01 آيار 2024 الساعة 05:13

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاثنين 15/1/2024 العدد 909

2024-01-16 عدد القراءات : 45
 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

 

 

 

يديعوت أحرونوت 15/1/2024

 

 

صــــورة الـنـصــر الحـقـيـقـيـة

 

 

بقلم: أشكول نافو

 

"على مسافة أملين من المعركة رأيت السلام

رأسي التعب ملزم بالرحيل، قدماي تحلمان حلما

الرجل المحروق قال: أنا القشة التي احترقت وأكلت الضربة

مباح لك، ابقِ حذاءك في قدميك. هذا هو المكان"

 

"يهودا عميحاي"

 

 

أن تنهض في الصباح. تفتح عينيك. تمد يدك إلى الهاتف. تدخل إلى موقع الأخبار. تتنقل بين أسماء القتلى. العين تمر على الأسماء. القلب يدق بقوة. قراءة أولى، سريعة. لتتأكد أن ليس بين القتلى احد ما اعرفه. الميزان حتى الآن، في ثلاثة اشهر من الحرب: ابن صديقة طيبة. ابن طالبة. أخو صديقة ابنتي.

هذا الصباح لا يوجد اسم معروف. إذاً، الآن قراءة ثانية، أبطأ. احتراما للشهداء. من فقدنا هذه الليلة. أي حياة شابة اقتطفت. دوما هم يبدون بالصور كالأطفال في صورة جنود. بعد ذلك تنهض من السرير. تجبر نفسك على أن تنهض من السرير رغم جسدك الثقيل جدا. تنجذب إلى الأسفل، إلى اليأس. ترتدي بنطال رياضة، تخرج إلى الشارع تبدأ بالركض. لم افهم في أي مرة موضوع الركض هذا. فهو ليس لطيفا للجسد. لا توجد حبكة. لا توجد كرة. كنت انظر إلى رجال في عمري يركضون وأظن انه توجد سبل افضل لحل أزمة منتصف العمر. منذ بدأت الحرب وان اركض. كل صباح. قررت أن اركض إلى أن تنتهي. لا مفر. لا يمكن بدء اليوم بكل هذا الحزن في الحنجرة. نحن ملزمون بشيء ما يوازننا. شيء يضخ بعض الأمل في الدم. الشوارع فارغة، في مثل هذه الساعة المبكرة. في كل مكان، على الأشجار، على واجهات المباني، في الميادين، معلقة صور المخطوفين. أمر على الصور ببطء. بعضهم لا يزال هناك، يذوون في نفق ما. بعضهم لن يعودوا أبدا. وبعضهم عادوا في الصفقة الأولى، في الأسبوع الوحيد في  الـ 100 يوم السيئة هذه التي كانت فيها أنباء طيبة: طفل يركض لمعانقة أبيه الذي بسط له ذراعيه. جدة عادت إلى أحفادها. إسرائيليون طيبون وقفوا في جوانب الطرق، في الليل، ولوحوا بالإعلام إعرابا عن التضامن.

بعامة، إذا كان شيء ما يبعث على الأمل في الـ 100 يوم الأخيرة، فهو الروح الإسرائيلية التي ظهرت من جديد.

لقد حاولت "حماس" أن تكسرنا في 7 أكتوبر. هذا واضح. حقيقة أن أفعال الاقتصاد، السلب والنهب والتنكيل وثقت بكاميرات رأس القتلة ونشرت في أفلام في الشبكات الاجتماعية تدل على حرب نفسية مخططة مسبقا. لشدة الفخر حصل عكس ما خططت "حماس". وحشية 7 أكتوبر بعثت بالإسرائيليين عن حق ذكريات من الكارثة والاعتداءات الجماعية التي سبقتها، لكن بدلا من الانكسار اتحدنا ورفعنا قامتنا لفهمنا بأن ليس لنا مكان نرحل إليه. هذه بلادنا وسيتعين علينا أن نقاتل في سبيل وجودها. منظمات الاحتجاج ضد الحكومة وظفت الطاقة واليقظة لديها كي تدعم المقاتلين. نسبة الامتثال للاحتياط أعلى من 100. الناس الذين اجتازوا عمر التجنيد تطوعوا للخدمة في الحدود. إسرائيليون يعيشون في الخارج عادوا كي ينضموا إلى الجهد.

القبائل المختلفة التي يتشكل منها مجتمعنا، والتي وقفت عشية الحرب على جانبي جدال متوتر جدا على جهاز القضاء، تقاتل الآن معا كتفا بكتف، في الشمال وفي الجنوب. في اللقاءات مع الجنود (لعلك تأتي لتقرأ لنا قصة؟ كتب لي احدهم في الفيسبوك. فجئت. ومنذئذ وأنا اجتهد لأن آتي أكثر). أجدني أراهم تعبين، قلقين، لكنهم متفائلون بشكل مفاجئ. عندما أتساءل عن مصدر التفاؤل يتحدثون عن وحدتهم وحتى يستخدمون كلمة إصلاح. ويدعون بأن في هذه الفترة توجد أيضا إمكانية للإصلاح، الإصلاح الداخلي بيننا.

وكم يوجد ما ينبغي إصلاحه. كم خرب وافسد وانكسر.

أذهب أيضا إلى الماضي، إلى أيام اكثر ظلامية، كي استمد منها الأمل. ذكرى الطفولة الأولى عندي هي حرب يوم الغفران. أمي في السرير تعزف على ناي. يوجد نساء أخريات في البيت. صديقات أمي. استمع إلى نغمات الناي. أبي لم يكون موجودا. كان في الاحتياط. بقي في الاحتياط كطبيب نفسي لأشهر بعد الحرب. يعالج صدمات المعركة. ما بعد الصدمات تعقدت عندنا في البيت، وكذا في الشارع. وكانت جزءا من طفولتي. الدولة كلها كانت فيما بعد الصدمة بعد يوم الغفران، لكننا خرجنا من هذا. وبعد بضع سنوات وقعت معاهدة السلام مع مصر (تمرين عقلي قصير كي نفهم كم هو هذا الاتفاق مهم. تخيلوا هذه الأيام بدون السلام مع مصر).

وهذا هو الأمل الأكبر. أنا احذر معه. أخاف أن أطوره. إذ إننا لا نقول هنا كلمة "سلام" منذ سنين. يخيل أنها خرجت عن الاستخدام. وبعامة صعب جدا أن نرى الأفق حين تكون في الظلام.

لكن ربما – ربما "السبت الأسود يدفعنا لأن نتوقف عن الكبت. أن نتوقف على الإدمان على الوهم بأنه يمكن "إدارة النزاع" بيننا وبين الفلسطينيين بتسويف الزمن. هذا النزاع يجب حله. وبالذات في الأزمة الحالية بعد أن تحيد "حماس"، قد تكمن فرصة للتفكير بشكل مختلف. أن نتخيل مع الأسرة الدولية حلولا لم تجرب بعد كي نضع حدا نهائيا لهذه الدائرة الدموية ونضمن أن نتمكن من الوجود هنا دون أن نغلق على انفسنا في الغرف الأمنية كطريقة حياة.

هذه ستكون صورة النصر الحقيقية.

--------------------------------------------

 

هآرتس 15/1/2024

 

 

إسـرائـيـل تتوحـش، والسـؤال: متى سيكــون هــذا كـافـيـاً؟

 

 

بقلم: إيريس ليعال

 

اليوم الثاني في لاهاي، يوم إسرائيل، كان باختصار صفعة مدوية ولائحة اتهام ضد هذه الحكومة المقيتة وكل ما فعلته في السنة الأخيرة. في القاعة الفاخرة، والجدران المصنوعة من الخشب وتحت ثريات البلور وبحضور القاضي الإسرائيلي أهارون براك - الشخص الذي بنيامين نتنياهو ومؤيدوه الخرفون في السنوات الأخيرة جعلوه في السنوات الأخيرة عدو الشعب رقم واحد – صمم ممثلو إسرائيل، التي لديها جهاز قضاء مستقل ويمكن الاعتماد عليه في مناقشة أي حالة ارتكب فيها الجنود جرائم حرب. هذه هي نفس الاستقلالية القضائية التي حاولت الحكومة في السنة الأخيرة خصيها.

أيضا، أكدوا على التزام إسرائيل بميثاق منع الإبادة الجماعية، وتنصلوا من أقوال شخصيات عامة اقتبسها في اليوم السابق الطاقم القضائي في جنوب أفريفيا، واعترفوا بحقيقة أنه توجد معاناة مدنية شديدة في غزة، ووصفوا الجهود التي تم بذلها من اجل تقليص المس بالمدنيين وأشادوا بالمساعدات الإنسانية. يجب التذكير بأن هذه المساعدات التي كانت الجانب الرئيسي من خط دفاع إسرائيل أمام القضاة، لكن في الحقيقة أمام محاكمة العالم كله، تمت إدانتها والتشهير بها من قبل الكثير من أعضاء الحكومة الذين عرضوها كخضوع.

لقد كان في هذه الجلسات تسهيل معين بعد اليوم الأول، الذي فيه عرضت جنوب أفريقيا رؤيتها فيما يتعلق بالحرب نفسها. الظروف التي أوجدتها إسرائيل في غزة مثل تدمير المباني والبنى التحتية والقتل الجماعي للمدنيين. ولأن وسائل الإعلام الإسرائيلية لم تعرض الصورة الكاملة التي توجد خلف مشهد الدمار فإن الأعداد والقصص والمعطيات التي طرحوها واحدا تلو الآخر كانت مخيفة.

إلى جانب الظروف الصعبة التي تعالج فيها المستشفيات في غزة المصابين بسبب القصف، فقد بدأ الملتمسون يقتبسون تصريحات كثيرة لكبار المسؤولين الاسرائيليين لإظهار نواياهم – الدماء ملأت الوجوه خجلا. الغربة التي خلقتها قاعة المحكمة في العاصمة الأوروبية عكس المستوى البائس لأغلبية ممثلي الجمهور الإسرائيلي والثقافة السياسية الفاسدة التي جذرها بنيامين نتنياهو خلال سنوات حكمه. لقد تم تكليف الفريق الإسرائيلي بالمهمة الصعبة التي تتمثل بإقناع القضاة أن وزير التراث، المنصب الذي يبدو محترما جدا للأذن غير الإسرائيلية، لا يمثل أي شيء عندما يطرح التفكير في إلقاء قنبلة نووية على غزة، وأنه قد بذل كل جهده للفصل بين الإجراءات التي اتخذتها الدولة بالفعل وبين الدعوة المزعجة التي اطلقها نائب رئيس الكنيست لإحراق غزة.

حتى لو كان هذا لا يتلاءم مع معايير القانون فإن ما حلق في قاعة المحكمة هي الصدمة الكبيرة للشعبين، الصدمة التي شكلت لشديد الألم الواقع في الأشهر الأخيرة وأدت إلى هذه اللحظة. في 7 تشرين الأول، سمع الإسرائيليون الصدى التاريخي للمذابح والكارثة: القتل بدون تمييز، اقتحام البيوت، التنكيل، اختطافهم ووضعهم في الأسر. في المقابل، الفلسطينيون بعد عقود من الاحتلال والحكم العسكري مرة أخرى يشعرون منذ اندلاع الحرب كل يوم بالمشاعر التي توجد في الصدمة الجماعية، الخوف من التهجير القسري ومن النكبة، والخوف الذي أثاره رئيس "الشاباك" السابق آفي ديختر عندما سمى الحرب بسرور بنكبة غزة 2023.

حتى لو كان الدفاع الذي يستند إلى ادعاء عدم العقلانية الجماعي المؤقت قوي بما فيه الكفاية، فإنه يعكس الحقيقة العميقة للمئة يوم الأخيرة. إلى أن يعود القضاة من النقاشات ويصدرون الحكم يطرح سؤال هل هناك أي أحد سيقدم رأيه حول مسألة متى يكفي أن نقول كفى. في قصيدة بعنوان "فصح 1916" كتب الشاعر الإيرلندي أ. ب فايتس عن حرب أخرى: "تضحية طويلة يمكن أن تحول القلب إلى حجر. متى ستكون التضحية كافية؟". إذا كانت دولة إسرائيل تتوحش ولا تعرف إلى أين تسير وما الذي يعتبر انتصارا فكيف ستعرف متى بلغ السيل الزبى؟.

--------------------------------------------

 

معاريف 15/1/2024

 

 

المشكلة في القيادة العسكرية

 

 

بقلم: حاييم مسغاف

 

من اعتقد انه ستكون صحوة جماهيرية وانه ستكون مواقف الندم على الخطيئة أو ستكون خطوة حقيقية لاستخلاص الدروس، فإن هذا لن يحصل. لا في أوساط أولئك الذين يبحثون مرة أخرى عن "افق سياسي"، الكلمة السرية لانسحابات بائسة أخرى وإقامة دولة فلسطينية في "قطاع" مع ارتباط بـ"ضفة"، ولا لأسفي، في جهاز الأمن. ببساطة لا يصدق، فالجنون الذي يمر على جهاز الأمن، الغرور والتعالي الذي لا يطاق يسمع مرة أخرى من كل صوب وكأن كل ما حصل في فرحة التوراة لم يكن بالإجمال إلا "ضربة خفيفة أخرى في الجناح"، كالقول السخيف لدان حلوتس بعد أن قتل غير مشاركين، في زمنه، في قصف سلاح الجو.

وهكذا يبدو الأمر: وزير الدفاع يقول بتعالٍ، إن "الانتقال بين المراحل لا يأتي بسبب المرأة من سديروت أو من أوفاكيم" – بالمناسبة مدن من البطلات والأبطال ممن سقط الكثيرون منهم لأن الرجل لم يتكبد عناء رفع الهاتف لقادة محطات الشرطة المحلية، وبيني غانتس يساند قرار رئيس الأركان تشكيل لجنة، أعضاؤها هو الذي عينهم، لأن تفحص إخفاقات الجهاز الذي يقف هو على رأسه.

مؤكد: كنت سأؤكد لوزير الدفاع ورئيس الأركان في هذه الفرصة أن المواطنين هم الذين قاتلوا ببطولة أمام مئات المخربين الذين اجتازوا الحدود في الوقت الذي كان الجيش الذي هما المسؤولان عنه غافيا ومتلعثما. حتى قبل أن تجمع كل الجثث من الميدان، اجتمع في الاستديوهات رفاق أولئك الذين فشلوا فشلا هو الأفظع الذي يمكن تخيله، كي يبنوا منظومة إشاحة أنظار. أي منهم لم يتكبد عناء أن يروي للجمهور المتألم بأنه توجد علاقة بين سلوك الضباط الذين اعلنوا عن نوع من الرفض للخدمة، زعما تحت حكومة "غير ديمقراطية" وبين الشكل الذي يظهر عليه الجيش عندما انتظرت النساء والأطفال في الغرف الآمنة عبثا إنقاذهم. لا حاجة للمرء بأن يكون مفكرا كي يفهم بأن ضباطا ينشغلون بمحاولة إسقاط حكومة منتخبة لا يمكنهم أن ينشغلوا، في الوقت نفسه، بما يحصل تحت أنفهم خلف الحدود.

اعترف أني فكرت في البداية أن ما وقع علينا يرتبط بمفهوم مغلوط ما، ليس هكذا. صحيح أن المستوى السياسي أراد الحوار مع "حماس"، لكن ليس بسبب هذا بدأ الجيش مثلما بدأ. فجهاز الأمن ببساطة ينشغل منذ عهد أوسلو اللعين بالاحتواء وليس بالتطلع للنصر. قادته يبحثون كل الوقت عن حلول سحرية. الانسحاب من جنوب لبنان في 2000 مثلما هو أيضا الانسحاب الكامل من قطاع غزة في 2005 تمت بتأييد تام من الطغمة الأمنية. قادتها سرهم المزيد فالمزيد من "وجع الرأس في أنهم يتخلصون من معالجتها".

يوجد لنا شعب رائع، يريد، معظمه أن لم يكن كله التمسك بهذه البلاد، بكل أجزائها، ويرى فيها وطنه الطبيعي. لكن إلى جانب ذلك يريد أيضا قيادة عسكرية من نوع آخر. ليس في هذا تؤيد خطوات مغلوطة ظاهرا، خطوات تؤدي بنا مرة أخرى إلى شفا الهاوية.

حان الوقت لأن تُسمع في صفوف الجيش أيضا بين الحين والآخر أصوات أخرى.

--------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هآرتس 15/1/2024

 

 

«تقليل» المعاناة في غزة

 

 

بقلم: ديفيد كمرون

 

"تقرير تقدير الجوع المستقل"، وهو آخر تقرير صدر في فترة عيد الميلاد، كان يفطر القلب عند قراءته. الوضع بائس – يتوقع أن يتفاقم أكثر.

حسب معطيات برنامج الغذاء العالمي فإن 9 من بين 10 فلسطينيين في شمال القطاع يمكن أن يستهلكوا أقل من وجبة في اليوم.

مع وجود عائلات تم تهجيرها من بيوتها وفي ظروف نظافة غير موجودة فإن الأمراض ستنتشر وتتفشى.

تقريباً 40 في المئة من سكان قطاع غزة هم تحت جيل الـ 16 سنة. حياة هؤلاء الأطفال يطاردها الموت واليأس.

 

جميعنا نعرف أنه يجب علينا العمل. ولكن السؤال هو كيف.

 

هناك من يقولون إننا مجبرون على فرض وقف فوري وشامل لإطلاق النار. أنا غير معني برؤية النزاع يستمر حتى ولو لدقيقة واحدة أكثر من اللزوم. ولكن معنى هذا الأمر هو تطبيق لوقف إطلاق نار قابل للاستمرار، وقف سيصمد ويمنع تربية جيل آخر للأطفال الذين يعيشون تحت التهديد المستمر للحرب. المعنى هو أن لا تعود حماس موجودة – بهجماتها الصاروخية وتمسكها المتواصل بالإرهاب. لذلك أنا قلت إنه يجب تطبيق هدن إنسانية أخرى تمكن من إطلاق سراح مخطوفين آخرين وإدخال مساعدات أخرى لقطاع غزة. ولكن ماذا لو لم يحدث أي شيء من ذلك في القريب؟ كيف يمكننا تجنب الوصول إلى وضع جوع شديد في غزة؟ كيف يمكن تقليل المعاناة وفي نفس الوقت تأييد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؟.

 

نحن بحاجة إلى مساعدة أخرى، وبسرعة.

 

في الفترة الأخيرة سلاح البحرية الملكي أدخل للمرة الأولى قافلة مساعدات بحرية إلى مصر. إضافة إلى ذلك مصر والأردن أنزلت مساعدات عن طريق الجو إلى قطاع غزة.

نحن وشركاؤنا ملزمون بأن نكون إبداعيين بقدر الإمكان كي نمنح مساعدات تنقذ الحياة لمن يحتاجون إليها. ولكن الحقيقة هي أن الحاجة كبيرة جداً، والإدخال عبر الجو والبحر لن يشكل فرقاً جوهرياً.

ما يُحدث الفرق بسيط جداً وهو إدخال المزيد من المساعدات عن طريق البر، بشكل أكثر سرعة ونجاعة.

في الأسبوع الماضي أكثر من مئة شاحنة دخلت إلى غزة في اليوم في معبر رفح ومعبر كرم أبو سالم. الأرقام تزحف ببطء نحو الـ 200 شاحنة في اليوم. ولكن حتى هذه ما زالت غير قريبة من أن تكون كافية. العدد يجب أن يكون قريباً من الـ 500 شاحنة.

نحن ندرك الألم والغضب في إسرائيل وفي أوساط الإسرائيليين بعد الأعمال الفظيعة في 7 تشرين الأول، إضافة إلى وجود مخطوفين ما زالوا في الأسر في ظروف قاسية، من بينهم مواطنان بريطانيان. بالنسبة لحماس لا يوجد أي معنى لحياة المدنيين، سواء الاسرائيليون أو الفلسطينيون. الوضع على الأرض معقد ولا يوجد أي دولة يمكن أن تحله وحدها.

كارثة في غزة حتى أكبر من الكارثة التي توجد هناك، لا شك في أنه لن ينتج عنها أي مكسب، سواء بالنسبة للمخطوفين أو من أجل تحقيق أهداف الحرب لإسرائيل. أعتقد أنه يوجد الكثير ما يمكننا فعله لإحداث تغيير فوري.

كما شاهدت عندما كنت في العريش في مصر فإن هناك الكثير جداً من المساعدات التي تتراكم في هذه الأثناء ولكن دون قدرة على إدخالها إلى القطاع. أنا قمت بتعيين ممثل للشؤون الإنسانية في المناطق. وبفضل العمل بسرعة قمنا بتشخيص عنق الزجاجة وطريقة فتحها.

بخصوص المعابر: زيادة ساعات العمل فيها وحجم عمل موقع الفحص في نيتسانا ومعبر كرم أبو سالم سيمكن من إدخال حجم أكبر بكثير من المساعدات إلى القطاع. فتح معبر كرم أبو سالم في كانون الأول ساعد، لكن فتحه لسبعة أيام في الأسبوع سيساعد أكثر.

فتح معابر أخرى يمكن من إدخال المساعدات في شاحنات سيحدث تغييراً كبيراً.

ميناء أسدود هو أقرب إلى غزة من ميناء بور سعيد في مصر. طرق الإرسال بكمية كبيرة توجد هناك ومستعدة للاستخدام.

الممر البري من الأردن إلى غزة الذي يديره البرنامج العالمي للغذاء، بدعم بريطاني، دشن للمرة الأولى تزويد 750 طناً من المساعدات الغذائية.

هذه الإمكانيات يمكن أن تنقل كمية ضخمة من المساعدات، خاصة إذا كان معبر إيرز الذي يقع على حدود شمال القطاع مفتوحاً.

توجد لإسرائيل أسباب منطقية لمنعها دخول مواد معينة إلى غزة. ولكن وتيرة أسرع لإدخال المساعدات إلى القطاع هي أمر حيوي.

هذا الأمر سيمكن الحكومات ومنظمات المساعدة والقطاع الخاص من زيادة حجم هذه المساعدات بشكل كبير.

إسرائيل يمكنها أيضاً إعادة ترميم شبكة المياه وإعادة ربط التزود بالكهرباء وإدخال كمية كافية من الوقود لتشغيل البنى التحتية الحيوية مثل المخابز.

في نهاية المطاف، ربما هذه هي النقطة الأكثر أهمية، يجب علينا مساعدة الأمم المتحدة التي طواقمها الشجاعة تحاول توزيع المساعدات في هذه الظروف الفظيعة في داخل القطاع.

لا يوجد أي جدوى من إدخال البضائع إلى داخل القطاع إذا لم يكن ممكناً توزيعها بشكل آمن وناجع. المزيد من تأشيرات الدخول وزيادة استيراد السيارات لممثلي الأمم المتحدة إلى داخل القطاع يعني تمكين طواقم الأمم المتحدة من الدخول إلى قطاع غزة وزيادة تأكدنا من أن المساعدات تصل إلى من يحتاجونها حقاً.

هذه الخطوات يمكن أن تظهر تقنية إذا قمنا بمقارنتها مع حجم المأساة الانسانية في غزة. ولكن نحن مضطرون إلى التركيز على حلول عملية تنقذ الحياة وليس على شعارات فارغة لا تحدث أي تغيير على الأرض.

مثل هذه الحلول موجودة، والوقت للعمل هو الآن.

---------------------------------------------

هآرتس/ ذي ماركر 15/1/2024

 

مع ميزانية 2024.. كيف ستوفق إسرائيل بين تكاليف أمنها وأخطار محدقة باقتصادها؟

 

 

بقلم: ميراف ارلوزوروف

 

التصور الذي انهار في 7 أكتوبر ليس استخبارياً فحسب، إنما هو أيضاً تصور أسر المجتمع الإسرائيلي منذ 1967 حتى وصل إلى الانهيار التام: حرب الأيام الستة لن تتكرر. هذا إذا كان يجب أن نضع شعاراً جديداً لحرب المائة يوم. لو كانت إسرائيل دولة جدية لميزت بأن الدهر أكل هذا التصور وشرب. حرب يوم الغفران كانت معقولة واستمرت 19 يوماً. ولكن كل الحروب بعدها كانت أطول. حرب لبنان الأولى استمرت ثلاثة أشهر، وبدلاً من الحسم انتهت بمراوحة في الوحل اللبناني 18 سنة. حرب لبنان الثانية استمرت خمسة أسابيع، وانتهت أيضاً باتفاق مؤقت مع “حزب الله”، الذي بدأ يخرقه فور انتهاء الحرب. حتى عملية “الجرف الصامد” التي لم تحصل على تصنيفها كحرب، استمرت سبعة أسابيع، وانتهت كجولة أخرى من الجولات مع حماس.

الاستنتاج البائس هو أن حروب إسرائيل في الأربعين سنة الأخيرة لم تعد تنته بالحسم، بل بتسوية مؤقتة ما، وهي آخذة في الطول. وهذا يقتضي إعادة تشكيل نظرية الأمن الإسرائيلية – نظرية “ردع، إنذار، ودفاع وحسم” – التي لم تعد ناجحة، وكما يبدو مطلوب إعادة النظر في القدرة على العيش إلى جانب الأعداء، في ظل تسوية سياسية أو في ظل إدارة طويلة للنزاع – وفي ميزانية الدفاع.

بتأخير 40 سنة، وبالفعل بعد 100 يوم على بداية الحرب في غزة، تذكر الجيش الإسرائيلي أن الحروب التي يشنها لم تعد “حروباً ذات ضربة واحدة وانتهينا”، بل حروب تتطلب الصبر وطول النفس. هكذا فاجأ الجيش الإسرائيلي وزارة المالية بطلب، أثناء المصادقة على ميزانية 2024، المصادقة على ميزانيته حتى العام 2027، مع معدل غير مسبوق من زيادة كبيرة في مخزون الطوارئ الذي قد يكفي لحرب مدتها 100 يوم وأكثر، وزيادة كبيرة لقوة بشرية في الجيش الإسرائيلي، سواء في الجيش النظامي أو الاحتياط، كل ذلك يملي طلبات غير مسبوقة من الزيادة، وتأتي في المرتبة الثانية للطلبات التي كانت بعد حرب يوم الغفران.

كان الجيش الإسرائيلي حتى الآن عقلانياً بما فيه الكفاية، كي لا يلقي على وزارة المالية فشل 7 أكتوبر، أي لا ادعاء جدياً بأن النقص في الميزانية يعد عامل فشل في 7 أكتوبر، لكنها نزاهة تنتهي عند مناقشة ميزانية الدولة. التصور الذي كان يجب أن يتحطم في 1982 تحطم الآن، والجيش الإسرائيلي يطالب بالتسلح حتى أذنيه – في القوى البشرية والمعدات – كاستعداد لعهد جديد من الحروب الشاملة الطويلة والمتعبة.

ثمة مشكلتان جوهريتان في طلب الجيش الإسرائيلي: الأولى، لماذا يجب حدوث ذلك الآن، في هذه اللحظة؟ النقاشات تدور الآن حول ميزانية 2024، ولا خلاف على أنها ستخصص مبالغ ضخمة، 150 مليار شيكل وأكثر، لصالح تسديد تكلفة الحرب وتجديد كل الاحتياطي الذي نفد. وخلال النقاشات حول ميزانية 2024، يصمم الجيش الإسرائيلي على إدخال النقاشات حول الزيادة في قوته طويلة المدى، أي أنه لم يعد يكتفي بتجديد الاحتياطي الذي كان قبل الحرب، بل يطالب بإجمال كل مستويات الاحتياطي الجديدة التي يعتقد أنها مطلوبة له في السنوات الأربع المقبلة. هذا يدفع الحكومة الإسرائيلية إلى زاوية عبثية في تحديد نظرية أمنها وإثقال ميزانية الدولة بمبلغ إضافي هو 60 مليار شيكل في السنة، الأمر الذي سيرفع ميزانية الدفاع الثابتة من 60 مليار إلى 120 مليار شيكل في السنة، هذا خلال مساء إقرار الميزانية. من الواضح أنه سلوك غير جدي وغير معقول.

المشكلة الثانية هي الأرقام نفسها؛ 60 مليار شيكل في السنة، كل سنة وبشكل ثابت. عملياً، مضاعفة ميزانية الدفاع. هذا مبلغ ضخم، ليس من الواضح إذا كان مطلوباً حقاً، وعلى ماذا سيتم إنفاقه، وبالأساس كيف سيحضرون هذه الأموال. المشكلة الصعبة هي الطبيعة الثابتة للميزانية؛ هذا يعني أن نفقات ميزانية إسرائيل زادت 60 مليار شيكل بشكل ثابت، الأمر الذي قد يؤدي إلى زيادة ثابتة في العجز. لا شيء تكرهه الأسواق الدولية والمستثمرون الدوليون أكثر من الدولة التي يزداد فيها العجز. هذه الدولة تتحول تقريباً إلى دولة منبوذة، دولة بات تصنيفها الائتماني في خطر، وهي تحت خطر دائم للوقوع في أزمة مالية.

 

المناعة الوطنية تسبق المناعة الأمنية

 

طلبات الجيش الإسرائيلي، كما قلنا، خطيرة اقتصادياً بسبب الأموال الضخمة وبسبب طبيعتها الثابتة. “هذا ليس لأن دولة إسرائيل غير قادرة على الوفاء بزيادة ميزانية الدفاع بمعدل 3 في المئة من الناتج المحلي”، قال دافيد بروديت، الرئيس السابق للجنة فحص ميزانية الدفاع في 2007، “يمكن تقليص الخدمات الاجتماعية ورفع الضرائب بمعدل تراكمي 3 في المئة، وهكذا نتأكد من أن العجز لن يرتفع”.

أجرت لجنة بروديت نقاشات في 2007 مدة نصف سنة. مع ذلك، ناقشت اللجنة فقط مسألة ميزانية الدفاع التي نبعت من نظرية الأمن الإسرائيلية – النظرية التي شكلتها لجنة سابقة هي لجنة دان مريدور، التي أجرت النقاشات لمدة سنة. هاتان اللجنتان، كما قلنا، أجرتا النقاشات لمدة سنة ونصف. حينها، جرت النقاشات في الواقع بعد حرب لبنان الثانية عندما لم تكن أي جبهة أخرى في الأفق. ولكن الجيش الإسرائيلي الآن يخشى من فتح الجبهة الشمالية في أي لحظة، وهكذا لن يكون لدينا سنة ونصف في هذه المرة. مع ذلك، من الغريب اختصار سنة ونصف من النقاشات في ليلة ميزانية واحدة، أو حتى شهرين من النقاشات في لجنة مستعجلة، كما يحاول رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو فعل ذلك في محاولة لكسب الوقت.

مسألة نظرية الأمن الإسرائيلية ومسألة ميزانية الدفاع المنبثقة عنها هي المسائل التي ستحدد المستقبل الأمني والاقتصادي لإسرائيل.

---------------------------------------------

يديعوت أحرونوت 15/1/2024

 

إسرائيل على مفترق طرق.. إما صفقة شاملة أو تحمل تبعات القضاء على حماس

 

 

بقلم: ميخائيل ميلشتاين

 

الحرب الحالية، التي أتمت أمس 100 يوم على بدئها، تنطوي على جملة ضربات غير مسبوقة: مفاجأة استراتيجية من جانب عدو ليس دولة، جسدت مفهوماً مغلوطاً وانعدام فهم “بالآخر” في السنوات الأخيرة؛ وتقتيل جماعي – لم يسبق في تاريخ النزاع أن قتل إسرائيليون بهذا القدر في يوم واحد مثلما في 7 أكتوبر؛ والاجتياح الأكبر لأراضي الدولة في ظل التسبب بدمار للبلدات وتحويل سكانها إلى لاجئين؛ وبالطبع الاختطاف الجماعي الذي يواصل النزف كجرح مفتوح وأليم.

حدث قاس رفع ذكريات صادمة عن تهديدات الإبادة. فقد هز الثقة بالنفس في أن اليهود قطعوا أنفسهم عن مصيرهم التاريخي المأساوي، واكتسبوا القوة وينجحون في العيش كفقاعة غربية محصنة في قلب منطقة وحشية. نشأت أحاسيس قاسية من الإهانة الوطنية بل والقلق الوجودي من الفجوة التي بين ذاك الفهم ومواضع الخلل الصعبة التي انكشفت في 7 أكتوبر في الجانب الإداري والأمني – وبخاصة الاستخباري.

في الكفة السلبية في الميزان الاستراتيجي الإسرائيلي، عناصر أخرى: اغتراب شديد بين الجمهور والقيادة، الذي كان قائماً قبل الحرب بسبب الإصلاح القضائي واتضح في أثنائه؛ وصعوبة في القدرة على إدارة الحرب في عدة جبهات وترافقت مع تأكيد تعلق إسرائيل بإسناد أمريكي؟ وانعدام قدرة على منح جواب سريع وكامل لمسألة المخطوفين؛ ونقد شديد في الساحة الدولية والصعوبة في تجنيد العطف على المعاناة وتعقيدات المعركة؛ وعدم القدرة على تقديم جواب كامل أمام تهديدات مصدرها جبهات الشمال والبحر الأحمر بتوجيه إيران، التي تعزز مكانتها كقوة إقليمية عظمى وتحث برنامجها النووي.

ولكن الحرب الحالية، مثل حرب 1973، كثيرة الإنجازات أيضاً، وبخاصة في المستوى العسكري؛ فقد انتعش الجيش الإسرائيلي بسرعة نسبية، وخرج إلى هجوم مضاد في أرض العدو، وعملياً احتل نحو نصف أراضي القطاع. إضافة إلى ذلك، ألحقت إسرائيل بحماس ضربات غير مسبوقة: تصفية زعماء، وتدمير بنى تحتية عسكرية وعلى رأسها منظومة الأنفاق المتفرعة، وتقليص كبير للتهديد الصاروخي. بينما شهد الجانب الفلسطيني كله في الخلفية تقتيلاً وتدميراً يفوقان ما حصل في نكبة 1948. إضافة إلى ذلك، يبرز نجاح في الحفاظ على هدوء نسبي في الضفة وفي أوساط الجمهور العربي في إسرائيل، ما يتسبب بإحباط عميق لحماس، إلى جانب حفظ اتفاقات السلام مع الدول العربية، ونجاح في تجنيد التأييد من جانب العديد من الدول الغربية، وتجسيد الحلف الصلب بين الولايات المتحدة وإسرائيل، الذي يشكل عنصراً مركزياً في صورة الوضع – مثلما ثبت في التصدي لـ”حزب الله”.

أما الإنجاز الأبرز فيتعلق في الساحة الداخلية، ويتجسد في تجند غير مسبوق من الجمهور في المعركة في ظل إظهار حصانة داخلية وتضامن وتكافل متبادل واستعداد للتضحية، ما يسمح باستمرار القتال، وأغلب الظن شكل مفاجأة للسنوار الذي آمن بأن المجتمع الإسرائيلي لن يصمد في معركة دموية وطويلة. يدور الحديث عن حالة نادرة بمقياس عالمي يشكل فيها الجمهور محركاً مركزياً لجهد قومي عسكري، رغم الفجوات ومشاكل الثقة بينه وبين قيادته. الأجواء الجماعية وإن كانت متكدرة للغاية منذ 7 أكتوبر، لكن سير الحياة في قسم كبير من الدولة قائم، بما في ذلك أداء أجهزة الحكم والمرافق الاقتصادية، واحترام النظام العام واستمرار الفعل الاجتماعي.

وعليه، فبعد 100 يوم من نشوب الحرب، الجمهور مصمم على مواصلة الصراع، لكن يعشش إلى جانبه أيضاً قلق في ضوء عدم تحقيق الأهداف المركزية: حكم حماس لم ينهر، والمخطوفون لم يعودوا إلى الديار. والنتيجة نشوء تدريجي لواقع غامض يترافق مع تجسد سياسي وعسكري غير واضح للجمهور، وقد يكون محملاً بالمصيبة: هناك احتمال أن تتطور إلى حرب استنزاف متواصلة تسمح لحماس أن تدعي بأنها نجحت في النجاة حتى بعد ضربات قاسية ورغم سيطرتها على قسم من القطاع. وهذا الوضع الانتقالي لن يسمح بتثبيت نظام جديد في غزة في “اليوم التالي”، يترافق مع نقد دولي متعاظم، لا يسمح بعودة سكان الغلاف إلى بيوتهم أو تحقيق صفقة مخطوفين، وبالأساس سيبعث اليأس بالجمهور في ضوء فجوة ستتعمق بين أهداف الحرب والواقع بالفعل.

إسرائيل على مفترق طرق، وعليها الاختيار بين مسارين متعارضين: العمل على صفقة مخطوفين معناه إبقاء حماس على حالها، بل وربما انسحاب من غزة حالياً أو استمرار الجهد للقضاء على حكم حماس، ما يفترض السيطرة على كل قطاع غزة – مع الثمن العسكري، السياسي، الاقتصادي والجماهيري الجسيم الذي ينطوي على ذلك. لا ينبغي أن يزوغ البصر من حلول أخرى، مثل إقناع مسؤولي حماس الإجلاء عن غزة أو الترحيل الطوعي وإقامة حكم عشائر في غزة. هذه أفكار ذات احتمالية متدنية، ومجرد البحث فيها يزيد تشوش الجمهور وإحباطهم.

المطلوب نظرة مباشرة إلى الواقع إزاء الساحة الشمالية التي بقيت ثانوية على الأقل حتى هذه اللحظة. احتمال إخلاء جنوب لبنان من قوات “حزب الله” حسب قرار 1701 بتسوية سياسية ليس طفيفاً، لكنه مفعم بعلامات استفهام وينطوي على تهديد ببناء واقع غامص تتواصل في إطاره مناوشة عسكرية تمنع عودة سكان إسرائيليين إلى بيوتهم. في الشمال مثلما في الجنوب أيضاً، يجب الحذر من أوضاع مركبة غريبة عن المعايير المتبعة في الشرق الأوسط، وتفضيل القرارات الحاسمة – حتى وإن كانت ثقيلة الثمن – على “قصص مفتوحة”.

الجمهور الإسرائيلي لم ينتقل بعد من مرحلة الصدمة إلى مرحلة ما بعد الصدمة. ومع ذلك، يجب تبني استنتاجين استراتيجيين ينشآن عن 7 أكتوبر: طرح متواصل وثاقب مع علامات استفهام أمام أصحاب القرار وبخاصة حين يطرح هؤلاء أفكاراً عامة وغامضة، وتحسين فهم للمنطقة المحيطة بنا وبخاصة من خلال تعلم اللغة والثقافة. لن تبعث بالضرورة على التفاؤل، لكنها ستجعلنا ذوي رؤية واعية ودقيقة للواقع المعقد في المنطقة.

---------------------------------------------

هآرتس 15/1/2024

 

أعضاء في “كابينت الحرب”: فشلنا.. وبات ضرورياً عقد صفقة “بأي ثمن”

 

 

بقلم: عاموس هرئيل

 

خلافاً لما يمكن سماعه من تقارير الإعلام، ليس على الطاولة حتى الآن أي اقتراح تسوية متبلور بخصوص صفقة أخرى لتحرير المخطوفين الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس. ثمة أفكار للوسطاء القطريين والمصريين بدعم أمريكي. وثمة إدراك لما يتوقع أن تطلبه قيادة حماس المختبئة في أنفاق غزة، وتحيط نفسها بدرع بشري من المخطوفين.

تم التوصل إلى صفقة التبادل الأولى، التي أطلق في إطارها 110 من النساء والأطفال الإسرائيليين إلى جانب مواطنين أجانب. ونسبت إسرائيل الصفقة التي حصلت حماس مقابلها على ثمن منخفض نسبياً (ثلاثة أضعاف عدد المخطوفين) للضغط العسكري الكبير الذي استخدم على حماس، والذي بسببه أملت قيادة حماس بالحصول على وقف طويل لإطلاق النار. كان لرئيس حماس، يحيى السنوار، اعتبار آخر: عشرات الأطفال والنساء الذين اختطفهم رجاله تحولوا إلى عبء عليه، لأنه بذلك (إضافة إلى المذبحة نفسها) تم الكشف عن وحشية حماس القاتلة ووضعتها في نظر المجتمع الدولي في مستوى “داعش”. من ناحية السنوار، بقي لديه ما يكفي من أوراق المساومة حتى بعد إطلاق سراح هؤلاء. ولكن السنوار ارتكب خطأ واحداً في حساباته، فقد افترض أن الصفقة الأولى ستؤدي إلى مفاوضات طويلة أخرى، وأن الجيش الإسرائيلي لن يعود للعملية البرية. عملياً، ما حدث هو العكس، وهجوم إسرائيل استؤنف فوراً بعد انهيار المحادثات ووقف إطلاق النار.

طلبات حماس في الجولة الحالية تبدو مرتفعة جداً. لا يدور الحديث فقط عن خطة “الجميع مقابل الجميع”، بإطلاق سراح جميع المخطوفين مقابل جميع السجناء الفلسطينيين في إسرائيل، بما في ذلك كبار القتلة المخضرمون وبينهم مخربو النخبة الذين شاركوا في 7 أكتوبر وتم اعتقالهم في حينه. حماس تطلب الحصول على أمرين آخرين مرتبطين بذلك: وقف طويل المدى لإطلاق النار، والتعهد بعدم المس بقيادتها. تبدو تعهدات أكثر مرونة يصعب تطبيقها لفترة طويلة. فحماس خرقت كل اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة، منها ما جرى في 7 أكتوبر، وبذلك سمحت لإسرائيل بالتملص من تعهداتها وأدت إلى فتح جولات قتال أخرى.

إن موافقة إسرائيل على هذه الصفقة تعني نهاية المعركة بالصيغة الحالية، وستكون اعترافاً من الحكومة والجيش بالفشل مرتين؛ في شن الحرب وفي تحقيق الأهداف.

في القيادة الأمنية والسياسية العليا من يقولون بأنه لا مناص من ذلك؛ لأن الأهداف تصطدم بهدف آخر، وهو تحرير جميع المخطوفين. إن الهدف الثاني هو الوحيد القابل للتحقق في هذه الأثناء. حسب رأيهم، فإن الفشل الذريع للدولة في 7 أكتوبر، الذي عرض عائلات في الغلاف وأشخاصاً كانوا في حفلة “نوفا” للقتل وعمليات الاغتصاب والأسر، يلزم أخلاقياً بإصلاح كهذا، حتى بثمن الاعتراف بالفشل الذي معناه العملي الموافقة على انتصار “مؤقت” (هذا ما نأمله) لحماس في الحرب. بالنسبة لحماس، لم يعد الهدف تحقيق هدنة مؤقتة، بل الصعود على مسار نهايته وقف إطلاق نار يضمن بقاءها في الحكم ويحمي كبار قادتها من الإصابة.

رئيس الحكومة، نتنياهو، سيجد صعوبة في الموافقة على مثل هذه الصفقة: أولاً، لأنه سيكون هنا تنازل غير مسبوق من حيث حجمه لإطلاق سراح مخربين، إلى جانب الاعتراف بالفشل في الحرب. ثانياً، لأنها خطوة ستؤدي وبمستوى كبير جدا إلى انهيار الائتلاف وانسحاب الشركاء المتطرفين بن غفير وسموتريتش وحزبيهما.

في الوقت الحالي، يتملص نتنياهو ويطيل الوقت. من جهة، يوزع وعوداً عبثية عن الحرب حتى الانتصار كل يومين. ومن جهة أخرى، يرسل عبر الوسطاء رسالات ضبابية لحماس تسمح بإبقاء مظهر من المفاوضات بدون أي تقدم حقيقي من أجل التوصل إلى صفقة. في الأسبوع الماضي، سجلت عائلات المخطوفين إنجازاً مهماً من أجل رفاهية أبنائها، صفقة بوساطة قطر لنقل الأدوية المطلوبة لهم، التي لم ينشر حتى الآن ضمان حصولها. سارع نتنياهو لإعلان أنه أمر رئيس الموساد دادي برنياع، بالتوصل إلى صفقة. عملياً، لا يبدو وجود أي عملية لإعادة المخطوفين.

في الفترة الأخيرة، بدا استيقاظ جديد لحملة عامة لصالح إطلاق سراح المخطوفين في البلاد والخارج، تنبع من إدراك بأنه لا وقت أمام المخطوفين. وأعلن الجيش الإسرائيلي عن أكثر من 20 أنهم قتلى من بين الـ 136، استناداً إلى معلومات استخبارية، وأحياناً إلى دلائل للطب الشرعي. ومما قاله المخطوفون الذين أطلق سراحهم، يتبين أنه إزاء الوقت الذي انقضى، فالظروف القاسية التي يحتجز فيها المخطوفون الباقون ووحشية آسريهم، تعرض حياة المتبقين للخطر. هذه خلفية للتغير في الرأي العام الذي تبشر به عدة استطلاعات أجريت في الأسبوع الأخير، والتي تدل على تفوق بسيط لمؤيدي الصفقة حتى بثمن “الجميع مقابل الجميع”.

ثمة شك أن هذا سيغير موقف نتنياهو. في المقابل، سيتم وضع المعضلة قريباً أمام الشركاء المؤقتين في الحكومة وفي مجلس الحرب، خصوصاً الوزيرين غانتس وآيزنكوت، اللذين ينسب لهما أنهما على اتصال مستمر مع عائلات المخطوفين ولا يخشيان الانتقادات الموجهة لهما. ولكن هذا غير كاف؛ فقد برزت الخلافات بينهما وبين نتنياهو إلى الواجهة السبت في جلسة مجلس الحرب عندما طلبا المضي بشكل مستعجل بعقد صفقة تبادل.

ربما يضطر غانتس آيزنكوت في الأسابيع القريبة إلى اتخاذ قرار الانسحاب مع قائمة المعسكر الرسمي من الائتلاف، رغم خطورة الخطوة التي ستزيد تأثير المعسكر اليميني المتطرف جداً على اتخاذ القرارات في الحكومة. هذه مخاطرة معروفة، لكن سيضطر غانتس وآيزنكوت للتساؤل: ألم تستنفد استراتيجية البقاء إلى جانب نتنياهو نفسها ولن تسمح له بالبقاء لفترة طويلة، رغم أنها لن تخدم وبحق أهداف الحرب؟

الحرب عالقة

الإدارة الأمريكية محقة: الحرب في القطاع عالقة حقاً وبشكل كبير. يمكن معرفة ذلك أيضاً من البيان اليومي الإجمالي الذي يصدره المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي لوسائل الإعلام كل صباح. فيه إجمال موثوق عن أحداث اليوم السابق، مع تفصيل الأحداث التي تقوم في معظمها طائرة بقتل مخربين بعد تشخيصهم من قبل القوات البرية. عدد المخربين القتلى يتراوح بشكل عام بين 10 – 20 في اليوم. إضافة إلى ذلك، يُبلّغ عن تدمير أنفاق واكتشاف مواقع لإنتاج السلاح وتدمير أسلحة.

هذه بشكل ما هي إنجازات القتال الآن، ويصعب اعتبارها انتصاراً. بقي الجيش الإسرائيلي ثابتاً جداً في معظمه. نشاطات الفرقة 162 في شمال القطاع أقل، وتركز على اقتحام أهداف محددة إلى جانب المكوث على مداخل المناطق المأهولة. الصور التي نشرت في نهاية الأسبوع للفلسطينيين الذين يملأون السوق في مخيم جباليا، تدل على الواقع. في الأماكن التي يتقطع فيها وجود الجيش الإسرائيلي، يحاول السكان الذين اختبأوا العودة إلى روتين حياتهم، وهناك حتى محاولة (قليلة حتى الآن) لحماس من أجل إعادة معالم الحكم.

الوجود العسكري أكثر كثافة في منطقة وادي غزة، حيث تقوم الفرقة 99 بتقسيم القطاع إلى قسمين: مخيمات اللاجئين وسط القطاع، حيث تعمل فيها الفرقة 36؛ وفي خانيونس حيث تستمر العملية الواسعة للفرقة 98 من أجل العثور على منظومة الأنفاق حماس الاستراتيجية. ولكن التقدم في كل هذه القطاعات بطيء، ومن غير المتوقع تغيير وجه المعركة في القريب. حتى تتجنب إسرائيل اتخاذ قرار بشأن عملية في رفح، رغم الخوف من ارتباط حماس مع أنبوب الأوكسجين خاصتها وعودتها لإعادة بناء قوتها العسكرية في ظل غض النظر المصري.

---------------------------------------------

يديعوت أحرونوت 15/1/2024

 

الحوثيون نجحوا في إخفاء أسلحتهم.. واعتراف أمريكي بفشل الضربات

 

ذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن الحوثيين نجحوا بإخفاء أسلحتهم وصعّبوا المهمة على القوات الأمريكية ووكالات الاستخبارات، وما زال التهديد في البحر الأحمر قائما.

وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن مسؤولين أمريكيين اعترفوا لصحيفة “نيويورك تايمز” أنهم واجهوا صعوبة كبيرة في العثور على مواقع للحوثيين لاستهدافها. ويبدو أن الحوثيين نجحوا في إخفاء معظم أسلحتهم التي تم تركيبها على حاملات متحركة. وما زالوا قادرين على تهديد الشحن العالمي في البحر الأحمر.

كما اعترف المسؤولون الأمريكيون أن الضربات العسكرية استهدفت 60 هدفا في 28 موقعا بصعوبة؛ أي لم تصب الضربات سوى 20% من القدرات الهجومية للحوثيين. علما أن الأسلحة، التي استخدمتها الولايات المتحدة وحليفتها بريطانيا، تضمنت صواريخ من الجو من طائرات “سوبر هورنت إف/ أيه” المستندة إلى حاملة الطائرات آيزنهاور، وصواريخ توماهوك من المدمرتين البحريتين “يو إس إس غرافلي” و”يو إس إس ماسون”، والطراد البحري “يو إس إس فيليبين”، وغواصة أمريكية.

ومع عدم فعالية الضربات وبقاء قدرات الحوثيين على حالها، وفق مسؤولين غربيين، فمن غير الواضح إذا كانت شركات الشحن العالمية ستشعر بالأمان مرة أخرى عند استخدام الممر المائي، لا سيما بعد أن توعّد الحوثيون بالانتقام لمقتل خمسة أشخاص على الأقل وإصابة ستة آخرين.

اعترف مدير هيئة الأركان المشتركة يوم السبت، في إشارة إلى هجوم صاروخي وبطائرات دون طيار قام به الحوثيون في 9 يناير: أعلم أن لدينا قدرات متدهورة، ولكن أعتقد أن الحوثيين لن يكونوا قادرين على تنفيذ هجمات بنفس الطريقة التي نفذوا بها هجوم 9 يناير.

أما المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، فقال: إن الضربات أضرّت بقدرة الحوثيين على تخزين وإطلاق وتوجيه الصواريخ أو الطائرات دون طيار.

وقد يكون السبب في صعوبة العثور على الأهداف هو عدم توفر البيانات الكافية حول اليمن، إذ إنه لم يكن يشكل أولوية من أولويات الإدارة الأمريكية.

---------------------------------------------

يديعوت أحرونوت 15/1/2024

 

خلافات في “المصغر” والأخطر في “الموسع”.. والدولة بين رفاهية الحريديم وتكاليف الجيش

 

 

بقلم: ناحوم برنياع

 

لم تكن ضربة 7 أكتوبر كارثة طبيعية؛ إذ لم يسببها عدو تفوق قوته قوة الجيش الإسرائيلي. حماس من أسوأ أعدائنا، لكن كان يمكن منعها قبل اجتياز رجالها الحدود. الحرب التي شنتها إسرائيل عليها مبررة. وكان يمكن الرد بهجمة مضادة واسعة.

 ليس الفأر من سرق، بل الثقب. الثقب هو الساحة السياسية والأمنية التي سببت هذه الكارثة. عشية يوم الـ 100 وقف رئيس الوزراء ورئيس الأركان أمام الكاميرات. وعد رئيس الوزراء احتفالياً بأنه الرجل الذي سيمنع 7 أكتوبر آخر. لعلني مخطئ، لكني سمعته يقول أنا الوحيد الذي تملك التجربة.

 حجم الخسائر والإخفاق والضرر ومدة الحرب التي يعدوننا بها تستوجب السؤال، هل من الصواب مواصلة الأشخاص الذين وقعت أحداث 7 أكتوبر تحت ورديتهم تولي مناصبهم. لا ينبع السؤال فقط من غضب على الإخفاقات؛ بل تخوف من التوصل إلى قرارات صحيحة. الـ 100 يوم تدل على الصعوبة: أهداف لم تتحقق، ومخطوفون لم يعودوا.

تحمل الجيش و”الشاباك” المسؤولية، خيراً فعلا. لكن تحمل المسؤولية لا تعفي المسؤولين من استخلاص النتائج. فلا معنى لانتظار ثلاث سنوات، خمس سنوات، سبع سنوات لتوصيات لجنة تحقيق أو لاستقالة نتنياهو: يعرفون ما حصل وما لم يحصل.

 في كابينت الحرب خمسة أعضاء، ستة مع درعي. رئيس الوزراء ووزير الدفاع، المسؤولان الكبيران في الكابينت، لا يتحدثان معاً. قد نحصي المرات التي أجريا فيها حديثاً ثنائياً، ولم تعن أي منها بالحرب. نتنياهو يفعل أفضل ما في وسعه، من اليوم الأول، لتهميش غالنت. أما السبب فينبغي البحث في النوازع، وليس في جدال حول إجراءات عسكرية. للشقاق ثمن: الجيش منظمة مراتبية، ويستصعب إدارة الحرب تحت قيادة سياسيين عدوين.

 وصلت الأمور في آخر مداولات بين الوزراء مع رئيس الأركان إلى ذروتها. اتفق على أن يكون السكرتير العسكري لنتنياهو حاضراً. عندما وصل غالنت، رأى أربعة آخرين من مساعدي رئيس الوزراء، كلهم سياسيون: رئيس الطاقم تساحي بريفرمان، وسكرتير الحكومة يوسي فوكس، ورئيس هيئة الأمن القومي تساحي هنغبي، ومساعده رامي بيلد. فطلب إدخال مساعديه أيضاً. فإذا كان الحديث يدور عن تعليمات عملية، فمن المفيد أن يكونوا هنا أيضاً، قال. لكن نتنياهو رفض.

 غادر غالنت احتجاجاً، وعاد بعد ذلك إلى المداولات التي حضرها الوزراء فقط.

 الوضع أخطر من ذلك في الكابينت الأمني الموسع، ذاك الذي حسب القانون، يفترض أن يتخذ القرارات المهمة. أوضحت دولة إسرائيل هذا الأسبوع رسمياً، من خلال مندوبيها في محكمة لاهاي، أن لا صلة لأعضاء الكابينت هذا وبينهم وزير المالية و(نصف) الدفاع والوزير الكامل للأمن القومي، للقرارات التي يتخذها الكابينت في مجال الأمن. فهم يجلسون في الكابينت بصفة زومبي.

كان هذا كذباً، بالطبع. فبن غفير وسموتريتش لهما تأثير عظيم. ولتخوف نتنياهو منهما، يمنع أي قرار عن اليوم التالي. لذا، يتصرف الجيش داخل غزة دون خطة، أما الإدارة الأمريكية فتجد صعوبة أكبر في تأييد إسرائيل. إن هجوماً عسكرياً ليس له نهاية (EndGame) خطة لليوم التالي، يكون رحلة عقاب، رحلة ثأر. على فرض أن ليس لنا لا رغبة ولا قدرة على إلقاء أكثر من مليونين في البحر، فالمشكلة التي تطرحها علينا غزة لن يحلها هجوم. بدون بديل، إما عودة حماس لتحكم غزة أو إبقاء جنودنا فيها إلى الأبد (الإمكانية الثالثة، فوضى على نمط الصومال، ليست مستحبة). من السهل أن نسخر من الهزء بالائتلاف الذي أقامه نتنياهو، والنواب “النرويجيون” الذين يبتزونه، والتسيب المالي، والإعلانات المجنونة التي يجد نفسه مدافعاً عنها. نتان حودوروف من القناة 13 سأله سؤالاً بسيطاً: لماذا قلت قبل شهر بوجود مال يكفي الجميع، وتقول اليوم غير ذلك؟ فشرع نتنياهو في خطاب يدعي فيه الضحية: في حينه، تحدثت عن ميزانية 2023؛ أما الآن فعن ميزانية 2024. للسائل أجندة سياسية.

لكن الحرب كانت قبل شهر أيضاً، والجيش الإسرائيلي أنفق في حينه مليار شيكل يومياً. لم يكن هناك مال في حينه، لكن الحاجة لرشوة الحريديم والسموتريتشيين كانت أكثر إلحاحاً. حكومة تكذب كهذه، لا يمكنها أن تدير حرباً، حتى لو كانت عادلة. وهاكم هنا سبباً آخر للغضب.

---------------------------------------------

 

هآرتس 15/1/2024

 

 

في القدس: حطموا مدخل المقبرة الإسلامية وخطوا “هذا قبر بنيامين”.. بشرى بقدوم المسيح!

 

 

بقلم: نير حسون

 

كان الناس على مدى مئات السنين يتوجهون إلى القدس من جهة الغرب بنفس المشهد المعروف: تلة مرتفعة يعلوها قبر متميز. وأضيف للتلة مسجد مع مرور السنين، أما المباني التي عليها فبدأت تختفي وراء مبان أخرى. ارتبطت بالمكان أساطير وقصص كثيرة خلال هذه السنين، أشهرها صوفي يهودي مقدسي بحسبه تعدّ هذه التلة فتحة المدينة “بتحا دكراتا”، أي المكان الذي يربط بين القدس العليا والقدس السفلى. حسب التراث، هو المكان الذي سيظهر فيه المسيح بن يوسف، الذي سيبشر بقدوم المسيح بن داود.

في تلك السنوات، كان معروفاً بأن المبنى يستخدم مقبرة إسلامية، ومن عام 1929، جرت فيه أعمال تخريب، وخطوا على الجدران كتابات مثل “العربي الجيد هو العربي الميت”. وفي العام 2011 نجا من محاولة إحراق. ومؤخراً، اقتحموا أبوابه رغم موقف سلطة الآثار وبلدية القدس المسؤولة من هذا القبر. وتم تبييضه ووضعوا شمعداناً على أحد القبور، ولافتة جديدة على المدخل كتبوا عليها أنه قبر بنيامين بن يعقوب.

حسب أقوال يعقوب حن، وهو من رعايا بيرسلاف وناشط رئيسي في تغيير طبيعة المبنى، فإن التراث الذي يربط بين بنيامين بن يعقوب، والد سبط بنيامين، والمبنى، غير جديد. وأشار إلى “الكتاب الصحيح” الذي كتب في العصور الوسطى، والذي يصف التاريخ اليهودي، وفيه: “دفن بنيامين في القدس رغم أنف اليبوسي”.

كلمة “اليبوسي” تعني القدس وأمامها التلة بين شارع “شتراوس” وشارع “يحزقيل” في الحي الحريدي بالقدس. وحسب أقوال حن، تجمعت في السنوات الأخيرة مجموعة حريديم في الحديقة التي أقامتها البلدية قرب القبر لإحياء ذكرى موت بنيامين. لاقت المبادرة نجاحاً هذه السنة عقب قرار الجيش الإسرائيلي تقليص الاحتفالات بالأم راحيل في القبر الموجود على مدخل بيت لحم بسبب الحرب. وشرح حن أنه وبسبب القول في التوراة بأنها توفيت أثناء ولادة بنيامين – حسب التراث، مات بنيامين في نفس تاريخ اليوم الذي ولد فيه – تاريخ الاحتفال به وبأمه متشابه. “لقد جاء الآلاف إلى هنا”، وصف حن الاحتفال في هذه السنة. وحسب قوله، القبور الأربعة الأخرى في المبنى هي قبور أولاد بنيامين: بلاع وبخار واشفال وحافين.

لكنه شرح ينفيه الباحثون. وحسب قولهم، المدفون هناك جنديان مسلمان سقطا في العام 1251 في معركة بين فصيلين من جيش السلطنة الأيوبية. السلالة الأيوبية التي مصدرها كردستان، حكمت أجزاء واسعة من الشرق الأوسط في القرنين الثاني عشر والثالث عشر. الحاكم الأشهر الذي ترأس هذه السلالة هو صلاح الدين الأيوبي، الذي احتل القدس من يد الصليبيين.

الجنديان اللذان دفنا في المبنى ينتميان لعائلة القيمري، وهي عائلة بارزة يعيش أبناؤها في القدس حتى الآن. مع مرور الوقت، أضيفت للمنشأة ثلاثة قبور أخرى، دفن أشخاص آخرون من عائلة القيمري في قبرين. لذا، سمي المبنى بالقيمرية.

حسب أقوال البروفيسور ريخف (بوني) روبين، مدير معهد أبحاث يد إسحق بن تسفي، كان المبنى جزءاً من عدة مبان بارزة للعيان أحاطت بالقدس القديمة من كل اتجاه. “كل من جاء إلى القدس من جهة الغرب عن طريق لفتا أو الطريق الرومي شاهده، وهذا الأمر الذي كان يبشر بالاقتراب من القدس”، قال روبين.

 

ضيوف وأصحاب بيت

 

إن تحويل قبور شيوخ أو قبور أولياء مسلمين إلى قبور أولياء يهود، ظاهرة سائدة جداً. عملياً، ينسب لبنيامين بن يعقوب قبر آخر قرب “كفار سابا”. ودفن فيه، حسب التراث الإسلامي، حكيم اسمه النبي يامين. ولكن حسب ادعاءات المؤمنين اليهود، حافظ الاسم العربي على اسم بن يامين، وهذا دليل على صدق ادعاءاتهم. الباحث دافيد آساف من جامعة تل أبيب، شار في منشور “فرحة السبت” إلى وجود تقاليد أخرى حول مكان دفن بنيامين في غور بيت نقوبا في الجليل.

“حتى العام 1948 تشارك اليهود والمسلمون في تقديس المكان”، قال البروفيسور دورون بار الذي حقق في تاريخ الأماكن المقدسة. وحسب قوله، فإنه “كان اليهود في مرات كثيرة هم الضيوف، وكان المسلمون أصحاب البيت”.

بعد العام 1948، قال بار، بدأ اليهود في عملية الاستيلاء على الأماكن الإسلامية المقدسة. وحسب قوله، تمت العملية على الأغلب بتشجيع من السلطات في السبعينيات. وفي العقود الأخيرة، قال، أصبحت عملية أكثر تلقائية. الأشخاص الذين هم بحاجة إلى مكان مقدس قرب البيت يأخذون مبنى إسلامياً ويقدسونه. هكذا تحول أو أصبح هذا يرتبط بالإيمان: قبر النبي داود إلى قبر دافيد، وقبر النبي صموئيل إلى قبر شموئيل هنفيه، وقبر أبو هريرة إلى قبر الحاخام غملئيل، وما شابه.

 

دورات لدراسة الزوهر

 

العلاقة التاريخية للمؤمنين في الديانتين بهذه المنشأة بدأت تتطور قبل سنوات كثيرة. التراث الصوفي اليهودي حول التلة بدأ يتعزز عند بداية استيطان اليهود لمنطقة، في الوقت الذي تجمع في هذا المبنى أوائل الفروسيين في القدس، وهم تلامذة العبقري من فلناه، وهؤلاء كانوا يقيمون حلقات في خيمة لدراسة الزوهر وتوراة أرض إسرائيل.

بعد سنوات كثيرة، وصف الكاتب حاييم بئير كيف أنه أثناء الحصار في 1948 تجمع الصوفيون هناك وأقاموا صلاة لطلب الخلاص، صلاة “بعدها تم تخفيف الوضع بشكل كبير”. بالنسبة للعرب، في المقابل، دفن في هذا المكان ليس أقل من ثلاثة من أنبياء الديانة التوحيدية: موشيه، ويشوع، ومحمد. هذا التراث أثر على المندوب السامي البريطاني جون تشنسلر، الذي قرر تسمية الشارع القريب بشارع الأنبياء. وحتى الآن، هذا هو اسم أحد الشوارع المهمة في مركز مدينة القدس.

في نهاية القرن التاسع عشر، بدأت الأحياء اليهودية في الظهور قرب القيمرية، وفي الوقت نفسه، تم بناء مسجد قربها. ثم بدأوا يسمون المكان “النبي عخشا”، على اسم أحد صحابة النبي محمد، ونسبوا المسجد له.

في ضوء تاريخه الأثري، بدت جمعية الآثار “عيمق شفيه” غاضبة بسبب التغييرات. “لو أرادت سلطة الآثار والبلدية لأغلقت المبنى على الفور”، قالوا في الجمعية. “ولكنهم مكنوا مجموعات حريدية متطرفة من تحويل القصة الثرية للقدس إلى قصة أحادية الأبعاد ومختلقة، وتبقيه مهملاً وخرباً. كتابات الغرافيك التي كتبت على جدران المبنى وداخله، واللافتات التي علقت عليه والتي تشبه لافتات المركز القطري لتطوير الأماكن المقدسة، تدل على أنها لا تنوي إعطاء المبنى الإسلامي ما يستحق من الاحترام كجزء من تاريخ المدينة”. في المقابل، الدكتور توفيق دعادلة، الذي فحص تاريخ المبنى، رحب بدخول اليهود إليه: “إذا استخدموه، فلن يسمحوا بتدميره على الأقل. استخدام المبنى سيعمل على إحيائه”.

جاء من بلدية القدس: “عملت البلدية على إزالة مخالفات البناء التي حدثت في المكان ومحاولة السيطرة عليه. وعملت أيضاً إلى إعادة الوضع لسابق عهده، وسمحت بوصول أي شخص إليه”. يجب التأكيد أن البلدية لم تصادق على تغيير استخدام المكان كمقبرة إسلامية. مدير سلطة الآثار ايلي اسكو زيدو، قال إن سلطة الآثار تنوي العمل بالتعاون مع البلدية على إغلاق هذا المبنى.

---------------------------------------------

 

هآرتس 15/1/2024

 

 

وإن لم تكن تلك إبادة جماعية

 

 

بقلم: ايال غروس

 

النقاشات التي جرت في الاسبوع الماضي في محكمة العدل الدولية في لاهاي تركز حول سؤال هل اسرائيل تخرق ميثاق المنع والمعاقبة على جريمة ابادة شعب. الدعوى التي قدمتها جنوب افريقيا تعكس اعتقاد كثيرين في العالم بأن القتل الواسع للفلسطينيين في قطاع غزة وصل الى درجة ابادة شعب. الاحتكام الى ادعاء الابادة الجماعية خلافا لادعاءات اخرى يجلب معه ايضا أهمية خاصة من الصدمة الى جانب الالتزامات التي تفرضها الاتفاقية فيما يتعلق بضرورة العمل على منع ابادة شعب وحظر التحريض عليها.

يوجد لمثل هذه الدعوى بالتحديد ايضا سبب اجرائي: المحكمة توجد لها صلاحية مناقشة دعاوى بين الدول فقط حسب الاتفاق بينها. في الميثاق بشأن ابادة شعب هناك بند بحسبه جميع الدول الموقعة على الميثاق توافق على صلاحية قرار حكم المحكمة. في مواثيق اخرى، مثلا ميثاق جنيف الذي يتناول حماية المدنيين اثناء الحرب والاحتلال، لا يوجد مثل هذا البند. لذلك، لا يوجد للمحكمة صلاحية حكم بشكل تلقائي بشأن حماية المدنيين في الحرب إلا اذا وافقت اسرائيل على الحكم.

في اعقاب الخطاب العالمي والاجراء القضائي، ضمن ذلك بسبب مسألة صلاحية الحكم، تحول النقاش في اسرائيل وفي ارجاء العالم الى أكثر تركيزا حول مسألة الابادة الجماعية.

من اجل اثبات وجود ابادة شعب مطلوب اساس وقائعي لوجود واحد من عدة افعال تم عدها في الميثاق مثل قتل اعضاء مجموعة معينة، التسبب بضرر كبير للجسم أو الروح لمن ينتمون للمجموعة، أو وضع مجموعة معينة بشكل متعمد في ظروف حياة يمكن أن تؤدي الى ابادة كل هذه المجموعة أو جزء منها، ايضا يجب اثبات أنه كان لهذه الافعال اساس نفسي من نية الابادة، بصورة كاملة أو جزئية، لمجموعة وطنية أو عرقية.

ولأنه لا يوجد شك في أن اسرائيل قتلت واصابت الكثير من الفلسطينيين في القطاع وظروف الحياة هناك قاسية بشكل خاص فان النقاش يتركز في الاساس حول مسألة النية. هل اسرائيل تنوي المس بالفلسطينيين هناك لكونهم فلسطينيين، حسب ادعاء جنوب افريقيا، أو أنها فقط تريد المس برجال حماس كما تدعي.

من اجل اتخاذ القرار النهائي فان الامر سيحتاج الى الكثير من الوقت؛ الآن الانتظار هو لقرار من المحكمة بشأن اوامر مؤقتة، التي من المتوقع أن تعطى خلال بضعة اسابيع. من اجل اصدار اوامر يكفي أن تقتنع المحكمة بأنه ربما قد تكون هناك حقيقة في ادعاءات جنوب افريقيا. في الخلفية توجد خلافات حول الوقائع، لكن ايضا توجد تفسيرات فيما يتعلق بمسألة كيف يجب تفسير اليوم جريمة ابادة شعب. الطاقم القانوني الاسرائيلي عرض بالصورة المناسبة ادعاءات تستند الى الوقائع وادعاءات قانونية تريد القول بأن الميثاق ليست له صلة بهذه الحالة.

ولكن النقاشات المتركزة حول مسألة "ابادة شعب" – هل حدث هذا أم لا – جاءت ولها ثمن. ابادة شعب ليست الامر الوحيد المحظور في القانون الدولي. فقوانين الحرب تلزم بعدم القيام بهجمات لا تميز، أي هجمات لا تميز بين المدنيين والمقاتلين. يجب على الدول اتخاذ وسائل الحذر من اجل ضمان أنه لن يتم المس في هجماتها المدنيون. ايضا محظور مهاجمة هدف عسكري اذا كان يتوقع أن يمس الهجوم بحياة المدنيين بشكل لا يتناسب مع الفائدة المباشرة الملموسة للهجوم. خرق هذه القواعد يمكن أن يصل الى مستوى جرائم حرب حتى بدون نية خاصة، التي يصعب اثباتها، لارتكاب جريمة ابادة جماعية.

مع الاخذ في الحسبان العدد الكبير جدا للمدنيين والاطفال الذين قتلوا في غزة بسبب العمليات الاسرائيلية، وحيث تشاهد احياء كاملة دمرت وقصفت، وتُسمع اقوال تفيد بأنه "لا يوجد ابرياء في غزة"، فمن الصعب عدم الاعتقاد بأن قواعد قوانين الحرب هذه لا يتم الحفاظ عليها. ايضا الرئيس الاميركي تحدث عن "القنابل التي لا تميز" التي القتها اسرائيل على قطاع غزة. الهجمات التي لا تميز بين الجنود والمدنيين هي هجمات محظورة. الهجمات المعروف مسبقا بأنها ستمس بالمدنيين بشكل غير متناسب يمكن أن تعتبر جريمة حرب. دمج العدد الكبير للمدنيين الذين قتلوا والرؤية التي تنعكس ليس فقط بتصريحات السياسيين، بل ايضا بتصريحات جنود في الميدان، مثل الجنود في الفيلم الذي عرضته جنوب افريقيا في الجلسة، الذي فيه يظهر الجنود وهم يغنون ويطلقون الشعار بأنه لا يوجد في غزة "أي شخص غير متورط" والشهادات الكثيرة بأن الهجمات اضرت بالبيوت والطواقم الطبية وغير ذلك، هذا الدمج يجب أن يقض مضاجعنا جميعا.

النقاش في قضية "الابادة الجماعية، نعم أم لا"، يمكن أن يجذب كل الاهتمام. يجب عدم تفسير دفاع اسرائيل أمام هذا الادعاء، أو الرفض المحتمل له في المحكمة، بأنه يبرر كل ما تفعله اسرائيل في قطاع غزة. بعد 7 تشرين الأول (اكتوبر) اصبح صعبا جدا بالنسبة لكثير من الاسرائيليين التفكير بالتعاطف مع ما يحدث في غزة. من الطبيعي ومن الصحيح أن كثيرين يريدون تحميل حماس المسؤولية عما يحدث. ولكن بما أن الصدمة الناتجة عن احداث 7 تشرين الأول (اكتوبر) تنبع بالتحديد من المس الشديد جدا بالأبرياء، فلا ينبغي لنا اغماض العيون عن مثل هذه الاصابات الخطيرة التي لحقت ببني البشر في غزة، حتى لو كانت المحكمة لا تعتبرها ابادة جماعية.

---------------------------------------------

 

هآرتس 15/1/2024

 

 

العرب سيدفعون الثمن

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

خطة وزارة المالية التقليص بشكل غير مسبوق وغير متوازن في الميزانيات المخصصة لتنمية المجتمع العربي تدل على ان الحكومة قررت ان يكون المواطنون العرب أول من يدفع ثمن المصيبة الاقتصادية في اعقاب هجمة حماس والحرب. وبتقدير لجنة رؤساء السلطات العربية، سيبلغ التقليص 4.5 مليار شيكل كانت مخصصة لخطط في التعليم، التشغيل، الرفاه، تنمية البنى التحتية وغيرها. مشكوك أن تكون المؤشرات الأولى لثمار الاستثمار في الجمهور العربي تهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وحكومة التفوق اليهودي برئاسة بنيامين نتنياهو. وحتى جهاز الامن العام الشاباك وصف أمس، في بيان استثنائي التقليص المخطط بأنه "مس استراتيجي بالحصانة القومية"، من شأنه أن يؤدي الى "تعميق الاغتراب، إحساس عدم الانتماء وانعدام الالتزام من جانب الدولة"، مما "سيعمق احتمالات العنف على خلفية قومية".

وتتضمن التقليصات في مشروع الميزانية للعام 2024، ما مجموعة 23 قرار حكومي لتقليص بمعدل 15%. وتكاد تكون كل الخطط متعددة السنين بحيث إن التقليص سيحل أيضا على السنوات التالية. من 37 مليار شيكل لعموم القرارات خصص 32 مليارا للمجتمع العربي، والتي تتضمن ضمن أمور أخرى الخطة الخماسية (التي اتخذت في الحكومة السابقة)، خطة مكافحة الجريمة في المجتمع العربي، وغيرها. من تحت اطار الدخان الذي تسدله وزارة المالية والحكومة بشأن "تقليصات أليمة" ستشعر بها كل أطياف المجتمع، تتضح الحقيقة: مس فظ ومركز بالميزانيات للمجتمع العربي.

بينما سيكون التقليص العرض المقترح في الوزارات الحكومة 3 %، فإن التقليص في الخطة الخماسية اكبر بخمسة اضعاف. ان المس بالعرب مزدوج: عبر الخدمات التي يفترض ان تقدمها عموم الوزارات الحكومية وفي التقليص الذي "حيك" لأجلهم. تجربة الماضي تفيد أيضا بانه حتى الإقرار النهائي للميزانية الجديدة ستتقزم باقي التقليصات وبالتأكيد تلك التي تخص الجماعات التي تفضلها الحكومة، وعلى رأسها المستوطنون والحريديون.

منذ قيام الدولة اتخذت الحكومات اكثر من 15 قرارا لتقليص الفجوات بين العرب واليهود، لكن تأثيرها كان صغيرا، هذا اذا كان على الاطلاق. في 2015 اقرت الحكومة برئاسة نتنياهو خطة أخرى متعددة السنين، اعتبرت نهجا جديدا. على أساس دروسها اقرت حكومة التغيير في 2021 خطة شاملة وطموحة اكثر من ذلك. مؤشرات أولية تدل على ثمار الاستثمار، ومنها التحسن في نطاق تشغيل النساء، معدل الاستحقاق لشهادة الثانوية وعدد الطلاب الجامعيين.

على سموتريتش ونتنياهو أن ينصتا الى تحذيرات مسؤولي الجمهور العربي، وزارة المساواة الاجتماعية والشباك من احباط تنمية المجتمع العربي. الخطة هي تمييز مرفوض، تفرض ضائقة اقتصادية – اجتماعية على نحو 20 % من مواطني إسرائيل. محظور الموافقة على سلم الأولويات المشوه هذا.

---------------------------------------------

 

معاريف 15/1/2024

 

 

إسرائيل الى أين تسير؟

 

 

بقلم: أفرايم غانور

 

مع كل الحزن الشديد والالم الرهيب، أسمح لنفسي بأن أقول ان الحرب التي فرضت على إسرائيل في 7 تشرين الأول (أكتوبر) كان من شأنها أن تلحق ضررا أكبر بكثير. ففي الواقع المرير الذي كانت فيه دولة إسرائيل ممزقة في السنة الأخيرة كان يمكن لهذا أن يبدأ بضربة وبمصيبة أخطر وأكثر ايلاما بكثير جدا. يكفي أن نفكر ماذا كان سيحصل لو أن هجمة حماس في ذاك السبت من فرحة التوراة كانت بدأت بتنسيق مع حزب الله، الحوثيين، المقاومة في الضفة الغربية والميليشيات الإيرانية في سورية. لا حاجة لخيال عظيم كي نفهم بأي وضع كانت ستكون عليه اليوم دولة إسرائيل.

هذه الحرب هي "نداء صحوة" صاخب ومدوٍ يستوجب من إسرائيل ان تستيقظ الى عالم آخر من التفكير والسلوك، الى صهيونية جديدة وغائية ترتبط بالواقع العالمي والى المحيط المتغير حولها. واقع توجد فيه قيادة شجاعة ذات اقلاع، رؤية، نظرة حكيمة وبراغماتية، توجد لها قدرات وقوى لأن تتخذ وتنفذ قرارات صعبة وبالأساس لا تشبه القيادة العتيقة، المسيحانية والمتبطلة الحالية، التي في رؤياها توجد إقامة متجددة للهيكل، عودة الى المحكمة على نمط العهود المندثرة وتوسيع الاستيطان اليهودي الى حدود بلاد إسرائيل الكاملة وكأننا اسياد كل العالم.

لقد اثبتت لنا الحرب بشكل واضح بأننا بحاجة الى قيادة أخرى بالنسبة لها قيمة الانسان هي فوق كل شيء، وبالتأكيد فوق قبور الاولياء وان زعماء في صورة نتنياهو، إمسلم، بن غفير، سموتريتش، كرعي، ريغف وامثالهم لا يمكنهم ان يقودوها في هذا الوقت بالطريقة التي يتصرفون بها. لقد بينت لنا هذه الحرب بانه يوجد هنا جيل جديد من القادة العسكريين والمقاتلين الشجعان والمصممين، جيل جلب لشعب إسرائيل روحا جديدة وبوسعه أن يرفع هنا قيادة جديدة مع قدرة تفكير خارج الصندوق تسير بإسرائيل الى واقع مختلف وعمل ما لم تنجح في عمله القيادات السابقة.

إسرائيل هذه الأيام، وبعد 100 يوم على الحرب، تقف امام تحديات عديدة وصعبة لم نشهد لها مثيل في الماضي، وتفترض قيادة قدوة وليست واهنة. فضلا عن المهمة الأولية لإنهاء الحرب في غزة بعد القضاء على حكم حماس وإعادة المخطوفين توجد حاجة عاجلة لاعطاء حل لغزة المدمرة، اختيار وتنصيب قيادة مدنية توفر احتياجات لمليوني وأكثر من سكانها، كل هذا بعد تواجد وسيطرة إسرائيليين في معبر رفع ومحور فيلادلفيا.

إلى جانب هذا توجد امام قيادة الدولة الحاجة لإعادة الهدوء والسكينة الى حدود الشمال الذي نحو 80 ألف من سكانه هم بمثابة نازحون من بيوتهم، حقولهم ومصانعهم، في ظل إعادة الامن الى الشمال حيال تهديدات حزب الله. في قائمة المهام الهامة إياها، توجد مهمة لا تقل صعوبة، اعمار بلدات الغلاف وإعادة سكانه النازحين الى حياة أمن وهدوء حيال قطاع غزة.

كل هذا قبل أن نتحدث عن مهام مثل ترميم اقتصاد إسرائيل، معالجة الزراعة، السياحة، جهاز التعليم وجهاز الصحة. يدور الحديث عن مهام فورية لأجل إعادة الدولة الى مسار الحياة الطبيعية.

هل يمكن لهذه الحكومة ان تؤدي هذه المهام؟ واضح انه لا، مثلما سنتعرف في الأيام القريبة القادمة من ميزانية الدولة التي ستقدمها، وتثبت لماذا تحتاج إسرائيل الزاما الى تغيير القرص القيادة، بحيث يكون فيه جواب وحلول للاخفاقات التي جلبت على إسرائيل الكارثة الرهيبة في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، مثل تغيير ثوري وجذري في مبنى الجيش الإسرائيلي، في سلوك الدولة وسلم أولوياتها.

في هذا الواقع، حين نسأل اليوم: وجهة الدولة الى اين؟ واضح لكل ذي عقل بعيد عن الاعتبارات والمصالح السياسية بان هذه الحكومة ليست جديرة وليست قادرة على ان تقوم بمهامها.

---------------------------------------------

 

إسرائيل هيوم 15/1/2024

 

 

غياب مخطط سياسي يصعب القتال

 

 

بقلم: ارئيل كهانا

 

ضغوط متزايدة على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لعرض مخطط سياسي، حتى وإن كان جزئيا، بالنسبة لمستقبل غزة.

وزير الدفاع يوآف غالنت، قائدا المعسكر الرسمي بيني غانتس وغادي آيزنكوت وجهاز الأمن يعتقدون بأن إسرائيل ملزمة بأن تتقدم في المسألة وأن الأمر سيساعد القتال. بالمقابل، يمتنع نتنياهو حتى الآن عن اتخاذ قرارات لاعتبارات مختلفة. في محيطه يقولون إنه تجرى دراسة تفصيلية ومداولات ويردون الادعاءات بالتسويف.

وعلمت "إسرائيل اليوم" بأنه إضافة إلى أعضاء كابينيت الحرب، ففي جهاز الأمن أيضا يعتقدون بان الوضع السياسي سيتيح على التوجيه السليم لخطى الحرب. فقد قال مصدر أمني رفيع جدا في إحدى المداولات ان "التقدم في المرحلة الثالثة من الحرب، بدون الفهم الى أين نصل في المرحلة الرابعة، سيجعلنا نعلق في المرحلة الثالثة بل ربما يعيدنا الى المرحلة الثانية". والمقصود في ذلك هو انه طالما كان الجيش يسيطر أمنيا في القطاع ولا يعرف من هي الجهات المدنية التي يفترض بها أن تعالج شؤونه فإنه لن يكون له عنوان لخلق اتصال بهذه المحافل وتعزيزها.

كنتيجة لذلك ليس للجيش قدرة على الانتقال إلى المرحلة الرابعة المتمثلة بتسليم الحكم المدني في القطاع إلى جهة جديدة، محلية أو أجنبية، لا تكون حماس. وعندما لا تكون جهة جديدة، فإن حماس ستواصل إدارة الحياة المدنية قدر ما تستطيع. وتناول مصدر سياسي في هذا السياق تشغيل سوق جباليا وسيطرة مقاومين من حماس على شاحنات المساعدات كحالتين تواصل فيهما الحكم المدني لحماس، كونه لا يوجد حسم سياسي – إسرائيلي من سيكون العنوان التالي.

وكانت المسألة طرحت من جديد في القيادة السياسية في أعقاب زيارة وزير الخارجية الأميركي بلينكن إلى البلاد الأسبوع الماضي. فقد ضغط المسؤول الأميركي على إسرائيل في سلسلة طويلة من المجالات ومن بينها إعادة السكان العرب من شمال قطاع غزة الى بيوتهم وإنهاء القتال هناك. رد كل أعضاء كابينيت الحرب طلب بلينكن وأوضحوا بأن وقف القتال في المنطقة غير وارد.

ومع ذلك، يعتقد زملاء نتنياهو في كابينيت الحرب بأنه إذا وجهت إسرائيل الأميركيين بالنسبة لمستقبل القطاع حسب رؤيتها، فإن الأمر سيقلل ضغوطاتهم. هكذا مثلا، يعتقد رئيس المعسكر الرسمي غانتس بانه لا يدور الحديث بعد عن "اليوم التالي" – التعبير الذي يتحفظ منه – وبالتأكيد عن إنهاء القتال. لكن على حد نهجه ينبغي بالفعل أن ترسم على الأقل ترتيبات فنية – موضوعية بالنسبة للإدارة المدنية للقطاع في المستقبل القريب.

يدور الحديث مثلا عن مناطق إنسانية أخرى تعلن في القطاع وتسلم لإدارة محلية من غزيين أو جهات دولية. هذه الأجسام تدير توزيع المساعدة الدولية في تطلع لأن ينزع من يد حماس هذا الجانب أيضا من سيطرتها في القطاع.

بتقدير غانتس فإنه إذا ما أشركت اسرائيل الأميركيين بالنسبة للشكل الذي ترى فيه الإدارة المدنية للقطاع، فانهم سيعمدون الى تجنيد الجهات ذات الصلة في الأسرة الدولية وبخاصة من دول الخليج.

---------------------------------------------

 

إعلام إسرائيلي: لا تقولوا لنا إن "حزب الله مردوع".. فلتعد العائلات للشمال!

 

 

تحدث تقرير في صحيفة "إسرائيل هيوم" الإسرائيلية، بعنوان "لا تقولوا لنا إن حزب الله مردوع"، عن الأزمة المستمرة التي يعيشها مستوطنوا المناطق الشمالية في فلسطين المحتلة، وهو ما بات يعرف في كيان الاحتلال بأزمة الجبهة الشمالية مع حزب الله، والتي بدأت بعد عملية طوفان الأقصى في أكتوبر الماضي، حيث أخليت مستوطنات الشمال وتمّ إجلاء المستوطنين إلى مناطق أخرى، خشية من هجمات حزب الله.

وذكر التقرير أنّه "في الأسابيع الأخيرة، وضع حزب الله منازل السكان على الحدود الشمالية هدفاً له"، وطالب مراسل الصحيفة في الشمال "الوزراء وأعضاء الكابينت وألوية الأركان العامة بأن يسألوا أبناء عائلاتهم عما إذا كان أحدهم على استعداد للانتقال للسكن على الحدود الشمالية".

وأضاف أنه "خلال عطلة نهاية الأسبوع، قيل إنّ "السكان في المستوطنات التي تبعد 3.5 كيلومتر من الحدود سيتمكنون من العودة إلى منازلهم، ولكن الجيش الإسرائيلي نفى ذلك".

وأشار إلى أنّ "الذين يخشون اليوم الذي سيُطلب منهم فيه العودة إلى مستوطناتهم، كانوا في ضغط وقلق عندما سمعوا الإشاعات، قبل أن ينفيها الجيش".

وذكر مراسل الصحيفة أنّ "الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين تنقّل بين لبنان وإسرائيل لضمان عدم قيام حزب الله بإطلاق النار على السكان العائدين إلى منازلهم"، وذلك "بعد أن وضع حزب الله منازل السكان على الحدود الشمالية هدفاً له في الأسابيع الأخيرة، وهو ما تحوّل بالفعل إلى لعبة روليت قاتلة".

ولفت التقرير إلى أنه "بعد أيام من الضباب وانخفاض وتيرة العمليات في الشمال خرج من يقول إنّ حزب الله مردوع، ولكن بمجرد انقشاع الضباب، ظهر حزب الله مرة أخرى".

وأوضح أنه "في شتولا، خرج اثنان للتدخين، فأطلق حزب الله صاروخاً ضد الدروع على منزلهما، وبالأمس، كانت النتائج مأساوية، وانتهت لعبة الروليت المضادة للدبابات بتحقيق إصابات، أما في كفار يوفال، فقد جاء الجندي باراك أيالون لتناول وجبة مع والديه"، وتعرض المنزل بعد دخول الجندي إليه إلى قصف أدّى إلى مقتله مع أحد أفراد عائلته وجرح آخر.

ويتابع التقرير أنه "في 7 تشرين الأول/أكتوبر، فقدنا الثقة بالحكومة والجيش. أولئك الذين تخلوا عن إخوتنا في الجنوب يتخلون عنا الآن – نحن سكان الشمال. لن نعود إلى البيت دون الشعور بالأمن. شعور نحن سنحدّده".

ويضيف أنّ "الوزراء وأعضاء الكابينت وألوية الأركان العامة عليهم أن ينظروا في المرآة، وأن يسألوا أبناء عائلاتهم عما إذا كان أيّ منهم على استعداد للانتقال للسكن على الحدود"، متسائلاً "هل يوجد شجاع واحد منهم يعتمد على جندي إيطالي في قوة اليونيفيل (لحمايته)؟ هل يوجد شجاع واحد بين صناع القرار على استعداد للعب الروليت هنا؟".

ويشرح مراسل الصحيفة في الشمال أنّ "حزب الله أعلن أن صواريخه الجديدة المضادة للدروع يبلغ مداها 10 كيلومترات، بينما يقع منزلي على بعد ثمانين متراً من السياج، وهو بارز ليراه الجميع في وادي العيون من لبنان، من كل منزل في الخيام، مرجعيون وكفركلا، ومجموعة متنوعة من الأماكن التي يمكن إطلاق النار منها. لا تحذير، لا إنذار، لا شيء لحمايتنا".

وكشف المراسل أنه "منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، وبينما يهدد نتنياهو وغالانت نصر الله، ويعدان بأن حزب الله قد ابتعد عن السياج، فإن قوة الرضوان محسوسة هنا كل يوم".

وتابع أنه "قبل عدة أسابيع، كان هناك نقاش حول إقامة عائق مادي لوقف حزب الله في إسرائيل، واقترحوا إقامة عائق على بعد نحو 10 كيلومترات من السياج، فيما يعيش عشرات الآلاف من السكان ضمن مدى 10 كيلومترات"، معتبراً أنّ "حكومة إسرائيل ستتركهم بين الحدود والعائق، أو بعبارة أخرى، بيد حزب الله".

---------------------------------------------

 

 

 

5 مؤشرات تؤكد "بداية نهاية المشروع الصهيوني"

 

 

كشف المؤرخ الإسرائيلي، إيلان بابيه عن مؤشرات تؤكد "بداية نهاية المشروع الصهيوني"، لافتا إلى أن "على حركة التحرير الفلسطينية الاستعداد لملء الفراغ بعد انهيار هذا المشروع".

وخلال ندوة صحفية في مدينة حيفا، قال إن بداية نهاية هذا المشروع هي "مرحلة طويلة وخطيرة، ولن نتحدث عن المستقبل القريب للأسف، بل عن المستقبل البعيد، لكن يجب أن نكون جاهزين لذلك"، معربا عن تفاؤله بـ"أننا في مرحلة بداية نهاية المشروع الصهيوني، ويجب أن نكون جزءا من الجهود لتقصير هذه الفترة".

وذكر أن المؤشر الأول يتمثل في "الحرب اليهودية الأهلية التي شهدناها قبل 7 أكتوبر الماضي، بين المعسكر العلماني والمعسكر المتدين في المجتمع اليهودي في إسرائيل"، مشيرا أن الحرب ستتكرر، كون "الإسمنت الذي يجمع المعسكرين هو التهديد الأمني، والذي لا يبدو أنه سيعمل بعد الآن".

المؤشر الثاني هو "الدعم غير المسبوق للقضية الفلسطينية في العالم واستعداد معظم المنخرطين في حركة التضامن لتبني النموذج المناهض للفصل العنصري الذي ساعد في إسقاط هذا النظام في جنوب إفريقيا، لافتا إلى "فترة جديدة بتحول الضغط من المجتمعات إلى الحكومات".

المؤشر الثالث هو العامل الاقتصادي، تبعا لوجود "أعلى فجوة بين من يملك ومن لا يملك"، بالإضافة إلى "رؤية قاتمة لمستقبل الصلابة الاقتصادية لدولة إسرائيل".

المؤشر الرابع هو "عدم قدرة الجيش على حماية المجتمع اليهودي في الجنوب والشمال"، نقلا عن روسيا اليوم.

أما المؤشر الخامس يتمثل في موقف الجيل الجديد من اليهود، بما في ذلك في الولايات المتحدة، والذي يأتي على عكس الأجيال السابقة، "التي حتى أثناء انتقادها لإسرائيل، اعتقدت أن هذه الدولة كانت تأمينا ضد محرقة أخرى أو موجات من معاداة السامية".

---------------------------------------------

 

مدير “شين بيت” سابق يدعو للإفراج عن مروان البرغوثي ويحذّر من حرب بدون هدف: الاحتلال لن يجلب لنا الأمن

 

 

 

إبراهيم درويش

 

نشرت صحيفة “الغارديان” مقابلة مع مدير “شين بيت” الإسرائيلية السابق عامي إيلون، أجرتها إيما غراهام- هاريسون وكويك قيصرزينباوم، دعا فيها الحكومة الإسرائيلية  للتفاوض مع قائد الانتفاضة الثانية السجين، مروان البرغوثي، والإفراج عنه.

 وأكد أن إسرائيل لن تنعم بالسلام طالما حرم الفلسطينيون من دولتهم.

وقال أيلون، الأدميرال المتقاعد، وكان قائداً للبحرية الإسرائيلية، إن تدمير “حماس” ليس هدفاً عسكرياً واقعياً، وإن العملية العسكرية الحالية في غزة تحمل مخاطر تمكين الحركة وترسيخ الدعم لها في القطاع.

وقال: “سنحصل، نحن الإسرائيليين، على الأمن عندما يكون للفلسطينيين أمل، وهذه هي المعادلة”.

وقال، في المقابلة التي عقدت في بيته: “دعيني أقولها بلغة عسكرية: لن تتمكن من ردع أحد، شخصاً كان أم جماعة، ما دام يعتقد أن ليس لديه ما يخسره”.

وقال إن الحرب الإسرائيلية في غزة عادلة، وجاءت بعد رعب 7 تشرين الأول/أكتوبر، ومقتل 1,200، في هجمات “حماس”، وأخذ 240 رهينة، ولكن الكثير من الإسرائيليين لا يمكنهم القبول بحقيقة أن “حماس” لا تمثّل الفلسطينيين، أو أن لديهم مزاعم مشروعة على أرضهم. وقال أيلون إن معظم الإسرائيليين يعتقدون أن “كل الفلسطينيين هم حماس، أو من المتعاطفين معها” وأنهم، أي الإسرائيليين، لا يقبلون بالهوية الفلسطينية: “ننظر إليهم كشعب، وليس أنهم “شعب” أو أمة”، و”لا نستطيع القبول [بفكرة الشعب الفلسطيني] لأننا لو فعلنا هذا فستخلق عقبة أمام دولة إسرائيل”.

ويعتقد أن الإفراج عن مروان البرغوثي، السجين منذ عام 2002، وحكم عليه بالسجن المؤبد، هو خطوة ضرورية للتفاوض الحقيقي. وبحسب الاستطلاعات الأخيرة، فإنه يتفوق على زعيم “حماس”، إسماعيل هنية لو شاركا في انتخابات.

وقال: “انظري للانتخابات الأخيرة، فهو الشخص الوحيد الذي يمكنه قيادة الفلسطينيين لدولة إلى جانب إسرائيل. وأولاً، وقبل كل شيء، لأنه يؤمن بمفهوم حل الدولتين، وثانياً لأنه حصل على شرعيته بالإقامة في سجوننا”.

ويعترف أيلون بأن آراءه، في المناخ السياسي الحالي، لا تحظى بشعبية، وهذا يعني عدم وجود منظور حقيقي للاستماع إلى نصائحه مباشرة، في ظل تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي وعد بتدمير “حماس”.

ويقول: “في كل مرة أقول فيها الكراهية ليست خطة وليست سياسة، يغضب الناس”.

ويقول أيلون إن الدعم للبرغوثي يعكس أن الدعم الفلسطيني الحالي لـ “حماس” ليس متجذراً في حماسهم لأيديولوجيتها، ولكن لأنها الجماعة الوحيدة التي تقاتل وبنشاط من أجل الدولة الفلسطينية.

 ولم تحقق حركة اللاعنف التي تبنّتها حركة “فتح” كوسيلة لتحقيق الدولة الفلسطينية، وذلك بسبب فشل الجهود الدبلوماسية، بناء الدولة الفلسطينية.

وتوصل أيلون لأفكاره الحالية، في المرحلة الأخيرة من حياته العسكرية، حيث كان العدو مجرد هدف للقتل. واقتضى عمله كمدير لـ “شين بيت” لقاء الفلسطينيين، بما فيها زيارات لزعيم “منظمة التحرير الفلسطينية” ياسر عرفات. وأقام صداقات مع مسؤول الأمن في السلطة الوطنية جبريل الرجوب وسري نسيبة، الأستاذ الجامعي والفيلسوف في القدس، الذي تعود جذور عائلته للقرن السابع، “فهل يمكنني القول، حسناً، هذه الأرض أرضي وأنت زائر؟ هذا كلام سخيف”.

ويرى أيلون أن محاولات التطبيع في الشرق الأوسط، بدون أن يكون للفلسطينيين دولة أو أمل، كانت من العوامل التي دفعت “حماس” لشن هجومها في 7 تشرين الأول/أكتوبر. وقال: “بطريقة ما فما أراد [ زعيم حماس البارز يحيى السنوار] عمله إخبار كل واحد في العالم العربي والإسلامي والمجتمع الدولي، أمريكا، أوروبا: لن تستطيعوا تحقيق أي شيء في الشرق الأوسط حتى يكون الموضوع الفلسطيني على الطاولة”، و”المأساة هو أنه فعلها، وما عليك اليوم إلا أن تستمع إلى بايدن، فلا أحد يعتقد أننا نستطيع التوصل لواقع جيد إلا إذا قبلنا بواقع الدولتين”.

وقال إن الأمر الوحيد الذي يتفق عليه الجميع في المجتمع الدولي، أعداء وحلفاء إسرائيل، من الصين وروسيا والولايات المتحدة والقوى الإقليمية هو الحاجة لحل الدولتين. و”الخيار الآخر هو استمرار القتال، حيث نعرف أن الحروب أصبحت أكثر عنفاً، ونعرف اليوم أن العدو أصبح أكثر راديكالية”.

وأضاف أن طبيعة “حماس” تعني أن تدميرها هدفٌ مستحيل للجيش، مع أنه رفض التعليق على القيادة الإسرائيلية الحالية. فـ “حماس” ليست جماعة مسلحة، بل “هي أيديولوجية بمنظمة ومنظمة لها جناح عسكري”.

و”لا تستطيع تدمير الأيديولوجية باستخدام القوة العسكرية، وأحياناً تتجذر [الأيديولوجية] أعمق، لو حاولت”، و”هذا بالضبط ما نراه اليوم، فاليوم تدعم نسبة 75% حماس، مع أن النسبة كانت قبل الحرب 50%”.

و”لكي تحقق إسرائيل الأمن، على البلد أن يضع هدفاً عسكرياً واقعياً، مثل تدمير قدرات “حماس” العسكرية وموت أو نفي قادتها”، وعلى قادة إسرائيل مناقشة ما سيجري في غزة بعد انتهاء القتال، أو المخاطرة باستمرار الحرب لأجل غير مسمى: “أشعر بالغضب لعدم استعدادنا لمناقشة اليوم التالي، لأنني أعرف ما يحدث للحروب التي لا يكون لها هدفٌ سياسي. وتتحول الحرب إلى هدف بذاته، بدلاً من كونها وسيلة لتحقيق هدف سياسي”، و”نحن خبراء، هذا بالضبط ما حدث لنا في لبنان، وهو بالضبط ما يحدث لنا في الضفة الغربية، وأشعر بالخوف عما سيحدث لو واصلنا القتال بدون تعريف جوهر واضح للنصر، ما هو الانتصار؟”.

 

 ولكن يعتقد أن التغيير يحدث نتيجة الضغط، ويعتقد أن 7 تشرين الأول/أكتوبر قد يكون لحظة تحول. ويتذكر عندما كان جندياً شاباً، ما قاله وزير الدفاع موشيه دايان، بأنه يفضّل عدم عقد اتفاق مع مصر والحفاظ على سيناء بدلاً من سلام يجبره على التخلي عن سيناء. وبعد عامين جاء سلام دائم عبر اتفاقيات كامب ديفيد. و”هذا بالضبط ما نقوله اليوم عندما يتعلق الأمر بالضفة الغربية، ونعتقد أن الأمن لن يتحقق إلا بالغزو أو بمواصلة الاحتلال، فقط بالقوة العسكرية. ولكن ماذا أثبتت [حرب] يوم كيبور لنا، هو أننا سنعاني العنف بسبب الاحتلال، فالاحتلال لن يجلب لنا الأمن، بل جَلَبَ لنا العنف والموت”.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق