• الفقر والحصار يلاحقان أحلام الناجحين بالثانوية العامة في قطاع غزة
    2019-07-27
    غزة (الاتجاه الديمقراطي) (تقرير وسام زغبر)
    شهدت جامعات ومعاهد قطاع غزة خلال الأعوام القليلة الماضية تراجعاً في التحاق طلبة الثانوية العامة بمقاعدهم الدراسية وتعليق الآلاف من الطلبة دراستهم الجامعية نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها قطاع غزة جراء الحصار الإسرائيلي وتداعيات الانقسام الفلسطيني الداخلي.
    وأعلنت وزارة التربية والتعليم (18/7)، أسماء الناجحين في امتحان الثانوية العامة «الانجاز»، وقالت إنه بلغ عدد الطلبة الذين تقدموا للامتحان في كافة فروعه (75150)، نجح منهم (52108) طالباً أي بنسبة نجاح بلغت (69.34%).
    وعقب إعلان نتائج الثانوية العامة، شهد قطاع غزة احتفالات تخللها إطلاق الأهالي المفرقعات النارية وعزفاً على الطبل «الفدعوس» ابتهاجاً بنجاح أبنائهم، واكتظت محلات الحلويات التجارية بالعديد من الأهالي الذين يرغبون في شراء أنواع الحلويات المختلفة لاستقبال المهنئين من الأقارب والجيران. فيما عجت مواقع التواصل الاجتماعي «الفيسبوك» بالتهاني والتبريكات لنجاح الطلبة.
    شواهد في الميدان
    وقال والد الطالبة فاطمة الزهراء صالحة التي حصلت على معدل 95.2% في الفرع العلمي بنتائج الثانوية العامة لهذا العام، إن «ابنتي تنوي الالتحاق بكلية طب الأسنان، ولكن ارتفاع الرسوم الدراسية والتي تصل لنحو 1800 دولار بالفصل الدراسي الواحد، وأنا لا أعمل فيما زوجتي تتقاضى راتباً لا يتجاوز 400 دولار شهرياً، أنا على أمل حصولها على منحة دراسية بنسبة 50% أو 100%».
    وأضاف أبو غسان من سكان المحافظة الوسطى: «صمت ورد بحسرة، ابنتي حصلت على معدل 70% في الفرع العلمي، ليس بمقدوري تدريس ابنتي على حسابي الشخصي إلا إذا حصلت على منحة بنسبة 50% أو 100%، كون لي ابنين آخرين يدرسون بالجامعة».
    ويسرد والد الطالب محمد شحادة من مدينة غزة، الذي حصل أبنه على معدل 92% بالفرع العلمي بالقول: «أبحث عن منحة دراسية في إحدى الدول العربية لابني الذي سيلتحق بكلية الطب البشري، حيث أن معدله لا يسمح بالالتحاق بتلك الكلية إلا عن طريق التعليم الموازي (السماح لفئات ذات مستوى تعليمي منخفض الالتحاق بتخصصات ذات مستوى تعليمي مرتفع برسوم مضاعفة)، إضافة إلى ارتفاع الرسوم الدراسية في جامعات قطاع غزة».
    ويضيف والد الطالبة رينال مهدي، المتقاعد العسكري في السلطة الفلسطينية، «الظروف الاقتصادية الصعبة التي أكاد أوفر قوت عائلتي، سوف تقتل أحلام ابنتي التي حصلت على معدل 80% بالفرع العلمي وتحلم بالالتحاق بكلية الهندسة في إحدى جامعات غزة الرئيسية».
    عجز وحرمان
    وأوضح رئيس جامعة الأزهر عبد الخالق الفرا أن الأزمة المالية التي تمر بها جامعة الأزهر بغزة إلى جانب جامعات القطاع، تتطلب تدخلاً عاجلاً وفورياً من كافة الجهات لإنقاذ مصير آلاف الطلبة في قطاع غزة، ومصير العاملين في الحقل الأكاديمي.
    وقال رئيس الجامعة الإسلامية ناصر فرحات إن «الواقع الاقتصادي الصعب حرم الآلاف من خريجي الثانوية العامة من الالتحاق بالتعليم الجامعي لعجزهم الكامل عن دفع الرسوم الجامعية». ودعا المؤسسات المانحة للتدخل الفوري والعاجل بتقديم المقترحات والحلول المتاحة لإنقاذ مستقبل التعليم الجامعي في قطاع غزة، محذراً من استمرار هجرة الكفاءات العلمية والمهنية لخارج القطاع.
    ناقوس الخطر
    أكدت الحملة الوطنية للمطالبة بتخفيض الرسوم الجامعية، أن تدهور الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، سيقتل أحلام آلاف الطلبة من الالتحاق بالتعليم الجامعي، وسيدفع آلاف منهم على دراسة تخصصات تجافي تطلعاتهم وطموحاتهم، لعدم قدرتهم على دفع الرسوم الجامعية المرتفعة أو تأمين أقساطها.
    ووفق معدلات مخيفة، أشارت إحصائيات لمنظمة التعاون إلى أن 35% من طلبة جامعات قطاع غزة أجلوا دراستهم الجامعية لعدم قدرتهم على دفع رسومهم الجامعية ومتطلبات الدراسة. فيما أشارت إحصائيات شبة رسمية إلى أن آلاف الطلبة محرومون من الحصول على شهاداتهم الجامعية بعد أن أنهوا دراستهم لعدم مقدرتهم على تسديد مستحقات الجامعة المالية المتراكمة.
    وطالب المتحدث باسم الحملة الوطنية رامي محسن في اتصال هاتفي، الرئيس محمود عباس والحكومة الفلسطينية بإصدار توجيهاتهما الفورية والواضحة، لإقرار صندوق وطني لدعم الطالب الجامعي، وبتحييد التعليم والمؤسسات التعليمية عن الانقسام السياسي، وبزيادة دعمها لموازنات مؤسسات التعليم العالي التي خفضتها منذ عام 2007.
    ودعا محسن وزارة التعليم العالي والجامعات الفلسطينية ببلورة خطة إستراتيجية مكتملة، مهمتها الارتقاء بنوعية وجودة التعليم وتخفيض الرسوم الجامعية، وصولاً لاعتماد برامج وتخصصات تنسجم مع متطلبات سوق العمل المحدود جراء تكدس التخصصات.
    ووفق تقرير لمركز الإحصاء الفلسطيني، أشار إلى ارتفاع معدل البطالة بين الأفراد 20-29 سنة  في عام 2018 الحاصلين على مؤهل دبلوم متوسط أو بكالوريوس إلى 77% في قطاع غزة. فيما سجلت أعلى معدلات للبطالة لنفس الفئة العمرية في قطاع غزة في تخصص علوم إنسانية بنسبة (85%)، يليه تخصص العلوم الاجتماعية والسلوكية بنسبة (82%).
    والجدير ذكره، أن عدد الجامعات والمعاهد والكليات الجامعية تصل لنحو 20 جامعةً في قطاع غزة، لكل واحدة منها رسومها الدراسية ونظامها الأكاديمي التي يعتمد الكثير منها على الربح المادي وخصوصاً عبر التعليم الموازي، دون رؤية واضحة تحدد التخصصات التي تلاءم سوق العمل ما أدى لتراجع ملحوظ في جودة التعليم الجامعي. ■

    http://www.alhourriah.ps/article/56941