30 نيسان 2024 الساعة 03:43

هكذا تفشل المناورات البرية على حدود غزة

2023-10-31 عدد القراءات : 218

مع إعلان الجيش الإسرائيلي بدء المناورات البرية على حدود قطاع غزة، وهو ما يمثل الخطوات الأولى للعملية البرية، ما زالت المقاومة الفلسطينية تمنعه من الحصول على أي صورة للنصر أو ورقة يمكن أن يسوقها أمام المجتمع الإسرائيلي بأنه يحقق أهداف الحرب. 

منذ اللحظات الأولى التي بدأ فيها الجيش الإسرائيلي عملياته البرية، تعرض لضربات عدة من المقاومة التي لم تسمح له بالتقدم أو حتى الوصول إلى المناطق الزراعية، ناهيك بالمناطق الحضرية.

ورغم أن الجيش الإسرائيلي استخدم قوات نارية كبيرة وقصفاً سجادياً في المناطق التي يحاول الدخول منها، فإنه يقابل بكمائن وضربات قوية تمنعه من التمركز أو استمرار الدخول.

من الواضح أن المقاومة لديها استراتيجية دفاعية وخطوط واضحة تبدأ بمنع الجيش من التقدم إلى مناطق على حدود قطاع غزة يمكنه التمركز فيها أو التخفي عن ضربات المقاومة. حتى الوقت الحالي، هذا الأمر أفقد الجيش الإسرائيلي قدرته على تحقيق أي هدف من الأهداف التي وضعها للمناورة البرية.

يفسر المختصون العسكريون العمليات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي على حدود قطاع غزة بأنها "استطلاع بالقوة" يراد من خلاله معرفة القدرات الدفاعية لدى المقاومة الفلسطينية، إلا أنَّ هذه العمليات لم تحقق أهدافها؛ ففي الوقت الذي عرف الاحتلال أن المستوى الدفاعي للمقاومة عالٍ جداً، تراجع عن فكرة الحرب البرية الشاملة، وباتت مناوراته العسكرية تجري لساعات قليلة.

في جميع المناطق التي حاول جيش الاحتلال أن يناور فيها، تلقى ضربات كبيرة دفعته إلى عدم التمركز، عدا منطقة واحدة هي منطقة أقصى شمال غرب غزة. وخلال الساعات الأولى، تلقى ضربات عسكرية كبيرة جداً، إذ ظهر له أبطال "كتائب القسام" من خلفه، ووجهوا إليه ضربات كبيرة.

في قراءة للمشهد الميداني، ندرك أن الجيش الإسرائيلي تحت الضغوطات التي مورست عليه من الجمهور الإسرائيلي يسعى جاهداً لتحقيق أي صورة تحفظ له صورته بأنه ما زال جيشاً قوياً ومتماسكاً وقادراً على تنفيذ المهام المطلوبة منه، وهو يدرك منذ البداية أنَّ أهداف الحرب كبيرة وغير قابلة للتحقيق. لهذا، بدأ بتنفيذ ما يطلق عليه المناورة العسكرية لكي يقول إنه غير خائف وقادر على أي خطط توضع له، وإن المشكلة ليست عنده، بل عند القيادة السياسية.

على الرغم من تصريحات قيادة الجيش بأن منطلقاته هجومية ضد قطاع غزة، وأنه يريد الانتقام من المقاومة، فإنّ مزيداً من التفحص لتصرفاته وتحركاته يوضح لنا أن المنطلقات الحالية باتت دفاعية في ظل اتهام كبير له ولقيادته بالتقصير، في وقت ترفض القيادة السياسية المتمثلة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تحمل أي مسؤولية سابقة عما جرى في السابع من أكتوبر، ولاحقة حول ما يمكن أن يجري في الحرب البرية.

لهذا الأمر، ذهب الجيش لتنفيذ ما يطلق عليه المناورات البرية المحدودة كي لا يقال إن المشكلة عنده. وقد ظهر رفضه تحمل المسؤولية عما يمكن أن يحدث في عدة تصريحات بأنه ينتظر الأهداف والموافقة على الخطط من القيادة السياسية.

من ناحية أخرى، يبدو أن المقاومة الفلسطينية أعدت نفسها جيداً لمواجهة الاحتلال والالتحام معه برياً. وتتضمن خطتها الدفاعية منع إعطاء القوات الموجودة على حدود قطاع غزة أو تلك التي تنفيذ المناورات البرية أي فرصة للراحة أو التمركز.

وقد ظهر جلياً هذا الأمر منذ اليوم الأول، وذلك بالكثافة النارية على تجمعات القوات داخل الحدود. ومع بدء المناورات البرية، تعرضت لضربات
ايمن الرفاتي
كبيرة عبر الكمائن والصواريخ الموجهة. وفي الوقت الذي حاول الاحتلال التمركز، نفذت ضده عدة عمليات إنزال من خلف الخطوط.

على امتداد تاريخه العسكري، لم يتعرض الجيش الإسرائيلي لحالة مشابهة من الفشل في المناورات البرية الحالية على حدود قطاع غزة، إذ إنه يقع تحت ضغط عسكري ما قبل وأثناء التوغل لأمتار داخل الحدود، ويتلقى الضربات، ويضطر إلى التراجع، ناهيك بفشل سلاح الطيران والمدفعية في جعل ساحة المعركة مناسبة لعمل القوات البرية عبر القصف المكثف. 

إضافةً إلى ما سبق، يحاول الجيش الإسرائيلي نقل المعركة إلى خارج حدوده، لكن المقاومة منذ اليوم الأول "لطوفان الأقصى" تحافظ على إبقاء المعركة داخل الأراضي المحتلة عبر عمليات الإنزال خلف الخطوط والإبرار البحري، وعبر إطلاق الصواريخ بشكل مكثف على منطقة وسط الكيان.

ما زلنا في بداية أيام المناورات البرية على حدود قطاع غزة، وما زلنا بانتظار مفاجآت المقاومة التي ستكسر سلاح البر في الجيش الإسرائيلي من دون عودة.

أضف تعليق