29 نيسان 2024 الساعة 19:44

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الثلاثاء 26/12/2023 العدد 892

2023-12-27 عدد القراءات : 107
 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

إسرائيل اليوم 26/12/2023

 

 

فصل إستراتيجي في محور فيلادلفيا وغور الأردن

 

 

بقلم: آفي برئيلي

 

المهمة المعقدة والطويلة لكن الحيوية لتجريد غزة، السامرة ويهودا من السلاح هي الاستنتاج العملياتي الفوري من الفظاعة التي وقعت لنا في النقب الغربي.

مهما كان الوضع السياسي، الحزبي والديمغرافي في هذه الأماكن، فإن مبدأ التجريد من السلاح هو مهمة عسكرية أولى في سموها للحكومة، ودونها للجيش وللشاباك.

إن ضرورة التجريد من السلاح هي شرط لكل تسوية أخرى. لضرورة تجريد هذه الأماكن من السلاح توجد تداعيات عسكرية، إقليمية واستيطانية واضحة.

أولاً، إسرائيل لا يمكنها أن تتوقف عن حملة التصفية العسكرية والسياسية للنازية الإسلاموية في غزة. و"الآمال" الشوهاء التي تنطلق مؤخراً في الصحف الإسرائيلية في أن تراوح الحملة في المكان عقب أزمة إنسانية وضغط أميركي أو بسبب الحاجة الملحة لإنقاذ المخطوفين ستصطدم في نهاية المطاف بالحقيقة السياسية القاطعة في أن إسرائيل لا يمكنها بأي حال أن تسلم باستئناف مثل هذا التهديد الفظيع. الخسوف الداخلي قبل وبعد أوسلو وفك الارتباط لن يتكرر. الهدن التي لعلها تحصل أو الضغوط الدولية، لن تشوش وعينا عن الضرورة الوجودية لاقتلاع حماس تماماً، عسكرياً وتنظيمياً، من غزة، وسيتواصل الاقتلاع بقدر ما يحتاج.

ثانيا، منطق التجريد إياه ينطبق أيضاً – وبالقدر ذاته من الأهمية – على يهودا، بنيامين والسامرة، شمال النقب، السهل الساحلي، القدس، الشاطئ والجليل الأدنى.

حيوي ليس فقط تجريد "المناطق" من منظمات إجرام علنية ومن تنظيمات سرية بل وأيضاً تفكيك شرطة السلطة الفلسطينية من قدرتها على "توجيه البنادق" ضدنا، بمعنى من قدرات الكوماندو لديها.

ثالثاً، معنى الأمر حكم عسكري إسرائيلي في قطاع غزة وسيطرة عسكرية في المناطق أ التي في السامرة، في بنيامين وفي يهودا. من الآن يجب لهذه أن تكون سيطرة حثيثة، دون تعب مثلما في سنوات الوهن التي جاءت بعد السور الواقي.

بخلاف المفهوم المشوّه الذي تجذر في المؤسسة الأمنية، فإن الاستيطان الإسرائيلي هو شرط مساعد مهم للغاية للسيطرة العسكرية الفاعلة في "المناطق"، إضافة إلى أهميته بحد ذاته. لكن التجريد لن ينجح دون فصل قاطع بين القطاع وبين مصر وبين "الدولة ناقص" في مناطق أ في الضفة الغربية وبين الأردن والفلسطينيين في الضفة الشرقية.

لقد بنت حماس قلعتها الرهيبة إلى حجوم وحشية "بفضل" قدرة الوصول إلى سيناء أيضاً.

لقد قرر رئيس الوزراء شارون الانسحاب من "محور فيلادلفيا" خشية أن يقال إننا أحطنا قطاع غزة بالحصار ولم ننسحب إلى حدود دولية متفق عليها (لا توجد هناك). لكن الادعاءات المدحوضة هذه قيلت رغم ذلك، رغم القرار البائس لشارون. أكلنا السمك النتن، تلقينا ضربات وطردنا من المدينة. سمحنا لحماس أن تتمترس في القطاع. الخطر مشابه في يهودا والسامرة وفي القدس.

إيران تتسلل وتهيج (بقدر ما تركيا أيضاً، في القدس)، والوضع هناك كان يمكنه أن يكون أخطر بكثير لو أن باراك، وبعد أولمرت "نجحا" في تسليم غور الأردن لدولة فلسطينية.

قدر معقول من التجريد سيكون مضموناً ليس فقط كجهد عسكري متواصل وثابت (دون ضعف ذاتي) بل أيضاً بعزلة عسكرية – عملياتية تامة لعموم السكان العرب الذين بين النهر والبحر عن الخلفية للإسلام الراديكالي والقومجية العربية في الدول التي إلى جانبنا.

إن مبدأ الفصل الاستراتيجي كان مبدأ أشكول، غولدا، ألون وجليلي. وعليه فقد تحدثوا عن "حدود أمنية" على نهر الأردن (والتي ذكرت في خطاب رابين الأخير في الكنيست)، وعليه فإنهم استوطنوا غور الأردن وغوش قطيف وقطاع يميت.

لكن "الحدود الأمنية" هي تعبير غامض، ولهذا فهو خطير. ففي إطار التمسك به، جر رابين إلى أوسلو، ومنطق أوسلو – كما أظهر المنحدر السلس تحت باراك، شارون وأولمرت – أدى إلى الاستعداد الخطير للتنازل عن غور الأردن وطرد مستوطني غوش قطيف وعليه فليست خيراً لنا "حدود أمنية" مشوشة، مع "موعد انتهاء" من شأنه أن يكون رافعة سياسية ضدنا.

نحن مدعوون لأن نثبت سيادة واستيطاناً في كل حدودنا – في حدود مصر وفي غور الأردن، مثلما في النقب الغربي، في الجليل، في الجولان وفي العربا.

--------------------------------------------

 

هآرتس 26/12/2023

 

 

من سنكون بعد الحرب

 

 

بقلم: میخائیل سفارد

 

لقد مر شهرين ونصف تقريبا والغضب لا يتركنا الايام حزينة والليالي كئيبة. الحزن استوطن البلاد، من البحر وحتى النهر الظلام الذي غطانا لا يسمح ولو بشق صغير يمر من خلاله شعاع ضوء. فقط هناك حزن، هذه ايام فظيعة، لا يوجد فيها أي تسامح أو رحمة.

هناك نوعان من الحزن يملآن الواقع الاول، الذي يفطر القلب ويعتصر اکیاس دموع ويهز الروح الثاني، الذي يترسب ببطء ويضيق شرايين الوجود ويُظلم الوعي. الاول هو الالم، الم الخسارة وصدمة مواجهة الرعب الذي هبط من الخارج. ساعات امام التلفزيون ومشاهدة قصص المخطوفين والقلق الكبير لدى ابناء عائلاتهم لفقدان من سقطوا، كل ذلك بمثابة جرعة حزن تتدفق باستمرار في الجسد، تقطر وتقطر وتقطر من المستحيل التوقف عن تناولها لأن اخوتنا واخواتنا هم من بين القتلى الساقطين والمعذبين في ظلام الجحيم. الى جانب العمل التطوعي والمظاهرات التي تطالب باعادة المخطوفين والتبرعات للغلاف والمهجرين، ايضا الاطلاع المستمر على صناعة مشاهدة معاناة الضحايا، يعتبر نوع من التعبير عن التضامن نحن يجب علينا المعرفة، والمعرفة تقودنا الى مسارات حزن كبيرة.

النوع الثاني من الحزن هو فعليا الادراك. ادراك فظيع يتسلل زحفا أنا احاول طرده بكل الطرق والتملص من الحواجز التي اضعها امامه، إلا أنه يغير شكله من اقوال قاسية مع علامة استفهام الى استفهام مخيف مع علامة استفهام من سنكون بعد الحرب؟ أي مجتمع اسرائيلي يتم تشكيله من جديد في هذه الايام؟.

المشاهدة والاستماع الى قصص المخطوفات وسادية القتل والتنكيل يوجد لها ثمن باهظ المشاهدة اليومية التي تستمر منذ شهرين ونصف لقصص حياة الذين سقطوا وملامح وجوه آبائهم في اللحظة التي توقف فيها عالمهم، تغيرنا. 7 اكتوبر يحتل مكان 1929 كحدث يحدد في نظرنا شخصية العدو القومي وطبيعة المخاوف التي تعتمل في قلوبنا طوفان الرعب يضمن استمرارنا، وبدرجة أكبر السيطرة على مخاوفنا ايضا هو يعزز الى مستوى القبو النووي مشاعر كوننا كما قال يهودا عميحاي في السابق: " المكان الذي نحن فيه أبرار لن تنمو فيه في أي يوم زهور الربيع".

في الحقيقة ماذا ستكون صورة مجتمع، الذي من خلال مصداقيته غير النهائية والمسلم بها، قتل عشرات الآلاف، معظمهم من الاطفال والنساء والشيوخ. نعم، لقد قتلوا في اعقاب جريمة. جدتي التي هي ناجية من الكارثة بعد تملصها مع والدتها واختها من الاعمال الفظيعة في غيتو وارسو، واختبأت الى حين انتهاء الحرب في علية على السطح وفي الاقبية، كتبت في مذكراتها بأن التحدي الاكبر امام عدم الانسانية الشديد هو الحفاظ على الانسانية.

بالتالي، ما الذي ستخلفه في روحنا الجماعية افعالنا في الاسابيع الاخيرة - تدمير المدن والبلدات والقرى ومخيمات اللاجئين، التدمير الكلي لاحياء سكنية وبنى تحتية مدنية، محو عائلات وابقاء مئات الاطفال، اذا لم يكن آلاف، ايتام؟ كم طن من البرود وعدم المبالاة استوطنت في اعماقنا كي نحول الابراج السكنية الى غبار، والمتنزهات والميادين الى انقاض، ومليون ونصف شخص الى مهجرين ينقصهم كل شيء؟. هل هناك أي طريق للتراجع عن انغلاق القلب والقسوة التي حكمنا فيها على قلوبنا ازاء مئات الآلاف الذين بسبب حربنا يحاربون مثل الحيوانات على لقمة عيش ومكان آمن يمكن فيه لاولادهم أن يناموا فيه والدواء والمياه الصالحة للشرب والكرامة.

وماذا عن المجتمع الذي قنوات الاعلام توفر له المعلومات عن افعاله وتمتنع منذ عشرة اسابيع عن تقديم له حتى لو مقابلة واحدة، واحدة، مع أحد سكان غزة أو مواطنة من القطاع، كي تبلغه عما يمرون به؛ التي تحظر أي صورة للاطفال القتلى والامهات الباكيات والاطفال الذين قمنا بقتلهم والامهات اللواتي جعلنهن أرامل قنوات التلفاز الاسرائيلية تشكل وعينا الجماعي، ليس فقط بواسطة ما تظهره، بل ايضا وربما بالاساس بواسطة ما تخفيه عنا. لذلك، نحن نصدم عندما في الجمعية العمومية للامم المتحدة 153 دولة تطالب بوقف اطلاق النار وفقط 10 دول تعارض؛ عندما 13 من بين الـ 15 عضو في مجلس الامن يؤيدون قرار يلزم بوقف القتال وفقط دولة واحدة تفرض الفيتو؛ وعندما تتحول الجامعات في الغرب الى ساحة للمظاهرات ضد اسرائيل.

المشاهد المخيفة التي تخرج الكثير من الطلاب الى الشوارع، الاسرائيليون لا يشاهدونها. هم يرون فقط سياسيون وعسكريون سابقون ومؤثرون على الشبكة يحرضون بشكل علني على الانتقام من جميع الغزيين ويدعون الى التطهير العرقي وحتى الابادة الجماعية، ولا يوجد أي صوت أو من ينبس ببنت شفة. ماذا ستكون قيمنا السياسية بعد الحرب، التي فيها الشرطة ووزيرها الكهاني بدعم مطلق من المستشارة القانونية للحكومة، يدمرون حرية التعبير السياسي والحق في التظاهر، والمحكمة العليا تقف في المقابل واحيانا حتى تساعدهم؟. نعم، حتى هذا تقريبا لا يتم النشر عنه خارج صفحات "هآرتس".

في سلسلة قرارات من الاسابيع الاخيرة سمح قضاة المحكمة العليا للشرطة بمنع المظاهرات وحتى وضع شروط لاجراء وقفات الاحتجاج التي لا تحتاج الى أي اذن، مع معرفتهم الجيدة أن الشرطة تمنع فقط احتجاجات من نوع واحد - فيها يتم توجيه الانتقاد للسلطة والتعبير عن معارضة استمرار الحرب ايضا وقفات احتجاج للعرب ولا يهم ما الذي يريدون قوله. هذا السلوك لحراس العتبة الذي المعسكر الذي يتفاخر بأنه ليبرالي قضى ثمانية اشهر في الشوارع للدفاع عنهم هو مناهض جدا لليبرالية الذي اتجرأ على القول بأنه كان من الافضل لو أنه في ملفات منع المظاهرات كان يجب أن يناقشها القضاة الذين كانوا يجلسون في المحكمة العليا في الخمسينيات. اضافة الى ذلك هناك هيئات في المحكمة العليا تخاف من الرهان ماذا كانوا سيحكمون الآن لو وصل الى يدهم ملف "صوت الشعب" الذي ضمن حرية التعبير السياسي في القضاء الاسرائيلي. نعم، الى هذه الدرجة تدهورنا.

لذلك فان السؤال الذي يقض المضاجع هو ماذا سنكون بعد الحرب؟ هل بعد الحرب سيكون هنا مكان لشخص ما زال يؤمن مثل تشيرني خوفسكي، " سواء في الانسان أو في روحه هناك روح قوية"، الذي يصر على أنه في المستقبل "سيجلبون السلام والبركة للعالم".

هل كما وعد الترمان ستعود النغمة التي تخلينا عنها للكارثة؟

"هل حقا" كما كان سؤال ليئا غولدبرغ "هل ستكون هناك ايام من الغفران والنعمة؟".

--------------------------------------------

 

هآرتس 26/12/2023

 

 

سلطة فلسطينية محـسنة .. مروان البرغوثي

 

 

وقائمة المرشحين لقيادة السلطة بعد الحرب تطول

 

بقلم: جاكي خوري

الحديث عن سلطة فلسطينية محسنة، اصلاحات داخلية وتغييرات شخصية مطلوبة في القيادة في اليوم التالي للحرب، لا يقفز عن الضفة الغربية في رام الله متيقظون لما يجري وللحاجة الى التغيير، لكن خلافا لجولات قتال سابقة لا يوجد من يتحدثون باسمهم، ايضا ليس هناك من يسمع الرسائل حول أفق جديد "نجوم " الشعب الفلسطيني في هذه الاثناء هم ابناء قطاع غزة. معظم الاهتمام العام يتركز عليهم وعلى الوضع الانساني الكارثي في القطاع. السلطة الفلسطينية لا توجد لها اجابة واضحة حول اليوم التالي، لذلك فان سيناريوهات كثيرة يتم القاءها فى الهواء، من الفوضى وفقدان شامل للسيطرة في القطاع على صيغة الصومال، وحتى تشكيل لجنة دولية تدفع قدما بالبدء بعملية سياسية وانتخابات تعطي روح داعمة لقيادة فلسطينية جديدة.

في حاشية الرئيس محمود عباس يقولون مرة تلو الاخرى بأن الانتخابات الحرة في كل مناطق السلطة، بما في ذلك شرقي القدس وقطاع غزة، هي الطريقة الوحيدة للحصول على الشرعية. مع ذلك، واضح للجميع بأن هذه العملية، التي كانت معقدة حتى قبل 7 اكتوبر، غير قابلة للتنفيذ على المدى القصير، وأن الواقع سيملي عملية مؤقتة تمهد الارض للمرحلة التالية. هذا شريطة أن توافق الولايات المتحدة واسرائيل على التعاون وعلى طرح رؤية واضحة.

عملية مؤقتة كهذه يمكن أن تتمثل في تغيير طبيعة ادارة السلطة الفلسطينية م.ت.ف، وهي المنظمة الاعلى للشعب الفلسطيني. ولكن خارطة المصالح أكثر تعقيدا. النقاشات حول المرحلة القادمة تبدأ بما يحدث في اسرائيل وسؤال أي حكومة ستديرها بعد الحرب ومرورا بخطط اقليمية للادارة الامريكية ووصولا الى روسيا والصين على هذه الخارطة تظهر مصر والاردن ايضا اللتان لديهما مصلحة واضحة في استقرار الساحة، ودول الخليج مع القوة الاقتصادية الكبيرة.

في كل ما يتعلق بالساحة الفلسطينية الداخلية لا يوجد اجماع على شخصية يمكنها تولي السيطرة في الضفة والقطاع على الفور وبشكل طبيعي، وفي نفس الوقت أن تحظى بالشرعية. الشخص الوحيد الذي يمكنه أن يحظى بالدعم من كل الفصائل هو مروان البرغوثي، المسجون في اسرائيل. في كل الاستطلاعات فى العقد الاخير، بما في ذلك الاستطلاع الذي نشره في الاسبوع الماضي المركز الفلسطيني لابحاث السياسات والاستطلاعات، حصل البرغوثي على نسبة التأييد الاكبر، 55 في المئة، في الضفة وقطاع غزة. ولكن البرغوثي يوجد الآن في السجن وهناك شك كبير اذا كان يمكن الدفع قدما بعملية لاطلاق سراحه في اطار صفقة لاطلاق سراح المخطوفين مثلا، واعداده لدور تنفيذي.

في الدائرة المقربة من محمود عباس يتطلعون الى أن تدير السلطة بقيادته مهمة اعادة الاعمار الكبيرة في القطاع. وهم يربطون ذلك بضمانات دولية - أولا من الولايات المتحدة ودول عربية - ترافق هذه العملية خطة واضحة لاقامة الدولة الفلسطينية. "هل حقا توجد لديها الرغبة في احلال الاستقرار في غزة واعادتها الى حضن السلطة بصورة ما، وعندها اعداد عملية سياسية والبدء في المفاوضات؛ أو أن مصلحتها هي الحفاظ على الفصل بين الضفة والقطاع وبعد ذلك ايصال غزة الى فوضى كاملة وايصال السلطة الى التفكك. مع كل الرغبة الفلسطينية وبدون تدخل دولي و عربي، هذا الامر لن يتقدم".

لن يختفى في جيل ال 88 محمود عباس ما زال يعتبر الشخص القوي في الضفة الغربية. وهو لا يظهر أى اشارة على الاستعداد للنزول عن المسرح السياسي طالما أن وضعه الصحي يسمح بذلك، والانتخابات لا تلوح في الافق ولكن في نفس الوقت الانتقاد الشديد لوضع السلطة الفلسطينية الى جانب عدم شرعية عباس في اوساط الجمهور والخطاب الدولي حول الحاجة الى التغيير، تشعل بورصة اسماء المرشحين للاندماج في القيادة الفلسطينية لليوم التالي للحرب.

في حاشية محمود عباس فان الاسماء الرائدة هي سكرتير اللجنة التنفيذية في م.ت.ف حسين الشيخ رجل الاتصال المباشر مع اسرائيل والادارة الامريكية والذي يشارك في جميع اللقاءات السياسية المهمة، ورئيس المخابرات ماجد فرج مع ذلك، مشكوك فيه أن يتمكن أي واحد منهما تولى السيطرة على قطاع غزة بدون تدخل حماس. رئيس الحكومة الفلسطينية، الدكتور محمد اشتية، هو شخص آخر معروف لكل اللاعبين في الساحة، لكنه يتعرض للانتقاد في داخل الساحة الفلسطينية، وحتى أنه قبل الحرب تم الحديث عن استبداله.

مرشحان محتملان آخران هما الدكتور محمد مصطفى، المقرب من الرئيس والذي يدير المنظومة المالية في السلطة. هو يعتبر شخص رمادي يمكنه الوقوف على رأس الحكومة، لكن هناك شك حول درجة استعداد الفصائل في غزة للتعاون معه؛ زياد أبو عمر، نائب رئيس الحكومة الحالي، المحسوب هو ايضا على الدائرة المقربة من محمود عباس وخلافا لمصطفى فان أبو عمر هو غزي الاصل وقد كان وزير الخارجية في العام 2007 في عهد حكومة الوحدة. ولكن شبيها بمصطفى فانه ليست له قاعدة شعبية تمكنه من القيام بعمليات واسعة.

يوجد اسم آخر يطرح في هذه الاثناء وهو حسام زملط، السفير الفلسطيني في لندن وفي السابق كان السفير فى واشنطن. وهو ابن عائلة غزية ويتحدث اللغة الانجليزية بطلاقة، واثناء الحرب برز بشكل كبير في الجهود الدعائية الفلسطينية في وسائل الاعلام البريطانية والامريكية. وهو ينتمي للجيل الشاب، لكنه معروف اكثر كأكاديمي ودبلوماسي وبدرجة أقل في الاوساط الشعبية. وهو ايضا لم يشغل حتى الآن أي منصب تنفيذي، لذلك، من المرجح أن يتم الاقتراع على عباس اعادته الى رام الله لتولي منصب وزير الخارجية وليس رئاسة الحكومة.

الشخص الذي تولى وبحق دور تنفيذي في السابق ويحصل على ثقة الولايات المتحدة واسرائيل والمجتمع الدولي هو سلام فياض، رئيس الحكومة في الاعوام 2007 - 2013 .

عيب فياض الاساسي هو مرة اخرى غياب أساس للدعم. في الانتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني في 2006 حصل حزبه "الطريق الثالث" على مقعدين فقط. سواء في رام الله أو في غزة يقدرون أن فياض يمكن أن يشكل الحل المؤقت، بالاساس اذا كان هناك ضغط لتعيينة من قبل المجتمع الدولي والعالم العربي. ولكنهم يعتقدون أن حقيقة أنه غير غزي هي عيب واضح المحسوب على عائلة من العائلات الثرية في القطاع هو عزام الشوا، الذي كان في السابق وزير الطاقة وتولى مناصب رئيسية في مؤسسات اقتصادية ومالية، بما في ذلك في القطاع الخاص. الشوا هو ابن عائلة معروفة وثرية في القطاع، وهذا من شأنه أن يساعده في الحصول على دعم حماس والجهاد الاسلامي.

اسم مهم آخر تم ذكره كمرشح محتمل لقيادة السلطة في المرحلة الانتقالية هو محمود العالول نائب رئيس حركة فتح العالول هو سياسي مخضرم من الجيل المؤسس، لكن فرصته ترتبط أولا وقبل كل شيء آخر بأي درجة اللجنة المركزية في فتح مستعدة للقيام بخطوة دراماتيكية جدا مثل ابعاد محمود عباس. اضافة الى ذلك، شبيها بآخرين، العالول لا توجد له قاعدة تأييد في القطاع، ومشكوك فيه أن يتمكن من الحصول على الشرعية هناك.

هناك ايضا بالطبع الخصوم السياسيين البارزين لمحمود عباس محمد دحلان، الذي تم ابعاده من فتح ومن السلطة في العام 2010، وهو شخص لا يمكن تجاهله في سياق صراع الوراثة، وبالاساس على حقيقة أنه ولد في القطاع ويحظى بدعم معين من اوساط في غزة وفي الضفة ولديه علاقة وثيقة مع دولة الامارات. اثناء الحرب بدأ رجال دحلان في ابراز حقيقة أنه ساعد، ضمن امور اخرى في اقامة مستشفى ميداني من قبل الامارات. توجد لدحلان علاقات ايضا مع حماس، سواء فى غزة أو فى الخارج، ومع المخابرات المصرية واسرائيل والولايات المتحدة. أحد مقربيه قال للصحيفة بأنه يمكنه أن يكون لاعب رئيسي في الادارة الجديدة في القطاع، لكنه لا يستطيع تولي القيادة.

شخص آخر، الذي هو خط احمر لعباس ولكنه يذكر في الحديث حول القيادة الفلسطينية الجديدة، الدكتور ناصر القدوة، ابن شقيقة ياسر عرفات، الذي تولى عدة مناصب في السابق منها منصب السفير الفلسطيني في الامم المتحدة ووزارة الخارجية. ولكن هو نفسه يعترف بأنه لا يمكنه تولي أي منصب تنفيذي طالما أن عباس موجود في السلطة. في الشهر الماضي نشرت حماس صورة لجلسة مشتركة بين القدوة وسمير المشهراوي، رقم 2 لدى دحلان، مع شخصيات رفيعة من حماس، اسماعيل هنية وخالد مشعل، في قطر. اللقاء اعتبر جزء من الاعداد للمرحلة القادمة. منتقدو القدوة حتى داخل فتح يعترفون أن له علاقات دولية متشعبة وأن له تجربة دبلوماسية وسياسية كبيرة، ويقولون بأن حقيقة أنه ابن عائلة غزية ستساعده حسب قولهم، عندما يدور الحديث عن القدوة فان مسألة "المنشأ السياسي، تحلق في الافق؛ الى أي درجة سيناضل من اجل الحصول على موافقة حركة فتح على قيادة السلطة. يبدو أنه يستطيع الحصول على موافقة حماس، وأن دحلان سيعطيه دعمه، لكن مشكوك فيه اذا كانت قيادة السلطة ومحمود عباس نفسه سيوافقون على ذلك، على الاقل في المدى الآني.

--------------------------------------------

نظرة عليا 26/12/2023

 

بتكلفة 200 مليار شيكل.. كيف تؤثر الحرب على إسرائيل اقتصادياً؟

 

 

تومر فدلون وستيفن كلور

 

أحد الأهداف الرئيسية للإرهاب في أرجاء العالم هو المس بروتين حياة المواطنين واقتصاد الدولة التي تتم مهاجمتها. ولكن رغم جولات القتال الكثيرة مع حماس في قطاع غزة، فإن أحداثاً أمنية بارزة لم تحدث أي ضرر لاقتصاد إسرائيل منذ الانتفاضة الثانية. هذا وضع يتغير الآن، في حرب “السيوف الحديدية” عقب قوة الحرب والنطاق الواسع لتجنيد الاحتياط واستمرار الحرب لأكثر من شهرين. في موازاة الجبهات التي تنشط بقوة متغيرة، فإن جبهة الاقتصاد نشطة جدًا على صعيدين: الأول تمويل الحرب نفسها؛ وهذا الجانب يتعامل بالأساس مع تمويل التسلح وتجنيد الاحتياط. والصعيد الثاني هو تكلفة الحرب غير المباشرة، التي تشمل التكلفة المتوقعة عقب الحاجة إلى إعادة إعمار النقب الغربي وإخلاء السكان من بيوتهم، ومن البلدات القريبة من الحدود مع لبنان، إلى جانب انخفاض عام في الاستهلاك نتيجة تغيير سلوك الاستهلاك في فترة الحرب، الذي يضر بالقطاع التجاري بشكل خاص.

يجب عرض صورة الوضع عشية الحرب لفحص جبهة الاقتصاد. رغم الهزة التي تعرض لها الاقتصاد في إسرائيل منذ الإعلان عن “الإصلاح القضائي” في كانون الثاني 2023، عشية الحرب، كان اقتصاد إسرائيل في وضع جيد جداً حسب المقاييس المقبولة لفحص وضع الماكرو الاقتصادي للدول. نسبة الدين – الإنتاج انخفضت في 2022 بـ 7.1 في المئة ووصلت تقريباً إلى 61 في المئة، وهي النسبة قبل وباء كورونا؛ نسبة البطالة بلغت 3.5 في المئة فقط؛ والتضخم انخفض إلى 3.8 في المئة؛ وفائض العملة الصعبة في بنك إسرائيل بلغ أكثر من 200 مليار دولار. إن الانخفاض الكبير في الاستثمارات الأجنبية، في الهايتيك، في الأرباع الثلاثة الأولى للسنة ساهم في خفض سعر الشيكل، وسعر الدولار بلغ 3.85 شواكل. رغم ذلك، كانت توقعات النمو في 2023 جيدة نسبياً مقارنة مع الدول المتقدمة، 3 في المئة، التي تساوي 1 في المئة في معدل النمو للفرد.

رغم نقطة الانطلاق الجيدة هذه، تعد حرب “السيوف الحديدية” هزة للاقتصاد الكلي، سيكون لها تأثير في السنوات القادمة. هذا التأثير يتوقع حال استمر القتال في جبهة واحدة بقوة مرتفعة، وذلك لعدة أسباب منها:

1- استخدام الذخيرة لتحقيق أهداف الحرب، حيث يستخدم الجيش الإسرائيلي حجم نيران أعلى من أي وقت مضى، الأمر الذي يحتاج إلى كمية كبيرة من السلاح. قوة الحرب أيضاً تقتضي استخدام المعترضات (القبة الحديدية بالأساس)، وصاروخ “حيتس 3”. حتى بداية كانون الأول، كان هناك 11 ألف عملية إطلاق على إسرائيل من كل الجبهات.

2- تجنيد 350 ألف جندي احتياط يخفض 7 في المئة من قوة العمل في الاقتصاد. هذا التأثير مزدوج في الواقع. فقوة العمل أيضاً يصعب استبدالها في أماكن العمل، وكذلك المدفوعات التي يجب على الدولة تحويلها لجنود الاحتياط.

3- إخلاء 125 ألف شخص يقتضي دعم السكن وتكلفة معيشة المخلين.

4- تعويضات للسكان الذين تضررت ممتلكاتهم بسبب إطلاق الصواريخ على إسرائيل.

5- مساعدات مالية للعمال والمصالح التجارية التي تضررت بسبب الحرب، بدءاً ببدل البطالة وحتى التعويض بسبب فقدان الدخل نتيجة الحرب.

6- انخفاض مداخيل الدولة، سواء بسبب المداخيل المتدنية أكثر من ضريبة الدخل أو عقب وقف الاستثمارات الخارجية المباشرة.

عملياً، الهزة في الاقتصاد الكلي تنعكس في المس بجانب الطلب، وفي جانب العرض أيضاً. أما في جانب الطلب فإن بيانات استخدام بطاقات الائتمان تظهر انخفاضاً في مستويات متغيرة في كل أرجاء البلاد. مثلاً، في المدن التي تم إخلاؤها مثل “كريات شمونة” أو “سديروت” فإن استخدام بطاقات الائتمان في الأسبوع الأول في تشرين الثاني انخفض 80 في المئة، في حين أنه انخفض 20 في المئة في مدن مثل تل أبيب ورعنانا. وانعكس التغيير أيضاً على فروع مختلفة؛ مثلا ًفي الأسابيع الأولى للحرب سجل ارتفاع حاد بلغ 40 في المئة على تكلفة شبكات الغذاء، فرع الترفيه والتسلية بصعوبة وجد. في جانب العرض، سجلت صعوبة في إنتاج سلع وخدمات مختلفة، حيث إن الكثير من العمال في الاحتياط، والكثير من العمال الأجانب غادروا البلاد، إضافة إلى ذلك لا توجد تصاريح دخول إلى إسرائيل لآلاف العمال الفلسطينيين من “يهودا والسامرة”. كل ذلك تسبب بصعوبة في توفير السلع، التي تفاقمت بسبب صعوبة الاستيراد عقب الإشكالية في استيراد البضائع عبر البحر نتيجة تهديدات الحوثيين.

نتيجة لذلك يُقدر أن يكون هناك تقليص في الإنتاج يبلغ 10 في المئة في الربع الأخير من العام، وانخفاض النمو السنوي إلى 2 في المئة في 2023 (هذا يعني نمواً صفرياً بمفاهيم الإنتاج للفرد). ربما يؤدي الإنفاق العام المتزايد إلى حجم يفوق 5 في المئة في ميزانية الحكومة، وزيادة نسبة الدين – الإنتاج المتوقعة لتصل إلى 64 في المئة في نهاية 2023. بالتالي، التقدير الأولي لسنة حرب بهذه القوة، التي تجري الآن في الجبهات المختلفة والتي تأخذ في الحسبان نفقات الأمن، هو انخفاض مداخيل الدولة. والتعويضات وإعادة الإعمار ستكون حوالي 200 مليار شيكل. المساعدة لمرة واحدة من الولايات المتحدة بمبلغ 14 مليار دولار ربما تساعد إسرائيل في مواجهة الكلفة المرتفعة للحرب والنفقات الأمنية التي سترتفع كثيراً في السنوات القريبة القادمة، لكنها ستغطي حوالي رفع التكلفة الإجمالية فقط.

رغم هذه البيانات الكئيبة، فإن بيانات استخدام بطاقات الائتمان الموجودة في منحى ارتفاع منذ الأسبوع السادس للحرب، ومؤشرات البورصة المختلفة وسعر الدولار لا تنخفض بشكل حاد كما حدث في الأسبوع الأول للحرب. مؤشر تل أبيب 125 عاد إلى المستوى الذي كان عليه قبل بداية الحرب (3.6، بيع بمستوى أقل مما بيع عشية الحرب). ثمة عاملان منعا المس أكثر بالبورصة المحلية وسعر العملة: الأول نضج الجمهور الإسرائيلي؛ فأكثر من ربع صناديق الائتمان تم استرجاعه في الشهر الأول لأزمة كورونا. كثيرون تعلموا من ذلك، ولم يسارعوا إلى الاسترجاع، رغم خطورة الوضع. الثاني هو تدخل كبير لبنك إسرائيل في سوق العملة الأجنبية، الذي من البداية بث الأمل في الجمهور. محافظ البنك، البروفيسور امير يارون، أعلن بأن البنك سيخصص 30 مليار دولار للمساعدة على استقرار العملة. عملياً، هو استعان حتى الآن بأقل من 10 مليارات، لكن تصريحه هذا كان له تأثير كبير. أيضاً الـ سي.دي.اس، بوليصة التأمين ضد عدم تسديد إسرائيل، انخفضت من 143 نقطة في بداية الحرب إلى 110 نقطة، الأمر الذي يشير إلى اعتدال نسبي.

الميزانية الجديدة للعام 2023، التي تتم مناقشتها الآن في الكنيست، تبلغ 510 مليارات شيكل، وتجسد ارتفاعاً يبلغ 30 مليار شيكل مقابل اقتراح الميزانية السابق. هناك أموال مخصصة لنفقات الحرب العسكرية، وضمنها الدفع عن أيام الاحتياط ونفقات حرب مدنية بما في ذلك إسكان المخلين. لا خلاف حول الحاجة إلى زيادة النفقات، لأنه إلى جانب نفقات الحرب الجارية، يجب على الدولة إعطاء تعويض مناسب لكل المتضررين من الحرب. الحديث يدور عن عامل أكثر أهمية من مناعة المجتمع الإسرائيلي. مع ذلك، يبدو أن العامل الرئيسي لتمويل النفقات المتزايدة بالنسبة للحكومة الحالية هو تجنيد دين، الأمر الذي سيزيد العجز في السنوات القريبة القادمة، بالتأكيد عقب دفع الفائدة المرتفعة حول معدل الفائدة الحالية. إضافة إلى ذلك، ليس لدى الحكومة استعداد لاتخاذ قرارات صعبة، التي تعني خفض الميزانيات القطاعية على أنواعها وتقليص الوزارات الزائدة وتخصيص هذه الأموال للجهود الحربية. بالطبع، تخصيص هذه الأموال لا يمكن أن يوفر كل الأموال المطلوبة، لكن هذه الخطوات المطلوبة ستظهر انضباطاً مالياً مهماً جداً لإسرائيل لاعتبارات داخلية، لا سيما اعتبارات خارجية، أمام شركات التصنيف الائتماني.

في الفترة الحالية، حيث شركات التصنيف الائتماني الكبيرة، موديس وبيتش وستاندرد آند بوريس، وضعت التصنيف الائتماني لإسرائيل في تتبع سلبي، يجب إظهار مسؤولية ميزانية. لذا، إذا رأت هذه الشركات أنه لا يوجد تقليصات مهمة تناسب الوقت الحالي، وبدلاً من ذلك يوجد تخصيصات مالية غير معقولة تبث بأن “الأمور كالعادة” في الوقت الذي فيه الاعتبارات الائتلافية تتغلب على الاعتبارات القومية، فسيهبط تصنيفنا الائتماني. هذا التطور قد يضر باقتصاد إسرائيل بشكل سيؤثر أيضاً على الجهود الحربية. سيشعر الجمهور الإسرائيلي بذلك، وقد يتضرر دعمه لاستمرار الحرب. إضافة إلى ذلك، مثلما في فترة الانتفاضة الثانية، تقتضي الجهود الحربية قرارات صعبة وتقليصات مؤلمة مثل التي أجراها بنيامين نتنياهو عندما كان وزيراً للمالية. لذلك، سيكسب اقتصاد إسرائيل والحرب نفسها إذا اتُخذت هذه القرارات الآن وليس بثمن أعلى بكثير في 2024.

بنظرة بعيدة المدى على الاقتصاد، سنرى في المستقبل مزيجاً من بيئة أمنية مليئة بالتحديات وزيادة في النفقات الأمنية والإضرار بالاستهلاك الخاص وانخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كل ذلك قد يكون إشارة على عقد اقتصادي ضائع كما حدث على الفور بعد حرب يوم الغفران حتى خطة تحقيق الاستقرار في العام 1985. من أجل تجنب هذا السيناريو السلبي، على الحكومة التحرك بمسؤولية وفي أسرع وقت لتجنبه – الحد من الأضرار المستقبلية على اقتصاد إسرائيل. بكلمات أخرى، على الصعيد الاستراتيجي دولة إسرائيل تفاجأت في 7 أكتوبر كما تفاجأت قبل خمسين سنة في حرب يوم الغفران. وعلى الصعيد الاقتصادي، فإن اتخاذ خطوات اقتصادية صحيحة الآن ستجنبنا عقداً اقتصادياً ضائعاً مثلما حدث بعد حرب يوم الغفران.

--------------------------------------------

معاريف 26/12/2023

 

لقيادة إسرائيل: احذروهم.. إنهم يبحثون عن خلافة إسلامية في الشرق الأوسط

 

 

بقلم: ليئور اكرمن

 

لتحليل وفهم خطوات حماس على طول القتال، يجب أن نفهم أولاً مبدأ مهماً، هذا المبدأ يشدد على الفجوة التي بين إسرائيل وحماس. نحن نتحدث عن صراع عسكري، نصر في الميدان، حماية حياة الجنود، تحرير مخطوفين وإعادتهم، وأساساً العودة إلى حياة هادئة وآمنة في إسرائيل.

لكن كل هذا ذو صلة بالعبرية فقط، أما حماس فتتحدث بلغة أخرى؛ هذه اللغة عربية، إسلامية متطرفة، حالمة، مسيحانية ومجنونة. لغة لا تعنى بهذا النصر أو ذاك على الأرض، لا تهمها حياة الإنسان فلسطينيين كانوا أم إسرائيليين. لغة ترى أمام عينيها شيئاً واحداً فقط – هدف مجنون بإقامة خلافة إسلامية متطرفة ووحشية في كل الشرق الأوسط.

عندما نفهم هذا الموضوع، نفهم أيضاً لماذا كان ينبغي للحرب أن تكون قبل عقد فأكثر. ومحاولات الحكومة في إسرائيل الإبقاء على هدوء نسبي واحتواء الحكم الحماسي في القطاع كانت زائدة وعديمة الغاية ونبعت أساساً من أسباب سياسية إسرائيلية ومن عدم فهم أساسي لرؤيا حماس.

ليس لحماس وزعيمها أي نية للاستسلام أو لوقف القتال ولتحرير المخطوفين بمبادرتها، كما أن حماس لا تعتزم التنازل طوعاً عن السيطرة في قطاع غزة. وإن أي حرب أو ضغط عسكري وأي مفاوضات سياسية لن تؤدي بالسنوار والضيف والقتلة الذين يحيطون بهما للتخلي عن حلمهم المجنون وعن إيمانهم الأصولي عديم المساومة. هم هنا كي يخدموا الله حسب إيمانهم، كي يقاتلوا حتى آخر قطرة دم من أجل إقامة الخلافة الإسلامية، ولا يخشون الموت كشهداء. لذا، ترى حماس أن مصلحتها في استمرار القتال لأطول زمن ممكن، لاستنزاف إسرائيل عسكرياً ونفسياً، ولدفع العالم لممارسة الضغط على إسرائيل ونيل مزيد من النقاط في الرأي العام الفلسطيني حيال حكم أبو مازن الضعيف.

لهذا السبب، ليس متوقعاً أن يستسلم السنوار أو يعتزل، وبالتأكيد لن يتنازل طوعاً عن حكم حماس في القطاع. ولا يهم رجال حماس أن يقتل الجيش الإسرائيلي كل مواطني القطاع؛ لأن هذا يخدم الحرب على الرأي العام العالمي. تدرك حماس أن حياة الإنسان عزيزة جداً على إسرائيل، ولهذا ستقاتل المنظمة بكل قوتها قبل أن تحرر المزيد من المخطوفين أو توقف المس بالجنود. لإسرائيل مصلحة واضحة للعمل على تحرير كل المخطوفين، وإبادة قدرات حماس العسكرية والسلطوية في القطاع. لكن، للمفارقة، لرئيس الوزراء نتنياهو مصلحة خاصة به لمواصلة القتال قدر الإمكان؛ لأن هذا سيسمح له للبقاء في منصبه للتملص من ربقة المحكمة والابتعاد عن أحداث 7 أكتوبر التي ستذكر بفشله الشخصي والزعامي، بل وأعلن رسمياً نيته البقاء في منصبه وترميم الدولة بعد الحرب.

كما أن نتنياهو حرص على تعزيز حماس لسنوات لمنع أي تقدم في المفاوضات السياسية مع السلطة الفلسطينية. وهكذا، فإن خليط مصالح متعذر بين زعيم حماس ورئيس وزراء إسرائيل هو الذي سمح باستمرار وجود وتعاظم حماس في القطاع. هو الذي أدى إلى وقوع المأساة التي أدت إلى نشوب الحرب – وهو الذي سيؤدي إلى تواصل القتال لفترة زمنية غير محدودة.

على الجيش الإسرائيلي العمل بتصميم وقوة عالية جداً في الشهر المقبل لرفع الضربة ضد حماس وبناها التحتية الإرهابية في القطاع. بالتوازي، على إسرائيل مواصلة محاولات المفاوضات لإعادة عموم المخطوفين والاستعداد لمواصلة قتال أكثر تركيزاً وبقوى أدنى في الأشهر التالية.

لا نملك الوقت، ويجب العمل استخبارياً وعملياتياً، بتصميم وقوة، انطلاقاً من فهمنا أن القتال لن يتوقف إلا باستكمال أهدافه؛ لأن حماس لن تستسلم ولن تتنازل طوعاً، والسبيل الوحيد هو الحسم العسكري في الميدان بشكل يتناسب ومصلحة دولة إسرائيل.

ربما يحتاج استمرار هذا القتال إدارة من حكم آخر جديد ونقي من مصالح شخصية وقضائية أو سياسية؛ حكم لا يرى أمام عينيه إلا الدولة ومواطنيها.

--------------------------------------------

إسرائيل اليوم 26/12/2023

 

إسرائيل: استراتيجية “حزب الله” وحماس تقوم على حرب طويلة تستنزف جيشنا ومجتمعنا

 

 

بقلم: غيرشون هكوهن

 

مر أكثر من 80 يوماً منذ نشوب الحرب، ولم تتضح لها نهاية بعد. ليس ضعف الجيش الإسرائيلي هو الذي يجعل الحرب أطول حروب إسرائيل منذ العام 1948، بل العكس؛ فمقاتلو الجيش الإسرائيلي وقادته يبدون تصميماً ونجاعة يبعثان على التقدير. ومع ذلك، ما يتسبب بإطالة الحرب هو فكرة الحرب بشكلها الجديد، كما طورته وتبنته حماس و”حزب الله” بتوجه إيراني.

إن التعلق الإسرائيلي بحرب قصيرة وبنصر سريع، كما تبلور في مفهوم الأمن لدى بن غوريون، فُهم عميقاً في فهم الحرب الذي تطور في منظمتي “حزب الله” وحماس بتوجيه من إيران. لذا، وجهت منظمات الإرهاب هذه جهودها لنزع قدرة الجيش الإسرائيلي على إنهاء الحرب في زمن قصير. لهذا الغرض، بنيت منظومة تهديدات تحيط إسرائيل من كل صوب حتى البحر الأحمر، سعياً لإلقاء دولة إسرائيل إلى حرب طويلة كوضع عضال يقضم فيها حتى انهيارها.

فكرة الحرب هذه تقوم على أساس التجربة الإيرانية من الحرب العراقية الإيرانية التي نشبت في أيلول 1980 في هجوم عراقي مفاجئ لاحتلال حقول النفط في لواء حوزستان. وكانت الخطة العراقية لإنهاء الهجوم في غضون نحو أسبوعين. اقترح قادة الجيش الإيراني الذين اعترفوا في بداية الحرب بدونية جيشهم، الانسحاب إلى الجبال. أما الزعيم الإيراني الخميني فرفض كل انسحاب وطالب بدفاع عنيد. الجيش الإيراني، الذي وإن لم ينتصر، نزع من الجيش العراقي إنهاء الحرب في الزمن المطلوب. استطالة الحرب إلى ثماني سنوات اعتبرتها القيادة الإيرانية إنجازاً وأصبحت مصدر إلهام لفكرة الحرب لدى حماس و”حزب الله”.

هكذا تبلور مفهوم الحرب لدى حماس و”حزب الله”، على أساس منظومتين: منظومة صواريخ تنتشر في كامل عمق المنطقة بكمية كبيرة وتسمح باستمرار النار نحو الجبهة الإسرائيلية الداخلية لزمن طويل حتى بعد توغل الجيش الإسرائيلي إلى أجزاء واسعة من أراضي العدو؛ أما العنصر الثاني فيقوم على أساس دفاع مكثف بالعوائق والعبوات، من فوق الأرض ومن تحتها، في قلب المجال المبني في المدن والقرى. في هذه الظروف، نقل الجيش الإسرائيلي الحرب إلى أرض العدو بسرعة أصبحت مهمة مركبة صعبة بكل ما عرفه الجيش الإسرائيلي في حروب الحركة في الصحراء مثلما في حرب الأيام الستة.

 

الاعتماد على مقاتلين من أبناء المكان

 

في طريقة تنظيم حماس و”حزب الله” استعداداً للحرب، بنيت قواتهم في نقطة الانطلاق على أساس أبناء المكان. كتيبة أبناء الشجاعية في غزة مثلاً تتشكل من أبناء الشجاعية، وهكذا لواء خانيونس وكل ما تبقى.

في منطق مشابه، تنظم منظومة قوات “حزب الله” المنتشرة في مقدمة الحدود للدفاع. في قرية عيتا الشعب، مثلاً، المجاورة للحدود مقابل أدميت – شومرية، يستعد بضع مئات من نشطاء “حزب الله” من أبناء القرية. مرغوب فيه في هذا الجانب فحص إمكانية التوقع لإبعادهم إلى شمال الليطاني بحكم قرار مجلس الأمن 1701.

في فهم الحرب المتواصلة كحرب تنبع في وتيرة تطورها من طريقة حرب جديدة وبتوجيه وإلهام إيرانيين، تبدأ القصة التي ينبغي للقيادة والمجتمع الإسرائيليين أن يروياها لنفسيهما على الطريق الطويلة للنصر كتحد معقد يصبح في ضرورة وجودية هذه اللحظة.

--------------------------------------------

هآرتس 26/12/2023

 

نسخة “بن غفيرية”.. وزير الاقتصاد الإسرائيلي: حكومتنا متساهلة بحربها في غزة

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

ثمة أنباء طيبة بأن الليكود بدأ يستوعب أن ولاية رئيس الوزراء نتنياهو يجب أن تنتهي قريباً، أما الأنباء السيئة فهي أن أحد مدعي التاج، وزير الاقتصاد نير بركات، يحاول التموضع قبيل صراع الخلافة من خلال الالتفاف من اليمين على نمط بن غفير.

 بركات يتحدى سياسة الحكومة إزاء غزة ويتهمها بإدارة سائبة للحرب. وقال في جلسة الحكومة إنه “لا يمكن لأي اعتبار أن يبرر المخاطرة بحياة جنودنا باسم أخلاقية وهمية ما. هذه إدارة سائبة للحرب”. هذه ليست زلة لسان، بل هي الأنا السياسية الزائفة الجديدة لبركات.

عند الدخول إلى تلك الجلسة يوم الأحد، قال: “أنا قلق. لأسفي، نحن لطفاء أكثر مما ينبغي، ومراعون أكثر مما ينبغي. فليس معقولاً أن نخاطر بجنودنا ونبعث بهم مكشوفين أمام كل أنواع المباني دون قصفها قبل ذلك. فالخنوع لأي ضغط خارجي حتى وإن كان من أفضل أصدقائنا، هو خطأ جسيم ندفع عليه أثماناً باهظة”.

يفهم من أقوال بركات بأن الجيش الإسرائيلي يعمل برقة وبتردد وتحت قيود تمليها عليه الولايات المتحدة. هذا في الوقت الذي يمارس فيه الجيش قوة نار هائلة في غزة، مع أربع فرق، وهجمات مكثفة من الجو والبر والبحر – هذا العمل الرقيق يجبي من حماس ثمناً باهظاً بحياة مخربين، وكلف حالياً نحو 20 ألف قتيل، معظمهم من النساء والأطفال.

إن سلوك الجيش الإسرائيلي في منطقة غزة المكتظة والمعقدة، على وجه الأرض وفي الأنفاق، يجبي ثمناً باهظاً من الجنود أيضاً، ممن يصاب بعضهم بطائرات ودبابات الجيش الإسرائيلي، وهي الحقيقة التي تشهد على تعقيدات القتال ومصاعب استخدام الطائرات عندما تتجول قوات بهذا القدر الكبير في مناطق مبنية صغيرة ومكتظة.

بركات، كعادته، يخشى من الوقوف ضد نتنياهو جبهوياً خشية وقوعه ضحية آلة السم البيبة، لكن بيني غانتس سيكون له دوماً. “لأسفنا، لا يزال غانتس أسير المفهوم المغلوط الذي هو أحد آبائه. كنت أتوقع منه بالذات قدراً من التواضع والإنصات لانتقاد موضوعي وفهم بأن حياة مقاتلينا أهم من حياة الغزيين”، غرد بركات. تبدو الرسائل بالضبط مثل رسائل الوزير بن غفير: الجيش واهن، يعرض جنوده للخطر دون حاجة، بل ويرحم الغزيين. شعبوية بأسوأ أشكالها.

إذا كان بركات يريد أن يخلف نتنياهو، فعليه أن يعرض خطة مرتبة لليوم التالي لنتنياهو والتالي لحماس، فيقول ماذا كان سيفعل بشكل مختلف ويكف عن شعبويته البائسة التي تتهم الجيش بترك جنوده لمصيرهم. يكفينا بن غفير واحد.

---------------------------------------------

 

هآرتس 26/12/2023

 

 

يا نتنياهو الحرب القادمة قريبة

 

 

بقلم: اسحق بريك

 

دولة إسرائيل قريبة من حرب إقليمية لم يكن لها مثيل منذ حرب يوم الغفران. هذه الحرب يمكن أن تقربنا كثيرا من خراب الهيكل الثالث. مؤخرا سمعنا تحذيرات وزير الدفاع يوآف غالنت ورئيس الاركان هرتسي هليفي حول احتمالية اندلاع حرب إقليمية في القريب. أيضا شعبة الاستخبارات تحذر من ذلك، وفي المقابل نسمع زعماء إيران وحزب الله يهددون بأن المسألة هي مسألة وقت الى حين شن الحرب على اسرائيل للقضاء عليها.

الحرب الاقليمية القادمة ستجري في خمس جبهات في نفس الوقت (حزب الله في لبنان؛ الميليشيات المؤيدة في سورية والجيش السوري؛ حماس والجهاد الاسلامي في قطاع غزة؛ انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية؛ وأعمال الشغب لعشرات الآلاف من العرب والبدو داخل اسرائيل). كل ذلك سيترافق باطلاق 3500 صاروخ وقذيفة وطائرات مسيرة في كل يوم على الجبهة الداخلية الاسرائيلية، التي ستحدث دمارا كبيرا وخسائر فادحة.

هذه الحرب ستكون أشد بأضعاف من حرب يوم الغفران وستجري بالأساس في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، التي لم يتم اعدادها للحرب. خصائص الحرب الاقليمية القادمة ستكون مختلفة بشكل جوهري عن حرب يوم الغفران. فهي ستضر بشكل كبير بالتجمعات السكانية وشبكة الكهرباء والمياه والوقود، والبنية التحتية الاقتصادية والمواصلات، ومواقع الجيش الإسرائيلي ورموز السلطة وأهداف إستراتيجية اخرى.

يضاف الى كل ذلك الفوضى في إسرائيل والكراهية الكبيرة بين اليسار واليمين، الحريديين والعلمانيين، العرب واليهود، رجال الاحتياط الذين اعلنوا عن وقف التطوع ومن يخدمون في الاحتياط، يضاف الى ذلك الانقلاب النظامي الذي سيحرف الحكومة ورئيسها عن الانشغال بالمشاكل المهمة حقا، وتقطعهم تماما عن شؤون أمن الدولة ومواطنيها، ونية الحكومة سن قانون كاسح يعفي الحريديين من التجنيد. هذا سيكون القشة التي ستقصم ظهر البعير في نهاية المطاف.

بدلا من الاستعداد للحرب وانقاذ الدولة من الدمار، الجميع منشغلون بالاستقطاب الاجتماعي والكراهية. الفترة التي ستوجه فيها يد الشخص الى اخوته غير بعيدة. رأي الاغلبية من مواطني الدولة وزعمائها لا ينصب أبدا على التهديد الوجودي الذي يحلق فوق رؤوسنا وعلى أمن الدولة ومواطنيها. شعب إسرائيل والمستوى السياسي يبحرون على سفينة "التايتانيك" في مياه عاصفة في الطريق الى التصادم مع جبل الجليد.

ليس عبثا يحذر غالنت بأنه بدلا من الاستعداد للحرب الاقليمية القادمة نحن ننشغل بالخصومات والكراهية. من الجدير برئيس الحكومة الاعلان الآن عن حالة طواريء وطنية من اجل تجنيد كل الموارد الممكنة واعداد الجيش والجبهة الداخلية للحرب الاقليمية القادمة، التي ستكون الحرب الرهيبة في تاريخ شعب اسرائيل. رئيس الحكومة يجب عليه أن يعطي التعليمات بالوقف الفور للانقلاب النظامي، ويجب أن يتوقف الاحتجاج والدعم لعدم الامتثال للخدمة في الاحتياط، ويجب دعوة الجميع للعودة الى الخدمة في الجيش.

حماية النفس التي تلغي السبت هي مبدأ شرعي، ينص على امكانية انتهاك السبت لغرض انقاذ حياة الانسان. حسب هذا المبدأ يجب رفض كل الخصومات الاجتماعية – السياسية والكراهية بين اجزاء الشعب. يجب ايضا تأجيل الانشغال بالانقلاب النظامي والاحتجاج ضده من اجل أن تتوحد اجزاء الشعب تحت راية الامن الوطني والشخصي. فقط بهذه الطريقة يمكن النجاة من الفناء.

يا رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، هذه هي نوبتك، وكل المسؤولية ملقاة على كاهلك، هذا اختبار حياتك كزعيم في الوقت الاقسى على الشعب. يجب عليك زمام الامور كرئيس الحكومة لكل شعب اسرائيل وأن تفعل شيء يوضح أن المصالح الوطنية هي التي تقف نصب عينيك وليس المصالح الائتلافية والشخصية.

التاريخ لن يغفر لك الى الأبد، وسيحاكمك بشدة اذا لم تقم على الفور بالاعلان عن حالة طواريء وطنية. لقد حان الوقت لأن تنشغل أنت والحكومة بالمشكلة التي تقف على رأس سلم الأولويات وهي الأمن الوطني والشخصي لمواطني إسرائيل، من أجل منع الكارثة التي تقف وراء الجدار.

---------------------------------------------

 

هآرتس 26/12/2023

 

 

نتنياهو والسنوار مكبلان بفخ سياسي

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

الاتصالات بين إسرائيل وحماس والوسطاء مصر وقطر ما تزال مستمرة في قنوات موازية: في القناة الأولى، السرية، شخصيات رفيعة من الاستخبارات الإسرائيلية في قطر ومصر تناقش بشكل مفصل ويومي الشروط لإعادة المخطوفين. في نفس الوقت في وسائل الاعلام توجد مفاوضات علنية مليئة ببالونات الاختبار واستعراض العضلات اللفظي وترتكز إلى منشورات دقتها محل خلاف.

اضافة اعلان

في الأيام الأخيرة أصدرت مصر اقتراحات على وسائل الإعلام لاستمرار المفاوضات: الصيغة الأكثر تفصيلا للعرض الأول نشرت في صحيفة "الاخبار" اللبنانية، التي بحسبها ستبدأ عملية تتكون من ثلاث مراحل. في البداية وقف إطلاق النار الذي سيستمر 7 – 10 أيام مقابل إطلاق سراح حوالي 40 من المخطوفين المدنيين. في المرحلة الثانية سيطلق سراح مجندات إسرائيليات ويتم تبادل جثث بين الطرفين، ووقف مطلق لإطلاق النار وقوات الجيش الإسرائيلي ستكون خارج التجمعات السكانية. في المرحلة الثالثة التي يتوقع أن تستمر لشهر تقريبا سيتم إعادة جميع المخطوفين مقابل إطلاق سراح آخر لسجناء فلسطينيين، وتنشر إسرائيل قواتها خارج القطاع. إلى جانب ذلك ستبدأ مصر وقطر والولايات المتحدة بنقاشات حول تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية مؤقتة، التي ستكون المسؤولة عن ادارة الضفة والقطاع بضمانة من قطر ومصر وأميركا.

حماس والجهاد الإسلامي رفضتا هذا الاقتراح وقالتا بأنه لن تكون أي مفاوضات حتى يتم وقف إطلاق النار بشكل مطلق. أول من أمس نشرت وكالة "رويترز" عن مصادر مصرية بأن مصر وقطر اقترحتا على قيادة حماس والجهاد الإسلامي في غزة التنازل عن الحكم في القطاع مقابل الوقف الدائم لإطلاق النار، وأن مصر وقطر ستضمنان سلامة زعماء حماس الذين سيغادرون القطاع. من غير الواضح إذا كان هذا الاقتراح مشمولا بسابقه أو أنه اضيف اليه، وعلى أي حال التنظيمات رفضت هذا الاقتراح ايضا. فقد تمسكت بالموقف الذي يقول بأنه من الآن فصاعدا أي مفاوضات ستكون مشروطة بوقف كامل لإطلاق النار وإطلاق سراح جميع السجناء مقابل إطلاق سراح جميع المخطوفين – دون التنازل عن حكم حماس في غزة.

رد إسرائيل العلني، كما عبر عن ذلك أول من أمس رئيس الحكومة، هو رد قاطع بنفس الدرجة. إسرائيل ستواصل استخدام القوة الكبيرة في القطاع بهدف تدمير سلطة حماس بشكل كامل، حيث أن الافتراض هو أنه فقط الضغط العسكري من شأنه أن يدفع قدما باطلاق سراح المخطوفين. في نفس الوقت إسرائيل تعتبر استمرار القتال تعبيرا عن التزامها بتصفية حكم حماس في القطاع وتدمير بنيتها التحتية العسكرية.

لكن سلطة حماس المدنية في القطاع لم تعد قائمة فعليا. فمؤسسات الحكم المدني لا تعمل، وسكان القطاع مسجونون في مناطق تسمى "مناطق آمنة" وهم ليسوا آمنين تماما، وحماس لا يمكنها حمايتهم. وحسب اقوال قادة كبار، من بينهم رئيس الاركان، فإن الجيش الإسرائيلي انتقل إلى المرحلة الطويلة والمنهكة للتطهير الفردي التي يتوقع أن تستمر لأشهر كثيرة.

أيضا هنا لا يوجد تعريف واضح أو معايير متفق عليها لمسألة ما الذي يعتبر تدمير حماس من ناحية عسكرية. ولكن عندما تقول إسرائيل بأنه فقط الضغط العسكري والهجمات الكثيفة والقصف الشديد، إلى جانب تقييد حجم المساعدات الإنسانية، ستجبر حماس على الموافقة على صفقة اخرى للتبادل، فانه لا مناص من القول بأن "الحرب اصبحت وسيلة ضغط سياسية من أجل الاثبات بأننا مضطرون إلى استخدام القوة لصالح المخطوفين، وأنها لم تعد تستهدف فقط تدمير القدرة العسكرية لحماس".

ردود إسرائيل وحماس العلنية تدل على أن الطرفين وجدا نفسيهما عالقين في مستنقع، فيه استمرار القتال يظهر كهدف مستقل. نشرت أول من أمس رسالة جاء فيها أن يحيى السنوار ارسلها كما يبدو لقيادة حماس الخارج، وصف فيها انجازات الحرب بما في ذلك قتل 1600 جندي إسرائيلي وتدمير دبابات "مركافاة" والسيطرة على الجيش الاسرائيلي. لكن خلال فترة قصيرة حذفت القناة هذه الرسالة من موقعها.

حتى لو كان هذا النشر كاذب أو مدحوض فان السنوار يدير حوارا مزدوجا. الأول مع قيادة حماس الخارج، التي يشك بأنها تحاول العمل من وراء ظهره وتخطط "لليوم التالي" مع جهات رفيعة في فتح بدون اشراكه. الثاني أمام إسرائيل التي يستخدمها أمامها استمرار القتال كاستعراض للقدرة، الذي بواسطته يرغب في إملاء شروطه. هل توجد فرصة لبند في خطة مصر يهدد السنوار فيما يتعلق بحكومة تكنوقراط فلسطينية ستنتزع من حماس السيطرة في غزة؟. هذه ليست فكرة جديدة. فحكومات تكنوقراط عملت في السلطة الفلسطينية برئاسة رامي الحمد الله في 2013 وحكومة التوافق الوطني بين فتح وحماس في 2014.

هذه المحاولة فشلت. صراعات القوة والتآمر على مكانة الزعيم والخلاف على المناصب، حولت هذه الحكومة الى ساحة معارك سياسية وحكومة مشلولة. حكومة التكنوقراط ربما تولد الانطباع بأن الأمر يتعلق بجسم غير سياسي، لكن الحقيقة كل البعد عن ذلك. اقتراح مشابه طرحته مصر في تموز (يوليو) على ممثلي فتح وحماس في لقاء العلمين، مع محمود عباس واسماعيل هنية. الآن يبدو أن مصر تحاول احياء هذه الفكرة التي تم الاحتفاظ بها كحل لإدارة غزة بعد الحرب. ولكن الحرب غيرت بالفعل مضمون الحوار بين حماس وفتح، على الاقل بشكل علني فان الطرفين يتحدثان عن امكانية للمصالحة وتشكيل حكومة وحدة بدون التوضيح ماذا ستكون تشكيلتها وبنيتها. هذه هي الفكرة التي تهدد السنوار رغم أنه يستطيع أن يكون على ثقة بأن اسرائيل لن تسمح لهذه الفكرة بالتحقق.

في مصفوفة الاعتبارات لا يمكن تجاهل القوة الخانقة للانشوطة السياسية التي يمليها استمرار القتال بين حماس وإسرائيل. في الطرف الاسرائيلي تم التعبير عن ذلك بالاستخدام القسري لنتنياهو، بتأييد جزء من عائلات المخطوفين، وحتى باقتباسات من جنود في الميدان الذين "طلبوا منه الاستمرار في القتال بأي ثمن". وكأنه بدون هذا "الطلب" كان سيفحص امكانية وقف اطلاق النار. استخدام نتنياهو لهذا المبرر يظهر على الاكثر كبديل لفظي يحاول تجاوز الخوف من شركائه المتطرفين في الحكومة، الذين يهددون باسقاطها إذا وافق على وقف إطلاق النار.

حماس، وللدقة (السنوار)، عالقة في نفس الفخ. فهي يجب عليها المحاربة من اجل اظهار بقائها ووقف أي خطة لقيادة حماس الخارج لفحص بدائل تخرجها من اللعبة. أفضلية السنوار هي أنه خلافا لنتنياهو لا يوجد عليه ضغط من الجمهور في غزة، وآلاف المتظاهرين لا يتظاهرون في الشوارع ويطلبون عزله. اذا كان من يعتقد بأن الضغط العسكري والازمة الخطيرة التي تفرضها اسرائيل على غزة ستحدث العصيان المدني ضد السنوار فمن الأفضل أن يتسلح بطول النفس أو بخيال موجه.

---------------------------------------------

 

هآرتس 26/12/2023

 

 

لا تصدقوا "الجيش".. لا حل لأنفاق حماس

 

 

بقلم: اللواء احتياط إسحاق بريك

 

بناءً على معلومات تلقَّيتها (اللواء احتياط إسحاق بريك) من جنود وضباط يقاتلون في قطاع غزّة منذ بدء الحرب، توصلت إلى الاستنتاج التالي: يقدم المتحدث باسم "الجيش" الإسرائيلي والمحللون العسكريون في استوديوهات التلفزة صورة خاطئة عن "آلاف القتلى من حماس والقتال وجهاً لوجه بين قواتنا وقواتهم".

عدد عناصر حماس الذين "قتلوا" على يد قواتنا على الأرض أقل بكثير. معظم الحرب لا تخاض وجهاً لوجه، كما يدعي المتحدث والمحللون، ومعظم قتلانا وجرحانا أُصيبوا بعبوات حماس وصواريخها المضادة للدروع.

يخرج مقاتلو حماس من فتحات الأنفاق ليزرعوا العبوات وينصبوا الأفخاخ ويطلقوا صواريخ مضادة للدروع على عرباتنا المدرعة، ثم يختفون مرة أخرى في الأنفاق. وليس لدى "الجيش" الإسرائيلي حالياً حلول سريعة للقتال ضد حماس التي يختبئ معظم عناصرها في الأنفاق.

من الواضح أن الناطق باسم "الجيش" الإسرائيلي وكبار مسؤولي المؤسسة الأمنية والعسكرية يريدون تصوير الحرب على أنها انتصار كبير قبل أن تتضح الصورة. وتحقيقاً لهذه الغاية، فإنهم يجلبون مراسلين من القنوات التلفزيونية الرئيسية إلى غزة لتصوير "صور النصر". هذه هي الحرب الأكثر تصويراً التي شنتها "إسرائيل" على الإطلاق، وربما حتى في العالم بأسره.

لكن خلق صور للنصر قبل أن نقترب حتى من تحقيق أهدافنا يمكن أن يكون ضاراً للغاية إذا لم تتحقق هذه الأهداف بالكامل في نهاية المطاف - تدمير قدرات حماس وتحرير الأسرى - كان من الأفضل أن نكون أكثر تواضعاً.

هذا يذكرني كيف أخبرَنا هؤلاء المراسلون والمحللون من استوديوهات التلفزة الكبرى، إلى جانب الجنرالات المتقاعدين، قبل الضربة التي وجهتها إلينا حماس في الجنوب، بأنّ "الجيش" الإسرائيلي هو أقوى جيش في الشرق الأوسط، وأن أعداءنا مرتدعون. للأسف، يواصل هؤلاء المراسلون والمحللون والجنرالات المتقاعدون أنفسهم تزوير صور من هذا النوع، كما لو أنهم لم يتعلموا شيئاً.

إن تدمير أنفاق حماس سيستغرق سنوات عديدة، وسيكلف "إسرائيل" الكثير من القتلى. "الجيش" نفسه يعترف الآن بأنّ هناك مئات الكيلومترات من الأنفاق في أعماق الأرض، مع فروع متعددة، حتى إن بعضها يتألف من عدة طوابق، مع العديد من النقاط الجيدة لشن معركة. لقد بنتها حماس على مدى عقود بنصيحة من خبراء بارزين، وهي تربط غزة طولاً وعرضاً، وتربطها أيضاً بشبه جزيرة سيناء تحت مدينة رفح.

استمرت فكرة أن حماس مرتدعة لسنوات عديدة. ونتيجة لذلك، تم إلغاء جميع خطط القتال في غزة وأنفاقها وجميع الأدوات الممكنة للقيام بذلك. لهذا السبب لم يجلس خبراؤنا لدراسة وتخطيط وتصنيع المعدات المناسبة للحرب تحت الأرض. ولهذا السبب، نحاول اليوم ارتجال الحلول، لكن ذلك لا يوفر استجابة فعالة.

أخبرني الكثير من "الضباط" الذين يقاتلون في غزة أنه سيكون من الصعب جداً، إن لم يكن من المستحيل، منع حماس من إعادة بناء نفسها، حتى بعد كل الدمار الذي ألحقه "الجيش" الإسرائيلي بقواعدها.

سيتطلب منا هذا الجهد الاحتفاظ بقوات كبيرة في غزة لسنوات عديدة مقبلة ومواصلة محاربة مقاتلي حماس الذين سيخرجون من الأنفاق، ويطلقون الصواريخ المضادة للدروع، ويزرعون العبوات، وينصبون الأفخاخ، ويُلحقون خسائر كبيرة بالجيش الإسرائيلي. وبالتالي، سنحتاج إلى مغادرة المناطق الحضرية المكتظة والعمل بطريقة أكثر جراحية من خلال الإغارات (توغلات) والغارات الجوية بناء على معلومات استخبارية دقيقة.

هل السياسيون وكبار مسؤولي المؤسسة الأمنية والعسكرية قادرون على التعامل مع مثل هذا السيناريو؟ وهل هم قادرون على التفكير بحلول إبداعية أخرى، بحيث لن نظهر كأكبر الفائزين بكل ما نريد، ولكن أيضاً لن نكون أكبر الخاسرين؟.

---------------------------------------------

 

هآرتس 26/12/2023

 

علينا الاعتراف بالخسارة.. لن ننتصر في غزة

 

 

 

بقلم: لهليل شوكِن

 

 

لن ننتصر. ولا حتى معاً. هذه المعركة الحالية في غزة قد خسرناها منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر. كل يوم إضافي في المناورة البريّة يعمّق الفشل أكثر. عندما تنتهي هذه المعركة الفظيعة، كما هو متوقع، خلال أسابيع معدودة نتيجة ضغط دوليّ، ستكون "إسرائيل" في وضع أشدّ صعوبة من الوضع الذي دخلت إليه فيه على إثر الهجوم الذي نفذته حماس. هل من المحتمل أن ينبت من قلب الفشل شيء جيد؟ نهاية الصراع، ربما؟

في يوم 16 تشرين الأول/أكتوبر أعلن "مجلس الحرب" الإسرائيلي أهداف الحرب: القضاء على سلطة حماس وتدمير قدراتها العسكرية، إزالة تهديد حماس من قطاع غزة على "إسرائيل"، جهود قصوى لحل قضية الأسرى وحماية الحدود والمواطنيين. في نهاية المعركة، لن نحقق أيّاً من هذه الأهداف.

حالياً، تشير استطلاعات الرأي إلى أنّ أداءنا في غزة يعزز مكانة حماس بين الفلسطينيين، ليس في غزة فحسب بل في الضفة الغربية أيضاً. مَن لم يقبل بحماس في غزة، سيتلقّاها في السلطة الفلسطينية أيضاً. ما كان يبدو لكثيرين أنه مساعٍ حثيثة قُصوى لتحرير الأسرى، لم تنجح سوى بصورة جزئية في تحرير أقل من نصفهم، وكل يوم إضافي تستمر فيه هذه المعركة يشكل خطراً على حياة أكثريتهم، الذين بقوا في الأسر. وإن تبلورت صفقة لتحريرهم، أصلاً، فعلاوة على أننا سنكون مُطالَبين بالإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين المسجونين لدينا، مع أو بدون "دم على اليدين"، فسوف نضطر أيضاً إلى الانسحاب من مناطق القطاع والتعهد بإنهاء الحرب. قادة حماس ليسوا أغبياء. لن يقبلوا بأقل من ذلك. الدول الصديقة لنا، التي ستبسط رعايتها على الصفقة، ستكون مُطالَبَة بتقديم ضمانات لئلا تعود "إسرائيل" إلى شنّ هجوم لاحقاً.

لقد تدهورت مكانة "إسرائيل" الدولية وبلغت حضيضاً غير مسبوق، مما يشكل خطراً ليس فقط على علاقاتها مع الدول الصديقة لها، وفي مقدمتها الولايات المتحدة أساساً، وإنما على الجاليات اليهودية في مختلف أنحاء العالم أيضاً، ويجعل الإسرائيليين في خارج البلاد كمرضى "الجذام". كذلك تراجعت مكانتنا، بصورة دراماتيكية، مقابل دول المنطقة. وخلافاً لـ "المفهوم" القائل بأنّ حزب الله مردوع عن مهاجمة "إسرائيل"، فإنّ "إسرائيل" هي الطرف المردوع. وقد تلقى ضعفنا مقابل حزب الله تأكيداً مجلجلاً حين أدرك الرئيس الأميركي، جو بايدن، حقيقة الوضع فأرسل على وجه السرعة قوة عسكرية كبيرة إلى البحر المتوسط.

وبالرغم من القوات الأميركية الرادعة، إلا أنّ حزب الله حوّل عشرات الآلاف من سكان الشمال إلى لاجئين في بلادهم، ويفلح اليمنيون في قطع التواصل البحري الإسرائيلي مع الجنوب. وبذلك، تضطر "إسرائيل" إلى القبول بما كان يُعتبر في نظرها في العام 1956 وفي العام 1967 سبباً يستدعي إعلان الحرب.

من دون تبرير الهجوم الذي نفذه الفلسطينيون على بلدات النقب الغربي، لزامٌ علينا اعتباره الذروة الحالية للكفاح الوطني الفلسطيني العنيف ضد مجرد وجود "إسرائيل" كوطن قومي للشعب اليهودي.

السنوات الطوال التي مرّت لم تثبط عزيمة الفلسطينيين ولم تُضعف معنوياتهم. قوة معارضتهم لمجرد وجود "إسرائيل" تجبي من كلا الطرفين ثمناً دموياً وثمناً اقتصادياً يزدادان باستمرار. كي لا تكون المعركة الحالية بمثابة مقدمة لانفجارات عنيفة أكبر بكثير ولضمان بقاء الوطن القومي للشعب اليهودي في "إسرائيل"،

ينبغي على "إسرائيل" أن تعرِّف إلغاء المعارضة الفلسطينية لمجرد وجودها باعتباره الهدف الاستراتيجي الأعلى لسياستها.

تأمل الحركة المسيانية (الخلاصية) في "إسرائيل" في أن تحقق الهدف، بواسطة طرد جميع الفلسطينيين من مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة. ومن وجهة نظرها، فإنّ القتل المكثف في غزة واعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية، والتي يتم تنفيذها برعاية الشرطة و"الجيش" الإسرائيليين، إنما تهدف إلى "تشجيع" الفلسطينيين على الرحيل إلى خارج حدود المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، وهي خطوة تعني التطهير العِرقي لنحو 5 ملايين فلسطيني. من الصعب أن نتخيّل أن العالم – الذي سيُجبر "إسرائيل" قريباً على وقف الحرب في عزة حيال عشرات آلاف القتلى والجرحى والدمار المادي والإنساني على نطاق وحشيّ – سوف يسمح بهذا الحل.

إخفاق "يوم الغفران" وإنجازات المصريين في عبور القناة أعادت ترميم كرامة مصر وقادت إلى التوقيع على "اتفاقيات السلام". اعتراف "إسرائيل" بخسارتها في المعركة الحالية، كما أوضحناها أعلاه، من شأنه أن يساعد في إعادة ترميم كرامة الفلسطينيين الوطنية، التي "تُداس منذ 56 سنة". هذه، على ما يبدو، مرحلة إلزامية في مسار يؤدي إلى وقف القتال في غزة وصفقة تبادل يتم من خلالها إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين مقابل جميع الأسرى الذين يبقى مصيرهم رهناً بالمدة الزمنية التي ستمر حتى تعترف "إسرائيل" بهذا الواقع. سوف تضطر "إسرائيل" إلى الاعتراف بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة وسيادية وإجراء مفاوضات مع أي قيادة ينتخبونها هم حول إنهاء الصراع على قاعدة قرارات الأمم المتحدة والمبادرة السعودية. فهل تكون كارثة 7 تشرين الأول/أكتوبر المُبشِّرة بأفق جديدة في الشرق الأوسط؟

---------------------------------------------

يديعوت أحرونوت 26/12/2023

 

باغتيالها موسوي.. إسرائيل: سنفرض على إيران وأذرعها واقعاً جديداً

 

 

بقلم: عاموس جلعاد

 

لاقى الجنرال الإيراني رضى موسوي حتفه في قلب دمشق. لم تتحمل إسرائيل مسؤولية اغتياله، لكن الإيرانيين سارعوا إلى اتهامها بأنها تقف خلف عملية التصفية الدقيقة التي أصابت أحد العواميد الفقرية للقيادة الإيرانية العليا في سوريا. لقد كان الجنرال موسوي مسؤولاً مركزياً عن نقل السلاح والبنى العسكرية التي تشكل الأساس لتهديد “حزب الله” – كرأس حربة التهديد الإيراني في أراضي جيراننا. يجسد عمله عمق التدخل الإيراني، التي تقف على رأس محور الشر الذي يضع لنفسه إبادة إسرائيل هدفاً أعلى. هذه رؤياه المزعومة وفقاً للأمر الديني، وذلك من خلال جعل إيران دولة حافة نووية (يمكنها، بناء على قرارها، تطوير سلاح نووي)، من خلال تطوير قدرات باليستية (صواريخ، مقذوفات صاروخية، طائرات مسلحة بدون طيار وصواريخ جوالة لمدايات مختلفة) ومن خلال إقامة بيانات مرعية (وكيلة) تنمو كورم سرطاني على حساب الدول الشرعية التي توجد فيها. هكذا، أقامت في شمال إسرائيل حزب الله ستان” التي تحت تصرفها 150 ألف صاروخ، ومئات الصواريخ الدقيقة وغيرها من القدرات. لقد تحول “حزب الله” إلى كيان مستقل في لبنان الواهن والموشك على الانهيار، وزعيمه نصر الله هو الذي يقرر متى تتورط بلاده في مواجهة مع إسرائيل ومدى المواجهة، حتى بدون تشاور رسمي مع حكومة لبنان الشرعية.

في حربه ضد إسرائيل الآن، لا يزال “حزب الله” يتخذ جانب الحذر من مواجهة شاملة واسعة، وذلك بسبب الخوف من مدى رد فعل الجيش الإسرائيلي، وربما أيضاً بسبب الردع الأمريكي. رد فعل الجيش الإسرائيلي في الشمال مبهر جداً، ولعله يؤدي إلى خلق واقع جديد في جنوب لبنان، لكن تنوع قدرات “حزب الله” يتجسد كون التهديد الإيراني هو التحدي الأمني المركزي لإسرائيل.

ما الذي يمكن عمله حيال إيران و”حزب الله”؟ بداية، إن هزيمة حماس في غزة إلى جانب إعادة المخطوفين، سترفعان مستوى الردع الإسرائيلي حيال عناصر المحور الإيراني. في الجبهة الشمالية، أعمال الجيش الإسرائيلي ضرورية لخلق واقع آخر يتمكن سكان المنطقة في إطاره العودة إلى بيوتهم، إلى جانب ذلك يجب الاستعداد لمواجهة شاملة مع “حزب الله” حتى وإن كان بجداول زمنية مختلفة عما يعتقده البعض؛ وذلك لأن الاستعدادات يجب أن تشمل، إلى جانب بناء قوة عسكرية، تنسيقاً استراتيجياً عميقاً وواسعاً مع الولايات المتحدة أيضاً حيال التهديد الإيراني بكل عناصره.

بالتوازي، إسرائيل ملزمة بطرح كون إيران دولة حافة نووية في مقدمة جدول الأعمال العالمي. فمهاجمة ناقلة الكيماويات على مسافة 300 كيلومتر غربي الهند يجسد المخاطر الواسعة التي ينطوي عليها هذا النظام. إلى جانب ذلك، بالتوازي مع تقدم الحرب في غزة، باتت إسرائيل ملزمة بإقامة محور على أساس دول عربية مختلفة – مصر، الأردن، الإمارات، المغرب، ولاحقاً السعودية. أساس ذلك موجود؛ فالولايات المتحدة معنية برعاية هذا الأمر، لكن هذا يستوجب استراتيجية خروج في غزة لمنع وضع يصبح فيه الجيش قوة حاكمة في القطاع المدمر. فإعمار غزة في هذا الإطار سيمنح قوة للمحور السياسي.

هذا هو الوقت لقوة استراتيجية تستند إلى قوة عسكرية وإلى حكمة استراتيجية سياسية.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق