02 آيار 2024 الساعة 11:16

شبكة أمان اقتصادية لاستثمارات الاسرائيليين في المستوطنات

2019-11-02 عدد القراءات : 399

نابلس (الاتجاه الديمقراطي)

كشف المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع لمنظمة التحرير في تقريره الأسبوعي عن سياسة الحكومة الإسرائيلية وممارساتها التي  ما زالت تمارسها  والتي تقوم على منح شبكة أمان  للاستثمارات الاقتصادية لمواطنين إسرائيليين في المناطق المحتلة ، وكانت عاملا هاما في تشجيع الاستيطان في عدد من المناطق والاستغلال الاقتصادي لهذه المناطق ، فقد اظهرت  وثائق إسرائيلية مصنفة في أرشيف دولة الاحتلال كوثائق ” محفوظة “، وبقيت سرية لسنوات طويلة ، شبكة أمان اقتصادي وفرتها الحكومة الإسرائيلية لصالح جهات تجارية واستيطانية بدأت بالعمل في المناطق المحتلة عام 1967. وسُميت شبكة الأمان هذه “كفالة سياسية “، أو “تأمين سياسي “، وغايتها تأمين المستثمرين في الأراضي المحتلة من احتمال خسارة هذه الاستثمارات نتيجة لانسحاب إسرائيل من هذه المناطق أو تغير سياسة الحكم العسكري أو مقاطعة اقتصادية. وبعد توسيع استخدام هذه الأداة ، جرى تأسيس شركة تأمين حكومية غايتها بيع بوليصات تأمين ضد “مخاطر سياسية “.
وتشير الوثائق، التي جرى كشفها مؤخرا بعد مطالبة معهد “عكيفوت” الذي يعمل في مجال كشف الوثائق السرية في الأرشيفات الإسرائيلية والمتعلقة بالأراضي المحتلة عام 1967، على أنه بعد اتساع النشاط الاقتصادي الإسرائيلي في الأراضي المحتلة وزيادة حجم الضمانات السياسية الممنوحة، أقيمت شركة تأمين خاصة لهذه الغاية باسم “يناي”، في مطلع سبعينيات القرن الماضي، بتمويل وإدارة الحكومة.
وتؤكد الوثائق أن دولة الاحتلال نظمت اقتصاد المستوطنات بشكل منهجي . وبحسب التقارير المالية لشركة ” يناي ” المذكورة ، فإن الحكومة الإسرائيلية تعهدت في الاتفاق الذي أبرمته مع الشركة بأن تدفع للأخيرة أي مبلغ يتعين عليها دفعه بموجب التعويض الذي تنص عليه بوليصات التأمين. وقد صادقت اللجنة الوزارية للشؤون الاقتصادية في العام 1970 على تأسيس شركة “يناي”، وجرى عقد الاجتماع الأول لمجلس إدارة “يناي” في 8 شباط/فبراير 1971. ويوضح اتفاق تأسيس الشركة أن تمويل الشركة مصدره قسم الميزانيات في وزارة المالية، وأن إدارة حساباتها تخضع لإشراف ضريبة الدخل وضريبة الأملاك، وأن مدير عام وزارة المالية يقرر هوية المستحقين لخدماتها. لكن وزيري الأمن والمالية شددا على أنه “تم الاتفاق على عدم إدخال بند في بوليصة التأمين ينص على أن الشركة تعمل بإسم الحكومة وعلى حسابها”.
على صعيد آخر شجع اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب  بالقدسَ عاصمةً لإسرائيل على تسارع كبير في عمليات الاستيطان وسرقة الأراضي الفلسطينية بهدف تعزيز السيطرة الاسرائيلية على المدينة المحتلة . ويبدو ذلك واضحا من الاتفاق الذي وقعته وزارة البناء والإسكان الاسرائيلية وبلدية مستوطنة “معاليه ادوميم” والذي يقضي بتنفيذ مخطط لبناء (20)  ألف وحدة استيطانية في المستوطنة شرقي مدينة القدس المحتلة ، وقد بدأ تنفيذ هذا الاتفاق ببناء (470) وحدة إستيطانية بشكل فوري، فيما تنتظر باقي الوحدات مصادقة حكومة الاحتلال  للبدء في عملية البناء . ويشمل المخطط بناء مطار في منطقة البقيعه في منطقة النبي موسى بالاضافة الى فنادق ومؤسسات جماهيريه وتعليمية وقاعات رياضية، ويعتبر هذا المشروع جزءا من مشروع “القدس 2050”. 
وقد وصف وزير الإسكان والبناء الإسرائيلي، يوءاف غالانت، من حزب الليكود، هذا المشروع بأنه “شامل، ومن شأنه أن يقود إلى تطوير وزيادة عدد السكان في “معاليه أدوميم” بصورة كبيرة ومن تعميق السيطرة في منطقة القدس، من “معاليه أدوميم” شرقا وحتى مستوطنة”غفعات زئيف” غربا، ومن عطاروت شمالا حتى منطقة بيت لحم وقبر راحيل ومشارف أفرات وغوش عتصيون” جنوبا . وبحسب الاتفاق فإنه خلال الأعوام 2018 و2025 سيتم تسويق وحدات سكنية وتجارية في 15 موقعا تابعا لمستوطنة “معاليه أدوميم”, ويبلغ حجم ميزانية أعمال التطوير والبنية التحتية لهذا المشروع الاستيطاني 2.8 مليار شيكل، فيما تم رصد ميزانية بمبلغ 190 مليون شيكل من أجل تنفيذ أعمال تحسين مبان قديمة في المستوطنة .
مدينة الخليل هي الاخرى كانت هدفا لنشاط استيطاني وخاصة بلدتها القديمة ، التي تتعرض لهجوم استيطاني شرس بمصادرة الممتلكات العامة والخاصة للفلسطينيين والاستيلاء على الارض لجعلها خالية من الوجود الفلسطيني ، حيث لم يمضي وقت على تخصيص حكومة الاحتلال ميزانية قدرها 22 مليون شيكل لبناء 31 وحدة استيطانية على ارض الكراج القديم لبلدية الخليل حتى تم كشف النقاب عن مخطط احتلالي جديد لبناء وحدات استيطانية سكنية اخرى في سوق الخضار وسوق الجملة . فقد اعلن وزير الجيش الإسرائيلي “أفيغدور ليبرمان” انه سيطرح خطة جديدة ، لبناء وحدات استيطانية(عمارة استيطانية) وسط الخليل وان البناء سيتم فوق سوق الجملة القديم في الخليل بزعم أن البناء مقام على أراضِ يهودية ، وادعى أن تنفيذ المشروع تعطل لسنوات لـ”عوائق قانونية”، حيث جرى مؤخراً بلورة ورقة قضائية تسمح بالبدء بتنفيذ المشروع بعد مصادقة المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية افيخاي مندلبيت على عملية البناء.وياتي طرح هذا المخطط ترجمة فعلية لاقواله الاسبوع الفائت ، التي أكد فيها انه سيواصل تعزيز البناء الاستيطاني بالخليل بزحم وتطوير الحي الاستيطاني فيها.
و في ذات الوقت تسعى وزارة الخارجية الاسرائيلية لوقف عمل قوات المراقبة الدولية المسماة (TIPH)، والتي تعمل في مدينة الخليل منذ نحو 20 عاما بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي.ووفقا لتصريحات تسيبي حوتوبيلي نائبة وزير الخارجية (نتنياهو) بدأت مرحلة جديدة من الضغط الإسرائيلي لوقف نشاطات تلك القوة، بزعم أن عناصرها يشنون هجمات منهجية وأحيانا عنيفة ضد المستوطنين في تلك المنطقة. وتركز حوتوبيلي على أنه لا يوجد حاجة لوجود تلك القوة، مشيرةً إلى أنها تعمل على ذلك بالتنسيق مع نتنياهو. وبحسب حوتوبيلي فإن القوة تعمل كعنصر عدائي في الميدان وتعتبر نفسها عاملا ناقدا في مواجهة الجيش الإسرائيلي فقط ، ما دفع  نائبة وزير الخارجية للمطالبة بعدم السماح بتمديد ولاية عمل القوة التي سيتم اتخاذ قرار بشأنها.
وفي اكثر من مكان ومنطقة في الضفة الغربية تتواصل مخططات الاستيطان ، فقد تم وضع حجر الاساس لبناء مستوطنة “ميغرون” الواقعة بين مستوطنتي “عوفرا” و”بيت ايل” قرب رام الله بحضور وزيري الاسكان والسياحة الاسرائيلين يواف غلانت وباريف ليفين ويتوقع ان يتم بناء عدد كبير من الوحدات الاستيطانية في “البؤرة” الاستيطانية التي تحولت الى مستوطنة رسمية. وقال غالانت انه لدى اسرائيل حاجة تاريخية وامنية وعلينا الاستمرار في الاحتفاظ بسيطرة كاملة على” يهودا والسامرة” وغور الأردن وتعزيز الاستيطان في أقاليم البلاد هذه”وبدوره قال ليفين “اننا نمارس حقنا في ارضنا وهذه ليست سوى البداية.
وفي سياق عمليات تعزيز البناء في البؤر الاستيطانية فقد تم اقامة بؤرة استيطانية عن تحويل قاعدة عسكرية مهجورة قرب قرية الجفتلك في الاغوار الوسطى والذي يدعى بمعسكر “غادي” بالقرب من الطريق 90 ، إلى بؤرة إستيطانية جديدة، حيث قامت (12) عائلة يهودية بترميم ستة مباني داخل المعسكر والعيش داخلها بشكل دائم، على الرغم من اصدار”الإدارة المدنية” أمرا بوقف العمل وأمرت المستوطنين بالتوقف عن ترميم المباني وبناء البنية التحتية ، الا ان التحقيقات الميدانية  اظهرت تخطيطهم لبناء البؤرة الاستيطانية.
ومن اجل احكام مزيد من السيطرة على المناطق  المصنفة ( ج ) قدمت”حركة رجافيم” اليمينية المتطرفة تقريرا أمام الكنيست مرفق بمقترح يجري العمل على تنفيذه فعليا بصمت بعد ان تم اقرار العديد من القوانين العنصرية التي ترسخ السيطرة على مناطق واسعة مصنفة (ج) ومنها مناطق خط التماس والتي يمنع فيها المزارعون الفلسطينيون من الوصول الى اراضيهم الا وفق شروط تعجيزية , ويذكر التقرير انه بذات الوقت يدعم الجيش وما يسمى الادارة المدنية والحكم العسكري في الضفة على ضم ما يزيد عن 11-13% من مناطق (ج) وبالتحديد القريبة من جدار الفصل العنصري والمناطق المحيطة بالمستوطنات وأصبحت خلف جدار الفصل العنصري ومنها ما هو داخل حدود القدس بعد بناء الجدار.وجاء في التقرير بانه لا بد من المحافظة على مناطق بعينها في الضفة الغربية لما لها من اهمية استراتيجية في المستقبل.
وكانت منظمة حقوق الانسان الاسرائيلية”بتسيلم” قد اصدرت تقريرا موسعا عن مناطق التماس تناولت فيه الأضرار التي لحقت بالمزارعين الفلسطينيين منذ بناء جدار الفصل العنصري وانعكاساته على الوضع الامني والمزارعين دعت فيه الحكومة الاسرائيلية الى الغاء الاعلان عن منطقة “خط التماس” منطقة عسكرية مغلقة وطالبت بفتح البوابات الزراعية 12 بشكل متواصل والغاء نظام استصدار التصاريح , ولفتت في تقريرها الى معاناة سكان القرى المقامة شرقي الجدار في محافظات طولكرم وقلقيلية جراء عدم تمكنهم من التنقل بين اماكن سكناهم وأراضيهم الزراعية وكيف اثر ذلك على مصادر رزقهم واشارت ايضا الى ان مسار جدار الفصل العنصري لم يعتمد فقط على اعتبارات أمنية حسب ادعاء الحكومة الاسرائيلية وانما على اعتبارات اخرى منها ضم المستوطنات والمساحات المعدة لتوسيعها غربي الجدار مستقبلا. وان نظام التصاريح هو كابوس بيرقراطي بالنسبة للمزارع الفلسطيني حيث يتوجه المزارع عدة مرات الى مكاتب الحكم العسكري من اجل الحصول على التصريح وان 25% من مجموع مقدمي الطلبات في المنطقة مرفوضين لكونهم مرفوضين امنيا وان جيش الاحتلال يعمل على تقييد حرية الحركة للمزارعين الفلسطينين عن طريق تقليص عدد البوابات المفتوحة الى خمسة من اصل 12 بوابة يفترض ان تكون متاحة.
وبهدف تشجيع الاستيطان اجرت لجنة القانون والدستور في الكنيست الاسرائيلي مؤخرا مداولات حول قانون”التسويات2 ”  الذي يستهدف ضم اراضي في الضفة الغربية للمستوطنات بسهولة قصوى . ومن المعروف ان الكنيست صادق قبل ستة اشهر على قانون الترتيبات الذي يستهدف شرعنة تلك الوحدات الاستيطانية التي اقيمت على اراض فلسطينية خاصة وقد قدم 3 اعضاء كنيست قانون التسويات 2 وتمت المصادقة عليه بالقراءة التمهيدية واجرت لجنة الدستور والقانون مداولات مؤخرا بهدف استبدال الاوضاع القائمة منذ عام 67 والتي تؤكد مسؤولية القائد العسكري عن ادارة الاراضي في المناطق المحتلة وتسليم المسؤولية عن هذه الاراضي الى قسم الاستيطان في الوكالة اليهودية .
وأظهر نقاش أجرته اللجنة الفرعية لشؤون الضفة الغربية في الكنيست برئاسة عضو الكنيست “موتي يوغاف” توقعات بإقدام الحكومة الإسرائيلية للمصادقة على خطة جديدة، لمضاعفة عدد الموظفين العاملين في الإدارة المدنية في مناطق الضفة الغربية.
حيث قرر وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، مؤخرًا زيادة عدد العاملين فيما تسمى “دائرة أراضي إسرائيل” بإضافة 280 موظفًا، ومعروف أن الإدارة المدنية تعتبر هيئة إسرائيلية عسكرية، تدير شؤون المستوطنين في الضفة والفلسطينيين في الضفة وغزة، وكانت تدير شؤونهما، قبل تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994، وأعادت إسرائيل تفعيل دورها عقب إعادة احتلالها للضفة الغربية عام 2002.

أضف تعليق