26 نيسان 2024 الساعة 03:42

جولة كوشنر الأخيرة للمنطقة .. خطوات على طريق «صفقة القرن»

2018-06-28 عدد القراءات : 621
دخلت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في مخاض جديد في سياق إعلان «خطة السلام» الموعودة بين الفلسطينيين والإسرائيليين المعروفة بـ «صفقة القرن»، من خلال الجولة الأخيرة لكبير مستشاري ترامب وصهره، جاريد كوشنر في منطقة الشرق الأوسط، رافقه فيها المبعوث الأميركي لعملية السلام جيسون غرينبلات، والتي شملت الأردن ومصر وقطر والسعودية وإسرائيل.
الجولة جاءت لتمرير الخطة الأميركية الجديدة بعد قيام الولايات المتحدة بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها، دون أن تعطي أدنى اهتمام للتنديد الدولي والعربي والإسلامي الذي رافق ذلك، وضربها بعرض الحائط كل قرارات الشرعية الدولية الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة والتي تعتبر القدس الشرقية أرضاً محتلة من قبل إسرائيل.
وأشاعت وسائل الإعلام الإسرائيلية والأميركية مؤخراً بأن «صفقة القرن» في مراحلها الأخيرة، وان استدعاء واشنطن لسفيرها في تل أبيب مؤخراً كان الهدف منه المراجعة الأخيرة لهذه الخطة، ووضع اللمسات الأخيرة عليها، بالإضافة إلى تصريحات المبعوث الأميركي بأن حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية على حدود 4 حزيران 67، ليست أساساً للحل. كما أشيع عن أن إدارة ترامب ستقترح منطقة أبو ديس وجوارها عاصمة للدولة الفلسطينية، مع الإبقاء على المستوطنات في الضفة الفلسطينية تحت السيطرة الإسرائيلية.
في هذا السياق، التقى الملك الأردني عبد الله الثاني الثنائي كوشنر وغرينبلات في العاصمة الأردنية عمان. وحسب ما أورده الديوان الملكي أن الملك عبد الله الثاني أكد خلال اللقاء على ضرورة التوصل إلى «سلام متوازن» يقوم على أساس حل الدولتين، وان موقف الأردن ثابت لم يتغير في أي من هذه الزيارات، كما أكد على ضرورة تسوية مسألة القدس ضمن قضايا الوضع النهائي، وكان الأردن عارض بشدة القرار الأميركي اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها.
الملك الأردني عبد الله الثاني عبر عن قلقه الشديد من نية السعودية أن تسحب منه الولاية عن الأماكن المقدسة في القدس، ومن سيطرة إسرائيل على غور الأردن.
ولم يعارض الملك الأردني التنمية الاقتصادية في قطاع غزة، بل رفض وبشدة فصل الضفة الفلسطينية عن قطاع غزة، وضم صوته إلى الموقف العربي الذي يقول إن الضفة والقطاع لن تكون أجزاء منفصلة عن الدولة الفلسطينية المستقلة.
زيارة كوشنر وغرينبلات للقاهرة ولقائهما الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يمكن اعتبارها رسالة هامة من إدارة ترامب، التي أكدت من خلالها أن مصر لا تزال شريكاً مهماً في المنطقة، رغم تراجع الزخم بين البلدين مقارنة بالشهور الأولى في ولاية ترامب، وهنا تقول واشنطن والقاهرة إن تباين الرؤى والمواقف يجب أن يقابله مباحثات وتفاوض وفن إدارة السياسة وهو السبيل الوحيد للوصول إلى الأهداف المنشودة.
وتطرق الجانبان خلال اللقاء إلى التفاصيل المتعلقة بالصفقة المرتقبة، والتي تشهد تعثراً بسبب رفض السلطة الفلسطينية الاستجابة لها .
وأعرب السيسي عن دعمه لجميع الجهود والمبادرات التي تهدف إلى التوصل لتسوية عادلة وشاملة بين الفلسطينيين و الإسرائيليين، وفقا للشرعية الدولية القائمة على مبدأ حل الدولتين، مشيراً إلى أن التوصل إلى حل متوازن وشامل للقضية الفلسطينية سيساعد على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها.
وأوضح المتحدث بلسان الرئاسة المصرية بسام راضي، بأن مصر لا تؤيد الفكرة السعودية التي تقول إن عاصمة فلسطين ستكون في أبو ديس.
من جانبه قال محلل إسرائيلي، إن مصر تصر على أن شرقي القدس سيكون عاصمة فلسطين خلافاً لموقف السعودية، ولكنها قلقة في نفس الوقت من التطورات في القطاع، وتركز في الأساس على الحل فيه، إلا أن ذلك لا ينهي الصراع فى المنطقة.
وفي العاصمة السعودية الرياض، التقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع كوشنر وجرينبلات، وبحثوا الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل، وتقديم «مساعدات إنسانية» لغزة، ودعم العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية.
وفي العاصمة القطرية الدوحة، ناقش الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني مع كوشنر وغرينبلات التسوية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وكذلك سبل تقديم « المساعدات الإنسانية » للفلسطينيين في قطاع غزة، وجهود إدارة ترامب في «تحقيق السلام» في الشرق الأوسط.
وفي ختام هذه الجولة اجتمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع مبعوثي الرئيس الأمريكي لبحث الخطة الأميركية المطروحة، ووضع اللمسات الأخيرة عليها.
وقالت واشنطن إن «خطة السلام» يجري إعدادها حالياً وقد يتم طرحها قريباً، بعد أن توقفت المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي في 2014.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن كوشنر وغرينبلات وديفيد فريدمان سفير الولايات المتحدة إلى إسرائيل عقدوا اجتماعا استمر أربع ساعات مع نتنياهو في القدس. وحضر الاجتماع أيضا سفير إسرائيل لدى واشنطن رون ديرمر.
وقال البيت الأبيض انه جرى خلال اللقاء الأميركي الإسرائيلي مناقشة « الوضع الإنساني » في قطاع غزة، حيث يقوم الفلسطينيون منذ 30 آذار/ مارس الماضي بمظاهرات أسبوعية تمسكاً بحق العودة وكسر الحصار، وأضاف البيت الأبيض أن المجتمعين بحثوا أيضا حق إدارة ترامب لفرض حل من جانب واحد على الفلسطينيين وتعزيز أمن إسرائيل.
ولعل الشيء اللافت الذي برز في تصريحات المسؤولين الأميركيين في هذه الجولة هو التطرق إلى «الوضع الإنساني» في قطاع غزة، والبحث عن أفكار «مبهمة» لفصل غزة وتمييزها في التعامل عن الضفة، والطلب من السعودية ودول الخليج القيام بعملية تمويل شاملة لقطاع غزة، بذريعة معالجة الأزمة الإنسانية التي يعاني منها قطاع غزة.
 على ما يبدو أن جولة كوشنر وغرينبلات في المنطقة، المراد منها تحقيق ثلاثة أهداف، فالهدف الأول يتمثل في الاستمرار في فرض الوقائع الميدانية على الأرض تمهيداً لفرض الحل الأحادي الجانب، والهدف الثاني محاولة إدخال الدول العربية أكثر في نهج إدارة الأوضاع الاقتصادية في غزة لعزلها تماماً عن الضفة الغربية وممارسة المزيد من الضغط على القيادة الفلسطينية، ودفع سياسة تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية خطوات إلى الأمام، أما الهدف الأخير فهو تقليل فرص دعم للموقف الفلسطيني في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

أضف تعليق