16 نيسان 2024 الساعة 21:16

تضليل إسرائيلي بشأن القمة العربية

2018-04-17 عدد القراءات : 838
إذا كانت قرارات القمة العربية لم تأت بمفاجأة تذكر، فإنّ القراءة الإسرائيلية للقمة، لا تخلو من قراءة انتقائية ذات هدف واضح، هو توجيه رسالة خصوصاً للإسرائيليين، ثم للعالم وحتى للعرب، بأنّ فلسطين ليست أساسية في العقل العربي، وفي السياسة الإقليمية، وبالتالي قدمت قراءة مشوهة لبيان القمة ولأعمالها.
بحسب نص بيان القمة المتداولة في عدد من وسائل الإعلام، خصصت في فقرات البيان الختامي الـ29 سبع فقرات للقضية الفلسطينية والقدس، وجاءت هذه الفقرات في بداية البيان، بينما مست أو تناولت ستة قرارات، إيران وسياساتها، وجاءت في الترتيب الثاني، بما في ذلك خمسة قرارات تتضمن الإشارة لما يجري في اليمن، واتهام إيران التدخل بالشؤون السعودية والبحرينية، أو الإشارة بشكل عام لدول الجوار، وقرار سادس بشأن احتلال إيران لثلاث جزر إماراتية. وهناك قراران لكل من سورية، والعراق وليبيا، ثم خمسة قرارات بشأن مكافحة الإرهاب مع رفض الربط بين الإسلام والإرهاب، وقرار لكل من السودان، والصومال، وجزر القمر، وقرار عن العمل العربي المشترك خصوصاً اقتصاديا، وأخيرا قرار لشكر الدولة المضيفة للسعودية.
لم تكن القضية الفلسطينية صاحبة الحيز الأكبر، فقط من حيث المساحة في النص وحسب، بل وأيضاً، من حيث تسمية القمة باسم "قمة القدس"، وذلك استجابة من السعودية والدول العربية لرغبة فلسطينية. وقد أكد البيان "مركزية القضية الفلسطينية"، وأكد العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، أنّ "فلسطين قضيتنا الأولى".
البيان، هو بشكل عام بيان مواقف، وليس قرارات. وتركت القرارات للدول كل على انفراد، بما في ذلك على سبيل المثال الدعم والمساعدات المالية. من أبرز المواقف الرفض الصريح لكل القرارات الأميركية، بشأن فلسطين مؤخرا، لا بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيلية وحسب، بل ورفض التصريحات الأميركية، التي عبرت عنها إدارة دونالد ترامب، في إستراتيجية الأمن القومي المعلنة نهاية العام الفائت، بأن العرب أدركوا أن قضيتهم المركزية ليست السياسات الإسرائيلية، بل الإرهاب وإيران (وكأنه لا يمكن أن يكون هناك أكثر من قضية إقليمية مركزية).
بغض النظر عن مدى الأهمية العملية للقمة، وقراراتها؛ حيث خلا البيان من تبنّ واضح على سبيل المثال، لمطلب الرئيس الفلسطيني رعاية وتنظيم مؤتمر دولي للسلام خلال هذا العام، للعمل على إنهاء الاحتلال، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى حراك من نوع مختلف (لو دعا العرب لمؤتمر)، بدل الذهاب لفرنسا أو موسكو لهذا الغرض. ولكن النظر إلى التغطية الإعلامية، يعزز فرضية التضليل الإعلامي الإسرائيلي للعالم وللإسرائيليين.
بالاستناد لتغطيات صحيفتي "جيروزالم بوست" و"يديعوت أحرنوت"، بالإنجليزية، يلاحظ تجاهل كبير، لموضوع تسمية القمة، بأنها قمة القدس، أو ما أشير حول قضية فلسطين. فمثلا عنونت البوست، خبرها كما يلي "الملك السعودي يشجب إيران وسط انقسام عربي بشأن سورية"، وأشارت الصحيفة لمسألة الخلاف مع قطر، وفي الموضوع الفلسطيني، ذكرت بشكل عابر في ثنايا الخبر، أن القمة سميت القدس، وأن السعودية ستساعد الفلسطينيين بمبلغ 200 مليون دولار.
أما يديعوت أحرنوت، فعنونت خبرها "الزعماء العرب يجتمعون وعيونهم على إيران، القدس". ولكنها أهملت الموضوع الفلسطيني بالفقرة الافتتاحية وغالبية النصف الأول من الخبر، وفي عمق الخبر، قالت الصحيفة إنّ أمين عام جامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، قال إنّ الأزمة الراهنة، التي تشغل المنطقة هي الأمن الإقليمي. وعلقت الصحيفة أنّه بدل (الاهتمام بذلك)، أكد القادة الدعم للفلسطينيين. وتساءلت الصحيفة عن كيفية التوفيق بين هذه الكلمات، والعلاقات العربية الجيدة مع واشنطن.
ربما اعتمدت الصحافة الإسرائيلية على تقارير وكالات الأنباء الأجنبية، ولكنها انتقت عناوين وقدمت وأخرت فقرات بطريقة لافتة، وهمّشت الموضوع الفلسطيني، الذي كان على سبيل المثال، المسيطر على التغطية الإعلامية العربية.
مثل هذه القراءة تعزز الفرضية أنّ الجانب الإسرائيلي، من سياسيين وإعلام، يتلاعب عن قصد بالتغطية الإعلامية للموقف العربي من الشأن الفلسطيني، لتوجيه رسائل للجمهور الإسرائيلي، والعالمي، وحتى الفلسطيني والعربي، بأنّ التطبيع ماضٍ مع العرب بغض النظر عن الموضوع الفلسطيني، وربما من أجل أن تصبح هذه الفكرة مقبولة بالنهاية، خصوصاً عندما يبدأ سياسيون ومثقفون عرب بتبنيها، فعلا، وعندما يصدقها ويرددها الإعلامان الدولي والعربي.

أضف تعليق