13 تشرين الثاني 2024 الساعة 21:41

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين 2/10/2024 العدد 1122

2024-10-03 عدد القراءات : 158
الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

يديعوت احرونوت 2/10/2024

 

 

 

خطأ ايران

 

 

 

بقلم: رونين بيرغمان

 

على طول الأيام التي انقضت منذ اغتيال حسن نصرالله نشرت مصادر عن الرئيس الإيراني، وزير الخارجية بل الزعيم الروحي للحرس الثوري تلميحات وتصريحات حادة بان ايران تعد الامكانية التي في اشتعال شامل وليس لها نية للرد. وقالت هذه المصادر انه رغم الكارثة الجسيمة التي وقعت على رأس الجمهورية الإسلامية مع الرحيل قبل الأوان للرجل الذي وصف في الوثائق الداخلية لدائرة البحوث في شعبة الاستخبارات كالايراني الثاني في أهميته – ترى ايران جيدا الضعف الذي احدثتها ضربات إسرائيل بمحور المقاومة كله، وفي هذا الوضع لا تعتزم ادخال نفسها أيضا الى نطاق الخطر. هذا وأكثر قالت مصادر ايران انه ينبغي إعادة النظر في كل المفهوم الذي في أساسه دعم يمتد لعقود لاقامة ميليشيات ومنظمات إرهاب في كل ارجاء الشرق الأوسط وثبت الان على الأقل بانه اشكالي من ناحية طهران.

الهجوم المكثف أمس يقف على نقيض تام مع كل هذه الاقوال وفي تضارب مع الشكل الذي رأى فيه محللون راسخون ايران حتى قبل دقائق تماما من اطلاق النار. لا يزال يتبقى الاستيضاح هل كان هذا تضليلا مقصودا ام عكسا حقيقيا لتردد شديد في النظام وتعبيرا عن ان ليس فقط في إسرائيل يوجد حكام متذبذون. مهما يكن من امر فان أجهزة الاستخبارات الامريكية لم تتفاجأ. وكان فهم بانه سيتعين على إسرائيل ان تدافع عن نفسها ضد رشقة صواريخ أكبر مع إمكانيات فتك اعلى من ايران وانها ستضطر مرة أخرى الى ائتلاف دولي في مركزه الولايات المتحدة – وهذه المرة يحتمل جدا أن تحتاجه في الدفاع وفي الهجوم أيضا.

المعلومة الدقيقة التي جلبتها شعبة الاستخبارات “امان” وفي مركزها وحدة 8200 عطلت بقدر كبير التأثير الذي كان للهجوم الشديد. مع انتهاء التفجيرات ينبغي القول ان الحديث يدور أساسا عن الوجه الرمزي وبقدر أقل عن ضرر حقيقي، وعن الموضوع الرمزي هذا قررت إسرائيل عمليا مسبقا بان لا نية لها لان تواجه الصواريخ مثلما فعلت في الهجوم الإيراني في 14 نيسان.

في عالم الرموز كان للهجوم الإيراني في حينه نوع ما من التبرير بعد أن هاجمت إسرائيل مبنى مجاور للسفارة الإيرانية في دمشق وقتلت هناك جنرال إيراني بالبزة العسكرية. لكن أمس فتحت ايران عمليا حربا ضد إسرائيل، دون أن تستفزها هذه بشكل يسمى في قوانين الحرب Unprovoked (بلا استفزاز). ان حقيقة أن إسرائيل هاجمت خندقا عسكريا لمنظمة توصف كمنظمة إرهاب من قبل معظم دول الغرب وان دماء مواطنين من هذه الدول (وليس فقط إسرائيليون) تتلطخ بها يدا زعيم الحركة الذي جلس في خندقه الى جانب جنرال إيراني جاء ليصب الماء على يديه – لا يمكنها ان تشكل علة باي مستوى قانوني واخلاقي.

لقد توصل الإيرانيون الى الاستنتاج، هكذا حسب مصادر في طهران بانهم اخطأوا في عدم الرد على اغتيال هنية ولم يردوا بقوة كافية ربما على اغتيال مهداوي الذي أدى الى هجوم 14 نيسان. وقد بحثوا عن صيغة تسمح لهم أيضا بان يخرجوا بشرف من الحدث والتأكد أيضا من الا تتدخل الولايات المتحدة بعد ذلك وكذا يؤدي الى رد إسرائيلي معتدل جدا، اذا كان سيكون رد كهذا يتمكن الطرفان بعده من انهاء الجولة.

يبدو أن الإيرانيين اخطأوا بالمستوى، بالقوة وبالعمق – وحدها جملة أخطاء نصرالله في الأشهر ما قبل موته تتجاوزه – ولم يفهموا المزاج والحرارة الساخنة في القيادة الإسرائيلية. كما أنهم فوتوا تماما حاجة الولايات المتحدة، التي أوقفت إسرائيل في المرة السابقة ومنعتها من الهجوم بكل القوة، للوقوف الى جانبها هذه المرة. والان يتبقى أن نستوضح الى أين تتجه إسرائيل. فهل تريد ان تلقن الإيرانيين درسا أم تحاول اسقاط النظام.

--------------------------------------------

 

 

هآرتس 2/10/2024،

 

 

 

يجدر التذكير بأن الانجاز العسكري ليس إلا سراب

 

 

 

بقلم: عوزي برعام

 

نتنياهو يتعافى. يمكن الاختلاف حول هذا الامر للمدى البعيد، لكن الآن هذه هي صورة الوضع. حسب رأيي، من اجل النضال ضد خطره المتزايد يجب الاعتراف بالحقائق الموجودة الآن امامنا بعد تصفية حسن نصر الله. محظور النسيان بأن نتنياهو قال إن من لا يفهم بالقوة فسيفهم بمزيد من القوة. وهكذا فان حزب الله فهم ذلك بالصورة الاكثر قسوة.

إن الاضرار الكبير بقوة حزب الله العسكرية تعتبر انجاز يجب عدم التعامل معه بتشكك. الحزب هو عدو ايديولوجي يريد محو اسرائيل. حسن نصر الله نفسه كان ممثل هذا التهديد عندما وقف على رأس منظمة عسكرية، التي لم نتمكن من هزيمتها. من هنا فان نتنياهو مسموح له التصفيق للايام العشرة الفظيعة بالنسبة للتنظيم ومواطني اسرائيل الذين يمكنهم تنفس الصعداء.

لكن محظور الخطأ بالوقوع في الوهم بأننا حتى في الطريق لهزيمة كل الأعداء الذين هم من الاسلاميين المتعصبين، ولا يتأثرون بتغيير مؤقت في ميزان القوى. من السهل علينا التصرف كمن يشاهدون سراب – واحة في الصحراء تضمن الهدوء والأمان، ولكن كلما اقتربت منها هي تبتعد عنك.

لا يوجد سراب في الامور السياسية. نتنياهو عزز قوته البرلمانية عند انضمام جدعون ساعر للحكومة المتعفنة. ولكن هذا ليس فيه أي تعزيز سياسي، لأن المقاعد المعدومة التي يجنيها ساعر من خلال سلوكه المتعرج لن تشكل أي اسهام حقيقي.

الاستطلاعات التي نشرت بعد النجاح العسكري تشير الى أن الليكود، كحزب، يزيد من قوته فقط على حساب الشركاء المتطرفين، سموتريتش وبن غفير. هذا ليس غريبا، لأن ماي غولان وشلومو كرعي يمثلانهم بشكل صحيح في الليكود.

مصير الـ 101 مخطوف ليس فقط صراع مع قيادة منغلقة القلب تجاه عائلات المخطوفين، بل هذا صراع بين روح اسرائيل الاخلاقية وبين روح الايمان التي تبحث عن الدعم في اوساط الذين يعملون على المس بالقيم الاساسية التي مكنتنا من العيش معا.

إن ما يحدث في الساحة العسكرية سيؤثر على الوضع في الساحة السياسية. واضح أن الادارة الامريكية تخشى الحرب الشاملة. فهي لا تريدها في الاوقات العادية، وبالاحرى في فترة الانتخابات. في هذه الاثناء لا يظهر أي فائز واحد في الانتخابات القريبة هناك. ولكن اذا قام نتنياهو بخيانة كلمة الادارة الامريكية فان دونالد ترامب يمكن أن يصوره مثل نمر من ورق، يدفع بالولايات المتحدة الى الحرب الشاملة.

من يتم تصويره مثل نمر من ورق امام الولايات المتحدة فانه قد يجد نفسه امام ادارة تقدر على محاسبة اسرائيل على كل الاكاذيب اثناء فترة الحرب. ايضا فوز ترامب لا يبشر باستعداد الادارة الامريكية للتجند من اجل اتخاذ قرارات عسكرية. الولايات المتحدة هي الدولة العظمى الوحيدة التي تقف الى جانب اسرائيل، لا يوجد لها بديل آخر. لذلك يجب عليها أن تعتبر التعاون معها مصلحة عليا لدولة اسرائيل.

أي انجاز سياسي لن يغير وضعنا الموضوعي. الوضع الاقتصادي يحتاج الى وزير مالية حقيقي وليس وزير مالية يؤمن بأن اليسار العالمي اعلن الحرب علينا، وأن شركة التصنيف الائتماني “موديس” هي ممثلته المباشرة.

بقي لنا أن نأمل بتسوية اقليمية مع الدول العربية المعتدلة وعلى رأسها السعودية. هذا لا يعتبر أمل عبثي، بل هو يحتاج الى تغيير شامل في موقف اسرائيل حول القضية الفلسطينية.

--------------------------------------------

 

 

 

 

 

إسرائيل اليوم 2/10/2024

 

 

 

فرصة لانعطافة استراتيجية وتاريخية

 

 

 

بقلم: دادي سمحي

 

تنقض دولة إسرائيل على السنة الجديدة بتصفية تاريخية لنصرالله، بغارات جوية دراماتيكية على اليونان واليمن وبتغيير ميل مذهل، في الحرب الأطول في تاريخ الدولة الشابة.

السنة الماضية بدأت بالكارثة الأكبر منذ قيام دولة اليهود. كارثة وطنية، مذبحة عديمة الرحمة لمواطني إسرائيل، قصور عسكري وسياسي لا يغتفر ولا يكفر عنه. على مستواي الشخصي – كارثة عائلية قتل فيها ابني غاي، مقاتل في وحدة المظليين، الذي قاتل بيدين فارغتين مخربي حماس وانقذ 30 من رفاقه.

مرت السنة بدنك، بانفاس مخنوقة وببكاء ودموع، ببطولة مقاتلين ومقاتلات. سنة حرب في الجبهة وفي الجبهة الداخلية، مئات المخطوفين، عشرات الاف النازحين في بلادنا، ضربة شبه قاضية للردع الإسرائيلي وحفرة عميقة في القلب. فراغ اسود يتسع من يوم الى يوم وشوق للابن لا ينقضي بل يترسخ اعمق فأعمق في القلب وفي الروح، شوق لابن الشيخوخة، لابتسامته، لعناقه ولضجيج خطاه.

فجأة، عشية بدء السنة الجديدة وكأن بدولة إسرائيل غيرت جلدتها، أبدت في أعماق مخزونات الامة ممزقة القلب لكن المتنفسة بشجاعة، المبادرة، الجرأة والحزم. فقد بدأ المستوى السياسي والعسكري يعمل وفقا لوصايا الملك داوود لابنه سليمان. “بقوة وشجاعو إفعل. لا تخاف ولا تتردد”. نحن نشهد انعطافة استراتيجية في الشرق الأوسط. فتصفية نصرالله تخلق فرصة لنظام جديد. تفكيك حزب الله يحتمل أن يؤدي الى عودة لبنان الى اللبنانيين وتدمير الفرع الأساس لإيران على حدودنا. في الجنوب، حماس التي نزعت الأغلبية الساحقة من قوتها العسكرية يستوجب استمرار الهجوم وتحقيق خطوة الحصار على شمال القطاع وممارسة ضغط شديد على السنوار اذا كان لا يزال حيا ليعيد كل المخطوفين الاحياء وغير الاحياء مقابل نفيه الى دولة ثالثة.

في اليمن أوضحت الهجمات للحوثيين بانهم قريبون جدا من ان تعمل إسرائيل على نقلهم الى الوضع الذي يوجد فيه حزب الله وحماس.

عندما سنصل الى معالجة رأس التنين، ايران، علينا أن نتذكر بان الهدف الأساس لخامينئي هو الحفاظ على حكمه في الدولة في وجه الاضطراب المدني المتصاعد. علينا ان نتذكر بان حماس، حزب الله والحوثيين الذين شكلوا “طوق النار حول إسرائيل”، كانوا بالتوازي جزءاً من الجهات التي كانت مهمتها ان تكون طوقا امنيا لحماية نظام آية الله. بعد أن فككت إسرائيل هذا الطوق الخانق، الحكم في طهران اصبح اكثر هشاشة واكثر خوفا على استمرار وجوده. الشعب في ايران الذي لم ينسَ ولم يهجر احتجاج الحجاب سيحاول إعادة تحرك الاحتجاجات، اذا فهم بان هذه المرة ستدعمه دول الغرب وتساعد في جهوده.

شرق أوسط جديد، حقا

يرى مواطنو الشرق الأوسط ما حصل للدول التي واصلت القتال ضد إسرائيل: سوريا تفككت، ومثلها العراق، ليبيا واليمين. الدول التي صنعت سلاما مع إسرائيل حتى وان كان سلاما باردا تتطور وتحسن وضعها: مصر، الأردن، اتحاد الامارات، البحرين والمغرب، وعلى الطريق ربما السعودية.

لقد نشأت إمكانية حقيقية لـ “نظام جديد” يؤثر على الغرب أيضا. على إسرائيل أن تواصل المبادرة الهجومية كي تحرك الخطوة الجغرافية – الاستراتيجية هذه وتخلق الظروف التي تؤدي الى انضمام دول عربية أخرى.

هذا التغيير العميق سيؤثر أيضا على الموقف من النزاع مع الفلسطينيين. واضح اليوم للجميع بان حل الدولتين لم يعد واردا في المستقبل القريب. وسيتعين على القيادة الفلسطينية ان تستوعب بان إسرائيل لن توافق على المخاطرة بمواطنيها وانه يمكن إيجاد حل لحياة آمنية للطرفين.

في السنة الماضي شهد شعب إسرائيل الكارثة الأخطر والنجاح الأكبر. مع حلول السنة الجديدة علينا أن نواصل زخم النجاح ونشد على ايدي من يعمل على هذه المهمة. الان هو الزمن للقتال، للانتصار ولتغيير الشرق الأوسط من اجل الأجيال القادمة. ولاحقا سيكون الزمن لحساب النفس للجميع ولنا الزمن لان نحزن ونبكي اعزائنا الاحبة الذين رحلوا دون عودة. سنة طيبة لكل شعب إسرائيل.

--------------------------------------------

 

 

معاريف 2/10/2024

 

 

 

بعد سقوط 7 أكتوبر نهضنا واستعدنا انفسنا وحققنا نصرا مذهلا

 

 

 

بقلم: بن كسبيت

 

في 15 أيلول 2023، عشية رأس السنة لم نكن نعرف ما ينتظرنا. كنا عاصفين، كنا ممزقين ومنقسمين، كثيرون منا كرسوا معظم وقتهم، جهدهم وحياتهم لما رأوه ككفاح في سبيل البيت، الديمقراطية والوطن. لكننا لم نعرف اننا سنشتاق لاحقا لكل هذا. لم نتوقع أي بوابات جحيم ستنفتح علينا. سارت حياتنا بمجال المعقول. العمل، الأعياد، الاجازات، الأبناء، المهام، الرحلات الى الخارج، الخطط للمستقبل. مواطنو دولة مستقلة، مزدهرة، قوية وآمنة. نسبيا. الى أن جاء السبت إياه وسقطت السنة. علينا جميعا.

كانت هذه السنة الأصعب في تاريخنا. في حرب التحرير كان هنا أمل. في حرب الأيام الستة انتشرت هنا نشوى. في يوم الغفران كانت صدمة حلت محلها أجراس السلام. بعد ذلك كانت انتفاضتان وحروب قصيرة واساسا “جولات”. لكن الحياة سارت في مسارها. كان واضحا لنا أننا هنا، واحد لن يتمكن من تغيير هذا.

وعندها جاء 7 أكتوبر. عالمنا القديم انهار تحته. لا امل ولا نشوى بعد ذلك. حل محلهما الرعب. من مكانة قوة عظمى عالمية وإقليمية تلعب في اعلى المستويات بين الاخيار في كل المجالات، تحولنا بين سبت كابوسي وضحاه الى دولة فاشلة، نازفة، متوقفة، تلعب جراحها وتنتظر ضربة الرحمة من اعدائها الذين يتجمعون حولها، عطاشى لدمها.

اكتشفنا ان الجيش الإسرائيلي ليس كلي القدرة. أحيانا لا يكون. اكتشفنا أن استخباراتنا الفاخرة يمكنها أن تنهار الى فشل رهيب آخر، بعد خمسين سنة بالضبط من سلفه. اكتشفنا ان العائق في غزة لم يعد غير قابل للاجتياز بل العكس مخترق تماما. اكتشفنا ان حماس ليست عصابة حفاة بل منظمة مصممة، مركزة، إجرامية، متزمتة وعطشى للدماء. اكتشفنا كم نحن هشون. كل ما آمنا به انهار امام ناظرينا.

وحتى فرضية العمل الأساس، الفكرة التي نعتمد عليها تشققت وتفككت تحتنا: حقيقة أن وجود إسرائيل مضمون لاجيال الى الامام. في صباح سبت 7 أكتوبر استيقظنا في دولة واثقة ولا يمكن هزيمتها. في ليل ذاك اليوم ذهبنا للنوم (لكننا لم نغفو) في دولة مضروبة، هائمة، مهزومة. الى جانب اسم “إسرائيل” لاحت حتى ذاك اليوم علامة تعجب. فجأة تحولت الى علامة استفهام. مفاهيم مثل “خطة الإبادة” لإيران طلت في قاموسنا. القوة العظمى الإسرائيلية أصبحت مظلومة، طفلا يتلقى الصفعات في الحارة. حياته متعلقة، بترنح بشعرة.

اليوم، مع نهاية سنة الكابوس هذه، يمكن أن نقرر منذ الان اننا انتصرنا. الدولاب انقلب. طوق النار حولنا، يحترق. هذا المقال كتب قبل ان تطلق الجولة الأولى من الصواريخ الباليستية من ايران الى إسرائيل. سنتناولها بشكل منفصل. اما الواقع فقد استدعى لنا الان النزال الحقيقي مع رأس الافعى الحقيقية: ايران. الظروف في صالحنا. كلب الهجوم، حزب الله، المعد لحماية ايران هذه الأيام يتخبط في دمه. ايران يجب ان نلقنها درسا. وهذا الان. والا ابدا.

لقد هزم الجيش الإسرائيلي حماس واثبت أنها ليست مجرد قوات. فبعد نحو سنة من بدء الحرب جاء أيضا دور نصرالله. آنفذ الذكر ارسل الى باريه، الى جانب كل القيادة العليا لحزب الله، معظم المستوى القيادي الميداني الكبار منهم والصغار. المذهل أكثر من كل هذا هو حقيقة أن كل شيء بدأ بشكل غير مخطط، بتفعيل كمين أجهزة البيجر المنسوب لإسرائيل كنتيجة لاكتشاف رجال حزب الله له على ما يبدو. في الغداة تم أيضا تفعيل كمين أجهزة الاتصال، للأسباب ذاتها. من هنا لاحقا شيء أدى الى شيء آخر.

رئيس الأركان هرتسي هليفي وقائد المنطقة الشمالية اوري غوردن عرضا خطة المراحل او “السلم” التي بموجبها نصعد درجة درجة الى الأعلى. بعد بضعة أيام ارسل نصرالله الى الأعلى. والواحد تلو الاخر صفي تقريبا كل مسؤولي حزب الله. سلاح الجو اغار على مخزونات الصواريخ الدقيقة، الثقيلة وصواريخ شاطيء بحر. ما حصل في هذين الأسبوعين هو احد الانتصارات العسكرية المذهلة في التاريخ الحديث.

لا، هذا ليس “نصرا مطلقا”. النصر المطلق هو نصر الحلفاء على النازيين في الحرب العالمية الثانية. نصر مطلق هو نصر إسرائيل في حرب الأيام الستة. نحن نقاتل الإرهاب. والإرهاب انت لا تنتصر عليه نصرا مطلقا. هذا صراع طويل، مع صعود وهبوط، إنجازات واخفاقات. وهو متواصل منذ 120 سنة ولشدة الأسف ليس مؤكدا أنه سينتهي في أي مرة.

--------------------------------------------

 

 

هآرتس 2/10/2024

 

 

 

الشرف الضائع في غزة لن يعاد الا باحتلال غزة الى الابد وجعلها إقليم إسرائيلي

 

 

 

بقلم: تسفي برئيل محلل الشؤون العربية في صحيفة هآرتس

 

المنحى الذي يعصف بالخيال والكفيل بان ينهي الحرب في لبنان يتوقع قوة متعددة الجنسيات قوية وواسعة تنزل الى شواطيء لبنان فينتشر جنودها على طول الحدود بينه وبين إسرائيل، والى جانب الجيش اللبناني وفي اطار اتفاق مع حكومة لبنان يعد شريط امني، “طوق نار”، يمنع حزب الله من أن يطلق النار نحو بلدات الشمال.

كما يمكن لهذا أن يكون المنحى الذي ينهي الحرب في غزة: مقاتلون من مصر، دولة اتحاد الامارات، المغرب والأردن ينشرون استحكامات على طول محور فيلادلفيا لمرافقة قوافل محملة بالمساعدات الإنسانية لسكان القطاع وفي طابور احتفال ينقل قائد المنطقة الجنوبية الى القادة العرب السيطرة في القطاع. لكن بينما في لبنان يوجد على الأقل أساس استراتيجي لتنفيذ المنحى، في قطاع غزة تقف الأيديولوجيا كالسور المنيع الذي يحميه منه.

تتباهى إسرائيل بانها دمرت معظم القدرات العسكرية لحماس. وقضى الجيش منذ الان بانه يمكنه أن يعود للسيطرة على محور فيلادلفيا والعمل داخل القطاع حتى دون تواجد مكثف فيه، بمعنى انه مستعد منذ الان لان يعلن عن وقف الحرب، بل ان إسرائيل اوضحت حتى بانها ستكون مستعدة للنظر في مرابطة قوات متعددة الجنسيات، بما فيها قوات عربية.

لكن عندها يتفجر “المزعج” الفلسطيني. اتحاد الامارات، التي أعلنت عن استعدادها للمشاركة في القوة متعددة الجنسيات، طرحت شرطا واضحا لارسال جنودها: القوة لن ترسل الا “تلبية لطلب من سلطة فلسطينية اجتازت إصلاحات، او من سلطة يقودها رئيس وزراء فلسطيني ذو صلاحيات”. في هذه الظروف ستكون مصر أيضا مستعدة لان ترسل قوات، بعد أن اشترطت فتح معبر رفح في الجانب المصري في أن تديره السلطة الفلسطينية من جانبه الغزي.

وها هو العبث. إسرائيل مستعدة لمرابطة قوة هامة متعددة الجنسيات في جنوب لبنان وللوصول الى اتفاقات مع حكومة لبنان، رغم وجود ممثلين عن حزب الله فيها، لكن ليس مع السلطة الفلسطينية التي تواصل التنسيق الأمني مع إسرائيل. في لبنان هي مستعدة لان تعول على قوة متعددة الجنسيات وتكتفي بابعاد قوات حزب الله الى ما وراء الليطاني كتعبير عن نجاحها في إزالة التهديد، وكشرط ضروري وكاف لتلبية تعريف “العودة بامان” التي وعد بها سكان الشمال.

اما في غزة بالمقابل فانها “ستبقى قدر ما يلزم من وقت”، دون ان تقرر ما هي المعايير التي تلبي تعريف الامن لسكان الغلاف. إسرائيل لا تطالب حكومة لبنان بان تطرد حزب الله من صفوفها، ولا تتطلع لتدمير بنية السيطرة المدنية له في الدولة. اما في قطاع غزة فهي غير مستعدة لان تسمع عن أن تدير السلطة الفلسطينية البنى التحتية المدنية رغم أن مثل هذه الخطوة كفيلة بان تستكمل سحق حماس كمنظمة سلطوية مدنية وليس فقط عسكرية.

الفرق بين الساحتين هو ان سياسة إسرائيل في غزة تمليها أيديولوجيا، بينما السياسة في لبنان تمليها الاحتياجات العسكرية. لبنان ليس “ذخرا صهيونيا”. هو ميدان معركة تقليدية يمكن للنصر العسكري فيه أن ينتهي بحل سياسي. اما غزة بالمقابل فهي ذاكرة تاريخية مهينة، “متسادا” سقطت مع فك الارتباط، ومذبحة غير مسبوقة وقعت تحت حكم إسرائيلي في 7 أكتوبر.

في غزة لن يمحو أي نصر عسكري المهانة التاريخية. وكل حديث عن تسوية سياسية يعد كاستسلام. الشرف الضائع لن يعاد الا بطريقة واحدة. احتلال غزة الى الابد وجعلها إقليم إسرائيلي. هذا هو “الرد الصهيوني المناسب”. اذا كان في الضفة عن كل مستوطنة يقتل تقام بؤرة استيطانية، ففي غزة مقابل كل المخطوفين الذين ماتوا وسيموتون، سنحظى بتوسيع حدود الوطن. إذ بموت المخطوفين اوصونا بغزة. هذه وصيتهم وهذه هي الحكومة التي عينت لادارة ميراثهم.

--------------------------------------------

 

 

معهد دراسات الامن القومي الاسرائيلي (INSS): 2/10/2024

 

 

 

غزو بري في الجبهة الشمالية: معان وتداعيات

 

 

 

بقلم:  شيلح وغاي حزوت

 

في ايلول 2024، بعد حوالي سنة على الحرب التي كانت فيها جبهة اسرائيل الاساسية هي جبهة الجنوب، قررت حكومة اسرائيل نقل الجهد الاساسي للجيش الاسرائيلي الى الشمال، من خلال اضافة الى اهداف الحرب، كما تم تحديدها في تشرين الاول 2023 (تدمير حكم حماس وقدراتها العسكرية؛ ازالة تهديد الارهاب من القطاع، بذل الجهود الكبيرة لحل قضية الرهائن والدفاع عن حدود اسرائيل ومواطنيها)، هدف آخر وهو عودة سكان الشمال الى بيوتهم.

مقاربة اسرائيل الجديدة هدفت الى تغيير المعادلة التي تطورت في الشمال، التي في اطارها تبادل النار بين اسرائيل وحزب الله يحدث تحت مستوى الحرب الشاملة، وبناء على ذلك فهو محدود من حيث حجمه. رغم أن الجيش الاسرائيلي نجح تكتيكيا في خطة الدفاع في الشمال منذ 8 تشرين الاول الماضي، وقام بالحاق اصابات كبيرة بحزب الله، اضافة الى عدد قليل من المصابين في الطرف الاسرائيلي، فانه على المستوى الاستراتيجي نجح حزب الله في خلق حزام امني في شمال اسرائيل، و80 ألف اسرائيلي اصبحوا لاجئين في بلادهم.

منذ اتخاذ القرار فان الجيش الاسرائيلي يبذل في لبنان جهود كبيرة من لكمات النار الدقيقة على البنى التحتية لحزب الله، بما في ذلك، حسب منشورات اجنبية، عملية تفجير البيجرات والاجهزة اللاسلكية التي اصابت حوالي 1500 من نشطاء حزب الله حسب اعترافه هو نفسه. اضافة الى ذلك ضرب سلاح الجو كبار قادة حزب الله في قلب الضاحية الجنوبية، معقل الحزب في بيروت، ونفذ عدد كبير من الهجمات ضد منظومات النار حادة المسار للمدى القصير والمتوسط، وقدرات استراتيجية اخرى للحزب. ذروة هذا الهجوم كانت تفجير مقر قيادة حزب الله في الضاحية الجنوبية في 27 أيلول، الذي قتل فيه رئيسه المؤثر جدا، حسن نصر الله. عمليا، تقريبا كل القيادة التنفيذية العليا في حزب الله تمت تصفيتها، وحجم كبير من قدراته اصيب.

في العمليات الاخيرة في لبنان فان اسرائيل تستعرض تفوقها الكبير في جمع المعلومات لفترة طويلة، التي اوجدت “بنك اهداف” مثير للانطباع، وبواسطة قصف سلاح الجو الذي يسلب من حزب الله قدرات كثيرة. الهدف الفوري للعملية هو فصل العلاقة التي اوجدها حسن نصر الله بين القتال في قطاع غزة وبين استمرار اطلاق النار نحو اسرائيل، والفصل بين الساحات، والسماح بعودة سكان الشمال الى بيوتهم بأمان.

يجب التذكير بأن قرار اخلاء سكان الشمال تم اتخاذه في ظل الانطباع القاسي لاحداث 7 تشرين الاول، والخوف من غزو مشابه لقوة الرضوان لأراضي اسرائيل (ما سمي في حزب الله “خطة احتلال الجليل”). خلال ايام اوجدت قيادة المنطقة الشمالية منظومة دفاع سميكة على الحدود الشمالية، لكن في المقابل، اخلاء المستوطنات الاسرائيلية في منطقة الحدود الشمالية مكن حزب الله من اطلاق عدد كبير من منظومات النيران حادة المسار والصواريخ المضادة للدروع على بيوت فارغة والتسبب بتدمير كبير في البلدات القريبة من الجدار. الوزراء الذين شاركوا في هذا القرار، مثل اعضاء كابنت الحرب في حينه بني غانتس وغادي ايزنكوت، اعترفوا بعد ذلك بأن هذا كان خطأ رافقه ثمن استراتيجي باهظ وغير محتمل.

في الوضع الذي نشأ فان اعادة سكان الشمال الى بيوتهم مرهون ليس فقط بازالة التهديد باقتحام البلدات، بل ايضا تحييد تهديد النيران مستوية المسار والصواريخ ثقيلة الوزن وقصيرة المدى عن هذه البلدات. اضافة الى ذلك هذا يقتضي ايضا تجديد الثقة والشعور بالأمان لدى السكان بعد سنة من المعاناة والاحباط، اذا تمكنوا من اتخاذ قرار باعادة العائلات قريبا من خط الحدود. في الوقت الحالي يجب السعي الى تسوية سياسية تؤدي الى وقف اطلاق النار في الشمال، ويمكن أن ترتبط ايضا بصفقة لتحرير المخطوفين المحتجزين لدى حماس وتغيير الوضع في قطاع غزة. اذا كانت هناك مثل هذه التسوية فانه من الواضح أن اسرائيل ستصمم على ابعاد قوات حزب الله الى ما وراء المدى الفعال للاقتحام أو اطلاق الصواريخ المضادة للدروع على البلدات في الشمال.

اذا تمت بلورة مثل هذه التسوية فعندها المعركة في الشمال ستكون انجاز عملياتي مؤثر، حيث أن جزء كبير من الواقع المهدد في 6 تشرين الاول، حزب الله ينتشر قرب الجدار وقوة الرضوان على بعد خطوة من اقتحام كبير لاراضي اسرائيل ومنظومة صواريخ تهدد بشكل غير مسبوق كل اراضي اسرائيل، سيتآكل بشكل كبير، بفضل معركة قصيرة وقوية ترتكز الى معلومات دقيقة وسرية تم تجميعها خلال فترة طويلة وتم اظهار فيها قدرة تنفيذية لسلاح الجو.

هذه العملية، التي هي تجسيد لنظرية أمن اسرائيل الكلاسيكية التي تعتمد على المبادرة والتحايل ونقل الحرب الى ارض العدو وتحقيق انتصار عملياتي حازم في فترة قصيرة، سيكون لها تأثير بعيد المدى على استعادة ردع اسرائيل، ليس فقط امام حزب الله الذي تم اضعافه، بل ايضا امام “محور المقاومة” برئاسة ايران.

لكن هناك احتمالية ملموسة وهي أن مثل هذه التسوية لن تكون، بسبب عدم رغبة أي طرف من الاطراف ذات الصلة. المعركة بالنيران يمكن أن تفقد النجاعة عند استنفاد الاهداف المهمة كما كانت في السابق، وستكون قريبة من استنفاد الجدوى منها، في حين أن حزب الله من ناحيته، بقيادته الجديدة عديمة التجربة ومن خلال ضغط البقاء، والذي لا يعترف بالهزيمة العملية ويفقد ما بقي من مكانته كحامي لبنان وكمنظمة حققت نجاحات كثيرة ضد اسرائيل، يتوقع أن يصمم على مواصلة الاطلاق الى داخل اسرائيل طالما استمر القتال في قطاع غزة.

النجاح العملي والرد المنضبط نسبيا لحزب الله (حتى كتابة هذه السطور) يمكن أن يزيد شهية اسرائيل من اجل استغلال الانجازات حتى الآن لتعميق المس بكل “محور المقاومة” وحتى تحطيم مرفقه. يجب فحص هذه الرغبة، وفي نفس الوقت من المهم ذكر أن “التاريخ الامني لاسرائيل مليء بالنجاحات العملياتية التي خلقت الشعور بـ “الرغبة بالمزيد”، وفي الحالات الصعبة التوقف ومحاولة تجسيد الانجازات بوسائل سياسية من اجل الوصول الى وضع محسن لفترة طويلة. هكذا كان الامر بعد حرب الايام الستة، وبعد طرد ياسر عرفات ورجال منظمة التحرير من لبنان في ايلول 1982، وبدرجة اقل بكثير بعد عملية “وزن نوعي” في حرب لبنان الثانية.

يجب عدم نسيان أن المعركة هي ضد “محور المقاومة”، وهدفها الاستراتيجي هو خلق ثقل مضاد قوي، بدعم ناجع من الولايات المتحدة ضد “المحور”، وايران في مركزه. العملية في لبنان غير منفصلة عما تقوم به اسرائيل وما ستقوم به في قطاع غزة، وعن الجهد الشامل لاستغلال النجاحات العملياتية لاضعاف وكبح “المحور” لفترة طويلة جدا.

 

على فرض أن هزيمة عسكرية مطلقة لحزب الله ومحور المقاومة غير محتملة في الفترة الحالية، ومن خلال الاعتراف بأن البقاء الطويل في اراضي لبنان سيضر بالجيش الاسرائيلي والشرعية الدولية والداخلية لاسرائيل بسبب هذا البقاء، يجب السعي الى تسوية سياسية امام الولايات المتحدة والعالم وربما حتى أمام دولة لبنان، على اساس موقف قوة اسرائيل الحالية. هذا هو الخيار المفضل لاسرائيل. هذه الوثيقة تتناول بدائل لعملية برية في حالة أن هذا الوضع لن يكون قابل للتحقق في ظل الظروف المفضلة لاسرائيل وبقوة عمليات النار فقط. ويمكن تلخيص ذلك بالتوصية بأحدها كطريقة العمل المفضلة.

 

 

شروط ضرورية لكل اتفاق

 

من اجل اعادة الامن لسكان الشمال فانه يجب على اسرائيل التأكد من أنه في أي وضع، بواسطة تسوية أو بعملية عسكرية، ستتحقق الشروط التالية:

تدمير البنى التحتية الهجومية لحزب الله، وابعاده عن المنطقة الامنية، التي سيدمرها الجيش الاسرائيلي أو برقابة اسرائيل في غضون بضعة اسابيع.

التواجد الدولي وراء الحدود سيتم تعزيزه بقوات من الدول الضامنة للاتفاق.

الحفاظ لاسرائيل على حرية عمل من اجل منع اعادة تسلح حزب الله بالقدرات التي تضررت، ومنع زحفه نحو الحدود كما حدث بعد حرب لبنان الثانية، خلافا لقرار مجلس الامن رقم 1701.

بدائل العملية البرية

 

 

 

فيما يلي سنذكر البدائل بالترتيب حسب الانجازات المطلوبة من اجل تحقيقها.

 

1- هزيمة حزب الله عسكريا بواسطة احتلال معظم دولة لبنان وتدمير البنى التحتية له والقضاء على معظم مقاتليه (بما يشبه ما نفذه الجيش في قطاع غزة).

2- احتلال المنطقة واقامة حزام امني ي جنوب لبنان بما يشبه الحزام الامني الذي اقيم في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.

3- سلسلة من الاقتحامات البرية لمواقع حزب الله في جنوب لبنان من اجل تقليص قدرته وردعه.

4- احتلال المناطق التي تسيطر على خط الحدود وايجاد فضاء آمن للمستوطنات الاسرائيلية جنوب الحدود، ومنع الاطلاق المباشر بكل اشكاله وافشال امكانية اقتحام قوة الرضوان لهذه المستوطنات.

5- تعرية خط التماس من قدرة الاغارة لقوة الرضوان (بما يشبه الخيار الرابع، لكن على مساحة أصغر. وخلافا للخيار الرابع، عدم بقاء قوات الجيش الاسرائيلي بعد انتهاء المهمة والى حين تحقيق التسوية السياسية).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المعايير الثلاثة لتحليل البدائل

 

1- تحقيق هدف الحرب في الشمال – استخدام العملية البرية كأداة ضغط على حزب الله من اجل هزيمته عسكريا، أو من اجل تحقيق اتفاق 1701 محسن وقابل للتنفيذ، الذي يدفع حزب الله الى شمال نهر الليطاني ويزيل تهديد اطلاق النار بشكل مباشر واقتحام مستوطنات الشمال.

2- احتمالية تنفيذ البديل – القوى البشرية، حجم القوات والوسائل (ذخائر، قطع غيار ومنصات)، شرعية داخلية وخارجية لاسرائيل.

3- القدرة على تنفيذ البديل لفترة طويلة.

افتراضات عمل البدائل الموجودة لتفعيل القوات البرية في الجيش الاسرائيلي

1- الجيش الاسرائيل يوجد منذ سنة في حالة حرب. القوات البرية راكمت تجربة عملياتية كبيرة في قطاع غزة وفي الدفاع في الجبهة الشمالية ايضا.

2- مستوطنات الشمال فارغة من السكان والجيش الاسرائيلي مستعد وينتشر في حالة دفاع بحجم قوات، ثلاث فرق، ومنطقة جنوب لبنان فارغة تقريبا من نشطاء حزب الله في اعقاب الخوف من المس بهم.

هذه الحقائق الثلاث يمكن أن تخفف على الجيش الاسرائيلي الانتقال من حالة الدفاع الى الهجوم.

3- قيادة المنطقة الشمالية انتهت من اجراء قتالي طويل لعملية برية في لبنان، ويوجد لها خطة منظمة.

4- وحدات السلاح البري اجتازت في الاشهر الاخيرة تدريبات شاملة على العملية البرية في لبنان.

5- القوات البرية توجد لها قيود كثيرة. فالقوى البشرية في الجيش النظامي وفي الاحتياط تآكلت بعد سنة من الحرب، ونظام القوات البرية في الجيش الاسرائيلي محدود النطاق، ومخزون السلاح وقطع الغيار محدود ويعاني من فجوات كثيرة (ايضا ازاء الحصار الجزئي الذي فرض على اسرائيل والذي قد يتفاقم مع فقدان شرعية نشاطاتها الحالية في لبنان).

6- الشرعية الداخلية في اوساط المجتمع الاسرائيلي للعملية البرية في الشمال بعد سنة على حرب استنزاف، مرتفعة. مع ذلك، القدرة على تكبد خسائر كبيرة محدودة، بعد سنة من الحرب واكثر من 1500 قتيل. ايضا القتال بقوة زائدة في لبنان سيضاف الى مواصلة القتال في قطاع غزة والحرب المتزايدة ضد الارهاب في يهودا والسامرة.

7- الشرعية الدولية لاحتلال مناطق في لبنان لفترة طويلة، والتسبب بالتدمير وقتل المدنيين في لبنان نتيجة العملية البرية الاسرائيلية، اضافة الى الاستمرار في القصف لكل ارجاء لبنان، محدودة جدا مقارنة مع الحرب في قطاع غزة. خلافا للقطاع يوجد لدول كثيرة، التي دعمها حيوي بالنسبة لاسرائيل وعلى رأسها امريكا وفرنسا، مصلحة واضحة في الحفاظ على النظام في لبنان وتقليص المس بالمدنيين ومنع الفوضى في الدولة التي هي مضعضعة حتى الاساس. كل ذلك صحيح، لا سيما ازاء الانتخابات الرئاسية القريبة في امريكا، وشبكة العلاقات المتوترة اصلا بين الادارة التاركة (التي ستستمر ولايتها حتى شهر كانون الثاني 2025) وبين حكومة اسرائيل الحالية.

8- سكان الشمال لن يعودوا الى بيوتهم في ظل أي بديل لا يعمل على ازالة خطر اطلاق النار بشكل مباشر على المستوطنات، وتهديد الاقتحامات، واذا لم يكن لديهم شعور بالأمان في قدرة الجيش الاسرائيلي على حمايتهم من هذه التهديدات لفترة طويلة. أي تسوية سياسية ستستقبل بعدم الثقة، الامر الذي سيكون له مبرر على خلفية تجربة الماضي.

 

 

الاستنتاجات من فرضيات العمل

 

1- خلافا لقطاع غزة امام حماس فانه ليس للجيش الاسرائيلي القدرة على التسبب بهزيمة عسكرية لحزب الله من خلال احتلال منطقة واسعة في لبنان (مرورا ببيروت على الاقل)، والبقاء فيها لفترة طويلة، وهو الوضع الذي سيعمل على تآكل حتى النهاية ايضا الشرعية الدولية للعملية، ومع مرور الوقت سيضر ايضا بالشرعية الداخلية كما حدث في حرب لبنان الاولى وفي اعقابها.

2- في كل بديل، باستثناء الهزيمة العسكرية لحماس، لن يتم اعطاء رد كامل لتهديد المسيرات والمنظومات حادة المسار الموجهة للجبهة الداخلية في اسرائيل. التقليل من هذه التهديدات يتم بالتوازي مع عملية برية عن طريق الاستمرار في ضربات النيران، لكنه لن يزيلها.

الانجاز المطلوب من العملية البرية، بناء على ذلك، هو ازالة واضحة – اعادة ثقة السكان بأنه يمكنهم العودة بأمان الى بيوتهم – لتهديدين. الاول هو تهديد الاقتحام البري لحزب الله. والثاني هو تهديد النار “القريبة” مستوية المسار والصواريخ المضادة للدروع.

 

 

 

تحليل البدائل

 

 

 

البديل الاول – الهزيمة العسكرية

 

في هذا البديل الجيش الاسرائيلي يجب عليه احتلال دولة لبنان بما يشبه خطة “اورانيم الكبيرة” في حرب لبنان الاولى، وتطهير اراضيه من البنى التحتية لحزب الله ومن نشطائه. ولأن حزب الله ينتشر في ارجاء لبنان، ويوجد له مراكز تبعد عشرات الكيلومترات عن الحدود، في بيروت وفي البقاع، فانه ستكون حاجة الى احتلال منطقة واسعة حتى مداخل بيروت على الاقل، والاحتفاظ بها لفترة طويلة.

في كل ما يتعلق بتحقيق اهداف الحرب في الشمال فان هذه الخطة ستكون الاكثر نجاعة. اسرائيل ستقوم بازالة التهديد الاستراتيجي والتكتيكي لذراع ايران الاخطبوطي الاقوى، وسترمم الردع الذي تضرر في 7 اكتوبر، وسكان الشمال يمكنهم العودة الى بيوتهم بدون خوف.

في المقابل، لا توجد لهذه الخطة أي احتمالية من ناحية القوى البشرية وحجم قوات الجيش الاسرائيلي، الجيش النظامي والاحتياط. في حرب لبنان الاولى دخل الجيش الاسرائيلي الى لبنان بثماني فرق، المقارنة التاريخية غير دقيقة بالطبع ولكنها تمنح تناسب لحجم القوات المطلوبة. في هذه المرة الجيش الاسرائيلي سيحتاج الجيش الى تنفيذ المهمة في الوقت الذي ما زال يحتفظ فيه بقوات كبيرة في قطاع غزة (فرقتين على الاقل)، وفي يهودا والسامرة (في آذار 2024 تم ابقاء هناك على 23 كتيبة).

منظومة الجيش النظامي والاحتياط ستدخل الى العملية البرية بعد سنة قتال، قتل فيها اكثر من 700 جندي واصيب الآلاف بشكل يمنعهم من العودة الى الخدمة. رجال الاحتياط الذين سيتم استدعاءهم للخدمة خدموا فعليا عدة اشهر، حتى لو كان من غير الممكن التشكيك في دافعيتهم ازاء اهمية المهمة، لكن هناك شك كبير اذا كان يمكنهم مواصلتها لفترة طويلة (كما حدث ايضا في العام 1983).

اضافة الى ذلك، لا يوجد للجيش الاسرائيلي ما يكفي من الوسائل القتالية (منصات اطلاق، قطع غيار، ذخيرة) لشن حرب كهذه. الشرعية الدولية لهذه الحرب ستكون صفر. وضمن ذلك امكانية أن تقوم الادارة الامريكية الحالية التي تعيق الآن تزويد اسرائيل بالقنابل ثقيلة الوزن والاجهزة الدقيقة، بزيادة شدة الضغط في هذا المجال. ايضا في الداخل ستكون شرعية لعملية هزيمة كهذه في البداية، ولكن كلما مر الوقت ستزداد الخسائر وسيتولد شعور المراوحة في المكان، ايضا هذه الشرعية ستتلاشى بالتدريج كما حدث في حرب لبنان الاولى.

بناء على ذلك لا يوجد إلا الاستنتاج بأنه لا يوجد لاسرائيل وللجيش الاسرائيلي أي احتمالية حقيقية لتطبيق هذا البديل، ويجب شطبه من جدول الاعمال.

 

 

 

البديل الثاني – احتلال مناطق واقامة حزام امني في جنوب لبنان

 

هذا البديل توجد له مرحلتان. الاولى هي احتلال مناطق: عمق القطاع الذي سيتم احتلاله سيحدد بواسطة الاعتبارات التكتيكية والعملياتية. ولكن الحد الادنى المطلوب هو السيطرة على خط رؤية مباشر لمستوطنات الشمال، أو أن لديه امكانية اطلاق الصواريخ والقذائف المضادة للدروع نحوها – تطهير هذه المناطق من البنى التحتية لحزب الله ومن مخربيه.

المرحلة الثانية هي اقامة حزام امني بما يشبه المنطقة التي احتفظت بها اسرائيل في لبنان في التسعينيات. هنا يجب التذكر بأن هناك  فروقات مهمة بين ذلك الوقت والآن، الذي من شأن مفهوم “الحزام الامني” يمكن أن يضلل بالنسبة لهذه الفروقات.

معظم القوات في “الحزام الامني” في الاعوام 1985 – 2000 كانت من رجال جيش لبنان الجنوبي، مع تواجد محدود نسبيا لجنود الجيش الاسرائيلي. في الوقت الحالي جيش لبنان الجنوبي غير موجود، المهمة كلها ستكون للجيش الاسرائيلي، ومن اجل الاحتفاظ بالمنطقة على المدى المتوسط والبعيد سنكون بحاجة الى حجم كبير من القوات (على مستوى الفرق على الاقل) في موازاة تكثيف خط الدفاع عن الحدود الدولية اضافة الى الاحتياجات في جبهات اخرى.

الاهم من ذلك هو أن حزب الله قاتل في تلك السنوات ضد جيش لبنان الجنوبي والجيش الاسرائيلي في المنطقة الامنية نفسها، ولم يقم بفحص فاعلية القطاع بالنسبة للتسلل الى مستوطنات الجليل. هذه المرة الهدف الرئيسي لحزب الله هو التسلل من اجل اقتحام، حتى لو كان محدود في حجمه، مستوطنات الشمال لتقويض الشعور بالانجاز في اسرائيل واجبارها على استثمار المزيد من القوات في منطقة الحزام الامني، والغرق في “وحل لبنان” وهرب السكان مرة اخرى من بيوتهم التي عادوا اليها. هناك شك كبير اذا كان يمكن للقوات التي توجد في داخل الحزام الامني أن تمنع كليا هذه الامكانية.

لذلك، رغم أن هذا الخيار سيعيد سكان الشمال الى بيوتهم (إلا أنه لن يقدم أي رد على تهديد المنظومات حادة المسار والمسيرات التي يتم اطلاقها من العمق اللبناني)،  إلا أنه غير قابل للتطبيق.

يجب ايضا زيادة مناقشة الافكار التي تسمع حول الاستيطان الاسرائيلي في جنوب لبنان. هذه العملية ستكون مدمرة بالنسبة لاسرائيل وستقرب بشكل كبير تدهورها الى مكانة “دولة مجذومة”. بناء على ذلك فان هذا الخيار لا توجد له أي امكانية، أو منطق داخلي، وبالتالي يجب عدم مناقشته.

 

 

 

البديل الثالث – سلسلة اقتحامات برية

 

حسب هذا البديل فان الجيش الاسرائيلي سيقوم بتنفيذ عدة اقتحامات لمنشآت حزب الله في المنطقة جنوب نهر الليطاني لتدمير البنى التحتية لحزب الله والقضاء على نشطائه، وبعد عملية مركزة سينسحب ويعود الى اسرائيل. هذه الاقتحامات يمكن أن تكون ايضا بحجم كبير نسبيا للقوات، مثل عملية “المرجل 4 موسعة” في ايلول 1972، التي شارك فيها اثنين من الوية المشاة، غولاني والمظليين، ولواء مدرع “براك”، وقوات هندسة ومدفعية. ولكن في كل الحالات هذه القوات لن تبقى في المنطقة، بل هي ستكمل المهمة وستخرج منها.

هذا البديل يمتنع عن الاضرار بعيد المدى للشرعية، وتآكل القوة التي تنطوي على البدائل الاخرى، لكن توجد له ايضا قيود. الاقتحام، مثلما شاهد ذلك الجيش الاسرائيلي في القطاع، يوجد له انجاز محدود، حيث أنه بعد انسحاب القوات يقوم العدو بترميم بنيته التحتية. ايضا مشكوك فيه أن يكون في الاقتحام ما يمكنه أن يعيد للسكان الشعور بالأمان المطلوب من اجل العودة الى بيوتهم. حزب الله سيرد بالتأكيد باطلاق النار، الذي بحد ذاته سيستأنف المطالبة بتنفيذ عمليات اوسع.

رغم أنه يوجد لهذا البديل احتمالية بمعاني القوى البشرية وحجم القوات والسلاح والشرعية، إلا أنه لن يحقق الانجاز المطلوب.

 

 

 

 

 

البديل الرابع – احتلال المناطق المسيطرة على الحدود وخلق فضاء آمن

 

الجيش الاسرائيلي اطلق في السابق على خطة احتلال المناطق المسيطرة على الحدود اسم “جلوس صحيح”. حسب هذه الخطة الجيش الاسرائيلي سيقوم باحتلال المناطق المسيطرة شمال الحدود الدولية (“جلوس صحيح” موسع لأن قدرات حزب الله الآن تقتضي احتلال منطقة اوسع من التي خطط لها في فرقة الجليل قبل حرب لبنان الثانية)، وسيدمر في هذه المنطقة البنى التحتية لحزب الله ويقضي على رجاله، وسيعمل في المنطقة كفضاء حماية لفضاء الاحتفاظ بالدفاع، الفضاء الذي تنتشر فيه المستوطنات الاسرائيلية. هذه الخطة ستحل للجيش الاسرائيلي المعضلة الاكبر له في الدفاع عن مستوطنات الشمال – غياب عمق للدفاع ازاء تموضع المستوطنات على خط الحدود. المعايير لعرض الحزام الذي سيتم احتلاله تم تفصيلها في البند السابق.

هذا البديل سيزيل تهديد الاقتحام والاطلاق المباشر للنار على المستوطنات الاسرائيلية، رغم أنه لن يزيل تهديد المنظومات حادة الانحدار والمسيرات إلا أنه يمكن من عودة السكان الى بيوتهم. اذا دمج هذا البديل أي تهديد فعلي لتدمير القرى الشيعية في المنطقة (19 قرية)، وتهديد قابل للتطبيق بأنه لن يتم اعادة ترميمها، فربما يشكل اداة ضغط على حزب الله من اجل التوصل الى تسوية.

هذا البديل توجد له احتمالية من جهة استخدام منظومة القوات لفترة محدودة، والسلاح والشرعية الداخلية والدولية، حتى لو كانت هذه الشرعية ستتلاشى اذا كان هناك شعور بأن اسرائيل تنوي البقاء في المنطقة لفترة طويلة. لكل هذه الاسباب يجب السعي الى عملية سياسية تؤدي الى تسوية، يطلق عليها “1701 محسنة”، أي ابعاد نشطاء حزب الله وبنيته التحتية الى شمال نهر الليطاني، ادخال قوة دولية قوية مثل قوات امريكية وفرنسية الى المنطقة، ووقف الحرب في منطقة الشمال.

اذا لم تنجح العملية السياسية فانه يجب الحذر من خلق غير متعمد لـ “حزام امني” مع كل عيوبه، والاستعداد لتواجد صحيح في المنطقة – حد ادنى من الاهداف لعمليات العصابات ونيران مضادة لحزب الله وسياسة نيران وعمل واسع من اجل منع اعادة اقامة بنى تحتية ارهابية. خلافا للسنوات التي سبقت الحرب، يجب أن تكون هذه السياسة حازمة وثابتة من اجل منع ظاهرة “الزحف نحو الحدود”، وزيادة القوة غير المسبوقة لحزب الله في الـ 15 سنة الاخيرة.

 

 

 

البديل الخامس – كشف خط التماس

 

حسب هذا البديل فان الجيش الاسرائيلي سيعمل من الجهة الثانية لخط الحدود من اجل تدمير البنى التحتية لقوة الرضوان التي توجد في مناطق معقدة قرب الحدود. هذا البديل لن يزيل تهديد النار المباشرة لحزب الله. لذلك، حتى لو كان قابل للتنفيذ بالنسبة للجيش الاسرائيلي والحكومة الاسرائيلية، إلا أنه غير ذي صلة.

 

 

الخلاصة

 

الوضع الذي تطور في الشمال في سنة الحرب الاخيرة أدى الى فشل استراتيجي غير مسبوق في تاريخ اسرائيل، رغم النجاحات التكتيكية لقيادة المنطقة الشمالية في الحرب الدفاعية. اسرائيل فقدت منطقة كاملة من البلاد، التي اصبح سكانها لاجئون في دولتهم. من اجل تغيير الواقع الصعب اضافت اسرائيل هدف جديد للحرب الى الاهداف الخمسة الاصلية، اعادة سكان الشمال الى بيوتهم بأمان. ومن اجل تحقيق هذا الهدف فقد غيرت اسرائيل المعادلة القائمة امام حزب الله، عندما اخرجت الى حيز التنفيذ خطة “اللكمات”. مع ذلك، ربما أنه حتى لكمات النار لن تجعل حزب الله يوقف حرب الاستنزاف، التي الشرط لوقفها هو وقف القتال في قطاع غزة.

اسرائيل يجب عليها الاستعداد للوقت الذي فيه النار ستكون اقل نجاعة، وعندها الانتقال الى العملية البرية في موازاة استمرار تفعيل النيران. العملية البرية توجد لها ستة بدائل. بعضها قابل للتنفيذ وبعضها لا. بعضها يمكن أن يحقق الهدف والبعض لا. بالنسبة لكل بديل اسرائيل تدفع ثمن تقليص واهمال الجيش البري خلال سنوات. اضافة الى ذلك تجري في قطاع غزة حرب طويلة بدون حساب للموارد: الوقت والانسان والسلاح.

البديل الافضل، الذي ربما سيؤدي الى تغيير الواقع الاستراتيجي في الشمال وسيردع حزب الله ويكون قابل للتنفيذ، هو خلق حزام امني شمال الحدود وتدمير البنى التحتية لحزب الله والقضاء على نشطائه. هذه الخطة ستزيل تهديد اقتحامات قوة الرضوان، اضافة الى تهديد النار المباشر على مستوطنات الشمال. وفقا لذلك فان سكان الشمال سيعودون الى بيوتهم رغم النقص في الخطة، غياب القدرة على ازالة تهديد المسيرات بشكل كامل، واطلاق النار حادة الانحدار.

يجب التأكيد على أنه من اجل التوصل الى الشرعية الدولية لهذه العملية ومنع تآكل الجيش الاسرائيلي والتدهور غير المخطط له الى “الحزام الامني” لفترة طويلة، يجب أن يرافق الجهد العسكري السعي الى تسوية سياسية تستكمله، التي ستغير الوضع في جنوب لبنان من اساسه مقارنة مع 8 تشرين الاول، وتمكن من عودة سكان الشمال الى بيوتهم. هذه التسوية بظروف موثوقة والاستعداد المناسب لليوم التالي، قد يؤدي ذلك الى الامتناع عن القيام بعملية برية، لكن الوقت اللازم لتحقيق ذلك بدون هذه العملية هو محدود جدا.

في كل الحالات، بعد استقرار الوضع والعودة الى وضع الدفاع، يجب تطبيق بحزم سياسة عمل واضحة، تمنع التدهور بالتدريج لحزب الله نحو الجنوب واستئناف التهديد وفقدان الردع المتجدد.

--------------------------------------------

 

 

هآرتس 2/10/2024

 

 

العالم بعد خطاب الصفدي: ما الذي تريده إسرائيل إذن؟

 

 

 

بقلم:  أسرة التحرير

 

إسرائيل في ذروة المرحلة الأصعب في تاريخها، تقودها قيادة سائبة على رأسها شخص، الوعد الوحيد الذي قطعه لشعبه وتكبد العناء للإيفاء به هو العيش على السيف. في الكلمة التي ألقاها في جلسة الحكومة بمناسبة السنة الجديدة، ذكر نتنياهو المخطوفين المئة وواحد الذين تركهم لمصيرهم ولحياة التعذيب والموت في أنفاق حماس في قطاع غزة. فيما نصفهم ليسوا على قيد الحياة.

تحت القيادة السائبة لمن يشكل التهديد الأكبر من بين زعماء إسرائيل، ها هي تسير بخطى كبرى نحو حرب إقليمية، فيما تتطلع عيون العالم كله نحوها بدهشة: ما الذي تريده؟ وإلى أين تسعى؟ إن من نجح في التعبير عن هذا الإحساس أفضل من الجميع هو وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، في خطاب أصبح شائعاً في كل العالم أما في إسرائيل فلم يحظ إلا بتجاهل مطلق. ففي مؤتمر صحافي في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في ختام تصريح لمندوبي الدول العربية، أخذ الصفدي حق الكلام وقال ما يجب على الإسرائيليين أن يسمعوه. “رئيس حكومة إسرائيل جاء إلى هنا اليوم، وقال إن إسرائيل محوطة بمن يسعون لإبادتها”، استهل الصفدي حديثه وأضاف: “نحن هنا أعضاء في اللجنة التي تمثل 57 دولة عربية وإسلامية، وأقول لكم بشك لا لبس فيه: كلنا مستعدون في هذه اللحظة لضمان أمن إسرائيل في سياق إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية”.

هذا لا يعني أن حماس لم تسع لهزيمة إسرائيل، وأن حزب الله ليس عدواً مريراً ووحشياً وأن إيران لا تسعى إلى الشر بنا، لكن الصفدي سعى ليذكر بالحقيقة المنفية: إسرائيل تحت حكم نتنياهو الطويل لم تحرك ساكناً في صالح السلام مع الفلسطينيين، بل العكس. وتساءل الصفدي عجباً “فما هي رواية إسرائيل، باستثناء مواصلة القتال والقتل والتدمير؟”. “اسألوا كل مندوب إسرائيلي ما هي خطتكم للسلام، ولن تسمعوا شيئاً… سنخرب غزة، سنحرق الضفة الغربية، سندمر لبنان. ليس لهم بعد ذلك أي خطة. لنا خطة، لكن ليس لنا شريك للسلام في إسرائيل”.

عشية رأس السنة الجديدة، وبينما الحرب هي الأفق الوحيد الذي تملكه القيادة الإسرائيلية لعرضه، ينبغي أن نتبارك في السنة القادمة بتغيير عميق في سلسلة القيادة وبرؤية جديدة لإسرائيل. فلتنته سنة ولعناتها.

--------------------------------------------

 

 

 

 

 

هآرتس 2/10/2024

 

 

 

هجوم داخلي وخارجي.. "إسرائيل" تواجه مخاطر متزايدة

 

 

 

بقلم: عاموس هرئيل

 

لم يواجه الإسرائيليون قط هجوماً مماثلاً في الجبهة الداخلية كالذي حدث في "تل أبيب" وهجوماً ضخماً من الخارج.

صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تنشر مقالاً للكاتب عاموس هرئل، يتحدث فيه عن الرد الإيراني على اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، ,مسؤول ملف لبنان في قوة القدس في حرس الثورة، اللواء عباس نيلفوروشان، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، كما تحدّث عن إطلاق النار في "تل أبيب". وقال إنّ "إسرائيل" تواجه خطراً داخلياً وخارجياً.

لم يواجه الجمهور الإسرائيلي قط هجوماً مماثلاً على الجبهة الداخلية، وخاصة في وسط "إسرائيل". وهذا التطوّر الأخير يضع جميع الأطراف في وضع مختلف تماماً.

وتتزايد المخاطر على الجبهة الداخلية، ففي عملية القتل التي حصلت في يافا، والتي يُشتبه في أنها تتزامن مع الهجوم من إيران، قُتل سبعة إسرائيليين. وهذا هو الهجوم الأسوأ الذي ينفّذه الفلسطينيون في الخط الأخضر، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر. ولم تشهد "تل أبيب" هجوماً مماثلاً منذ أيام الانتفاضة الثانية.

كما أنّ مثل هذا الحدث المروّع يزيد من مشاعر التوتر وانعدام الأمن لدى الإسرائيليين، بالإضافة إلى إطلاق الصواريخ الباليستية بكثافة. وينبغي أن نأخذ في الاعتبار المحاولات المماثلة التي يقوم بها الفلسطينيون في الضفة الغربية.

ولا شك أنّ "إسرائيل ستردّ على الهجوم الإيراني الضخم. ومن المتوقّع أن تجرّ المواجهة، رغماً عنها، الولايات المتحدة التي يفصلها أقل من خمسة أسابيع عن الانتخابات الرئاسية.

إنّها أزمة إقليمية وعالمية، قد تكون لها آثار بعيدة المدى على أمن "إسرائيل"، ولكن أيضاً على حالة الاقتصاد الدولي والمكانة العالمية للولايات المتحدة. ومن المتوقّع أن يستمرّ تبادل الضربات، كما ظهر بوضوح من خلال التهديد الذي أطلقته البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة.

لم تكد تمرّ أيام قليلة على الاحتفالات في "إسرائيل" باغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، حتى تغيّرت الصورة تماماً، وكالعادة يتبيّن أنّ احتفالات النصر في غير محلّها متى يتعلق الأمر بحرب طويلة ضدّ عدو حازم.

 

في ظل هذه الظروف، فإنّ القتال في قطاع غزة، الذي كان حتى منتصف الشهر الماضي يعدّ الساحة الرئيسية، سينخفض في ترتيب الأولويات. وقد يؤثر ذلك سلباً على محاولات التوصل الى صفقة الأسرى، والتي تم تجميدها أيضاً لفترة طويلة.

وقام "الجيش" الإسرائيلي بتوسيع تجنيد قوات الاحتياط، والآن من المتوقع تجنيد احتياط أكثر، على خلفية الأزمة الإقليمية ومخاطر المزيد من التدهور على عدد من الجبهات.

إنّ التهديد الإيراني المباشر يؤكد فقط اعتماد "إسرائيل" على الأميركيين، الذي حرص رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على إخراجهم عن طورهم عند كل منعطف في الأسابيع الأخيرة.

وتعتمد "إسرائيل" على الولايات المتحدة ليس فقط في تنسيق الدفاع الجوي، بل في استمرار إمدادها بالأسلحة وفي أنشطتها الهجومية، بطريقة ما، هذه الأمور لا يستوعبها أتباع نتنياهو المتحمّسون، الذين يستمتعون الآن في خيالهم بنجاح الحرب في بيروت.

وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى تحذير الصحافي توماس فريدمان في صحيفة "نيويورك تايمز" قبل نحو شهر. وبحسب فريدمان، فإنّ إدارة بايدن تخشى أن يحاول نتنياهو جرّها إلى حرب مباشرة مع إيران، والتي ستشمل مهاجمة المواقع النووية وستؤثر  أيضاً على مصير الانتخابات الرئاسية الأميركية.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق