02 آيار 2024 الساعة 15:50

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاحد 24/12/2023 العدد 890

2023-12-25 عدد القراءات : 96
 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

هآرتس 24/12/2023

 

نجحت حماس في اعادة القضية الفلسطينية للمسرح العالمي وعرقلة التطبيع مع السعودية

 

بقلم: شلومو بن عامي

هناك ظاهرة تتكرر منذ الحرب العالمية الثانية، وهي ظاهرة فشل دول قوية في حروب غير متناظرة أمام قوة أقل منها. تصميم الجانب الضعيف صمد على الأغلب أمام قدرة الطرف القوي، بالأساس عندما كانت أهداف الحرب غامضة مثل القضاء بشكل كامل على العدو – الهدف الذي له تعريف متملص، وبالأساس لانهائي.

الحرب الخاطفة في 1967 كانت الحرب الأخيرة التي نجحت فيها إسرائيل في تحقيق انتصار سريع ومهذب. بعد ذلك لم يكن هناك أي انتصار فاخر، خاصة في الساحة الفلسطينية. في الحروب غير المتناظرة في هذا العصر حظيت القوة الأضعف بتفوق تكتيكي حاسم – الانتشار بين السكان المدنيين. وفي حالة «حماس» أيضاً بالسيطرة على الساحة الحضرية الأكثر اكتظاظاً في العالم. هذه ساحة حرب لم ينجح أي جيش حديث مع كل الأفضليات التكنولوجية لديه في الانتصار فيها حتى الآن. الأميركيون هزموا في فيتنام وفي أفغانستان وفي العراق. الاتحاد السوفياتي سابقاً هزم أيضاً في أفغانستان. هذا رغم أنه خلافاً لإسرائيل فإن هذه الدول العظمى حظيت بالتفوق الحاسم – القدرة على حرب طويلة بقدر الحاجة، رغم المجتمع الدولي. إسرائيل في المقابل، دائماً تحارب ضد الزمن.

هناك أيضاً مسألة الهدف من استخدام القوة. هانس مورغنتاو، من آباء الواقعية في العلاقات الدولية، كان يهودياً هاجر من ألمانيا النازية، وحقق تاريخاً أكاديمياً مثيراً للانطباع كمؤسس لمدرسة وكمحاور في القضايا الاستراتيجية العالمية وأخلاق الحرب العادلة. كل حياته حتى وفاته في 1980 عرف بالتزامه بأمن إسرائيل. في كتابه التأسيسي بعنوان «السياسة بين الأمم: النضال من أجل القوة والسلام»، وضع أساس رؤيته للقوة والسياسة.

واقعية مورغنتاو لم تكن كلاسيكية، المنفصلة كما يبدو عن الاعتبارات الأخلاقية. فقد حذر من الخطر الذي يوجد في تفضيل التفكير العسكري على المبادرة السياسية، وصمم على أهمية التحديد الواضح لهدف استخدام القوة. هو كان واقعياً ليبرالياً عارض بشكل حازم الحرب في فيتنام مثلاً، التي اعتبرها حرباً بين المدنيين وبين أهمية عالمية محدودة لا تبرر سفك الدماء الذي رافق التدخل الأميركي. مورغنتاو خالف ميل هنري كيسنجر في رؤية أن أي عدم استقرار في العالم الثالث هو نتيجة «مؤامرة شيوعية»، واعترف بالشرعية الأخلاقية لكل معارضة أصيلة للنظام السياسي والاجتماعي غير العادل بشكل واضح.

في محاولة لتسوية التناقض الأخلاقي في استخدام القوة فإن مورغنتاو احتاج إلى الشخصية البطولية للزعيم السياسي الذي طورها ماكس فيبر: أفضلية السياساتي على السياسي هي في أن الحفاظ على الحكم ليس على رأس سلم أولوياته. السياسة الصغيرة هي حسب تعريفها أمر سيئ، وفقط يمكن للسياساتي استخدامها لتحقيق أقل الأضرار. ومثل واقعي آخر هو كيسنجر، فإن مورغنتاو لم يؤمن بالخير المطلق.

في كتابه «رجل العلم مقابل سياسة القوة» (1946)، انتقد مورغنتاو أيضا الميل إلى الاعتماد الزائد على العلم والتكنولوجيا في حل المشكلات التي هي في جوهرها سياسية واجتماعية. فقد اعتقد أن التفكير الواقعي يميل إلى تجاهل طبيعة الإنسان ودوافعه الفطرية وتطلعاته الروحانية. بالتالي، التفكير العقلاني يفشل أيضا في فهم القوة الدافعة وراء الفعل العنيف والفعل السياسي للحركات التي لا تدخل إلى الفضاء الثقافي للإنسان الغربي.

في الوقت الحالي يمكن قول أمور مشابهة عن نظرة الغرب وضمن ذلك نظرة إسرائيل للجهادية من سلالة «حماس»، التي يمكن رؤية فيها ما وصفه مورغنتاو كفشل في فهم الفاشية، وكأنها فقط تفجر عدم العقلانية الانتحاري. والظلم الهمجي الذي خلقته المذبحة التي نفذتها «حماس» ضد سكان غلاف غزة هو وصمة إدانة لا تمحى، لكن «حماس» لم تتصرف بصورة «غير عقلانية». فقد نجحت في إعادة القضية الفلسطينية التي نسيت إلى واجهة المسرح العالمي وعملت على عرقلة التطبيع بين إسرائيل والسعودية، وجرت إسرائيل إلى حرب تعرفها إسرائيل نفسها معركة وجودية أو حرب متعددة المجالات تطلبت منها الاعتماد على الولايات المتحدة بشكل لم تشهده منذ العام 1973، وقامت بتنصيب نفسها كقوة مهيمنة في الحركة الوطنية الفلسطينية.

«حماس» أيضا سيطرت على الأحاسيس الأساسية المجندة لدى الشعب الفلسطيني مثل التطلع إلى إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين. وهي يمكنها أيضا إجبار إسرائيل على إفراغ بشكل كامل السجون إذا كانت تريد إعادة المخطوفين على قيد الحياة. وإذا لم يكن هذا كافياً، فإن هناك نخبة في الغرب صفقت لها بصورة مَرضية. نوعام شومسكي هو اليوم شخص مثير جدا للمشكلات، وهو لا يزال يعتبر الولايات المتحدة التجسيد للشر المطلق والسبب شبه الحصري لكل الفظائع التي تحدث في العالم. ولكن في العام 1969 أصدر كتاباً بعنوان «القوة الأميركية والمندريين الجدد»، الأمر الذي يتفق بشكل جيد مع نهج مورغنتاو. أيضا هو له صلة بحرب إسرائيل ضد «حماس».

وصف شومسكي فشل الولايات المتحدة في فيتنام بأنه فشل للنبوغ العلمي والأدمغة الطيبة في الإدارة الأميركية – الذين وجهوا الحرب من خلال عدم الفهم وحتى الاستخفاف الصارخ بالقوة الدافعة لجيش الحفاة الفيتكونغ والحماسة الثورية للقيادة في فيتنام الشمالية، التي تكتلت حول شخصية هو شي منه. بالنسبة لغزة فإن إسرائيل على قناعة بأن كل القصة هي أن طرفنا اختار الحياة، في حين أن «حماس»، وعمليا كل التنظيمات الإرهابية في المناطق، اختارت الموت وتخيل اللقاء المتوقع مع الحوريات في الجنة. نحن واقعيون ونقوم بإدارة الحرب مع أفضل التكنولوجيا الغربية، في حين أنه تحركهم دوافع لا يوجد وراءها أي شيء عدا الشر المطلق.

من الواضح أن ممارسة نتنياهو الإجرامية التي تتمثل في تدمير «حماس» (كل ما يريده هؤلاء الجياع هو كسب لقمة العيش) وإضعاف السلطة الفلسطينية كانت أيضا ممارسة للعقلية الغربية الفاشلة التي تهدف إلى الإظهار للعالم بأنه حان الوقت لدفن أي شيء له علاقة بالحل السياسي. لذلك، حسب أسلوب نتنياهو وأقواله فإنه لا يحق للفلسطينيين الاعتراض على التطبيع مع السعودية، لكن البدائيين من «حماس» تفوقوا على ضابط الكوماندو في وحدة النخبة وأعدوا  له ولنا أم المفاجآت.

لقد تم الادعاء أيضا أنهم يمارسون القتل ضدنا فقط لأننا يهود. لكن الحقيقة هي أنه رغم أنه يوجد في «حماس» الكثير من الأغبياء الذين لهم أشباههم في الغرب، والذين حولوا هذا الأمر إلى حملة لاسامية، فإن «حماس» نفسها بالذات تقتلنا لكوننا إسرائيليين دون التمييز بين اليهود والبدو المسلمين والدروز. هل هذا يعني أن هذه المواجهة الدموية بين العقلية الغربية للإسرائيليين والوحشية المطلقة لـ»حماس» ستنتهي بهزيمة مثل هزيمة الولايات المتحدة في فيتنام؟ ليس بالضرورة. لكن إذا واصلنا السير في طريق نتنياهو، غياب مطلق لاستراتيجية خروج، فإن صورة الانتصار، إذا كان هناك انتصار، ستكون قريبة من الهزيمة.

وجه الشبه بين حرب يوم الغفران وحرب «السيوف الحديدية» يتعلق ليس فقط بالمفاجأة التكتيكية، بل أيضا بالفشل الاستراتيجي. في الحالتين تم جر الحكومة الإسرائيلية إلى الحرب دون خطة سياسية قابلة للتنفيذ لليوم التالي. في ذلك الوقت، مثلما هي الحال الآن، إسرائيل اعتمدت على المساعدات الأميركية، العسكرية والسياسية الكثيفة، التي دائما يوجد لها ثمن سياسي لم تحسب حسابه إسرائيل في البداية. الإنجازات العسكرية في حينه، والآن أيضا، ليست مثاراً للشك. وهكذا أيضا الرد البطولي للمجتمع الإسرائيلي في الحالتين.

مع ذلك، تراجع الجيش الإسرائيلي إلى الكيلو 101 عن القاهرة لم يكن إلا المقدمة لإعادة كل شبه جزيرة سيناء لمصر كشرط لتسوية سياسية، خلافاً للموقف الذي يقول إن الاحتفاظ بشرم الشيخ أفضل من اتفاق السلام. اليوم الحكومة الإسرائيلية مرة أخرى تقف دون أي رؤية سياسية تبرر الخسائر المؤلمة في أوساط جنودها وجهنم الحرب في قطاع غزة، مع التعاطف الدولي الذي تثيره.

يمكن الافتراض أن تدمير «حماس» وإخراجها من المعادلة السياسية في الفضاء الإسرائيلي – الفلسطيني، يتبين أنه فرضية متملصة. ساعة المنبه للحرب هي في النهاية في يد الرئيس الأميركي، بالضبط كما كانت في يد الثنائي نيكسون – كيسنجر في 1973.

مرة أخرى ثبت أن الدعم الأميركي أمر أساسي لمجرد وجود الدولة اليهودية. لذلك، هو أيضا يخلق الاعتماد السياسي. نتنياهو وطائفته يتفاخران بالادعاء الذي يقول إن إسرائيل تحت حكم وحيد عصره أصبحت إمبراطورية عالمية. الآلهة اليونانية كانت لها معادلة تساوي هذا النوع من الغطرسة. وقد حذرت من أن الغطرسة تولد الأعداء (الانتقام ودفع المقابل)، وقد أصبح من الواضح أن إمبراطورية نتنياهو لا يمكنها محاربة منظمة إرهابية لا توجد لها قوات مدرعة أو سلاح جو، دون الإمداد المنتظم للسلاح من الولايات المتحدة ودون الانتشار العسكري الأميركي، الذي دونه كانت الحرب ستصبح حربا متعددة الساحات وواقعاً فظيعاً.

لا شك أنها ستشكل ضربة قاضية ستغير الواقع، إذا نجحت إسرائيل رغم كل شيء في إبعاد «حماس» عن المنطقة – حرمانها من الأرض التي يمكنها العمل منها. وخلافا للأخطبوط العالمي الذي كانت عليه منظمة القاعدة، فإن «حماس» هي منظمة إسلامية وطنية، وثمرة طبيعية للمجتمع الفلسطيني، الذي هو بحاجة وجودية إلى سيطرة جغرافية ووجود دولة. ودفاعاً عن هذه الحاجة تحطمت محاولات كثيرة لتشكيل حلف وطني واسع بين «حماس» في غزة وبين م.ت.ف في الضفة الغربية.

لكن الحروب غير المتناظرة لا تكون دائما بحاجة إلى «قاعدة جغرافية»، والهزيمة في غزة يمكن أن تحدث التحوّر في «حماس» إلى حركة غير جغرافية. وخلافا للقاعدة وداعش التي تعتبر تهديداً جارفاً للحضارة الغربية، فإن «حماس» تعتبر منظمة تحارب لأجل قضية وطنية عادلة. بالتالي، هي تحظى الآن بشعبية عالمية لم تعرف أي منظمة إرهابية مثيلاً لها. في الفضاء الفلسطيني هي في الأصل غرست جذورها عميقاً في الضفة الغربية، التي لا توجد لها سلطة فيها، لأنه منذ عشرين سنة لم يتم إجراء الانتخابات هناك.

ذاكرة الهزائم العسكرية لم تؤد بالضرورة إلى «خيبة الأمل»، بل بالتحديد إلى الزخم المتجدد والمتجندين الجدد. الفلسطينيون أيضا لم ينسوا أن «حماس» هي التي أوصلت القضية الفلسطينية إلى قمة جدول الأعمال الدولي، بعد أن ظهر لحكومة إسرائيل بأن لا أحد يمكنه إخراجها من هاوية النسيان. ومهما كانت نتيجة الحرب فإن إرث «حماس» سيبقى جزءاً رئيساً من روح الحركة الوطنية الفلسطينية. وأي قوة سياسية ترغب إسرائيل في التوصل معها إلى أي نوع من التسوية سينظر إليها بأنها غير شرعية إذا كانت «حماس» أو روحها أو رؤيتها غائبة عنها.

ما هي بالأساس صورة الانتصار المثالية التي يمكن لإسرائيل تحقيقها في غزة؟ شيء يشبه «انتصار الولايات المتحدة في العراق»، أي تصفية القيادة العسكرية والسياسية لـ«حماس» وكسر سلسلة القيادة بهذه الصورة، بحيث تكف عن العمل كجسم هرمي وكوحدة ممأسسة. آلاف المقاتلين في «حماس» سيندمجون حينها في المجتمع المدني. وفي فترة الفوضى التي ستعقب الحرب، فإن بعضهم سيصبحون تنظيمات إجرامية مثل التي تحتجز كما يبدو الآن بعض المخطوفين الإسرائيليين، وآخرون سينضمون إلى الجماعات السلفية الأكثر تطرفاً حتى من «حماس».

في الشرق الأوسط الفراغ السياسي والعسكري هو بمثابة الدعوة إلى الفوضى الجهادية. مصر رأت ذلك في سيناء حتى الفترة الأخيرة. وفي حالة العراق، فإن ضباط الجيش المفكك لصدام حسين أصبحوا فيما بعد العمود الفقري للقاعدة وداعش. وهذا حدث أيضا في أفغانستان التي أصبحت المغناطيس للجهاد المخترق للحدود عند انهيار الدولة الرئيسة حتى في فترة الاحتلال السوفياتي في الثمانينيات.

تدمير «حماس» دون أن تأتي مكانها سلطة حكم شرعية، التأكيد هنا على الشرعية، لأنه في الوضع الحالي السلطة الفلسطينية ليست كهذه حتى في نظر أبناء شعبها، سيفتح الباب على جهنم جديدة. وفي مثل هذا الوضع فإن فكرة الحكومة المتمثلة في خلق منطقة عازلة دائمة بوساطة اقتطاع أراض من القطاع، المأهولة بكثافة، لن تثمر أفضل مما أثمرت المنطقة الأمنية في جنوب لبنان التي تحولت إلى فيتنام مصغرة، إسرائيلية، إلى أن اضطررنا إلى الانسحاب منها في العام 2000.

--------------------------------------------

معاريف 24/12/2023

 

مُجدّداً: نحن هنا وهم هناك

 

 

بقلم: حاييم رامون

 

يؤيد رؤيا الدولة ثنائية القومية الليكود، حزبا إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وكذا جدعون ساعر، أفيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت – الذين عادوا بعد 7 أكتوبر إلى مواقفهم الأيديولوجية القديمة.

عندما ننقي من أقوالهم الأوهام في أن يهاجر كل الفلسطينيين من هنا، أو تحكم قوة دولية بقيادة الأميركيين والدول العربية في قطاع غزة – هذيان عديم الأساس يحاول نتنياهو تسويقه مؤخراً – نصل إلى الحقيقة كما هي: هم يريدون أن يقيموا حكماً عسكرياً ومدنياً كاملاً في قطاع غزة وفي يهودا والسامرة، والاستيطان هناك دون أي قيد. ولهذا فهم يعارضون كل تسوية تقوم على أساس الفصل، بل ويتنكرون الآن للدعم الذي أعطوه لخطة دونالد ترامب، التي رأى فيها بنيامين نتنياهو إنجازاً سياسياً هائلاً.

كما يذكر، فإن خطة ترامب تتضمن إقامة دولة فلسطينية على 70 في المئة من أراضي يهودا والسامرة وقطاع غزة، ربط القطاع بالضفة بمعبر آمن وتبادل واسع للأراضي بين دولة إسرائيل والدولة الفلسطينية. ولهذا فهم يعارضون مشاركة السلطة الفلسطينية في الإدارة المدنية لقطاع غزة – المبدأ الذي هو أيضاً إجماع في أوساط الولايات المتحدة، باقي الدول الغربية وكل الدول العربية، وكذا شرط من ناحيتها لضخ الأموال لإعمار القطاع (حسب التقديرات، مطلوب في هذه اللحظة أكثر من 30 مليار دولار لهذه المهمة).

بعد أن تنهي إسرائيل احتلال قطاع غزة ستكون لها مسؤولية مطلقة عن حياة أكثر من مليونَي فلسطيني يعيشون هناك. وسيتعين على إسرائيل أن تستثمر مبلغاً كبيراً في إعادة بناء بنى تحتية أساسية في القطاع (حسب التقدير الحالي، نحو 15 مليار شيكل لإعادة بناء البنى التحتية الأساسية، ونحو 15 مليار شيكل آخر للخدمات للسكان، كالصحة، توريد الغذاء، المجاري وغيرها). بمعنى أن كل واحد منا سيضطر لأن يمول من الضرائب التي يدفعها وجود السكان الغزيين، وبينهم غير قليل من الحمساويين وإعمار القطاع.

ليس هذا فقط، بعد 7 أكتوبر كل مؤيدي بلاد إسرائيل الكاملة عادوا للحديث – مباشرة أم بشكل غير مباشر – عن إسقاط السلطة الفلسطينية التي حسب نتنياهو ومؤيديه لا فرق بينها وبين «حماس»، وعن ضم يهودا والسامرة لدولة إسرائيل. رؤيا الضم تضع ثلاثة ملايين فلسطيني آخرين تحت حكم إسرائيل – وبالإجمال خمسة ملايين فلسطيني.

حتى دون كلفة الإعمار ستكلف السيطرة المدنية على الفلسطينيين في يهودا والسامرة وفي قطاع غزة على دافع الضرائب الإسرائيلي ما لا يقل عن 30 مليار شيكل في السنة (ولمن لا يعرف)، فإن كلفة العناية بسكان 23 قرية فلسطينية ضمت إلى القدس، ومنها صور باهر، جبل المكبر ومخيم شعفاط للاجئين تبلغ نحو 3 مليار شيكل في السنة.

إن معنى رؤيا الضم هو تحول إسرائيل إلى دولة ثنائية القومية، يكون اليهود فيها أقلية، تعاني من احتكاكات داخلية لا تتوقف، تكون متضعضعة من ناحية اقتصادية وتصبح منعزلة من ناحية سياسية.

عندما يكون خمسة ملايين فلسطيني في الضفة وقطاع غزة تحت السيطرة المطلقة لإسرائيل ودون أي أفق سياسي، فإنهم سيتركون حل الدولتين وسيطالبون بحقوق مدنية متساوية لأنفسهم وعلى رأسها «كل واحد – صوت واحد» (ومنذ اليوم يوجد كثيرون في داخلهم تخلوا عن دولة فلسطينية مستقلة ويطالبون بدولة واحدة).

نتيجة السياسة التي يؤيدها الآن نتنياهو، سموتريتش، بن غفير، ساعر، ليبرمان وبينيت هي نهاية الرؤيا الصهيونية الهرتسيلية لدولة يهود في بلاد إسرائيل.

 

تطبيق خطة ترامب

 

حيال رؤيا الدولة ثنائية القومية لنتنياهو وشركائه، توجد خطة «دولة اليهود» التي فقط بوسعها أن تحافظ على الأغلبية اليهودية في إسرائيل ومنح الأمن لمواطنيها.

أولاً، في السنوات القريبة القادمة سيكون الجيش الإسرائيلي الحاكم الأمني الوحيد في يهودا والسامرة وقطاع غزة. إسرائيل ستوضح أنه ليس في نيتها مواصلة احتلال قطاع غزة بل فقط الحفاظ على المسؤولية الأمنية فيها مثلما تتصرف منذ سنين طويلة في يهودا والسامرة.

ثانياً، إسرائيل ستوضح أنها سترى في المبادئ التي في أساس خطة ترامب أساساً لتصميم التسوية المستقبلية. هذا الإيضاح سيسمح بنقل السيطرة المدنية عن قطاع غزة والمسؤولية عن إعماره إلى السلطة الفلسطينية بإسناد ودعم من العالم العربي والدول الغربية، فيما تبقى المسؤولية الأمنية العليا في يد إسرائيل.

ثالثاً، في المدى الزمني الأبعد سيبدأ تطبيق تدريجي لخطة ترامب، في ظل إجراء تكييفات واجبة مع الواقع الذي نشأ في أعقاب 7 أكتوبر. في قلب التسوية السياسية موضع الحديث سيكون مبدآن أساسيان: تلبية مطالب الأمن الإسرائيلية وتطبيق فكرة «نحن هنا وهم هناك». بخلاف رؤيا ضم خمسة ملايين فلسطيني لدولة إسرائيل، ستؤدي خطة «دولة اليهود» إلى إبعاد الملايين الخمسة الفلسطينيين عن إسرائيل، في ظل الحفاظ المتشدد على مطالبها الأمنية.

لأسفي، بينما يعمل مؤيدو الدولة ثنائية القومية بتصميم منذ 7 أكتوبر لأجل تطبيق رؤياهم المناهضة للصهيونية، فإن مؤيدي دولة اليهود غير موجودين. لا في البرلمان ولا خارجه. لا أحد يقاتل في سبيل استمرار دولة اليهود.

لقد قال دافيد بن غوريون في 1950: إن إسرائيل تقف أمام الخيار بين دولة اليهود على جزء من بلاد إسرائيل، وبين دولة ثنائية القومية على كل بلاد إسرائيل. مصيبة 7 أكتوبر تطرح على إسرائيل بالضبط المعضلة إياها. اليوم أيضاً، اختيار بن غوريون هو الاختيار الممكن الوحيد، إذا كنا نرغب في مواصلة وجود دولة اليهود.

--------------------------------------------

هآرتس 24/12/2023

 

يجب الاعتراف: إسرائيل عالقة مع نتنياهو ومن دونه

 

 

بقلم: رفيت هيخت

 

ليس لأن نقطة البداية، 7 أكتوبر، ليست بحد ذاتها سبباً مبرراً للحداد واليأس، لكن الوضع الحالي بعد مرور أكثر من شهرين على المذبحة الفظيعة يصبح مشكلة في حد ذاته، بصرف النظر عن المجال أو القطاع الذي نتوجه إليه، على الأغلب نجد حالة من الجمود واحتمالية تفاقم الوضع.

في غزة الجيش، الذي يضحي جنوده بأنفسهم، يقوم بمراكمة نجاحات تكتيكية مثل كشف الأنفاق وجمع السلاح والمس بالمخربين، لكن التطلع إلى أن تتراكم هذه الإنجازات لتصبح كتلة حاسمة تضمن هزيمة «حماس» يمكن ألا يصمد أمام الواقع، الحرب ضد منظمة عصابات. الثمن الدموي كل يوم من الجنود القتلى إضافة إلى حوادث مثل إطلاق النار على مخطوفين في الأسبوع الماضي، يؤدي إلى وضع عالق لا يحتمل. والذي سيواجه المجتمع صعوبة في تحمله لفترة طويلة.

عملية إطلاق سراح المخطوفين عالقة لأنه لا توجد لـ»حماس» أي مصلحة في صفقة. ادعاء الحكومة أن الضغط العسكري ليس فقط لا يضر بالمخطوفين، بل هو حتى يحسن احتمالية إنقاذهم، لا يصمد الآن أمام امتحان الواقع. إسرائيل يمكنها النجاح في مصادرة السلطة بالقطاع من يد «حماس»، لكن بعد ذلك ستكون هناك فوضى مدنية، ستتحول إلى مشكلة تواجهها. من سيتحمل المسؤولية عن إعادة إعمار القطاع وإدارة الحياة فيه وتسلم احتكار استخدام القوة، أو بكلمات أخرى من الذي سيحكمه؟ هذه أسئلة حاسمة حول ضمان أمن إسرائيل ومنع تكرار أي تهديد فظيع مثل التهديد الذي تحقق في 7 أكتوبر. مثلاً، إذا مرة أخرى كانت قطر، التي هي تمول وتعزز الإسلام الراديكالي والسياسي، هي التي ستتولى المهمة وتفتح المحفظة، فنحن لا نكون قد تعلمنا أي شيء أو حققنا أي شيء.

أضرار الاحتلال الإسرائيلي للقطاع لا حاجة إلى إحصائها. مع ذلك، شريحة كبيرة من الجمهور، لا سيما الشريحة المرتبطة ببقاء بنيامين نتنياهو، تطمح إلى ذلك. جزء منها حتى توجد لديها أوهام خلاصية تتعلق باستئناف الاستيطان في القطاع.

في الشمال «حزب الله» يواصل استفزازاته، واحتمالية أن يكون بالإمكان إبعاده عن الحدود بعملية سياسية، ضعيفة. مصادر في الحكومة تقنع نفسها بأن «حزب الله» غير معني بحرب شاملة، ومن أجل إعادة 60 ألفاً من سكان الشمال المخلين إلى بيوتهم، كان يكفي عدد محدود من أيام القتال. هذا التقدير يجب التعامل معه بحذر، بالأساس على خلفية التجربة السيئة مع مفهوم «حماس خائفة». ورغم ازدياد التهديد فإنه في هذه الأشهر لم يتم القيام بأي خطوة لإعداد الجبهة الداخلية لحرب مع «حزب الله»، التي ستكون أصعب بكثير من الحرب مع «حماس». هذا فشل آخر يتعاظم إلى درجة الانفجار المؤكد. على خلفية هاتين الجبهتين هناك عدد قليل من الذين يهتمون بالضفة، التي نسبة العمليات والأحداث العنيفة فيها ارتفعت بشكل دراماتيكي منذ 7 أكتوبر. هذا برميل مواد متفجرة آخر الذي انفجاره شبه مؤكد.

أيضاً المنظومة السياسية عالقة، وعملية استبدال رئيس الحكومة الذي أكثر من نصف الشعب لم يعد يصدقه أو يثق به. استبدال نتنياهو سيكون بحاجة إلى احتجاج شديد ومؤلم، ويمكن الاعتماد عليه بأن يقوم بالتحريض والتسميم والتقسيم بقدر استطاعته في محاولة للبقاء.

لكن حتى استبدال نتنياهو لن يحل المشكلات العميقة. فجزء غير قليل من منتقديه في اليمين أصيبوا بخيبة الأمل بسبب أنه لا يوفر لهم الحلول مثل الترانسفير والقتل الكثيف للسكان، أو على الأقل احتلال القطاع واستئناف الاستيطان هناك. حتى لو انضم هؤلاء إلى القوات التي تعمل على استبداله، فإن طبيعتهم تملي التطرف الأصولي أو الكهاني، التي لها علاقة متبادلة مع مشاعر التصعيد الفلسطينية.

لا توجد بشرى كبيرة في إجمال نقاط اليأس، القديمة والجديدة، التي تتقد منذ 7 أكتوبر، لكن يجب الاعتراف بالحقيقة وهي أنه لا يوجد أي شيء جيد يهددنا في هذه اللحظة. نحن عالقون.

--------------------------------------------

 

 

هآرتس 24/12/2023

 

كفى للقتل الجماعي

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

حسب تقرير وزارة الصحة في غزة، فإن اكثر من ثلثي القتلى هم نساء واطفل. وحتى لو كانت هذه اعداد غير دقيقة ففي إسرائيل لا يعرضون معطيات أخرى. حسب تقديرات جهاز الأمم، نحو ثلث القتلى في القطاع هم رجال حماس. يدور الحديث عن ضربة غير مسبوقة لغير المشاركين.

حسب تحقيق "نيويورك تايمز" الشهر الماضي يتبين ان وتيرة قتل المدنيين في غزة في الحرب الحالية اسرع مما في حرب الولايات المتحدة في العراق، في أفغانستان وفي سورية. كما يتبين أيضا من تحقيق جديد للصحيفة بانه في الأسابيع الستة الأولى من الحرب القت إسرائيل في جنوب قطاع غزة 200 مرة على الأقل قنابل بوزن طن، وذلك رغم أن المنطقة حددت – حسب الجيش والحكومة الإسرائيلية – منطقة آمنة للمدنيين. وحرص الجيش الإسرائيلي على أن يدعو سكان القطاع للانتقال جنوبا. "تحركوا جنوبا"، عاد وقال لهم الناطق العسكري دانييل هجاري أيضا. ولكن حسب تقرير "نيويورك تايمز" يتبين بان الجنوب لم يكن آمنا حقا.

الجيش الإسرائيلي، الذي يعمل الان جنوب القطاع أيضا – الذي لم يكن فيه اخلاء جماعي للسكان – ملزم بإجراء التكليفات اللازمة كي يقلص الضرر بالمدنيين غير المشاركين. كما ينبغي الاخذ بالحسبان الوضع الإنساني في قطاع غزة – الجوع، الامراض، النقص في المياه، في الغذاء وفي الدواء، وحقيقة أن ليس للكثير من السكان بيت يعودون اليه وان البنى التحتية مديرة. توجد ضرورة تامة لتأكيد التمييز بين إصابة مخربي حماس وبين إصابة المدنيين غير المشاركين، فما بالك مراعاة حقيقة ان في القطاع يحتجز 129 مخطوفا إسرائيليا.

الى جانب ذلك يتعين على إسرائيل أن تدفع قدما بصفقة مخطوفين وان تكون مستعدة لان تدفع ثمنا بأيام هدنة من الحرب وبتحرير سجناء. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالنت يكرران القول ان الضغط العسكري على حماس سيدفع رجالها لتخفيف حدة مطالبهم وسيؤدي الى إعادة المخطوفين، غير أن الواقع لا يستوي مع تقديراتهما. فاستمرار الهجوم القومي لم يحقق حتى الان نتائج في كل ما يتعلق بالمخطوفين -وليس هذا فقط بل انه تسبب بوقف المفاوضات لتحريرهم. ان إعادة المخطوفين هي هدف اعلى للحرب، وليس للحكومة تفويض لتركهم لمصيرهم، لا بشكل مباشر ولا بشكل غير مباشر.

--------------------------------------------

 

 

هآرتس 24/12/2023

 

معاملة وحشية يتلقاها الأسرى الفلسطينيون

 

 

بقلم: جدعون ليفي

 

في كل يوم أحد وثلاثاء يدخل السجانون الى غرف السجناء الفلسطينيين ويقومون بتكبيلهم وضربهم بالهراوات. هذا هو الحفل الاسبوعي لهم. هذا ما قاله السجناء التي تم تحريرهم ("هآرتس"، هاجر شيزاف، 6/12). اربعة سجناء ماتوا منذ اندلاع الحرب. من شبه المؤكد أن هذا بسبب الضرب. الـ19 سجانا الذين شاركوا في هذه الحفلات المرضية متهمون بالتسبب بموت واحد منهم. مئات المعتقلون من غزة يتم احتجازهم وهم مكبلون ومعصوبو العيون 24 ساعة. وهم ايضا يتم ضربهم بشكل وحشي. بعضهم وربما معظمهم، لا توجد أي صلة لهم بحماس. بعضهم لم يكلف أي أحد نفسه عناء الابلاغ عن عدد الذين ماتوا منهم في الاسر في معسكر سديه تيمان. ايضا الـ4 آلاف عامل غزي الذين تم اعتقالهم في 7 تشرين الأول (اكتوبر) داخل اسرائيل بدون أي ذنب، تم احتجازهم في ظروف غير انسانية، على الاقل اثنان منهم ماتا. عن التعرية والصور المهينة كتب الكثير.

في المنافسة الفظيعة على مستوى الشر لا يوجد فائز، يوجد فقط مهزوم. ولكن لا يمكن الاستمرار في سرد قصص حماس الفظيعة. المراسلون يتنافسون فيما بينهم من الذي سيخترع لحماس لقب اسوأ معيب ويتجاهل بالكامل شر اسرائيل. ايضا في التنافس على مستوى سفك الدماء والطريقة التي يتم فيها ذلك لا يوجد منتصرون، فقط مهزومون. ولكن لا يمكن تجاهل الكمية الكبيرة من سفك الدماء في غزة. في نهاية الاسبوع قتل 400 شخص خلال يومين، معظمهم من الاطفال. أول من أمس شاهدت صور نهاية الاسبوع من البريج والنصيرات، والتي فيها صور اطفال يحتضرون على الارض في مستشفى الاقصى في دير البلح، هذه صور مخيفة. ايضا رفض اسرائيل زيادة المساعدات الانسانية للقطاع رغم قرار مجلس الامن يدل على سياسة شريرة.

اذا لم يكن هذا كافيا فإن صوت الشر في اسرائيل يرفع نسبة اقتراحات الشيطنة: تسفي يحزقيلي يؤيد قتل 100 ألف من سكان غزة في الضربة الاولى. غيورا آيلاند فقد صوابه وانتقل من اقتراح نشر الأوبئة في غزة الى اقتراح تجويع السكان. حتى أمير الاحلام الجديد لليسار الذي لديه 12 مقعدا للإسرائيليين في الاستطلاعات، يئير غولان، قال في السابق لسكان غزة في المقابلة مع "يديعوت احرونوت": "من ناحيتنا لتجوعوا حتى الموت.

لا يوجد لاسرائيل الحق في تحديد معايير للشر في الوقت الذي فيه يدها ملطخة بالشر. لنترك القتل والتجويع والتهجير الجماعي. معاملة المعتقلين الفلسطينيين كان يجب أن تقلق اسرائيل بشكل خاص، حتى لو بسبب الخطر على سلامة المخطوفين. ما الذي سيفكر فيه رجل حماس الذي يحتجز مخطوفين وهو يسمع أن اصدقاءه تم تكبيلهم ويتم ضربهم بدون توقف. مع الحذر المطلوب يمكن القول بأنه على الاقل عدد من المخطوفين يحصلون على معاملة افضل من المعاملة التي يحصل عليها المخطوفين الفلسطينيين. عندما تحدثن المخطوفات المحررات حن واغام غولدشتاين في القناة 12 عن المعاملة التي حصلن عليها، وقلن إن آسريهن قاموا بحمايتهن اثناء القصف الاسرائيلي، تم توجيه هجوم ظالم ضدهن في الشبكات الاجتماعية. كيف تجرؤن على قول الحقيقة؟.

هل وحشية اسرائيل في الحرب وفي السجون ستحقق أي هدف من اهدافنا؟ هل حماس ستقوم بإطلاق سراح المخطوفين بشكل اسرع عندما تقوم اسرائيل بالتنكيل بالمخطوفين المحتجزين لديها؟.

--------------------------------------------

هآرتس 24/12/2023

 

ثمن النجاحات القليلة ضد حماس جسيم

 

 

بقلم: عاموس هرئيل

 

إن استمرار النشاطات الهجومية الواسعة للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة مقرون باحتكاك كبير مع منظومات حماس الدفاعية. حسب تقديرات الجيش، فإن 8 آلاف مسلح فلسطيني تقريبا قتلوا منذ بداية الحرب قبل حوالي شهرين ونصف. ولكن في الأماكن التي لم يتم فيها تحقيق سيطرة إسرائيلية، فإن المقاومة شديدة جدا – حتى في الأماكن التي سيطر عليها الجيش الإسرائيلي تستمر محاولات حماس بالتصدي للقوات الإسرائيلية.

في الوقت الذي فيه عدد كبير من القوات ليس أقل من أربع فرق، تقوم بالنشاطات الهجومية في القطاع فان المعنى هو وجود منطقة احتكاك كبيرة ومعقدة مع العدو داخل مناطق مأهولة ومكتظة، التي أجزاء كبيرة منها دمرت. تحت الأرض، رغم تدمير آلاف فتحات الأنفاق إلا أن شبكة الأنفاق ما تزال تعمل. معظم الهجمات المضادة لحماس تمت بأساليب حرب العصابات وفي نطاق صغير، حيث إن هدفها هو تحقيق نتائج متراكمة. طريقة العمل تشمل اطلاق نار القناصة، قذائف آر.بي.جي واستخدام العبوات الناسفة. معظم هذه الهجمات يتم إحباطها، لكن يكفي بما تنجح في تنفيذه كي تجبي من الجيش الإسرائيلي ثمنا يوميا من الخسائر. الجيش الإسرائيلي ينشر قواته في تشكيلات دفاعية – مواقع من السواتر الترابية المرتجلة – ويتحرك بواسطة سيارات الهامر، وهي طرق عمل تحاول حماس تحويلها إلى نقاط ضعف.

مركز النشاطات الهجومية تنتقل بالتدريج من شمال القطاع، حيث هناك قتل أول من أمس قائد وحدة في دورية "ناحل"، إلى جنوب القطاع. في الشمال الفلسطينيون يبلغون عن تخفيف معين في قوات الجيش الإسرائيلي في جزء من المناطق التي ضعفت فيها مقاومة حماس. في المقابل، تدور الآن معركة على منطقة الدرج والتفاح في شمال شرق مدينة غزة، التي أبقتها إسرائيل حتى الآن من دون أي معالجة على الأرض. إضافة إلى ذلك تحتفظ فرقة من الاحتياط بممر في جنوب مدينة غزة هدفه الحفاظ على منطقة عازلة بين شمال القطاع وجنوبه ومنع عودة المقاومين والمدنيين الفلسطينيين إلى منطقة الشمال.

الاحتكاك الأكثر شدة يحدث في الجنوب. فرقة 98 في منطقة خانيونس تدير عمليا نوعا من العملية الخاصة، التي حسب تصريحات الجيش الرسمية تركز على محاولة المس بالشخصيات الرفيعة في حماس، الذين كان هناك افتراض أنهم يتحصنون في شبكة الأنفاق تحت المدينة. الجيش أبلغ عن 13 قتيلا في المعارك في القطاع في نهاية الأسبوع. هناك إشارات على بداية نشاطات إسرائيلية ايضا في مخيمات اللاجئين في وسط القطاع. في نهاية الأسبوع نشر الجيش الإسرائيلي منشورات دعا فيها السكان الى إخلائها، فقط منطقة المواسي، وهي المنطقة الزراعية القريبة من انقاض غوش قطيف، ومنطقة رفح في جنوبها، تبدو في هذه الأثناء آمنة نسبيا من الاقتحام الإسرائيلي.

زيارات العائلات الثكلى في القتال تعكس الفقدان الكبير الذي أصابها، إلى جانب الإيمان الكبير بعدالة الطريق. الجنود الذين قتلوا من الجيش النظامي ومن الاحتياط انطلقوا إلى هذه الحرب في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، مع مشاعر قوية بأنه لا يوجد أي خيار آخر. وحسب رأي الكثيرين منهم، فإن المطلوب هو توجيه ضربة قوية لحماس، بما في ذلك عملية برية واسعة في القطاع في محاولة لتقليص شيء من الضرر الفظيع الذي أحدثه الهجوم الإرهابي، من أجل تحسين الوضع الأمني في جنوب البلاد وإيجاد ظروف مناسبة لإعادة المخطوفين.

بعد مرور شهرين ونصف، فإن مصداقية الحرب بقيت على حالها. ولكن مع مرور الوقت، الجمهور سيجد صعوبة في تجاهل الثمن الباهظ – أيضا التشكك في أن أهداف الحرب التي تم تحديدها بضجة كبيرة ما تزال بعيدة عن التحقق، وحماس لا تظهر أي علامات على الاستسلام على المدى القريب. في الخلفية سيطرح بصورة ملحة أكثر سؤال هل لم يحن الوقت للانتقال إلى المرحلة الثالثة من العملية، التي أساسها إعادة الانتشار قرب الحدود وتقليص معين للقوات والتركيز على الاقتحامات اللوائية في القطاع. في قيادة المنطقة الجنوبية ما يزالون يعتقدون أن لديهم  مهمات ملحة عدة، لتنفيذها في الوقت القريب المقبل، قبل إجراء تغيير في طبيعة العملية. مع ذلك، بدأ يتضح أن هذا التغيير أصبح أمرا مطلوبا.

الأيام الأخيرة جلبت معها وابلا من المنشورات، في إسرائيل وفي الخارج، حول تقدم محتمل في الاتصالات من أجل صفقة تبادل جديدة. عمليا، رغم الضغط العسكري المتزايد على حماس، إلا أنها ما تزال تظهر مواقفا متشددة. جهات رفيعة في قيادة حماس الخارج كررت في نهاية الأسبوع أن المرحلة المقبلة من الصفقة يجب أن تكون "الجميع مقابل الجميع"، وأن تشمل انسحابا كاملا لإسرائيل من القطاع ووقف بعيد المدى لإطلاق النار وتحرير عدد كبير من السجناء الفلسطينيين، من بينهم أسرى كبار.

توجد صعوبة أخرى تتعلق بتنفيذ صفقة مرتبطة بجدول زمني. في الغرب يدخلون الآن إلى عطلة عيد ميلاد طويلة، والاهتمام في واشنطن والعواصم الأوروبية سينخفض لأسبوعين تقريبا. هذا لا يعني أن الادارة الأميركية لا تبالي بما يحدث هنا، لكن القدرة على الدفع قدما بخطوات معقدة مرتبطة بتفاصيل كثيرة ستتقلص في الفترة القريبة المقبلة. لا يوجد أي سبب للتشكيك في صدق نوايا الرئيس الأميركي في التوصل إلى حل إنساني في قضية المخطوفين. ولكن يبدو أنه حان الوقت أن يفحص الأميركيون استخدام ضغط أكبر على لاعب رئيسي في القضية وهو قطر.

الدوحة، وهي الوسيط الرئيسي بين ‘سرائيل وحماس، ما تزال تلعب هنا لعبة مزدوجة. فمن جهة، هي تبث أنها تتجه نحو الصفقة. ومن جهة أخرى، تظهر جهود قطرية للحفاظ على سلطة حماس في القطاع كذخر استثمرت فيه العائلة المالكة مليارات الدولارات في العقد الأخير. ربما أن الاميركيين يجب عليهم رفع القفازات أمام قطر والطلب منها زيادة الضغط على رئيس حماس في القطاع يحيى السنوار. الجهود المبذولة لاطلاق سراح المخطوفين الباقين تستمر ببطئ، في الوقت الذي فيه المزيد منهم يموتون في أسر حماس.

--------------------------------------------

إسرائيل هيوم 24/12/2023

 

حذاري من الكارثة المقبلة.. المخطط الشمالي بعيد عن النصر

 

 

بقلم: نداف شراغاي

 

خلف الكواليس، وتحت غطاء شدة القتال في الجنوب، الولايات المتحدة وفرنسا "تحيكان" الآن مخططاً للشمال يمكن أن يكون أساساً للإخفاق والكارثة المقبلة. إنها خطة بعيدة كل البعد عن انتصار، أو حتى صورة انتصار، والأسوأ من ذلك، أنها لن تسمح حقاً بالعودة الآمنة لعشرات الآلاف من المخليين إلى بيوتهم.

صحيح أنّ عنوان الاتصالات الدولية الجارية حالياً هو تنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم 1701 وإبعاد حزب الله إلى شمال الليطاني - لكن هذا حد أدنى إشكالي، لأن المسافة بين "ركبة الليطاني" وإصبع الجليل تبلغ نحو 4 كيلومترات فقط، في حين أن مناطق أخرى من الليطاني أبعد عن الحدود. حتى لو تساوقنا مع "مخطط الليطاني"، يتبين أن التصريحات في مكان والمفاوضات في مكان.

على الرغم من الحديث عن أن الليطاني سيصبح حاجزاً بين "إسرائيل" وحزب الله، فإنّ المفاوضات الحالية جارية حول إبعاد حزب الله عدة كيلومترات فقط من الحدود بين "إسرائيل" ولبنان، على بعد 5-7 كيلومترات على طولها بالكامل. سيتمكن أسرى الحدود الشمالية البالغ عددهم 85 ألفاً، الذين أصبحوا لاجئين في "إسرائيل"، من العودة إلى بيوتهم عندما لا يرون حزب الله من خلال نوافذهم، لكن حزب الله، من على بعد بضعة كيلومترات فقط، سيراهم جيداً.

"إسرائيل"، التي دخلت المفاوضات بضغط أميركي، تلعب لعبة "يبدو لي" (على ما أعتقد). وفوق ذلك، ووفقاً لـ "الحل"، فإن الجهة العسكرية التي ستنتشر على طول الحدود ستكون الجيش اللبناني، أو "الجيش اللبناني أيضاً"، الذي الفرق بينه وبين حزب الله غير واضح، وأحياناً غير موجود أصلاً. غالباً ما أضرّ بنا التعاون بين الاثنين في الماضي أكثر مما أفادنا، والأمر في الواقع هو نفس السيدة مع تغيير الفستان.

والأخطر من ذلك هو أنه ليس من الواضح ما إذا كانت البنية التحتية العسكرية التي راكمها حزب الله على حدودنا الشمالية على مر السنين سيتم تفكيكها. إنها حفر إطلاق ومغارات إطلاق نار ومخازن أسلحة، وهذا من دون أن نتحدث بعد عن القذائف الصاروخية الـ 150 ألفاً والأسلحة الدقيقة والمتطورة لدى الحزب.

جوهر الخدعة صاغه مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية في نقاش في الكنيست على النحو التالي: نحن نُبعد حزب الله من مدى رؤية سكان الشمال، الذين لن يروا فوهات بنادق من النافذة، لكن ليس من مدى النيران. هذه المقاربة تذكرنا بلعبة أخرى، "يبدو لي"، الجارية في هذه الأيام مع الأميركيين، والتي تنجر إليها"إسرائيل" أيضاً. ويتجلى الأمر في كلام رئيس هيئة الأمن القومي، تساحي هانغبي، ومفاده بأنّ السلطة الفلسطينية، بعد إجراء إصلاح جوهري، ستتمكن من القيام بالدور الذي حدده لها المجتمع الدولي في غزة.

لكن هانغبي مخطئ. ليست السلطة الفلسطينية وأجهزتها هي التي تحتاج إلى الإصلاح، بل الجمهور الفلسطيني. سلطة فلسطينية قديمة أو مجددة لن تزيد ولن تُنقص. أصل المشكلة هو السكان الفلسطينيين، الذين يكرهوننا، ويعبدون الشهداء، وملتزمون بحق العودة ونهاية الدولة اليهودية، ويطلقون الأهازيج تجاه المذبحة ومستعدون لتسليم بنادقهم لحماس. هذا ما يقولونه هم. كل ما ينبغي فعله هو الاستماع والتصرف وفقاً لذلك.

قد تكون قصة لبنان مماثلة، لأن "إسرائيل" تحكي لنفسها مرة أخرى قصصاً وهي مستعدة للاعتماد على أجانب بدلاً من نفسها. وهذا على الرغم من حقيقة أن تجربتها مع القوات الأجنبية على طول الحدود الشمالية سيئة. المشكلة على طول الحدود اللبنانية هي مشكلة أمنية وصهيونية وإنسانية، ويجب أن نبدأ الحديث عنها بشفافية. وعلى الأقل وفقاً لمضمون المفاوضات الآن، فإنّ الترتيب الذي تجري صياغته بعيد كل البعد عن الخطوط العريضة، ولا يفي بالحد الأدنى المطلوب.

خطة "الليطاني كمنطقة عازلة" بعيدة عن الكمال، لكن المفاوضات تتحدث عن أقل من ذلك بكثير، الأمر الذي لن يسمح لسكان الشمال الذين تم إجلاؤهم بالعودة إلى منازلهم.

---------------------------------------------

 

نائب رئيس أركان الاحتلال السابق: لا مفر من الاتفاق مع "حماس".. وتهديد غالانت للسنوار "غبي"‏

 

فتح نائب رئيس أركان الاحتلال السابق يائير غولان، النار على حكومة الحرب الإسرائيلية، وعلى وزيرها يوآف غالانت، واتهمها بخداع الإسرائيليين، وعدم كشف ما هي أهداف الحرب.

وقال غولان، في مقابلة مع صحيفة "معاريف"، إن "مشكلتنا الأساس الآن، هي أن المستوى السياسي، لا يوضح ما هي أهداف الحرب، كلهم يقولون سوف يتم سحق حماس، وهذا ليس كافيا، ماذا سيحدث في قطاع غزة بعد سحق حماس".

وأشار إلى أن "التزام الدولة قبل كل شيء، يجب أن يكون تجاه المختطفين وإعادتهم، وأتوقع أن ينعكس ذلك على أرض الواقع، ولا أرى إنجازات أو تقدما على أرض، الواقع، والتحرك العسكري الذي يشارك فيه عدد غير قليل من الألوية والفرق، لا أرى إلى أين سيؤدي في النهاية".

وتابع: "حين يقول نتنياهو، إن السلطة لن تدخل قطاع غزة، فمن بقي؟.. هذا يعني أننا سندير القطاع؟ ينبغي التأكيد بصورة واضحة للغاية، أن دولة إسرائيل التي تخوض حربا يقاتل ويضحي من أجلها خيرة أبنائها بحياتهم، دون أي أهداف حربية، فإن هذا أمر صادم وهو ليس مطروحا على جدول الأعمال".

وأضاف: "هناك ضرر جسيم لحق بحماس، وكلما واصلنا القتال سنلحق المزيد، لكن على الدولة الجادة والحكومة الجادة أن تسأل: ماذا بعد؟.. لو انتهينا من القضاء على حماس، كيف سيتناسب ذلك مع إطلاق سراح المحتجزين، ولن يكون هناك اتفاق مع حماس، بدون أن تدرك أن السيف قد أزيل من حنجرتها، وتصريحات من قبيل سندمر حماس ونطلق سراح المحتجزين لا يمكن أن تتطابق معا".

وقال غولان: "يجب على الحكومة أن تقول الحقيقة للشعب، ربما سيتعين علينا تأجيل القضاء على حماس، بمشروع يستغرق سنوات مقبلة، وليس بالضرورة الأسابيع المقبلة، لكن إذا أردنا اتفاقا، فمن الضروري أن يكون مع حماس، وليس مع أي فاعل آخر، فحماس وحدها القادرة على إطلاق سراح المختطفين".

وتعليقا على تهديدات وزير حرب الاحتلال يوآف غالانت، لرئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار، بالقتل، فإن غولان وصف ذلك بأنه "تصريحات غبية وغير ضرورية".

وتساءل: "هل حماس لم تكن تعلم ما فعلنا بالضاحية الجنوبية في بيروت عام 2006؟.. وهل لم تجرب عملية الرصاص المصبوب أو الجرف الصامد؟.. كل هذا الكلام هراء، ومن العار أن يقال ذلك، حماس دخلت هذا الصراع بعقلية صافية، وحققت هدفا استراتيجيا حين قالت لإسرائيل أنا من يدير الصراع".

وأضاف: "أعظم الإنجازات التي يمكن أن نحققها في غزة، وحتى لو علقنا رأس السنوار على رمح غدا، فسيكون من المستحيل تجاهل حقيقة أن هذه الحرب بدأت بفشل ذريع لدولة إسرائيل، والنظر إلى أن إسرائيل دولة ضعيفة بسبب استمرارها في القتال، وهي غير قادرة على الوقوف بمفردها في مواجهة أعدائها وتحتاج إلى رعاية أمريكية، ومن المسلم به أن هذا هو الحال حاليا".

وحول الوضع في شمال فلسطين المحتلة، قال: "يتحدثون عن إعادة السكان إلى المستوطنات وإزالة التهديد.. لن تتم إزالة التهديد وسنستمر في العيش في بلد لا يزال مهددا، ونحتاج إلى قول الحقيقة للشعب، وعلى رجال الدولة الذين يفترض أنهم يقودونها ويرفضون أن يقولوا ببساطة ما هي أهداف الحرب وكيف يرون أنها تتطور، لأنه أمر صادم، أن يقولوا الحقيقة".

وتابع: "سنستمر في التعامل مع هذا الوضع لسنوات قادمة، ومن الجيد جدا أن نعود بعد سنوات من الآن ونحدد أولويات واضحة، وسنضع الأمن أولا، ولن نكذب على أنفسنا، ولن نحاول أن نقول ذلك وهي مشكلة حادة بالنسبة لدولة إسرائيل، مثل القضية الفلسطينية، يمكن إدارتها والحد منها، ولكن يمكن التعامل معها، وسوف نفهم أن الحلول السياسية يجب أن تقترن بالحلول العسكرية".

وقال إنه "منذ عام 2009، توقفت دولة إسرائيل فعليا عن الانخراط في المجال السياسي، لقد أوقفت هذا الموضوع تماما ولقد أوهمت نفسها بأن السلام مع الإمارات ممكن وليس له ثمن على الإطلاق، كل هذه الأوهام المستقلة لن تجدي نفعاً بعد الآن".

ودعا إلى وجود "حكومة جادة تتعامل مع القضية الفلسطينية، وتربطها بالقضية الإيرانية، وتفهم أنه لا بد من التوصل إلى نوع من الحد من التهديد الفلسطيني حتى نكون أكثر استعدادا وقدرة على التعامل مع التهديد الإيراني، بجميع فروعه" وفق وصفه.

وشدد على أنه القتال يجب أن يستمر لأهداف سياسية واضحة، فضلا عن أنه يجب إسقاط هذه الحكومة السيئة.

--------------------------------------------

 

يديعوت أحرونوت 24/12/2023

 

 

القرار في غزة ليس للأمريكيين بل للرأي العام الإسرائيلي والدعم السياسي

 

 

بقلم: رون بن يشاي

 

كتب المحلل العسكري رون بن يشاي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن القرار في قطاع غزة لا يعتمد على الأمريكيين بل على الجمهور الإسرائيلي والدعم السياسي.

وقال التقرير، الذي اعتمد على تصريحات قادة عسكريين ميدانيين من قوات الاحتلال الجوية، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يمكنه اتخاذ قرار في غزة واستكمال أهداف الحرب التي حددها له المستوى السياسي، لكن هذا الأمر سيتسبب في خسائر فادحة في الضحايا وسيتطلب الكثير من الوقت، بضعة أشهر على الأقل.

وطرح بن يشاي سؤالا وهو: "هل سيمنح الجمهور والمستوى السياسي جيش الاحتلال الإسرائيلي الوقت والدعم المعنوي والسياسي؟".

وأضاف: "يعتقد المسؤولون الأمنيون أن كل شيء لا يعتمد حاليا على الأمريكيين، بل على الرأي العام، وعلى صمود الجمهور الإسرائيلي وعلى الدعم الذي سيقدمه السياسيون".

وذكرت الصحيفة أنه بعد زيارة قصيرة قبل يومين إلى خانيونس، وانطباعات البقاء مع القوات في شمال القطاع، "يظهر بوضوح أن طبيعة القتال الذي ما زال متوقعا يتطلب وقتا وجهدا ذهنيا هائلا".

وأكد الكاتب أن قتالا معقدا يدور في حي الشجاعية مع مقاتلي المقاومة.

وأردف التقرير: "مع أن الحي خال من السكان فالمقاومة هناك قوية وقوات الفرقة 162 مضطرة للقتال من الزقاق إلى الزقاق، ومن منطقة إلى أخرى، وضد قاذفات الآر بي جي الموجودة في الخدمة".

وأشار إلى أن القتال وسط القطاع "عنيف" ويدور على قدم وساق وسيستمر لفترة طويلة، وفقا لـ بن يشاي.

وذكر التقرير أن خانيونس "أكثر خطورة" بالنسبة لقوات جيش الاحتلال الإسرائيلي من المنطقة الحضرية الكثيفة التي تركز فيها القتال في وقت سابق.

وتابع: "دمار مثل الذي حدث في شمال القطاع لم أشاهده إلا في غروزني في الشيشان عام 2000، عندما جاء فلاديمير بوتين لزيارة هناك يوم انتخابه رئيسا لروسيا".

وأكد بن يشاي: "تحول 70% من المباني شمال قطاع غزة إلى أنقاض".

وجاء في التقرير: لقد فوجئ جيش الاحتلال الإسرائيلي عندما اكتشف أن مجموعة الأنفاق والأعمدة التابعة لحماس أكبر بنسبة 500% إلى 600% من تقديراته.

وأوضح أنه "إذا كان الجيش يعتقد في السابق أن هناك 500 كيلومتر من الأنفاق ونحو 1000 بئر في كامل أراضي قطاع غزة، فإنه الآن ومن المعروف أن هناك آلاف الكيلومترات من الأنفاق وآلاف الأعمدة فهذه أرقام لا يمكن تصورها".

وتبين أن مركز الحكم المدني لحركة حماس كان بالفعل في شمال القطاع، لكن المركز العسكري المهم والرئيسي يقع في منطقة خانيونس، وفقا للتقرير.

ومضى في تقريره، قائلا: "يسمح هذا التشكيل بين أعضاء حماس والجهاد الإسلامي بتحريك القوات من مكان إلى آخر وضرب قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي من مسافة طويلة أو قصيرة بحسب اختيارهم".

وأردف: "طالما كان جيش الاحتلال الإسرائيلي يتحرك في جنوب ووسط القطاع فلم يندفع المقاتلون إلى الظهور على السطح، بل ركزوا على وضع عبوات ناسفة أمام قوات المشاة التي تتحرك بين المزارع وتدخل المباني".

وأكمل شرح الواقع العسكري في الميدان بالقول: "الآن، عندما يتحرك جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل أقل وينتقل إلى مرحلة تدمير البنية التحتية، فإن المقاتلين يستخدمون القذائف المضادة للدبابات والمدرعات، والمدافع المضادة للدبابات وجرافات D9 الكبيرة التي تمهد الطريق لكل هدف جديد تقترب منه القوات".

ورأى أن بطء الحركة في وسط القطاع، إلى جانب قدرة المقاتلين على الرؤية من مسافات بعيدة، يجعل من السهل عليهم استخدام الصواريخ المضادة للدبابات وصواريخ  RPG29 الفتاكة ذات الرأس المزدوج الاختراق.

بن يشاي، أشار إلى أن الفرقة 98 والقوات الجوية لا تستطيع استخدام كامل قوتها النارية في هذه المنطقة كما فعلت في شمال قطاع غزة بسبب "المناطق الأمنية" العديدة للسكان المدنيين المنتشرة في منطقة خانيونس.

وبيّن أن حركة جيش الاحتلال الإسرائيلي بطيئة وسط القطاع لأن المنطقة كبيرة ومتهورة للغاية والحركة السريعة فيها تكلف ثمنا باهظا في حياة جنود الاحتلال.

ونوه إلى أن هناك عاملا مثبطا آخر وهو الرغبة الحازمة في عدم المساس بالأسرى فوق وتحت سطح الأرض.

وحول مكان تواجد الأسرى، افترض بن يشاي: أولاً – يمكن الافتراض أن معظم الأسرى محتجزون الآن في وسط الشريط. والثاني هو أنه من المرجح أن يكون زعيم حماس، يحيى السنوار، قد أحاط نفسه بعدد غير معروف من الأسرى، معظمهم من الجنود، بحيث إذا وصلوا إليه وإلى مجموعة قيادته العليا، فإن الأسرى سيتضررون أيضا - إما بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي أو لأنه هو ورجاله سيقتلونهم.

وذكر أن هذا (الأسرى) هو السبب المباشر الذي يجعل السنوار وقيادة حماس في غزة يشعرون بأن لديهم القدرة على الإملاء على تل أبيب وقف إطلاق النار بشكل دائم وانسحاب قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى مسافة غير معروفة.

وزعم بن يشاي، وفقا لبيانات، أن جيش الاحتلال تمكن من خلال العدوان الجوي والبري من استهداف ما بين 7000 و9000 مقاتل من حماس والجهاد الإسلامي، لافتا في الوقت نفسه إلى أن ذلك لا يردع السنوار، الذي يعتقد أنه من خلال استغلال الأسرى سيكسب الوقت، وبمرور الوقت سيكسب ضغوطا دولية على دولة الاحتلال لوقف القتال.

كما أنه أشار إلى أن سلاح جو الاحتلال يشعر بالإحباط من هذا الوضع ويتحدث عن معضلات تواجهها القيادة العليا ولا يستطيع التعامل معها إلا المستوى السياسي.

وقال إن الطموح هو المس بالمسؤولين الكبار: يحيى السنوار، وشقيقه محمد، محمد الضيف، مروان عيسى وآخرين.. مدعيا أنه في هذه المجموعة المحدودة، بالكاد أصيب اثنان حتى الآن، وهما ليسا من كبار السن، وفق التقرير.

وذكر أن هناك أربع حالات لسلاح جو الاحتلال أصابت فيها صواريخ المضادة للدبابات والمروحيات القتالية مقاتلين من جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وكشف أنه حتى الآن قُتل أقل من خمسة جنود بتلك الاستهدافات.

بخصوص الجبهة الشمالية، يعمل سلاح الجو بشكل مكثف لإبعاد حزب الله عن الحدود، لكن لا أحد يتوهم أن ذلك لا يمكن أن يتم إلا من الجو، وفقا لبن يشاي.

ورجح المحلل العسكري أنه من المحتمل أن تكون هناك حاجة إلى مناورة برية محدودة لتحريكها ليس فقط إلى ما هو أبعد من المدى المضاد للدبابات، الذي يبلغ الآن ثمانية كيلومترات، ولكن أيضا إلى ما هو أبعد منه.

وبيّن أن هناك ضرورة للوصول إلى وضع حيث لن يتمكن حزب الله من استخدام القوة العسكرية في جنوب لبنان، مستدركا بأن هذا الأمر سيتعين عليه الانتظار حتى بعد إطلاق سراح الأسرى في غزة، وإلحاق الضرر بالقيادة العليا لحماس، وتفكيك بنيتها التحتية الرئيسية بشكل مقيد، بحسب قوله.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق