25 نيسان 2024 الساعة 01:17

وماذا عن العامل الذاتي؟

2022-12-03 عدد القراءات : 528
احتلت الكتابة والآراء عن حكومة دولة الاحتلال الجديدة المتوقعة وتشكيلتها، وتوزيع المسؤوليات عل أعضائها ورموزها ووزرائها الحيّز والمساحة الأكبر من الصحف ومن المقابلات التلفزيونية وفي كل الوسائل والمناسبات العامة.
وكانت كلها تُجمع على قواسم مشتركة يجمع بينها عنوان واحد تقريباً: التخوف العميق ومتشعب المجالات مما تنذر به هذه الحكومة من شرور ومن عدوان وعنف ودموية ضد جماهير الشعب الفلسطيني وحقوقها الوطنية في أرضها، وضد قواها المناضلة عموماً، وعلى كامل اتساعها وتنوعها وكل مناطق تواجدها.
ولم تقف تلك الشرور عند حدود المشاريع والرؤى والبرامج والوعيد، بل تمت وتتم وتتواصل ترجمتها إلى أفعال عدوانية واعتداءات شديدة العنف والشمولية وتغطي كل مناطق الوطن المحتل وبوتيرة أكثر تسارعاً وبتصاعد غير مسبوق لأعداد الشهداء والمعتقلين.
ويمتد وعيدها ومقدمات عدوانها لتضم أهل الوطن الفلسطيني الذين استمر وجودهم وعيشهم في بعض مناطق الوطن وتحت سيطرة الاحتلال ونظامه السياسي.
وقد امتد الجدل ومعه التخوف إلى أوساط واسعة من مجتمع دولة الاحتلال ذاتها، والى قُوى سياسية فيها أيضاً. فقد رأت في تشكيل الوزارة الجديدة وما يعلن من توجهات وبرامج، وفي بعض وزرائها الأكيدين بالذات والمسؤوليات والحقائب الوزارية التي سيتولونها خطراً على هذا الكيان. إضافة إلى الحديث الجاد عن تغييرات جوهرية في آليات العمل وتوسيع هامش الصلاحيات والمسؤوليات. وفي كل ذلك ما يهدد الطابع العام لدولة الاحتلال، خصوصاً في الأمور المتعلقة بالتشكيلات العسكرية والأمنية والمسؤوليات المباشرة والصلاحيات لكل منها. وما رأت فيه أيضاً ما يهدد التوازن المجتمعي والطابع العام لدولة الاحتلال ومجتمعها.
لكن كل ذلك لا يغير ولا حتى يؤثر ولا يؤخر في المسار العام الذي تسلكه محاولات تشكيل الحكومة، ولا في الرموز المتداوَلة لعضويتها ولا الوزارات والمناصب المقترحة لتولي مسؤوليتها، ولا في توجهاتها شديدة الخطورة والعدوانية.
حتى بعض الاعتراضات الدولية على التوجهات البرامجية شديدة التطرف والعدوانية، او على بعض الرموز المقترحة لوزارات بعينها (الأمن والعسكر)، لا يتم الأخذ بها ولا حتى التوقف أمامها، وذلك من باب الثقة بتحالفاتها والاطمئنان الى القدرة على التعامل مع تلك الاعتراضات وتجاوزها.
الصورة المحصلة أن دولة الاحتلال تسير بإصرار وثقة وموحدة في طريق العدوان الشامل على الشعب الفلسطيني بوتيرة غير مسبوقة من العدوانية التوسعية، والمنكِرة لكل حقوقه الوطنية، وفي تلازم تام مع العنف ضد أهل الوطن الفلسطيني بكل أشكاله وأنواعه وبأعلى درجات العدوانية والدموية.
إذا كانت أجواء وواقع وسياسات وتوجهات دولة الاحتلال وقيادتها وقواها السياسية هي كما تقدَم وصفها، ألا يفرض ذلك على أهل الوطن الفلسطيني في جميع أماكن تواجدهم وبكل قواهم التنظيمية السياسية ومعها المجتمعية ان يكونوا في حال من الوحدة وعلى جميع المستويات والهيئات والأشكال، ليكونوا قادرين على التصدي لهذه الهجمة وإفشالها؟
إذا استثنينا أهل الوطن العاديين بجميع مستوياتهم وتجمعاتهم ومناطقهم والذين هم على قلب رجل واحد في موقع المناهضة والتصدي للعدو المحتل ومشاريعه واعتداءاته، فإن واقع الحال الفلسطيني لجهة التنظيمات والهيئات والمؤسسات  والبرامج والمواقف السياسية والنضالية العامة الموحدة ليس على هذا الحال الموصوف أبداً أو على المستوى المطلوب:
- حتى الآن، لا يزال الانقسام العمودي سيد الموقف يتربع بارتياح على مؤسسات الحكم دون أي مؤشر على أي فعل جاد باتجاه الخروج منه.
 - وحتى الآن، لم يتحقق أي لقاء وعلى أي مستوى لمناقشة تفاصيل وخطوات وطرق الخروج من حال الانقسام، ولا حتى لنقل مخرجات اتفاق الجزائر- على أهميتها وضرورتها القصوى- من الورق الى أرض الواقع والتطبيق ولو بشكل متدرج.
- ولم تصدر أي دعوة من الجهات الرسمية لعقد أي اجتماع لأي من المؤسسات الوطنية الجامعة - مؤسسات منظمة التحرير- للبحث والمبادرة، ولا صدرت مثل هذه الدعوات بمبادرة من أي تنظيم فلسطيني ولا من أي هيئة مجتمعية.
- ولم تتم الدعوة للقاء، أو لقاءات لمناقشة عناوين محددة عامة وهامة وأساسية مثل تصور موحد لكيفية التعاطي مع موضوع الانتخابات في القدس في مواجهة رفض وتعنُّت دولة الاحتلال رفضاً لمبدأ إجرائها فيها، ومثل تصور او فهم تفصيلي موحد لطريقة «الانتخابات النسبية» المتفق على اعتمادها طريقاً وأسلوباً للانتخابات، ولشروط ومتطلبات التعامل مع تفاصيلها وتطبيقها.
لم يحصل ما تقدم، وغيرُه، لا في ما تبقى من الأُطر الموحدة لمنظمة التحرير – المجلس المركزي مثلاً، ولا من جهة - أو جهات - تنظيمية أو مجتمعية أُخرى.
ويبقى سؤال، لماذا لا تتم المطالبة والدعوة إلى تفعيل اللجنة العربية لدعم النضال الوطني الفلسطيني، والتي جاءت الدعوة لتشكيلها من اجتماع الفصائل والقوى الفلسطينية في الجزائر وبدعم وتأييد من الدولة الجزائرية نفسها.
ويبقى أيضاً أن لا شيء في هذه الظروف يسبق الأولوية المطلقة لتوحيد الذات الوطنية على كل المستويات وكل المؤسسات ووحدة برنامجها النضالي.

أضف تعليق