19 نيسان 2024 الساعة 22:05

هل انتهى دور غانتس؟

2020-06-21 عدد القراءات : 622
شهر واحد كان يكفي بالنسبة لنتنياهو كي يفكر جديا بسبل الخلاص من قيود الاتفاق الائتلافي مع غانتس. وبما أن أسس هذا الاتفاق قد ترسمت في الكنيست، فإن تعديلها يتطلب قرارا برلمانيا آخر أو الانفكاك منه، عبر اللجوء إلى انتخابات مبكرة ، في حال لم يستطع نتنياهو تشكيل حكومة جديدة من دون مشاركة «كاحول لافان».
كان هذا متوقعا منذ اللحظة التي وُقع فيها الاتفاق لأسباب كثيرة أبرزها أن نتنياهو لن يُسلم مفاتيح رئاسة الحكومة إلى بديله غانتس عند انتصاف مدة ولايته بحسب الاتفاق، كما أن حزبه «الليكود» لم يعد يحتمل استيلاء «كاحول لافان» على نحو نصف مقاعد الحكومة وهو لا يملك القوة البرلمانية التي تؤهله لحيازة ثلثها.
وكما هو متوقع، سيبدأ نتنياهو بمحاولة إقناع غانتس بتعديل الاتفاق قبل اللجوء إلى خيارات أخرى في حال فشلت محاولته.
يريد نتنياهو ألا تحتسب مدة الستة أشهر الأولى من عمر الحكومة (3 سنوات)،كجزء من ولايته، باعتبارها «فترة طوارئ». ويجد مدخلا لتحقيق ذلك عبر اقتراح تعديل مدة ولاية الحكومة إلى 4 سنوات. لكن هذا ـ حتى لو تحقق ـ  لا يحل المشكلة لدى «الليكود» الذي يعتبر نفسه مظلوما في عدد الحقائب الوزارية التي تقلدها بموجب الاتفاق الائتلافي مع «كاحول لافان».كما لا ينهي تطبيق هذا الاقتراح متاعب نتنياهو على رأس الحكومة الجديدة:
• فتنفيذ مخطط الضم على رأس مهام هذه الحكومة والتي يجب، برأيه أن تكون صفا واحدا خلف الترتيبات والآليات التي يحددها لتنفيذ هذا المخطط. وقد أبدى نتنياهو انزعاجه من التحليلات التي تحدثت عن تباينات كبيرة داخل الحكومة تجاه هذا الملف «الحساس» ضمن مشروعه السياسي.
 ويرى نتنياهو أن تظهير هذه التباينات سينعكس سلبا على كثير من المواقف داخل إسرائيل وخارجها على الصعيدين الإقليمي والدولي. وينعكس سلبا أيضا على سعيه المتواصل لوضع المستوطنين في طليعة القوى الدافعة نحو تنفيذ المخطط عبر إقناعهم بأن أجندة حكومته في تنفيذ «صفقة القرن»، تركز فقط على ضم المستوطنات ومعظم مناطق «ج»، وأن ما يطرح حول قيام دولة فلسطينية هو بالأساس خارج اهتمامه ومسعاه.
• ولم يخف نتنياهو انزعاجه الشديد من تصرفات ومواقف غانتس، الذي يقدم نفسه دائما كشريك نافذ في الحكم ورئيس قريب للحكومة، في الوقت الذي يواصل فيه أقطاب من «كاحول لافان» انتقاده ، ومنهم الوزيرة ميراف كوهين، التي تراه غير جدير بالثقة، إضافة إلى وقوف وزير القضاء، آفي نيسانكورين، ضده، وهذا أمر يقلقه ويزعجه معاً ربطا بمحاكمته الجارية على خلفية اتهامه رسميا بالفساد ومخالفات أخرى. ومن هذه الزاوية، يتخوف نتنياهو من عدم التزام «كاحول لافان» بالموافقة على استقالة الحكومة بالكنيست في حال تعقد ملف نتنياهو القضائي في المدى القريب وتمت إدانته.
• ولا يستطيع نتنياهو تجاهل الاحتجاجات داخل «الليكود» على الحصة الكبيرة من المقاعد الوزارية التي ذهبت إلى «كاحول لافان» ثمناً لتشكيل الحكومة الجديدة. ويرى الكثير من قادة الحزب أن خيار الانتخابات الرابعة كان أقل كلفة عليهم من تبعات هذا التشكيل. ويخلصون إلى القول بأن خيار الانتخابات المبكرة الرابعة لم يقفل، وخاصة أن استطلاعات الرأي تعطيهم إمكانية تشكيل حكومة برئاسة الليكود فقط، في ظل التراجع الذي أصاب شعبية خصومهم ومنافسيهم بعد الخطوة التي قام بها غانتس بحل تحالف «كاحول لافان» الأساسي وانفراط عقد الائتلافات الصهيونية التي خاصمت نتنياهو. 
وتلتقي هذه المطالب مع رغبة نتنياهو في التفلت من قيود الاتفاق الائتلافي مع «كاحول لافان». ولذلك،من المتوقع أن يتصاعد الخلاف بين طرفي الحكومة الرئيسيين خلال الفترة القريبة القادمة والتي ربما تشهد مفاوضات جديدة بينهما في محاولة من نتنياهو لإنزال «كاحول لافان» عند مطالبه في تعديل الاتفاق بينهما، مع أن تقدير المراقبين يقول إنه حتى لو حصل ذلك فإن الانتخابات المبكرة الرابعة لن تتأخر، وهو الأمر الذي يحاول غانتس تجنبه عبر إبداء ما يستطيع من المرونة في مفاوضاته الجديدة مع نتنياهو.
في هذا المجال، يمكن القول إن مسار تطبيق مخطط الضم يلعب دورا هاما في تقرير مسألة الانتخابات المبكرة من عدمها في الفترة القريبة القادمة. فمن جهة، لا يريد نتنياهو أي تأجيل بخصوص تطبيقات الضم والانشغال بالانتخابات، ومن جهة أخرى لا يحتمل التشويش على هذا المخطط عبر تبعات ائتلاف حكومي صعب كالذي يقوده الآن.
 ومن هذه الزاوية، يغلب التقدير أن يتبع نتنياهو تكتيكا يتمكن من خلاله «ضبط» إيقاع أداء شريكه الحكومي ضمن المسار الذي يريده ، مع إبقاء سيف الانتخابات المبكرة مسلطا عليه، إلى حين اقتراب موعد استحقاق تسليم رئاسة الحكومة إلى غانتس. وهذا يعني مرور الكثير من الوقت الذي ستتضح فيه على نحو عملي وعلى الأرض مآلات مخطط الضم. ومن الواضح أن نتنياهو سيلجأ إلى الكثير من المناورات لتمرير مخطط الضم عبر الايحاء بأنه محدود ولا يشمل سوى بنية المستوطنات الكبرى ،وهذا بحد ذاته إيحاء فاشل لأن ضم أي قطعة أرض فلسطينية إلى دولة الاحتلال مرفوض. ومع ذلك، فإن هذه المناورات ستتواصل وسينضم إليها خطاب التضليل الأميركي، وقد لفت الانتباه مؤخرا ما تروج له بعض الأوساط السياسية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وخارجها عن احتمال تراجع إدارة ترامب عن «صفقة القرن» وبالتالي احتمال تأجيل مشروع الضم ، في الوقت الذي يدرك فيه الجميع أن نتنياهو أكد عن تطبيق الضم على مراحل، تبدأ بالمستوطنات الكبرى (10% من مساحة الضفة) تتلوها خطوات لاحقة للوصول إلى ضم 33% من الضفة.
ومن هذه الزاوية أيضا، ستكون الحالة الفلسطينية بسباق محموم مع الوقت الذي من المفترض أن تتراكم مع مروره الخطوات والإجراءات الفلسطينية القادرة على وضع العصي في عجلات مسار الضم المتسارع. ويترافق الرفض الفلسطيني للضم مع مواقف إقليمية ودولية تتراوح بين الرفض والتحذير والحذر، وهذا يعني أن الموقف الفلسطيني العملي والموحد في مواجهة مخطط الضم سيكون مؤثرا على هذه المواقف، وخاصة إذا كان الموقف الفلسطيني شاملا، سياسيا وديبلوماسيا، وميدانيا على الأرض عبر مشاركة شعبية واسعة على جبهات المواجهة مع الاحتلال والاستيطان في جميع أنحاء الضفة الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس.■

أضف تعليق