26 نيسان 2024 الساعة 01:15

استخدام الشارع في قراءة الحجوم التنظيمية

2018-01-01 عدد القراءات : 854
يعيش الفلسطينيون حالة من القلق والترقب عائدة إلى عدم استقرار الوضع العام.
وفي محاولة لالتقاط ما يطفو على سطح المشهد العام، الحراك المناهض لقرار ترامب بعد ثلاثة أسابيع على إعلانه، يمكن تسجيل ملاحظات مبدئية وتحديد بعض السمات المميزة لصور الحدث اليومي..أولها؛ استمرار الحراك في الشارع بأشكاله المعروفة المتعددة على عكس التوقعات والإسقاطات الرغائبية.
ثانيها؛ افتقار المشهد لقيادة موحدة بما يغيب الهدف الموحد للكل الفلسطيني، مُستذكرين بعض نقائص الانتفاضة الثانية، سمات ومعالم تؤكد وتضيف على استمرار الأزمة القيادية الفلسطينية وأزمتها مع القاعدة.
يقف خلف الأزمة القيادية استمرار حالة الانفراد والتفرد بالقرار الوطني الفلسطيني وتغييب المشاركة الجمعية وما يرتبه الانفراد على احتقان العلاقات الوطنية من جهة، ومنع اتخاذ موقف موحد من موقع المسؤولية الجماعية يسهم في هشاشة وضعف الأداة القيادية المعبرة عن الشعب الفلسطيني، من جهة أخرى.
مجموعة من الأسباب تقف خلف أزمة القيادة مع القاعدة واتساع الفجوة بينهما؛ خذلان وخيبة أمل المجتمع من تحقيق المصالحة، تجيير الحراك لصالح قراءة الحجوم التنظيمية في الشارع واعتبارات التحكم والهيمنة عليه، بما يؤكد استمرار استخدام القاعدة في قراءة الخارطة التنظيمية، بعيداً عن هدف تَثْوير المجتمع وحشده في ميدان المعركة مع الاحتلال.
أزمة الأحزاب مسؤولة كذلك عن أزمة منظماتها وأطرها الشعبية القطاعية، اعتبارات السيطرة والهيمنة تنتقل إليها بالوراثة، عدم استقلاليتها وتبعيتها وتماهيها مع الاعتبارات الحزبية.
تضافر المُرَكبين في تجيير الحدث لصالح الحزب واستخدام الحركة الجماهيرية لصالح الاعتبارات وتوظيف الحدث في خدمة قراءة الحجوم التنظيمية.
على أرض الواقع لا بد من ملاحظة التغيير الحاصل في المرحلة الراهنة، ما بعد انتفاضتين وعدد من الهبات والحراكات الجزئية، بناءً على ما أفرزه حراك الأسرى وحراك القدس في حزيران وأيلول الماضيين على التوالي.. على الأدوات الجديدة والقوى التي باتت تسهم من خارج الأطر الرسمية التاريخية في الحشد والتدخل في الحدث وتسيير وقائعه اليومية، وهي الأطر التي ساهمت في تحقيق الهدف.
هبّة القدس وما انتهت إليه معركة البوابات الالكترونية، نموذج واضح ويخدم تسجيل الملاحظة والنتيجة التي أذهب إليها.
على ما سبق، الحضور في الشارع يجمع الهياكل التاريخية مع هياكل جديدة تتشكل من الفجوات والفراغات؛ إفرازات الواقع وتجاربه.
المشهد يجمع الاحزاب ومنظماتها الجماهيرية إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني ومجموعات مستقلة جديدة تتداعى في كل حدث وطني، ترسم برنامجها على قاعدة لكل حدث هدف وبرنامج وآليات.
يافطة واسم لكل حراك، ريثما يتضح الظرف الذاتي.
الهياكل الجديدة توجه رسالة وطنية وتحمل رسالة جانبية، رسالة احتجاج على القيادة الفلسطينية وأحزابها، على عدم اهتمامهم ببناء البيئة والمناخ من أجل دعم الحراك وتوسيع المشاركة في فعاليات الموجة الانتفاضية الجديدة، احتجاج يتأسس على التباس الهدف الحالي وربطه بالهدف الاستراتيجي. الهياكل الجديدة تقدم نقدها غير المباشر إلى القيادة لعدم توحدها من جهة وعدم توفيرها الشروط اللازمة لاستمرار وديمومة المواجهة نحو انهاء الاحتلال وتقرير المصير.
الأسئلة التي تخدم النقاش المفقود: هل نحن بحاجة إلى أطر بديلة للأطر القائمة، بناء على احتياجات وإفرازات الواقع ومتطلباته الموضوعية..هل حقاً أن المأمول منه سيخرج من خارج الأحزاب..هل الرسائل التي توجهها الأطر الجديدة للأحزاب هزٌّ للمشهد أم أنها تتوخى إصلاح النهج والأداء وعدم التجاهل لصالح توسيع مدارات المشاركة..
الجواب لا يمتلكه أحد، لكن على الجميع تفهمه أولاً، بسبب غياب النقاش في فضاء حر دون تحفظ، لأن الواقع الفلسطيني يتقلب على نار ساخنة، لا يقبل الفراغ أو التجاهل والوقت من دم..

أضف تعليق