01 آيار 2024 الساعة 10:20

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاحد 14/1/2024 العدد 908

2024-01-15 عدد القراءات : 88
 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

 

 

هآرتس 14/1/2024

 

لقادة إسرائيل: ألا يستحق قتلكم نحو 23 ألفاً من الأبرياء حتى الآن مثولكم أمام “لاهاي”؟

 

 

بقلم: نوعا لنداو

 

في الحوار الإسرائيلي الداخلي تعتبر “لاهاي” منتهية وأدين المتهمون، وهم الشخصيات العامة غير المسؤولة، والتافهون الذين تحدثوا أمام العدسات بدون أي رقابة. “هناك ثمن للفم الكبير”، كتب في افتتاحية الجمعة في “هآرتس”. المبالغون يتهمون أيضاً أشرطة الفيديو التي تحتوي على أغاني الجنود، التي عُرضت في لاهاي. ليس مضمون الأغنية بل النشر (“لماذا يسمح لهم بنشر مثل هذه الفيديوهات”).

 إذا كان يجب المحاكمة حسب هذا الخطاب السائد، فإن الدعوى في “لاهاي”، التي كما يبدو قدمت لأسباب لاسامية محضة، لم ترتكز إلا على تصريحات مثيرة للغضب من الوزراء والمغنين، الذين طالبوا بـ “إبادة” المدنيين في غزة. لو كانوا يقومون بكم الأفواه ولا “يلحقون ضرراً بالدعاية”، لما وصلنا إلى هذا الوضع.

التركيز على الجانب الخطابي صفة تميز الثقافة السياسية في إسرائيل، حيث نشأت فجوة متزايدة بين التصريحات والأفعال على مر السنين. ثقافة الشعبوية والغمز التي أتقنها نتنياهو أكثر من أي شخص آخر، تسمح لساستنا بالتعبير عن أنفسهم بدون حساب، مع معرفتهم أنه لا غطاء للتصريحات. في العرض البسيط، يطلقون وعوداً مثل “دمروا حماس” و”دمروا المحكمة العليا”، في حين أن أي شخص بالغ يتمتع بمعدل ذكاء معقول، يدرك أنها شعارات فارغة (باستثناء الذين يسألون “لماذا صوتنا لليمين وحصلنا على يسار” – هم توقعوا التنفيذ كما يبدو). الأمر الأكثر تعقيداً هو أنهم يهاجمون حماس بينما يضخون الأموال إليها أو للسلطة الفلسطينية، في الوقت الذي يعملون فيه معها، لأن الحياة الحقيقية معقدة أكثر من جرافة “دي9”.

بنفس الطريقة أيضاً، فإن حل كل المشاكل يكمن في المستوى اللفظي، كما يراه كثيرون. لو أننا “شرحنا” للعالم، لو تحدثنا بصورة أكثر جمالاً بقليل، لو أننا مدحنا جهاز القضاء في لاهاي وتنكرنا مثل منظمة “بتسيلم” في الوقت الذي نهاجمهم ونحن في البيت (الغمز والغمز) لما كانت اليوم في مشكلة.

لكن لدينا مشكلة، مشكلة كبيرة، هناك 23.708 مشكلة للدقة. ففي نهاية كل ادعاء لفظي، سواء كان تصريحاً قبيحاً لعضو الكنيست نسيم فاتوري أو خطاباً دعائياً رائعاً لوزارة الخارجية، ثمة جثث حقيقية في الخارج. هذا عدد القتلى الفلسطينيين في غزة حسب معطيات الأمم المتحدة. كثير منهم من المدنيين، من النساء والأطفال. هناك أيضاً 60.005 أصيبوا و1.9 مليون شخص، 85 في المئة من سكان القطاع، هجّروا من بيوتهم. لائحة الاتهام في لاهاي تقتبس تصريحات مثل تصريحات فاتوري (“يجب إحراق غزة”)، لكن مضحك الاعتقاد أن المحاكمة تجرى بسبب ذلك. هذه الاقتباسات استهدفت كما يبدو إثبات نوايا وأهداف إسرائيل في هذه الحرب. أساس الاتهام هو الواقع الماثل من غزة أمام العالم.

كل ذلك لا يعني أن شن إسرائيل للحرب غير مبرر – هو خطأ آخر سائد في الخطاب. القانون الدولي استهدف ترتيب شؤون الحرب وليس السلام – الطرق التي يسمح فيها بإدارة حرب عادلة. للأسف الشديد، المدعون والمدعى عليهم يسقطون في فخ خطابي للانشغال بالأقوال وبالأفلام في تويتر بدل مناقشة الواقع العسكري على الأرض والانشغال بأهداف الحرب (تدمير حماس؟ الردع؟ إطلاق سراح المخطوفين؟)، وبمسألة هل تفعل إسرائيل ما فيه الكفاية أو لا تفعل، من أجل تقليص المس بالأبرياء في الطريق لتحقيق أهدافها.

النقاش والدرس من الإجراءات في “لاهاي” لا يجب أن يتلخصا في “التوصل إلى كم الأفواه” أو “الشرح بشكل أفضل”، بل يجب أن يتلخصا في الادعاء بأن “الانتقام” من الأبرياء لا يعتبر خطة عمل، وأن الأعمال الفظيعة التي ارتكبها العدو لا تعطينا الرخصة للقيام بكل الردود.

--------------------------------------------

معاريف 14/1/2024

 

أما زالت إسرائيل تخطط لاحتلال قطاع غزة عسكرياً؟

 

 

بقلم: نتان فيسرمان

 

بينما تبلغ الحرب ذروتها في قطاع غزة، فإن مسألة “اليوم التالي” تشغل بال الساحة السياسية وتخلق استقطاباً بين الائتلاف والمعارضة وبين عناصر مختلفة داخل الهياكل السياسية. يحرك الاستقطاب النقد تجاه سياسة الحكومة ورئيسها نتنياهو، على أن ليس هناك خطة لليوم التالي عملياً، بل مجرد أقوال عامة في ألا ينبغي للسلطة الفلسطينية قيادة اليوم التالي. فضلاً عن ذلك، لم يجرَ حتى الآن بحث معمق في الحكومة والكابينت. الخميس الماضي، طال أمد بحث الكابينت السياسي الأمني وانتهى في حوالي الساعة 1:00. لكن لم يبحث الوزراء هذه المرة أيضاً في مسألة اليوم التالي لقطاع غزة. وحسب الحاضرين في الجلسة، أشار نتنياهو في بدايتها إلى أن الجلسة ستعنى بمواضيع أخرى.

هناك من يدعي في أوساط منتقدي سياسة الحكومة بأن ليس للحكومة سياسة مرتبة في الموضوع عملياً، وأن نتنياهو نفسه يتملص من الانشغال في المسألة.

عندما يكون هذا هو وجه الأمور، ثمة تخوف من فرض حل غير مريح على إسرائيل. بزعمهم، فإن رفض قبول سلطة فلسطينية متجددة أو مختلفة هو أمر في طالح إسرائيل. بالمقابل، في أوساط بعض أعضاء الائتلاف من يشير إلى عدم وجود اختلاف حقيقي بين السلطة الفلسطينية وحماس.

أحد الأسئلة الصعبة هو الرقابة على عبور البضائع والمنتجات، خصوصاً حين يتجلى فشل أي آلية رقابة سابقة، مع تعاظم قوة حماس.

وعلى حد قول اوري افينتال، رئيس وحدة التخطيط الاستراتيجي في وزارة الدفاع سابقاً: “دون محافل محلية وإقليمية ودولية، تسيطر على المساعدة وتعمل على استقرار غزة، ودون جهد عاجل وتعاون عميق، بما في ذلك هندسي مع مصر لسد مسارات وأنفاق التهريب إلى القطاع من سيناء – سيفرض على إسرائيل دخول القطاع، حتى إقامة حكم عسكري مباشر.

“واضح أن الحكومة الحالية، التي يتصرف رئيسها في الحدود التي يمليها عليه أعضاؤها من اليمين المتطرف، غير قادرة على بلورة أي سيناريو إيجابي في غزة. سياستها التي تعمل على تفكيك السلطة في الضفة، وتعارض إشراكها في الحل في غزة، تؤدي إلى إطالة الحرب بلا نهاية وتحمل إسرائيل وحدها عبء تجريد القطاع من السلاح والقضاء على حماس”.

--------------------------------------------

معاريف 14/1/2024

 

خطة أمريكية مقترحة: إعمار القطاع مقابل التطبيع مع السعودية

 

 

بقلم: جدعون كوتس وحاييم اسروبتس

 

يعمل بريت ماكغورك، منسق الأمن القومي الأمريكي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على اقتراح لإعادة بناء قطاع غزة، ترتكز على صفقة بين إسرائيل والسعودية.

موقع “هبنغتوند بوست” أفاد على لسان مصادر في الإدارة الأمريكية بأن ماكغورك رفع اقتراحًا جديداً يربط بين إعمار قطاع غزة بعد الحرب، واستئناف مسيرة التطبيع بين السعودية وإسرائيل، التي انقطعت في 7 أكتوبر.

وحسب ماكغورك، ستكون الخطة حافزاً لإعمار القطاع، التي ستشارك فيها السعودية ودول خليجية أخرى. ومع ذلك، تخوفت مصادر في الإدارة من أن تؤدي هذه إلى عدم استقرار في المنطقة.

في الأسابيع الأخيرة عرض ماكغورك الخطة على محافل أمنية. توقع فيها محوراً زمنياً من نحو 90 يوماً، لما برأيه قد يقع في القطاع بعد انتهاء الحرب.

لقد ادعى المسؤول الأمريكي بأنه سيكون ممكناً تحقيق “استقرار” في المناطق التي دمرتها الحرب، إذا ما شرعت الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية، إضافة إلى محافل فلسطينية، في جهد دبلوماسي للتوقيع على اتفاق التطبيع.

ومع ذلك، قال موظف أمريكي مطلع إن “الخطة تفوت النقطة الأساسية”، فيما يقصد بذلك أن التطلعات الفلسطينية بالدولة تدحر إلى الهوامش مرة أخرى. وحسب الخطة، سيأتي الرئيس بايدن إلى المنطقة في الأشهر القادمة في “جولة نصر” ليحصل على الحظوة على اتفاق التطبيع بين إسرائيل والسعودية كـ “جواب على ألم غزة”.

ستشكل خطة ماكغورك حافزاً من السعودية للمساعدة في إعادة البناء وربما تأتي هذه المساعدة أيضاً من دول غنية أخرى في الخليج مثل قطر والإمارات العربية، وذلك للضغط على الفلسطينيين والإسرائيليين. ومن المتوقع أن يتفق الزعماء الفلسطينيون على حكومة جديدة سواء للقطاع أم للضفة الغربية، وتقليص النقد على إسرائيل – فيما توافق إسرائيل على نفوذ محدود للسلطة في القطاع.

في هذه الأثناء، عرض وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عناصر من الخطة على مسؤولين فلسطينيين – فرفضوها.

وإلى ذلك، أفادت صحيفة “نيويورك تايمز” بأن وكالة الاستخبارات الأمريكية الـ “سي.اي.ايه” توفر لإسرائيل معلومات عن مسؤولي حماس وعن مكان المخطوفين في القطاع”.

وحسب النبأ الذي يستند إلى مصادر أمريكية، فبعد هجمة 7 أكتوبر، أمر مستشار الأمن القومي جاك سوليفان الـ “سي.اي.ايه” ووزارة الدفاع بتشكيل قوة مهمة خاصة تجمع المعلومات الاستخبارية عن مسؤولي حماس. وروت مصادر أمريكية بأن هذه القوة نجحت في كشف معلومات عن أكبر الزعماء.

وأضافت الصحيفة بأنه “ليس واضحاً كم كانت المعلومات ذات قيمة بالنسبة لإسرائيل، لأن أياً من الزعماء الكبار لم يلقَ عليه القبض أو يقتل”. أما بخصوص تصفية نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري في بيروت في وقت مبكر من هذا الشهر، أشارت المحافل إلى أن الولايات المتحدة لم توفر معلومات ترتبط بالهجوم، وأن هذا لم يستند إلا إلى معلومات إسرائيلية فقط.

ويتضح من التقرير أن ثمة مهمة أخرى بأفضلية عليا لقوة المهمة، وهي العثور على مكان المخطوفين وجمع المعلومات عن حالتهم الجسدية والنفسية. وذلك حين يكون مدير الـ “سي.اي.ايه” وليم برنس، يعمل إلى جانب رئيس الموساد دافيد برنيع في المفاوضات لتحرير المخطوفين.

كما أشارت الصحيفة إلى وجود قوات أمريكية لعمليات خاصة كانت تعمل في إسرائيل للتدريب قبل هجمة 7 أكتوبر، وبقيت في البلاد تشارك في معالجة موضوع المخطوفين. كما أن وزارة العدل الأمريكية والمباحث الفيدرالية زادت وتيرة التحقيقات حول الأمريكيين المشبوهين بتحويل الأموال لحماس.

--------------------------------------------

إسرائيل اليوم 14/1/2024

 

لا حماس ولا “الأونروا وأخواتها”.. إسرائيل: لن يحكم قطاع غزة سوانا

 

 

بقلم: أيال زيسر

 

يتقاتل وزراء الحكومة فيما بينهم في الأسابيع الأخيرة حول مسألة البحث في مستقبل القطاع “في اليوم التالي” أو تأجيل البحث حتى انتهاء الجيش الإسرائيلي من المهمة المكلف بها، هزيمة حماس، وتدمير قدراتها العسكرية وإسقاط حكمها في غزة.

هذا بحث لا ينتظر؛ لأن الحديث لا يدور عن مسألة نظرية لمستقبل بعيد. وذلك على فرض أن إسرائيل لن تتراجع أولاً بل ستواصل القتال ضد حماس حتى تهزمها. “اليوم التالي” جرى حله الآن، على الأقل في شمال القطاع، وأولاً وقبل كل شيء، في مدينة غزة.

قبل نحو أسبوعين، أفاد الناطق العسكري الإسرائيلي بأنه “استكمل تفكيك إطار حماس العسكري في شمال القطاع” وأن “للجيش الإسرائيلي سيطرة عملياتية شبه كاملة في هذا المجال”. هذا الإنجاز هو الذي قبع في أساس الانتقال إلى مرحلة ثالثة للحرب، الذي أعلن عنه وزير الدفاع يوآف غالنت. في إطار هذه المرحلة، سيقلص الجيش الإسرائيلي نطاق أعمال قواته في شمال القطاع، ولاحقاً في وسط القطاع ومنطقة خان يونس، بعد ضرب حماس أيضاً. وعندها سينتقل الجيش الإسرائيلي من “مرحلة المناورة المكثفة” التي تنطوي على استخدام مكثف للقوات، إلى “عمليات خاصة” تعتمد على اجتياحات ودوريات لقوات صغيرة من الجيش الإسرائيلي، لكن هذا يبقى دون الاحتفاظ بمعظم أراضي القطاع. وبالفعل، يتبين من تقارير الصحافيين العاملين في شمالي القطاع أن الجيش الإسرائيلي انسحب من معظم المنطقة التي احتلها في مدينة غزة ومخيمات اللاجئين حولها، وأن قواته انتشرت في محور الشاطئ غربي غزة وفي “رواق نتساريم” الذي يفصل بين شمال القطاع وجنوبه.

المعنى أن مدينة غزة ومحيطها، حيث لا يزال نحو 200 ألف من السكان، بقيت في فراغ سلطوي تملأه حالياً منظمات دولية ووكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة وعلى رأسها “الأونروا”. إضافة إلى ذلك، بضغط من الولايات المتحدة التي طالبت كما هو معروف بالسماح للغزيين الذين فروا من شمال القطاع العودة إلى بيوتهم، وافقت إسرائيل على السماح لوفد من الأمم المتحدة بالتجول في المنطقة للتعرف على الواقع وعلى الاحتياجات وإعداد خطة لعودة أولئك الغزيين إلى بيوتهم.

غير أنه لا يوجد فراغ في الحياة الحقيقية، وإذا لم يملأه أحد في شمال القطاع فستعود حماس لتحكم المنطقة – أولاً تدير حياة السكان، ثم ترمم بناها التحتية الإرهابية، وإن كان بشكل جزئي ومحدود.

مخطئ إذن من يعتقد أن الأمم المتحدة وباقي المنظمات الدولية ستمنع مثل هذه “العودة”، إذ إن بعضها وخصوصاً الأونروا، ليست سوى متعاونة مع حماس بل وتمنحها، وإن لم يكن بشكل معلن ومقصود، وتساعدها، على هيئة توزيع أدوار، وتحرص فيها المنظمات الدولية على احتياجات السكان بينما تسيطر حماس على المنطقة والسكان. ثمة تقسيم عمل مشابه جنوبي لبنان، حيث أصبحت “اليونيفيل” متعاونة مع “حزب الله” تمنحها الغطاء والشرعية.

لاعتبارات معروفة، وبالطبع مغلوطة، تمتنع إسرائيل إذن عن حكم مباشر في شمال القطاع أو تحمل على عاتقها مسؤولية حياة السكان. والمفهوم القابع وسط هذه السياسة، يقوم على افتراض أن الأمر ينطوي على كلفة مالية عالية، سيؤدي إلى احتكاك مع السكان المحليين وإلى إرهاب مستمر سيجبي اثماناً من الجيش الإسرائيلي وأخيراً أيضاً يثير نقداً دولياً على إسرائيل.

غير أن الحديث يدور عن المفهوم الذي أدى بنا إلى 7 أكتوبر، والمصيبة التي كانت كلفتها الاقتصادية وثمنها بحياة الإنسان أعلى عشرات الأضعاف من بديل الحكم المباشر في القطاع.

ما ينبغي لإسرائيل فعله هو أن تحكم كل أجزاء القطاع التي احتلتها بشكل مباشر، وبالتأكيد في المدى المنظور للعيان إلى حين وجود الجهة، إذا ما وجدت، التي يمكنها أن تنقل المسؤولية عن القطاع إليها. يجب طرد عموم المتعاونين مع حماس من هذه المناطق، وعلى رأسهم منظمة الأونروا، وإقامة حكم عسكري فيها يمنع الفراغ السلطوي الذي معناه عودة حماس. المعضلة واضحة: إما نحن من يحكم المنطقة أو حماس.

---------------------------------------------

هآرتس 14/1/2024

 

على غير العادة.. لماذا اهتم المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي بتبرير تصفية الصحافيين الدحدوح وثريا؟

 

 

بقلم: عميره هاس

 

المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي خرج عن المألوف في إجابته في هذه المرة، فقد تطرق إلى قتل الصحافيين: حمزة الدحدوح ومصطفى ثريا. اسمهما في قائمة أعضاء المنظمات المسلحة، “الجهاد الإسلامي” وحماس، التي تم العثور عليها أثناء الحرب، قال المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، وأرفق صورة لوثيقة يبدو أن اسم الدحدوح مكتوب فيها. ولم يتم إرفاق صورة لوثيقة تضم اسم ثريا.

هذه الإجابة التي انتظرتها تقريباً يومين ونصف بعد إرسال سؤالي إليه، نشرت في نفس الوقت كبيان عام للمتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، ونشرته وسائل إعلام إسرائيلية كما هو. ثمة أسئلة أخرى أرسلتها للمتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي والتي موضوعها قتل جماعي ضد الفلسطينيين في هذه الحرب، فأجيب عنها بإجابات عامة ومتملصة. لذا، يجدر السؤال لماذا “حصلنا” هنا بالذات على إجابة مفصلة؟

 

السبت 6 كانون الثاني والأحد، تم تفجير بيت في قرية نصر شمالي رفح. كان في المبنى نازحون من عدة مناطق من القطاع، جميعهم من أبناء عائلة أبو النجا. يسمى المبنى “شاليه”، رغم أنه بني بالباطون. هكذا تعتبر مئات المباني الصغيرة المشابهة التي ظهرت في السنوات الأخيرة في مناطق مفتوحة نسبياً في قطاع غزة: استخدمتها عائلات أرادت الابتعاد لبضع ساعات عن اكتظاظ المدينة وعن مخيمات اللاجئين، والاستجمام على بعد 20 دقيقة عن البيت. هي قريبة من البحر أو مناطق زراعية جنوب شرقي هذا الجيب المغلق. اليوم يعيش فيها آلاف النازحين. بالمناسبة، كبار السن ما زالوا يسمون قرية نصر “موراج” (على اسم مستوطنة موراج التي أخليت في 2005). نُشر بيان في صفحة عائلة أبو النجا في الفيسبوك، لكن عن 15 شهيداً، هم: الحاج صالح أبو النجا، زوجته وأولاده السبعة وأحفادهما، وعن فتح بيت عزاء في ديوان العائلة الموسعة في حي الجندي بمدينة الزرقاء الأردنية.

عندما جاء المراسلون والمصورون قبل الظهر، كانت آخر الجثث لم يتم إخراجها بعد. حملها الجيران بالبطانيات إلى سيارة الإسعاف. مصطفى ثريا أطلق حوامة. وفي الساعة 11:00 صباحاً أطلق صاروخ من مسيرة إسرائيلية على مجموعة من المراسلين، انفجر الصاروخ قربهم، وأصيب اثنان منهم. افترض المراسلون أن الأمر يتعلق بصاروخ تحذير (مثل الصاروخ الذي يستخدم في “اطرق على السطح”)، ويطلب منهم الابتعاد. قال أحدهم للقناة البريطانية الرابعة إن الحوامة لم تتمكن من تصوير أكثر من أربع دقائق. وضع المصابون في سيارة الإسعاف مع الجثث، ثم اتجهت مسرعة إلى رفح. سافرت وراءها سيارة من نوع “سكودا” سوداء، كان فيها باستثناء السائق، ثلاثة مراسلين. فجأة، أصاب السيارة صاروخ آخر أطلقته المسيرة الإسرائيلية في شارع عمر بن الخطاب برفح. السائق قصي سالم قتل ومعه اثنان من المراسلين الثلاثة، ثريا وحمزة الدحدوح، وأصيب المراسل الثالث.

تعرض القناة الرابعة في التقرير بياناً للمتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي باللغة الإنجليزية في اليوم نفسه، الذي يفيد بأنه تم تشخيص ومهاجمة مخرب قام بتشغيل طائرة عرضت قوات الجيش الإسرائيلي للخطر. لم أعثر على مثل بيان كهذا في يوميات الحرب في الإنترنت للمتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي باللغة العبرية. ولم أجد أيضاً بياناً يرمز إلى قصف بيت أبو النجا وذريعة ذلك. كسر قتل الصحفيين هذه المرة حتى سقف التجاهل الإسرائيلي. الدحدوح هو الابن البكر لوائل الدحدوح، مراسل قناة “الجزيرة” المخضرم. في تشرين الأول، قتلت قنبلة إسرائيلية زوجة وائل وابنه وابنته وحفيده. في الأسبوع الماضي، انشغلت وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية والدولية، بمأساته الشخصية وبحقيقة أنه عاد إلى البث على الفور بعد الجنازة. لذا، سألت المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي عن رده حول استنتاج كثير من الصحفيين بأن الجيش الإسرائيلي ينتقم من الدحدوح من خلال قتل أبناء عائلته.

في بيان المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي الأربعاء، كتب أنه قبل مهاجمتهم شغل القتيلان حوامات شكلت خطراً على قواتنا. أجابني المتحدث بشكل شخصي أن الادعاء بمهاجمة الجيش الإسرائيلي للهدف على سبيل الانتقام هو ادعاء لا أساس له من الصحة. ثم سألته أيضاً عن قصف بيت أبو النجا، فأجاب المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي بنفس الإجابة التي سألت فيها عن القتل الجماعي لأبناء عائلة في بيتهم: “لا نعرف عن مهاجمة بيت في حي النصر، كما وصف في الشكوى. عندما نحصل على تفاصيل أخرى “سنفحص” الأمور. أقدر أن البيان بشأن قتل الصحافيين والكشف عن سبب قتلهما بشكل مفصل جداً جاء بسبب الضجة الإعلامية. ولكن هناك سبباً آخر، وهو اعتبار أن “الضرر الجانبي” صغير- السائق “فقط”. في الوضع الروتيني في هذه الحرب؛ أي قصف البيوت على رؤوس سكانها، يفضل الجيش الإسرائيلي الحفاظ على الضبابية التي تخفي حجماً كبيراً لـ “الضرر الجانبي” الذي يسمح به، والذي يخفي هوية الهدف.

نقابة الصحافيين الفلسطينيين شككت في صحة ادعاءات إسرائيل بأن الدحدوح وثريا كانا عضوين في “الجهاد” وحماس. ولكن في هذا التشكك نوع من قبول ادعاء إسرائيل الذي يفيد بتبرير قتل أي فلسطيني غير مسلح وغير مشارك في أعمال القتل، لكن له صلة بتنظيمات فلسطينية مسلحة. ووفقاً لهذا اللامنطق، سيأتي اليوم الذي سيبرر فيه الفلسطينيون في إحدى المحاكم الدولية قتل جنود إسرائيليين غير مقاتلين.

---------------------------------------------

 

هآرتس 14/1/2024

 

 

ما هي الإبادة الجماعية؟

 

 

بقلم: جدعون ليفي

 

لنفترض أن موقف إسرائيل كما تم عرضه في لاهاي كان صحيحا ومحقا، وأنها لم تقم بأي إبادة جماعية أو أي شيء آخر قريب من ذلك. فما الذي حدث هناك؟ بأي اسم يمكن تسمية القتل الجماعي الذي يستمر أيضا اثناء كتابة هذه السطور، دون تمييز وبشكل منفلت العقال وبأبعاد يصعب تخيلها؟ كيف يمكن تسمية وضع يحتضر فيه الأطفال على الأرض في المستشفيات حيث لم يبق لكثيرين منهم أي أحد في العالم – كبار السن الذين تم تجويعهم يهربون طلبا للنجاة من رعب القصف الذي لا يتوقف في أي مكان؟ هل الـ 2.3 مليون إنسان، الذين معظمهم من المهجرين المعوزين والذين لا ينوون أي شيء وجائعين وعطشانين ومحبوسين ومرضى ومعاقين ومصابين، مهم لهم إذا كان ما حدث لهم سمي إبادة جماعية أم لا؟ هل هذا التعريف القانوني سيغير مصيرهم؟ في إسرائيل سيتنفسون الصعداء إذا رفضت المحكمة هذه الدعوى، وبالنسبة لها إذا كان هذا لا يعتبر إبادة جماعية فإن ضمائرنا سترتاح مرة أخرى. إذا قالوا في لاهاي إن هذه ليست إبادة جماعية فمرة أخرى سنصبح الأكثر أخلاقية في العالم.

وسائل الإعلام الإسرائيلية والشبكات الاجتماعية تفجرت في نهاية الاسبوع بالإعجاب والأقوال الطيبة للطاقم القانوني الذي مثلنا في لاهاي. ما هذه اللغة الانجليزية الفاخرة والادعاءات المقنعة. في وسائل الإعلام قللوا من النشر قبل يوم من ذلك عن موقف جنوب افريقيا، الذي تم عرضه بلغة انجليزية أفضل حتى من انجليزية الاسرائيليين، والتي كانت مطعمة بحقائق أكثر وبدعاية أقل، بذلك، مرة أخرى أظهروا بأنه في هذه الحرب تدهورت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى حضيض غير مسبوق. دورها في نظر نفسها هو أن تساعد موقف إسرائيل وأن تلغي موقف "الذراع القانونية لحماس". انظروا إلى كمية الاحترام التي جلبها لنا هؤلاء القانونيون.

لنترك جانبا موضوع الاحترام عندما يدور الحديث عن دولة يتم تقديمها للمحاكمة بسبب الجرائم الأكثر خطورة في القانون الدولي. من يرتدون العباءات السوداء والباروكات البيضاء والآخرون، جميعهم عرضوا ورقة الرسائل الإسرائيلية الثابتة، جزء منها محق، مثل مشاهد الرعب في 7 تشرين الأول، ولسماع الجزء الآخر كان يصعب معرفة هل يجب علينا الضحك أو البكاء. مثلا، عند سماع الادعاء بأن حماس وحدها هي المدانة بالوضع في قطاع غزة وأنه لا يوجد لإسرائيل أي دور أو جزء في ذلك. وأن تقول هذا لمؤسسة دولية رفيعة جدا يعني التشكيك في ذكاء القضاة فيها واهانتهم.

ما الذي يمكن فعله بأقوال رئيس طاقم الدفاع الإسرائيلي، البروفيسور مالكولم شو: "أعمال اسرائيل متزنة وهي موجهة فقط ضد قوات مسلحة"؟، ربما حقيقة أن شو ليس إسرائيليا هي المصدر لهذا الاستنتاج؛ وربما هكذا قالوا له في مكتب المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، لكن الحقيقة هي ماذا سيكون بشأنها؟. التناسب مع مثل هذا الدمار؟ اذا كان هذا هو التناسب فكيف سيبدو عدم الاتزان؟ هيروشيما؟ "فقط ضد المسلحين"، تقريبا 10 آلاف طفل قتيل؟ ما الذي يتكلم عنه؟ "يجرون مكالمة هاتفية من أجل اخلاء غير المشاركين"، من الذي ما يزال يوجد لديه هاتف يعمل في غزة والى أين بالضبط يجب عليه الذهاب في جهنم التي لم يعد فيها أي مكان واحد آمن؟ والذروة: "حتى لو كان هناك جنود خرقوا قوانين الحرب فإن جهاز القضاء في إسرائيل سيناقش ذلك".

 يبدو أن شو لم يسمع عن جهاز القضاء في إسرائيل، وسمع أيضا أقل من ذلك عن "جهاز القضاء" العسكري. هو لم يسمع بأنه بعد عملية "الرصاص المصبوب" فقط اربعة جنود تم تقديمهم للمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم جنائية، فقط واحد منهم تم ارساله الى السجن بتهمة سرقة بطاقة ائتمان (!). أما الآخرون الذين القوا القنابل والصواريخ على الابرياء لم يتم تقديمهم أبدا للمحاكمة. واقوال غليت رجوان، اكتشاف نهاية الاسبوع، التي سيتم انتخابها بالتأكيد لحمل الشعلة في جبل هرتسل "الجيش الاسرائيلي ينقل المستشفيات الى مكان أكثر أمنا". هل مستشفى الشفاء تم نقله الى مستشفى شيبا؟ ومستشفى الرنتيسي تم نقله الى مستشفى سوروكا؟ عن أي مكان آمن في غزة هي تتحدث. وعن أي مستشفيات سارع الجيش الإسرائيلي الى "نقلها"؟

بالطبع ليس في كل ذلك ما يثبت بأن إسرائيل قامت بمذبحة جماعية. هذا الأمر سيقرره قضاة المحكمة. ولكن هل نحن يجب علينا الشعور بوضع أفضل بفضل ادعاءات دفاع كهذه؟ والشعور بأن الوضع جيد بعد لاهاي؟ والشعور أفضل بعد غزة؟.

---------------------------------------------

 

"واللاه" عن إخفاق سلاح الجو الإسرائيلي في 7 أكتوبر: استيقظ على كابوس

 

 

بقلم: أمير بوحبوط

 

 

محلل الشؤون العسكرية الإسرائيلي

 

مع إطلاق القذائف الصاروخية الأولى استدعيت الطائرات شمالًا، بدلاً من توجهها إلى غزة. فيما وصلت أيضاً مروحيات إلى الجنوب من دون أن يكون لديها ما يكفي من الذخيرة، ومن دون أن تُعطى أوامر واضحة للطيارين.

في السنوات الأخيرة تقرَّر في "الجيش" الإسرائيلي تقليص استخدام المروحيات، التي ثبت أنها ناجعة في القتال.

شهاداتٌ جديدة من داخل سلاح الجو تواصل الإشارة إلى الثغرات الخطيرة في "الجيش" الإسرائيلي في 7 تشرين الأول/أكتوبر، والحقيقة أنهم استغرقوا ساعاتٍ طويلة لفهم حجم الهجوم الفتّاك على مستوطنات النقب الغربي والمواقع بالقرب من السياج. في واحدة من الشهادات يقول طيارو الاحتياط إنه مباشرةً مع بداية إطلاق القذائف الصاروخية عند الساعة 06:28، هُرعت إلى الأجواء طائرتان حربيَّتان من قاعدة حتسريم. وكجزءٍ من إجراء دائمٍ، تلقّى طيارو الحرب أمراً بالتجوُّل حول منصة الغاز "تمار" خشية قصفها بطائرة مسيّرة.

جال الطيارون في الجو قرابة الساعة، ولم يعرفوا تفصيلاً واحداً عما يحدث على الأرض، بما أنَّ مركز السيطرة في سلاح الجو لم يطلعهم على هذا. بعد فوات الأوان اتّضح أنَّ فرقة غزة أيضاً وقيادة الجنوب وجدتا صعوبة ببناء صورة كاملة عن الوضع.

في الوقت الذي حطّت فيه طائرتا القتال في طريق العودة، كشفوا في السرب التفاصيل بذهول. مصادر أخرى في سلاح الجو قالت إنهم لو كانوا فهموا بسرعة في "الكريا" حجم الحادثة في الجنوب، لكانوا شغّلوا الطائرات القتالية للرصد فوق المنطقة، وعمدوا إلى إصدار أصوات دوي للتخويف، ونيران عبر مدفع فولكان (الطائرات كانت مسلحة بصواريخ جو -جو لمواجهة تهديد طائرات مسيّرة) لمنع مرور آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مناطق "إسرائيل" وكذلك لإحباط عودتهم إلى المناطق الفلسطينية. مصادر أخرى في "الجيش" الإسرائيلي أضافت: "هذه حكمة الـ "بعد فوات الأوان". كانت هذه مفاجأة استخباراتية تامة من ناحية سلاح الجو. أحدٌ لم يطلع سلاح الجو قبل حصول شيء استثنائي. السلاح بأسره استيقظ على كابوس واستغرق وقتاً لاستيعاب حجم الحادثة".

في أعقاب المعلومات الأولية التي نقلت من الميدان، أزمة القادة في فرقة غزة والنداءات المتكررة للمساعدة، استدعيت من قاعدة "رامات دافيد" مروحيتان حربيَّتان. استغرقت المروحيات وقتاً للإقلاع والوصول إلى منطقة فرقة غزة وفقاً للتأهُّب الذي حُدِّدَ مسبقاً. بحسب كلام مصادر "الجيش"، وعندما وصلوا استغرقوا وقتاً لفهم الصورة الكاملة؛ من هي قوات "الجيش" الإسرائيلي ومن هو العدو، ماذا يحصل في المستوطنات، ما المسموح القيام به وماذا لا، على من يمكن إطلاق النار وعلى من لا. وفي الوقت الذي  أعطيت فيه التصديقات، وبسرعة كبيرة، انتهت الذخيرة، الصواريخ وكذلك مدافع الفولكان. هم يوضحون: "عندما تطير بعيداً من رامات دافيد إلى فرقة غزة، وأنت تحمل ما يكفيك من الوقود،  فستحمل ذخيرة أقل من المعتاد".

لاحقاً كانت المروحيات الحربية هي التي قدّمت المساعدة تقريباً لكافة القوات على الأرض، بكثافة استثنائية لسلاح الجو منذ عقود. في حالاتٍ كثيرةٍ اضطرّ طيارو المروحيات الحربية إلى تخفيض الطيران، والاندماج بالنيران بشكلٍ غير مسبوق، لم يحصل في تاريخ "إسرائيل" السابق أن اقتحم أحد المواقع والمستوطنات في مناطق "إسرائيل".

بخلافٍ تام عن مساهمة تشكيل المروحيّات الحربية في سلاح الجو، تقرر في قيادة "الجيش" الإسرائيلي، ومنذ سنوات، تنفيذ  إجراء الموت الرحيم التدريجي لسرب الـ"بِتِن" القديم، والاكتفاء بشكلٍ غير منطقي بسرب مروحيًّات قتالية من نوع أباتشي لونغ - باو (شراف) انطلاقاً من أملٍ بأن يخف التهديد، وأن تُقلّص الطائرات المسيّرة والمُسلّحة الثغرة. في المقابل، دار حديث مهني  بين "الجيش" الإسرائيلي ووزارة الأمن والأميركيين عن إمكانية شراء نحو عشرين مروحيَّة قتالية من نوع "إيكو" الجديدة من صناعة شركة "بوينغ" في المستقبل، لكن حتى الآن لم يتم التوقيع على أي صفقة.

التحقيقات العملانية حول مساهمة المروحيات القتالية في الأسبوع الأول من الحرب في الساحة الجنوبية - وبالتأكيد مع الخروج إلى المناورة البرية، وفي وقتٍ لاحق في جنوب لبنان - انفجرت في وجه قيادة الأركان العامة. بحسب كلام ضباط في القوات البرية، "سلاح الجو كان منشغلاً بالتحضُّر للحرب في دائرةٍ ثالثة ضد إيران، ولمعركة بين الحروب، في الوقت الذي وصلوا فيه إلينا بخطواتٍ جبارة من دون أن يفهم أي أحدٍ حجم الحادثة".

وزير الأمن يوآف غالانت أجرى سلسلة مناقشات بشأن تشكيل مروحيات الحرب، وقرر أن يشغل سلاح الجو سربا مروحيات قتالية بشكلٍ دائمٍ ضمن تمديد حياة المروحيات الموجودة، ويشتري بشكلٍ تدريجي مروحيات" الـ"إيكو" من "بوينغ" بسرعة. إضافةً إلى هذا، علمت "واللاه"، أنَّ سلاح الجو ووزارة الأمن بدأوا بإجراء فحوصات أولية لشراء سربي مروحيات قتالية من طرازٍ متوسطٍ على شاكلة المروحية القتالية الـ"لهطوط"(يوز 500 MD ديفندر)، التي عملت في الماضي في خدمة سلاح الجو تحديداً في الساحة الشمالية، وخرجت من الخدمة قبل أكثر من عشرين عاماً.

مصادر رفيعة في سلاح الجو تصر على أنَّ مروحيات قتالية خفيفة قادرة على تشكيل حل عملاني سريع وناجعٍ لحالات توغّل داخل حدود "إسرائيل"، بشرط أن تنتظر في مهابط محصنة بالقرب من الحدود، مع ضمان تشغيلٍ سريع لها من قبل قوات من الفرق المناطقية. في قيادة "الجيش" الإسرائيلي منحوا ضوءاً أخضر للاقتراح، وجرى فحص النماذج والتكاليف في الأسابيع الأخيرة.

بحسب مصادر عسكرية، قبل نحو أربع سنوات قُدِّمَ اقتراحٌ أميركي لـ"الجيش" الإسرائيلي ولوزارة الأمن لتبديل تشكيل مروحيات اليسعور، الذي يعاني من مشكلة صلاحية الاستخدام في الحرب الحالية بسبب قِدَم المروحيات (واحدة احترقت بعد أن أصيبت بصاروخ مضاد الدروع)، وتشكيل مروحيات القتال بـ 24 مروحية "شينوك"، وكذلك 10 مروحيات "أباتشي- إيكو"، بكلفة 2.4 مليار دولار، التي كان يفترض أن تصل هذه السنة  لو أنّ "إسرائيل" وقّعت على الصفقة. لكنها رُفضت من أساسها، واختار سلاح الجو مروحية الـ -ch53k التي سيستوعبها بعد عدة سنوات ولن تكون بالضرورة قادرة على الهبوط في مستوطناتٍ إسرائيلية بسبب حجم محركاتها. لم يتم التوقيع مطلقاً على صفقةٍ لشراء مروحيات قتالية.

---------------------------------------------

هآرتس 14/1/2024

 

ابنة أرون أراد لأهالي “المحتجزين” لدى حماس: قالوا لنا ما يقولونه لكم الآن

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

100 يوم مرت منذ هجمة إرهاب حماس الإجرامية في 7 أكتوبر. 136 مخطوفاً محتجزون منذ 100 يوم في قطاع غزة في أسر حماس. في الساعة 12 ظهراً سيبدأ إضراب 100 دقيقة لإحياء 100 يوم لاحتجازهم في الأسر، وثمة تخطيط لاحتجاجات واعتصامات تدعو لتحرير المخطوفين في أرجاء البلاد.

100 يوم مرت منذ أعلنت إسرائيل الحرب على حماس. قررت الحكومة هدفين للقتال: القضاء على حماس، وإعادة المخطوفين. رغم مرور 100 يوم ما زالت بعيدة عن تحقيق أي من هذين الهدفين. منذ البداية، ردت الحكومة الادعاءات بتوتر بنيوي بين هذين الهدفين. ولكل من تساءل كيف يمكن الدفع قدماً بصفقة لتحرير المخطوفين في الوقت الذي تهدد فيه إسرائيل بالقضاء على حماس، كان جواب الحكومة ان استمرار القتال ضروري لتحقيق صفقة لتحرير المخطوفين. أما الواقع فيدل على أن ليس هكذا هو الحال.

بقدر ما هو معروف، لا تبدو حماس مستعدة لصفقة مخطوفين مقابل هدنة قصيرة في القتال. ولهذا معنى واحد: إذا كانت إسرائيل تريد إعادة المخطوفين على قيد الحياة – ومعروف أن أكثر من 20 منهم ماتوا، فعليها أن توافق على توقف أطول للقتال، وكذا الاستعداد لـ “اليوم التالي” في قطاع غزة.

بكلمات أخرى، من يريد إعادة المخطوفين إلى الديار أحياء، ملزم بمطالب الحكومة أن تدفع قدماً بصفقة لتحريرهم، بأي ثمن، ولو بثمن سياسي داخلي.

لقد أجادت في صياغة هذا يوفال أراد، ابنة مساعد الطيار المفقود رون أراد. فقد كتبت هذا الأسبوع: “قالوا لنا أيضاً “كلهم سيعودون، رأيتم الطيارين من حرب يوم الغفران”. وأخبرونا أيضاً “نفعل كل شيء”. وقالوا “الصبر”… فليس التاريخ وحده من يكرر نفسه أمام عيوننا، بل ويرفضون التعلم من التاريخ. لإعادة المخطوفين إلى الديار، على أصحاب القرار، الحكومة ورئيسها، اتخاذ قرارات صعبة. يجب الأخذ والعطاء مع منظمة إرهاب إجرامية، وبالأساس العطاء. لمنظمة الإرهاب تنازلات أليمة، وستؤلمنا كشعب وكدولة، وستؤلم وزراء هذه الحكومة من ناحية سياسية، ولهذا السبب لا توجد صفقة… ثمة حاجة لتحمل مسؤولية عن الصفقة، للوقوف أمام الكاميرات، ولتوجيه النظر والقول “اتخذنا قراراً”. ولا يحصل هذا؛ لأن الزعامة والمسؤولية ميزتان وقعتا أيضاً في الأسر. ويجب إعادتهما إلى الديار مع 136 مواطناً إسرائيلياً جريحاً ومتألماً. لأننا شعب إسرائيل، ويمكننا ويجب علينا أن نتحمل ألم التنازل كي نبدأ بالشفاء”.

أقوال أراد يجب أن تصدح في أوساط مواطني إسرائيل، وخصوصاً في أوساط أصحاب القرار. ليس للحكومة تفويض لترك المخطوفين لمصيرهم. فبعد الخيانة الكبرى في 7 أكتوبر، فإن الحد الأدنى الذي عليها فعله هو إعادتهم. وإلا فستكون مسؤولة عن 136 رون أراد آخرين.

---------------------------------------------

 

حديث إسرائيل عن توسيع الحرب إلى لبنان يثير قلق أميركا

 

 

جون هدسون؛ ياسمين أبوطالب؛ وشين هاريس* - (الواشنطن بوست) 2023/1/7

 

وجد تقييم استخباراتي أميركي أنه سيكون من الصعب على إسرائيل أن تنجح في حرب ضد "حزب الله" اللبناني وسط القتال المستمر في غزة.

إسطنبول- في الأيام الأخيرة، أرسل الرئيس الأميركي، جو بايدن، كبار مساعديه إلى الشرق الأوسط لتحقيق هدف حاسم: منع اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وجماعة "حزب الله" اللبنانية المسلحة.

وقد أوضحت إسرائيل أنها ترى أن تبادل إطلاق النار المستمر بين قواتها و"حزب الله" على طول الحدود هو شيء لا يمكن تحمله، وأنها قد تطلق في القريب عملية عسكرية كبيرة في لبنان.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت: "نحن نفضل تسوية دبلوماسية متفقًا عليها، لكننا نقترب من النقطة التي ستنقلب فيها الساعة الرملية".

يشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق من أن يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن قتالاً موسعاً في لبنان سيكون مفتاح بقائه السياسي وسط انتقادات داخلية متصاعدة لفشل حكومته في منع هجوم حماس في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، الذي أسفر عن مقتل ما يقدر بنحو 1.200 شخص واحتجاز حوالي 240 رهينة تم نقلهم إلى غزة.

وحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في 6 كانون الثاني (يناير)، دول الشرق الأوسط، على استخدام نفوذها لمنع اندلاع "دوامة لا نهاية لها من العنف".

وفي محادثات خاصة، حذرت الإدارة إسرائيل من القيام بتصعيد كبير في لبنان. وإذا فعلت ذلك، فإن تقييماً سرياً جديداً صادراً عن وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية، (DIA)، وجد أنه سيكون من الصعب على قوات الدفاع الإسرائيلية أن تنجح، لأن أصولها ومواردها العسكرية ستكون منتشرة بشكل قليل الكثافة للغاية، بالنظر إلى استمرار الصراع الدائر في غزة، وفقًا لما أفاد به شخصان مطلعان على هذه النتائج. ولم يقدم متحدث باسم وكالة الاستخبارات الدفاعية أي تعليق.

وقد تحدث أكثر من عشرة من مسؤولي الإدارة والدبلوماسيين إلى صحيفة "الواشنطن بوست" من أجل إعداد هذا التقرير، بعضهم بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة الوضع العسكري الحساس بين إسرائيل ولبنان.

وكان وزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن، قد غادر في وقت متأخر من يوم الخميس في الأسبوع قبل الماضي متوجهًا إلى الشرق الأوسط للمرة الرابعة منذ أن شنت إسرائيل حربها على غزة بعد هجوم حماس عبر الحدود في 7 تشرين الأول (أكتوبر). وجاءت هذه الزيارة وسط مخاوف من نشوب حرب أوسع نطاقًا في المنطقة.

 

نهاية دورة العنف

 

يريد "حزب الله"، وهو خصم للولايات المتحدة منذ فترة طويلة ولديه مقاتلون مدربون جيداً وعشرات الآلاف من الصواريخ والقذائف، تجنب تصعيد كبير أيضًا، وفقاً لمسؤولين أميركيين، الذين يقولون إن زعيم الجماعة، حسن نصر الله، يسعى إلى تجنب اندلاع حرب أوسع نطاقاً. وقد تعهد نصر الله في خطاب ألقاه يوم الجمعة، 9 كانون الثاني (يناير)، بالرد على العدوان الإسرائيلي، في حين ألمح إلى أنه قد يكون منفتحًا على مفاوضات بشأن ترسيم للحدود مع إسرائيل.

تقرر أن يصل وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى إسرائيل يوم الاثنين، 8 كانون الثاني (يناير) لمناقشة خطوات محددة "لتجنب التصعيد"، حسب ما قال المتحدث باسمه، مات ميلر، قبل ركوب الطائرة المتوجهة إلى الشرق الأوسط.

وقال ميلر: "ليس من مصلحة أحد -لا إسرائيل، ولا المنطقة، ولا العالم- أن ينتشر هذا الصراع إلى ما هو أبعد من غزة". لكن هذا الرأي لا يحظى بقبول موحد داخل الحكومة الإسرائيلية.

وقال مسؤولون أميركيون إنه منذ هجوم حماس في تشرين الأول (أكتوبر)، ناقش المسؤولون الإسرائيليون شن هجوم وقائي على "حزب الله". وقد واجه هذا الاحتمال معارضة أميركية مستمرة بسبب احتمالية جر إيران، التي تدعم كلا المجموعتين، والقوات الوكيلة الأخرى إلى الصراع -وهو احتمال قد يجبر الولايات المتحدة على الرد عسكريا نيابة عن إسرائيل.

ويخشى المسؤولون أن يفوق صراع واسع النطاق يندلع بين إسرائيل ولبنان حجم سفك الدماء الذي شهدته الحرب الإسرائيلية اللبنانية في العام 2006 بسبب ترسانة "حزب الله" التي أصبحت الآن الأكبر بكثير من الأسلحة بعيدة المدى والدقيقة. وقال بلال صعب، الخبير في الشؤون اللبنانية في "معهد الشرق الأوسط"، وهو مركز أبحاث في واشنطن: "قد يتراوح عدد الضحايا في لبنان بين 300.000 و500.000 ألف، وسوف ينطوي على إخلاء واسع النطاق لشمال إسرائيل بأكمله".

وقد يضرب "حزب الله" إسرائيل بشكل أعمق من السابق، فيضرب أهدافاً حساسة مثل مصانع البتروكيماويات والمفاعلات النووية، وقد تقوم إيران بتنشيط الميليشيات التابعة لها في جميع أنحاء المنطقة. وقال صعب: "لا أعتقد أن الأمر سيقتصر على هذين الخصمين".

استمر التهديد بنشوب صراع أوسع نطاقًا في التزايد يوم السبت، حيث أطلق "حزب الله" حوالي 40 صاروخًا على إسرائيل ردا على الاغتيال المشتبه بأن إسرائيل نفذته للقيادي البارز في حركة حماس، صالح العاروري، وستة آخرين في غارة جوية شُنت في ضواحي بيروت، العاصمة اللبنانية، قبل أيام.

وفي الأسابيع الأخيرة، أصبحت عمليات إطلاق النار المنتظمة بين إسرائيل و"حزب الله" على طول الحدود أكثر عدوانية، مما أثار انتقادات خاصة من واشنطن، حسب ما قال مسؤولون أميركيون. ووفقًا للاستخبارات الأميركية التي استعرضتها الصحيفة، فقد ضرب الجيش الإسرائيلي مواقع القوات المسلحة اللبنانية التي تمولها وتدربها الولايات المتحدة أكثر من 34 مرة منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر)، حسب ما قال مسؤولون مطلعون على الموقف.

وتعتبر الولايات المتحدة الجيش اللبناني المدافع الرئيسي عن سيادة لبنان وتراه ثقلًا موازنًا رئيسيا لنفوذ "حزب الله" المدعوم من إيران.

في 5 كانون الأول (ديسمبر)، أدت أربع قذائف من نيران الدبابات الإسرائيلية إلى مقتل جندي من القوات المسلحة اللبنانية وإصابة ثلاثة آخرين. وفي 8 كانون الأول (ديسمبر)، أصابت نيران المدفعية الإسرائيلية المحتوية على الفسفور الأبيض منشآت تابعة للجيش اللبناني، مما أدى إلى إصابة جندي من القوات المسلحة اللبنانية استنشق الأبخرة الضارة. وفي 4 تشرين الثاني (نوفمبر)، أحدثت النيران الإسرائيلية التي أُطلقت على موقع للجيش اللبناني في منطقة سردا "فجوة كبيرة في مبنى للجيش اللبناني"، وفقًا للمخابرات الأميركية. وكانت محطة "سي. إن. إن" قد أبلغت عن بعض تفاصيل هذه الهجمات سابقًا.

ورفض مكتب مدير المخابرات الوطنية التعليق على الضربات الإسرائيلية، لكن مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض أكد أن واشنطن أبلغت إسرائيل بأن الهجمات على الجيش اللبناني والمدنيين اللبنانيين "غير مقبولة على الإطلاق".

وقال مسؤول في مجلس الأمن القومي إن إدارة بايدن كانت "مباشِرة وصارمة للغاية" مع الإسرائيليين بشأن هذه القضية، وقال إن الإصابات والوفيات في صفوف القوات المسلحة اللبنانية غير مقبولة.

وقال المسؤول أيضًا إن الأولوية هي الحفاظ على مصداقية الجيش اللبناني، وإنه يجب على المجتمع الدولي أن يبذل كل ما في وسعه لدعمه وتعزيزه، لأنه سيكون عنصرًا حيويًا في أي سيناريو لـ"اليوم التالي" في لبنان يكون فيه "حزب الله" قد أصبح ضعيفاً ويشكل تهديداً أقل لإسرائيل.

ومع ذلك، شدد المسؤول على أن "حزب الله" يشكل "تهديدًا مشروعًا" لإسرائيل، وقال إن للدولة اليهودية الحق في الدفاع عن نفسها.

وقال مسؤول إسرائيلي لصحيفة "الواشنطن بوست" إن إسرائيل لا تستهدف عمدًا مواقع القوات المسلحة اللبنانية، وألقى باللوم على "حزب الله" في تصعيد التوترات.

ووفق المسؤول: "كان "حزب الله" هو الذي بدأ إطلاق النار على الأراضي الإسرائيلية، من دون استفزاز، في الثامن من تشرين الأول (أكتوبر) 2023، واستمر في القيام بذلك على أساس يومي، حيث أطلق آلاف القذائف. واضطرت إسرائيل إلى الرد دفاعًا عن النفس".

وأضاف المسؤول: "نتيجة لعدوان ’حزب الله‘، اضطر عشرات الآلاف من الإسرائيليين إلى مغادرة منازلهم. لن تعود دولة إسرائيل إلى الوضع الذي كان قائمًا قبل الحرب والذي يشكل فيه ’حزب الله‘ تهديدا عسكريا مباشرا وفوريا لأمنها على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية".

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إنه عندما طرح المسؤولون الإسرائيليون لأول مرة فكرة مهاجمة "حزب الله" خلال الأيام الأولى للصراع في غزة، أثار المسؤولون الأميركيون الاعتراضات على الفور.

كان المسؤولون الإسرائيليون مقتنعين في البداية بأن الجماعة اللبنانية المسلحة كانت وراء توغل حماس، وتلقوا معلومات استخباراتية سيئة تفيد بأن هناك هجومًا وشيكًا لـ’حزب الله‘ في الأيام التي تلت 7 تشرين الأول (أكتوبر)، وفقًا لمسؤولَين أميركيَّين كبيرَين. وظهرت مخاوف عميقة في إسرائيل من أن الحكومة تفوِّت علامات على وقوع هجوم عنيف آخر.

وقال المسؤول الكبير في الإدارة الأميركية إن بايدن كان يتحدث عبر الهاتف ما يصل إلى ثلاث مرات في اليوم، جزئيًا للعمل على ثني إسرائيل عن مهاجمة "حزب الله" -وهي خطوة كان من شأنها أن تؤدي إلى "إطلاق الجحيم كله من عقاله"، كما قال المسؤول. وقد أثرت مخاوف الإسرائيليين العميقة بشأن التهديد الذي يشكله "حزب الله" على قرار بايدن بالسفر إلى تل أبيب بعد أقل من أسبوعين من هجوم حماس، وفقًا لأحد كبار المسؤولين.

وقال مسؤولون في البيت الأبيض ووزارة الخارجية إن خطر قيام إسرائيل بشن هجوم طموح على "حزب الله" لم يذهب أبدًا، لكنَّ هناك قلقًا أوسع بشأن التصعيد ظهر في الأسابيع الأخيرة، خاصة بعد إعلان إسرائيل عن سحب مؤقت لعدة آلاف من جنودها من غزة في الأول من كانون الثاني (يناير) الماضي -وهو قرار قد يحرر بعض الموارد لتنفيذ عملية عسكرية في الشمال. وقال المسؤول الأميركي: "أصبحت لديهم حرية أكبر في التصعيد".

وقال مسؤول أميركي آخر إن القوات التي سحبتها إسرائيل من غزة يمكن نشرها في الشمال بعد وقت كاف من الراحة والاستعداد لموجة أخرى من القتال. لكنَّ القوات الجوية الإسرائيلية مرهقة أيضًا، حيث قامت بتنفيذ ضربات مستمرة منذ بدء الحرب في تشرين الأول (أكتوبر)، حسب ما قال المسؤول، موضحًا تقييم وكالة الاستخبارات العسكرية العسكرية الذي يرى أن من شأن التصعيد في لبنان أن يوسع مناطق انتشار القوات الإسرائيلية وتقليل كثافتها.

وقال المسؤول إن الطيارين الإسرائيليين متعبون، ويجب صيانة الطائرات وإعادة تجهيزها. وسوف يواجهون مهمات أكثر خطورة في لبنان من مثيلاتها في غزة، حيث لا تملك حماس سوى القليل من الدفاعات المضادة للطائرات التي تمكنها من إسقاط الطائرات المهاجمة.

يوم الخميس قبل الماضي الماضي، أرسل بايدن مبعوثه الخاص، عاموس هوشستين، إلى إسرائيل للعمل على التوصل إلى اتفاق لخفض التوترات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. والهدف على المدى القريب هو تطوير عملية لبدء التفاوض على اتفاقية لترسيم الأراضي، والتي يمكن أن تحدد أين وكيف ينشر الجانبان قواتهما على طول الحدود في محاولة لتحقيق استقرار الوضع.

ويجري المسؤولون الأميركيون والفرنسيون مناقشات مع الحكومة اللبنانية حول اقتراح من شأنه أن يجعل الحكومة اللبنانية تسيطر على جزء من الحدود اللبنانية الإسرائيلية بدلاً من "حزب الله"، للمساعدة على تهدئة المخاوف الإسرائيلية، وفقًا لشخصَين مطلعَين على المحادثات. وقد رفض البيت الأبيض تقديم أي تفاصيل الخطة.

وقال المسؤول في مجلس الأمن القومي: "إننا نواصل استكشاف واستنفاد جميع الخيارات الدبلوماسية مع شركائنا الإسرائيليين واللبنانيين. إن إعادة المواطنين الإسرائيليين واللبنانيين إلى منازلهم والعيش في سلام وأمن هو أمر في غاية الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة".

ويعترف المسؤولون الأميركيون بأنه من غير المرجح أن يوافق "حزب الله" على صفقة حدودية، بينما يتعرض عشرات الفلسطينيين في غزة للقتل أو الإصابة نتيجة للحملة العسكرية الإسرائيلية هناك.

ثمة تصورات مختلفة داخل الإدارة حول اهتمام نتنياهو بالتوصل إلى حل تفاوضي للصراع مع "حزب الله". وقال مسؤول أميركي كبير إن تعهد الزعيم الإسرائيلي بإحداث "تغيير جوهري" لمعالجة الاقتتال الحدودي مع "حزب الله" هو مجرد تهديد يهدف إلى انتزاع تنازلات من المجموعة اللبنانية. وقال آخرون إنه إذا انتهت حرب غزة غدًا، فإن مسيرة نتنياهو السياسية ستنتهي معها، مما يحفزه على توسيع رقعة الصراع.

وقال صعب، الخبير في شؤون لبنان: "المنطق السياسي لنتنياهو هو العودة من جديد بعد الفشل التاريخي في 7 تشرين الأول (أكتوبر) وتحقيق قدر من النجاح ليعرضه أمام الجمهور الإسرائيلي. لست متأكداً من أن ملاحقة "حزب الله" هي الطريقة الصحيحة للقيام بذلك، لأن تلك الحملة ستكون أكثر تحدياً بكثير من الحملة في غزة".

وعندما سُئل عما إذا كانت الحوافز السياسية هي التي تحرك طموحات نتنياهو العسكرية، اكتفى مسؤول حكومي إسرائيلي كبير بقول إن "رئيس الوزراء سيواصل اتخاذ الخطوات اللازمة لتأمين إسرائيل ومستقبلها".

وقبل توجهه إلى الأردن، قال بلينكن إن تخفيف التوترات على الحدود هو "هدف نعمل عليه بنشاط كبير". وأضاف: "من الواضح أنها مصلحة مشتركة ومتقاسمة بقوة" بين دول المنطقة.

*شاركت أبو طالب وهاريس من واشنطن.

‏*جون هدسون‏ John Hudson: مراسل في صحيفة واشنطن بوست يغطي وزارة الخارجية والأمن القومي. كان جزءًا من الفريق الذي وصل إلى التصفيات النهائية لجائزة بوليتزر للخدمة العامة عن تغطية مقتل الصحفي جمال خاشقجي. قدم تقاريره من عشرات البلدان، بما في ذلك أوكرانيا والصين وأفغانستان والهند وجورجيا وبيلاروسيا وباكستان وماليزيا وإثيوبيا وفيتنام وكولومبيا وكوستاريكا وفرنسا وكينيا ونيجيريا وغيرها الكثير. وفي العامين 2022 و2023، غطى الحرب في أوكرانيا. في العام 2008، غطى الحرب في جورجيا.

*‏ياسمين أبو طالب Yasmeen Abutaleb: مراسلة البيت الأبيض لصحيفة "الواشنطن بوست". انضمت في العام 2019 كمراسلة وطنية تغطي السياسة الصحية وغطت استجابات إدارة ترامب وبايدن لوباء "كورونا"، وكذلك وزارة الصحة والخدمات الإنسانية. شاركت في تأليف أفضل الكتب مبيعًا حسب تصنيف "النيويورك تايمز"، بعنوان "سيناريو الكابوس: داخل استجابة إدارة ترامب للوباء الذي غير التاريخ". وسبق لها أن غطت الرعاية الصحية والتكنولوجيا لوكالة "رويترز".‏

‏*شين هاريس Shane Harris: كتب عن الاستخبارات والأمن والسياسة الخارجية لأكثر من عقدين. وهو كاتب في صحيفة "الواشنطن بوست"، يغطي وكالات الاستخبارات الأميركية والأمن القومي. كان جزءًا من الفريق الذي فاز بجائزة بوليتزر للخدمة العامة للعام 2021، عن قصص حول هجوم 6 كانون الثاني (يناير) على مبنى الكابيتول والجهود المبذولة لإلغاء الانتخابات الرئاسية. في العام 2019، كان جزءًا من الفريق الذي وصل إلى المرحلة النهائية لجائزة الخدمة العامة عن تغطية مقتل الصحفي جمال خاشقجي. كان سابقًا كاتبًا في صحيفة "وول ستريت جورنال".

*نشر هذا التقرير تحت عنوان: Israel’s talk of expanding war to Lebanon alarms U.S.

---------------------------------------------

 

وول ستريت جورنال: بعد 100 يوم أعادت غزة تشكيل السياسة العالمية وعرقلت التجارة الدولية

 

 

إبراهيم درويش

 

نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريراً أعدّه روري جونز قال فيه إن الحرب في غزة تحوّلت، بعد 100 يوم، إلى نزاع مستعصٍ يهدد بالانتشار أبعد من غزة وعرقلة للتجارة العالمية. وانتقلت الحرب من هجوم “وحشي” لـ “حماس” إلى انتقام إسرائيلي شرس بدون منظور للنهاية.

فهذه الحرب، التي تعتبر أهم حدث جيوسياسي في القرن الحالي، قتلت أكثر من 23,000 فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، ودمرت كلياً أو جزئياً 70% من مساكن غزة، البالغ عددها 439,000 بيتاً.

وأضاف جونز أن الولايات المتحدة سارعت إلى نجدة إسرائيل في الحرب بشكل يضع سياسة جو بايدن الخارجية محل فحص. وتردد النزاع وموقف بايدن الداعم بشدة في السياسة المحلية الأمريكية وأدى لتظاهرات في الجامعات، التي أضافت وقوداً للحرب الثقافية في وقت يواجه فيه الرئيس حملة إعادة انتخاب مثيرة للجدل.

سنام وكيل: “مع أن المنطقة تدندن” مع المعزوفة الأمريكية، إلا أن “هذه الفكرة عن تهميش القضية الفلسطينية هي سراب”

 وأجبرت الحرب الولايات المتحدة على التركيز على الشرق الأوسط، بعد سنوات من إعادة توجيه الدبلوماسية والمصادر العسكرية لمواجهة صعود الصين، وحرفت الحرب انتباه الولايات المتحدة عن تقديم الدعم لأوكرانيا.

وخلط النزاع أوراق السياسة الأمريكية وأولوياتها، فقبل الهجمات كانت واشنطن تركز جهودها بالمنطقة على التطبيع، وخاصة بين السعودية وإسرائيل، بهدف إعادة تشكيل التحالفات الأمنية بالمنطقة واحتواء إيران. وقد توقف كل هذا، ولا يعرف وقت استئنافه من جديد.

وأصبح السؤال الآن يتمحور حول تسوية النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني الذي تجاهلتْه إسرائيل والمجتمع الدولي، ولكنه أصبح في مركز الدبلوماسية الدولية، مع أن الطريق إلى حل الدولتين بات صعباً وشائكاً من ذي قبل.

وتقول سنام وكيل، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “مع أن المنطقة تدندن” مع المعزوفة الأمريكية إلا أن ” هذه الفكرة عن تهميش القضية الفلسطينية هي سراب”.

 وتقول الصحيفة إنه عندما تقرر إسرائيل إنهاء الحرب، فهذا سيترك أثره على عدة جبهات، بما في ذلك أمنها، وعلى المدى البعيد.

وبعيداً عن ساحة الحرب في غزة، تعمل الولايات المتحدة على احتواء إيران الداعمة لـ “حماس” وحلفائها، بمن فيهم “حزب الله” اللبناني والحوثيين في اليمن. وأصبحت الهدنة الهشة التي كانت مركزاً للتقارب السعودي- الإيراني في العام الماضي، عرضة للخطر.

وتعتبر الغارات التي شنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد الحوثيين في اليمن رداً على الهجمات ضد الملاحة في البحر الأحمر رحلة باهظة الثمن، وهزت أسعار السلع المرتبطة بتدفقها عبر البحر.

أصبحت الهدنة الهشة التي كانت مركزاً للتقارب السعودي- الإيراني في العام الماضي، عرضة للخطر

 ونقلت الصحيفة عن هيو لوفات من المجلس الأوروبي  للعلاقات الخارجية: “عندما تنتشر الحرب إلى خارج غزة وخارج إسرائيل إلى المنطقة، وهو ما يحدث الآن.. تحدث عندها التداعيات العالمية”.

 وتعلق الصحيفة بأن الغارات رفعت من مستوى تورط الولايات المتحدة التي نشرت بوارج في المنطقة، في الأيام الأولى لحرب غزة، لردع “حزب الله” عن استهداف إسرائيل. وزوّدت الولايات المتحدة إسرائيل بقنابل ضخمة خارقة للتحصينات، إلى جانب عشرات الآلاف من الأسلحة وقذائف المدفعية ومساعدتها على الإطاحة بـ “حماس” في غزة. وقام وزير الخارجية أنتوني بلينكن بأربع جولات بالمنطقة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر لمنع انتشار الحرب فيها.

وأدى النزاع لخروج تظاهرات في الغرب داعمة للطرفين، لدعم الفلسطينيين وشجب إسرائيل، وأخرى ضد انتشار معاداة السامية. وأدى التوتر لاستقالة رئيستي جامعتي هارفارد وبنسلفانيا. وفي يوم الخميس، قدمت جنوب أفريقيا مرافعة ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي متهمة إياها بارتكاب إبادة جماعية.

ورفضت إسرائيل الاتهامات متهمةً جنوب أفريقيا بدعم “حماس”، التي تقول إنها تدعو لإبادتها.

وحدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أهداف الحرب بأنها تدمير “حماس” وتحرير الرهائن الذين أخذتهم، إلا أن الحرب تحولت إلى عملية دموية كشفت عن محدودية القدرات العسكرية الإسرائيلية ودفاعات “حماس” الأرضية المتقدمة. وقتلت إسرائيل آلافاً من مقاتلي “حماس”، وأضعفت قدراتها العسكرية، لكنها لم تحقق أياً من الأهداف التي وضعتها بداية الحرب. ولا يزال الجيش الإسرائيلي يبحث عن تدمير الأنفاق وقتل قادة “حماس”، مثل يحيى السنوار.

ولا يزال عشرات الآلاف في الشمال بعيدين عن مساكنهم التي أجلوا عنها بسبب الاشتباكات مع “حزب الله”. ورغم حديث إسرائيل، وفي الشهر الرابع، عن تحول في مسار الحرب إلى مرحلة مستهدفة وأقل كثافة، إلا أنها “لا تزال مستمرة”، كما يقول عوزي أراد، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي ما بين 2009 – 2011، مضيفاً أن “هناك مخاطر قائمة للتصعيد”.

وكشفت الجهود عن صعوبة مواجهة إيران التي دعمت “حماس” ودربت مقاتليها، قبل هجوم تشرين الأول/أكتوبر.

تعتقد الدول العربية المؤثرة، مثل مصر، أن “حماس” يجب أن تلعب دوراً، وقد زادت الحرب من موقفها وشعبيتها مقابل السلطة الوطنية

ونشرت إسرائيل آلاف الجنود في الشمال لمواجهة “حزب الله”. ويقول غسان الخطيب، المحاضر بجامعة بير زيت في الضفة الغربية: “من الواضح أن ما حدث هزّ ميزان القوة الإقليمي ضد إسرائيل والولايات المتحدة”، و”لم تستطع إسرائيل، وبعد ثلاثة أشهر، هزيمة واحد من وكلاء إيران”.

 ويقول المحللون إن إسرائيل قد تقتل قادة “حماس” وآلافاً من مقاتليها، إلا أن إنقاذ الرهائن سيكون صعباً. وتواجه إسرائيل صعوبة في تحقيق أهدافها العسكرية في الجنوب، بعدما شرّدت معظم سكان شمال ووسط غزة.

وفي الوقت الحالي، ينقسم قادة “حماس” حول ما يمكن للحركة تحقيقه من الحرب. ويعتقدون أنهم حققوا انتصاراً بهجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، وتسبّبوا بضربة أمنية وعسكرية لإسرائيل، من خلال تأمين قيادتهم بعد الغزو الإسرائيلي. والسؤال المهم إن كانت “حماس” قادرة على استخدام ما تبقى لديها من رهائن لتحرير السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وهو هدف السنوار، أو تظل في السلطة داخل غزة وقوة مؤثرة في السياسة الفلسطينية.

وحتى لو سحقت إسرائيل “حماس”، فليس من الواضح من سيدير غزة، أو يموّل إعمار الدمار الذي ستتركه.

وتعتقد الدول العربية المؤثرة، مثل مصر، أن “حماس” يجب أن تلعب دوراً، وقد زادت الحرب من موقفها وشعبيتها مقابل السلطة الوطنية.

وسيكون تحقيقُ أيٍّ من هذه الأهداف صعباً، بعدما توترت علاقات الدول العربية مع الولايات المتحدة، نظراً لدعم الأخيرة غير المشروط لإسرائيل.

 كما تقوض دعم أمريكا في عالم الجنوب، حيث رفضت دوله دعم الجهود الأمريكية في أوكرانيا عندما تواصل دعم احتلال الفلسطينيين. ويقول لوفات: “من رؤية بكين وموسكو فإن مراقبة الولايات المتحدة وهي تهدر مصادرها على دعم إسرائيل ليس سيئاً”، و”في النهاية تتفوق الصين وروسيا”.

------------------انتهت النشرة------------------

 

 

   

أضف تعليق