• المواجهة بين إسرائيل وإيران تنتقل إلى لبنان
    2018-12-03
    كتب عاموس هارئيل- هآرتس
    الحادثة التي وقعت في سماء سورية مساء يوم الخميس والتي وصفت بأقوال دراماتيكية في وسائل الإعلام العربية تبدو بأثر رجعي حدثا صغيرا نسبيا. نظام الدفاع الجوي السوري شخص ما وصف بحركة غير عادية لطائرات إسرائيلية في جنوب سورية. السوريون أطلقوا نحو 20 صاروخا مضادا للطائرات، وخلافا لادعاءاتهم لم يصيبوا أي طائرة إسرائيلية أو أي صاروخ إسرائيلي. من سورية لم يتم تلقي أي تقرير موثوق عن أضرار تم التسبب بها في الهجوم الإسرائيلي – حتى روسيا لم تهتم اطلاقا بالادانة أو التطرق بصورة رسمية للحادثة.
    بقايا أحد الصواريخ المضادة للطائرات السورية سقطت في هضبة الجولان في الجانب الإسرائيلي، ولكنها لم تتسبب بأضرار. ومثلما هي الحال في حالات أخرى مؤخرا، هذا يبدو كرد زائد وغير مراقب من جانب السوريين الذين في مرة سابقة في 17 ايلول ادت إلى اسقاط طائرة استخبارات سورية بالخطأ.
    الحادثة وقعت بعد ساعات معدودة من تصريح استثنائي لرئيس المخابرات السابق عاموس يادلين. الجنرال (احتياط) يادلين الذي يترأس الآن معهد بحوث الامن القومي، قال في مقابلة مع قناة الاذاعة 103 إنه في الاسابيع الاخيرة حدث تغيير في سلوك ايران في المنطقة. "اضافة إلى أن الروس غاضبون منا ويديرون ظهرهم لنا، أنا أقدر أنهم نقلوا رسائل شديدة أيضا للايرانيين، التي تقول إنه بتمركزهم العسكري وبمصانع الصواريخ في سورية هم يتسببون بالضرر لمحاولة الاستقرار في سورية"، قال يادلين واضاف "سورية غير مستقرة لا تلائم الروس. الهجمات الإسرائيلية انخفضت تقريبا إلى الصفر، وأنا أقدر أن هذا ليس بسبب أننا لا نريد، بل لأن الايرانيين غيروا التكتيك. هم ينقلون كل شيء إلى لبنان".
    يادلين صرح علنا بما سبق ورمز إليه كبار الشخصيات الإسرائيلية مؤخرا: بسبب التغييرات التي فرضتها روسيا، فإن معظم الصراع بين إسرائيل وايران انتقل إلى دول اخرى. وإسرائيل، كما قال رئيس الحكومة نتنياهو في خطابه في الامم المتحدة في ايلول الماضي، قلقة من جهود ايران وحزب الله لإقامة خطوط إنتاج للسلاح الدقيق في لبنان. في جزء من الطلعات الجوية المتواترة من طهران إلى بيروت يتم تهريب هذه الوسائل القتالية جوا، بدلا من الانتقال على الأرض عبر سورية.
    هكذا يتراكم في لبنان عدد من التغييرات التي تشغل متخذي القرارات في إسرائيل: محاولة اقامة مصانع سلاح دقيق؛ اهتمام روسي متزايد لما يحدث في سورية، بعد استكمال تعزيز المظلة الجوية لنظام مضادات الطائرات الروسية في سورية؛ عودة جزء من مقاتلي حزب الله من سورية إلى لبنان مع ذويان الحرب الاهلية السورية والتغييرات في انتشارهم في لبنان؛ استمرار تحسين العائق الإسرائيلي في اجزاء من الحدود مع لبنان الذي سيصل قريبا إلى المناطق المختلف عليها بين الطرفين، قرب رأس الناقورة ومنطقة المنارة. إسرائيل سبق واعلنت أنها تنوي مواصلة بناء العائق والجدار هناك، رغم التحذيرات اللبنانية. هناك شك كبير بأن حزب الله يريد الآن حربا مع إسرائيل، ولكن شحذ القدرات الهجومية لحزب الله في الحرب الاهلية السورية ومع عودة جزء من وحداته إلى لبنان يقلق الجيش الإسرائيلي.
    وفقا لذلك، يتزايد أيضا الشك في الجانب اللبناني بخصوص مخططات إسرائيل التي تترجم إلى تهديدات ضدها. حزب الله نشر في نهاية الاسبوع فيلما قصيرا تهديديا، فيه تظهر صور جوية لمواقع في إسرائيل، منها قاعدة وزارة الأمن في تل ابيب. الحزب أرفق بالفيلم القصير كتابة بالعبرية: "إذا تجرأتم على الهجوم فستندمون". المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي رد بصورة لاذعة بالعربية في الشبكات الاجتماعية: "من يعيش في بيت من الزجاج عليه عدم إلقاء الحجارة على الناس". وهو بهذا يقتبس الرئيس الليبي معمر القذافي.
    كل هذه الأقوال قيلت بعد أقل من أسبوعين على خطاب نتنياهو الذي حذر فيه من فترة امنية عاصفة. أقواله هذه كانت لها خلفية سياسية – محاولة، نجحت حقا، لابقاء وزراء البيت اليهودي في الحكومة، بعد استقالة "إسرائيل بيتنا" – ولكنها اثارت تساؤلات أيضا بخصوص نوايا هجومية محتملة لإسرائيل. لأنه حول غزة موقف نتنياهو واضح نسبيا – هو يريد الامتناع بقدر الامكان عن حرب مع حماس. فقد وجه معظم الاهتمام لحزب الله.
    في هذه الاثناء صادقت الحكومة على تمديد فترة ولاية رئيس الاركان غادي أيزينكوت بأسبوعين، أكثر من المخطط له، حتى منتصف شهر كانون الثاني. بعد وقت قصير من ذلك نشر اعلان عن الغاء زيارة حددت لرئيس الاركان إلى المانيا، ولكن يبدو أن من يشدون خط مباشر بين كل هذه النقاط، يقربون قليلا ما سيأتي لاحقا. لا يطيلون فترة رئيس الاركان بأسبوعين فقط بسبب أن من المتوقع حدوث حرب، ومن المعقول أنه لو خطط لحرب كهذه فإن الجيش الإسرائيلي لم يكن ليعلن أي شيء عن اطالة فترة ولاية رئيس الاركان.
    التفسير الاكثر معقولية هو أنه حقا يتوقع مجيء فترة متوترة، على خلفية التغييرات في الشمال وجهود التسلح لحزب الله، ولكن ما زال لا يوجد هنا عملية حتمية تقود بالضرورة إلى حرب. يجدر القول أيضا إن إسرائيل وحزب الله سبق لهما وجربا فترات توتر مشابهة في السنوات الاخيرة، ومع ذلك، نجحتا في الحفاظ على أكثر من 12 سنة من الهدوء شبه المطلق بعد انتهاء حرب لبنان الثانية.

    http://www.alhourriah.ps/article/51779