• إسراء جعابيص.. تحيا بين مخالب حروق تأكل جسدها ونيران تكوي قلبها على فلذة كبدها
    2021-09-07
    غزة (الاتجاه الديمراطي) (تقرير سنابل الغول)
    «قولي للناس ما تنساني»..رسالة اختزلت رجاءً موجعاً، نطقت بها الأسيرة في سجون الاحتلال إسراء جعابيص لشقيقتها، بعد أن ضاقت عليها الأرض بما رحبت وبلغ الألم في جسدها مبلغه، فهي تكابد مرارة السجن وقسوة السجان بجسد محترق مشوه الملامح، وقلب ينكوي حرقة على فلذة كبدها المعتصم الذي حرمها الاحتلال رؤيته من خلف القضبان.
    تحيا الأسيرة جعابيص ذات الثاني والثلاثون عاماً من قرية جبل المكبر جنوب القدس المحتلة، في ظروف صحية قاسية جداً بين جنبات الزنازين، نتيجة حروق التهمت ٦٥% من جسدها أصيبت بها بعد أن أطلقت قوات الاحتلال عام 2015 نيرانها على مركبة إسراء التي كانت تحوي أسطوانة غاز  ما أسفر عن انفجارها فأكلتها النيران، وحكم عليها الاحتلال بالسجن مدة 11 عاماً بتهمة محاولة قتل شرطي، أمضت منها 6 سنوات من العذاب النفسي والجسدي والإهمال الطبي المتعمد من قبل سلطات سجون الاحتلال.
    بروح أثقلها الأسى نطقت إسراء الموجوعة بالصبر في رسالة لها من داخل غياهب السجن، قالت فيها: «أنا أعاني من تشنجات في اليدين والقدمين تمنعني من القيام بأموري اليومية، وأنا دائما أحتاج الأسيرات معي من أجل القيام بأبسط الأشياء، وهذا الأمر يؤلمني ويجعلني أشعر بأنني أقل من غيري وأشعر بالإهانة وأشعر بالخجل، وتعز عليا نفسي لأنني بحاجة دائمة لمساعدة الآخرين».
    وأردفت :«أنا بحاجة ماسة لإجراء عملية لتخفيف هذه التشنجات لأتمكن من القيام بأموري الشخصية، وإدارة السجون تماطل  منذ إعتقالي بشأن موعد العملية ولا يحدث شيء ووضعي يسوء يوماً بعد يوم».
    ووفقاً لتشخيص الأطباء، فإن الأسيرة جعابيص بحاجة ماسة وعاجلة إلى ثمانِ عمليات جراحية لكي تستطيع العودة لممارسة جزء من حياتها بشكل شبه طبيعي، منها عملية لفصل ما تبقى من أصابع يديها الذائبة والملتصقة ببعضها البعض، بعد أن ذابت عقد الأصابع ولم يتبق سوى عقدة واحدة في أصابعها الثلاثة المتبقية، وعملية أخرى لزراعة جلد يغطي العظام المكشوفة.
    أما بالنسبة للأذنين فقد ذابتا والتصقتا بفعل الحروق في الرأس، وبسبب التصاق الإبطين أيضاً لم تعد تقوى على رفع يديها إلى الأعلى بشكل كامل. فيما تحتاج الأسيرة إلى عمليات تصحيح للجلد في محيط عينها اليمنى وفي الأنف الذي أصبح غائراً، وذات الأمر بالنسبة للشفاه.
    بقلب يعتصره الألم وجسد متهالك أنهكته حروق مثل حمم بركانية تستقر على جلدها، تتلوى إسراء على إثرها بالآلام الشديدة، ما يجعلها بحاجة لأنواع خاصة من الأقمشة والأغطية، في حين أن إدارة السجون رفضت حتى أن تستبدل البدلة الخاصة بعلاج الحروق وشد الجلد التي أُحضرت لها إلى واحدة أخرى أكبر تطابق مقاس جسدها المحترق.
    ولم يكتف الاحتلال بذلك بل تقوم إدارة السجن بتوفير كمية شحيحة من مرهم تبريد الحروق للأسيرة والذي لا تزيد سعته عن عشرين ملم ويتم صرفه كل ثلاثة أيام، وهي كمية غير كافية لتغطية جسدها المتخم بالحروق، فتجد في ما يتاح لها من مسكنات سبيلاً للتغلب على الألم .
    بلسان ألجمه القهر وقلب أثقله الكتمان وروح تجثو على ركبتيها خرجت إسراء عن صمتها معبرة عن مأساتها قائلة: «أنظر إلى المرآة وأتألم بصمت ونفسيتي تتحطم في كل يوم، أصبحت بحاجة لعلاج نفسي لأتمكن من مواجهة واقعي المؤلم».
    كيف ستتمكن إسراء المنفية خلف ستار الزنازين أن تتكبد المزيد من كل هذا العناء وتصارع بجسدها الذائب قسوة السجان ونيران الحروق التي تأكلها بكل لحظة، في ظل إهمال طبي متعمد من قبل إدارة السجون، إلى جانب لوعة كبدها على ابنها المعتصم التي تتوق لرؤيته وملامسة وجهه، وترقب تفاصيله وهو يكبر يوماً بعد يوم، ولكن الاحتلال بوحشيته حرمها من ممارسة الأمومة له في الواقع أو حتى مشاهدته من خلف القضبان ■

    http://www.alhourriah.ps/article/71159