29 آذار 2024 الساعة 12:33

نتنياهو.. حصرا!

2020-04-18 عدد القراءات : 695
سعى رئيس الحكومة العبرية ريفلين إلى التسريع في تشكيل «حكومة طوارئ قومية». لذلك، منح لتشكيلها فترة 48 ساعة إضافية فقط، على اعتبار أن طلب تمديد الفترة القانونية الأساسية جاء من قبل غانتس ونتنياهو معا، وعلى أساس أنهما باتا قاب قوسين أو أدنى من التوصل إلى اتفاق. وقد شارك نتنياهو في طلب التمديد بعدما نجح خلال المفاوضات الائتلافية في وضع خيار حل الحكومة والكنيست واللجوء إلى انتخابات رابعة في وجه أية محاولة لمنعه قضائيا من تولي رئاسة الحكومة القادمة.
وفي الوقت الذي يدقق فيه نتنياهو في تفاصيل الاتفاق المفترض مع غانتس بشأن الحكومة، فإن تركيزه ينصب أيضاً على التبدلات التي تحصل في الخريطة الحزبية المشكلة للكنيست. فعلى الرغم من أن ان شقاق «كاحول لافان» وضع الليكود في موقع الحزب الأكبر دون منازع، إلا أن احتجاج «يمينا» على ذهاب حقيبة «القضاء» إلى حزب غانتس، وخروجه من «معسكر اليمين»، ومن ثم إعلانه عدم المشاركة في الحكومة القادمة يمكن أن يخلق متاعب أمام نتنياهو وخاصة في حال تعثر تشكيل الحكومة، واللجوء إلى انتخابات رابعة. وربما سيدفع هذا الأمر بنتنياهو لأن يحضر صفقة بديلة يطرحها على «يمينا» كي يحافظ على وحدة معسكره. فالحلقة المركزية في اهتمام نتنياهو في هذا المجال هو تأمين أغلبية مؤيدة له في الكنيست، وهذا أمر غير ممكن حاليا على الرغم من انقلاب غانتس على تحالفه. فهو يدرك أن الأخير سيبقى في عداد منافسيه، حتى وإن وقع معه اتفاقا ائتلافيا، ويدرك أيضا أن الانتصار الحقيقي عليه لم يحسم عبر صندوق الانتخاب، ولن يحسم عبر تطويعه في الحكومة، بل بالتخلص منه وإخراجه من المشهد السياسي، كما كان شعار «التخلص من نتنياهو» في صدارة أهداف «كاحول لافان» في المحطات الانتخابات السابقة.
وربما يجمع المراقبون على أن أداء نتنياهو على رأس الحكومة الحالية، أو على رأس حكومة الوحدة عند تشكيلها، إنما هو تحضير للانتخابات القادمة، إن كانت قريبة جداً أو أبعد من ذلك. ففي هذه الحكومة يتولى إدارة المواجهة مع كورونا، ويستخدم ذلك في الضغط على غانتس كي يتجاوز بعض مطالبه الائتلافية وينضم إلى هذه المواجهة تحت قيادته، وبينت استطلاعات الرأي اتساع تأييده بين صفوف الجمهور، كما بينت تقدم الليكود في هذه الاستطلاعات التي منحته 40 مقعدا في الكنيست. وهو يعرف أنه كلما ازدادت قوة حزبه كلما اتسعت حريته في تحديد خياراته الائتلافية، وعدم ارتهانه إلى مواقف أحزاب وقوائم لا تسلم بقيادته وفق برنامجه السياسي والاقتصادي. ومن الواضح أنه يطمح إلى تكريس الليكود حزبا كبيرا ووحيدا على رأس المشهد السياسي والحزبي في إسرائيل محاولا استعادة تجربة خصمه القديم «العمل» التي تصدر هذا المشهد منذ قيام الدولة العبرية حتى منتصف سبعينيات القرن الماضي، ومكررا تجربة «الليكود» نفسه منذ إطاحته بـ«العمل» منذ ذلك الوقت وحتى تقاسم السلطة معه في الثمانينيات. ويرى نتنياهو أن عددا من العوامل المتوافرة تساعده على تحقيق هذا الطموح:
• فهو يمتلك البرنامج الوحيد الذي يتقدم على الأرض، البرنامج التوسعي الاستعماري الذي يعد الإسرائيليين بقيام دولة «إسرائيل الكبرى»، وهو الهدف الذي يرى بأنه بات أقرب للتحقيق مع مجيء إدارة ترامب واندماج رؤيتها في التسوية مع خطته «السلام الاقتصادي»، كما اتضح مع إعلان الشق السياسي من «صفقة القرن».
• على ما سبق، حشد نتنياهو المستوطنين كقوة مركزية داعمة لبرنامجه واستقطب تأييدهم، وعمل في الوقت نفسه على تعزيز موقعهم ودورهم في تقرير سياسة الدولة العبرية، ووظفهم رأس حربة في تنفيذ برنامجه التوسعي الاستعماري، وأداة للضغط على خصومه ومنافسيه من الأحزاب الصهيونية داخل الائتلاف الحكومي وخارجه.
• ووفقا لعناوين برنامجه، نجح في تورية الكثير من القضايا والمشاكل الاقتصادية في إسرائيل التي شهدت منذ أعوام تظاهرات احتجاجية حاشدة على خلفية ارتفاع أسعار الشقق السكنية. وساعده في هذه التورية غياب البرامج الاقتصادية الاجتماعية عن أجندة الأحزاب الصهيونية الأخرى، وانشغال كل منها بتلمس أوضاعه الذاتية.
• وبما أنه طالما أظهر مهارة في توظيف ما يستجد من تطورات عاصفة في المنطقة وخارجها في خدمة مراميه، تعامل مع انتشار فيروس كورونا كرافعة لطموحاته السلطوية، وكجس انذار ينبه المجتمع الإسرائيلي إلى أنه الأقدر على مواجهة هذا الخطر الداهم، وأول خطوة اتخذها كانت دعوة الأحزاب الصهيونية التي هي خارج الحكومة إلى الالتحاق بها لتشكيل غرفة طوارئ بقيادته.
ومنذ الآن حتى تشكيل حكومة وحدة، أو إجراء انتخابات رابعة، سيعمل نتنياهو من على رأس الليكود والحكومة على:
• الاستمرار في توظيف مواجهة كورونا لتظهير دوره الفاعل في مواجهة انتشاره ومعالجة تداعياته.
• متابعة تطورات المشهد الحزبي الإسرائيلي، والاستفادة من حالة الانشقاقات وفك التحالفات التي وقعت مؤخرا، وتشجيع عدد من الأحزاب أو الأفراد للالتحاق بمعسكره.
• مواصلة ال ضغط على غانتس مستفيدا من عامل ضيق الوقت، على إيقاع التمديدات «المقسطة» في مهلة تشكيل الحكومة، في حال واصل رئيس الدولة العبرية ريفلين تمديد هذه الفترة بالأيام.. والساعات.
• التعامل مع التمديد كأنه انتهى دون تشكيل الحكومة، وبالتالي نقل التفويض إلى نتنياهو، أو إلى الكنيست، بما يعني التفكير جديا بسبل الحصول على تأييد 61 عضو كنيست على الأقل لضمان تكليفه بهذه المهمة.
معركة ال صراع حول مقعد رئاسة الوزراء في إسرائيل لم تنته بعد، وربما تمتد لفترة أطول مما يعتقد بعض المراقبين، طالما أن هدف نتنياهو ليس المنصب فقط... بل تأبيده.

أضف تعليق