28 آذار 2024 الساعة 21:39

الإتفاقيات الفلسطينية الإسرائيلية المتعلقة بقضية الأسرى الفلسطينيين

2022-04-11 عدد القراءات : 1274
إن قضية الأسرى تعتبر جزءاً أساسياً من نضال الشعب الفلسطيني وأحد أرسخ  دعائم مقومات القضية الفلسطينية, وتحتل مكانة عميقة ومتقدمة في وجدان الشعب الفلسطيني لما تمثله من قيمة معنوية ونضالية وسياسية لدى كل الفلسطينيين على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم.
إن غياب وجود نص صريح يحدد الوضع القانوني للأسرى الفلسطينيين في (اتفاقية أوسلو) قد يفسر أسباب استمرار تدهور  وضعهم المعيشي والإنساني داخل السجون وتصاعد الممارسات التعسفية الإسرائيلية اتجاه حقوقهم, إضافة إلى أنه يفسر أسباب الأزمات التي واكبت التوقيع فيما بعد على الاتفاقيات اللاحقة (طابا, شرم الشيخ, واي ريفر, واي بلانتيشين) بشأن الأسرى الفلسطينيين.
كما أن غياب توصيف الوضع القانوني للأسرى الفلسطينيين في (اتفاقية أوسلو) دفع حكومة إسرائيل إلى اللجوء إلى تشريعاتها وقوانينها الداخلية على حساب القانون الدولي في التعامل مع قضية الأسرى، الأمر الذي أتاح لحكومة إسرائيل أن تجعل معايير الإفراج عن الأسرى بيد الكنيست الإسرائيلي ومجلس الوزراء ورئيس الدولة والمؤسسات القضائية والأمنية في إسرائيل. وهذا أدخل قضية الأسرى في متاهات القانون الداخلي الإسرائيل، وهذا ما يفسر بشكل واضح فرض شروط التجزئة والاستثناء والتصنيف المجحف على الأسرى في الاتفاقيات التي تم توقيعها فيما بعد.
فقد تعاملت إسرائيل مع الاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها (اتفاقيات ثنائية أو محلية) وبالتالي همشت إسرائيل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي من كونه نزاعاً دولياً إلى جعله نزاعاً محلياً، وذلك بإحالة كافة القضايا الخلافية في الاتفاقيات إلى لجان ثنائية مشتركة لحلها بدلاً من إحالتها إلى لجان تحكيم دولية، هذا الأمر أدى إلى تحرر حكومة إسرائيل من الضغط القانوني والأخلاقي للمجتمع الدولي.
النتائج التي أفرزتها (اتفاقية أوسلو) جاءت بسبب الموافقة الفلسطينية على مبادئ أوسلو غير المستندة إلى مرجعيات القانون الدولي المتعلق بقضية الأسرى, بل إن الجانب الفلسطيني تعاطي مع المفردات والمصطلحات الإسرائيلية التي تصف الأسرى الفلسطينيين بـ (الإرهابيين) أو (أصحاب الأيدي الملطخة بالدماء) أو (مقاتل غير شرعي).
ونتيجة لما تقدم وعند كل محاولة لمطالبتها بإطلاق سراح الأسرى، أخذت إسرائيل تفرض اشتراطاتها بل وتنجح في التحفظ على إطلاق سراح فئات معينة وأسماء محددة من الأسرى بحجج مختلفة، وحرم ذلك الجانب الفلسطيني من قدرة المناورة والتفاوض.
لذلك يجب إعادة النظر في جميع الاتفاقيات والمعاهدات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل بما يضمن حقوق الأسرى وعدم تعذيبهم وإيجاد بنود من أجل الإفراج عن جميع الأسرى في السجون الإسرائيلية، والمطالبة رسمياً وبجدية إسرائيل بالإفراج عن كافة الأسرى الفلسطينيين في سجونها، وفي حال عدم موافقتها على ذلك يجب اللجوء إلى القضاء الدولي وخاصة محكمة الجنايات الدولية، وأن يكون هناك حراكاً دبلوماسياً لتفعيل ملف الأسرى على المستوى العربي والدولي، كما أنه يجب العمل على توفير كل مقومات صمود الأسير وأسرته مادياً ومعنوياً، وأن تهتم بالمختصين بالقانون الدولي الإنساني وضمهم ضمن الوفود المفاوضة، والعمل على مقاضاة مجرمي الحرب الإسرائيليين على جرائمهم ضد الأسرى الفلسطينيين.
فالأسرى الفلسطينيون يمثلون حالة صمود وتحدٍ ومواجهة مباشرة مع الاحتلال لذلك يجب الاهتمام بهذه الشريحة وتبني موقف فلسطيني موحد للوقوف خلف هؤلاء الأسرى ومواجهة المحتل بشتى الطرق لرفع المعاناة عن هؤلاء الأسرى، كما أنه يجب التواصل الدائم مع منظمات حقوق الإنسان في الدول المؤثرة مثل (أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين) ورفع شكاوى لهذه المنظمات مع عرض تفصيلي لقضية الأسرى أمام هذه المنظمات من أجل أن تتبنى هي الموقف الفلسطيني تجاه قضية الأسرى، وعقد المؤتمرات واللقاءات وورش العمل والندوات لمناقشة قضية الأسرى وترجمة ذلك إلى لغات متعددة ونشرها في جميع الدول الأجنبية.
ونتمنى على صناع القرار، رسميين ومؤسسات أهلية وباحثين وأكاديميين وحقوقيين ووسائل إعلام؛ أن يهتموا بقضية الأسرى وأن يبذلوا كل الجهد والعمل الجاد على تحريرهم. فالحرية كلمة قليلة الحروف عميقة الأبعاد تحمل في طياتها أحلاماً بلا حدود لدى كل أسير كان قديماً أو جديدا، صغيراً أو كبيراً، محكوماً بعام أو بمدى الحياة أو بالمؤبد لأكثر من ستين مرة ويزيد.
كون كل أسير له قصة وبطولة ومأساة وموقف ألم وهم وحزن وأمل وطموح وبسمة، ويتحدون سجانيهم بوحدة هم ووحدة حال، ذلك السجان الذي يقتنص كل فرصة لينقض عليهم فصنعوا بوحدتهم جدار العز وملاحم البطولة.
 لذلك يجب أن تصل قضية الأسرى لكل صاحب ضمير وثائر وشريف في هذه الدنيا، كونها تتحدث عن قضية إنسانية عادلة وقضية وطنية توفيقية ليست تفريقية، ووحدوية ليست تقسيمية، بل تُغلب المصالح الفلسطينية العليا على المنافع الحزبية والشخصية.
وأمام هذا الواقع المرير يبقى من حق الأسرى الفلسطينيين أن يحلموا بالحرية كحق مشروع بأي طريقة كانت، إما بإنتهاء فترة محكوميتهم أو ضمن عملية تبادل أسرى, أو حتى من خلال المفاوضات السياسية، ويبقى من واجبنا كفلسطينيين وعرب ومسلمين السعي المتواصل لضمان حريتهم وعودتهم لذويهم ووضع حد لمعاناتهم.

أضف تعليق