28 آذار 2024 الساعة 12:13

مثلث أزمات الصيادين في غزة.. الاحتلال والضرائب.. و«كورونا»!

2020-04-26 عدد القراءات : 823
غزة (الاتجاه الديمقراطي) (تقرير وسام زغبر)
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاتها بحق الصيادين والمزارعين بقطاع غزة للتنغيص على عملهم وخاصة في موسم الذروة للصيد في أشهر نيسان وأيار وحزيران، تارة بملاحقتهم واعتقالهم، وتارة بمصادرة مراكب الصيد وقواربهم، وتارة أخرى بإطلاق النار الحي والمعدني المطاطي صوبهم وصوب مراكبهم.
ولم تكتف سلطات الاحتلال الإسرائيلي بانتهاكاتها المتواصلة بحق الصيادين في عرض بحر قطاع غزة بل طالت منع إدخال محركات المراكب وأسلاك الجر وقطع الغيار اللازمة لصيانة مراكب الصيد. وأصيب الصياد زياد بكر (25) عاماً (21/4) بجروح متوسطة جراء إطلاق قوات الاحتلال رصاصة معدنية مغلفة بالمطاط تجاه مركبة صيده قبالة سواحل السودانية شمال غرب قطاع غزة.
ووفق نقابة الصيادين الفلسطينيين، فإن نحو 4 آلاف صياد يملكون نحو 1000 مركب صيد بشتى أشكاله، يعملون في مهنة الصيد البحري ويعيلون أكثر من 50 ألف فرد. فيما تراجعت مهنة صيد الأسماك بشكل غير مسبوق، خلال سنوات الحصار الإسرائيلي المفروض منذ العام 2006، والتي تزايدت وتيرتها ما بين الأعوام (2008-2013)، جراء تراجع حجم الصيد اليومي، والقيود التي يفرضها الاحتلال على المساحات المسموحة بالصيد ما بين (6-15) ميلاً بحرياً.
التلاعب بمساحة الصيد
وأوضح أحد الصيادين في بحر غزة أن الاحتلال يحارب الاقتصاد الفلسطيني ويحرم الصيادين من مزاولة مهنتهم بحرية، ما كبدهم خسائر كبيرة ودفعهم لطرق أبواب المؤسسات الإغاثية لتقديم العون لهم في قسائم شرائية، لافتاً إلى أن الصياد يُحصّل شهرياً أقل من 700 شيكل (200) دولار، مبيناً أن أسعار الوقود والمخاطر التي يتعرض الصيادون لها، أثقلت كاهلهم ودفعت البعض منهم نحو العزوف عن مهنة الصيد البحري.
فيما أوضح الصياد أيمن العاصي أن أسعار أدوات ومعدات الصيد تضاعفت كثيراً، حيث بلغت تكلفة عبوة الفايبر غلاس نحو 1800 شيكل (500) دولار، وتكلفة سلك «لنشات الجر» نحو 4 آلاف دولار في حال وجدت. مشيراً إلى أن الاحتلال يتلاعب بمساحات الصيد المعلنة عبر وسائل الإعلام. وهذا ما اكده الصياد جمال الأقرع وهو مسؤول قطاع الصيادين في كتلة الوحدة العمالية بالمحافظة الوسطى، أن الاحتلال يتلاعب بمساحات الصيد البحري ورغم ذلك يطاردهم عند المساحة الأقل من المعلنة إعلامياً.
اتهامات بالتقصير
واتهم الأقرع نقابة الصيادين بغزة بالتقصير بدورها في الدفاع عن الصيادين ودعم المتضررين منهم اقتصادياً. مطالباً النقابة بممارسة ضغوطها على الجهات الحكومية لدعم وقود مراكب الصيد، وطرق أبواب المؤسسات الرسمية والأهلية والدولية لمساعدة الصيادين.
وبين الأقرع أن التراخيص والضرائب الحكومية لم تتوقف وما زالت متواصلة رغم الأضرار التي لحقت بالصيادين جراء جائحة كورونا.
ولم تقتصر معاناة صيادي غزة على الاحتلال الإسرائيلي وجائحة كورونا بل تطالهم إجراءات السلطة في غزة التي تواصل فرض الضرائب والرسوم عليهم ودون دعمهم بالمحروقات والمساعدات المالية أمام الخسائر الفادحة التي يتكبدونها.
ومن جانبه، قال زكريا بكر منسق لجان الصيادين في اتحاد لجان العمل الزراعي، إن «مهنة الصيد لم تعد بالشكل المطلوب، حيث دخل الصياد لا يتجاوز 600 شيكل (170) دولار شهرياً في أحسن الأحوال، نظراً لانخفاض الإنتاج السمكي إلى أقل من النصف مقارنة بسنوات ما قبل عام 2006، وارتفاع تكاليف الوقود وقطع غيار الصيد». مضيفاً: «السلطة في غزة لم تقدم لقطاع الصيد أي شي»، واستهجن استمرار الضرائب على قطاع الصيد دون تقديم خدمات بالمقابل.
وأوضح بكر أن بلدية غزة لوحدها تُحصّل سنوياً ما بين 500-600 ألف دولار من قطاع الصيد لوحده ناهيك عن البلديات الأخرى في قطاع غزة، ولكن هذه المبالغ تحصلّها دون أية خدمات. وطالب بإشراك الصيادين في صندوق «وقفة عز» وغيرها من الصناديق المالية كونهم متضررين من جائحة كورونا، والعمل على دعم وقود مراكبهم.
وأشار نقيب الصيادين نزار عياش إلى جملة الانتهاكات والقيود الإسرائيلية على الصيادين والتي تهدف لتدمير قطاع الصيد في القطاع، بدءاً من الاعتقالات وإطلاق النار صوب المراكب وإعطابها ومنع الصيادين من الدخول في عرض البحر إلى جانب منع إدخال قطع الغيار لترميم المراكب.
وأوضح عياش أن الاحتلال عمد لتقسيم البحر وفق مساحات بحرية مختلفة ضمن إجراءات تخفيف الحصار، حيث أن المنطقة الأولى تمتد من ميناء غزة اتجاه الشمال حتى بحر شمال القطاع بمساحة بحرية 6 أميال، فيما المنطقة الثانية وتمتد من ميناء غزة اتجاه جنوب القطاع تدريجياً لتصل للمنطقة الصفراء قرب بحر منطقة الزهراء بمساحة بحرية 12 ميلاً فيما المنطقة الثالثة باتجاه الجنوب نحو بحر رفح بمساحة 15 ميلاً.
ارتفاع وقود المراكب
وقال نقيب الصيادين: إن «جائحة كورونا ألحقت ضرراً فادحاً بقطاع الصيد في قطاع غزة وكبدت الصيادين خسائر فادحة، نتيجة توقف العشرات من المشاريع المحلية والدولية ومنع تصدير الأسماك للخارج وضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين رغم تدني أسعار الأسماك». مبيناً أن ما نسبته 95% من صيادي القطاع يعيشون تحت خط الفقر المدقع والنسبة المتبقية تعيش تحت سيف البطالة المقنعة.
وصنف عياش أسعار وقود مراكب الصيادين حسب أنواعها والمساحات البحرية المسموحة بها، وهي مراكب الجر والتي تدخل للبحر بمساحة بحرية 15 ميلاً بحاجة لوقود بقرابة 5 آلاف شيكلاً (1400) دولار لـ(24) ساعة متواصلة، فيما مركب الإضاءة الليلية (الشنشولة) بمساحة بحرية 15 ميلاً بحاجة لوقود بنحو ألف شيكل (280) دولار لـ(12) ساعة متواصلة، فيما يبلغ ترخيص المركب الكبير 210 شياكل (60) دولاراً سنوياً والمركب الصغير 70 شيكلا (20) دولاراً في السنة الواحدة إلى جانب رخصة الصياد بنحو 25 شيكلاً (7 دولارات) لمدة عامين.
وكشف عياش عن مشروع مزارع سمكية في عرض البحر ممول من منظمة الفاو سينتج 150 طن سنوياً من الأسماك، ستغطي عائداته احتياجات الصيادين والمتضررين من الاحتلال الإسرائيلي.
واستنكر مركز الميزان لحقوق الإنسان تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصيادين وحرمانهم من مصادر عيشهم في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية المستمرة والتهديد الماثل بتفشي فايروس كورونا.
وجدد المركز في بيان له (21/4) استهجانه لسلوك قوات الاحتلال التي لا تراعي الأوضاع الإنسانية الصعبة وتفشي البطالة والفقر في ظل جائحة كورونا، الذي يعتبر حصول الناس على غذاء كاف أحد وسائل تعزيز المناعة، وبدلاً من القيام بواجبها في غوث السكان وتقديم الدعم العاجل تواصل حرمانهم من أسباب عيشهم.
وتشير عمليات الرصد والتوثيق وفق بيان مركز الميزان، إلى أن قوات الاحتلال ارتكبت منذ بداية العام 2020، (92) انتهاكاً بحق الصيادين في عرض البحر، أطلقت خلالها النار تجاههم (92) مرة، أصابت خلالها (6) صيادين، واعتقلت (3) آخرين من بينهم طفل، فيما استولت على قارب صيد، وخربت (7) مراكب ومعدات صيد.
القرصنة الإسرائيلية
وتواصل قوات الاحتلال قرصنتها على منطقة الصيد البحري بقطاع غزة في إطار تشديد إجراءات الحصار والعقاب الجماعي، موضحين أن الاحتلال لا يتوانى عن إلحاق خسائر بالصيادين الذين هم جزء من الاقتصاد الفلسطيني.
وقال المراقبون إن «كورونا» ألحقت الضرر بقطاع الصيد والصيادين جراء إعلان حالة الطوارئ والذي تبعه إغلاق صالات الأفراح والفنادق والمطاعم والشاليهات ووقف التجمعات. ودعوا الجهات الحكومية بما فيها وزارتي الزراعة والنقل والمواصلات بدعم الوقود اللازم لمراكب الصيادين ووقف الضرائب التي تطال قطاع الصيد البحري في القطاع.
ودعا المراقبون نقابة الصيادين للقيام بدورها باعتبارها الجهة النقابية المسؤولة عن الصيادين والضغط على الجهات الحكومية المعنية لمساعدة الصيادين المتضررين من الصناديق المالية الحكومية، وممارسة الضغوط على بلديات قطاع غزة لوقف ضرائبها على قطاع الصيد.
وتنص اتفاقية أوسلو الموقعة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي في 13 أيلول/ سبتمبر 1993، على السماح للصيادين بالإبحار مسافة 20 ميلًا بحريًا على طول شواطئ قطاع غزة، إلا أن الاحتلال قلّص المسافة إلى 6 أميال بحرية فقط، وفي بعض الأحيان يمنعها تماماً. ■
•   نشر في مجلة الحرية الفلسطينية في العدد 1772

أضف تعليق