27 نيسان 2024 الساعة 07:04

الاستيطان مشروع استعماري بغلاف أيدولوجي يدر أرباحًا هائلةً على الاقتصاد الاسرائيلي

2022-11-26 عدد القراءات : 620
نابلس (الاتجاه الديمقراطي)
أصدر المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان تقريره الاستيطاني الأسبوعي خلال الفترة من 19/11/2022 وحتى 25/11/2022 والذي أعدته الإعلامية مديحة الأعرج بعنوان «الاستيطان مشروع استعماري بغلاف ايدولوجي يدر أرباحاً هائلة على الاقتصاد الإسرائيلي».
نص التقرير كاملاً
عرف العالم اشكالاً متعددة من الاستعمار كان القاسم المشترك بينها الاحتلال العسكري والسطو على ثروات المستعمرات، وكان العالم قد شهد كذلك استعمارًا من نوع مختلف لم يقف عند حدود الاحتلال العسكري بل تعداه إلى احتلال واستعمار استيطاني وهو أخطر أشكال الاستعمار.  
الاستعمار الذي اعتمد على الاحتلال العسكري ونهب الموارد مارسته العديد من الإمبراطوريات الاستعمارية، التي كانت تحتل الأرض وتنهب خيراتها وتستغل شعوبها. الاستعمار الاستيطاني أمره مختلف فهو لا يكتفي بالاستيلاء على الأرض واستغلال السكان بل هو يسعى الى اقتلاعهم، ما امكنه ذلك، من أرضهم وديارهم بالإبادة أو التهجير، وتحويل البلاد التي يستعمرها إلى «أرض بلا شعب» ليجعلها أرضاً يبني عليها نظامًا من طبيعة عنصرية وحشية.
هنا تحتل عملية الاستيلاء على الأرض ونهب ثرواتها مكانًا في الصراع تماماً كما فعلت فرنسا في الجزائر والنظام العنصري البائد في جنوب أفريقيا وروديسيا، غير أن الامر مختلف مع الاستعمار الاستيطاني الصهيوني في فلسطين، الذي تفوق على غيره من أنظمة الاستعمار بالاعتماد على الأيدولوجيا وخاصة الدينية لتبرير مشروعيته الزائفة فجمع بين سياسة الترانسفير والتطهير العرقي والاقتلاع، وبين نهب الموارد واستغلال السكان.
وفي هذا السياق، أوضح تقرير جديد لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) أن القيود التي تفرضها سلطات الاحتلال على التنمية الفلسطينية في الأجزاء التي تسيطر عليها من الضفة الغربية، كلّفت الاقتصاد الفلسطيني ما يقدر بحوالى 50 مليار دولار بين عامَي 2000 و2020، وأن ذلك يمثل أكثر من مرتين ونصف مرة الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني في العام 2020.
وقالت أونكتاد «رغم العديد من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة التي تؤكد، بموجب القانون الدولي، عدم شرعية المستوطنات والاستيلاء على الأراضي بالقوة، فإن تلك المستوطنات تستمر في النمو والتوسع، وفي الوقت نفسه على نحو 70 بالمئة من المنطقة المصنفة (ج) في حين ما زال وصول الفلسطينيين إلى 30 في المئة المتبقية من المنطقة «ج» مقيدًا بشدة، بما فيها حظر استيراد تكنولوجيا معينة ومتطلبات تصاريح صارمة وضوابط إدارية مشددة ونقاط تفتيش وحواجز طرق».
ويقدر التقرير أيضاً أن المساهمة السنوية لهذه المستوطنات في الاقتصاد الإسرائيلي تبلغ 41 مليار دولار، أو 227% من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني للعام 2021. وأشارت اونكتاد إلى أن «هذا الناتج المحلي الإجمالي، المنتج من أراضٍ وموارد طبيعية فلسطينية، يظهر أيضًا الثمن الباهظ الذي يدفعه الشعب الفلسطيني نتيجة بناء المستوطنات واستمرار نموها»، مشددة على ضرورة رفع كل القيود المفروضة على النشاط الاقتصادي الفلسطيني في المنطقة «ج».
إلى جانب هذا وفي سياق متابعة نشاطات إسرائيل الاستيطانية في الضفة الغربية بما فيها القدس تورث الحكومة الاسرائيلية المنصرفة الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي يجري تشكيلها ملفات مشاريع ومخططات وعطاءات استيطانية لن تكون كما يبدو كافية لملء بيانات الاتفاقيات الائتلافية التي يديرها بنيامين نتنياهو مع حلفائه الفاشيين الجدد.
باكورة ذلك كانت هدية للمستوطن ايتمار بن غفير، الذي يقيم في مستوطنة كريات اربع في مدينة الخليل بعد مصادقة الحكومة المنصرفة على بناء 90 وحدة استيطانية في الخليل وذلك لأول مرة بعد سنوات طويلة من الجمود. وبحسب المصادر منها 30 وحدة ستبنى فيما يسمى حي «حزاكيا»، مكان للمحطة المركزية القديمة، فيما ستبنى 60 وحدة أخرى في مكان سوق الجملة.
ويأمل المستوطنون بأن يحصلوا على موافقة في غضون ثلاثة أشهر من الإدارة المدنية والقيادة السياسية. وهذه المرة الأولى منذ 20 عامًا التي سيسمح فيها البناء في قلب مدينة الخليل، وبالتوازي تم هذا العام شراء مبنيين جديدين في قلب المدينة وسيتم إسكانهما بالمستوطنين. وتخطط سلطات الاحتلال إلى مضاعفة للمستوطنين في غضون السنوات للقبلة من نحو ألف إلى ألفين.
البداية من الخليل ولكن مسيرة الاستيطان والتهويد تتواصل في مختلف المحافظات في الضفة الغربية وخاصة في القدس ومحيطها. فقد أعطت المحكمة العليا الإسرائيلية الضوء الأخضر لتوسيع مستوطنة «إفرات» على حساب أراضي المواطنين جنوب بيت لحم بعد أن رفضت الالتماس المقدم لمنع توسيع المستوطنة بالسطو على 1200 دونم من أراضي خلة النحلة في قرية وادي رحال جنوب محافظة بيت لحم.
وفي الواقع يتضمن مخطط الاحتلال إقامة مستوطنة جديدة تضم 7000 وحدة استيطانية في قلب منطقة التطوير في بيت لحم، والأرض المستهدفة في المنطقة المعروفة أيضًا باسم E2، التي تعتبر احتياطي أرضي أساسي لتطوير بيت لحم، وذات أهمية بالغة لتلبية الاحتياجات التنموية للفلسطينيين. وهي تقع أيضاً داخل المنطقة الحضرية في بيت لحم شرق جدار الفصل العنصري، الذي أقامته سلطات الاحتلال جزئيًّا في المنطقة. وتقع المستوطنة، التي يجري التخطيط لإقامتها على بعد كيلومترين شمال شرق مستوطنة «افرات»، وتهدف إلى مضاعفة حجمها، في حين تلحق الضرر بالمنطقة الوحيدة المتبقية في بيت لحم.
وسيتيح المشروع الاستيطاني الجديد ضم مستوطنتي «افرات»، وE2 الأمر الذي من شأنه أن يقسم الضفة (على غرار الخطة في E1) . وحسب تقرير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)؛ فقد ضمت سلطات الاحتلال 70% من المنطقة المسماة «ج» داخل «حدود» المستوطنات.
وما يزال وصول الفلسطينيين إلى ما تبقى من المنطقة «ج» (30%) مقيدًا بشدة، ويشمل فرض نظام تصاريح صارم وضوابط بيروقراطية وحواجز ونقاط عسكرية وبوابات وسواتر ترابية، بالإضافة إلى جدار الفصل العنصري.
كما أصدرت سلطات الاحتلال إجازة تخطيط لمساحات من الأراضي في محافظة سلفيت تم الاستيلاء عليها بإعلانها «أراضي دولة». حيث منحت ما تسمى بـ«الإدارة المدنية» أذونات تخطيط واستخدام لأراضٍ تابعة لقريتي بديا وكفر الديك في محافظة سلفيت، تبلغ مساحتها أكثر من 360 دونماً، وتم الاستيلاء عليها بإعلانها «أراضي دولة» في العام 1984. ويعكس هذا الإجراء توجه سلطات الاحتلال لشرعنة البؤرة الاستيطانية «تل شحريت» المقامة في تلك المنطقة.
وكانت «الإدارة المدنية» قد منحت الأسبوع الماضي إذنًا مماثلاً لـ320 دونماً، تقع ضمن أراضي قرى الخضر ونحالين وأرطاس في محافظة بيت لحم، لضمها لمستوطنات «دنيال» و«اليعازار» و«إفرات»، علماً أنه تم الإعلان عن تلك المساحات كـ«أراضي دولة» عام 2014.
وفي محافظة نابلس قامت سلطات الاحتلال الاسبوع الماضي بتحويل ما يقرب من 616 دونماً من أراضي قرى قريوت واللبن والساوية من أجل زيادة مناطق نفوذ مستوطنة «عيلي» الجاثمة على أراضي القرى الثلاث.
وبالمقابل وفي الاطار ذاته قال وزير الحكم المحلي الفلسطيني، مجدي الصالح، إن «إسرائيل ترفض المصادقة على 116 مخططاً هيكلياً لتوسيع قرى وبلدات فلسطينية بالضفة الغربية المحتلة، تم تقديمها منذ عام 2013، ونوقش نحو 80 بالمئة منها أكثر من مرة، ولم يتم المصادقة على أي مخطط» . وقد تم تقديم تلك المخططات للجانب الإسرائيلي عام 2013، بناء على طلب من الاتحاد الأوروبي، ليتمكن من العمل في هذه المناطق. وقد ساهم الاتحاد الأوروبي في إعداد بعض هذه المخططات، فيما أعدّت وزارة الحكم المحلي باقي المخططات ورغم كل الجهود إلا أن إسرائيل تقوم بأعمال الهدم ضمن هذه المخططات، حيث هدمت سلطات الاحتلال منذ بداية العام وحتى 7 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري نحو 734 منشأة ومنزلاً فلسطينياً، بينها 603 في المنطقة «ج» و131 في القدس الشرقية، وفق معطيات للأمم المتحدة ..
وفي القدس، وفي سياق سياسة التطهير العرقي، التي تجري في المدينة ومحيطها أخطرت بلدية الاحتلال بهدم 37 محلاً ومصلحة تجارية ومنزلًا في حي وادي الجوز لصالح ما يسمى بمشروع (وادي السيليكون) الذي تم الإعلان عنه مطلع العام 2020، كأضخم مخطط استيطاني، بحجة تحويل الأحياء الفلسطينية القريبة من أسوار البلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك إلى مركز تكنولوجي وصناعي وتجاري. غير أن هذا المخطط يواجه عدداً من الصعوبات، فهو أولا يشير حسب الخطة إلى تدمير 27 مبنى فلسطينياً قائماً معظمها قطاع أعمال، وبعضها مبان سكنية.
ووفقًا لرسم خرائط التكاليف الذي أجرته بلدية القدس، فإن معظم المباني التي تم وسيتم هدمها تقع على أرض فلسطينية خاصة. وخلال العام الماضي قام مفتشو البلدية على الأقل بتوزيع إخطارات رسمية لإعلام أصحاب الأعمال أنه في إطار الترويج للمشروع سيتعين عليهم إخلاء المباني. هذه الإخطارات ليس لها صحة ملزمة ويبدو أنها تم توزيعها لممارسة الضغط على أصحاب الأعمال وأصحاب الأراضي من أجل عمليات الإخلاء المستقبلية. وتدعي البلدية أن الشركات العاملة حاليا في منطقة المخطط ستتمكن من الانتقال إلى مجمعات صناعية مخططة فى العيساوية أو عطروت.
وفي هذه الأثناء هناك خوف حقيقي من أن يفقد مئات المقدسيين العاملين في ورش تصليح السيارات والقطع والتجزئة وفي البناء وغيرها من المهن في المنطقة الصناعية في وادي الجوز أعمالهم ومصدر رزقهم الوحيد. ويضم المشروع والتحضيرات التي مضى عليها اكثر من عامين مساحة 78 دونماً في وادي الجوز في قلب شمال المدينة المقدسة واقرب الأحياء لها وتعتبر المدخل الشمالي للقدس وخاصرة مجاورة لحي الشيخ جراح والمدينة القديمة.
كذلك تم الكشف عن تسجيل مساحات وأحواض وقسائم أراض في بيت صفافا والشيخ جراح لصالح عائلات يهودية وجمعيات استيطانية ضمن مشروع تسجيل وتسوية الأراضي في القدس الشرقية. ويبدو أن إقبال المقدسيين على التسجيل ضعيف، ما فتح الباب لعمليات تسجيل واسعة لصالح المستوطنين والجمعيات الاستيطانية. ووفق خطة سلطات التسجيل الإسرائيلية فإنه سيجري مع مطلع العام المقبل 2023 العمل على تسوية أراضي قلنديا وكفر عقب وسميرأميس، بهدف ادخال أراض تزعم سلطات الاحتلال انها تعود لإسرائيليين ولجمعيات يهودية، بهدف تسجيلها وإدخالها ضمن الخطط الهيكلية للمشاريع التوسعية الاستيطانية التي تنوي بلدية الاحتلال تنفيذها ضمن مشروع استيطاني لبناء 1390 وحدة استيطانية على أراضي مطار القدس قلنديا، وتوسيع المنطقة الصناعية عطروت.
ومن الواضح في هذا السياق ان ما يسمى «وزارة القضاء الإسرائيلية» ماضية في خطتها الخمسية في القطاعات المستهدفة حيث أصدرت الأسبوع الماضي قرارا بفتح باب التسجيل في أراضي بيت حنينا في الأحواض 31828 و 30615 من اراضي بيت حنينا.
وفي بيت حنينا فوجئ العديد من أصحاب الأراضي في الأحواض 31828/3615 والأقسائم 231/232/233/234 بتعليق دائرة القضاء والتسجيل أوراقاً واعلانات على أعمدة الكهرباء، وألقت بعض تلك الأوراق قرب هذه القسائم، وتم عبرها دعوة أصحاب الأراضي تلك الى اثبات ملكيتهم لها، ومراجعة الوزارة قبل انتهاء مدة هذه الإعلانات وإلا فإنه سيتم تسجيل هذه الأراضي كأملاك متروكة، علماً أن الإعلانات المذكورة للتسجيل أو الاعتراض تنتهي في الحادي عشر من الشهر المقبل، أي بعد  20 يومًا. وجاء في هذه البلاغات التي تم القاؤها في قسائم الاراضي وعلى بعض اعمدة الكهرباء: «في هذه الأيام نقوم بإجراءات تسوية الأراضي في حوض 31828  يطلب من أولئك الذين يدعون ملكية أراضي أو منازل في الحوض 31828 تقديم مذكرة الادعاء ووثائق تثبت ملكيتهم للعقار الموجود على الموقع الالكتروني الهيئة التسجيل وتسوية الحقوق العقارية، وتشعل خطوة سلطات الاحتلال هذه الضوء الأحمر أمام عشرات بل مئات العائلات التي تملك أراضي ومنازل في هذه الاحواض، ولا تملك مستندات ووثائق، أو أن احد افرادها اصحاب الحق فيها خارج الوطن.
ويعتبر مشروع تسجيل وتسوية الأراضي مشروعًا إسرائيليًا استيطانيًا يستهدف ما تبقى من أملاك فلسطينية بالقدس، وأدى تطبيق المشروع على حي الشيخ جراح في نيسان الماضي، إلى تسجيل قسم من أراضي الحي في الجزء الشرقي والغربي من الحي لصالح يهود ادعو ملكيتها قبل عام 1948 دون أي اثبات أو وثائق ■

أضف تعليق