• بعد الحظر الغربي على مشتقاتها النفطية.. كيف ستواجه روسيا العقوبات الجديدة؟
    2023-02-08
    موسكو(الاتجاه الديمقراطي)
    دخل سوق البترول العالمي رسميا في مرحلة "إعادة تموضع" مع دخول قرار الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول السبع فرض حظر على استيراد المنتجات البترولية من روسيا حيز التنفيذ.
    وتأتي هذه الإجراءات استكمالا لحزمة العقوبات السادسة التي فرضت في ديسمبر/كانون الأول 2022 عندما حدد الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول السبع سقفا لسعر النفط الخام الروسي الذي يتم تسليمه عن طريق البحر عند 60 دولارا للبرميل.
    ويشمل الحظر المفروض على استيراد الوقود من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول السبع منع تقديم خدمات النقل للمنتجات النفطية الروسية عن طريق البحر، فضلا عن التأمين وخدمات السمسرة وتمويل العمليات، باستثناء حالات البيع بسعر لا يتجاوز 60 دولارا للبرميل الواحد.
    ويقول الغرب إن قراره هذا جاء في إطار تحرك للحد من قدرة موسكو على جمع الأموال لتمويل عملياتها العسكرية في أوكرانيا.
    في المقابل، يرى خبراء روس أن القرار هو لتحييد روسيا من ساحة المنافسة الدولية على السوق الأكثر حيوية في الاقتصاد العالمي.
    كيف ستواجه روسيا العقوبات الجديدة؟
    الخبير الاقتصادي فيكتور لاشون يرى أن روسيا تكيفت مع العقوبات بعد الركود في الربع الثاني من العالم الماضي، وكذلك نتيجة الصدمة الناجمة عن التعبئة العسكرية الجزئية، لكن الحظر المفروض على إمدادات النفط الروسي عن طريق البحر ووضع سقف لأسعاره قد يتحولان إلى صدمة جديدة للاقتصاد، حسب ما قال لاشون للجزيرة نت.
    في المقابل، يوضح لاشون أنه منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا أظهرت آلية العقوبات المعقدة أنها لا تحقق النتائج المتوقعة، لأن موسكو نجحت حتى الآن في الإفلات من بعض العقوبات معتمدة من بين أمور أخرى على الخبرة المتراكمة منذ فترة طويلة لإيران وفنزويلا اللتين تستخدمان ناقلات شركات وسيطة دولية لبيع منتجاتهما النفطية.
    بدائل موسكو للحفاظ على إيراداتها النفطية
    رجح لاشون أن تتجاوز روسيا الحظر النفطي بالطريقة الإيرانية والفنزويلية، مما سيؤمّن "هامش حماية" للدخل القومي.
    في المقابل، سيؤدي حاجز الأسعار إلى ارتفاع أسعار المنتجات النفطية، والتي سيدفعها المستهلكون في أوروبا والولايات المتحدة في النهاية، فضلا عن أنه سيقود إلى نقص في وقود الديزل والبنزين.
    كما لم يستبعد الخبير الروسي أن تكون للقرار الأوروبي ارتدادات على السوق الأوروبية ذاتها "مما سيدفع الغرب وحلفاءه إلى تراجع تدريجي" عن القرار، خاصة أن مداخل الميزانية الروسية تعتمد إلى جانب المشتقات النفطية على تصدير الغاز والمعادن.
    ويشير إلى أن حظر توريد الوقود الروسي سيشكل خطورة حتى على مالكي السيارات وشركات الشحن في أوروبا المهددة بنقص وقود الديزل البالغ الأهمية لاقتصادها، فضلا عن ارتفاع سعره كونه لا يغذي الشاحنات التي تنقل البضائع فحسب، بل أيضا أكثر من 40% من المركبات في الاتحاد الأوروبي.
    ويضيف لاشون أنه بالنسبة للسوق الداخلية الروسية يمكن لمصافي النفط زيادة إنتاج زيت الوقود، ونتيجة لذلك تحصل على دخل إضافي لسد الضرائب للميزانية الروسية، مشيرا إلى أن هذا ما تحاول الدول الغربية منعه.
    كيف ستتأثر عمليات النقل مع العقوبات الجديدة؟
    من جانبه، يلفت الخبير في شؤون الطاقة كيريل ميلنيكوف إلى احتمال بروز إشكالية "لوجستية" كون نقل الوقود أكثر تكلفة من نقل النفط الخام، حيث يتم تسليمه في أغلب الأحيان من المصفاة إلى الميناء عن طريق البر أو السكك الحديدية، وذلك بسبب وقوع جميع مصافي التكرير الكبرى في روسيا تقريبا في مناطق بعيدة عن السواحل.
    هل ستلجأ روسيا لبيع مشتقاتها النفطية في السوق السوداء؟
    يؤكد ميلنيكوف أنه لا تزال لدى روسيا في كافة الأحوال أسواق مبيعات مستقرة وواسعة، وأنه سيتم شراء موارد الطاقة الروسية "عن طيب خاطر" من قبل عمالقة صناعة رئيسيين في العالم كالهند والصين، وذلك باستخدام العديد من الشركات الوسيطة، ومن المحتمل أن يتم ذلك عبر ناقلات نفط "الظل".
    ويتوقع الخبير في شؤون الطاقة أنه رغم قرار الحظر الأوروبي فإن النفط الروسي سيبقى يمتلك جاذبية بالنسبة إلى المشترين الأجانب مع أن عملية بيعه على ضوء التقييدات الجديدة قد تواجه مخاطر سياسية وتعرض موسكو لتصبح شريكا غير مناسب.
    في الوقت ذاته، يلفت إلى أن روسيا ستبقى تحتفظ بورقة جذب المزيد من المشترين من خلال الخصومات على منتوجاتها البترولية.
    بالأرقام
    تؤكد المصادر الرسمية في روسيا أن إمكانيات الإنتاج الحالية قادرة على تلبية المصالح الروسية في أسواق الطاقة العالمية، وكذلك الاحتياجات المحلية للبلاد.
    ومنذ العام 2009 شهدت البلاد نموا مطردا في قطاع النفط، سواء في كميات الإنتاج أو في أحجام تكرير النفط.
    يشار إلى أن حجم إنتاج النفط في روسيا بلغ العام الماضي 535 مليون طن رغم العقوبات التي فرضها الغرب، وشهدت نهاية العام ذاته ارتفاعا بنسبة 2% في معدلات الإنتاج مقارنة بعام 2021، وفقا لبيانات رسمية.
    كما نمت الصادرات بنسبة 7%، وأحجام التكرير بنسبة 4.3% وفقا لوكالة الإحصائيات الرسمية "روستات".


    http://www.alhourriah.ps/article/80378