29 آذار 2024 الساعة 15:13

الهرولة للتطبيع مع إسرائيل.. ما المغزى السياسي، ومن التالي؟

2020-10-02 عدد القراءات : 498
انطلق قطار التطبيع مع إسرائيل من الإمارات مرورا بالبحرين، وسط صمت سعودي، فيما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن "دولا أخرى متحمّسة لإبرام اتفاقات تطبيع مع إسرائيل"، الأمر الذي يؤكد استمرار المحاولات الأمريكية لإيجاد أدوات تنفيذ لصفقة القرن، بهدف ضمان تحقيقها وإنجازها بأيدٍ وأموال عربية.
ولا تزال بعض الدول العربية مرشحة لركوب قطار التطبيع مع إسرائيل، وهذا ليس أمرا افتراضيا، إنما تؤكده السياسات العلنية والسرية التي تمارسها بعض الدول العربية، فضلا عن موافقة الرياض على السماح للطائرات الإسرائيلية بعبور المجال الجوي السعودي، والحياد المعيب في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية في التاسع من أيلول المنصرم، الذي يصل إلى درجة التواطؤ والتفريط.
يضاف إلى ذلك موقف أمين عام الجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، الذي اعتبر أن من حق الدول العربية التعبير عن سياساتها الخارجية ومواقفها السياسية، استنادا إلى حقوقها السيادية.
إن بدء تشكل عهد وتوجه جديدين في المنطقة، سيفضي إلى تحالف إقليمي أمني وعسكري واقتصادي، تكون إسرائيل جزءا مهما منه، وسيبلغ ذروته بأن تكون إسرائيل القائد والمهيمن على هذا التحالف الإقليمي، في ظل ضعف ووهن عربي.
لا يزال الرئيس الأمريكي ترامب يفرض رؤية الولايات المتحدة ارتباطا بطبيعة وشكل الأنظمة العربية المرشحة للتطبيع مع إسرائيل، والتي تنوء تحت أثقال مشاكلها ومتاعبها وتشكيك شعوبها في شرعيتها وتبعيتها لأمريكا، أمريكا التي تكفل لقادتها البقاء على كرسي الحكم، فضلا عن أن الحلف الأمريكي الإسرائيلي صهر وعي بعض القادة العرب، بأن إيران عدو مشترك، وأنه يجب التصدي للتهديد والتمدد الإيراني في المنطقة على قاعدة المصالح المشتركة.
في خضّم فوضى وتدهور وتفكك التوازنات العربية إلى حد السقوط الأخلاقي والسياسي، وتبدّل التحالفات وموازين القوى، بفعل انخراط وحضور إسرائيل في نظام تعاون إقليمي، ستدفع الشعوب العربية ضريبة وفاتورة خسائره، جراء احتمال تطور وتصاعد المواجهة مع إيران على يد إسرائيل، إلى مستوى حرب إقليمية شاملة ومدمرة.
إن ما أحرزته الإدارة الأمريكية من موقع المخطط والمشرف والضامن للمسارات الثنائية التطبيعية، بات يغري عدداً آخر من قادة الدول العربية، لإعلان ركوبها قطار التطبيع مع إسرائيل، في هذه المرحلة الجديدة من النكوص والردة، والتحالفات الجديدة في المنطقة.
يترتب على ذلك إدانة من هرول للتطبيع، ومن يعتبر مصالحه مع العدو الصهيوني فوق المصالح الفلسطينية والعربية، ورفع درجة الحذر واليقظة، وإغلاق الأبواب أمام استمرار انهيارات القادة العرب، وتخليهم وتحللهم من الالتزامات تجاه القضية الوطنية الفلسطينية والقرارات العربية، واعتبار ذلك مؤامرة على القضية الفلسطينية، ونكوصا عن الإجماع العربي، ونسفا لمبادرة السلام العربية، وخطرا يهدد مصير ومستقبل الشعوب العربية.
من أجل ذلك وبسببه؛ بات اليوم على دول عربية مركزية بأنظمتها السياسية وقواها وأحزابها واطرها النقابية الشبابية والنسوية، مواجهة خطة وصيغة (ترامب - نتنياهو)، ووضع حد للتساقط العربي في مصيدة التطبيع، والعمل على إفشال المساعي الأمريكية والإماراتية، التي تبذل في سبيل الضغط على السودان الشقيق، الذي يواجه "صفقة ابتزازية" مقابل التطبيع مع إسرائيل.
بات المطلوب التوافق على مشروع كفاحي تحرري تقدمي، وتحالف مضاد يشمل دولا إقليمية ودولية، بأدوات ووسائل تفضي إلى إفشال مشاريع وصفقات الحلف الإمبريالي الصهيوني.
والتاريخ لن يرحم من ركب قطار التطبيع، ومن لم يقف في وجه قطار ينحدر بالشعوب العربية، نحو هاوية أخلاقية وسياسية.

أضف تعليق