• فيديو|| »شقق ليست للبيع .. وانهيار الحلم«
    2018-12-29
    رام الله (الاتجاه الديمقراطي) (وكالة وطن للأنباء)
    بحسرة وألم تروي هيا ابراهيم كيف وقعت ضحية الغش -كما وصفته- في عملية تشطيب شقتها السكنية لتتفاجأ بالرطوبة تنتشر في جدران بيتها وتسرب مياه الأمطار الى الداخل.
    هيا التي تسكن في احدى الشقق السكنية برام الله تحول حلم حياتها بامتلاك شقة سكنية بعد سنوات طويلة من الايجار، إلى كابوس.
    لا يقتصر الحال على شقة هيا، حسن ربايعة ضحية أخرى لرداءة جودة تشطيب الشقق السكنية، ربايعة ومنذ أربع سنوات لم يترك باباً الا وطرقه لحل مشكلة بيته الذي لم يعد يستطيع العيش فيه.
    الحال ذاته تعيشه نور عودة التي تقطن في أحد الأحياء الراقية برام الله، نور أكدت أنها ومنذ ثماني سنوات تعاني من مشكلة الرطوبة والتشقق في جدران منزلها، الى جانب تسرب المياه من خطوط الصرف الصحي والتمديدات الداخلية.
    أسئلة كثيرة تطرح في ذهن هؤلاء المواطنين الذين حلموا يوماً أن يمتلكوا بيتاً، ومن أجل هذا الحلم غرقوا في قروض بنكية لسنوات طويلة، ولسان حالهم جميعاً يقول: اين الرقابة على جودة الشقق السكنية، ومن المسؤول عن ذلك؟.
    معاناة هؤلاء السكان دفعتنا «وكالة وطن للأنباء» لتبحث عن الجهة المسؤولة عن مراقبة جودة الشقق السكنية، قاصدة نقابة المهندسين وهي واحدة من عدة أطراف مسؤولة عن هذا الملف.




     
    نقابة المهندسين : يكفينا تخبط في قطاع العقارات، ونحتاج قوانين وتشريعات لضبط جودة الشقق السكنية
    ويؤكد نقيب المهندسين جلال الدبيك أن موضوع الشقق السكنية مقلق وبحاجة الى قوانين واضحة ومنظمة لهذه العملية، والتي من المفترض أن تتم تحت اشراف هندسي، حيث اتفقت النقابة مع وزارة الحكم المحلي على ان يكون تصميم المباني وتنفيذها، والاشراف عليها وإذن اشغالها اجباري بنظام البناء الجديد والذي تعمل الاطراف ذات الصلة على إقراره قريبا.
    وأكد على أن النقابة تعمل على تطوير عملية تدقيق المخططات لتكون أكثر دقة وأكثر شدة، وتغيير النظام المعمول به بحيث يكون تنفيذ المباني والاشراف عليها من خلال نظام هندسي متكامل، تشارك فيه جميع المؤسسات ذات العلاقة، حيث تم اعتماد كود البناء الاردني مؤخراً كمرجعية واليات تنفيذية من اجل تطبيقه، مشيراً الى ان النقابة تسعى لضبط الجودة والنوعية والوصول الى نظام متطور ذات فكر متجدد، بالشراكة مع الحكومة وكافة المؤسسات ذات العلاقة، بالإضافة الى وسائل الاعلام.
    وأضاف أن النقابة ضد التخبط والعشوائية والاستثمار غير الموجه، فمن يريد أن يبني بشكل صحيح فهو بحاجة الى مرجعيات، بالإضافة الى برامج توعية للمواطن لأنه هو المستفيد في النهاية.
    وأوضح أن ضبط الجودة والنوعية هي المعيار بين المواطن والمهندس والمؤسسة، وأن لدى النقابة رؤية شاملة والأساس فيها هو الوطن والمواطن، فالواجبات تسبق الحقوق ولا يمكن الفصل بينهم، فمن حق النقابة أن تدافع عن أعضائها ومن واجبها أيضا أن تطلب من الأعضاء الالتزام بواجباتهم، حتى تكون الأعمال مستدامة، ومثال يحتذى به وتحقق متطلبات الحد الادنى على الأقل.
    المواصفات والمقاييس: غياب التشريعات ورداءة مواد البناء المستخدمة تعكس رداءة قطاع الشقق السكنية
    بدوره أكد مدير عام مؤسسة المواصفات والمقاييس حيدر حجة أن دور مؤسسة المواصفات والمقاييس يكمن في ايجاد المعايير الوطنية لكل المنتجات وليس فقط في موضوع البناء، ويشمل ذلك التعليمات الفنية الالزامية والمواصفات الفلسطينية، بالشراكة مع الجهات ذات الصلة في كافة القطاعات العامة والخاصة والاهلية، حيث يوجد أكثر من 62 لجنة فنية عاملة في انتاج المواصفات بمختلف القطاعات، خاصة قطاعي الغذاء والبناء، وفيما يخص قطاع البناء يوجد مواصفات لكافة المواد والانظمة الداخلة في عملية البناء.
    وعزا المشاكل الموجودة في قطاع البناء الى عدة أسباب أهمها التشريعات الموجودة، وعدم وجود كود بناء فلسطيني يتابع مرحلة البناء من التصميم حتى التنفيذ، بالإضافة الى عدم استخدام مواد بمواصفات جيدة، وعدم التزام التنفيذ بما هو مطلوب.
    وأشار حجة الى وجود رقابة جيدة على مدخلات السوق الفلسطيني ومواد قطاع البناء وأهمها الحديد والاسمنت، حيث تقوم مؤسسة المواصفات بالشراكة مع الجهات المعنية وبشكل دوري بعملية فحص للإسمنت الذي يدخل للسوق الفلسطيني، وحتى اليوم لم تتم مصادفة شحنة اسمنت غير مطابقة للمواصفات، بالإضافة الى ان صناعة الباطون في فلسطين هي صناعة متقدمة ومتطورة، وبالتالي هناك رضا على المواد الاساسية لقطاع البناء.
    وزارة الاقتصاد: مطلوب من المطورين والمهندسين الالتزام بمخططات البناء المرخصة
    وفي ذات السياق، طالب مدير عام الصناعة في وزارة الاقتصاد شفاء أبو عودة مطوري قطاع العقارات والمهندسين بالالتزام بالمخططات التي تقدم للترخيص، من أجل سهولة الوصول الى الخلل من الناحية الهندسية، وتجنب اية مشاكل قد تواجه مالكي هذه العقارات مستقبلاً.
    وأشارت أبو عودة الى ضرورة الزام كافة المهندسين والمطورين برفع التقارير الدورية للجهات ذات العلاقة، حتى نقلل من هامش المشاكل وضبط عملية صناعة البناء في الوطن، حيث ان المواطن يدفع مبالغ طائلة للحصول على ترخيص ومن حقه ان يستلم الشقق ذات الجودة المناسبة.                                                                                       
    حماية المستهلك: مئات الشكاوى تردنا على رداءة الشقق السكنية والمطلوب رقابة صارمة وعقوبات رادعة
    بدوره طالب رئيس جمعية حماية المستهلك صلاح هنية بتشديد الرقابة وخاصة على الاسمنت ومواد البناء التي تدخل الى السوق الفلسطينية، لأنه على أرض الواقع يقوم بعض التجار المؤقتين وليس الدائمين بشراء كمية من الاسمنت عديم الجودة وادخاله الى السوق، لتحقيق اكبر ربح ممكن وهذا يكون على حساب المستهلك والجودة مما يستدعي ضرورة وجود رقابة مشددة.
    كما طالب بضرورة انشاء هيئة أو مجلس لتنظيم قطاع البناء خاصة من ناحية الجودة، الى جانب الحاجة الى قانون لتنظيم عملية البناء وتحت اشراف هندسي واهمية ضبط مدخلات الانتاج لقطاع البناء وخاصة فحص الباطون.
    وأضاف: نطالب بضرورة ربط كافة المشاريع ببعضها البعض، فلا يجوز ان يتم بناء منشأة في وسط المدينة مطابقة للمعايير، وفي نفس الوقت بناء منشأة اخرى غير مطابقة في منطقة خارج حدود المدينة، وبالتالي ربط المشاريع ببعضها البعض يحمي المستهلك ويجبر المقاول او المطور على الالتزام بالمعايير المطلوبة لتحقيق جودة اكبر، والمفروض من البلديات والمجالس وغيرها عدم اعطاء براءة ذمة والزام المطور على تصويب اخطاءه لحماية المواطنين في البلد.
    اتحاد المطورين الفلسطينيين: جودة العقار مرتبطة بالسعر، وغياب التشريعات يضعف قطاع العقار
    أما رئيس اتحاد المطورين الفلسطينيين ورئيس مجلس ادارة مؤسسة ابو عين القابضة علاء ابو عين أكد أن جودة البناء في الشقق السكنية تختلف من مطور لأخر، وان الجودة مرتبطة ايضا بسعر العقار والبيع والمطور وكل من يعمل في هذه الشقق، وبالتالي هناك عدة مدخلات تؤثر على جودة البناء، فمن يبحث عن ارخص البناء يجد جودة اقل نظرا للعلاقة بين السعر والجودة.
    وأضاف ابوعين  أن بعض المستثمرين يبحثون عن الربح، ولكن هناك ايضا من يبحث عن الجودة، وفيما يخص الاخطاء الفنية فإن مسبباتها عديدة ويصعب حصرها والسيطرة عليها، وغياب التشريعات والقوانين والرقابة يؤدي الى زياده هذه الاخطاء، ولكن السقف المالي لدى المواطن وطريقة الدفع تجبره على التنازل عن الجودة احيانا.
    ودعا الى ان تكون الرقابة اكثر شدة لأن الجودة هي المعيار الأساسي، وهنالك ازدياد واضح في أعداد المطورين العقاريين، وفي الوقت ذاته بات المستهلك أكثر دراية ووعياً بمتطلبات الجودة وخدمة ما بعد البيع، فالإشراف الهندسي الجيد والاختيار الصحيح لمواد ومدخلات البناء من اهم العوامل التي تؤثر على الجودة.
    وشدد على أن من حق المواطن ان يحصل على افضل انواع الجودة، وبالمقابل على المواطن ان يبحث عن تفاصيل تهمه وليس فقط الاهتمام بالموقع والمساحة والسعر، بالإضافة الى البحث عن منهجيات اعلى وعن مطور جيد، كما ان الجزء العقاري جزء لا يستهان به، ويحتل نسبة 20% من عجلة الاقتصاد في البلد.
    مستثمرون: قطاع العقار مفتوح للجميع، ونحتاج لقوانين وتشريعات وخطط حكومية لضبط جودة هذا القطاع
    من جانبه أكد المدير التنفيذي لشركة النبالي والفارس للعقارات المهندس خالد الفارس ان هناك عدة مدخلات تؤثر على سعر العقار في فلسطين، أهمها: غياب العملة الوطنية وتنوع العملات التي نتعامل بها، كما ان تقلبات ارتفاع اسعار الدولار والمواد تنعكس على اسعار العقار، وبالتالي هنالك عدة مدخلات لها علاقة بالعملة وسعر صرفها ويؤثر ذلك بشكل سلبي على سعر العقار لعدم وجود عملة وطنية.
    وعن جودة الشقق السكنية، اوضح الفارس ان الجودة تختلف من شركة لشركة، فالقطاع العقاري هو قطاع مفتوح ويدخل عليه شركات لا تملك الخبرة الكافية بالتطوير العقاري، ولكي يتجنب المواطن من الوقوع في فخ انعدام الجودة، عليه أن يتعامل مع شركات ذات خبرة كافية ولها اسم وتاريخ في مجال التطوير العقاري.
    وأكد ان جودة البناء الموجودة في فلسطين هي جودة عالية بالمقارنة مع البناء الموجود في باقي الدول العربية، فلا يوجد غش بالأمور الاساسية في قطاع البناء مثل الحديد والاسمنت، وكلما كانت الشركة او المطور العقاري ذات خبرة اعلى كلما كان المنتج افضل واكثر جودة.
    ووجه الفارس رسالة الى الحكومة بضرورة انشاء مؤسسة تخطيط تعنى في شؤون التخطيط في كل القطاعات بالبلد وعلى رأسها التطوير العقاري، لأن هذا التطوير بحاجة الى احصائيات ودراسة وتخطيط، بحيث لا يتم هدر ملايين الدولارات في غير مكانها، ولا يتم هدر عمر شباب لا يملكون وظيفة في تخصصهم، وبالتالي فالقطاع العقاري بحاجة الى قوانين وتشريعات داعمة من أجل تطويره.
    من جانبه أكد رئيس مجلس ادارة شركة ربحي الحجة للعقار والاستثمار ربحي الحجة إن هناك العديد من التحديات التي تواجه المطورين العقاريين، اهمها الركود الاقتصادي الى جانب الوضع السياسي السائد، ونحن كمطورين ضد اي مستثمر مخالف للقانون، ولكن هناك بعض البلديات لا تتعاون مع المستثمرين وتضع بعض العراقيل والعقبات امامنا اي معاملة نقوم بتقديمها للمشاريع، والتي تستمر لأكثر من شهرين حتى نؤخذ الموافقة عليها .
    وعن اسعار الشقق، اوضح أن اسعار الشقق وخاصة في مدينة رام الله قد يكون مرتفع وذلك تبعاً للارتفاع الكبير في سعر الاراضي، كما أن جودة الشقق السكنية جيدة ونادراً ما يكون هناك تردي في الجودة، على الرغم من عدم وجود رقابة من البلدية والجهات ذات العلاقة على المطور العقاري.
    ودعا الحجة المواطنين الى شراء العقارات من خلال مطورين وشركات لها اسمها في السوق، نظراً لوجود بعض المستثمرين الجدد الذين لا يمتلكون الخبرة في السوق، وهو ما ينعكس سلبا على جودة العقار.
    بلدية رام الله: براءة ذمة افراز اي مبنى تمنح فقط بعد انهاء وتشطيب كافة اجزاء المبنى بشكل كامل
    بدوره أكد مدير دائرة الابنية والتخطيط في بلدية رام الله اسامة حامدة ان صلاحية البلدية تكمن في مراقبة عملية البناء من البداية وحتى النهاية، ويشمل ذلك طلب تقديم الترخيص وصولا الى افراز الشقق، اي ان كل شخص فرز شقة يستلم سند تسجيل لشقته، ويقع على عاتق البلدية متابعة المطابقة لنظام الأبنية والمخططات التي قدمت للبلدية، وذلك من خلال جهاز تفتيش يقوم بمتابعة اداء هذه الورش بشكل دوري.
    واشار الى ان بلدية رام الله وقعت مع بلدية البيرة وبيتونيا بروتكول تعاون ضمن وحدة نظام مشترك ما بين البلديات ونقابة المهندسين والدفاع المدني ووزارة العمل، لتعزيز الرقابة على ورشات البناء، بحيث ان كل جهة تمارس ما يخصها من الناحية القانونية.
    وقال حامدة "إن البلدية تقوم بتطبيق قرار عدم منح براءة ذمة لإفراز اي مبنى الا بعد انهاء وتشطيب كافة اجزاء المبنى بشكل كامل، لما لها من تأثير سلبي على حياة الناس وللحد من الاشكاليات التي تواجهها البلدية اثناء التطبيق العملي لإفراز الشقق".
    وعن جودة الشقق، اعتبر ان جودة البناء مرتبطة بجودة البضاعة والمواد التي تدخل الى السوق الفلسطيني، بالإضافة الى السعر الرخيص الذي يذهب اليه المستهلك والذي يكون على حساب الجودة، وبالتالي المطلوب هو ضبط جودة المواد التي تدخل الى السوق الفلسطيني، وتعزيز المنافسة بين المقاولين لضمان الوصول الى جودة افضل.
    ودعا الى دعم التشريعات والقوانين التي تعالج موضوع الرقابة على المنشآت، وتعزيز دور لجنة العمارة حتى تمارس دورها القانوني في مراسلة سكان العمارة وحل الخلافات والصيانة الدورية للبناية والخدمات، لأن ذلك يعزز المحافظة على استمرارية جودة الحياة في المبنى.
    وقال عامل البناء بهاء زيادة ان هناك مهندساً مشرفاً على هذه الورشة ولكنه لا يتواجد جميع ايام العمل، بل في الامور الاساسية للبناء مثل انشاء العمدان وعقد السقف وغيرها.
    وبين زيادة والذي يعمل في هذه المهنة منذ ثمانية عشر عاماً، ان طريقة وجودة البناء تختلف في الوقت الحاضر عما كانت عليه من قبل، ففي الوقت الحاضر بات العمل اكثر قوة ومتانة وهنالك تقدم واضح من ناحية الاشراف الهندسي على البناء.
    ورداً على سؤال عن الرقابة ودور البلدية ونقابة المهندسين، قال زيادة انه وعلى الرغم من تطور الرقابة الا انها تختلف تبعاً للمنطقة وعامل البناء الذي يعمل، ولم يشاهد زيادة على ارض الواقع وخلال عمله في ورشة بناء بمنطقة البيرة اي دور للبلدية او نقابة المهندسين، ولا يوجد عملية فحص لجودة الباطون من قبل الجهات المعنية والنقابات لتتم محاسبة شركات الباطون في حال وجود اي مشكلة.

    http://www.alhourriah.ps/article/52328