• الحلف الجديد: مايك بينس يصل إلى إسرائيل بطلاً
    2018-01-23

    القدس المحتلة (الاتجاه الديمقراطي)- نائب الرئيس الأميركي مايك بينس سيستقبل اليوم (أمس) في مطار بن غوريون كبطل لإسرائيل، لكن في العالم العربي يعتبر خائنا لفلسطين. بينس سيحظى بعناق حار من بنيامين نتنياهو وحكومته ولكنه سيجد استقبال بارد جدا من محمود عباس والفلسطينيين. في القدس يعتبر كمن يلعب دور مركزي في الانعطافة الحادة للسياسة الأميركية في الشرق الاوسط، ولكن في رام الله والعواصم العربية يعتبرونه القوة التي تحرك دونالد ترامب للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وطعن الفلسطينيين من الخلف.
    ترامب هو مجرد ضيف لفترة قصيرة في نادي مشجعي إسرائيل، واذا أردنا اهانته فقط فهو يستطيع بسهولة الاعلان عن أن إسرائيل أيضا هي "دولة قذرة"، وبينس في المقابل هو الامر الحقيقي والصفقة الحقيقية، والمسيحاني الافنغلستي الذي أحد أسس عقيدته هو دعم إسرائيل غير المحدود، ودعم كل مطالبها الكبيرة بما فيها، اذا كانت حاجة، الضم الكامل للضفة الغربية. وبدون اجهزة تنصت يمكننا أن نكون على يقين بأنه في حالة قيام بنيامين نتنياهو وامثاله في بحث امكانية عزل ترامب في يوم ما، فهم لن يصرخوا ولن يصلوا من اجل أن لا تحدث هذه الكارثة.
    بينس وصل الآن في ذروة ازمة سياسية أميركية جديدة لأنه في هذه المرة لا يمكنه مساعدة الحزب الجمهوري في الحصول على اغلبية 60 سيناتورا، العدد المطلوب لمنع اغلاق النظام الفيدرالي الذي حدث أمس وفي الذكرى السنوية لأداء الرئيس لليمين. وبدل أن يأتي بينس كمبعوث للرئيس الذي نجح في دحض تنبؤات منتقديه، فقد هبط أمس في القاهرة كنائب للرئيس غير الناجح الذي لم يعد قادرا على التوصل إلى الاتفاق البسيط الذي كان سيبقي ابواب الادارة مفتوحة، رغم أنه يتبجح بأنه افضل من يعقد الصفقات في العالم.
    في نظر الإسرائيليين، بينس هو صديق حقيقي مع ميزة خاصة لمواقف تتراوح بين الليكود والبيت اليهودي. وفي نظر الفلسطينيين بينس يمثل الارتباط القاتل بين الايمان المسيحاني والتأثير اليهودي الحقيقي. وفي نظر الليبراليين الأميركيين بينس هو الأسوأ: محافظ متطرف حارب ضد الاجهاض وزواج المثليين، متعصب ديني يسعى إلى اخضاع القانون للدين، سياسي متهكم يريد تمهيد طريقه نحو رئاسة الحزب مع سجل النائب الاكثر اخلاصا وخضوعا على وجه الارض. بالنسبة لليبراليين بينس هو المندوب السامي للافنغلستيين المستعدين الآن لجعل كل حرام، حلال، يتم اكتشافه لدى ترامب من اجل دعم الاجندة الدينية والاجتماعية لهم، بما في ذلك الدعم غير المسبوق لإسرائيل من اجل تسريع يوم القيامة. يعتبر بينس بالنسبة لهم المعادل الأميركي لحاخامات الصهيونية الدينية، الذين التقوا مع نتنياهو وعلى الفور غفروا له كل ذنوبه من اجل ارض إسرائيل، وأيضا هو معادل للسياسيين الورعين الذين يريدون فرض معتقداتهم على كل الجمهور وليكن ما يكون.
    زيارة بينس، اكثر من زيارة ترامب في شهر أيار، هي انتصار لخطاب اليمين الديني وتحوله إلى عامل مركزي وربما اساسي في العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة. ومثلما هي الحال في كل أمر تكون له يد فيه، فإن زيارة ترامب تركزت في الاساس حول ترامب نفسه. وفي ظل الترقب الحذر والدائم للمشهد المناوب الذي سيحدث من كلمة أو تغريدة له. بهذا المعنى، بينس هو العكس تماما: هو حذر إلى درجة الملل، يقلل من الخروج عن أطواره ويصعب عليه قول جمل تبقى في الذاكرة أكثر من دقائق معدودة، رغم أنها تثير الاشمئزاز كما يحدث اثناء صلاته التلقائية لسلامة الرئيس.
    ترامب، كما نعرف، أيضا زار الفلسطينيين واستقبل بكامل الاحترام، في حين أن بينس هو شخص غير مرغوب فيه، بسبب مواقفه وبسبب الرئيس الخائن في نظرهم والذي يمثله. أيضا اذا كان هناك كما يبدو خطة سلام لترامب واذا كانت فيها امور غير مريحة إسرائيل فمن المشكوك فيه أن يكون بالامكان في هذه المرحلة واستنادا إلى خطة كهذه، اعادة المارد الذي حرره ترامب من خلال اعترافه بالقدس، إلى القمقم وتجديد الحوار بين واشنطن والفلسطينيين.
    إن زيارة بينس تصفي الحلف الجديد بين إسرائيل والولايات المتحدة للخروج بأسسها: جبهة مشتركة ضد الاسلام بشكل عام وضد ايران بشكل خاص، مع رئيس مستعد للمواجهة معهما؛ نضال مشترك لخفض سقف طموحات الفلسطينيين، وإن لم يكن لكسر معنوياتهم، اضافة إلى الشجار الوحشي مع كل مؤسسة دولية تدعمهم؛ تحويل الافنغلستيين، الذين هم القاعدة الاكثر ولاء لترامب، إلى أداة اساسية في السياسة الإسرائيلية الخارجية تجاه الولايات المتحدة، اضعاف قوة الايباك العلماني العقلاني جدا في نظر عدد من متخذي القرارات الحاليين ومنهم شلدون ادلسون، وفي الاساس حملة واسعة وربما غير مسبوقة لقيم مشتركة منها القومية الفاضحة، كراهية وسائل الاعلام، الكفر بسلطة القانون، الحرب الثقافية الدائمة ضد القيم الليبرالية والايمان المتقد بتفوق الغرب اليهودي – المسيحي، مثلما يسمونه، على كل العالم.
    صحيح أن الزيارة أيضا تدل على استمرار العلاقات التاريخية الممتازة بين إسرائيل والولايات المتحدة، التي فيها كل إسرائيلي صهيوني عليه التفاخر، ولكن كل من هو ليس شريكا في وجهة نظر ترامب، بينس، نتنياهو ونفتالي بينيت، من شأنه أن يبقي طعم حامض، مر في الفم.
    بقلم: حيمي شليف 


    http://www.alhourriah.ps/article/48340