29 آذار 2024 الساعة 01:41

عدم التصعيد

2019-05-11 عدد القراءات : 525
  حلقة ثانية
لا يقل اهتمام حركة حماس نحو الإسراع بالاستجابة لقرار وقف اطلاق النار مع العدو الإسرائيلي عن اهتمام ورغبة نتنياهو، للغرض نفسه، وإن اختلفت المصالح أو تعارضت ولكنها تتقاطع بين الطرفين المعاديين المتصادمين مع بعضهما البعض أي أن رغبتيهما في عدم التصعيد لا تتم من موقع الصداقة، أو الاحترام المتبادل، أو لصنع جيرة حسنة .
حركة حماس تجاوبت مع الوساطة المصرية بسرعة لم تتجاوز يومي المواجهة والقصف المتبادل لعدة أسباب:
أولاً : تتوسل إنهاء التصعيد وبدء سريان وقف إطلاق النار للانتقال نحو المحطة التالية وهي تنفيذ خطة التهدئة التي تم التوصل إليها بوساطة مثلثة مصرية قطرية وأممية من قبل مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف، وهي خطة ستقدم حالة انفراج لأهالي القطاع لأنها تحمل من المضامين التي تتجاوز وقف إطلاق النار لتصل إلى مكاسب لتوسيع مساحة الصيد، وحرية السفر والتنقل، وفتح المعابر، وتوفير دعم مالي لتغطية احتياجات ضرورية للقطاعات الأكثر تضرراً من الحصار المفروض على أهل القطاع .
ثانياً : توفر لحركة حماس مكسباً سياسياً في غاية الأهمية بعد فشلها منذ تأسيسها لتكون بديلاً عن منظمة التحرير الفلسطينية، فهي تحقق الآن مكسب الشراكة أنها طرف فلسطيني مقرر يحظى بالقبول كأمر واقع، وكسلطة مقررة بشأن قطاع غزة، وبذلك فهي تحصل على شرعية مفروضة، مهما بدت منقوصة أو مرفوضة، ولكنها خطوة نوعية تتعزز مكانتها باتفاق التهدئة الثالث المتوقع تطبيقه بعد تشكيل حكومة نتنياهو، بعد اتفاقي التهدئة الأول الذي تم في عهد الرئيس محمد مرسي يوم 21 / 11 / 2012، والثاني في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم 26 / 8 / 2014 ، وأثبتا مصداقية حماس في الالتزام، في وقف إطلاق النار، وفي ردع كل من يحاول المساس بالالتزام بهذا القرار.
ثالثاً : إنها توفر لأهل غزة فرصة العيش بأسرع ما يمكن بعيداً عن الحرب الذي دمر حياتهم وبيوتهم إضافة إلى الحصار الذي فاقم من معاناتهم ومعيشتهم ودفعهم نحو الانتفاضة في 14 أذار 2019 حينما خرجوا إلى الشوارع رافعين شعار « بدنا نعيش « أسوة بما حصل في الجزائر والسودان، ولذلك سعت حماس للإسراع في التجاوب مع وساطة التدخل لوقف إطلاق النار، تحسباً لانتقال أهالي غزة الموجوعين، من موقع كلمة « الصمود « في وجه الاحتلال وهيمنة حماس وتفردها في إدارة السلطة إلى كلمة « انتفاضة « ضدها وضد الاحتلال.
قرار وقف اطلاق النار تم، ولكن ثباته واستمراريته مرهون بعاملين : الأول ماهية تشكيل حكومة المستعمرة ممن، وما هو برنامجها نحو قطاع غزة، والثاني مرتبط مع العامل الأول وهو مدى تطبيق اتفاق التهدئة الثالث الذي تم التوصل إليه، وما زال معلقاً ينتظر التنفيذ بعد تشكيل حكومة نتنياهو.

أضف تعليق