19 نيسان 2024 الساعة 10:45

البؤر الاستيطانية تلتهم 35% من الضفة الغربية وأغلبها على التلال

2022-12-13 عدد القراءات : 567
بيت لحم (الاتجاه الديمقراطي)
سلط معهد الابحاث التطبيقية "أريج" في تقرير متخصص ومطول له، على البؤر الاستيطانية التي ظهرت وكأنها عشوائية لتصبح قانونية وتلتهم نحو 35% من أراضي الضفة الغربية، وأصبحت جزء متأصل من المستوطنات الكبيرة التي تعتبرها إسرائيل قانونية وجزء من مناطقها.
وقال التقرير: "إن انتشار ظاهرة البؤر الاستيطانية غير المرخصة بدأ في التسعينيات، بعد أن خفضت إدارة رابين آنذاك معدل المصادقة على البناء في المستوطنات المقامة في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1993، وذلك لتسارع المفاوضات مع الفلسطينيين التي سبقت توقيع اتفاق أوسلو".
والبؤرة الاستيطانية هي تجمع استيطاني شيد في الضفة الغربية دون قرار رسمي أو موافقة من الحكومة الإسرائيلية، لم يتم تخصيص أي أرض لهذه التجمعات، ولم يتم تحديد حدود بلدية لها، ولم يُمنح سكانها أي إذن لاستخدام الأرض سواء للبناء أو الزراعة، حيث تنشأ البؤر الاستيطانية عادة على شكل بناء جديد أو عدد من المنشآت (البيوت المتنقلة) ذات مساحة محدودة ومنفصلة عن المنطقة العمرانية للمستوطنة الأم، وترتبط بالمستوطنة الأم بواسطة طريق ترابي، ويتم إنشاؤها بهدف توسع مستقبلي لمستوطنة قائمة أو تمهيدا لإقامة مستوطنة جديدة.
 ويبدأ هذا النشاط عادة عن طريق استيلاء مستوطن إسرائيلي أو أكثر على أراض فلسطينية تتركز على القمم الجبلية المتاخمة للمستوطنة الأم، والمباشرة بنصب خيام أو وضع بيوت متنقلة والاستقرار فيها لفترة زمنية، تقوم على إثرها الحكومة الإسرائيلية وأذرعها الاستيطانية بتقديم الدعم وتوفير الخدمات لهم، وعلى الرغم من الطبيعة غير القانونية للبؤر الاستيطانية بموجب القانون الدولي والقانون الإسرائيلي أيضا، إلا أن الحكومة الإسرائيلية دعمت ضمنيًا الحفاظ عليها ومحاولات إضفاء الشرعية عليها أو دمجها في المستوطنات القائمة، حيث أمرت إسرائيل الجيش بتوفير الحماية الأمنية للبؤر الاستيطانية وتعبيد الطرق لها وإقامة البنية التحتية للمياه والكهرباء لمعظمها، وقدمت الدعم من خلال وزارات حكومية مختلفة، والمجالس الإقليمية في الضفة الغربية، ولواء الاستيطان، الذي دعم المساعي المالية في البؤر الاستيطانية، بما في ذلك المرافق الزراعية، وقدم الدعم للمزارعين الجدد ولرعي الماشية، وخصص الحماية القانونية للبؤر الاستيطانية التي تواجه التماسات لإزالتها.
وقال التقرير: "اشتد تفشي هذه الظاهرة بعد عام 1998 على إثر دعوة أرئيل شارون الذي كان يشغل منصب وزير الطاقة والبنية التحتية في حكومة نتنياهو آنذاك، للاستيلاء على مواقع التلال والمرتفعات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، حيث صرح انه ينبغي على كل شخص هناك أن يتحرك ويركض، أن ينتزع المزيد من التلال ويوسع المنطقة. كل ما يتم الإمساك به سيكون بين أيدينا، كل ما لا نمسك به سيكون في أيديهم وذلك للحيلولة دون تسليمها للفلسطينيين لاحقا في إطار أي تسوية مستقبلية بين الجانبين، الإسرائيلي والفلسطيني، وكان هذا التصريح الضوء الأخضر لإنشاء المستوطنين المتطرفين تنظيم شبيبة التلال (فتية التلال)، التنظيم الذي يلعب الدور الأكبر في السيطرة على الأراضي الفلسطينية وإنشاء البؤر الاستيطانية، وهم أصحاب فكرة الاستيطان الرعوي وإقامة البؤر الرعوية بشكل خاص".
النشأة والتمويل
وأشار أريج في تقريره أن عملية إنشاء أغلب البؤر الاستيطانية تمر عبر عدة خطوات، تهدف جميعها وبشكل أساسي إلى السيطرة على الأراضي الفلسطينية، حيث تقوم كافة الجهات الإسرائيلية، الحكومية وغير الحكومية، ذات العلاقة بالعملية الاستيطانية في الضفة الغربية بالمشاركة في هذه الخطوات التي تتلخص فيما يلي:
الخطوة الأولى: إقامة بورة جديدة اذ يتم ذلك عن طريق خلق حقائق على الأرض من قبل المستوطنين الإسرائيليين أو تنظيم شبيبة التلال عبر شق طريق جديد ونصب عدد من الخيام أو وضع منازل متنقلة (كرفانات)، يتبع ذلك عملية بروتوكولية تتمثل في إصدار أوامر هدم من قبل وحدة التفتيش بالإدارة المدنية، الا أنه يتم التصدي لها عبر عملية ضغط من قبل قادة الأمانا ومسؤولي مجلس يشاع والحاخامات وأعضاء الكنيست المتطرفين للضغط على الحكومة والإدارة المدنية للامتناع عن التنفيذ والإخلاء.
أما الخطوة الثانية تتضمن اكتساب الحقوق على الأرض ويقوم لواء الاستيطان كونه الجهة المسؤولة عن تطوير المستوطنات اليهودية في ما يعرف بيهودا والسامرة (الضفة الغربية)، ومن صلاحياته إدارة الأراضي التي تؤول له من خلال منظمة الصهيونية العالمية والتي خصصت لها الإدارة المدنية أكثر من 450 الف دونم، (35%) من أراضي الضفة الغربية المصنفة أراضي دولة (مسجلة ومعلنة) في مناطق ، حيث يقوم لواء الاستيطان بتوقيع عقود مع المستوطنين للبناء أو استخدام الأراضي المخصصة له، تسمى هذه العقود بار ريشوت أو شهادة التفويض، ويتم ذلك بدون اشراف حكومي او موافقة الجهات ذات الاختصاص مثل سلطة الأراضي، كما أن الوصي على الممتلكات المتروكة لا يكلف نفسه عناء تلقي المدفوعات مقابل استخدام الأرض.
الخطوة الثالثة: اعداد المخططات والموافقة عليها وقد تصل تكلفة إعداد المخططات والاطلاع عليها طوال عملية الموافقة إلى مئات الآلاف من الشواقل، معظم مخططات البناء في الأرض الفلسطينية المحتلة بدأت من قبل المجالس الإقليمية أو أمانا أو لواء الاستيطان، وليس من الممكن دائمًا معرفة مصدر تمويل هذه المخططات، لكن هناك حالات موثقة جاء فيها التمويل من المجالس الإقليمية حيث ورد في قائمة النفقات غير المتكررة (NRE) لمجلس بنيامين الإقليمي، والتي تم الإعلان عنها بعد التماس من قبل حركة السلام الآن، وافق المجلس على حوالي 33مليون شيكل إسرائيلي جديد لمشاريع تخطيط مختلفة بين عام 2000 و2014.
من بين هذه المشاريع أيضًا مشاريع تخطيط غير قانونية للمباني السكنية أو العامة في البؤر الاستيطانية والمستوطنات غير القانونية، على سبيل المثال، بموجب بند مخطط التخطيط الحضري للمستوطنات، والذي يبدو أنه اسم رمزي للبؤر الاستيطانية غير القانونية، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، وافق المجلس على ميزانية قدرها 150 ألف شيكل لتخطيط مراكز الرعاية النهارية في خمس بؤر استيطانية غير قانونية.
في حالات تمويل أخرى وفي أعقاب التماس قدمته حركة السلام الآن بموجب قانون حرية المعلومات، قدمت وزارة الإسكان قائمة بجميع استثماراتها في المستوطنات، من بين أمور أخرى، اتضح أن الوزارة وافقت على تمويل المخططات في البؤر الاستيطانية غير القانونية التي حدث فيها بالفعل بناء غير قانوني، مثل: زايت رعنان، نحالي تال (كرم رييم)، بروش (بترونوت)، جفعات ساليت، متسبي داني وبني آدم وإيبي حنحل.
كما ظهر أيضا في إعفاء لواء الاستيطان من وثيقة المناقصة اعتبارًا من 2 يوليو 2012، أن اللواء يسعى إلى دفع رواتب مهندس معماري لإعداد مخطط لبؤرة جفعات ساليت الاستيطانية (62000 شيكل بالإضافة إلى 52000 شيكل تم دفعها له بالفعل).
وتجدر الإشارة إلى أن تصميم مخطط تخطيط المدينة في حد ذاته ليس عملاً غير قانوني، وهو شرط أساسي للبناء القانوني، ولكن غالبًا ما تستخدم هذه المخططات للبناء دون موافقتها القانونية.
جديرًا بالذكر أنه غالبا ما يستمر البناء حتى في حالة عدم وجود شهادات أو وثائق صالحة.
الخطوة الرابعة: إصدار رخص البناء
تصدر المجالس الإقليمية تصاريح بناء وهمية تحت مسميات أو مبررات مختلفة، يتم بموجبها توصيل البنية التحتية للبؤرة والحصول على قروض عقارية، في غياب تام لجهات انفاذ القانون عن محاسبة المسؤولين على أي نشاط غير قانوني يتعلق بهذه المرحلة.
الخطوة الخامسة: إنشاء البنية التحتية
تشير المجالس الإقليمية إلى البؤر الاستيطانية غير القانونية على أنها مستوطنات عادية بكل معنى الكلمة، كما يتضح من قائمة المستوطنات على مواقعها على الإنترنت، وتقوم المجالس بشكل غير قانوني بتمويل البؤر الاستيطانية وتحويل الأموال لبنائها وإدارتها، مع محاولة إخفاء الأهداف الحقيقية لهذه الأموال. وإلى جانب المجالس الإقليمية، فإن لواء الاستيطان وحركة الأمانا شريكان أيضًا في هذا التمويل الذي يستخدم بشكل كلي أو جزئي لتمويل انشاء الطرق وشبكات المياه والصرف الصحي للبؤر وربطها بشبكة الكهرباء.
الخطوة السادسة: بناء المنازل وبيعها للمستوطنين
يحتوي موقع أمانا على الانترنت على معلومات عن المشاريع والمساكن التي يقدمها، حيث تحتوي قائمة، مستوطنات أمانا على البؤر الاستيطانية التالية: أفيغايل، أهيا، الماتان، إيش كوديش، جفعات هاريل، حريشة، ميفؤوت يريشو، متسبي داني، متسبيه حجيت، متسبيه يائير، متسبيه أصايل، نيفيه إيريز، عدي عاد، عينوت كيدم، أمونا، بني كيدم، كيدا، شفوت راشيل.
 إلا أن تتبع تمويل بناء المنازل في البؤر الاستيطانية أكثر صعوبة منه في المستوطنات، على الرغم من ذلك فقد ظهرت في أحد رسائل البريد الإلكتروني التي تلقتها حركة السلام الآن من مركز معلومات أمانا أن هذه المستوطنات تحتوي على مشاريع من قبل أمانا بما فيذلك البؤرة الاستيطانية ريحيليم والبؤرة الاستيطانية غير القانونية، هيوفال مما يؤشر على الدور الذي تلعبه حركة أمانا في تمويل البناء في البؤر الاستيطانية، كما يظهر وبشكل واضح الدور الذي تقوم به في تسويق الشقق السكنية المبنية في البؤر الاستيطانية عبر وسائل مختلفة منها الإعلان على مواقع الكترونية.
الخطوة السابعة: الصيانة اليومية وتطوير البؤرة الاستيطانية
تحافظ المجالس الإقليمية والأمانا ولواء الاستيطان على البؤر الاستيطانية غير القانونية وتطورها، وتواصل تمويلها وإدارتها يوميًا بعد اكتمال البناء، حيث تقوم المجالس الإقليمية ببناء وتشغيل رياض الأطفال، وصيانة الأنظمة الكهربائية والبنية التحتية، وكذلك التعامل مع خدمات النقل وجمع النفايات وخدمات الصرف الصحي، كما تمول المجالس مع أمانا ولواء الاستيطان تشييد المباني العامة وتطوير الأماكن العامة في البؤر الاستيطانية.
الخطوة الثامنة: شرعنة البؤرة الاستيطانية بأثر رجعي
منذ بداية ظهور البؤر الاستيطانية خلال حكومة نتنياهو الأولى في عام 1996، ادعت جميع الحكومات الإسرائيلية رسميًا تخليها عن البؤر الاستيطانية، وادعت أنها عمل غير قانوني وأعلنت عن نيتها إخلاءها، لكن في الواقع تسمح جميع الحكومات لها بالاستمرار في النمو، وتوفر لها التمويل اللازم عبر أذرعها الاستيطانية المختلفة التي توفر أيضا الدعم القانوني اللازم لمواجهة أوامر الهدم والاخلاء الصادرة بحق هذه البؤر، كما تغض الحكومات الإسرائيلية النظر عن الاعتداءات اليومية للمستوطنين الذين يقطنون هذه البؤر على المواطنين الفلسطينيين، وتقوم بسن القوانين اللازمة لشرعنة هذه البؤر، ففي 6 شباط / فبراير 2017، أقر الكنيست الإسرائيلي قانون التسوية ، حيث شرّع حوالي 4000 وحدة سكنية في 55 بؤرة استيطانية مبنية على أراض فلسطينية خاصة، واعتبارًا من بداية عام 2019، تم شرعنة 15 بؤرة استيطانية بأثر رجعي، في حين أن 35 بؤرة أخرى على الأقل تخضع حاليًا لعملية التصديق، أربعة من البؤر الاستيطانية الشرعية تلقت قرارًا حكوميًا رسميًا لتصنيفها كمستوطنة جديدة، إضافة إلى مستوطنة جديدة تمامًا، أميحاي، التي أنشأتها الحكومة لمستوطني بؤرة عامونا الاستيطانية التي تم إخلاؤها.
على الرغم من الحالة غير القانونية للبؤر الاستيطانية، الا انها لعبت دورا في صد أية انتقادات دولية لسياسة إسرائيل الاستيطانية غير القانونية في المناطق الفلسطينية المحتلة، حيث كانت الدعوة لإزالة تلك البؤر أو إزالة إحداها في بعض الأحيان أثر كبير في وقف أية انتقادات دولية لسياسة إسرائيل الاستيطانية رغم أنه وفي نفس الوقت الذي تقوم فيه إسرائيل بهدم بعض البؤر تكون هناك عملية قائمة لإنشاء بؤرة استيطانية في موقع آخر.
 أما على الصعيد الإسرائيلي الداخلي فقد أصبحت البؤر الاستيطانية ورقة مساومة في غاية الأهمية لتشكيل الائتلافات الحكومية، كان آخرها انضمام عضو الكنيست المتطرف عن حزب عوتسما يهوديت، ايتمار بن غفير، الى حكومة بنيامين نتنياهو في نوفمبر 2022 بعد التوافق على عدة بنود من ضمنها خطة قدمها بن غفير يتمبموجبها مصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية لتطوير البؤر الاستيطانية والتي تم الإشارة لها في الخطة باسم المستوطنات الفتية، كما تنص الخطة على المصادقة على شرعنة 60 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية بعد 60 يوما من تشكيل الحكومة، وتوفير الميزانيات والعوامل والاليات من أجل تبييض جميع البؤر الاستيطانية والمستوطنات في الضفة الغربية خلال18 شهرا من تشكيل الحكومة، حيث ستخصص الحكومة أكثر من 200 مليون شيكل سنويا لتطوير البنية التحتية في هذه البؤر والمستوطنات من أجل تطبيق هذه الخطة.

من الأمثلة على إقامة وتطور البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية البؤرة الاستيطانية نحالي تال والتي تعرف أيضا باسم كيرم رييم التي أقيمت على أراضي بلدة المزرعة القبلية في محافظة رام الله والبيرة، حيث تم السيطرة على قمة تلة مرتفعة وإنشاء مزرعة للعنب وتم وضع أول منزل متنقل ;كرفان عام 2009، مع الوقت، تم إضافة العديد من المنازل المتنقلة ليصل عددها عام 2015 الى ما يقارب 50 كرفان، تلت ذلك عملية البدء ببناء البيوت والمنازل الدائمة، ففقي عام 2016 تم المباشرة بتنفيذ أعمال البناء في البؤرة الاستيطانية والتي رافقها عملية الإعلان عن بيع المنازل للمستوطنين عبر المواقع الكترونية، ولا زالت عملية البناء والتوسعة في البؤرة الاستيطانية مستمرة حتى اليوم.

العدد والتصنيف
منذ بدء تفشي البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، أوردت العديد من المصادر إحصاءات متباينة لأعداد البؤر الاستيطانية، وذلك اما لاختلاف تعريف البؤرة الاستيطانية من مصدر لآخر، أو بسبب القيود الإسرائيلية على الوصول للمعلومات لدى الجانب الإسرائيلي، أو القيود المفروضة على بعض وسائل البحث العلمي مثل صور الأقمار الصناعية عالية الدقة والتي تستخدم في تتبع نشأة وتطور المناطق العمرانية، حيث سنعتمد في هذا التقرير منهجية قائمة على وضع تعريف للبؤرة الاستيطانية، وقد أوردناه في مقدمة هذا التقرير، ثم تحليل الصور الجوية عبر السنوات المختلفة حسب ما هو متاح من مصادر منذ العام 1997 لغاية عام 2021، ثم التحقق من النتائج عبر تقارير منشورة من مصادر رسمية أو جولات ميدانية.


أظهر تحليل الخرائط وصور الأقمار الصناعية المتوفرة، 243 بؤرة استيطانية منتشرة في الضفة الغربية، تأسست عبر السنوات من منتصف التسعينيات حتى عام 2021.


ذروة الانتشار
بلغت ذروة انتشار البؤر الاستيطانية في الفترة الممتدة من عام 1998 حتى عام 2007، حيث اقام المستوطنون الإسرائيليون خلال هذه الفترة ما يقارب من 50% من البؤر الاستيطانية القائمة حاليا، وهي الفترة التي كان يتقلد فيها أرئيل شارون مناصب رفيعة في الحكومة الإسرائيلية، بدأً من العام 1998 وهو العام الذي كان يشغل فيه منصب وزير الطاقة والبنية التحتية والذي دعا خلاله المستوطنون الإسرائيليون الى تكثيف عمليات السيطرة على الأراضي الفلسطينية، ثم توليه رئاسة الوزراء من عام 2001 حتى عام 2006.

وقد انتشرت هذه البؤر في كافة محافظات الضفة الغربية دون استثناء، حيث كان العدد الأكبر في محافظات رام الله والبيرة ونابلس والخليل، حيث ينتشر على أراضيها مجتمعة حوالي 64% من البؤر الاستيطانية المتفشية في الضفة الغربية، حيث اظهرت ان محافظة جنين بني عليها خمسة بؤر وطوباس بني على اراضيها تسعة، وطولكرم بني على اراضيها ثلاث يؤر ، ونبلس بني على اراضيها 48 يؤرة، وقلقيلية بني عليها عشربؤر، وسلفيت 17 بؤرة، ورام الله والبيرة بني على اراضيها 58 بؤرة، واريخا12 بؤرة، والقدس 18 بؤرة، وبيت لحم 14 بؤرة، والخليل 49 يؤرة.

المنجية ذاتها
تنشأ جميع البؤر الاستيطانية بنفس المنهجية الاستيطانية القائمة على خلق أمر واقع عن طريقة نصب خيام أو وضع منزل متنقل واحد على الأقل، والتي تهدف الى السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينية، حيث يتم منع المواطنين الفلسطينيين من الوصول الى أراضيهم التي أقيمت عليها البؤرة الاستيطانية بالإضافة الى الأراضي التي سيطر عليها المستوطنون الذين يقطنون هذه البؤر، حيث أن هناك 202 بؤرة استيطانية مأهولة، تشكل ما يقارب 83% من البؤر الاستيطانية، من ضمنها 81 بؤرة استيطانية تحتوي، جزئيا أو كليا، على مباني دائمة (منازل سكنية أو منشآت صناعية)، أي أن هذه البؤر ال 81 تحولت أو قيد التحول الى احياء تابعة لمستوطنات قائمة أو مستوطنات مستقلة، بالإضافة إلى 41 بؤرة استيطانية غير مأهولة، من ضمنها 6 بؤر استيطانية تم اخلاؤها على فترات مثل البؤرتين الاستيطانيتين أمونا التي تم اخلاؤها عام 2017، والبؤرة الاستيطانية ميغرون التي تم اخلاؤها عام 2012.


أشكال استيطانية أخرى
لا تقتصر السيطرة على الأراضي في الضفة الغربية على المواقع العسكرية والمستوطنات والبؤر الاستيطانية، بل تتوسع لتشمل السيطرة على الأراضي لغايات انشاء كل ما تحتاجه هذه التجمعات الاستيطانية للتطور والاستدامة، من حيث انشاء خزانات المياه، ومحطات ضخ المياه، ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي، وأبراج تقوية شبكات الهواتف المحمولة، وحقول انتاج الطاقة الشمسية، حيث تم السيطرة على الأرض في أكثر من 47 موقع منفصل عن المناطق العمرانية للمستوطنات والبؤر الاستيطانية المنتشرة في الضفة الغربية، تجعل من هذه المستوطنات والبؤر مراكز للاستثمار والانتاج لا سيما في مجال الزراعة والطاقة.

واختتم التقرير: "إن العملية الاستيطانية في الضفة الغربية عملية مترابطة ومتكاملة، تتقاسم فيها جهات رسمية وغير رسمية الأدوار لخلق أمر واقع جديد تلتهم فيه المستوطنات الإسرائيلية الأراضي الفلسطينية على مرأى المجتمع الدولي، وتحرم فيه الفلسطينيين من استغلال أراضيهم ومواردهم الطبيعية في المناطق المصنفة وتدمر حل الدولتين، في مخالفة واضحة للقوانين التي تؤكد على عدم شرعية الاستيطان بكل أوجهه، حيث وردت توصيات في تقرير ساسون، وهو تقرير حكومي إسرائيلي رسمي تم إعداده عام 2005 بتكليف من أرييل شارون رئيس الوزراء في حينه وترأسه الرئيسة السابقة لقسم جنايات نيابة الدولة تاليا ساسون، حيث أوصت بإلغاء جميع تخصيصات الأراضي التي أقيمت على أساسها البؤر الاستيطانية غير المصرح بها، وإعادتها إلى المفوض؛ وسن التشريعات واتخاذ الإجراءات القانونية والأمنية والمالية اللازمة للسيطرة على إقامة البؤر الاستيطانية وازالتها، كما أن العملية الاستيطانية في الضفة الغربية مخالفة لكافة القوانين الدولية وقرارات الشرعية الدولية التي تؤكد على عدم شرعية الاستيطان في الأراضي المحتلة.

أضف تعليق