04 كانون الأول 2024 الساعة 04:24

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاربعاء 27/11/2024 العدد 1168

2024-11-28 عدد القراءات : 264

 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

 

 

معهد بحوث الأمن القومي (INSS) 27/11/2024

 

 

 

ميزانية الدولة 2025: تأكيد لمخاوف شركات التصنيف الائتماني

 

 

 

بقلم: تومر بادلون  وإستيفان كلور

 

صادقت الحكومة يوم الجمعة 1 نوفمبر/تشرين الثاني على ميزانية الدولة للعام 2025، والتي تبلغ 607 مليار شيكل، بعد خلافات ومناقشات بين أعضاء الائتلاف. وكان الهدف المعلن للحكومة هو تقديم ميزانية تسمح، من ناحية، بدعم الاحتياجات الأمنية المتزايدة للبلاد والسكان المتضررين من الحرب، ومن ناحية أخرى، تقليص العجز وتشجيع النمو في الاقتصاد. وفي الممارسة العملية، يبدو أن الميزانية المعتمدة من شأنها أن توفر الغلاف الاقتصادي للاحتياجات الأمنية لإسرائيل، ولكن من المشكوك فيه للغاية ما إذا كانت توفر إجابة للاحتياجات الاقتصادية الواسعة للبلاد. إن عدم الرغبة في إجراء تخفيضات كبيرة في أموال الائتلاف وإغلاق الوزارات الحكومية، والأضرار الإضافية التي لحقت بالسكان العاملين، والافتقار إلى الدعم لمحركات النمو للاقتصاد – كل هذا يلقي بظلال من الشك الكبير على القدرة على تلبية توقعات النمو بنحو 4.5 في المئة في العام المقبل، والتي ذكرتها وزارة المالية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأداء الاقتصادي للحكومة يؤكد مخاوف شركات التصنيف الائتماني التي خفضت تصنيف إسرائيل عدة مرات خلال العام الماضي، وحذرت من خطر الأزمة المالية.

لقد تم تصميم ميزانية الدولة للعام 2025 على خلفية عام كامل من حرب “السيوف الحديدية”، والتي ألحقت خسائر فادحة بالاقتصاد المحلي، كما تشير العديد من المؤشرات. أولاً، تجاوز العجز السنوي في أيلول 2024 العجز المخطط له بنحو 2 نقطة مئوية وبلغ 8.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنحو 1.5 في المئة فقط في العام السابق. ثانيًا، تأثر النمو بشدة. في العام 2023، بلغ 2 في المئة فقط – وهو نمو سلبي بنسبة 0.1 في المئة للفرد، عند أخذ النمو السكاني في الاعتبار. وتوقعات النمو للعام 2024 هي واحد في المئة فقط، مما سيؤدي إلى نمو سلبي بنسبة واحد في المئة للفرد. ثالثًا، أغلقت حوالي 59 ألف شركة في إسرائيل منذ بداية الحرب وتم افتتاح 36 ألف شركة جديدة. في عام عادي، يتم افتتاح حوالي 50 ألف شركة جديدة في إسرائيل وإغلاق 40 ألف شركة أخرى. ولولا الدعم الحكومي لكان الضرر الذي لحق بالمؤسسات التجارية أشد وطأة، ولكن من المرجح أن ينعكس هذا الضرر في السنوات القادمة. وإضافة إلى كل هذا، تستمر الحرب في عدة ساحات بدرجات متفاوتة من الشدة، وليس من الواضح متى ستنتهي، وتزداد الأعباء على جنود الاحتياط وأسرهم، وتزداد التحديات الأمنية.

وعلى هذه الخلفية، كان عمل التخطيط للميزانية أكثر صعوبة من الأعوام السابقة. وكان الهدف المعلن للحكومة عشية إقرار الميزانية هو توفير ميزانية تستجيب للاحتياجات الأمنية المتزايدة، وفي الوقت نفسه تساعد الميزانية في الحفاظ على القوة الاقتصادية للبلاد. ولكن فحص الميزانية المعتمدة يلقي بظلال كبيرة من الشك على قدرة الحكومة على تحقيق هدفها المعلن.

 

 

الميزانية التي أقرتها الحكومة: أهم مميزاتها

 

تعكس الميزانية الجديدة زيادة قدرها 20 مليار شيكل مقارنة بميزانية 2024 (587 مليار شيكل)، وزيادة كبيرة قدرها 100 مليار شيكل مقارنة بالميزانية الأصلية لعام 2024، والتي أقرت قبل بدء الحرب. وتعكس الزيادة في الميزانية النفقات العالية المترتبة على إدارة الحرب الحالية. وبالتالي، فإن ميزانية الدفاع للعام 2025 ستكون 117 مليار شيكل، على الرغم من معارضة وزارة المالية لميزانية بهذا الحجم. وعشية إقرار الميزانية، توصلت وزارة الدفاع ووزارة المالية إلى اتفاقات بشأن ميزانية دفاع بقيمة 102 مليار شيكل. لكن على الصعيد العملي، أقرت الحكومة ميزانية أعلى بنسبة 14%، وهي مماثلة لحجم ميزانية الدفاع في العام 2024. علاوة على ذلك، تمت الموافقة على هذه الزيادة قبل تلقي توصيات لجنة فحص ميزانية الدفاع (لجنة ناجل)، والتي من المتوقع أن توصي بزيادة أخرى في ميزانية الدفاع والتي من المرجح أن يتم تمويلها من خلال زيادة هدف العجز. للمقارنة، كانت ميزانية الدفاع للعام 2024 التي تمت الموافقة عليها قبل الحرب 65 مليار شيكل فقط.

وبعيدا عن ميزانية الدفاع، التي تجسد الإنفاق المباشر على المجهود الحربي، فإن تأثير الحرب ينعكس في العديد من أقسام الميزانية الحالية، مثل الخطة الخمسية لإعادة تأهيل وتنمية الشمال بمبلغ 15 مليار شيكل، وبرنامج “تكوما” بحجم 5 مليارات شيكل، والذي يهدف إلى إعادة تأهيل المستوطنات في غرب النقب، وبرامج أخرى مصممة لتعويض ضحايا الحرب. إن هذه النفقات ضرورية، ولكن بطبيعة الحال فإن أموال الميزانية لن تأتي من العدم وستلزم الحكومة بخفض نفقاتها وفي نفس الوقت زيادة العبء الضريبي على الجمهور.

كانت الميزانية فرصة ممتازة للحكومة “للوقوف تحت النقالة” وتقديم مثال للمشاركة في المجهود الحربي. في الممارسة العملية، أضاعت الحكومة هذه الفرصة عندما كان معظم العبء يقع على عاتق السكان العاملين. أبرز المراسيم التي تم فرضها هي زيادة رسوم الضمان الاجتماعي وضريبة الصحة، وزيادة ضريبة القيمة المضافة إلى 18 في المائة وتجميد معدلات ضريبة الدخل، مما سيزيد من مدفوعات العمال. كل هذه المراسيم ستكون محسوسة بشكل جيد في العام المقبل، وخاصة بين الطبقة الوسطى. من ناحية أخرى، منع تأثير العديد من الاعتبارات الائتلافية المزيد من التخفيضات. على سبيل المثال، سيكون نطاق أموال الائتلاف 5.4 مليار شيكل، كما هو محدد في اقتراح الميزانية، بما في ذلك دعم أكثر من 600 مليون شيكل في المدارس الخاصة التي لا تدرس المواضيع الاساسية. كذلك، ورغم الدعوة إلى إغلاق الوزارات الحكومية منذ بداية الحرب، لم يتم إغلاق وزارة واحد، على ما أذكر، فقد تم اقتراح إغلاق خمس وزارات حكومية، وفي ديسمبر 2023، اقترح المستوى المهني إغلاق عشر وزارات. وفي ضوء الاعتبارات الائتلافية، لن يتم خفض أي وزارة حكومية، على الرغم من أن تكلفة كل وزارة تقدر بمئات الملايين من الشواكل. وتجدر الإشارة إلى أن إغلاق الوزارات الحكومية وخفض أموال الائتلاف لن يحل المشكلة. ميزانية العام المقبل، ومع ذلك، كان من المفترض أن تكون أهميتها في قيمتها الرمزية، كقدوة لشعب في حالة حرب.

 

 

وفي الختام، فإن ميزانية 2025 تتميز بميزتين بارزتين:

 

هدف العجز لعام 2025 ارتفع إلى ما يزيد عن 4%، كما وعد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش. ومن المتوقع أن يتجاوز هدف العجز عتبة 5% بعد اعتماد توصيات لجنة ناجل وعملية الموافقة عليها في الكنيست.

الميزانية الحالية لا تتضمن إصلاحات اقتصادية كبيرة أو تدابير أخرى تدعم محركات النمو المستقبلية.

لذلك، هناك اتفاق عام في توقعات وزارة المالية وبنك إسرائيل وصندوق النقد الدولي وشركات التصنيف الائتماني على أن الاقتصاد الإسرائيلي سيعاني في العام المقبل من عجز مرتفع ونمو اقتصادي منخفض نسبيًا. بالإضافة إلى ذلك، يظهر أن المؤسسات الإسرائيلية تميل إلى أن تكون أكثر تفاؤلاً من المؤسسات الدولية. وتجدر الإشارة إلى أنه منذ بداية الحرب تبين أن توقعات المؤسسات الدولية أكثر دقة.

 

 

هل نحن في الطريق إلى أزمة مالية؟

 

لقد كانت الحكومة حتى الآن تمول التكلفة الاقتصادية للحرب من خلال زيادة الديون. ونتيجة لهذا فإننا نشهد زيادة كبيرة في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل، والتي تقترب من 70%، وكذلك في علاوة المخاطر في السندات الإسرائيلية، والتي ارتفعت إلى مستوى يزيد على 1.7%، في حين كانت قبل الحرب عند مستوى 0.8% فقط. (تقيس علاوة المخاطر الفوارق في عائدات السندات الحكومية بالدولار، مقارنة بالعائد على سندات الحكومة الأميركية لعشر سنوات). إن علاوة المخاطر الحالية في إسرائيل تشبه علاوة المخاطر في رومانيا وأعلى من علاوة المخاطر في دول مثل بيرو والمكسيك والمجر. لذا فليس من المستغرب أن تخفض جميع وكالات التصنيف الائتماني تصنيف إسرائيل في العام الماضي، بل وحتى قدمت توقعات سلبية للاقتصاد الإسرائيلي. فقد خفضت وكالة موديز تصنيفها بثلاث درجات، وخفضته وكالة ستاندرد آند بورز بدرجتين، وخفضته وكالة فيتش بدرجة واحدة. إن تصنيف إسرائيل يقترب بشكل مثير للقلق من مستوى “التصنيف غير المرغوب فيه”، وهو ما سيمنع العديد من المستثمرين المؤسسيين من شراء سندات دولة إسرائيل وحتى الشركات الإسرائيلية.

ستستمر وكالات التصنيف الائتماني في فحص السلوك الاقتصادي الإسرائيلي باستخدام عدسة مكبرة في العام المقبل. وقد استشهدت بالفعل في تقاريرها بالحرب المستمرة دون استراتيجية للخروج، والاستقطاب الاجتماعي، والسلوك الاقتصادي غير المسؤول للحكومة الحالية كأسباب بارزة لزيادة المخاطر الاقتصادية للاستثمار في إسرائيل. وقد صرحت جميعها بأن عجز إسرائيل سيكون أعلى مما تتوقعه وزارة المالية. وتتوقع عجزًا يصل إلى 6٪ في عام 2025 .

لتخفيف هذه المخاوف، يجب على الحكومة الموافقة على ميزانية مسؤولة لعام 2025 والتي ستظهر أنها تأخذ التحديات الاقتصادية التي تواجه إسرائيل على محمل الجد. وإلا فإن فرصة وقوع إسرائيل في أزمة مالية في السنوات القادمة ستشتد. لقد شهدت إسرائيل بالفعل مثل هذه الأزمة في خضم الانتفاضة الثانية. وبحسب هذا السيناريو، يفقد المستثمرون الثقة في قدرة الدولة على سداد ديونها، وترتفع علاوة المخاطر، وتصبح الحكومة عاجزة عن تمويل نفقاتها من خلال زيادة الديون. وسوف تؤدي الأزمة المالية إلى أزمة مالية، وهو ما من شأنه أن يدفع الاقتصاد إلى الركود العميق. ولن تلحق هذه الأحداث الضرر بالقوة الاقتصادية للبلاد فحسب، بل وأيضاً بالمجهود الحربي بأكمله. ومن الصعب أن نتخيل وضعاً تحافظ فيه دولة إسرائيل على حرية عملها الأمني ​​في حين ينهار اقتصادها.

ومن المتوقع أن تتم الموافقة على الميزانية من قبل الكنيست في غضون ثلاثة أشهر تقريباً. وهذه فترة طويلة بما يكفي لكي تتمكن الحكومة من إجراء التعديلات المناسبة بناء على توصية وزارة المالية. إن تلبية هدف العجز بنسبة 4%، وإغلاق الوزارات الحكومية، وخفض أموال الائتلاف والدعم الواسع لمحركات النمو، تشكل مجموعة صغيرة من التوصيات التي قد تعمل على تحسين الوضع الاقتصادي في إسرائيل. إن أهمية الاقتصاد القوي والمستقر تشكل أهمية بالغة بالنسبة للأمن القومي الإسرائيلي في أوقات السلم، بل وأكثر من ذلك في أوقات الحرب.

--------------------------------------------

 

 

هآرتس 27/11/2028

 

 

 

لاتفاق مناقض لمباديء اليمين وروح القاعدة، لكن اعضاء الحكومة لا ينبسون ببنت شفة ضده

 

بقلم: رفيت هيخت

اكثر من أي شيء آخر، يبدو أن اعضاء الحكومة يخجلون. أو على الاقل لا يتفاخرون بشكل خاص – باتفاق وقف اطلاق النار في لبنان امام حزب الله الذي دفع بنيامين نتنياهو نحوه بكل القوة. باختصار، عندما يبررون الاعيب تسويق نتنياهو فان الحديث يدور عن اتفاق مناقض لمباديء اليمين وروح القاعدة والاقوال الفارغة حول النصر المطلق، وفوق كل ذلك هو مناقض لرغبة معظم رؤساء السلطات في الشمال الذين يرفض سكانه العودة الى بيوتهم. حتى نتنياهو يبدو أنه لا يصدق وعوده بخصوص اعادة سكان الشمال بشكل آمن – هو نفسه لم يخاطر بدعوتهم الى العودة الى بيوتهم.

إن حرج الحكومة وقف وراء الاحاطات السريعة لاعضاء الحكومة حول الضغط الشديد من قبل الادارة الامريكية. هذه الاحاطات شملت اخطار مختلفة جدا، التي مشكوك فيه اذا كان لها أي صلة حقيقية بالواقع الذي يوجد خلف صفحات رسائل نتنياهو، مثل تمرير قرارات ضد اسرائيل في مجلس الامن بدون فرض الفيتو الامريكي، وتسهيلات مبالغ فيها للفلسطينيين، وبالطبع تأخير ارساليات السلاح.

التلميح الى انهزامية الادارة الديمقراطية، وهو عمل ينكر الجميل، وقف في مركز خطاب نتنياهو، الذي قرر بنفسه ما هو النصر المطلق، حتى لو لم يكن لذلك أي صلة بالواقع الحقيقي لعشرات آلاف الاسرائيليين المخلين. البيبية، التي لا ترتبط سواء باليمين أو اليسار، تكتفي بذلك اصلا. واكثر من ذلك أن نتنياهو لم يعد حقا يهتم.

بعض الاعضاء في الحكومة اظهروا خلال اليوم فجأة براغماتية يقظة بشأن “عالم بدائل”، الذي فيه الاتفاق هو الافضل الذي كان يمكن التوصل اليه. ولكن الدليل الافضل على حرج الحكومة هو رفض الكثير من الوزراء تسميتهم في قائمة المؤيدين الواضحين لخطوة نتنياهو. أي واحد منهم لم يرغب في أن يسجل في القاعدة المؤيدة للاتفاق، لكنهم لم يتجرأوا على الوقوف ضده.

باستثناء قلائل مثل عميحاي شكلي، دان اليزور، عميت هليفي، تالي غوتلب وموشيه سعادة، في القائمة حافظوا على الهدوء. “في قاعدتنا توجد معارضة شاملة تقريبا لهذا الاتفاق”، قال وزير من الليكود. “لكن حجم هذه المعارضة لم يصل الى مستوى يزعج بيبي، الذي عمل في هذه المرة بقوة كي يمرر الاتفاق”.

نتنياهو حاول تأطير الاتفاق مع حزب الله على أنه وقف مؤقت لاطلاق النار، يخضع للامتحان، وأن يبث رسالة تقول بأنه يكسب الوقت الى حين دخول ترامب الى البيت الابيض، الذي سيمنحه كما يبدو حرية عمل اكبر. اضافة الى أنه لا يوجد أي شخص جدي يصدق نتنياهو، إلا أن هناك مكان للشك بأن ترامب ايضا كان معني جدا بوقف اطلاق النار الذي يدور الحديث عنه، واحتمالية السماح باستئناف الحرب في ولايته هي صفر تقريبا (“ترامب يريد تسلم منصبه في الوقت الذي لا تكون فيه حرب”، قال مصدر مطلع على المحادثات).

في تصريحه المسجل والمحرر حاول نتنياهو العودة الى العامل المعروف بالنسبة له وهو التلويح باجتثاث تهديد ايران كذريعة لاهمال كل المشكلات الاخرى (ليس أن الهدف الاساسي تحقق، وبالتأكيد ليس في السنة التي هاجمت فيها ايران اسرائيل بمئات الصواريخ، والآن هي تسسرع الخطى نحو السلاح النووي). وعلى سؤال لماذا في الشمال يمكن العودة والقتال متى شئنا أو عند الحاجة، وفي غزة، التي يوجد فيها اخوتنا واخواتنا الذين يعانون من التنكيل المتواصل، لا يمكن فعل ذلك؟. هو لم يكلف نفسه عناء الرد على هذا السؤال.

إن فصل الساحات يعتبر انتصار لاسرائيل، وانجاز يمكن أن ينسبه نتنياهو لنفسه. ولكن محظور نسيان الفرق الجوهري بين الجبهات، الذي يقف في علاقة معاكسة مع اهمية استمرار الحرب. انهاء الحرب في غزة سيخيب أمل الشركاء اصحاب الطموحات العقارية في القطاع. لذلك فان من شأنه أن يحل الحكومة. انهاء القتال في الشمال لم يطرح تهديد كهذا لأنه باستثناء عدد من الحالمين فان لا احد يريد الاستيطان في لبنان. هذا كما يبدو هو معظم القصة اذا لم يكن كلها.

--------------------------------------------

معاريف 27/11/2024

 

 

ماذا ستفعل "حماس" بعد التسوية مع "حزب الله"؟

 

 

 

بقلم: إيال عوفير

 

قبل عام، شكّل الابتهاج الذي ساد شوارع غزة لدى رؤية السيارات التي تعيد المخطوفين الإسرائيليين، بالنسبة إلى "حماس"، بداية عملية القضاء على إسرائيل. وبينما كان الغزيّون يحتفلون بـ"يوم العبور" إلى أراضي "فلسطين المحتلة"، استعدت قيادة "حماس" للرد الإسرائيلي الآتي. لقد فعلت ذلك بمساعدة 3 مبادئ كانت دائماً جزءاً من كتاب معركة "حماس".

تدرك "حماس" أنها العدو الأضعف لإسرائيل من الناحية العسكرية، فـ "حزب الله" وإيران، وأيضاً الحوثيون، الذين لم نكن نسمع باسمهم قبل بداية الحرب، كلهم أقوى منها عسكرياً. لذلك، تركّز أسلوب "حماس" على 3 مسائل في حملة التأثير في الوعي التي حققت تأثيراً قوياً لم يكن في مقدور "حماس" تحقيقه بقوتها العسكرية:

العنصر الأول - إزاء العالم: استخدمت "حماس" مواطنيها، وقدمتهم ضحايا للهجمات الإسرائيلية، وذلك بهدف مزدوج: فرض قيود كبيرة على استخدام الجيش الإسرائيلي للقوة، ودفع العالم إلى التبرع من أجل تغطية الحاجات الاقتصادية للغزّين من الطعام والوقود والعلاج الطبي.

العنصر الثاني - إزاء إسرائيل: استخدمت "حماس" المخطوفين من أجل "الضغط شعبياً على حكومة العدو". الهدف من استخدام المخطوفين ليس التوصل إلى إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، مثلما تعودنا في الماضي، بل كان الهدف استراتيجياً، في أغلبيته: استخدام المخطوفين لتقسيم إسرائيل من الداخل والاحتفاظ بهم رهائن، للمحافظة على حُكم "حماس" في القطاع.

العنصر الثالث - الحملة على الوعي، بعيداً عن أنظار المواطنين الإسرائيليين، لأن الجمهور المستهدف هو العالم العربي. ومن خلالها، طرحت "حماس" النظرية النقيضة لمسار التقارب الذي يطرحه الغرب، ولوّحت بـ"إنجازاتها" العسكرية، بهدف استمالة القوى الأُخرى للانضمام إليها.

وفعلاً، في بداية المعركة، ومن حُسن حظ إسرائيل الكبير أن "حزب الله"، الذي فوجئ بالموعد الذي وضعه السنوار للمعركة، انضم إلى المعركة على "نار خفيفة". لكن بمرور الوقت، تحولت المعركة في مواجهة "حزب الله" إلى المعركة الأساسية: والضغط العسكري على الجبهة الداخلية يأتي اليوم من "حزب الله"، ومن الحوثيين، ومن الميليشيات العراقية، ومن إيران، أكثر مما يأتي من القدرات العسكرية التي بقيت لـ"حماس"، والتي لم تعد موجودة، بالنسبة إلى الجبهة الداخلية.

بخروج "حزب الله" من دائرة المواجهة العسكرية المباشرة ضد إسرائيل تفقد "حماس" جزءاً مهماً من عنصر الضغط العسكري على إسرائيل. لكن يجب أن نتذكر أنها لا تزال تمتلك العنصرين الأول والثاني، اللذين تستمد منهما تشجيعاً كبيراً. بالنسبة إلى "حماس"، إصدار أوامر اعتقال دولية من قضاة محكمة الجنايات الدولية ضد رئيس الحكومة يبعث برسالة إلى "حماس" بأنها على الطريق الصحيح.

تعتبر "حماس" أن جزءاً أساسياً من المصلحة الإسرائيلية في التوصل إلى اتفاق مع لبنان هو ضغوط إدارة بايدن المنتهية ولايتها ووقف شحنات السلاح. لكن من جهة، يدركون في "حماس" أنه خلال شهرين، ستتبدل الإدارة الأميركية، وسيجدون أنفسهم في ساحة دولية مختلفة تماماً. بالنسبة إلى "حماس"، النقطة الأساسية التي لا تزال تلعب لمصلحتها هي الوضع الداخلي الإسرائيلي: فهم يرون الانقسام الداخلي في إسرائيل، ويستغلونه من خلال أفلام الفيديو وصور المخطوفين، تماماً مثلما ورد في وثيقتهم الاستراتيجية، من أجل تقسيم الجمهور الإسرائيلي من الداخل.

في مواجهة كل هذه العناصر الموجودة في كتاب اللعبة الأساسية لـ"حماس"، برز عنصر جديد، هو الأخطر من كل العناصر الأُخرى: العملية الإسرائيلية المستمرة في شمال القطاع التي تصل اليوم إلى يومها الخمسين. الجزء الأكثر إثارةً للقلق، بالنسبة إلى "حماس"، ليس مقتل وأسر المئات من مقاتليها، بل هو، تحديداً، السكان المدنيون الذين يجري إجلاؤهم عن شمال القطاع.

باتت بلدة بيت حانون خالية تماماً، وعملياً، أصبحت المستوطنة الغزّية الأولى، وتحولت إلى مدينة أشباح. لقد فرغت سائر بلدات الشمال من السكان تقريباً، عطاطرة، وبيت لاهيا، ومخيم اللاجئين في جباليا، لكنها لا تزال تشهد قتالاً، وبقي فيها بضعة آلاف من السكان، بينما انتقل عشرات الآلاف من هناك إلى غربي مدينة غزة (وقلائل فقط انتقلوا إلى جنوب معبر نتساريم).

إن المصلحة الأولى لزعامة "حماس"، الآن، هي في عدم خسارة سيطرتها المدنية على شمال القطاع، وعلى مدينة غزة. وما دامت إسرائيل مصرة على الاستمرار في إجلاء المدنيين عن مناطق القتال في شمال القطاع، وخصوصاً إذا نجح الجيش في تكثيف قواته لممارسة مزيد من الضغط على "حماس" في سائر الأجزاء الغربية والجنوبية من مدينة غزة، فإن هذا سيزيد الضغط على قيادة "حماس"، وربما توافق أخيراً على إطلاق جميع المخطوفين.

--------------------------------------------

يديعوت 27/11/2024

 

 

حرب غزة: إسرائيل تسقط في "المصيدة"

 

 

 

بقلم: ميخائيل ميلشتاين

 

بدا النقاش بشأن السياسة الإسرائيلية في قطاع غزة خلال الأسابيع الماضية كأنه لغز مليء بالأسرار. تتم الإجابة عن أسئلة عن هدف العملية التي انطلقت منذ شهر تقريباً في شمال القطاع، وكيف يمكن تحقيق هدفَي الحرب- تفكيك قدرات "حماس" الحكومية والعسكرية وتحرير المخطوفين- بإجابات تخمينية من خبراء ومحللين وصحافيين يستمدون معرفتهم من إشارات، أو أخبار، أو من متّخذي القرار.

وفي الوقت نفسه يتم تغيير وجه القطاع، جغرافياً وديموغرافياً. هناك مساحات خالية من السكان تبدو واضحة في جميع مناطق الفصل، وفي مقدمتها "منطقة نتساريم"، ويتم أيضاً بناء محاور سيطرة أمنية تقسّم القطاع. ما يحدث هو خطوات ذات منطق عسكري، من المتوقع أن تصبح ثابتة، وتغيّر الواقع أعواماً طويلة، مستقبلاً، وهو ما سيؤثر في وضع ومكانة إسرائيل بطريقة شبيهة بما جرى سابقاً خلال البقاء في الجنوب اللبناني في الفترة 1982-2000، حين كان للمنطق العسكري أرجحية على التفكير الاستراتيجي الطويل المدى. وهذا كله يحدث في الوقت الذي لا تخرج القيادة إلى الجمهور، وتشرح بالتفاصيل ما هي الأهداف، ومن دون إجراء أيّ حوار داخلي حاد ونقدي إزاء الموضوع.

يُرجّح أيضاً أن يكون ما يحدث بداية حُكم عسكري. لكن هنا أيضاً توجد فجوة، لأن الجيش أوضح أنه ينوي الخروج من المناطق التي يعمل فيها، الآن، وفي مقدمتها جباليا، مع نهاية القتال فيها. الواضح الآن أن هناك التزاماً غريباً إزاء استراتيجية المرحلة الثالثة من الاقتحامات المستمرة، والذي ثبت فيه أن مع كل خروج ونهاية اقتحام تعود "حماس" لملء الفراغ، وهو ما يدفع الجيش إلى التخطيط للدخول الرابع إلى جباليا، على ما يبدو.

 

 

خطاب الأوهام

 

في الخلفية، تتعالى الأصوات التي تطالب بتجديد الاستيطان في قطاع غزة، ومن ضمن هذه الأصوات ممثلون لحزب الليكود الذي عقد مؤتمراً كبيراً برعايته، الشهر الماضي. وفي هذا السياق من المهم الإشارة إلى أن آخر مرة عبّر فيها نتنياهو عن رأيه في الموضوع كانت في حزيران، حينها، قال إن الموضوع "غير واقعي". هذا بالإضافة إلى ورود مزيد من الأنباء عن خطط لدمج شركات أجنبية وجِهات عربية من أجل تنظيم وتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، وهو تعبير آخر عن حوار وهمي رافقنا منذ السنة الماضية، وفي إطاره جرى طرح أفكار مختلفة، مثل سلطة العشائر و"الفقاعات" المدنية، أو إقناع الدول العربية بتحمُّل المسؤولية المدنية والأمنية في غزة.

هذه الفوضى الفكرية الضبابية هي الوصفة الأمثل لكارثة استراتيجية. لا توضح القيادة أيّ شيء بخصوص المنطق الناظم، أمّا النقاشات الحادة التي تجري بشأن "اليوم التالي"، فتستند إلى كمية ضئيلة جداً من المعطيات وكثير من الأمنيات. عملياً، إنها صراعات على دبّ لم يتم صيده بعد، خصوصاً أن غزة لا تزال تعيش اليوم السابق، على الرغم من الضربات الصعبة التي تلقّتها "حماس"، وفي مقدمتها اغتيال السنوار، فإنها لا تزال القوة المهيمنة في المنطقة، ولم تتفكك، أو تُظهر أيّ مؤشرات إلى الليونة بشأن قبول "صفقة" - بعكس العقيدة الإسرائيلية التي تقول إن مزيداً من الضغط العسكري سيؤدي إلى ذلك - وفي الوقت نفسه لا يوجد أيّ بديل من "حماس"، أو مَن يريد استبدالها أساساً، لا داخل القطاع، ولا خارجه.

 

 

فوضى ميدانية

 

تُترجم "سلطة الأفكار" هذه إلى فوضى ميدانية، يختلط فيها الجيش و"حماس"، والعشائر المسلحة التي بدأت ترفع رأسها في عدد من المناطق، وجموع النازحين. هذا الواقع يضمن استمرار الحرب أعواماً طويلة، حسبما يوضح متّخذو القرار، لكن من غير الواضح عدد الأعوام التي يتحدثون عنها، وكيف سيتغير الواقع في غزة، وفي الأساس، كيف سيقود هذا إلى تحرير المخطوفين، الهدف الذي يبدو أن السياسة الحالية تحبطه.

يجب ألّا يبقى السؤال الاستراتيجي عن غزة، والذي يسخر بعض السياسيين والمحللين من مجرد طرحه، ضبابياً، أو "سرياً"، مثلما يجري في أنظمة غير ديمقراطية. هذه القضية جوهرية بالنسبة إلى مستقبل إسرائيل، وستحدد حياة الجمهور الذي سيشارك أيضاً في الأثمان، ويتأثر بالإسقاطات. يجب على القيادة طرح صورة واضحة لسياستها، ويجب على الجمهور أن يطالب بإجابات، وفي الأساس، أن يطرح تحفظات في حال وجد فجوات، أو لاحظ أن ما يُطرح عليه عبارة عن شعارات عامة ورؤية، بدلاً من الاستراتيجية.

الحقيقة أن إسرائيل تعيش حرب استنزاف في غزة، نهايتها غير واضحة. والعدو الذي يعتنق أيديولوجيا متطرفة، من غير المتوقع أن ينهار، أو يخضع، كما أن الغزيين لا يُبدون أيّ إشارات تدل على الاحتجاج ضد "حماس". صحيح أن قوة "حماس" تلقت ضربة حرجة في الحرب، لكنها لا تزال تقاتل في كل نقطة يوجد فيها الجيش، حتى في المناطق التي قيل إنها "أُخضعت". هذا يتطلب مرة أُخرى فهماً لمفترق الطرق الاستراتيجي الذي تواجهه إسرائيل، فمن جهة، هي أمام احتلال قطاع غزة بشكل كامل، والبقاء فيه، ولا يبدو أن هناك رغبة، أو قدرة على القيام بذلك الآن، وهذا يمكن أن يضمن تفكيك "حماس"، لكنه لن يضمن عودة المخطوفين، ومن جهة أُخرى، عقد صفقة فوراً، على الرغم من الأثمان المؤلمة (تحرير المخطوفين والانسحاب من غزة). هذا الأقل سوءاً من بين الخيارات، ويسمح بتحرير المخطوفين، والمضيّ في بلورة استراتيجية منظمة بشأن غزة للمدى البعيد، لم تكن موجودة عشية السابع من تشرين الأول، وأشك في أن تكون موجودة الآن أيضاً.

--------------------------------------------

 

 

هآرتس 27/11/2024

 

 

 

اتفاق وقف النار في لبنان تجاوز قطاع غزة ويبقي الفلسطينيين وحدهم

 

 

 

بقلم: جاكي خوري

 

اتفاق وقف اطلاق النار بين اسرائيل وحزب الله، الذي دخل فجرا الى حيز التنفيذ، سينهي (كما يبدو) جولة القتال الحالية في لبنان. تفاصيل الاتفاق والصياغة ورسائل الضمانات ستكون ضبابية، أو خاضعة لتفسير كل طرف من اجل التسهيل على المصادقة عليه. في لبنان يمكن الاعلان بأن “نحن حافظنا على القرار 1701 كما هو”. وفي اسرائيل سيقولون “نحن نحافظ على حقنا في حرية العمل والدفاع عن النفس”. وبالتأكيد سيكون ايضا عدم اتفاق حول آلية التنفيذ والرقابة على الاتفاق بين اسرائيل والجيش اللبناني وحزب الله وقوة الرقابة التي ستشمل الولايات المتحدة وفرنسا ودول اخرى.

لكن توجد قضية واحدة اصبحت واضحة وليس فيها أي ضبابية. وقف اطلاق النار في لبنان لا يشمل شرط وقف الحرب في قطاع غزة وعمليات الجيش الاسرائيلي هناك. المعركة في الشمال، التي بدأت كحرب لدعم غزة يتم انهاءها بدون تحقق هذا الهدف. اسرائيل ونتنياهو سينسبون ذلك الى انفسهم وسيكررون ذلك في ورقة الرسائل.

في لبنان هذه القضية سيتم طرحها مرة اخرى للنقاش الواسع. الكثير من اللبنانيين، بما في ذلك من يؤيدون حزب الله، سيتساءلون هل الحديث يدور عن التخلي عن الفلسطينيين أو عن قرار شرعي ازاء الضربات التي تلقاها الحزب والتداعيات المدمرة للمعركة على لبنان وجنوبه. حزب الله اعطى الجواب، اشارة سميكة يمكن ايجادها في الخطاب الاخير للامين العام نعيم قاسم الذي اوضح بأن حزب الله فعل كل ما في استطاعته بالنسبة لقطاع غزة والفلسطينيين ودفع ثمنا باهظا. قاسم القى المسؤولية عن القضية الفلسطينية على الأمة العربية والاسلامية والزعماء وعلى المجتمع الدولي. بين السطور الرسالة كانت واضحة: حزب الله لا يمكنه العمل لوحده اذا لم تتجرأ عشرات الدول على العمل معا.

الخلاصة، بعد 14 شهر على الحرب والدمار فان الفلسطينيين مرة اخرى بقوا لوحدهم. جبهة الدعم في الشمال بأمر من الامين العام السابق لحزب الله، حسن نصر الله، تم اغلاقها. رغم “خيبة الامل والغضب” لرؤساء السلطات في الشمال فانه اذا تم الحفاظ على الاتفاق فانه في مستوطنات خط المواجهة سيعود الهدوء المأمول، وفي لبنان سيحاولون البدء في اعادة الاعمار، وقيادة حماس يجب عليها العثور على جبهة دعم اخرى.

في حماس، وبشكل عام في الساحة الفلسطينية، لا يتفاجأون من ذلك. فالرسائل التي حصلوا عليها مؤخرا كانت واضحة بما فيه الكفاية. حزب الله، بمصادقة ايران، لن يفشل الاتفاق من اجل الفلسطينيين ومن اجل غزة. نفس الامر ينطبق بالضبط على لبنان. فبعد الاتفاق لن يكون لدى حماس جواب على ما هي وجهتها. فالبنى التحتية والتنظيمية والعسكرية لها في القطاع مدمرة. الولايات المتحدة تستخدم الضغط الشديد على قطر لاغلاق مكاتب حماس في الدوحة، ولا يوجد أي تقدم في المصالحة الفلسطينية الداخلية. هذه الصورة البائسة تنطبق ايضا على السلطة الفلسطينية، وعلى رئيسها محمود عباس. فهو وحاشيته ايضا بحاجة الى اجابات بحكم دورهم ومسؤوليتهم، اذا لم يكن للقطاع فللفسطينيين في الضفة. في ظل جشع اسرائيل المتزايد للضم ولتفكيك السلطة، وامام ادارة امريكية يحتمل أن تعطي اسرائيل الدعم لمثل هذه الخطوات فانه من غير المستبعد أن تخرج القيادة في رام الله الى المنفى. ايضا يجب على حماس وقيادة السلطة الفلسطينية في رام الله اعطاء جواب للجمهور الفلسطيني – أين وجهتهم امام تحديات يمكن أن تكون وجودية.

في القطاع وفي رام الله ايضا تذكروا في هذا الاسبوع الصورة التي نقشت في الذاكرة الجماعية للفلسطينيين واللبنانيين، خروج قادة م.ت.ف والمفاتلون من بيروت في 1982، بعد انتهاء معارك دموية صعد ياسر عرفات على متن سفينة وذهب الى المنفى. وعندما سئل الى أين يذهب. قال: الى فلسطين.

عرفات وآلاف المقاتلين بحثوا عن ملجأ لهم. المقاتلون انتشروا في عدة دول، وعرفات نفسه، بعد رحلة قصيرة في سوريا وعودة مؤقتة الى لبنان، استقر في تونس وانتظر هناك. للوهلة الاولى كان يبدو أن القضية الفلسطينية دخلت الى حالة الافول التي هددت استمرار وجودها، والعالم العربي كان لامباليا بها كالعادة. والعالم كان ينشغل بقضاياه. الخلاص جاء بالذات من الساحة الداخلية، اندلاع الانتفاضة الاولى فاجأ العالم، اسرائيل وقيادة م.ت.ف في تونس، والعالم تذكر مرة اخرى القضية الفلسطينية. الانشغال المجدد بالقضية نتج عنه مؤتمر مدريد واتفاق اوسلو. ولكن الآن بعد مرور 29 سنة فانه لا يوجد في اسرائيل رابين، ولا يوجد ياسر عرفات للفلسطينيين. في بيروت لا توجد م.ت.ف وحزب الله غادر الساحة. ولكن يوجد شيء واحد الوضع فيه متشابه وهو أن الفلسطينيين بقوا لوحدهم.

--------------------------------------------

 

 

إسرائيل اليوم 27/11/2024

 

 

 

نحن نفقد فرصة ذهبية

 

 

 

بقلم: د. يوسي منشروف

 

 

 

باحث في شؤون ايران، حزب الله والميليشيات الشيعية في معهد مسغاف للامن القومي والاستراتيجية الصهيونية

 

وقف النار المتحقق مع حزب الله وان كان يتضمن إنجازا استراتيجيا في شكل فك الارتباط بين ساحات القتال في لبنان وفي قطاع غزة، لكنه في نفس الوقت يعكس تفويتا لفرصة ذهبية توجد في ايدي إسرائيل.

بطبيعة الأحوال، تبرز ايران في غيابها في اتفاق وقف النار المتحقق. فهي ليس طرفا في الاتفاق ولن تكون ملتزمة به. من غير المعقول ان توافق على أن تتخلى عن منظمة حزب الله، ذراعها الاستراتيجي المتصدر في الشرق الأوسط، الذي يؤدي دورا هاما في تحقيق خطتها لفرض الهيمنة الإيرانية في المنطقة وخطتها لابادة إسرائيل – وعليه فان ايران ستستغله، فورا بعد وقف النار، كي تحرك خطة شاملة لترميمه وحفظ هيمنتها في لبنان.

معقول أن يختار حزب الله بداية ان ينطوي على نفسه وان يرمم نفسه ومكانته، بعد أن تلقى انتقادا من أوساط قاعدته الاجتماعية في الطائفة الشيعية أيضا. بمعونة مليارات الدولارات من ايران سيفعل خطة ترميم مكثفة.

والى ذلك يجدر بنا أن نتذكر الوحدات المختلفة في فيلق القدس، المسؤولة عن تسليح وتعاظم حزب الله ستؤدي غايتها وستعمل من تحت الرادار. هذه الوحدات – وعلى رأسها وحدة 190 المسؤولة عن تهريب السلاح لحزب الله؛ والوحدة 340، المسؤولة عن تحسين الدقة، توسيع المدى وزيادة قدرات التدمير لمنظومة الصواريخ لحزب الله – انكشفت مؤخرا في وسائل الاعلام، في اطار الصراع الاستراتيجي بين إسرائيل وايران. فضلا عن ذلك، فان نشطاء حزب الله وبينهم قوة الرضوان، سيعودون لتلقي التدريب والتأهيل في ايران وبينهم من سيساعدونه في تحقيق تطلعه لاجتياح إسرائيل في اطار خطة “احتلال الجليل”.

 

 

مباديء إشكالية

 

في الاتفاق المتحقق تبرز مباديء إشكالية. كما ثبت مع اليونيفيل، لا يمكن لإسرائيل أن تودع امنها في ايدي دول أخرى للمساعدة في انفاذ القرار 1701. كما ان الجيش اللبناني – الذي هو المرسى الاستراتيجي المركزي في السياسة الامريكية في لبنان – مخترق من حزب الله، بعض من مقاتليه يعملون فيه كضباط هو أدنى مقارنة بحزب الله وعديم القدرة او الدافع للوقوف في وجهه، مثلما تتوقع الولايات المتحدة منه أن يفعل في إطار الاتفاق.

لقد سبق لخامينئي زعيم ايران أن اعلن ان حزب الله هو المنتصر في الحرب. رئيس اركان القوات المسلحة الإيرانية، محمد بكري، اعلن أمس بان تطلع إسرائيل لان تعيد الامن الى الشمال ليس الا وهم. رغم تصفية القيادة العليا لحزب الله وزعيمه، والضربة غير المسبوقة التي تلقاها الحزب، فان طهران تتطلع الى الامام – فهي تتمسك لبقاء حزب الله وبالهجمات المتواصلة التي نفذها، كي تدعي انتصاره ومسيرة التعلم التي ستعمل عليها كي تحسن جاهزيته للحرب التالية ضد إسرائيل.

ان غياب منطقة فاصلة يعد بان يعود حزب الله الى الحدود برعاية سكان جنوب لبنان ويستأنف التهديد الكامن الذي سيتصاعد كلما رمم – بمساعدة إيرانية مكثفة – بناه التحتية في المنطقة. بعد أن تنسحب إسرائيل من لبنان وتسرح قوات الاحتياط، سيصعب عليها العودة الى القتال المكثف ضد حزب الله. وغياب جهاز مطلق يضمن لها حرية العمل في الحالات التي يخرق فيها حزب الله في الاتفاق، برعاية ايران، يدل على ان إحساس تفويت الفرصة الذي يشعر به الكثيرون في إسرائيل محق.

ان الإنجازات الهامة التي حققتها إسرائيل في ميدان المعركة في لبنان لا تترجم في الاتفاق المتحقق الى مباديء تضمن اهداف هذه الحرب التي اعدت لتثبت ان إسرائيل لم تعد أسيرة للمفهوم المغلوط لـ 6 أكتوبر. فضلا عن هذا، فانه طالما لم تعالج ايران – التي تدير منظومة الوكلاء، والتي حزب الله هو فيها “درة التاج” – فمن المتوقع لها أن تواصل تآمرها في لبنان كي لا يتضعضع احتلالها له من خلال حزب الله.

--------------------------------------------

 

 

هآرتس 27/11/2024

 

 

 

لتسويق وقف اطلاق النار، نتنياهو أكد على استخفافه بالجنود والمخطوفين في غزة

 

 

 

بقلم: يوسي فيرتر

 

بأي سهولة وبأي سرعة وتصميم، تقريبا بدون أن يرف له جفن، ينهي بها نتنياهو الحرب في لبنان، وبأي تصميم واستخفاف وانغلاق يرفض اخراج الجيش الاسرائيلي من قطاع غزة. شهران من العمليات البرية في لبنان مع انجازات عسكرية تكتيكية مهمة كانت تكفيه من اجل الاعلان أمس بأنه تم تحقيق الاهداف. ولكن 13 شهر من العمليات البرية في القطاع مع انجازات اكثر اهمية لا تكفيه لانهاء الحرب والانتشار كما هو مطلوب على الحدود الدولية والحفاظ على حرية العمل والاحباط – في المقام الاول اعادة المخطوفين.

القراء مدعوون الى أن يأخذوا خطاب “أنا، أنا وأنا” المتبجح الذي القاه، واستبدال كلمة “حزب الله” بـ “حماس”، وانظروا الى العجيب: الامور تسري ايضا بالضبط بنفس الدرجة. فقط النية الحسنة والانسانية هي الناقصة.

الانسحاب بالتدريج من لبنان لا يعرض حكومته للخطر، أو تقريب الانتخابات أو تسريع المحاكمة – كما يبدو حتى يمكن الذهاب ضد “القاعدة” (اصلا لا توجد انتخابات في السنة القادمة). صحيح أن دعم الجمهور حسب الاستطلاعات حول قضية انهاء الحرب في غزة وصفقة التبادل هو تقريبا صورة مشابهة لقضية الشمال حول وقف اطلاق النار، التي معظم الجمهور لا يصدقها.

نتنياهو اضطر الى تسويق وقف اطلاق النار مع الادراك بأنه يجب أن لا تكون محلل عسكري أو حتى شاويش في الجيش كي تعرف بأي ضوء سخيف هو يطرح بقاءها عالقين في غزة. “الحرب (في الشمال) لن تنتهي الى حين تحقيق كل الاهداف واعادة سكان الشمال الى بيوتهم”. أمس قال “هذا سيحدث بالضبط كما حدث في الجنوب”. لماذا اذا في الجنوب ما تزال الحرب مستمرة؟ الجواب هو أن الحرب في الجنوب استهدفت الاستمرار قبل وبعد الحرب في الشمال، لا سيما عندما يكون نتنياهو منشغل باعادة استنساخ آخر للتاريخ و”حرب النهضة” له، هذا كان واضح جدا أمس.

نتنياهو وصف نفسه بأنه جندي شجاع قاد الجيش خلفه الى داخل لبنان وقام بتصفية حسن نصر الله. الحقيقة هي أن نتنياهو كان ينوي مواصلة السماح للجبهة الشمالية بأن تدار لفترة اطول بنفس الطريقة كما كان قبل شهرين: قصف من الجو، حدود فارغة من السكان، منطقة كاملة منهارة اقتصاديا واجتماعيا. حادثة البيجرات التي لم يخطط لها هو نفسه، جرت وراءها عدة احداث ثبتت القصور الشخصي بمجرد حدوثها. من اللحظة التي بدأت فيها العملية البرية فان نتنياهو عمل طوال الوقت (كما يجب) كي يجد ثغرة الخروج الاقرب، خلافا لغزة. مرة اخرى شاهدنا أمس مذيع الاخبار في ابهى صوره أو اسوأها، هذا يتعلق بالمشاهد، وهو يتحدث كثيرا عن “الساحات السبع”، وبعد ذلك يصل الى لبنان من خلال العودة الى الوعد الفارغ لاطلاق سراح جميع المخطوفين. على الاقل الآن هو لن يعد بـ “ضغط عسكري شديد” لاعادتهم.

أي رئيس حكومة تولى منصبه هنا، الذي تهمه حياة الانسان وقلبه غير مصنوع من الحجارة ولديه عمود فقري، كان سيتصرف بشكل مختلف ويخرج من غزة. نتنياهو يستمر في الكذب والتضليل والتنكيل بعائلات المخطوفين المحطمة، وهو يضع على صدره وبدون خجل الاشارة الصفراء، وفي نفس الوقت يفشل بشكل اجرامي ما تمثله هذه الاشارة.

وسائل الاعلام نشرت أمس مرة تلو الاخرى خطاب نتنياهو، عندما انتهت حرب لبنان الثانية في 2006، الذي اشار فيه الى نقاط الضعف والنقاط الاشكالية. بيبي المعارض كان سيجد الذرائع لرئيس الحكومة نتنياهو. ولم يكن ينقصه ما يطرحه. يكفي النظر الى الثقوب في الاتفاق، ووفقا لذلك تأتي عدم ثقة سكان الشمال: لا توجد منطقة عازلة التي طالبوا بها في كل مناسبة؛ التنفيذ ملقى على مسؤولية الجيش اللبناني وقوة اليونفيل، بمعان كثيرة ما كان هو ما سيكون.

أنا اغلق جبهة لبنان، هكذا برر نتنياهو، لأنني اريد التركيز على جبهة ايران. أي ولد كان يمكنه التنبؤ بأنه سيقول ذلك. دائما ستكون لديه ايران. ومن جهة اخرى فانه فقط في منتهى السبت استخدم بتصريح مسجل، بنفس المدة كما كان أمس، تم تكريسه للجبهة الثامنة: الشباك والجيش والشرطة الذين يحققون في قضية فيلدشتاين واوريخ واينهورن. ربما انهاء الحرب في لبنان استهدف تفرغ رئيس الحكومة لهذه الجبهة.

في نهاية المطاف ايضا هذا القرار هو قرار سياسي اكثر مما هو سياساتي أو أمني. مع القليل من اعتماده السياسي على المقرضين بفائدة قليلة، بن غفير وسموتريتش، فان نتنياهو اشتاق الى الانسحاب من لبنان حتى يتمكن من اضاعة وقت وحياة الجنود في الجنوب والتخلي عن المخطوفين بشكل متعمد.

وقف اطلاق النار في لبنان هو ببساطة نتيجة الاتفاق الاساسي الذي فرض عليه من قبل شركائه في اليمين المتطرف المسيحاني: أنت لن تخرج من غزة ونحن لن نوصلك الى الانتخابات. هذا امر فظيع. --------------------------------------------

 

 

معاريف 27/11/2024

 

 

 

صورة نصر

 

 

 

بقلم: آفي اشكنازي

 

يبحث رجال الاستخبارات دوما عن رموز صغيرة تشير الى اننا قبل حدث كبير او ذي مغزى. قبل يومين كانت هذه اكثر من 250 مقذوفا من حزب الله نحو إسرائيل. وأمس كانت هذه ليس اقل من 15 بلاغ لوسائل الاعلام أصدرها الناطق العسكري للمراسلين العسكريين في غضون اقل من 12 ساعة – من السابعة صباحا وحتى السابعة مساء تقريبا.

لقد سعى الجيش الإسرائيلي لان يعرض الرواية الإسرائيلية الواضحة في أن الجيش هاجم بشكل كثيف للغاية حزب الله، تركه مفككا، محطما ونازفا. اسرائيل بالتأكيد نجحت في أن تضرب غير قليل من قوة حزب الله: ضربة لثلاثين قرية في خط المواجهة الأول والثاني، تصفية قيادة حزب الله، طرد قدرات الذخيرة والنار، والقائمة طويلة وتتواصل حتى صور الجيش الإسرائيلي في وادي سلوكي وفي الليطاني امس. صحيح بقوات صغيرة، لكن حقيقة ان مقاتلي جولاني وشلداغ يتواجدون في المكان هي بالتأكيد صورة يريد الجيش الإسرائيلي أن يعرضها، بينما حزب الله ما كان ليضعها على المنصب في الصالون.

لقد استعد الجيش الإسرائيلي على مدى بضعة أسابيع لانهاء الحرب. سلاح الجو عرض مرة أخرى قدرة خيالية. برج إثر برج في بيروت سقط. انهار في غضون دقيقتين وكأنه برج من ورق.

لقد قرر الجيش الإسرائيلي ان تنفذ الغارات في مدن الشاطيء – من الناقورة، عبر النبطية الى صور وصيدا. نزع قدرات مستقبلية لحزب الله، التصعيب على إعادة بنائه واضعاف وسحق كرامته امام الجمهور اللبناني أيضا.

على مدى السنين كانت الطائفة الشيعية التيار المتدني في العالم الإسلامي، مع التشديد على الطائفة في لبنان التي اعتبرت متدنية للغاية. الثورة في ايران وإقامة منظمتي أمل وحزب الله في لبنان أحدثت ثورة، لم تؤثر فقط على علاقات القوى في لبنان بل وأيضا في ارجاء الشرق الأوسط.

ما فعلته إسرائيل في الشهرين والنصف الأخيرة من اللحظة التي بدأت فيها أجهزة البيجر لدى حزب الله تزمر وتنفجر وحتى الغارات في الضاحية وفي مدن لبنان – هو وضع بنية تحتية جديدة لبناء لبنان حرب. على إسرائيل الان أن تنقل الصولجان الى الأمريكيين والسعوديين. لهم مصلحة في تعزيز لبنان الحر القائم على أساس المسيحيين، الدروز والسُنة. لدول الخليج توجد مصالح في لبنان. فهي تتذكر بانه كانت للبنان منظومتها المالية. تتذكر الإمكانيات السياحية الكامنة للبنان، ومعنية باستعادة المجد.

الان، حين يكون حزب الله مضروبا، مهانا، نازفا وضعيفا – فان هذه هي البنية التحتية للترميم. الاتفاق الان هو ليس بين إسرائيل وحزب الله. بل مقدمة للفصل الثاني من اتفاق إبراهيم. أي خطوة عليا بين الولايات المتحدة، السعودية، دول الخليج، إسرائيل، ونعم، في الهوامش لبنان أيضا.

من هنا يمكن استخدام الخطوة كرافعة في اتجاهين – للاتفاق الأكبر للشرق الأوسط الجديد والتطبيع مع السعودية، او لمواصلة القتال حول حوادث محلية. في الوضع الصعب لحزب الله من الصعب الايمان بانه سيحاول الدخول الى مغامرة مع إسرائيل. مشكوك أن يكون له اسناد من ايران ومن الجمهور اللبناني.

--------------------------------------------

 

 

يديعوت احرونوت 27/11/2024

 

 

 

والان غزة

 

 

 

بقلم: سيما كدمون

 

عرض نتنياهو علينا أمس ان نبدأ بالايمان. عدد كل الأمور التي فعلناها – فعلها للدقة – ولم نؤمن بانه سيفعلها. “إذن لعله يجدر البدء بالايمان”، سأل بنبرة من هو واثق بان الجواب مفهوم من تلقاء ذاته.

هذا لم يحصل ولن يحصل. ليس لمعظم الجمهور ثقة برئيس الوزراء. امس أيضا، في خطاب النصر الغريب الذي القاه، والذي بدأ بكلمات “وعدتكم بالنصر”، بدا وكأنه يؤمن بانه أوفى بوعده، او على الأقل سينجح في اقناعنا بهذا.

اما هو فلا. فقد ترك الجمهور بلا جواب على السؤال الأكثر حرجا وألما: لماذا ما يفعله هو في لبنان لا يفعله أيضا في غزة؟ لماذا يمكن العودة الى لبنان الى لزم الامر، ولا يمكن وقف الحرب في غزة لاجل إعادة 101 مخطوفا عددهم آخذ في التناقص.

الجواب لهذا معروف: لانه لا يريد. لانه يخشى من كل الأسباب المحتملة: انهيار الائتلاف، فقدان قاعدته واساسا – فقدان الحكم عشية استئناف محاكمته. عندما تنشر دانييلا فايس وجوقتها المسيحانية بنسائها واطفالها الخيام على حدود غزة وتنتظر الفرصة الأولى للاستيطان فيها – فان رئيس الوزراء يفضل إعطاء لبنان مقابل غزة. حزب الله مقابل حماس. مخطوفون مقابل حفظ حكمه. نتنياهو، لمن لم يفهم بعد، تخلى عن المخطوفين. وبدلا منهم يسوق النصر على حزب الله.

امس، جند كل الحماسة التي يمكن أن يجندها كي يقدم استعراضا عابثا للنصر. لكن يجدر بنا الا نتشوش. لم ننتصر ولن ننتصر في حرب 7 أكتوبر الى أن يعاد آخر مخطوفا.

غير أنه لا يهم اذا كنت أنت مع أم ضد الاتفاق مع لبنان – فعلى القلب ان يكون هذا الصباح مع سكان الشمال. مع صرخة رؤساء المجالس الذين على مدى سنة وشهرين يحملون عبئا عسيرا على الحمل من خراب المدن، البلدات والكيبوتسات، وعلى مدى كل هذا الوقت تجاهلوهم. ألم السكان الذين اخلوا ويترددون في العودة الى بيوتهم قبل أن يكونوا واثقين من أن غدا لم تسقط عليهم الصواريخ. قبل أن يؤمنوا بانه لم يتبقَ نفق واحد يمكن عبره ان يمر إرهابي ليمتشق من السرير بناتهن وابنائهم.

إذ من منا كان سيثق بقيادة قبل ذاك السبت من أكتوبر أيضا نفت وجود انفاق في الحدود الغزية وهي والمستوى العسكري لم يشخصا الكارثة المتحققة، تلك المذبحة والحرب التي في اعقابها التي لا يهم كم يحاولون هندسة وعينا – ستقع الى الابد حرب 7 أكتوبر.

لكن مع كل العطف لسكان الشمال، وللثمن الباهظ الذي اضطروا لان يدفعوه على مدى اكثر من سنة، ينبغي أن نقول الحقيقة. والحقيقة هي انه لا يوجد، ببساطة لا يوجد بديل آخر.

ان الوهم الإسرائيلي الذي بموجبه لا يمكن حل النزاعات الا بالقوة، يتبدد المرة تلو الأخرى. فلا يوجد أي سبيل لانهاء النزاعات، اذا كان ممكنا على الاطلاق، الا بالاتفاق.

باستثناء وزير الدفاع الوافد لم يحدد أحد تصفية حزب الله كجزء من اهداف الحرب. واحد آخر من المستوى السياسي والعسكري لم يقرر أننا انتصرنا. ثمة من يقولون انه من السابق لاوانه جدا التوقيع على اتفاق، وانه ينبغي المواصلة والسحق. التقويض التام لحزب الله. لكن من يدري ما هو الوقت الصحيح، ما هي اللحظة الدقيقة لعمل هذا؟

مع كل الانتصارات الفاخرة، فان القرار لوقف الحرب في الشمال يملى علينا. لا يهم كم يرغب نتنياهو في أن يجعل هذا هو الذي قرر – مساهمته هي في أنه وافق على أن يقبل الطلب الأمريكي. ان يستسلم للضغط.

نتنياهو لم يفعل هذا في صالح إدارة بايدن، بل بسبب انه يعرف بالضبط ما الذي تتوقعه منه الإدارة التالية. ترامب كان يريد أن ينهي القصة قبل أن يستقر في البيت الأبيض، ويخيل انه لا يهمه حقا ان يبدأ هذا الإنجاز في أواخر عهد بايدن. أربع سنوات كاملة امامه، وحتى اذا كان انجاز الاتفاق مع لبنان يبدأ قبل نحو شهر من تتويجه، فان هذه الهدية مستعد لان يقبلها.

لكن هذا ليس هذا فقط. نتنياهو يفهم بانه لم يعد لنا ما نفعله في لبنان. لا توجد اهداف كبيرة أخرى على جدول الاعمال، وباستثناء الحاجة لارضاء اليمين المتطرف في ائتلافه، يعرف ان الأموات آخذون في التراكم وبعد قليل، لا سمح الله، ستنصب يافطة امام بيت نتنياهو مع عدد القتلى المتغير في كل يوم، مثلما فعلوا امام بيت مناحم بيغن في حرب لبنان الأولى.

في مثل هذه الحالة نحن كفيلون بان نقبل طلبا آخر من سارة نتنياهو للاعتراف بها كمتضررة، مثلما فعلت امس من تلك الألعاب النارية التي اطلقت قرب بيتها في قيساريا، بينما لم تكن هناك على الاطلاق.

وفقا للمنطق ذاته، يمكن لكل سكان إسرائيل، حتى أولئك الذين بالكاد سمعوا صافرات انذار ان يرفعوا ادعاءاً تمثيليا بالتعويض عن السنة التي مرت عليهم، بما فيها المذبحة في الغلاف والتي لم يكونوا فيها.

--------------------------------------------

 

 

هآرتس 27/11/2024

 

 

 

فلنتوقف في غزة أيضا

 

 

 

بقلم أسرة التحرير

 

بعد نحو سنة وشهرين تقف الحرب في الشمال قبل النهاية. الاتفاق بين إسرائيل ولبنان – وعمليا بين إسرائيل وحزب الله - قريبة من منحى قرار 1701 الصادرة عن مجلس الأمن للأمم المتحدة، الذي أنهى حرب لبنان الثانية. الجيش الإسرائيلي ينسحب بالتدريج من أراضي جنوب لبنان، حزب الله يغادر المناطق جنوبي نهر الليطاني وقوات الجيش اللبناني تدخل بالتدريج إلى المنطقة.

من الصعب فهم أناس المعارضة الذين يلتفون الآن من يمين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ويعارضون الاتفاق المتبلور. هكذا مثلا تحدث رئيس المعسكر الرسمي بيني غانتس ضد الاتفاق. وادعى في أقواله بأن "سحب القوات الآن، والدينامية التي ستنشأ ستجعل الحال أصعب علينا وستسهل على حزب الله لإعادة تنظيم نفسه... محظور القيام بنصف عمل، محظور تفويت الفرصة لاتفاق قوي يؤدي إلى تغيير الوضع في الشمال من الأساس".

ينبغي الترحيب بالتهدئة المتوقعة في جبهة الشمال، بشكل يسمح لعودة السكان إلى هذا الإقليم وترميمه. أكثر من أي شيء آخر يدور الحديث عن مصلحة إسرائيلية. المخاوف من تعزز قوة حزب الله يجب أن تكون موجهة لزعماء إسرائيل على مدى السنين وعلى رأسهم نتنياهو، الذين لم يعملوا ضد تعاظم منظمة الإرهاب، لم يصروا على إنفاذ قرار 1701 وفضلوا شراء الهدوء مقابل الحكم.

ولذلك محظور للاتفاق في الشمال أن يسمح باستمرار القتال في الجنوب. صحيح أن إسرائيل نجحت في أن تفرض قطع ارتباط الساحة من الشمال مع الساحة من الجنوب – "وحدة الساحات"، الذي كان المبدأ الأعلى لإيران وحزب الله – لكن هذه الحقيقة لا ينبغي أن تعطي حقنة تشجيع لاستمرار الحرب في قطاع غزة، حيث زرعت إسرائيل الدمار، الخراب والموت بحجوم تاريخية. كما أن، ولعله أكثر من أي شيء آخر استمرار القتال في غزة معناه التخلي عن إعادة المخطوفين عمليا. 101 مخطوف إسرائيليا ما يزالون محتجزين في أيدي حماس، نحو نصفهم ما يزالون على قيد الحياة. ليس لهم وقت، وبالكاد هواء يوجد لهم. قبل بضعة أيام أعلن الجيش الإسرائيلي بأنه يفحص توثيقا نشرته حماس وتبدو فيه ظاهرا مخطوفة قتلت. بالتوثيق الذي نشر تبدو جثة تشوه وجهها، وتحت الصورة عبارة "ضحية جديدة لنتنياهو وهليفي". محظور إشاحة النظر عن هذا الواقع الرهيب، وعن حقيقة أن من تحت الأرض هناك توجد حياة يمكن انقاذها – وملزمون بإنقاذها.

على الحكومة أن ترى في نهاية الحرب في الشمال درجة مهمة في الطريق إلى إنهاء الحرب كلها – في جبهة الجنوب أيضا. على إسرائيل أن تستغل حقيقة أن حماس لن تتمتع حتى الآن من دعم نشط من حزب الله وأن تتقدم نحو اتفاق وصفقة في القطاع أيضا ما سيسمح بإنقاذ المخطوفين الذين ما يزالون على قيد الحياة. هذا أمر أخلاقي أعلى لدولة إسرائيل، والوقت لذلك هو الآن.

--------------------------------------------

 

 

التاريخ الكامل للظلم الإسرائيلي للفلسطينيين في قرية واحدة

 

هدمت "إسرائيل" قرية أمّ الحيران البدوية في صحراء النقب، ودمّرت مسجد البلدة، والآن أصبح سكّانها بلا مأوى.

بقلم: أورلي نوي

مجلة "972+" الإسرائيلية تنشر تقريراً بالتعاون مع صحيفة "لوكال كول" الإسرائيلية، كتبته الصحافية أورلي نوي، تحدثت فيه عن تهديم قرية أم حيران في النقب.

في الأسبوع الماضي، هدمت "إسرائيل" بلدة فلسطينية جديدة، حيث اقتحم مئات من رجال الشرطة قرية أمّ الحيران البدوية في صحراء النقب، مع القوّات الخاصّة والطائرات المروحية. وقد ختم الإسرائيليون الخراب بإزالة مسجد البلدة. والآن، أصبح سكّانها بلا مأوى.

ولفهم التاريخ الكامل للظلم الصهيوني ضدّ الفلسطينيين بكلّ ما فيه من تمييز وعنصرية وتهجير وعنف، استناداً إلى رؤية التفوّق اليهودي والهوس في تنفيذ الهندسيات السكّانية، تتقدّم قرية أمّ الحيران كنموذج يتكثّف فيه الظلم التاريخي الإسرائيلي للفلسطينيين.

إنّ تدمير بلدة عربية بدوية لا يثير في الخطاب الإسرائيلي اليهودي أيّ مفاجأة. فقد كانت القرية "غير معترف بها " بالنسبة لهم، وقد استخدمتها "إسرائيل" لتصوير المواطنين البدو باعتبارهم "غزاة في أرضهم". وعلى هذا الأساس، يقوم التدمير المنهجي للمجتمعات الفلسطينية، وإظهاره مجرّد حملة صارمة ضدّ مُنتهكي القواعد.

لم توفّر عقود الاحتلال الإسرائيلي لقرية أمّ الحيران، أيّ مستوى من البنية التحتية والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والتعليم والصرف الصحّي، بانكشاف للفساد الصهيوني بحرمان سكّان النقب الفلسطينيين من أبسط شروط الحياة لأجيال، قبل أن تحلّ محلّهم ذات يوم مستوطنات يهودية يطلق عليه اسم "جعل الصحراء تزدهر".

في النقب المحتل مساحات شاسعة خالية. ورغم هذا، تصرّ "إسرائيل" على تدمير القرى الفلسطينية بحجّة أنّها "غير معترف بها" ولبناء قرى يهودية جديدة مكانها. لا شكّ في أنّ هٰذا ليس بالأمر الجديد. فقد دأبت "إسرائيل" على تدمير المجتمعات الفلسطينية وتوطين اليهود في أرضهم منذ قيامها. وأخلت مئات المدن والقرى الفلسطينية خلال نكبة عام 1948 وحدها. ولكنّ قصّة أمّ الحيران تحتوي على مستوى آخر من موقف "إسرائيل" تجاه الفلسطينيين، وهو أمر ضروري لفهم أسلوب عمل الصهيونية، التي تصوّر الوجود الفلسطيني باعتباره وجوداً مؤقتاً وكائنات غير دائمة، ومجرّد أحجار شطرنج قابلة للتحرّك في لعبة الهندسة السكّانية التي تقوم بها.

وهذا أحد أكثر أشكال عنف نظرية "التفوّق اليهودي". إذ ينظر إلى الفلسطينيين باعتبارهم غباراً بشرياً يمكن إزاحته ببساطة حسب ما يقتضي المشروع الإسرائيلي في الهندسة السكّانية في فلسطين من النهر إلى البحر. وهذا يشكّل محوراً أساسياً في نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين الذين تضع الدولة نصب أعينها الاستيلاء على أراضيهم، ويغذّي ما تريد "إسرائيل" إظهاره بأنّ هؤلاء الناس لا جذور لهم، وأنّ نقلهم من مكان إلى آخر لا يمكن اعتباره تهجيراً.

إنّ الإسرائيليين في طور تنفيذ تطهير عرقي واسع النطاق في الضفّة الغربية بحجّة الأمن وسيادة القانون، كما هو حاصل بغزّة حيث تصدر أوامر الإخلاء لمئات الآلاف من الفلسطينيين مراراً وتكراراً، وتحويلهم إلى بدوّ رحل أبديين كما أرادت الصهيونية أن تصور الفلسطينيين، وتزعم أن ما تقوم به أعمال إنسانية.

لقد أرادت الصهيونية تحويل الفلسطينيين إلى شعب مؤقّت بهوية عابرة. ولعلّ ما يدعم هذا العزم الصهيوني على اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم هو الخوف الداخلي من ارتباطهم العميق بالأرض. وربّما يكون الوهم هو أنّهم إذا ما اقتلعوا من جذورهم وألقوا من مكان إلى آخر مرّاتٍ كافية سواء من خلال مسيرات الموت في غزة، أو التطهير العرقي في الضفّة الغربية، أو التدمير والطرد في النقب، فسوف يستسلمون في نهاية المطاف ويرحلون. لكنّ، "إسرائيل" تدرك من الذي زرع أشجار الزيتون التي يقصف أرضها "جيشها" في غزّة، ويشعلها المستوطنون في الضفّة، وبعد عقود من الدمار والطرد والمذابح، لا تزال الصهيونية ترفض قبول حقيقة أنّ الفلسطينيين والأشجار باقون لن يرحلوا إلى أيّ مكان.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق