة صدام حسين بعد أن اجتاح الكويت، اعترفوا بخطئهم.

---------------------------------------------

هآرتس 21/1/2024

 

للأمريكيين: لا تصدقوا “الكذاب ابن الكذاب” حتى لو قال “نعم لدولة فلسطينية”

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس الأمريكي جو بايدن الجمعة – لأول مرة منذ نحو شهر – مع رئيس الوزراء نتنياهو كانت واجبة ومهمة. في حديثه، ضغط بايدن على نتنياهو للموافقة على إقامة دولة فلسطينية خالية من السلاح ولا تهدد أمن إسرائيل. “أعتقد أننا سننجح في تحقيق شيء ما”، قال الرئيس بعد الحديث، في لقاء مع مراسلين في البيت الأبيض. “توجد عدة أنواع من حل الدولتين، وهناك دول أعضاء في الأمم المتحدة لا جيش لها، أعتقد بوجود سبل نعمل فيها”.

ليست هذه أقوالاً في الهواء، بل خطوات لتنفيذ خطة محددة. وحسب الـ “نيويورك تايمز”، يتحدث الأمريكيون عن خطط من مرحلتين لإنهاء الحرب، تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية وإلى اتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية. فقد سبق لوزير الخارجية السعودي أن أعلن عن استعداد بلاده للتطبيع بشرط إقامة دولة فلسطينية، كي يوضح لإسرائيل بأن العرض جدي. خيراً فعل الرئيس بايدن إذ أعاد حل الدولتين إلى جدول الأعمال الدبلوماسي. هذا الحل كان ولا يزال الوحيد الممكن للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، رغم رفض إسرائيل في السنوات الأخيرة – “إنجاز” سلبي نسبه نتنياهو لنفسه، من خلال إضعاف السلطة الفلسطينية وتعزيز حماس، وتمويل تحولها إلى وحش عسكري فتاك أهان إسرائيل في 7 أكتوبر.

بات مهماً هجر الحلم القائل بأن السلام مع الفلسطينيين (تسوية إقليمية وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل) ممكن في عهد نتنياهو؛ لأنه زعيم فاشل، حمل إسرائيل والنزاع إلى درك أسفل الآن. وبسياسته الشوهاء وبشخصيته السيئة والتمسك بهما، أمور تعرض مستقبل إسرائيل للخطر.

لا معنى أيضاً لتصديق نتنياهو إذا ما عبر عن استعداد ما للبحث في حل الدولتين. في هذه المرحلة، على الأمريكيين معرفة أن ليس هناك قيمة لقول أو تعهد ما من نتنياهو، فالحديث يدور عن رجل بلا كلمة. حتى شركاؤه الطبيعيون يسمونه “كذاب ابن كذاب”.

على الأمريكيين أن يفهموا ما بات في إسرائيل واضحاً لمزيد من الناس ممن صحوا من إيمانهم الأعمى بنتنياهو: “اليوم التالي” لا يتناول فقط اليوم التالي للحرب، بل اليوم التالي لنتنياهو. نتنياهو ملزم بإنهاء دوره التاريخي في أقرب وقت ممكن ويسمح لآخرين محاولة ترميم الكارثة التي خلفها وراءه.

 

---------------------------------------------إعلام عبري عن نتنياهو: "كذاب ابن كذاب" وحكومته تقودها رغبات صبيانية

 

تستمرّ وسائل الإعلام الإسرائيلية في الإضاءة على مشاكل كابينت الحرب، وأزمة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو السياسية، على ضوء الفشل الأمني والعسكري الذي حصل في 7 أكتوبر 2023، ومفاعيل الحرب السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، بالإضافة إلى انعكاسات سياسات نتنياهو على صورة كيان الاحتلال وعلاقاته الخارجية، لا سيما مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.

وعلّقت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" على البيان الذي أصدره مكتب نتنياهو أمس السبت، والذي جاء بعد أن أفادت شبكة "سي إن إن"، نقلاً عن شخص مطلع، أنّ نتنياهو قال لبايدن إنّ "التصريحات العلنية التي أدلى بها في اليوم السابق – والتي بدا فيها نتنياهو رافضاً لفكرة إقامة دولة فلسطينية – لا تعني أنه يستبعد هذه النتيجة بالكامل"، واصفةً إياه بـ"البيان النادر".

 

تناقض في تصريحات نتنياهو

 

وأشارت إلى أنّ "مكتب رئيس الوزراء قال في بيان بعد ظهر أمس السبت إنّه "في محادثته في الليلة الماضية مع الرئيس بايدن، كرر موقفه الثابت لسنوات، والذي أعرب عنه في مؤتمر صحافي في اليوم السابق، وهو أنه بعد القضاء على حماس، يجب أن تحافظ إسرائيل على سيطرة أمنية كاملة على قطاع غزة، لضمان ألا تشكل غزة بعد الآن تهديداً لإسرائيل"، مشيرةً  إلى أنّ ذلك "يتناقض مع المطالب (الأميركية) بسيادة فلسطينية".

ووفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، فإنّ الأميركيين يتحدثون عن "خطة من مرحلتين لإنهاء الحرب"، والتي ستؤدي إلى إقامة "دولة فلسطينية واتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية"، وهو ما لا تعتقد الصحيفة أنّ نتنياهو يمكنه القبول به.

وفي تفاقم للنقد الداخلي ضد حكومته، أشارت "تايمز أوف إسرائيل" إلى أنّ "الحلم بسلام مع الفلسطينيين على أساس تسوية إقليمية وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل ليس أمراً ممكناً في عهد نتنياهو"، واصفةً إياه بأنه "زعيم فاشل أوصل إسرائيل والصراع إلى الحضيض الحالي".

وأضافت أنّ "فكرة وجود أي فرصة لأن يكون هذا الرجل قادراً على إصلاح ما دمره بيديه المشدودتين وسياساته المشوهة وشخصيته السيئة، هي وهم يعرّض استمرار التمسك به مستقبل إسرائيل للخطر".

 

إعلام إسرائيلي: نتنياهو "كذاب ابن كذاب"

 

وأكّدت الصحيفة أنه "لا معنى لتصديق نتنياهو إذا أعرب عن أي استعداد لمناقشة حل الدولتين"، موضحةً أنه "في هذه المرحلة، يجب أن يعرف الأميركيون أنه لا قيمة لكلام أو التزام ما من نتنياهو، فهو رجل بلا كلمة، وحتى شركاؤه الطبيعيون يسمونه كذاب ابن كذاب".

واعتبرت أنّ "على الأميركيين أن يفهموا ما أصبح واضحاً للناس في إسرائيل، الذين أصيبوا بخيبة أمل من الثقة العمياء بنتنياهو، وهو أنّ "اليوم التالي" تعبير لا يشير فقط إلى اليوم التالي للحرب، بل إلى اليوم التالي لنتنياهو".

 

مسار تصادمي علني مع بايدن والمجتمع الدولي

 

كما تحدث الإعلام الإسرائيلي عن أنّ نتنياهو "حاول شرح التقارير التي تفيد بأنه لا يستبعد إقامة دولة فلسطينية في مكالمته مع الرئيس"، موضحةً أنه "في محيطه يشعرون بالرعب من احتمال أن يتحول هجوم حماس إلى حرب استقلال فلسطينية"، لا سيما مع التوقعات بأن "يزداد الضغط الدولي في هذا الشأن".

وقد برز ضغط كهذا أمس من كلام الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي قال إن "رفض قبول حل الدولتين للإسرائيليين والفلسطينيين، وإنكار حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة، أمر غير مقبول". ووفقاً لغوتيريش، فإن هذا الرفض "سيطيل أمد الصراع إلى أجل غير مسمى".

وذكرت صحيفة هآرتس أنّ "نتنياهو تلوّى مراراً وتكراراً أمس السبت، في محاولة لتفسير تقرير شبكة "سي إن إن" الذي ناقض تصريحه الشديد ضد قيام دولة فلسطينية في مؤتمر صحافي سابق الخميس"، لافتةً إلى أنه "على الرغم من أن نتنياهو أصدر بيانين منفصلين أمس بهدف توضيح التقرير، إلا أنه لم ينفِ فيهما الادعاء بأنه أشار إلى بايدن بأنه لا يستبعد تماماً إمكانية حل الدولتين".

 

 

 

حكومة نتنياهو تُظهر عجزاً تاماً وشللاً سياسياً كاملاً

 

كذلك، أكّد المستشار القانوني السابق لجهاز الشاباك، إيلي بخار، في مقال أنّ "إسرائيل في وضع استراتيجي معقد، لم تشهد مثله منذ عقود، بعد 100 يوم من القتال ضد حماس لم تؤدِّ إلى انهيارها أو إعادة الأسرى"، مشككاً في أصل واقعية الأهداف العسكرية للحرب.

كما أشار بخار إلى الأوضاع المستجدة والتصعيد الاستثنائي في الضفة الغربية، ومع لبنان وسوريا "حيث يتمّ تبادل الضربات العسكرية، مما قد يؤدي إلى تصعيد خطير في أي لحظة"، وإلى الجبهة اليمنية المشتعلة في البحر الأحمر، مشدداً على أنّ "الدعم لإسرائيل في العالم في حضيض غير مسبوق"، وأنه "حتى لو نجحت إسرائيل في الساحة القانونية في لاهاي، فلا شكّ أنها تجلس الآن على المقعد العالمي للمتهمين".

واعتبر أنه "من أجل التعامل مع مثل هذا الوضع المعقد، يجب على الحكومة تقديم مخطط يتجاوز المزيد من الغارات والمزيد من الاغتيالات"، مؤكداً ضرورة "وجود مهارة دبلوماسية في أعلى مستوى، بينما تُظهر الحكومة عجزاً تاماً وشللاً سياسياً كاملاً".

وأوضح بخار أنّ حكومة نتنياهو "غير قادرة على اتخاذ أيّ قرار، لا بشأن مستقبل غزة ولا بشأن الوضع تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية، والنتيجة هي أنّ الحكومة لا تقدّم أيّ مخرج من الورطة التي وقعت فيها إسرائيل".

وأكّد المستشار السابق للشاباك أنّ "أي احتلال وسيطرة مباشرين على قطاع غزة، سيؤدي إلى زيادة التماسك العسكري والمدني، وهجمات يومية، والحاجة إلى تحمل المسؤولية المدنية الكاملة عن سكان قطاع غزة"، معتبراً أنه "كابوس إذا وجدت إسرائيل نفسها فيه، وسوف يستغرق خلاصها منه سنوات".

 

"الرغبات الصبيانية للهروب من الواقع" تقف خلف دعوات التهجير والإبادة

 

وحلّل بخار أنّ "عدم القدرة على اتخاذ أي قرار سياسي يقود الحكومة وبعض الجمهور في إسرائيل، تعود إلى انسداد عقلي ووضع أهداف مستعارة من عالم الخيال"، موضحاً أنّ "الإحباط يثير رغبات صبيانية، أهمها أن الفلسطينيين سوف يختفون من أمام أعيننا، في غزة وبعد ذلك في الضفة الغربية أيضاً".

وأضاف: "هكذا يجب أن يفهم المرء التصريحات الغبية حول القنبلة الذرية والترانسفير وغير ذلك.. كلها تنبع من نفس الرغبة الطفولية في إغلاق أعيننا، للهروب من الواقع.. وهذه هي الطريقة التي يتصرف بها الأطفال، وليس حكومة ولا شعب، وكل ذلك بسبب أننا فقدنا رشدنا بعد 7 أكتوبر".

وختم بالقول إنّه "إلى جانب الحاجة الملحة لإجراء انتخابات وتغيير تركيبة هذه الحكومة الفاشلة، تحتاج إسرائيل إلى المساعدة.. ويجب على الولايات المتحدة أن تفهم أن صداقتها مع إسرائيل تتطلب منها اتخاذ خطوات من شأنها إخراجها من هذا الشلل الخطير جداً".

---------------------------------------------

 

مساعدة السعودية والأردن “إسرائيل” لكسر الحظر اليمني في البحر الأحمر

 

 

21/1/2024

 

كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت، الأحد، مساعدة السعودية والأردن “إسرائيل” في كسر الحصار الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية على الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر ردا على الحصار والجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة منذ أشهر.

وأفادت الصحيفة العبرية أن شركات الشحن الإسرائيلية تقوم بتفريغ حمولاتها في موانئ الخليج العربي ويتم بعد ذلك نقل البضائع إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي عبر الشاحنات عبر الأراضي السعودية والأردنية.

وأوضحت الصحيفة أن  شركات الشحن الإسرائيلية تحايلت على الحصار البحري الذي فرضته اليمن على كيان الاحتلال الإسرائيلي ، وتقوم بتوجيه سفنها إلى الشرق إلى موانئ البحرين ودبي ومن هناك يتم نقل البضائع عبر السعودية والأردن، وعبرت العشرات من الشاحنات إلى كيان  الاحتلال الإسرائيلي خلال الشهر الماضي  محملة بمختلف البضائع بعد تشديد الحظر في البحر الأحمر واستهداف سفن  الكيان ردا على الجرائم ونصرة لغزة.

وبحسب الصحيفة فإن  شركة “مانتفيلد” هي إحدى الشركات الشحن البحري الرائدة في “إسرائيل” قامت بالتنسيق مع سفير الاحتلال في البحرين لتوجيه السفن القامة من الصين والهند إلى موانئ البحرين ودبي لتفريغ البضائع ومن ثم نقلها عبر شاحنات عبر المملكة العربية السعودية والأردن إلى جسر الملك حسين، حيث تقوم بتفريغ البضائع مرة أخرى إلى الشاحنات “الإسرائيلية” وبالتالي تدخل البضائع إلى “إسرائيل”.

وأفاد الرئيس التنفيذي لشركة مانتفيلد، عمر يتزاري، للصحيفة “نتعامل مع التهديد الحوثي للممرات الملاحية، لقد فهمنا أن أقصر الطرق وأرخصها لاستيراد البضائع من الشرق هي عبر السعودية ومن هناك يتم نقل البضائع بالشاحنات إلى الأردن ومن ثم إلى ’إسرائيل’”.

وذكرت الصحيفة أن الطريق البري الجديد يتميز بالسرعة والتكلفة الأقل، حيث كانت تكلفة نقل حاوية من الشرق إلى “إسرائيل” قبل الحرب حوالي 2000 دولار ثم قفزت التكلفة إلى 8000 دولار للحاوية الواحدة، وإذا كانت الحاوية ستصل إلى “إسرائيل” في غضون 30 يوما قبل ذلك، فقد تم تمديد الوقت اليوم إلى 60 يوما بسبب حصار اليمن، لكن بعد سماح السعودية والأردن باتخاد أراضيهما ممرا لنقل بضائع الاحتلال فيستغرق ما بين 15 إلى 20 يوما.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق